ج17: رسالة النفحات في مفهوم الحديث النبوي عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات - كيف يكون الرسول معلما وهاديا ولم يأخذ على ذلك أجرا ثم يأتي أتباعه ويأخذون أجرا على دعوتهم لله في حين هو قدوة لهم - كيف يصح أخذ الأجر على الفرض لأن تبليغ الدعوة فرض لقول النبي (بلغوا عني ولو آيه) - كيف يمكن استئجار الأجير لأن المعلم للدين هو أجير عند الله حيث أنه ينفع الناس بعلمه وأجره من الله ، وطالما أخذ أجره من الله فكيف يستحق أجر من الغير مرة أخرى

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة النفحات

في مفهوم الحديث النبوي

عن نسيان حفظ القرآن والتغني بالآيات

(مع التعريف بأهل القرآن وبعض من خسروا أجر عبادتهم عند الله)

(الجزء السابع عشر)

* فهرس:

:: الفصل السابع عشر:: مسائل متفرقة عن قراءة القرآن ج6 ::

1- س84: كيف يكون الرسول معلما وهاديا ولم يأخذ على ذلك أجرا ثم يأتي أتباعه ويأخذون أجرا على دعوتهم لله في حين هو قدوة لهم ؟

2- س85: كيف يصح أخذ الأجر على الفرض لأن تبليغ الدعوة فرض لقول النبي (بلغوا عني ولو آيه) ؟

3- س86: كيف يمكن استئجار الأجير لأن المعلم للدين هو أجير عند الله حيث أنه ينفع الناس بعلمه وأجره من الله ، وطالما أخذ أجره من الله فكيف يستحق أجر من الغير مرة أخرى ؟

**********************

*****************

..:: الفصل السابع عشر ::..

:: مسائل متفرقة عن قراءة القرآن ج6::

******************

(6- من أدلة المانعين أخذ الأجرة – ومناقشتها)

..:: س84: كيف يكون الرسول معلما وهاديا ولم يأخذ على ذلك أجرا ثم يأتي أتباعه ويأخذون أجرا على دعوتهم لله في حين هو قدوة لهم ؟ ::..

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد ناقشنا ذلك تفصيليا في السؤال رقم 91 ..

- ولكن أعيد عليك سريعا ملخص الإجابة وهو الآتي ..

1- قال النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجرًا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) صحيح البخاري ..

- فدل بذلك على أن التبليغ بلا أجر دائما إنما هو خصوصية نبوية وليس تشريع عام لأمته لأن التخصيص جاء في قوله الشريف (إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجرًا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) صحيح البخاري ..

- ويندب إلى عدم أخذ الأجر على الدعوة وذلك أسوة بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ..

- فكونك تريد أن تتشبه باتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله بتبليغ الدعوه بلا أجر .. فهذا أمر مندوب إليه مشكورا فيه من الله .. وإن كنت تريد أن تأخذ أجرا فهذا أمرا قد أقره النبي صلى الله عليه وسلم .. فلا داعي للتكلف بأن تقول بوجوب ما فيه رخصة ..!!

- فالله قد أوحى لنبيه بأن لا يأخذ أجرا على دعوته .. وهو أيضا الذي أوحى لنبيه بالرخصة لأمته في أخذ الأجر ..!! فلماذا أخذنا ذلك وتركنا ذاك ؟!!

2- ثم أن الأنبياء تم منعهم من أخذ الاجرة حماية لمقام النبوة من التهمة لهم .. حتى لا يقال أنهم يطلبون منصب دنيوي من وراء الدعوة إلى الله ..

 - ولمزيد من الإجابة فارجع للسؤال رقم 91 ..

*****************************

(7- من أدلة المانعين أخذ الأجرة – ومناقشتها)

..:: س85: كيف يصح أخذ الأجر على الفرض لأن تبليغ الدعوة فرض لقول النبي (بلغوا عني ولو آيه) ؟ ::..

- بعض مانعي أخذ الأجرة على تعليم القرآن أو العلم الديني .. احتج بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال (بَلِّغُوا عَنِّي ولو آيَةً، وَحَدِّثُوا عن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ، وَمَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) صحيح البخاري .

- ولما كان تبليغ القرآن فرض ولو آية منه .. والفرض لا يجوز أخذ الأجر عليه .. فكيف يصح أخذ الأجر على تعليم القرآن ؟!!

- الجواب:

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- التبليغ في الحديث لم يمنع أخذ الأجر عليه ..!!

2- النبي صلى الله عليه وسلم قال (إِنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجرًا كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) صحيح البخاري ..

- فالموضوع قد تم حسمه والفصل فيه من النبي صلى الله عليه وسلم.

3- لو كان كلام النبي عن التبليغ فرضا .. لكان التحديث عن بني اسرائيل فرضا ..!! وهذا لا يقول به أحد من علماء المسلمين .. !! فالذي يقول بأن (بَلِّغُوا) بأنها فرضا .. فعليه أن يقول بأن (حَدِّثُوا) هي أيضا فرضا ..!! وإنما الكلام على الندب والإباحة وليس على الفرض ..!! والله اعلم .

4- وعلى افتراض أن لفظ (بَلِّغُوا) أنه فرض .. فلا صحة لكلام المعترض أيضا أيضا .. ليه ؟ لأننا نجد أن الجهاد فريضة إلا أن الشريعة أباحت لهم أخذ الأجر من الغنيمة ..!! فسقط بذلك من يمنع أخذ الاجر من وراء فعل فريضة ..!! هذا على افتراض جدلا أن لفظ (بَلِّغُوا) يفيد الفرض ..!!

* خلاصة القول:

- الحديث السابق الذي استدل به مانعوا أخذ الأجرة على تعليم القرآن .. لا يصح الإستدلال به .. ولكن بكل تأكيد نؤكد أن من اتخذ من الدين تجارة وسلعة يتاجر بها للكسب من ورائها .. فهذا قد استوفي أجره في الدنيا .. بل ولو فقد الإخلاص في عمله وطلب العلم للشهرة والسمعة والتكسب والمنصب .. فسيدخل في الوعيد الخاص بمن أدخله الله النار وكان يزعم أنه يطلب الله .. كما جاء في الحديث (ورَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ، وعَلَّمَهُ وقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ به فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ: فَما عَمِلْتَ فيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ، وعَلَّمْتُهُ وقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ، ولَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ: عالِمٌ، وقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ: هو قارِئٌ، فقَدْ قيلَ، ثُمَّ أُمِرَ به فَسُحِبَ علَى وجْهِهِ حتَّى أُلْقِيَ في النَّارِ) صحيح مسلم .

- والله أعلم .

***************************

(8- من أدلة المانعين أخذ الأجرة – ومناقشتها)

..:: س86: كيف يمكن استئجار الأجير لأن المعلم للدين هو أجير عند الله حيث أنه ينفع الناس بعلمه وأجره من الله ، وطالما أخذ أجره من الله فكيف يستحق أجر من الغير مرة أخرى ؟ ::..

- الجواب على هذا السؤال:

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- على هذا المنطق .. فالمجاهد في سبيل الله لا يحق له أخذ أجر من الغنيمة من الغير .. لأن أجره من الله ..!! ولكن لما كان للمجاهد أخذ نصيب من الغنيمة فقد تبين عد صحة هذا الرأي الذي زعمه من قال به ..!!

- والذي يوضح لك عدم صحة هذا الرأي .. هو ما جاء في الحديث (ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة، إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة، ويبقى لهم الثلث. وإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم) صحيح مسلم.

- قوله (غازية تغزو): أي ما من جماعة غازية تغزو .. أي تذهب للغزو ..

- قوله (فيصيبون الغنيمة): أي ينتصرون فيكون لهم غنيمة من هذا الغزو ..

- فتبين لك من الحديث السابق .. أن أخذ الأجر جائز على العمل في سبيل الله .. ولكن ينقص ذلك من الأجر عند الله ..

- ولكن لا نختلف مع أصحاب هذا الرأي على أن من عمل لنفسه فلا يستحق أجر مرة أخرى .. لأن من كان طلبه من وراء التعليم هو كسب المال والاستكثار منه وليس نشر الدعوة بين الناس .. فهذا أجره قد استوفاه في الدنيا وليس له في الآخرة من نصيب .. جاء في الحديث عن عن أبي موسى الأشعري قال: (جَاءَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ، والرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ، فمَن في سَبيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: مَن قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هي العُلْيَا فَهو في سَبيلِ اللَّهِ) صحيح البخاري.

- قوله (يقاتل للمغنم): أي مراده من القتال ليس لرفع كلمة التوحيد وإنما هو أن يحصل على غنيمة الحرب فقط .

- قوله (يقاتل للذكر): أي ليقال عنه أنه شجاع .. أي يقاتل ليكون له ذكر مسموع عنه في كل مكان .. أي أن قتاله طلبا للسمعه.

- قوله (يقاتل ليرى مكانه): أي يقاتل ليراه الناس كم هو مقاتلا شجعا .. أي يقاتل رياء ..

- وكذلك ما جاء في الحديث عن أبي هريرة قال: (أنَّ رجلًا قالَ: يا رسولَ اللَّهِ، رجلٌ يريدُ الجِهادَ في سبيلِ اللَّهِ، وَهوَ يبتَغي عرَضًا مِن عرَضِ الدُّنيا، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: لا أجرَ لَهُ. فأعظمَ ذلِكَ النَّاسُ، وقالوا للرَّجُلِ: عُدْ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فلعلَّكَ لم تفَهِّمهُ، فقالَ: يا رسولَ اللَّهِ، رجلٌ يريدُ الجِهادَ في سبيلِ اللَّهِ، وَهوَ يبتَغي عرَضًا من عرَضِ الدُّنيا، فقالَ: لا أجرَ لَهُ. فقالوا: للرَّجلِ عُدْ لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، فقالَ لَهُ: الثَّالثةَ. فقالَ لَهُ: لا أجرَ لَهُ) صحيح أبي داود.

- قوله (عرَضًا مِن عرَضِ الدُّنيا): أي مراده أن يكون له نصيب من غنيمة الحرب لينتفع به في دنياه  ..

************************

..:: س100: كيف التوفيق بين أخذ الأجرة على تعليم القرآن وبين زجر وتحذير النبي للصحابي عبادة بن الصامت وأبي بن كعب في أخذ الهدية على تعليم القرآن ؟ ::..

** سيتم رفع الإجابة على هذا السؤال في رسالة مستقلة نظرا لأنه تحقيق طويل للأحاديث وقد يدعو ذلك للملل من بعض القرآء .. !!

- بل وما زاد على ذلك من تحقيقات في هذه المسألة (تعليم القرآن وجواز أو منع أخذ الأجرة عليه) .. ستجدها في رسالة خاصة التي سيتم رفعها على المدونة إن شاء الله تعالى فور الإنتهاء منها .. وهي رسالة (التحقيق والبيان - في مسألة منع وجواز أخذ الأجرة على العلم الديني وتعليم القرآن )

- والموضوع القادم نناقش مسألة جديدة إن شاء الله تعالى .. من مسائل القرآن .. في نفس هذه الرسالة (رسالة النفحات) ..  

***********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .