ج1: إشارات ولطائف ذوقية في القصة النبوية - عن قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد - ما هي قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد كما جاء في الحديث النبوي - ما هو الشرح العام لحديث الثلاثة الذين تكلموا في المهد - ما هي قصة سيدنا عيسى عليه السلام في مرحلة المهد - عن البشارة بسيدنا عيسى بن مريم عليه السلام - بعد أن حملت السيدة مريم بسيدنا عيسى عليه السلام وأنجبته.

 بسم الله الرحمن الرحيم

(إشارات ولطائف ذوقية في القصة النبوية)

(2)

(قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد)

(عن قدرة الله – كرامات الأولياء – إظهار الحق)
(الجزء الأول للقصة)

* فهرس:

- :: الفصل الأول :: قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد ::

1- س1: ما هي قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد كما جاء في الحديث النبوي ؟

2- س2: ما هو الشرح العام لحديث الثلاثة الذين تكلموا في المهد ؟

- :: الفصل الثاني :: قصة سيدنا عيسى في المهد ::

3- س3: ما هي قصة سيدنا عيسى عليه السلام في مرحلة المهد ؟

4- أولا: عن البشارة بسيدنا عيسى بن مريم عليه السلام .

5- ثانيا: بعد أن حملت السيدة مريم بسيدنا عيسى عليه السلام وأنجبته .

*************************

:: الفصل الأول ::

:: (قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد) ::

*************************

..:: س1: ما هي قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد كما جاء في الحديث النبوي ؟ ::..

- جاء في الحديث الصحيح .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

- لَمْ يتكلَّمْ في المهدِ إلَّا ثلاثةٌ :

- عيسى ابنُ مريمَ ^{(النبي الرسول عليه السلام)} ..

- وصاحبُ جُريجٍ ^{(يقصد بالصاحب هنا هو الطفل الذي ابتلي به جريج الراهب على أنه جاء نتيجة الزنا) ..} كان في بني إسرائيلَ رجُلٌ يُقالُ له: جُريجٌ فأنشَأ صَومعةً (^{مبنى  مرتفع  عن الأرض يتم الصعود لغرفته العليا بسلم حلزوني داخلي وهو يشبه المنارة)} .. فجعَل يعبُدُ اللهَ فيها فأتَتْه أُمُّه ذاتَ يومٍ فنادَتْه فلَمْ يلتفِتْ إليها، ثمَّ أتَتْه يومًا ثانيًا فنادَتْه فلَمْ يلتفِتْ إليها، ثمَّ أتَتْه يومًا ثالثًا فقال: صلاتي وأمِّي .. فقالتِ : اللَّهمَّ لا تُمِتْه حتى ينظُرَ في وجوهِ المُومِساتِ ..

- قال: فتذاكَر بنو إسرائيلَ يومًا جُرَيجًا فقالت بَغِيٌّ ^{(امرأة تمارس الزنا)} مِن بغايا بني إسرائيلَ : إنْ شِئْتُم أنْ أفتِنَه فتَنْتُه ^{(أغويه لكم واجعله يزني بي)}  .. قالوا: قد شِئْنا قال : فانطلَقَتْ فتعرَّضَتْ  لِجُرَيجٍ ^{(ذهبت إليه وحاولت أن تغويه ونادت عليه)} فلَمْ يلتفِتْ إليها ^{(فلم يستجب لها)  ..} فأتَتْ راعيًا كان يأوي^{(يرتاح ويجلس ويستند)} إلى صَومعةِ جُرَيجٍ بغنَمِه فأمكَنْتُه نفسَها ^{(نامت معه في الحرام وجعلته يزني بها)} .. فحمَلَتْ فولَدَتْ غلامًا فقالت: هو مِن جُرَيجٍ فوثَب ^{(فقاموا وانقضوا)} عليه قومٌ مِن بني إسرائيلَ فضرَبوه وشتَموه وهَدُّوا صَومعتَه فقال لهم : ما شأنُكم ؟ قالوا: زنَيْتَ بهذه البَغيِّ فولَدَتْ غلامًا قال: وأين الغلامُ ؟ قالوا : هو ذا قال : فصلَّى ركعتَيْنِ ثمَّ أتى الغلامَ فضرَبه بإِصبَعِه فقال له : يا غلامُ مَن أبوك ؟ قال : فلانٌ الرَّاعي قال : فوثَبوا ^{(فقاموا)} يُقبِّلونَ رأسَه قالوا له : نَبني صومعتَك مِن ذهَبٍ فقال : لا حاجةَ لي في ذلك ابنُوها مِن طينٍ كما كانت ..

- قال: وبيْنَما امرأةٌ في حِجْرِها ابنٌ تُرضِعُه إذ مَرَّ بها راكبٌ فقالتِ : اللَّهمَّ اجعَلِ ابني مِثْلَ هذا الرَّاكبِ .. فترَك الصَّبيُّ ثَدْيَ أُمِّه ثمَّ أقبَل على الرَّاكبِ ينظُرُ إليه فقال: اللَّهمَّ لا تجعَلْني مِثْلَ هذا الرَّاكبِ ..

- ثمَّ مُرَّ بامرأةٍ تُرجَمُ فقالتِ المرأةُ : اللَّهمَّ لا تجعَلِ ابني مِثْلَ هذه الأَمَةِ .. فترَك الصَّبيُّ أمَّه ثمَّ أقبَل على الأَمَةِ ينظُرُ إليها فقال : اللَّهمَّ اجعَلْني مِثْلَ هذه الأَمَةِ .

- فقالتِ المرأةُ: يا بُنيَّ مَرَّ راكبٌ فقُلْتُ: اللَّهمَّ اجعَلِ ابني مِثْلَ هذا الرَّاكبِ فقُلْتَ : اللَّهمَّ لا تجعَلْني مِثْلَه .

- ومُرَّ بهذه الأَمَةِ تُرجَمُ فقُلْتُ: اللَّهمَّ لا تجعَلِ ابني مِثْلَ هذه الأَمَةِ فقُلْتَ : اللَّهمَّ اجعَلْني مِثْلَها ..

- قال: يا أمَّاه إنَّ الرَّاكبَ جبَّارٌ مِن الجَبابرةِ وإنَّ هذه الأَمَةَ يقولونَ: سرَقَتْ ولَمْ تسرِقْ ويقولونَ: زَنَتْ ولَمْ تَزْنِ وهي تقولُ : حَسْبي اللهُ) صحيح بن حبان.

************************

:: س2: ما هو الشرح العام لحديث الثلاثة الذين تكلموا في المهد ؟ ::

- الحديث يحكي لنا أن هناك ثلاثة تكلموا في المهد حيث كانوا يتمهدون الفراش ولا يستطيعون الحركة لكونهم أطفالا لازالوا في مرحلة الرضاعة .. وهؤلاء الثلاثة هم سيدنا عيسى عليه عليه السلام، والطفل الذي نطق ببراءة جريج الراهب، وطفل نطق بالحق ليكشف لأمه خطأ نظرتها للأمور الظاهرة أمام عينها ..

- والقدر المشترك في الحالات الثلاثة .. هو ظهور البهتان في الحالات الثلاثة وهي الإتهام بالباطل في الشرف .. ثم تأتي مرحلة تبرئة المتهمين في الدنيا بتدبير خفي كرامة لهم .. ثم تأتي تبرئتهم من هذه التهم بوحي إلهي على يد النبي صلى الله عليه وسلم .. ليحظوا بشرف في العالمين بأنهم أهل الله ..  !!

- ومرحلة المهد: هي مرحلة الرضاعة التي يكون فيها الطفل لا يقدر على النطق أو المشي .. ويتم وضعه في ملحفة ليسهل حمله على اليد أو نقله من مكان لمكان ..

- وسنبدأ أول القصص بالكلام على سيدنا عيسى عليه السلام .. في مرحلة المهد ..

*******************************

:: الفصل الثاني ::

(1)

:: قصة سيدنا عيسى في المهد ::

*********************************

..:: س3: ما هي قصة سيدنا عيسى عليه السلام في مرحلة المهد ؟ ::..

- أول القصص التي أشار إليها الحديث هو كلام سيدنا عيسى عليه السلام في مرحلة المهد .. ولذلك لنشير إليها كما أخبرنا القرآن الكريم ..

- أولا: عن البشارة بسيدنا عيسى بن مريم عليه السلام ..

- يقول تعالى (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ . وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ . قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) آل عمران 45-47.

- المعنى العام للآيات من تفسير المنتخب (مجمع الأزهر) ص78:

- آية45: اذكر - أيها النبى - إذ بشرت الملائكة مريم بمولود خلقه الله بكلمة منه على غير السُّنَّة العادية فى التوالد، اسمه المسيح عيسى ابن مريم، وقد خلقه الله ذا مكانة فى الدنيا بالنبوة والبراءة من العيوب، وفى الآخرة بعلو درجته مع الصفوة المقربين إلى الله من النبيين أولى العزم.

- آية46: وميَّزه الله بخصائص، فكان يكلم الناس وهو طفل فى مهده كلاماً مفهوماً حكيماً، كما يكلمهم وهو رجل سوى، من غير تفاوت بين حالتى الطفولة والكهولة. وكان ممن منحهم الله الصلاح.

- آية47: قالت مريم - متعجبة من وجود الولد على غير نظام التوالد: من أين يكون لى ولد ولم يمسسنى رجل؟ فذكر الله تعالى لها أنه يخلق ما يشاء بقدرته غير مقيد بالأسباب العادية، فإنه إذا أراد شيئاً أوجده بتأثير قدرته فى مراده من غير افتقار إلى موجب آخر.

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- المراد (بكلمة منه): هو أن الولد سيأتي بكلمة (كن) .. وفي ذلك إشارة إلى انعدام قانون الأسباب في حالتها .. بل بقوله (كُنْ فَيَكُونُ) دون أسباب .. والقدرة الإلهية قد تكون بأسباب وذلك لحكمة التكوين والسببية في الوجود .. وقد لا تكون بأسباب حتى تعرف أنه غالب وقاهر للوجود ولا يعجزه شيء .. فانتبه .

- وقد يكون المراد بالكلمة هو البشارة .. أي سيأتي ببشارة من الله .. والإنجيل معناه البشارة .. !! ولكن هذا الرأي لا أراه منضبط لأن الله يقول (يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ) .. فلو أراد بالكلمة البشرى لكان قال "يبشرك ببشارة منه" .. ثم أن كلمة (منه) تعود إلى الله وليس إلى عيسى .. !! والله أعلم .

2- وقوله (المسيح): هو لقب لسيدنا عيسى بمعنى المبارك .. هذا لو كان معرب من العبرانية (مشيحا) .. ومعناه المبارك .. وهو يتوافق بذلك مع قوله تعالى (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ) مريم31.

- وقد يكون (المسيح): لأنه كان يمسح ذوي العاهات فيبرأون بإذن الله .. لقوله تعالى (وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ) آل عمران49.

3- واسم (عيسى): لو كان اسم مشتق وليس أعجمي .. فقد يكون معناه الأبيض الجميل .. من قولهم  .. ناقة عيساء وجمعها عيس وهي إبل بيض قد يعتريها بعض السواد يزيدها جمالا..

4- وقوله (بن مريم): هو كنيته عليه السلام .. وقد كناه الله بذلك حتى تعلم أنه ليس بن الله .. كما ضل من ضل بذلك من النصارى.

5- وقوله (وجيها في الدنيا والآخرة) : ذو شرف ومكانة لأنه سينزل عليه كلام الله وهو الإنجيل ليرشد به الناس .. ووجيها في الآخرة بالشفاعة لمن يأذن له الله في ذلك.

6- قوله (المهد): هو المكان المهيأ للطفل للنوم فيه أثناء رضاعته .. والمقصود هنا هو مرحلة المهد أي مرحلة الرضاعة.

7- قوله (كهلا): الكهل هو الرجل فى تمام أشده واستوائه قوة وعقلا .. وهو في العمر بين الثلاثين إلى الأربعين.. وقيل من الثلاثين للخمسين.

- ثانيا: بعد أن حملت السيدة مريم بسيدنا عيسى عليه السلام وأنجبته ..

- وكان حمله وولادته بقدرة الله (كن فيكون) .. وجاءت به إلى قومها بني اسرائيل وهي تحمله على يديها .. فاتهمها البعض منهم في شرفها .. ولكن السيدة مريم لم ترد عليهم وأشارت إلى الطفل الذي تحمله وكأنها تقول لهم اسألوا هذا الطفل ؟ .. فتعجبوا كيف نسأل ما لا قدرة له على الكلام ؟ وهنا تكلم سيدنا عيسى لينفي عن أمه التهمة ويثبت أنه بقدرة الله (كن) فكان .. ويخبرنا القرآن فيقول: (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَامَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا) مريم27-33 .

* شرح الآيات من تفسير أيسر التفاسير (2276-2283):

- فَإِذَا رَأَيْتِ أَحَداً مِنَ البَشَرِ فَلاُ تُكَلِّمِيهِ، وَأَشِيرِي إِلَيْهِ أَنَّكِ نَذَرْتِ لِلرَّحْمَنِ صَوْماً عَنِ الكَلاَمِ، وَأَنَّكِ لاَ تُكَلِّمِينَ أَحَداً مِنَ البَشَرِ هذا اليَوْمَ.

- وَحِينَمَا صَدَرَ الأَمْرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى إِلَى مَرْيَمَ بِأَنْ تَصُومَ ذَلِكَ اليَوْمَ عَنِ الكَلاَمِ، وَأَنْ لاَ تُكَلِّمَ أَحَداً مِنَ البَشَرِ، فَعَلَتْ مَا أُمِرَتْ بِهِ، وَاسْتَسْلَمَتْ لِقَضَاءِ اللهِ، فَأَخَذَتْ وَلِيدَها، وَجَاءَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ، فَلَمَّا رَأَوْهَا وَبَيْنَ يَدَيْهَا الوَلِيدُ، أَعْظَمُوا الأَمْرَ وَاسْتَنْكَرُوهُ، وَقَالُوا لَهَا: لَقَدْ جِئْتِ يَا مَرْيَمُ أَمْراً عَظِيماً مُنْكَراً.

-  ثُمَّ تَابَعُوا خِطَابَهُمْ إِلَيْهَا قَائِلِينَ لَهَا: يَا شِبْهَ هَارُونَ فِي التُّقَى وَالوَرَعِ وَالعِبَادَةِ، أَنْتِ مِنْ بَيْتٍ طَيِّبٍ طَاهِرٍ، مَعْرُوفٍ بِالصَّلاَحِ وَالعِبَادَةِ، فَكَيْفَ صَدَرَ مِنْكِ هَذا؟ إِنَّ أَبَاكِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَمْ يُعْرَفْ عَنْهُ شَيءٌ مِنَ السُّوءِ، وَكَانَتْ أُمُّكِ صَالِحَةً مِثْلَ أَبِيكَ وَلَمْ تَكُنْ مُتَهَتِّكَةً بَغِيّاً.

(وَقَدْ أَلِفَ النَّاسُ أَنْ يُنَادِي بَعْضَهُمْ بَعْضاً بِيَا أَخَا تَمِيمٍ، وَيَا أَخَا مُضَرَ، وَيَا أَخَا هَارُونَ. . وَهَارُونُ هَذَا رَجُلٌ صَالِحٌ كَانَ مَعْرُوفاً بِالزُّهْدِ وَالتُّقَى فِي قَوْمِهِ، وَكَانَ مُعَاصِراً لِوِلاَدَةِ السَّيِّدِ المَسِيحِ) .

- وَكَانَتْ مَرْيَمُ صَائِمَةً ذَلِكَ اليَوْمَ، فَأَشَارَتْ إِلَى وَلِيدِهَا لِيَسْأَلُوهُ، فَقَالُوا لَهَا مُتَهَكِّمِينَ سَاخِرِينَ، كَيْفَ نُكَلِّمُ طِفْلاً مَا زَالَ فِي المَهْدِ رَضِيعاً؟

- فَقَالَ لَهُمْ عِيسَى: إِنَّهُ عَبْدُ اللهِ تَعَالَى، فَنَزَّهَ اللهُ تَعَالَى عَنِ الوَلَدِ، وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ العُبُودِيَّةَ لِرَبِّهِ. ثُمَّ بَرَأَ أُمَّهُ مِمَّا اتَّهَمَهَا بِهِ قَوْمَهَا. فَقَالَ لَهُمْ إِنَّ اللهَ جَعَلَهُ نَبِيّاً وَآتَاهُ كِتَاباً.

- وَجَعَلَنِي مُعَلِّماً لِلْخَيْرِ، نَافِعاً لِلنَّاسِ (مُبَارَكاً) ، حَيْثُمَا حَلَلْتُ، وَأَيْنَمَا كُنْتُ، وَأَوْصَانِي رَبِّي بِالمُوَاظَبَةِ عَلَى الصَّلاَةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً.

- وَأَمَرَنِي رَبِّي بِبِرِّ وَالِدَتِي، وَبِإِطَاعَتِهَا وَالإِحْسَانَ إِلَيْهَا وَلَمْ يَجْعَلْنِي رَبِّي جَبَّاراً مُسْتَكْبِراً عَنْ عِبَادَةِ اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْنِي عَدِيمَ البِرِّ بِوَالِدَتِي فَأَشْقَى بِذَلِكَ.

-  ثُمَّ عَادَ لِيُثْبِتَ عُبُودِيَّتَهُ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِيُؤَكِّدَ أَنَّهُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ، يُوْلَدُ وَيَحْيَا وَيَمُوتُ وَيُبْعَثُ كَسَائِرِ البَشَرِ، وَلَكِنَّهُ سَتَكُونُ لَهَ السَّلاَمَةُ فِي هَذِهِ الأَحْوَالِ التِي هِيَ أَحقُّ مَا تَكُونُ عَلَى العِبَادِ (السَّلاَمُ عَلَيَّ) .

 ****************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .