ج3: رسالة مشروعية مجلس الذكر الجماعي والرد على من ضل برواية بن مسعود الصحابي - ما هي القصة الحقيقية لعبد الله بن مسعود الصحابي التي طرد فيها جماعة الذاكرين من المسجد واتهمهم بالبدعة - وما هو مفهوم البدعة - كيف نفهم اعتراض الصحابي عبد الله بن مسعود على جماعة الذاكرين في المسجد وطردهم منه - (اجتهاد من صاحب الرسالة في تحقيق فعل الصحابي كما في الرواية) - لماذا أنكر بن مسعود "عد الذكر" على هؤلاء الذاكرين .. وكأنهم يعدون حسناتهم - هل الصحابي بن مسعود أنكر العدد في الذكر - هل يصح الإحتجاج بفعل الصحابي.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

مشروعية مجلس الذين يذكرون الله

الطالبين لعفوه ورضاه

مشروعية مجلس الذكر الجماعي والرد على من ضل برواية بن مسعود الصحابي

(الجزء الثالث)

:: الفصل الثالث :: مناقشة رواية عبد الله بن مسعود الصحابي :: هذه الرواية التي استغلها البعض في منع مجالس الذكر الجماعي وتبديع جماعة من المسلمين وتأثيمهم والتحقير منهم ::

1- س9: ما هي القصة الحقيقية لعبد الله بن مسعود الصحابي التي طرد فيها جماعة الذاكرين من المسجد واتهمهم بالبدعة ؟ وما هو مفهوم البدعة ؟

2- س10: كيف نفهم اعتراض الصحابي عبد الله بن مسعود على جماعة الذاكرين في المسجد وطردهم منه ؟ (اجتهاد من صاحب الرسالة في تحقيق فعل الصحابي كما في الرواية)

3- س11: لماذا أنكر بن مسعود "عد الذكر" على هؤلاء الذاكرين .. وكأنهم يعدون حسناتهم ؟!!

4- س12: هل الصحابي بن مسعود أنكر العدد في الذكر ؟

5- س13: هل يصح الإحتجاج بفعل الصحابي ؟ 

**********************

:: الفصل الثالث ::

:: مناقشة رواية عبد الله بن مسعود الصحابي ::

هذه الرواية التي استغلها البعض في منع مجالس الذكر الجماعي وتبديع جماعة من المسلمين وتأثيمهم والتحقير منهم وتحريض العوام عليهم !!

*************************

 

..:: س9: ما هي القصة الحقيقية لعبد الله بن مسعود الصحابي التي طرد فيها جماعة الذاكرين من المسجد واتهمهم بالبدعة ؟ ::..

(وما هو مفهوم البدعة ؟)

 
- قد تقول يا صديقي .. فمال بال قصة فعل الصحابي بن مسعود مع جماعة الذاكرين بالمسجد .. وهي القصة التي يحتج بها البعض في عدم جواز الإجتماع على الذكر ؟
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- يا صديقي الحبيب .. لا تغتر بما يتم تدوينه في بعض الكتب أو بما يجهر به البعض في الإحتجاج بهذه الرواية .. لأنها تدور بين من هو لا يعرفها أصلها وقصتها .. وبين معتد على الشريعة مفتريا حكما بالتبديع وتأثيم جماعة الذين يذكرون الله جماعة مع بعضهم البعض  .. وهذا الإفتراء بالحكم إنما هو بلا علم من قرآن أو من الحديث النبوي .. وإنما لأنه يرى ذلك من خلال قصة حدثت مع صحابي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
 
- ولكن لو كان هناك من هؤلاء المعترضين من هو منصف في هذه المسألة .. بدلا من أسلوب التبديع والتأثيم والتحقير وتحريض العوام على من يخالفهم .. لكان وقف وتدبر كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم "كما أوضحنا في السؤال الأول والثاني" .. بل على أقل تقدير تحقق من رواية الصحابي بن مسعود ورأى هل هي فعلا تشير إلى ما زعم إليه البعض أم لا ..؟!! وكأن تعصبهم الأعمى لتصورهم وفكرهم الخاص أعماهم .. أعماهم عن رؤية الحق ..!!
 
- وبدلا من أن يستدلو بكلام الله ورسوله في مسألة الذكر الجماعي .. فذهبوا ليستدلوا بفعل صحابي من حديث منكر عند غالب أهل العلم .. وعلى افتراض صحة الرواية .. فالبعض من هؤلاء المعترضين كذب على الصحابي وزعم أنه أنكر حلق الذكر، والذكر الجماعي في المسجد .. !! وهذا محض كذب .. لأن الصحابي لم ينكر حلقة الذكر كما زعموا ولم ينكر الذكر الذي كان يقال .. وسيأتيك بيان ذلك .. !!
 
- بل واخترعوا حكما شرعيا وقالوا أن الذكر الجماعي هو بدعة .. !! ولكن الحق أن حكمهم هذا هو كذبه افتروها في الدين على الله ورسوله .. ويكفيك ما ذكرته لك من كلام الله وصحيح الحديث في الفصل الأول ..!!
 
- وحتى لا يخدعك أحد بكلمة البدعة ويجعل منك آثما وعاصيا تحقيرا لك .. كما يفعل هؤلاء المخادعون في زماننا والمنفرون لذكر الله الجماعي .. فاعلم أخي الحبيب .. أن البدعة المذمومة هي كل ما تم اختراعه في الدين وليس له أصل في الشريعة ..!!
 
- قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله (المتوفى: 795هـ) .. في كتاب جامع العلوم والحكم: البدعة .. ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه ، فليس ببدعة شرعاً ، وإن كان بدعة لغة .. !! (راجع ج2 ص783) ..

- إلى أن قال الحافظ بن رجب: فقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ بدعة ضلالة)صحيح مسلم .. من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيءٌ، وهو أصلٌ عظيمٌ من أصول الدِّين، وهو شبيهٌ بقوله: ((مَنْ أَحْدَثَ في أَمْرِنا ما لَيسَ مِنهُ فَهو رَدٌّ) صحيح البخاري .. فكلُّ من أحدث شيئاً، ونسبه إلى الدِّين، ولم يكن له أصلٌ من الدِّين يرجع إليه، فهو ضلالةٌ، والدِّينُ بريءٌ منه، وسواءٌ في ذلك مسائلُ الاعتقادات، أو الأعمال، أو الأقوال الظاهرة والباطنة.. (راجع ج2 ص781)
 
- ثم أن الحافظ بن رجب بعد ما سبق بيانه من شرح للبدعة .. أخذ يستدل ببعض بدع الصحابة والسلف التي فعلوها بعد النبي صلى الله عليه وسلم .. (راجع ج2 ص781 – وما بعدها)
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ولو طبقنا هذا على مسألة الإجتماع والتعاون على الذكر .. سنجد إنما هو وسيلة مشروعة أقرها الله ورسوله ولها أصل صريح في الدين .. فضلا عن أن مجلس الذكر الجماعي ليس عبادة مقصودة لذاتها لها فرضية تشريع .. كأوقات الصلاة وعدد ركعاتها ووجب قراءة الفاتحة فيها .. إنما هذه المجالس على الإختيار والسعة ..!!
 
- عموما تعالوا القصة الكاملة "على افتراض صحتها" .. وهذه الرواية الكاملة التي غابت عن علمائنا السابقين رحمهم الله (سواء المعترض لهذه الرواية أو المقر بها) .. بل ويعرفها كثير من أهل زماننا وما زالوا يعتدون بها على الشريعة استكبارا عليها .. حتى تجاهلوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام الله .. وجعلوا من رأيهم الخاص شريعة وخكما دينيا حكموا به ظلما وافتراءا على بعض المسلمين بأنهم بدعيون آثمون ..!!
 
- وسأفترض جدلا أن قصة عبد الله بن مسعود صحيحة .. "وما أظن ذلك " .. ولكن بعيدا عما أظنه .. فدعنا نذكر الرواية الكاملة .. ونناقشها يا صديقي الحبيب .. بدون أي تعصب طائفي .. ولك أن تقرر بعد ذلك ما تريد .. ولكن قد يصيبك ذهول حينما تكتشف مدى الكذب الذي تم اسناده إلى الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه .. وكيف تلاعب المتلاعبون بأهوائهم في تحريف الرواية عن أصلها .. ولذلك يذكرون المجتزأ منها ليوهموك بصدق كلامهم .. وإنهم لكاذبون ..!!
 

- (ليس حديث نبوي) .. إنما جاء في الأثر أو في رواية عن فعل فعله الصحابي عبد الله بن مسعود ..
- (كُنَّا نَجْلِسُ عَلَى بَابِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَبْلَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ ، فَإِذَا خَرَجَ ، مَشَيْنَا مَعَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَجَاءَنَا أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : أَخَرَجَ إِلَيْكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ قُلْنَا : لَا ، بَعْدُ . فَجَلَسَ مَعَنَا حَتَّى خَرَجَ ، فَلَمَّا خَرَجَ ، قُمْنَا إِلَيْهِ جَمِيعًا ، فَقَالَ لَهُ أَبُو مُوسَى : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، إِنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ آنِفًا أَمْرًا أَنْكَرْتُهُ وَلَمْ أَرَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ - إِلَّا خَيْرًا . قَالَ : فَمَا هُوَ ؟ فَقَالَ : إِنْ عِشْتَ فَسَتَرَاهُ . قَالَ : رَأَيْتُ فِي الْمَسْجِدِ قَوْمًا حِلَقًا جُلُوسًا يَنْتَظِرُونَ الصَّلَاةَ فِي كُلِّ حَلْقَةٍ رَجُلٌ ، وَفِي أَيْدِيهِمْ حصًا ، فَيَقُولُ : كَبِّرُوا مِائَةً ، فَيُكَبِّرُونَ مِائَةً ، فَيَقُولُ : هَلِّلُوا مِائَةً ، فَيُهَلِّلُونَ مِائَةً ، وَيَقُولُ : سَبِّحُوا مِائَةً ، فَيُسَبِّحُونَ مِائَةً ، قَالَ : فَمَاذَا قُلْتَ لَهُمْ ؟ قَالَ : مَا قُلْتُ لَهُمْ شَيْئًا انْتِظَارَ رَأْيِكَ أَوِ انْتظارَ أَمْرِكَ . قَالَ : أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ ، وَضَمِنْتَ لَهُمْ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ .. ثُمَّ مَضَى وَمَضَيْنَا مَعَهُ حَتَّى أَتَى حَلْقَةً مِنْ تِلْكَ الْحِلَقِ ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ . قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ .. وَيْحَكُمْ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ ؟!! هَؤُلَاءِ صَحَابَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَوَافِرُونَ ، وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ . قَالُوا : وَاللَّهِ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ . قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ .. إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا أَنَّ قَوْمًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، وَايْمُ اللَّهِ مَا أَدْرِي لَعَلَّ أَكْثَرَهُمْ مِنْكُمْ ، ثُمَّ تَوَلَّى عَنْهُمْ . فَقَالَ عَمْرُو بْنُ سَلَمَةَ : رَأَيْنَا عَامَّةَ أُولَئِكَ الْحِلَقِ يُطَاعِنُونَا يَوْمَ النَّهْرَوَانِ مَعَ الْخَوَارِجِ) رواه الدارمي في سننه والطبراني .. وذكره الألباني في الصحيحة وقال: قلت: والسياق للدارمي وهو أتم .. إلا أنه ليس عنده في متن الحديث: " يمرقون ... من الرمية ".. وهذا إسناد صحيح ..
راجع السلسلة الصحيحة ج5 ص12 ..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة): وأنكر الرواية السابقة بعض العلماء سلفا كالسيوطي وبن حجر الهيتمي والمناوي والألوسي وغيرهم .. وسأذكر لك بعض من كلامهم رحمهم الله ..
 
* شرح بعض ألفاظ الرواية السابقة:
- قوله: (فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ): يقصد بن مسعود إذا كنتم تستطيعوا بذلك أن تحصروا فضل الله بهذا الحصى .. فافعلوا ذلك مع سيئاتكم أيضا .. فإن فعلتم ذلك ضمنت لكم مجموع هذه الحسنات التي تحصوها .. وكأن الصحابي يريد أن يرشدهم لقوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) النحل18 ..!!
 
- قوله: (مَا أَسْرَعَ هَلَكَتَكُمْ): يشير الصحابي إلى أن ما يفعلوه سببا لهلاكهم لمخالفتهم فعل ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
 
- قوله (وَهَذِهِ ثِيَابُهُ لَمْ تَبْلَ ، وَآنِيَتُهُ لَمْ تُكْسَرْ): يريد الصحابي أن يرشدهم إلى أنهم يفعلون أمرا في عهد الصحابة الذي جالسوا الرسول .. بل ولازالت ثياب الرسول لم تبلى ومستلزماته لازالت موجوده وزوجاته حاضرون "كما جاء في رواية أخرى" ....
 
- قوله (إِنَّكُمْ لَعَلَى مِلَّةٍ هِيَ أَهْدَى مِنْ مِلَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوْ مُفْتَتِحُو بَابِ ضَلَالَةٍ): يخبرهم بان فعلهم هذا إما لأنهم توصلوا لطريقة أهدى من التي كان عليها النبي في العلاقة مع الله .. أو أنهم على انحراف في الدين ..!!
 
- قوله (مَا أَرَدْنَا إِلَّا الْخَيْرَ . قَالَ : وَكَمْ مِنْ مُرِيدٍ لِلْخَيْرِ لَنْ يُصِيبَهُ): اي قالوا إنما أردنا فعل الخير بذكرنا لله بهذه الكيفية والطريقة وهي العد بالحصى .. فاجابهم بن مسعود بأن ليس كل مريد للخير يصل إليه طالما جاء هذا الخير بالمخالفة للنبي صلى الله عليه وسلم .. ثم أخبرهم بدليل على ذلك أن هناك جماعة ستأتي يقرأون القرآن (وهو في ظاهره فعل الخير) ولكن في حقيقة فعلهم هو أن هذه القرآءة لا تتجاوز تراقيهم أي لا تتجاوز ألسنتهم .. فلا يصل حلاوة وإيمان القرآن لقلوبهم أو يقصد بأنه لا يرفع الله قرائتهم هذه إلى السماء ليكافئهم عليها وكأنه مردود عليهم قرائتهم لمخالفتهم لهذا القرآن وعدم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم .
- والله أعلم .
 
- ملحوظة انتبه لها جيدا: هناك روايات أخرى مختصرة لهذه الرواية السابقة .. قد ذكر هذه الروايات الإمام الطبراني في الكبير .. وقد اكتفيت بنص الرواية الكاملة والتي حققها الألباني وصححها ..!! وقد لزم التنوية الإشارة إلى ذلك .. حتى لا يخدعك أحد بروايات مختصره ليوهمك أنها القصة الكاملة .. لا .. فانتبه لأن هناك روايات مختصرة لها قد ذكرها الشيخ الطبراني (المتوفى:260هـ) في كتابه المعجم الكبير ..، والشيخ بن وضاح القرطبي (المتوفي 286هـ) في كتابة البدع والنهي عنها..!!
 

*********************************

..:: س10: كيف نفهم اعتراض الصحابي عبد الله بن مسعود على جماعة الذاكرين في المسجد وطردهم منه ؟ ::..

(اجتهاد من صاحب الرسالة في تحقيق فعل الصحابي كما في الرواية)

 
- إذا تتبعت القصة الكاملة السابقة يا صديقي .. والتي حكم بصحتها الشيخ الألباني رحمه الله .. فستجد أن مفهوم هذه الرواية بعيدا تماما عما توهمه المتوهمون في منعهم مجالس الذكر الجماعي .. وجانبهم التوفيق تماما لغلبة التعصب المذهب والطائفي ..!! ويكون حينئذ حكمهم على بعض جماعة المؤمنين بالبدعة إنما هو حكم باطل تم افتراءه في شريعة الله ..!!
                           
* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على قصة بن مسعود:
- على افتراض صحة هذه الرواية كما قال الشيخ الألباني رحمه الله..
- فما الذي يظهر لنا من اعتراض الصحابي على هذه الجماعة ؟
 
1- تأمل معي موطن الإعتراض من الصحابي كما جاء في الرواية حيث قال: (مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ . قَالَ : فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ) ..
 
- يبقى اعتراض الصحابي على أنهم يعدون الذكر بالحصى .. ودليل ذلك أيضا قوله بعد ذلك: (فَعُدُّوا سَيِّئَاتِكُمْ ، فَأَنَا ضَامِنٌ أَنْ لَا يَضِيعَ مِنْ حَسَنَاتِكُمْ شَيْءٌ) ..
 
- ولنا هنا أن نسأل:
- هل ظهر في الرواية أن الصحابي أنكر حلقة الذكر ؟  .. لا ..
- هل ظهر في الرواية أن الصحابي أنكر الذكر المذكور به ؟ .. لا ..
- هل ظهر في الرواية أن الصحابي أنكر وقوف الشخص وتلقينه الذكر ؟ .. لا ..
- هل ظهر في الرواية أن الصحابي أنكر الجهر بالذكر في جماعة ؟ .. لا ..
 
- وأكرر عليك أخي الحبيب .. من فضلك تأمل لفظ الرواية جيدا في قول الصحابي وما الذي فهمه الجالسون من مقصد الصحابي في اعتراضه عليهم  .. من أن المقصد هو العد بالحصى .. وإليك التحقيق في المسألة .. وتأمل الآتي:
 
أولا: استغراب الصحابي بن مسعود من خبر هؤلاء الجماعة الذين سمع عنهم أنهم يعدون الذكر بالحصى .. حيث يتبين ذلك بقول بن مسعود لناقل الخبر إليه: (أَفَلَا أَمَرْتَهُمْ أَنْ يَعُدُّوا سَيِّئَاتِهِمْ) ..!! وهذا يبين له بوضوح أن الإعتراض على عد الذكر .. وكأنهم يعدون حسناتهم ويحصونها على الله ..!!
 
ثانيا: حينما ذهب الصحابي لهؤلاء المجتمعين على الذكر ليعترض عليهم على ما يصنعون .. فماذا قال ؟ قال: (مَا هَذَا الَّذِي أَرَاكُمْ تَصْنَعُونَ ؟ قَالُوا : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حصًا نَعُدُّ بِهِ التَّكْبِيرَ وَالتَّهْلِيلَ وَالتَّسْبِيحَ) .. !!
 
- يبقى تفهم مما سبق على ماذا كان اعتراض بن مسعود .. كان على عد الذكر بالحصى في المسجد ..!!
 
ثالثا: لأوكد لك أن العد بالحصى هو كان الفعل المنكر في فعل هؤلاء .. وهذا كان مقصد بن مسعود رضوان الله عليه .. هو ما رواه ابن وضاح في " البدع والنھي عنھا" عن الصلت بن بھرام قال: (مر ابن مسعود بامرأة معھا تسبیح تسبح به  فقطعه وألقاه .. ثم مر برجل یسبح بحصا فضربه برجله ثم قال: لقد سبقتم ، ركبتم بدعة ظلما ، ولقد غلبتم أصحاب محمد صلى الله علیه وسلم علما) رواه بن وضاح .. وقال الألباني: وسنده صحیح إلى الصلت ، وھو ثقة من اتباع التابعین .
 
- وجاء في رواية أخرى عَنْ هِلَالِ بْنِ يَسَافَ قَالَ: (كَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ هَمْدَانَ تُسَبِّحُ، وَتُحْصِيهِ بِالْحَصَى، أَوِ النَّوَى، فَمَرَّتْ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ تُسَبِّحُ، وَتُحْصِيهِ بِالْحَصَى، أَوِ النَّوَى، فَدَعَاهَا، فَقَالَ لَهَا: «أَنْتِ الَّتِي تُسَبِّحِينَ وَتُحْصِينَ؟»، فَقَالَتْ: نَعَمْ، إِنِّي لَأَفْعَلُ، فَقَالَ: " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟، تَقُولِينَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) رواه بن أبي شيبه .
 
- فيتبين لك بيقين فساد الإستدلال برواية بن مسعود في إنكار الذكر الجماعي أو الجهر بالذكر .. لأنه رضوان الله عليه لم ينكر ذلك وإنما أنكر عد الذكر بالحصى ..
 
- فمن يقل بعد هذا التحقيق وما بلغه من العلم .. أن بن مسعود أنكر حلق الذكر أو الجهر به أو أنكر ما كانوا يذكرون به .. فقد كذب وافترى على بن مسعود بما لم يفعله .. والله حسيبه على كذبه هذا الذي نسبه للصحابي .. لأن الصحابي لم يكن تعليقه على مجلس الذكر كمجلس ذكر جماعي .. وإنما لفعل الذكر مع إحصاءه بالحصى .. وهذا مذهبه الواضح في أفعاله مع غير هؤلاء الذاكرين كما أوضحت لك في ذلك في روايات أخرى لفعله مع آخرين ..!!
 
- مما سبق أخي الحبيب يتبين لك .. أن من يستدل أصلا برواية عبد الله بن مسعود التي فرق فيها الناس الذين كانوا يعدون بالحصى .. فإنما هذه الرواية هي حجة عليه وليس حجة له .. وإنما غلبه مذهبه الطائفي .. فلم يوفق في استبصار الحق وحقيقة فعل الصحابي .. وقد كشفت لك الحقيقة بكل موضوعيه ودون كلام قيل وقال .. بمحض الرأي والهوى ..
 
- وقد أثبت لك أخي الحبيب تحقيق لطيف في فهم الرواية في بضع سطور لم ينتبه له أحد من قبل .. فاغتنم ما وصل إليك واحمد الله عليه ..!! هذا على افتراض صحة هذه الرواية من أساسه ..!!
 
- وليه قلت لك أن رواية فعل بن مسعود هو حجة على المنكر للذكر الجماعي ؟
- لأن الصحابي لم ينكر اجتماعهم في حلقة الذكر في المسجد .. ولم ينكر الجهر بالذكر .. ولم ينكر طبيعة هذا الذكر من حيث كونه تهليل وتسبيح وغيره .. وإنما أنكر أن يتم عد هذا الذكر وإحصاءه بالحصى في المسجد .. لأنه لم يحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- ومن عجيب بعض هؤلاء المنكرون للذكر الجماعي .. أنهم يجتزئون الرواية السابقة تدليسا في العلم .. ويقولون لك: (جاء عن ابن مسعود أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد) ..!!
 
- فهل هذا فعلا ما حدث ؟ أم أن هذا افتراء على الصحابي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ؟!! .. بكل تاكيد هو افتراء وكذب عليه لأنه لم يعترض على التهليل ولا مجلس الذكر .. وإنما على أفعال أخرى قد أوضحتها لك ..!!
 
- والأعجب أنك ستجد علماء أكابر نقلوا كلام هؤلاء المنكرون كما هو ولم يرجعوا لأصل الرواية الكاملة عند الدارمي .. للتحقيق منها ويعلموا علة وسبب فعل الصحابي وإنكاره ..!! وإنما اكتفوا بالمعنى الذي ذكره الشيخ بن تيمية أو غيره .. واكتفوا بالإعتراض عليها بان الرواية منكرة ..!!
 
- فهل يصح هذا الأسلوب في النقد ..؟!! بالتأكيد لا ..
 
- وكما وعدتك أخي الحبيب في بداية الرواية .. سأذكر لكم بعض من كلام الإمام السيوطي والإمام الألوسي رحمهما الله .. حال كونهما من العلماء المعترضين على هذه الرواية ..!!
 
* وإليك ما قاله بعض العلماء رحمهم الله في رواية بن مسعود:
* قال الإمام السيوطي رحمه الله (المتوفى:911هـ) :
- فإن قلت، فقد نقل عن ابن مسعود (أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد).
- قلت: هذا الأثر عن ابن مسعود يحتاج إلى بيان سنده ومن أخرجه من الأئمة الحفاظ في كتبهم ..!!
- وعلى تقدير ثبوته فهو معارض بالأحاديث الكثيرة الثابتة المتقدمة وهي مقدمة عليه عند التعارض .. ثم رأيت ما يقتضي إنكار ذلك عن ابن مسعود .. قال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد .. ثنا حسين ابن محمد ثنا المسعودي عن عامر بن شقيق عن أبي وائل قال (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عبد الله كَانَ يَنْهَى عَنِ الذِّكْرِ، مَا جَالَسْتُ عبد الله مَجْلِسًا قَطُّ إِلَّا ذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ) ..، وَأَخْرَجَ أحمد فِي الزُّهْدِ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: (إِنَّ أَهْلَ ذِكْرِ اللَّهِ لَيَجْلِسُونَ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِنَّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْآثَامِ أَمْثَالَ الْجِبَالِ، وَإِنَّهُمْ لَيَقُومُونَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى مَا عَلَيْهِمْ مِنْهَا شَيْءٌ)
الحاوي في الفتاوي ج1 ص379
 
* قال الإمام الألوسي رحمه الله (المتوفى: 1270هـ):
- وما ذكر في الواقعات عن ابن مسعود من أنه رأى قوما يهللون برفع الصوت في المسجد فقال: (ما أراكم إلا مبتدعين حتى أخرجهم من المسجد)  لا يصح عند الحفاظ من الأئمة المحدثين .. وعلى فرض صحته هو معارض بما يدل على ثبوت الجهر منه رضي الله تعالى عنه مما رواه غير واحد من الحفاظ أو محمول على الجهر البالغ.
روح المعاني ج8 ص479
 
* خلاصة تحقيق ما سبق:
- بعدما وجدت من جماعة الظلام المنفرون لذكر الله .. يدعون لفتنة ترك الذكر الجماعي .. ويتداولون فتنتهم في تبديع خلق الله وتأثيمهم .. فأحببت تحقيق مسألة فعل الصحابي بن مسعود .. بما لم يحققها أحد من قبل فيما أعلم .. حتى تعلم الحق من الباطل .. ثم أنت وضميرك بعد ذلك .. فإما أن تشارك جماعة الفتنة والتبديع في بدعتهم بالإفتراء على شريعة الله بأحكام باطلة .. بعدما جاءك من العلم وتظل تفتري أحكاما بالباطل على الله وشريعته .. أم سترضى أن تبصر الحق .. ؟
 
- فهذا اختيارك ؟!! وغدا ستلقى الله .. والأنفاس قليلة ويوم اليامة قريب .. ولا تنسى قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) البقرة 114.
 
- أما دعاة الفتنة والتضليل والتأثيم والتحقير والتبديع .. فهؤلاء أمرهم إلى الله .. جزاء ما فعلوه من تفرقه وفتنة بين المسلمين وتحريضهم على ترك مجلس الذكر الجماعي .. تاركين كلام الله وتاركا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم .. واستدلوا بفعل صحابي من قصة بتراء ومجتزئة ولم يذكرها كاملة .. وقام بحذف كل الرواية التي تفضح فساد وضلال ما ذهب إليه .. واجتزأ منها ما يريد أن يكذب به عليك ليوهمك بصحة كلامه ..!!
- فيا له من تضليل صريح وخيانة في نقل الأمانة العلمية .. فانتبه من هؤلاء ..!!
 
- وقد ذكرت لك أخي الحبيب .. نص الرواية كاملة دون حذف أو اجتزاء .. بل وارتضيت بتصحيح الشيخ الألباني .. "مع شكي في صحة هذه الرواية" .. كما شك فيها علماء الأمة سلفا وخلفا ..!!
 

***************************

 

..:: س11: لماذا أنكر بن مسعود "عد الذكر" على هؤلاء الذاكرين .. وكأنهم يعدون حسناتهم ؟!! ::..

 
* أخي الحبيب .. بعد قرائتك لرواية بن مسعود .. قد تتسائل فتقول:  لماذا أنكر بن مسعود "عد الذكر" على هؤلاء الذاكرين .. وكأنهم يعدون حسناتهم ؟!!
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) .. إنما ذلك يظهر لي في سببين:
1- لعله وجد أن هؤلاء القوم الذين يذكرون .. بأن هذا العدد سبب كرامة لهم .. فأنكر عليهم أن يكون فضل الله محصورا في عدد .. وإلا فليعدوا سيئاتهم أيضا طالما استطاعوا أن يحصوا كرامة الله .. لقوله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا) النحل18 !!
- وكأن فعله هذا شبيه بما روي عن عقبة حيث قال: (سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنْ الرَّجُلِ يَذْكُرُ اللَّهَ وَيَعْقِدُ، فَقَالَ: «تُحَاسِبُونَ اللَّهَ») رواه بن أبي شيبه.
 
- وقوله (ويعقد): أي يعدد ما يذكر به الله .. على عقد يصنعها على خيط بدلا من حبات الحصى ..
 
2- لعل فعل الصحابي بن مسعود هذا بالإنكار على العدد هو تبينه رواية أخرى .. جاء فيها أن الْمُسَيِّبُ بْنُ نَجَبَةَ ذهب إلَى عَبْدِ اللهِ بن مسعود فَقَالَ: (إِنِّي تَرَكْتُ قَوْمًا بِالْمَسْجِدِ يَقُولُونَ: مَنْ سَبَّحَ كَذَا وَكَذَا فَلَهُ كَذَا وَكَذَا، قَالَ: قُمْ يَا عَلْقَمَةُ فَلَمَّا رَآهُمْ، قَالَ: يَا عَلْقَمَةُ اشْغَلْ عَنِّي أَبْصَارَ الْقَوْمِ، فَلَمَّا سَمِعَهُمْ وَمَا يَقُولُونَ، قَالَ: إِنَّكُمْ لَمُتَمَسِّكُونَ بِذَنَبِ ضَلَالَةٍ، أَوَ إِنَّكُمْ لَأَهْدَى مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه الطبراني في الكبير ..
 
- فهذه الرواية تظهر أن الذي كان يرشد الناس للذكر بالعدد والحصى .. كان يخبرهم بفضيلة أجر على هذا العدد .. بما ليس له به علم وكأنه يخترع فضائل أعمال للناس ليذكروا الله .. !! وإلا ما كان اعترض عليه الصحابي لو كان ما ينطقه هذا الرجل موافق لما قال به النبي صلى الله عليه وسلم .. !!
 

*****************************

 

..:: س12: هل الصحابي بن مسعود أنكر العدد في الذكر ؟ ::..

- من عجيب ما قراته هو أن البعض أخذ يطبل على رواية بن مسعود للدلالة على إنكار الذكر بعدد .. زاعما بالكذب على الصحابي بن مسعود بأنه أنكر العدد في الذكر .. لأن من أخرجهم بن مسعود من المسجد كانوا يذكرون مائة مرة تسبيحا وتحميدا وتكبيرا وهكذا .. !!
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وهذا مطلق الكذب على الرواية وعلى الصحابي بن مسعود .. كما أوضحنا سابقا أن إنكار بن مسعود لم يكن على الذكر ولا على حلقة الذكر ولا على أعداد الذكر .. وإنما على استخدام الحصى في عد الذكر ..!! وقد أوضحت لك ذلك تفصيليا ..
 
- وكيف يصح أن ينكر بن مسعود العدد في الذكر ..؟!! لأنه لو أنكر ذلك لكان شرعا جديدا اخترعه وابتدعه هذا الصحابي .. بل وفعل فعلا مخالفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم .. في قوله وإرشاده وفعله صلى الله عليه وسلم ..!!
 
- أولا: أما عن قول النبي وإرشاده ..
- فقد جاء في الحديث عن جد عمرو بن شعيب عن النبي قال : (من قال: (سبحانَ الله) مئةَ مرَّةٍ قبلَ طلوعِ الشمسِ وقبلَ غُروبها؛ كان أفضلَ من مئةٍ بَدَنَة، ومن قالَ: (الحمدُ لله) مئة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ؛ كان أفضلَ مِن مئة فرِسٍ يُحمَلُ عليها في سبيل الله، ومن قال: (الله أكبر) مئة مرة، قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، كان أفضلَ من عتقِ مائةِ رقبةٍ ، ومن قال: (لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) مئةَ مرة قبل طلوعِ الشمس وقبل غروبها ، لم يَجيءْ يومَ القيامة أحدٌ بعملٍ أفضلَ من عملِه، إلاَّ مَن قال مثلَ قوله، أو زاد عليه) رواه النسائي في السنن الكبرى برقم10588 .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب وأشار إليه بأنه : حسن .
 
- وكذلك جاء عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت : (مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَمُرْنِي بِعَمَلٍ أَعْمَلُهُ وَأَنَا جَالِسَةٌ، فَقَالَ: «سَبِّحِي اللهَ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ، فَإِنَّهَا تَعْدِلُ مِائَةَ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاحْمَدِي اللهَ مِائَةَ تَحْمِيدَةٍ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ مِائَةَ فَرَسٍ مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ تَحْمِلِينَ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَبِّرِي اللهَ مِائَةَ تَكْبِيرَةٍ فَإِنَّهَا تَعْدِلُ مِائَةَ بَدَنَةٍ مُتَقَبَّلَةٍ، وَهَلِّلِي اللهَ مِائَةَ تَهْلِيلَةٍ فَإِنَّهَا تَمْلَأُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ .. وَلَا يُرْفَعُ لِأَحَدٍ عَمِلٌ أَفْضَلُ مِنْهَا إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَيْتِ) رواه الطبراني في الكبير النسائي وأحمد .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب وقال : حسن .. وذكره في صحيح الجامع وتراجع عن تضعيفه .
 
- ومثله وعن جابر بن عبد الله عن النبي قال: (من قال سبحانَ اللهِ وبحمدهِ مائةَ مرةٍ غُفِرَتْ له ذنوبهُ وإن كانت مثلَ زبدِ البحرِ) رواه الترمذي .. وذكره الألباني في صحيح الترمذي .
 
- ثانيا: أما عن فعل النبي ..
- فقد جاء في الحديث: عن أبي هريرة عن النبي قال (إِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَتُوبُ إِلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ) رواه أحمد – وقال الشيخ شعيب الأنؤوط : حديث صحيح ، وهذا إسناد حسن .
 
- فلو كان فعل الصحابي بن مسعود .. فيه اتهام لاتخاذ العدد في الذكر .. لكان هذا بدعة مردودة عليه ومنكرة .. لمخالفته إرشاد النبي وفعله صلى الله عليه وسلم ..!!
 
- ولكن الصحابي لم يفعل ذلك .. وإنما هذا الداعية هو من افترى بالباطل على بن مسعود الصحابي .. حيث أن الصحابي لم ينكر ذلك .. كما أوضحنا ذلك بأدق بيان وتفصيله ..!!
 
- وكل هذا على افتراض صحة هذا الرواية الكاملة للقصة والتي أشار لصحتها الشيخ الألباني رحمه الله .. !! والله أعلم .
 

**************************

 

..:: س13: هل يصح الإحتجاج بفعل الصحابي ؟ ::..

 
- في ختام مسألة رواية الصحابي عبد الله بن مسعود .. قد يخطر ببالك سؤال .. فتقول هل يصح الإحتجاج بقول الصحابي وفعله .. ؟
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة):
- كثير من العلماء أوقف الحلال والحرام من الكتاب والسنة .. وكثير من العلماء احتج بقول الصحابي إن لم يكن له مخالف من غيره من الصحابة .. بل ويرد عليه قوله لو كان مخالفا لظاهر الشريعة من الكتاب والسنة .. وليس كما زعم بعض الجهلاء بالإحتجاج بما يقوله الصحابي ويفعله على العموم ..!!
 
- ولو طبقنا هذا على مسألة رواية الصحابي بن مسعود .. فنجد أن بعض النفوس المنفرة .. تجادل في مسألة لا تحتاج جدل أصلا .. لأسباب أذكرها مجملة:

- الأول: كيف يعقل (من خلال رواية أو أثر مشكوك فيه) أن يجعل البعض من فعل الصحابي .. حكما شرعيا يستخدمه في تبديع المسلمين وتأثيمهم وتحقيرهم وتحريض العوام عليهم ليقذفوهم بأقبح الشتائم ؟!! وليمنعوهم الذكر في مساجد الله .. ؟!! فما أظلم قلوبهم ..!! ويكفيك قوله تعالى (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) البقرة 114.
 
- الثاني: كيف يعقل (من خلال رواية أو أثر مشكوك فيه) أن يجعل البعض من فعل الصحابي .. حاكما على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم السابق ذكرها التي تتكلم عن مجالس الذكر الجماعي .. أي يجعل من فعل الصحابي حجة على الكلام النبوي والفعل النبوي بل وعلى كلام الله ..!! ويجتهد بأن يجعل من فعل الصحابي شريعة ملزمة بالمخالفة لما قاله الله ورسوله ..!! وكأن الصحابي هو من كان يوحى إليه من الله .. !! وكأن فعل الصحابي أبطل كلام الله ورسوله ..!!
 
- الثالث: كيف يعقل في مسألة فقهية .. أن يتم فيها من بعض نفوس الدعاة كل هذا الكم من التبديع والتحقير والتأثيم .. مع امتلاء هذه النفوس بكم من الغل والكراهية لجماعة من المؤمنين .. فكيف يطمئن قلب مؤمن لأمثال هؤلاء الدعاة الذين استخدموا الدين وسيلة إرهاب للمؤمنين بلا حجة ولا دليل ولا برهان إلا بمجرد قصة مشكوك في صحتها .. وعلى افتراض صحتها فهي تشير إلى خلاف ما زعموه ..!! بل وتجاهلوا كلام الله ورسوله ..!!
 
- الرابع: كفى بمن يتعلق بأثر بن مسعود الصحابي .. أنه لم يأت بدليل تحريم على الذكر الجماعي من كلام الله ورسوله .. وهذا يكفي لبيان كذبه على الله وتحريم ما أحل الله تعالى وأقره رسوله صلى الله عليه وسلم ..!! يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) النحل116.

 ************************

:: الفصل الرابع ::

:: مشروعية الجهر بالذكر ::

**************************

..:: س11: ما هي مشروعية الجهر بالذكر ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .