ج2: رسالة القول الحق السرمدي في الرد على المنكر الجاحد لذكر الصلاة على النبي - ما هو أصل كلمة الصلاة ومدلولها - لماذا قالوا على أن الصلاة التعبدية هي وصل ووصال بالله - ما معنى الصلاة على النبي - كيف تكون نيتك حينما تصلي وتسلم وتبارك وتترحم على النبي صلى الله عليه وسلم - ما هو مفهوم صلاة الله وملائكته والمؤمنين على النبي.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

القول الحق السرمدي

في الرد على المنكر الجاحد لذكر الصلاة على النبي

(الجزء الثاني)

* فهرس الرسالة:

:: الفصل الرابع :: تذوقات حول آية الصلاة على النبي والتسليم عليه ::

1- س10: ما هو أصل كلمة الصلاة ومدلولها ؟
2- س11: لماذا قالوا على أن الصلاة التعبدية .. هي وصل ووصال بالله ؟
3- س12: ما معنى الصلاة على النبي ؟
4- س13: ما هو مفهوم صلاة الله وملائكته والمؤمنين على النبي ؟
5- س14: كيف تكون نيتك حينما تصلي وتسلم وتبارك وتترحم على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ 

**************************
:: الفصل الرابع ::
:: تذوقات وفهم لمعنى كلمة (الصلاة) وجملة (الصلاة على) ::
**************************
..:: س10: ما هو أصل كلمة الصلاة ومدلولها ؟ ::..

 * قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

- أخي الحبيب .. قد تعرف أن تفسير لفظ الصلاة بأنها وصل بالله .. وتفسير (الصلاة على) بأنها دعاء للنبي .. ولكن كلا المعنيين في أصله لا يصح باعتبار أصل الكلمة في اللغة .. ولذلك هنا نتساءل ونقول ما هو الأصل الذي بني عليه علماؤنا هذه المعاني التي في ظاهرها يظن الشخص أنها مخالفة لأصل اشتقاق كلمة الصلاة ..!!

 

- لقد قرأت كثيرا في كتب أهل العلم زمنا .. للوقوف على معنى ومفهوم الصلاة حتى أعلم الأصل الذي بنى عليه علمائنا هذه المعاني .. لأنه لو اتضح الأصل الذي بني عليه العلماء معانيهم .. سيسهل استقبال وفهم ما أشار إليه العلماء دون عناء تفكير ..!!

 

- ومن أجمل ما قرأت وأروعه هو ما قاله العالم الجليل أبو البقاء الحنفي رحمه الله وهو من أكابر علماء اللغة في عصره .. حيث أجاب على ما كنت أريد الإجابة عليه بمنتهى السهولة .. مما فتح لي بابا كريما في الفهم .. فرحمة الله عليه رحمة واسعة ..

 

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

- قال أبو البقاء الحنفي رحمه الله (المتوفى: 1094هـ):

- وَالْحق أَن الصَّلَاة كلهَا وَإِن توهم اخْتِلَاف مَعَانِيهَا رَاجِعَة إِلَى أصل وَاحِد فَلَا تظنها لَفْظَة اشْتِرَاك وَلَا اسْتِعَارَة .. إِنَّمَا مَعْنَاهَا الْعَطف .. وَيكون محسوسا ومعقولا .. فَإِن الصَّلَاة فِي الأَصْل انعطاف جسماني لِأَنَّهَا من تَحْرِيك الصلوين .. ثمَّ اسْتعْمل فِي الرَّحْمَة وَالدُّعَاء لما فيهمَا من الْعَطف الْمَعْنَوِيّ، وَلذَا عدي ب (على) .

الكليات معجم في المصطلحات والفروق اللغوية ص554

 

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

- قوله (الصلوين) : وهما عرقان من جانبي عظمة الذنب آخر العمود الفقري وعظمان ينحنيان في الركوع والسجود.

- قوله (العطف): أي الميل والإنحناء والإنعطاف ..

 

- فالعطف يكون ظاهرا بالحركة وقد يكون ظاهرا بالمعنى .. وتستطيع أن تقول عطف فعلي وعطف معنوي .. وتستطيع ان تقول عطف مباني ، وعطف معاني  .. وإيا ما كان المعنى الذي تريده .. فإليك توضيح الفرق بينهما ..

 

1- عطف فعلي: هو انعطاف أو ميل للوصول إلى غرضا تريد تحقيقه .. سواء ميل حركي بالجسد أو ميل بسيارة في اتجاه معين أو ما شابه ذلك ..

 

2- عطف معنوي: وهو عطف بالكلام والقول الطيب .. وذلك بالإشفاق على الشخص بجبر خاطره والتحدث معه بالكلام الطيب ..

 

- نعود فنقول:

- من خلال الكلام البسيط والسهل للإمام أبي البقاء رحمه الله .. نستطيع أن نفهم لماذا تأول العلماء معاني كلامهم الذي تأولوه في مفهوم الصلاة أو مفهوم (الصلاة على) ..

 

- تعال معي اخي الحبيب في سياحة لغوية إشارية بسيطة دون تعقيد .. فيها من الكلام الطيب ما يطيب له قلبك وعقلك وتسكن معه نفسك .. في مفهوم ما شرحه العلماء من معاني لفظ الصلاة وإن كان يخالف أصله اللغوي في المعنى ..

 
*******************************
 
..:: س11: لماذا قالوا على أن الصلاة التعبدية .. هي وصل ووصال بالله ؟ ::..
 

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

- قال كثير من العلماء أن الصلاة التعبدية هي وصل ووصال بالله .. بالرغم من أن أصل اشتقاق الصلاة قد يكون مأخوذا من صلو ظهر الإنسان .. يبقى ليه قالوا كده ؟

1- لأن الإنسان كما ينعطف أو يميل الصلو أو الصلوين .. بالركوع والسجود لله .. وكأن هذا الإنعطاف الجسدي أو الميل الجسدي سبب تحريكه هو أن يدنو ويتقرب إلى الله طلبا لرحمته وطمعا في الوصول لرحمته .. فكانت الصلاة من هذه الحيثية هي صلة ووصال مع الله باعتبار نتيجة الفعل (انعطاف الجسد) وليس باعتبار أصل الفعل (وهو تحريك الصلوين) .. أي أن ما فيها من انعطافات سببا في قربك من رحمته وكرامته وجنته .. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ وهو ساجِدٌ .. فأكْثِرُوا الدُّعاءَ) صحيح مسلم.

 

2- و بمعنى آخر: هي كما أن الصلو ينعطف أو يميل لحركة الصلاة .. فنجد أن الصلاة هي مجموعة أفعال ينعطف بها على البعض للوصال بالله والوصول إلى كرامة الله وفضله ورحمته .. فهناك فعل التكبير والقراءة ثم الركوع ثم السجود وختاما التشهد والتسليم .. فهذا كلها أفعال ينعطف بعضها على البعض أي يتبع بعضها البعض ليكتمل بها شكل الصلاة المطلوبة لله .

 

- ملحوظة :  قولي (وصل - وصول) أي وسيلة قرب لرحمته .. وقولي (وصال) أي وسيلة بقاء في حضرته.

 

- بعد ما سبق بيانه:

- وإذا فهمت أن كلمة الصلاة مأخوذه من العطف أو الميل .. وذلك اخذ من تحرك الصلو بالإنحناء في الصلاة .. فحينئذ تفهم معنى (الصلاة على السجادة) (الصلاة إلى القبلة) (الصلاة في المسجد) ..

 

1- فمعنى قولنا أن فلان (يصلي على السجادة): أي يميل وينحني طلبا للقرب من الله على شيء طاهر هو السجادة .. أما معنى (الصلاة على النبي) سيأتيك في السؤال القادم مباشرة ..

2- ومعنى قولنا (الصلاة إلى القبلة) : هو انعطاف الجسد باتجاه القبلة ..

3- ومعنى قولنا (الصلاة في المسجد): هو انعطاف حركي بالجسد بأداء هيئاتها من قيام وركوع وسجود داخل المسجد ..  

 

* قبل أن أختم هذه السؤال اريدك أن تنتبه :

- ملحوظة هامة جدا: قام بعض من لم يسلك الأدب في البحث العلمي معتمدا على عقله مفتخرا بأنه مهندس وأيضا منكر وجاحد للأحاديث الصحيحة .. وحاول إبطال معنى أن تكون الصلاة مشتقه من معنى  وصل ووصال بالله .. وأخذ يتهم العلماء بأسلوب ساخر ويحقر منهم .. لأن الأصل اللغوي لكلمة صلاة .. لا يدل على الوصل بالله ..!! ونال من العلماء وتطاول عليهم تطاولا قبيحا متهما لهم بالجهل والتحريف في كلام الله ..!!

 

- وأقول له .. كونك لم تتقي الله ولم تتأدب وارتضيت بأسلوب التحقير والتزوير في كلام العلماء .. فهذا دليل على أن الله قد على عقلك  بالغباء الراجح .. وكشف عما في قلبك بالحقد الفاضح .. ويكفينا فيك ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ) صحيح مسلم...!! فأي شر هذا الذي يسكن فيك ..!!

 

- والمشكلة لم تكن عند العلماء .. وإنما المشكلة فيمن أراد أن يسلك مسالك الجهلاء والأغبياء .. لأن عموم العلماء لم يتحدثوا عن أصل كلمة الصلاة .. وإنما تحدثوا عن المراد من وراء الكلمة ومقصودها ومفهومها ..!! فكونك لا تعقل ما كتبوه .. فلا حرج على العلماء حينئذ ولا ملامة .. إذا كان من يقرأ لهم هو إنسان قد اتخذ من (الأنا) إله يهواه، ومن الجهل شعارا له، ومن الغباء دليلا عليه ..؟!!

 
********************************
 
..:: س12 ما معنى الصلاة على النبي ؟ ::..
 

* قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

- حينما يقول العلماء .. أن معنى الصلاة على النبي هو الدعاء له .. فهم يقصدون الغرض من وراء هذه الصلاة وهو الدعاء له لقولنا (اللهم) فنحن نطلب من الله ذلك .. وليس أن معنى الصلاة عليه هو الدعاء له .. !! حيث أن هناك فرق بين أصل اللفظ، وبين الغرض المقصود أو المفهوم من وراء اللفظ ..!!

 

- ولذلك فإن معنى (الصلاة علي النبي): أي العطف بمعاني الفضل والتقدير والثناء على صاحب المقام الكريم عند رب العالمين .. وهو النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- وفي رسالتي شرح الصلاة والسلام على النبي .. قد توسعت في شرح هذا المفهوم بمعنى التجليات على النبي صلى الله عليه وسلم .. ولا داعي للكلام عليها هنا .. ولكن اطلبها في الرسالة الأخرى ستجد فيها ما يسرك ..

 

- الخلاصة التي تفيدك هنا .. أن لفظ (الصلاة علي) .. يفيد العطف بالكلام الطيب المبارك على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نوافيه حقه .. ولكن لما عجزنا عن الوفاء بحقه لكثرة ما تسبب لنا على يديه من الخيرات والفضائل والإيمان .. فوكلنا هذا الأمر لله أن يتجلى عليه بما فيه الكرامة والفضل والخير للنبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- ولذلك يشرح لنا النبي صلى الله عليه وسلم هذا المفهوم في علاقتنا ببعض  .. فيقول صلى الله عليه وسلم: (من أتى إليكم معروفًا فكافِئوه فإن لم تجدوا فادعوا لهُ حتى تعلموا أن قد كافأتموهُ) صحيح أبي داود..

 

- ولذلك لا نملك للنبي صلى الله عليه وسلم إلا الدعاء له .. ولما علم الله أن دعائنا له قد لا يكون فيه الوفاء بحق النبي .. لما فينا من نقائص وذلات ونقص في العلاقة مع الله .. والله يريد لنبيه قبول الدعاء فيه .. فطلب من النبي أن يخبرنا بتوكيل هذه المهمة لله في الوفاء بحق النبي صلى الله عليه وسلم .. فأوكلنا هذا الأمر لله .. فهو نعم الوكيل ..

 
***************************

..:: س13: ما هو مفهوم صلاة الله وملائكته والمؤمنين على النبي ؟ ::..

 * قلت (خالد صاحب الرسالة) ..

- يقول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب56 .

 - والسؤال الذي قد يدور في عقلك أخي الحبيب .. ما هي صلاة الله وملائكته على النبي صلى الله عليه وسلم ؟

 * الجواب:

- قلت خالد (صاحب الرسالة) ..

- الجواب ببساطة .. بعد أن عرفنا معنى (الصلاة على) .. هو العطف على .. والعطف قد يكون عطف معاني وعطف مباني .. والعطف هنا هو عطف معاني .. وهو أن الله يعطف عليه بالكرامات والخصوصيات والفضائل التي لم يمنحها لغيره .. وهي التى لها مسمى التجليات على النبي صلى الله عليه وسلم .. وقد أوضحت هذه التجليات بالتفصيل بالادلة الشرعية فارجع إليها في رسالة (شرح الصلاة والسلام على سيد الأنام) ..

 - ويمكنك أن تفهم هذه الصلاة الإلهية على نبيه الموصولة بالعطاءات أو التجليات .. من خلال هذا الحديث القدسي الذي يقول لنا الله فيه على لسان نبيه: (يقولُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وأنا معهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منه...) صحيح مسلم. 

- فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم ذاكرا لله طوال دعوته سواء سرا أو جهرا .. فماذا تتوقع أن يكون ذكر الله له صلى الله عليه وسلم .. إلا بدوام الثناء عليه عند ملائكته واختصاصه بكريم الفضل بما لم يحظى به غيره .. ومنحه ما ليس لغيره .. ومن ذلك رده السلام على أمته والدعاء لهم وهو في برزخه .. كما جاءت الأحاديث بذلك ..

 1- فصلاة الله على النبي صلى الله عليه وسلم .. هي دوام التجلي عليه بخصوصية الكرامة والإحسان والخير .. سواء في حياته أو في برزخه أو يوم القيامة .. (ارجع لرسالة شرح الصلاة والسلام على خير الأنام) لتفهم حقيقة هذه التجليات بالأدلة الشرعية ..

 2- أما عن صلاة الملائكة على النبي .. فهي بدوام التأييد له والوصل به صلى الله عليه وسلم في الحياة، وفي البرزخ بإبلاغ السلام له من أمته، ويوم القيامة يالشفاعة للمؤمنين .. وذلك تكريما من الله للنبي صلى الله عليه وسلم لإظهار رفعته ومقامه وعلو درجته على غيره من الأنبياء والرسل ..

 3- وصلاة المؤمنين على النبي .. هي الثناء عليه بما يوفي حقه ومقامه .. ولما كان هذا فيه جزا للمؤمنين .. فالله طلب منهم أن يوكلوا هذا الأمر إلى الله وهو الذي قادر على الوفاء بحقه ومقامه

.. لذلك نحن لا نقول (أصلي على النبي) .. لأننا لا نملك عطاء نؤديه للنبي حتى نوِّفي حقه علينا ..

 - وخلاصة القول:

- أن عطف الله على نبيه يكون بدوام وصاله في معيته .. وعطف الملائكة عليه بدوام وصله وتأييده .. وعطف المؤمنين هو بالدعاء له عند الله ان ينوب عنهم بهذه الصلاة لأنه القادر وحده على الوفاء بحق النبي صلى الله عليه وسلم.

 

**************************

..:: س14: كيف تكون نيتك حينما تصلي وتسلم وتبارك وتترحم على النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

- جاء في بعض ألفاظ الأحاديث أو الروايات عن بعض الصحابة (راجع رسالة شرح الصلاة والسلام على سيد الأنام) .. ما يفيد بوجود لفظ الصلاة على النبي والتسليم والتبريك والترحم (ولفظ الترحم جاء في روايات بسند ضعيف) .. فكيف تكون النية عند قول هذه الألفاظ ؟

 * دعني أخبرك بمعنى عام .. يطيب له قلبك وهتريح دماغك وبالك وهيبسطك جدا .. وهو إنك لما تصلي وتسلم وتبارك على حضرة النبي .. فاجعل نيتك أن تقول ببساطة :
1- اللهم أنعم على النبي وآل بيته بصلاة لا تَخُصُّ بها أحد غيره وغيرهم .
2- اللهم أنعم على النبي وآل بيته بسلام لا تَخُصُّ بها أحد غيره وغيرهم .
3- اللهم أنعم على النبي وآل بيته ببركة لا تَخُصُّ بها أحد غيره وغيرهم .
4- اللهم أنعم على النبي وآل بيته برحمة لا تَخُصُّ بها أحد غيره وغيرهم .
 
* وإذا أردت تفصيل في فهم الألفاظ ..
- فإليك المقصود منها على قدر فهمي وإدراكي وتذوقي لها .. حيث لم أجد شرح اطمئن له فيما توفر لدي من مصادر يفرق بين الألفاظ حتى أجد فيه مؤانسه بنقله إليكم .. خاصة وأن البعض يتوقف عند الشرح اللغوي دون الإشارة للمقصود من وراء اللفظ .. ولذلك امتنعت عن النقل ..!!
 
* ولذلك أذكر لكم تذوقي لهذه المعاني عسى تجد من وراءه ما ترتضيه عقولكم وتطمئن له قلوبكم .. وهو شرح ذوقي وليس تفسير لغوي للكلمات .. فأقول لكم .. والله أعلم :
 
1- أن المقصود من الصلاة على النبي : هو الإنعام من الله عليه بوصل لا ينقطع أبدا .. وذلك بتعظيم ذكره في العالمين عند أهل الأرض وأهل السماء تشريفا وتكريما له .. وبدوام التجلي الإلهي عليه من كمال أنوار الأسماء والصفات .. وبدوام المحبة له في قلوب الأصفياء والأتقياء والصالحين .. وبدوام التأييد له في نشر دعوته في الأرض .. وغير ذلك مما يعلمه الله ولا نعلمه .. من كرامة الوصل بالله .. !!
 
2- المقصود من السلام على النبي : هو الإنعام من الله عليه بكل ما يحمل اسم الله السلام من تجليات ومعاني ظاهره وباطنة .. حتى لا يبقى نور من اسمه السلام إلا وقد كساه به سبحانه .. !!
 
3- والبركة المقصود بها : الإنعام من الله عليه بالمزيد من الفضل الذي لم يدركه سابق ولا لاحق من كرم الفضل الإلهي كالوسيلة والفضيلة ..

- والفضيلة : أي الكرامة الْمُطْلَقَةَ وَالْعطاء الْغَيْرَ منتهى بلا حدود ..

- والوسيلة : هي الْمَنْزِلَةَ الرَّفِيعَةَ وَالْدرجة العالية في الجنة .. وقد فسَّرها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله كما في "مسلم": ( فقُولُوا كَما يَقُولُ المُؤذِّن ، ثم صَلُّوا عليَّ، فإنَّه مَنْ صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عَشْرًا، ثم سَلُوا اللهَ ليَ الوسيلةَ ؛ فإنَّها منزلةٌ في الجنَّة لا تَنبغي إلا لعبدٍ من عباد الله ، وأَرجُو أنْ أكونَ أنا هو) رواه مسلم .
 
4- والرحمة المقصود بها : أي دوام الإنعام عليه من المولى بكمال تجليات اسمه الرحيم إلى يوم القيامة حتى يكون سببا لرحمة الخلق يوم العرض على الله لبدأ الحساب .. وشفيعا للمؤمنين خاصة .. وهو المشار إليه بالمقام المحمود .. أي المقام الذي يحمده جميع أهل الموقف يوم القيامة .. وهو مقام الشفاعة يوم القيامة . كما جاء في قوله تعالى : (عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا) [الإسراء: 79] ..
 
* ومعنى (محمودًا) أي يحمده الأَوَّلون والآخِرون .. فله الشَّفاعة العُظمى حين يعترف الكلُّ بالعَجْز ، ويُقال له: (اشْفَعْ تُشفَّعْ) .. فيَشفَع للجميع في دفع هَوْل الموقِف وذلك بطلب الإذن من الله لبدء الحساب .. وهذه الشفاعة العامة .. أما الشفاعة الخاصة بالمؤمنين فهو طلب إخراجهم من النار .. فيقبل الله شفاعته فيهم .. !!
 
* ما سبق هو رأيي الخاص في مسألة التفرقة بين الألفاظ الأربعة (الصلاة والسلام والبركة والرحمة) .. والله أعلم ..
 
من رسالة شرح صلوات القلب .. للاستاذ خالد أبوعوف .

*************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .