ج1: أحاديث سببت فتنة للمراة في زماننا - هل النبي أرشد صحابته لرؤية من يريدون خطبتها قبل التقدم إليها - هل هناك من الأحاديث التي تجيز النظر إلى المرأة قبل خطبتها - قد تقول أن التدين هو الأصل في الإختيار .. فلماذا أرشدهم النبي إلى رؤية الجمال - كيف يمكن تدقيق الرؤية للمرأة أو للرجل والله يقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) - كيف نفهم جواز رؤية الأماكن الجسدية في المرأة التي أجازها الفقهاء لرؤية المتقدم لخطبة امرأة.

 بسم الله الرحمن الرحيم

**************************

أحاديث سببت فتنة للمرأة في زماننا

"مسألة رؤية الخاطب لمن يتقدم لخطبتها"

(من رسالة المرأة الإنسان الكامل  - جزء الشبهات)

(الجزء الأول)

* فهرس:

:: الفصل الأول :: أحاديث تتعلق بالإرشاد النبوي لرؤية المرأة المراد خطبتها ::

1- س1: هل النبي أرشد صحابته لرؤية من يريدون خطبتها قبل التقدم إليها ؟

2- س2: هل هناك من الأحاديث التي تجيز النظر إلى المرأة قبل خطبتها ؟

 

:: الفصل الثاني :: مسائل على توجيهات النبي لرؤية المرأة المراد خطبتها ::

3- س3: قد تقول أن التدين هو الأصل في الإختيار .. فلماذا أرشدهم النبي إلى رؤية الجمال ؟

4- س4: كيف يمكن تدقيق الرؤية للمرأة أو للرجل والله يقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور30 ؟

5- س5: كيف نفهم جواز رؤية الأماكن الجسدية في المرأة التي أجازها الفقهاء لرؤية المتقدم لخطبة امرأة ..؟

***************************

- هذا الموضوع (أحاديث سببت فتنة في زماننا) هو جزء من رسالة كبيرة جدا لم أتم تحقيقها حتى الآن .. وهي خاصة بالشبهات التي يستخدمها البعض في الإساءة إلى المرأة من خلال الحديث الشريف ..

 

- لا أطيل عليكم .. فقد اخترت لكم مسألة من الرسالة .. وجدت هذا أوان نشرها خاصة وأنه قد صادف وأن البعض في التعليقات قد فهم الأحاديث على غير مرادها .. فتتبعت تحقيق أحاديثها ورواياتها المختلفة المتعلقة بالموضوع .. وبما قاله البعض من سخافات وقمت بسردها في صورة أسئلة ..!!

 

- وسأذكر لك الموضوع ببساطة شرعية وعقليه كما هو منهجي دائما .. حتى لا تحتار .. والله الموفق في تيسير هذا الموضوع .. وحاولت أن أجعله في صورة حواريه كأنه بيني وبين صديق ..

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

********************

:: الفصل الأول ::

:: أحاديث تتعلق بالإرشاد النبوي لرؤية المرأة المراد خطبتها ::

*************************

..:: س1: هل النبي أرشد صحابته لرؤية من يريدون خطبتها قبل التقدم إليها ؟ ::..

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- نجد في الأحاديث إرشاد من النبي صلى الله عليه وسلم لبعض صحابته في مراعاة رؤية الفتاة أو المرأة التي يريد أن يتقدم للزواج منها .. بدون معرفتها أو أن تنتبه له .. فقط كأنه يبصرها من مكان قريب ..

 

- وهذا حكم خاص فقط للشخص الذي عقد عزيمته في التقدم للزواج من امرأة تم ترشيحها له لتكون زوجة له .. فانتبه .

 

- فمن الأحاديث التي جاء فيها هذا التوجيه النبوي:

 

1- عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ"، قَالَ: فَخَطَبْتُ جَارِيَةً فَكُنْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا حَتَّى رَأَيْتُ مِنْهَا مَا دَعَانِي إِلَى نِكَاحِهَا وَتَزْوِيجِهَا .. فَتَزَوَّجْتُهَا) رواه أبي داود وغيره .. وقال الأرنؤوط: حديث حسن ..، وقال الألباني: حسن.

 

- قوله (فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا): ما تطمئن له نفسه في قبولها لها شكلا وهيئة .. فلعلها تكون على هيئة فيها نفور له كأن لا يريدها أن تكون قصيرة جدا أو طويلة جدا أو لا يريدها سمراء بشدة أو لا يريدها بيضاء بشدة أو لا يريدها سمينة أو لا يريدها نحيفة .. أو غيرها مما لا يقبله طبعه كرجل له مواصفات شكلية فيمن يريد أن يرتبط بها ..

 

2- عن سُلَيْمَانِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ، قَالَ: (رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يُطَارِدُ ابْنَةَ الضَّحَّاكِ عَلَى إِنْجَارٍ مِنْ أَنَاجِيرِ الْمَدِينَةِ يُبْصِرُهَا، فَقُلْتُ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:  "إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا") رواه بن حبان واللفظ له ورواه بن ماجه وغيرهم .. وقال الألباني: فإنه منقطع بين أبي خيثمة وأبي حازم .. وقال الأرنؤوط: ضعيف.. ، ورواية بن ماجه قال فيها الألباني: وهذا إسناد ضعيف من أجل الحجاج فإنه مدلس وقد عنعنه ..، وقال الأرنؤوط على رواية بن ماجه: إسناده ضعيف.. وقد أخرجه سعيد بن منصور 519، وابن ابي شيبة 4/356، و 365، وأحمد3/493و 4/225، وابن ماجه 1864 في النكاح ، والطحاوي في شرح معاني الآثار3/13، والمزي في تهذيب الكمال ص1204 من طرق عن الحجاج بن أرطأة ..والحجاج بن أرطأة: كثير الخطأ والتدليس، ولم يصرح بالتحديث.!!

- والحديث بعد أن ذكر الألباني طرقه .. قال: أنه قوي بهذه الطرق ؟!! الصحيحة (1/203) ..

 

- قوله (إنجار): أي سطح ..

 

***************************

 

..:: س2: هل هناك من الأحاديث التي تجيز النظر إلى المرأة قبل خطبتها ؟ ::..

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هناك أحاديث أرشدت ندبا إلى رؤية المرأة قبل العقد عليها .. حتى تطمئن النفس بالقبول لكلا الطرفين ..

 

- والأحاديث السابقة كانت عن توجيه للنظر إلى المرأة بغير علمها .. أما في الاحاديث التالية فإنه بعلم المرأة ..

 

- ومن الأحاديث التي دلت على جواز رؤية المرأة المتقدم إليها ..

1- عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ أَبِي حُمَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط : صحيح .

2- عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: (أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ لَهُ امْرَأَةً أَخْطُبُهَا ، فَقَالَ: " اذْهَبْ فَانْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا " قَالَ: فَأَتَيْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَخَطَبْتُهَا إِلَى أَبَوَيْهَا، وَأَخْبَرْتُهُمَا بِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ، قَالَ: فَسَمِعَتْ ذَلِكَ الْمَرْأَةُ وَهِيَ فِي خِدْرِهَا، فَقَالَتْ: إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ، فَانْظُرْ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَنْشُدُكَ، كَأَنَّهَا عْظَّمَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا: فَتَزَوَّجْتُهَا .. فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح إن صح سماع بكر بن عبد الله المزني من المغيرة ..

- قوله (يؤدم بينكما): أي أن يدوم الوفاق بينكما ..

- قوله (فَكَأَنَّهُمَا كَرِهَا ذَلِكَ): أي كره الأب والأم أن يرى ابنتهما ..

- قولها (في خدرها): المقصد في غرفتها ..

- قولها (أنشدك):  أسألك بالله أن لا تنظر الىّ إن لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك.

- قوله (كَأَنَّهَا عْظَّمَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ): أي جعلت هذه المسألة عظيمة الشأن بقسمها عليه .. لأن رؤيتها ليست بالأمر الهين ..!!

- قوله (فذكر من موافقتها): أي حكى انها وافقت عليه أيضا .. وفى رواية البيهقى جاء بلفظ (فما وقعت عندى امرأة بمنزلتها) ..

3- من حديث أبي هريرة، قال: (كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم .. فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " أنظرت إليها؟ "، قال: لا، قال: " فاذهب فانظر إليها؛ فإن في أعين الأنصار شيئا) صحيح مسلم.

- قوله (فإن في أعين الأنصار شيئًا) : أي بعضهن عيونهن صغيره .. وقيل يوجد بها زرقه .. وهي عين غير مألوف للمهاجرين ..

***********************

:: الفصل الثاني ::

:: مسائل على توجيهات النبي لرؤية المرأة المراد خطبتها ::

****************

..:: س3: قد تقول أن التدين هو الأصل في الإختيار .. فلماذا أرشدهم النبي إلى رؤية الجمال ؟ ::..

- قد يخاطرك بالك بسؤال .. بعد قرائتك للأحاديث السابقة .. فتقول .. لماذا نرى التوجيه لرؤية الجمال الانثوي في حين ذكر سابقا أن الإختيار يكون على أساس التدين ؟

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: يا أخي الحبيب لم يرشدهم النبي لرؤية الجمال .. وإنما لرؤية الشكل الظاهري ليرى إن كان يجد في نفس الطالب قبول انجذاب للمرأة المراد خطبتها أم لا يوجد ..

- والنبي صلى الله عليه وسلم إنما أرشد إلى رؤية الشكل او مظهرها حتى يحدث في نفسه قبول لهذا الشكل والمظهر .. لأن كل شكل وله روح انجذاب .. فإن حدث القبول فستكون الحياة أقرب للمودة والرحمة ..

- ولكن النبي لم يقل شوفها جميلة أم لا .. لأن مفهوم الجمال يختلف من شخص لآخر .. حيث أن هناك من ينظر لجمال الشكل واللون .. وهناك من ينظر لجمال الروح والصفات .. وأيضا يختلف الناس في ماهية ما يريده من جمال الشكل وجمال الصفات ..!! ولله في خلقه شئون ..!!

- ثانيا: أما عن اختيار التدين .. فهذا أمر لا إشكال فيه .. ولكن لا يمنع أن تكون جميلة وذات نسب وشرف ..!!

- وتعال معي نناقش هذه الجزئية ليتضح لك الأمر تماما ..

- عن جابر ين عبد الله عن النبي قال: (إنَّ المَرْأَةَ تُنْكَحُ علَى دِينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا، فَعَلَيْكَ بذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ) صحيح مسلم.

- وفي رواية عن أبي هريرة بلفظ: (تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها ولِحَسَبِها وجَمالِها ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ) صحيح البخاري.

- قوله (تنكح المرأة لأربع): أي الباعث في نفوس الرجال على الإرتباط بالمرأة .. إنما يكون لأمور أربعة ..

- قوله (لمالها): وذلك طمعا في مالها لتواسيه به .. أو لكونها مثله في الحالة الإجتماعية فيكون التفاهم الإجتماعي أكثر بينهما .. والله أعلم .

- قوله (لنسبها): وذلك رغبة منه في التفاخر أمام الناس بما وصل إليه من قوة الشرف ..

- قوله (لجمالها): بما تألفه النفوس وترضى به وتنجذب إليه من أوصاف شكلية لمن يتقدم إليها ..

- قوله (فاظفر بذات الدين): فاجعل غنيمتك هي التي تكون ملتزمة بدينها ظاهرا وباطنا ..

- قوله (تربت يداك): يقال ترب الرجل .. إذا افتقر .. أي لصق بالتراب .. وكأن بات جالسا على التراب ولم يعد له حركة في الحياة للكسب .. ولم يعد يملك شيئا ..!!

- وهذه التركيب (ترتب يداك): إنما كان يقال في الأصل على ألسنة العرب بقصد الدعاء ثم أصبح يستخدم على سبيل الإنكار والمعاتبة والتحريض على ما هو أولى .. وليس الدعاء على الشخص ..

- كما تسمع في عصرنا هذا يقال للبعض لما يحكي قصة مضحكة فيقال له .. (جتك خيبة يا فلان .. ضحكتنا) .. فهذا بالتأكيد ليس دعاء عليه بعد أن أضحكهم .. وإنما كلمات أصبحت جارية على الألسن بحكم التوارث البيئي ..

* انتبه وتأمل .. فإنه النبي صلى الله عليه وسلم:

1- إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال قولا فهو يكون له دلالته وله هدف من وراءه .. فجملة (تربت يداك) وإن لم تكن دعاء على الحقيقة وإنما ترشدك إلى أن الشخص الذي لا ينظر للمرأة في دينها .. وينظر فقط لما يعود عليه من مكاسب الحياة سواء مكاسب اجتماعية أو نفسية .. فهذا شخص قد حكم على نفسه إما بالفتنة في الحياة أو الذل من المرأة بما تبقى له في الحياة ..!! فيصبح فقير القلب حتى وإن لم يكن فقير اليد والنسب ..!!

- وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يرشدك إلى أن المؤمن الغني هو الذي يظل دائما متعلقا بمن هو متعلق بالله .. فهذا هو الغنى الحقيقي .. وكذلك المؤمن الفقير هو الذي يظل يتعلق بمن هو لا شأن له مع الله .. فهذا هو الفقر الحقيقي ..!!

2- الحديث لم يمنع المال والجمال والنسب في الإرتباط .. وإنما لو اجتمع كل ما سبق مع الدين .. فهذا أمر طيب وأكمل ..

- ولكن إن كان فقط المحرك للنفوس هو ما فيه إلتفات لسلطة المال أو النسب أو الجمال .. فهذا مما قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه في الدنيا ولا في الآخرة .. ليه ؟

- لأنه قد تستعلى عليك المرأة بمالها ونسبها .. فتصبح كالذليل في دنياه .. ولا يخفى على عاقل أن لجمال المرأة مطالب قد لا تستطيع أن توفيها لها .. وقد تنحرف لعل أشياء ما كنت لتفعلها في الحال العادي .. وإنما اضطررت أن تفعلها لترضيها حتى ولو كانت غلط .. فتكون بذلك قد أفسدت دنياك وآخرتك .

3- أما المرأة التي هي على إلتزام بدينها ظاهرا وباطنا (ولا مانع أن يكون لها جمال ومال ونسب) .. فهي تعلم معنى أن تصبر وترضى على مجريات القضاء والقدر معك في حياتك .. يعني هتشيلك في محنتك وتقف جنبك وتقويك .. لأن دينها هو المحرك ليها .. وليس شيء آخر .. فإن أحبته أكرمته وإن أبغضته لم تظلمه ..

4- وقد تقول قد نعرف المرأة من ظاهرها بالدين شكلا أو نعلم أنها تحضر دروس في العلم الديني .. فكيف نعرف باطنها ؟

- المعرفة تكون من الكلام معها .. ومتابعة سلوكها في رحمتها بالناس ومدى عطفها عليهم خاصة مع العاصي .. فلعلها تنظر لنفسها بعين الكمال ولغيرها بعين النقص ..!! وتتأمل رضاها وقناعتها كيف تكون في متطلبات الحياة كيف تكون .. فلعلها لا تقنع ولا ترضى إلا بأن تتساوى بما لا تستطيع أنت على تحقيقه لها .. !!

- فهذا هو أهم ما تبحث عنه باطنيا وهو يظهر من سلوكها مهما اختبأت وراء مظهرها الديني .. لأن الرحمة والرضا هما أساس المودة والرحمة في دوام أي علاقة .. وهي التي يترتب عليها الإحترام والتقدير والتفاهم والإرتقاء عن المشاكل ..!!

 

5- ملحوظة هامة: وهي أن مجموع الأحاديث من كلام النبي صلى الله عليه وسلم يدل على رؤية المرأة كشكل ظاهري .. بعد أن يسمع عن صلاح أخلاقها ونسبها ودينها .. ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ مِن السَّعادةِ: المرأةُ الصَّالحةُ والمسكَنُ الواسعُ والجارُ الصَّالحُ والمركَبُ الهنيءُ .. وأربعٌ مِن الشَّقاوةِ: الجارُ السَّوءُ والمرأةُ السَّوءُ والمسكَنُ الضَّيِّقُ والمركَبُ السَّوءُ) صحيح بن حبان .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب .

- وقوله (المركب): هو ما يتم ركوبه .. من حيوان مثل ناقة وحصان أو من آلة مثل سيارة أو موتوسيكل .. فلو كان الشيء لا يضايقك سواء بسلوكه لو حيوان .. أو بكثرة أعطاله لو آلة .. فهو فيه راحة لك وهو دليل على نعمة الله التي عليك الحفاظ عليها وشكره عليها ..

- انتبه في لفظ الحديث: إلى أن الشقاء والسعادة في الحديث .. بما يحدثه غالبا من أثر في النفس والبدن .. من خلال هذه الأربعة أشياء .. فلو وجد راحة فهو يشعر بسعادة وراحة نفسية وبدنية .. ولو شعر بسوء فإنه يشعر بضيق وخنقة تؤثر على نفسيته وبدنه .. ، ولكن الحديث لا يتكلم عن السعادة الاخروية أو الشقاء الاخروي .. فليس كل سعيد في الدنيا هو سعيد في الآخرة .. وليس كل من هو في تعب وضيق في الدنيا فهو في شقاء في الآخرة .. وإنما السعادة والشقاء في الدنيا جزء من ابتلاءك في الحياة الذي يترتب عليه الحساب في الآخرة .. فانتبه .. والله أعلم .

- يبقى الأصل في اختيار المرأة ليس الجمال وإنما الصلاح في دينها أولا .. ثم بعد ذلك يأتي بعد ذلك المتطلبات النفسية والإجتماعية .

- خلاصة القول:

- نجد أن الحديث فيه تحريض إلى أن يكون الإختيار الأول هو من لديها إلتزام بآداب الدين .. ولا مانع أن يكون اختياراتك الأخرى هي كما اختيارات نفسية أو اجتماعية أن تطلبها فيها .. فهذا حقك أيضا .. وكذلك المرأة لها هذا الحق .. وإنما نتكلم عن توجيه الحديث .. لأن الرجل هو من يتقدم ويقبل على المرأة ..

****************************

..:: س4: كيف يمكن تدقيق الرؤية للمرأة أو للرجل والله يقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور30 ؟ ::..

- وقد يجول بخاطرك سؤال أيضا بعد قراءة الأحاديث :

- كيف يمكن تدقيق الرؤية للمرأة أو للرجل والله يقول: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور30 ..، وقوله (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) النور31 ..؟

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: الإمتناع عن النظر أو غض البصر .. هذا هو الأصل العام أن لا يدقق الرجل النظر للمرأة أو العكس .. إلا إن هذا الأصل العام قد خص عليه الدليل بنص صحيح في جواز ذلك لمن يتقدم لخطبة فتاة أو امرأة .. وقد أتي النص بذلك التخصيص أو بهذه الخصوصية للشخص الذي هو مقدم على الارتباط لخطبة امراة بعينها .. !!

- وحكمة هذه الخصوصية هي أن يجد القبول في نفسه تجاه من يريد ان يرتبط بها ..!!

- ثانيا: وليس هذا التخصيص لكل رجل .. وإنما خاص لمن يريد الزواج من فتاة معينة قيلت له .. ولا يحق لأي شخص أن يتفحص كل امرأة بنظرة تحت مسمى "بيشوفها يمكن تعجبه" ..!! لا .. فهذا يسمى تحرش بالنساء ..!!

- ثالثا: نظر الرجل الأجنبي إلى المرأة لغير حاجة ومن غير سبب لا يجوز لقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ) النور30 . ويجوز أن ينظر إلى وجه المرأة الأجنبية عند الشهادة في المحكمة وعند البيع والشراء والتدريس كمعلمة والعلاج كطبيبة ومهندسة في العمل وغير ذلك مما تقتضيه ضرورة وطبيعة العمل...، وكذلك الحال لا يجوز للمرأة الأجنبية أن تنظر إلى الرجل إلا لضرورة تقتضي ذلك ..لقوله تعالى (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ) النور31 .

*************************

..:: س5: كيف نفهم جواز رؤية الأماكن الجسدية في المرأة التي أجازها الفقهاء لرؤية المتقدم لخطبة امرأة ؟ ::..

- قد تتساءل يا صديقي فتقول:

- كيف نفهم جواز رؤية الأماكن الجسدية في المرأة التي أجازها الفقهاء لرؤية المتقدم لخطبة امرأة ..؟

- حيث قالوا الآتي:

- فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية إلى أنه ينظر للوجه والكفين ، وزاد الحنفية : والقدمين.

- وذهب الحنابلة إلى أنه ينظر إلى ما يظهر غالبا كالوجه والكفين والرأس والرقبة والقدمين .

- وذهب داود الظاهري وبعده بن حزم الظاهري إلى أنه ينظر إلى جميع بدنها ما عداة العورة المغلظة وهي الفرجان .

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

* قلت لك سؤالك في محله وأعجبني وسأجيبك بما لا يترك شبهة في نفسك:

- أولا: أما قول الجمهور فمعقول نفسا وشرعا .. ليه ؟

1- لأن شرعا .. كما هو معلوم يجوز رؤية الوجه والكفين .. وعند أبي حنيفة يجوز أيضا القدمين وليس الساقين .. والجميع له أدلته المقبولة ..

2- أما نفسيا .. فالحكمة في ذلك .. أن الوجه محل القبول النفسي .. واليدين والقدمين دليل ومؤشر على إهتمام المرأة بنفسها .. كما تفعل بعض المهتمات بأنفسهن بوضع كريمات البشرة لتحافظ على نضارة بشرتها .. وذلك دليل على نظافتها والإهتمام بنفسها ..!!

- ثانيا: أما ما أجازه الحنابلة فلا دليل لهم عليه من كشف الرأس والرقبة .. أو كشف الساق تحت مسمى أن النبي قال (يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا) .. ثم يشرح حديث النبي بجواز رؤية ما غير الوجه واليدين والقدمين .. مستدلا توهما منه بصحة حديث فعل عمر بن الخطاب في كشف ساق أم كلثوم ابنه علي وفاطمة الزهراء  .. فهذا كلام باطل وغير صحيح ولم يحدث من عمر ولا يقبله علي رضي الله عنهما .. وسيأتيك بيان ذلك في مسألة قادمة .. إن شاء الله تعالى ..!!

- فمن يرضى لخاطب ابنته أن يعينها برفع سترها عنها ليكاشف ساقيها أو غير ذلك .. فهذا بكل تأكيد ليس برجل وإنما ديوث قوَّاد يتاجر بعرض ابنته ..!!

- أليس هذه سخافة فقهية لا تليق برجال دين ..!!

- ثالثا: وما روي وقيل عن الإمام داود الظاهري (والله أعلم بصحة هذا القول عنه) أنه يجيز رؤية جميع البدن ما عدا العورة المغلظة وهي الفرجان ..!!

- فهذا كلام لا يمكن أن يجيزه شرع ولا عقل ولا تقبله نفوس الأحرار ..!! ولا أدري هل صاحب هذا الرأي كان يرضى بهذا الفعل لأمه وأخته وابنته ..!! لا أظن بكل تأكيد ..!! لأن من يقبل أن يتم تعرية أمه أمامه لو أتي لها خاطب بعد وفاة أبيه أو رضي بتعريه بنته أو أخته ليعاينها الخاطب .. فإنما هذا فعل القوَّاد الذي يتاجر بلحم النساء في سوق العبيد وتجارة الجنس ..!!

- ولذلك أظن أن هذا الرأى إنما هو مفترى على الإمام داوود الظاهري .. أو حدث فيه تحريف .. والله أعلم ..!!

- وعموما هو رأي غير مقبول ولا دليل عليه .. بل ومخالف لما عليه كلام الجمهور والأدلة الشرعية في عمومها .. !!

- ودليل الجمهور على غيرهم ..

1- هو قوله تعالى (وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) النور31. .. قيل في التفسير: الزينة هنا هي الوجه والكفان ..  

2- عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ أَوْ أَبِي حُمَيْدَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً، فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط : صحيح .

3- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا قَذَفَ اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا) رواه أحمد .. قال الأرنؤوط:  إسناده ضعيف..، وقال الألباني: الحديث قوي بمجموع طرقه ..!!

- وفي رواية بلفظ (إذا قذفَ الله في قلبِ عبدٍ نِكاحَ امْرأةٍ فلا بأسَ أنْ يتأمَّل خلْقَها) رواه أبو نعيم في المعرفة.

* ملحوظة: قد وجدت أحاديث في كتب الفقه في تأييد رأي الجمهور على أن الجزء الممكن رؤيته من المراة فقط هو الوجه والكفين .. ولم أجد لهذه الأحاديث دليل بألفاظها كما هي التي ذكروها .. وذلك فيما توافر لدي من كتب الحديث .. !! وأخشى أن يكون تم التحريف في هذه المرويات عن أصلها بزيادات ليست فيها .. وهذا أمر يراجعه أهل الحديث المتخصصين ..!!

 - من هذه الروايات:

1- وروى جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أراد أحدكم تزويج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها).. لم أجد نص بنفس اللفظ في كتب الحديث فيه كلمة (وجهها وكفيها) ..!!

- ولكن النص الموجود هو: (فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ) رواه أبي داوود وأحمد بسند حسن ..!!

2- روى أبو الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا قذف الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن يتأمل محاسن وجهها) ..

- لم أجد نص فيه لفظة (فلا بأس أن يتأمل محاسن وجهها) ..!!

- وإنما ما وجدته كان بلفظ (فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا) رواه أحمد ..، وبلفظ (فلا بأسَ أنْ يتأمَّل خلْقَها) رواه أبو نعيم في المعرفة.

- والله أعلم .

************************

..:: س6: أليس هناك غرابة في إرشاد النبي لما فعله الصحابيان جابر بن عبد الله ومحمد بن سلمة في مراقبة من يريدا الزواج منها ؟ ::..

- وقد تتسائل يا صديقي متعجبا من فعل أفاضل الصحابة في مراقبة امرأة قبل أن يتقدم لخطبتها .. وتقول هذا حال مراهقين ولا يليق بأفاضل أن يفعلوه ؟ بل ويدعو للتساؤل بأنه كيف يرشدهم النبي لمثل هذا الفعل ؟!! إلا لو كان هناك سبب وحكمة وراء هذا الفعل ..؟!! 

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .