ج3: رسالة القول الحق السرمدي في الرد على المنكر الجاحد لذكر الصلاة على النبي - ما معنى قوله تعالى (سَلِّمُوا) - معنى اسم الله السلام - لماذا كان النبي يقول بعد الصلاة (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) -ما الفرق بين قولنا (سلموا سلاما)، وقوله تعالى (وسلموا تسليما) - لماذا لم يقل الله (سلموا له) أو (سلموا عليه) وترك السلام دون تقييد - ماذا لم يقل الله أنه وملائكته يسلمون تسليما على النبي - لماذا نقول (اللهم سلم على النبي) إذا كان الله أمرنا بالتسليم له أو عليه - هل يوجد دليل على جواز الدعاء بالسلام على النبي في الحديث النبوي.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

القول الحق السرمدي

في الرد على المنكر الجاحد لذكر الصلاة على النبي

(الجزء الثالث)

* فهرس:

:: الفصل الخامس:: تذوقات حول مفهوم السلام على النبي ::

1- س15: ما معنى قوله تعالى (سَلِّمُوا)- ومعنى اسم الله "السلام" ؟

2- لماذا كان النبي يقول بعد الصلاة (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام) ؟

3- س16: ما الفرق بين قولنا (سلموا سلاما)، وقوله تعالى (وسلموا تسليما) ؟

4- س17: لماذا لم يقل الله (سلموا له) أو (سلموا عليه) وترك السلام دون تقييد ؟

5- س18: لماذا لم يقل الله أنه وملائكته يسلمون تسليما على النبي ؟ 

6- س19: لماذا نقول (اللهم سلم على النبي) إذا كان الله أمرنا بالتسليم له أو عليه ؟ 

7- س20: هل يوجد دليل على جواز الدعاء بالسلام على النبي في الحديث النبوي ؟

 **************************

:: الفصل الرابع ::

:: مفهوم السلام على النبي في القرآن ::

**************************

..:: س15: ما معنى قوله تعالى (سَلِّمُوا) ؟ ::..

 
- يقول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب56 .
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..
- اسم الله "السلام": معناه الذي خلت ذاته عن النقص والعيب والفناء .. وهو السلام الذي يعطي السلامة ويمنعها، ويبسطها ويقبضها ..
 
- وفي الحديث عن السيدة عائشة قالت: (كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سَلَّمَ لَمْ يَقْعُدْ إِلَّا مِقْدَارَ مَا يَقُولُ: «اللهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، تَبَارَكْتَ ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) صحيح مسلم .. وفي رواية بإضافة لفظ النداء: (تَبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) رواه بن حبان وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح .
 
- وقولها (لم يقعد إلا مقدار): أي بعد التسليم لا يقعد في اتجاه القبلة إلا بقدر الاستغفار ودعاء (اللهم أنت السلام ....) ثم يميل يمينا أو يسارا حتى لا يكون ظهره للناس .. وقيل لا يقعد إذا سلَّم من فريضةٍ بعدَها سُنَّةٌ إلا هذا المقدارَ وهي الظهر والمغرب والعشاء، وأما الصبحُ والعصرُ فقد جاء الحديث: أنه - عليه السلام - يجلس في المسجد زمانًا مديدًا .. والله أعلم .
 
- وسبب قول النبي – والله أعلم - لهذا الدعاء بعد الصلاة الذي هو (اللهم أنت السلام) .. كأنه يقول لله : نحن لا نسلم من العيوب والنقص فاعذرنا فيما صدر منا من نقص في صلاتنا إليك .. (ومنك السلام) فاقبل صلاتنا وسلمها من هذا النقص لأنك السلام .. فقد (تباركت) كثرت خيراتك وأفضالك وبركاتك على عبادك، وتباركت عن أن نعبدك حق عبادتك كما تستحقه ذاتك .. سبحانك أنت الموصوف بصفات الجمال والجلال ولا نحيط بكمالك يا ألله ..
- والله أعلم بمراد نبيه ..
 
- والسلامة: هي الأمن والنجاة من الآفات والضرر الذي يلحق بالنفس ماديا أو معنويا .. ماديا كالضرب ومعنويا كالشتم ..
 
* وقولنا السلام عليك يا فلان .. تحتمل مقصدين:
- الأول: فمدلولة هو أنك سلمت مني فلا أوذيك بيدي ولا بلساني.
 
- الثاني: بمعنى الدعاء للشخص كأنك تقول له: تجلى عليك بما فيه السلامة لك والأمن فتسلم من كل سوء وضرر .. وتمنح بكل خير وبركة .
 

*****************************

 

..:: س16: ما الفرق بين قولنا (سلموا سلاما)، وقوله تعالى (وسلموا تسليما) ؟ ::..

 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..
- معنى (سلاما): لفظ يحمل معنى التحية المصحوب بالسلامة والأمن .. وذلك بأن نقول السلام عليك أو سلام عليك .. وهذا سلام قولي فقط يحمل معنى التحية المصحوبة بالأمن والمسالمه .. كقوله تعالى (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ) هود69 ..، وكقوله تعالى (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا) الفرقان63.
 
- والمفعول المطلق (تسليما) يدل على التفعيل: أي يدل على عزيمة إيمانية وقوة في التنفيذ مع دوام الفعل وليس مرة فقط وإنما في كل وقت .. سواء كان هذا الفعل قولي وعملي .. أو ظاهرا وباطنا ..
  

1- يقول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب56 .

 - معنى قوله (وسلموا تسليما) في آية الأحزاب: يشمل تسليما بالقول وتسليما بالفعل .. أي كمال الأدب معه صلى الله عليه وسلم .. أي تسليم قولي وفعلي ..

 2- ويقول تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء65 .

 - ومعنى قوله (ويسلموا تسليما) في سورة النساء: بمعنى عزيمة الإنقياد لأوامره والخضوع له .. لأن الآية تتكلم عن قضاء النبي بالأحكام .. وهذا يشمل الإنقياد له ظاهرا وباطنا بدليل قوله (ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ) .. وليس الإنقياد ظاهرا مع وجود اعتراض في داخلك .. لا .. وإنما لا تجد في نفسك ضيق مما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

* وخلاصة القول:
1- جاء بلفظ التسليم في سورة الأحزاب: لإرشاد المؤمن إلى أن المطلوب منه هو عزيمة قولية وفعليه ..
 
2- وجاء بلفظ التسليم في سورة النساء: لإرشاد المؤمن إلى أن المطلوب منه هو عزيمة ظاهرة وباطنة ..
 

****************************

 

..:: س17: لماذا لم يقل الله (سلموا له) أو (سلموا عليه) وترك السلام دون تقييد ؟ ::..

 
- يقول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب56 .
 
- وقد تسأل أخي الحبيب فتقول: لماذا ترك الله السلام في الآية دون تقييد بأن يقول مثلا (السلام له) أو (السلام عليه) ..؟!!
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..
- ما هو الفرق بين (سلموا له) و (سلموا عليه) ؟
 
1- لفظ السلام لو كان متعديا ب (على) .. أي بمعنى سلموا على النبي .. فهو يكون بمعنى التحية المصحوبة بالسلامة والأمن ..
- وروايات الصحابة تدل على أنهم فهموا أن السلام بمعنى إلقاء التحية والسلامة للنبي وقد أقرهم النبي على ذلك الفهم ..!! ودليل ذلك ما جاء في الحديث: (قد عرفنا السلام عليك فما هي الصلاة؟ ) .. حيث كانوا يقولون (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) في التشهد وغير التشهد ..
 
2- لفظ السلام لو كان متعديا بحرف (اللام) .. أي بمعنى سلموا للنبي .. فهذا معناه طاعته والإنقياد له .. وهذا موجود في قوله تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء65 ..
 
- ولو تأملنا الآية (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) .. ماذا نلاحظ فيها ؟

- سنجد في الآية أن كلمة (سَلِّمُوا) لم تتعدى بأي حرف .. وكأن الله أراد منك أن تسلم له وتسلم عليه تسليما .
- والله أعلم.
 

*****************************

 

..:: س18: لماذا لم يقل الله أنه وملائكته يسلمون تسليما على النبي ؟ ::..

 
- يقول تعالى : (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب56 .
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..
- لأن التسليم هنا يحمل معنيين .. تسليما له وتسليما عليه ..

 

1- فأما التسليم عليه: وهو التحية المصحوبة بالأمان .. فالله قد أثبته لعموم الأنبياء .. ومثال ذلك قوله (سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) الصافات 109 ..، (سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ) الصافات120 ..، (سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ) الصافات130..

- وقد أثبت الله السلام لعموم المؤمنين حين رضاه عليهم بدخول الجنة فقال لهم: (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) يس58 ..

- والسلام من الله هو تحية منه .. وهذه التحية مصحوبة بالأمان والسلامة من كل ضرر وسوء في الآخرة لكل من يسلم عليه الله .. لأن السلام الحقيقي إنما يكون في الآخرة .

- والسلام أيضا يكون في الدنيا من خلال طمأنة القلب ورضاه بما يجري به القدر .. فلا يشعر العبد بسطوة الإبتلاء إلا قليلا .. ولا يجد الخوف ولا الحزن مسيطرا عليه .. ونجد ذلك في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ . نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ...) فصلت30-31.

  

2- وأما التسليم له: فهو طاعته والولاء له والإنقياد لأوامره دون اعتراض عليه .. يقول تعالى (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء65.
 
* فإذا علمت ما سبق .. فإليك سبب عدم ظهور السلام على النبي من الله وملائكته في الآية .. حيث أثبت الصلاة فقط ولم يقل (يُصَلُّونَ ويسلمون عَلَى النَّبِيِّ) ؟!!:

1- سبب عدم ظهور السلام من الله في الآية: لأنه لما كان معنى الصلاة عليه .. هو العطف عليه بكل التجليات الكمالية من جمال وجلال من فيض أسماءه وصفاته .. والتي منها اسمه السلام .. فكان صلاته على النبي متضمنه السلام عليه .. إلا أنه أتي باللفظ الأعم (الصلاة عليه) الذي يندرج فيه كل خصوصية ممكن أن تحدث لعبد صالح أو لولي أو نبي أو رسول ..
 
2- أما عن عدم ظهور السلام من الملائكة في الآية: لأنه لما كان الملائكة لا يصدر عنها أذى .. فلم يصح منها السلام حينئذ على النبي بمعنى أنهم لن يؤذوه بالفعل او بالقول .. ولما كانت الملائكة لا تنقاد لأوامر النبي بل تنقاد لأوامر الله فلا يصح حينئذ أن يكون معنى السلام على النبي بمعنى الإنقياد له .. ولذلك لم يأتي بلفظ السلام من الملائكة على النبي .. وإنما اختصها بالمؤمنين من اهل التكليف .. لأنهم من قد يصدر عنهم الأذى للنبي .. وعليهم حق الطاعة والإنقياد لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- أما عن سلام التحية من الملائكة فهو حالهم دائما مع الأنبياء .. ومثال ذلك قوله تعالى (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ . إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ) الذاريات24-25.
 
- وقوله (ضيف إبراهيم): أي الملائكة التي أرسلها الله لإخراج سيدنا لوط من قريته الفاسدة لأن العذاب سينزل فيها .. وقبل ذهابهم لسيدنا لوط مروا ضيوفا على سيدنا إبراهيم ليسلموا عليه ويبشروه بأنه سيكون له ابن من زوجته ساره واسمه اسحاق ..
- والله أعلم .
 

****************************** 

..:: س19: لماذا نقول (اللهم سلم على النبي) إذا كان الله أمرنا بالتسليم له أو عليه ؟ ::..

 
- قد تسأل أخي الحبيب فتقول: إذا كان الله تعالى قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) الأحزاب56.
- فلماذا ندعو الله أن يسلم عليه ونقول (اللهم سلم على النبي – أو اللهم صل وسلم على النبي) .. طالما الله يريد السلام مننا نحن ؟!!
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..
- أولا: نجد السلام على النبي في الآية غير معلوم الكيفية .. يعني إيه الكلام ده ؟
 
1- يعني الكيفية هنا هل هي بمعنى (سلموا عليه) تحية مصحوبة بالسلامة والأمن له .. أم بالدعاء له بطلب ذلك من الله ..
 
2- أم الكيفية هنا بمعنى (سلموا له) ظاهرا وباطنا انقيادا واتباعا وطاعة وولاء دون أن يكون في ظاهركم أو باطنكم ما فيه اعتراضا عليه بأي حال من الأحوال ..
 
- ويكون قولنا (السلام عليك أيها النبي) يحتمل أربعة احتمالات ..

1- أي تحية لك مني مصحوبة بالأمن لك من شر نفسي فلا أؤذيك باليد ولا بالقول في نفسك ولا أهل بيتك ولا امتك ولا رسالتك ..
 
2- أو تجلى الله عليك بكل ما هو فيه سلامة من الآفات والنقائص ولك فيه مزيد كرامة من الخيرات والبركات .
 
3- وتحتمل أن يكون معناها السلام عليك مني يا رسول الله فلا ترى مني أذى باليد ولا بالقول في أحد من أهل بيتك أو أمتك أو رسالتك ..
 
4- ويحتمل كل المعاني السابقة .. أن يكون تحية، ودعاء له، وعزيمة في ظاهري وباطني باتباعه والإنقياد له ..
 
- فيكون المعنى هكذا: السلام عليك مني يا رسول الله فلا ترى مني أذى باليد ولا بالقول في أحد من أهل بيتك أو أمتك أو رسالتك .. راجيا لك الله دوام الأمن في أهل بيتك وأمتك ورسالتك مع مزيد من الخيرات والبركات لك ولأهل بيتك وأمتك ورسالتك ..
 
- مما سبق يتبين لك أن الآية لازالت تحمل احتمال الدعاء للنبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- ثانيا: بعد بيان ما سبق .. دعنا نسأل ونقول:
1- هل هناك مانع السلام على النبي من الذي يمنحه ؟ أليس الله هو السلام وهو من يمنح السلام ؟
- فما المانع أن ندعو الله أن يتجلى على نبيه بما فيه سلام .. يليق بحق قدره ومقامه الشريف ..!!
 
2- وإذا كنا لا نملك السلام للنبي في كل شيء إلا بقدر ما نملكه من أنفسنا فقط .. ولكن لا نستطيع ذلك مع الغرباء والغير مسلمين .. فما المانع أن نوكل فعل ذلك لله السلام ليحفظه من كل سوء في نفسه وأهل بيته وأمته ورسالته ..
 
- وكما قلنا أن دعائنا للنبي ليس لاحتياجه إليه .. وإنما هو لإظهار مدى حبنا له وتوقيرا له .. كنوع من الوفاء بعض حقه علينا ..
 

**************************

..:: س20: هل يوجد دليل على جواز الدعاء بالسلام على النبي في الحديث النبوي ؟ ::..

 
- قد تسأل أخي الحبيب فتقول: إذا كان السلام قد جاء في الحديث الشريف .. فهل جاء في الحديث أن من كيفية هذا السلام أن نقول (اللهم سلم على محمد) ..؟!!
 
* قلت (خالد صاحب الرسالة) ..
- لم يأتي في الحديث النبوي صيغة صحيحة جاء فيها (اللهم سلم على محمد) .. ولكن لماذا ندعو بذلك ؟!!
- فليس معنى أنه لا توجد صيغة لفظية تقول (اللهم سلم على محمد) فهذا معناه أنه لا ندعو له بالسلام .. بل الدعاء له بالسلام عليه موجود في الحديث ..
 
1- جاء في الحديث عن عبد الله بن مسعود قال: (كُنَّا إذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قُلْنَا: السَّلَامُ علَى جِبْرِيلَ ومِيكَائِيلَ السَّلَامُ علَى فُلَانٍ وفُلَانٍ، فَالْتَفَتَ إلَيْنَا رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ هو السَّلَامُ، فَإِذَا صَلَّى أحَدُكُمْ، فَلْيَقُلْ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ والصَّلَوَاتُ والطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وعلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، فإنَّكُمْ إذَا قُلتُمُوهَا أصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ في السَّمَاءِ والأرْضِ، أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأَشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسولُهُ) صحيح البخاري.
 
- وقولنا (السَّلَامُ عَلَيْكَ أيُّها النبيُّ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكَاتُهُ): هو صيغة دعائية كأنك تقول قضى الله لك وأدام عليك السلام في كل ما يخصك يا رسول الله .. وأدام الله عليك رحمته في كل ما يخصك يا رسول الله .. وأدام الله عليك بركاته الكاملة في كل ما يخصك يا رسول الله من محض أفضال الله التي لا تعد ولا تحصى ..!! والله أعلم .
 
2- وعن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنى لقيت جبريل عليه السلام .. فبشرنى وقال: إن ربك يقول لك: من صلى عليك .. صليت عليه .. ومن سلم عليك سلمت عليه .. فسجدت لله شكراً) أخرجه أحمد بسند حسن .. والحديث له طرق ضعيفه .. وله طرق حسنه .. راجع ما ذكره الألباني في ارواء الغليل ج2 ص229 .. فانتبه ..!!
 
3- وكذلك النبي يرد عليه السلام على من سلم عليه .. فعن أبي هريرة عن النبي قال (ما من أحدٍ يُسلِّمُ عليِّ إلَّا ردَّ اللهُ إليَّ روحي حتَّى أردَّ عليه السَّلامَ) صحيح أبي داوود .
 
- الحديث الثاني والثالث .. فيهما مطلق الدلالة أن يكون السلام تحية أو دعاء .. حيث لم ياتي فيهما طريقة تحديد ذلك .. ويصح لك أن تثبت على صيغة (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) .. لأنها اللفظ النبوي .. وإن كان هذا لا يمنع غيره .. لأن الحديث مطلق دون تحديد لكيفية السلام بصيغة معينة ..  
 
- وحينما يقول المؤمن (اللهم سلم على محمد) أي اللهم تجلى على سيدنا محمد تجلي خصوصية يليق بك منك إليه وأبلغه منا السلام عليه ..
 
- وقولك (السلام على النبي) .. هو يحمل معنى التحية والدعاء .. وهذا مثلما تقول لشخص فهم كلامك: (الله ينور عليك) والمقصد هو الدعاء له أن يديم الله عليه نور الفهم في عقله ..
 
* ملحوظة هامة جدا:
- جاءت روايات فيها لفظ (اللهم سلم على محمد) .. ولكنها روايات ضعيفه ..
- من هذه الروايات:
1- عن أنس بن مالك قال عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (عدهن في يدي جبريل عليه السلام قال عدهن في يدي ميكائيل عليه السلام قال عدهن في يدي إسرافيل قال عدهن في يدي رب العالمين جل جلاله قال لي قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت [ص:818] على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم سلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم ارحم محمدا وآل محمد كما رحمت إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم تحنن على محمد وعلى آل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد) رواه بن عساكر في معجمه .. وقال السخاوي في القول البديع: أخرجه أبو القاسم التيمي وإبن بشكوال وغيرهما مسلسلاً أيضاً ورجال سنده فيهم من أتهم بالكذب والوضع فالحديث بسبب ذلك تألف..
 
2- عن  زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: (غَدَوْنَا يَوْمًا غُدْوَةً مِنَ الْغَدَوَاتِ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى كُنَّا فِي مَجَمْعِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، فَبَصُرْنَا بِأَعْرَابِيٍّ أَخَذَ بِخِطَامِ بَعِيرِهِ حَتَّى وَقَفَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ حَوْلَهُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَرَدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟» قَالَ: وَرَغَا الْبَعِيرُ، وَجَاءَ رَجُلٌ كَأَنَّهُ حَرَسِيٌّ، فَقَالَ الْحَرَسِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذَا الْأَعْرَابِيُّ سَرَقَ الْبَعِيرَ، فَرَغَا الْبَعِيرُ سَاعَةً وحَنَّ، فَأَنْصَتَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمَعُ رُغَاءَهُ وحَنِينَهُ، فَلَمَّا هَدَأَ الْبَعِيرُ أَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْحَرَسِيِّ فَقَالَ: «انْصَرَفْ عَنْهُ فَإِنَّ الْبَعِيرَ شَهِدَ عَلَيْكَ أَنَّكَ كَاذِبٌ» فَانْصَرَفَ الْحَرَسِيُّ، وَأَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ فَقَالَ: «أَيُّ شَيْءٍ قُلْتَ حِينَ جِئْتَنِي؟» قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِي أَنْتِ وَأُمِّي اللهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَبْقَى صَلَاةٌ، اللهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا تَبْقَى بَرَكَةٌ، اللهُمَّ سَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ حَتَّى لَا يَبْقَى سَلَّامٌ، اللهُمَّ وَارْحَمْ مُحَمَّدًا حَتَّى لَا تَبْقَى رَحْمَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ أَبْدَاهَا لِي وَالْبَعِيرُ يَنْطِقُ بِعُذْرِهِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ سَدُّوا الْأُفُقَ) رواه الطبراني في الكبير .. وقال السخاوي :سنده هالك ..، وكذلك قال بن حجر الهيتمي في الدر المنضود.

 ************************

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .