ج7: رسالة الإحسان خواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية - مصطلح (النفحات) - ما هو معنى النفحة - ما هي النفحات الربانية في الشريعة - كيف نتعرض لنفحات رحمة الله - هل لفظ النفحة يقال على وسوسة الشيطان.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الإحسان

مفاهيم وخواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية

 (الجزء السابع)

* فهرس:

- مصطلح (النفحات) ..

1- س1: ما هو معنى النَّفحَة ؟

2- س2: هل لفظ النفحة يقال على وسوسة الشيطان ؟ 

3- س3: ما هي النفحات الربانية في الشريعة ؟

4- س4: كيف نتعرض لنفحات رحمة الله ؟

******************************
..:: مصطلح (النفحات) ::..
********************
..:: س1: ما هو معنى النفحة ؟ ::..
 

- كثيرا ما تجد يجري على ألسنة بعض الطيبين .. عند حدوث عطاء .. يقول لك هذه نفحة طيبة .. وغالبا من تقال عندهم على الضيافة من طعام أو شراب يتم تقديمة ..

 

- والبعض قد يساعد أحد بمال فيقول له .. هذه نفحة .. أي عطيَّة من الله لك من حيث لم تطلب ومن تحتسب .. فاقبلها وعيب أنك تردها ..

 

- لكن البعض في زماننا استخدم كلمة نفحة في زماننا للوصول لأغراض دنيئة في نفسة ويتحسس النساء .. ويسميها نفحة منه للمرأة لكي يعطيها مدد ..!! لا .. هذه ليست إلا نفحة شيطانية ومدد شيطان .. وعليه من الله ما يستحق ما لم يتب ..!!

 

- وحتى لا تتوه الحقيقة في معنى كلمة نفحة .. فعلينا ان نظهر معناها ومدى ارتباطها بالشريعة .. ليتضح لك المراد من الكلمة .. فتزداد بصيرة وفهما ..

 

- ما هو المعنى لكلمة نفحة ؟

- معنى كلمة نفحة: هبوب أو مرور رائحة عليك في لمحة خاطفة .. وتطلق على العطاء اليسير أو العطاء اللحظي ..

 

- ويغلب إطلاق كلمة نفحة على ما فيه عطاء بالخير لك .. وإن كانت تطلق أيضا فيما فيه ريح خاطفة مؤذية ..!!

 

- فتقول هذه ريح طيبة .. فيمر عليك نسيم من هواء لطيف يأتي على فترات متقطعة .. فتقول ما أجمل هذه النفحة الطيبة ..

 

- وقد تكون ريح مؤذية .. كما قال تعالى (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) الأنبياء46.. أي لو علموا الكفار أن مجرد أصابتهم بريح خاطفة سيكون فيها الحر والألم لكانوا تادبوا وآمنوا ..

 

- ويقال لفظ النفحة على العطر الطيب .. فتقول هذه نفحة طيبة أي رائحة جميلة شرحت الصدر ..

 

- ولفظ النفحة أيضا قد يأتي على عطاء المال .. فتقول فلان أعطاني نفحة طيبة ..

 

- وقد يقال لفظ النفحة على عطية المجال من الطعام والشراب .. فتقول هذه نفحة بسيطة على سبيل الضيافة ..

 

- ونفحات الله .. هي عطاياه التي تأتيك من حيث لا تدري ولا تحتسب .. فيكفيك بها عن غيره .. وهذه النفحات تبث فيك الإيمان وتشعرك بمعية الله لك ..

 

- وهناك نفحة الشيطان .. وهي بمعنى الإشاعة الباطلة التي تمر على المسامع كالريح الخاطفة التي تمر بك .. فقد جاء في رواية الحديث .. عن عروة بن الزبير قال: (أسلَمَ الزُّبَيرُ ابنَ ثَمانِ سِنينَ، ونَفَحَتْ نَفحةٌ مِن الشَّيطانِ أنَّ رسولَ اللهِ أُخِذَ بأعلى مكَّةَ، فخرَجَ الزُّبَيرُ وهو غُلامٌ ابنُ اثنتَيْ عَشْرةَ سَنةً بيَدِه السَّيفُ، فمَن رَآه عجِبَ، وقال: الغُلامُ معه السَّيفُ، حتى أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: ما لك يا زُبَيرُ؟ فأخبَرَه، وقال: أتَيتُ أضرِبُ بسَيفي مَن أخَذَكَ) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء .. وقال الأرنؤوط: رجاله ثقات.

 
*******************

..:: س2: هل لفظ النفحة يقال على وسوسة الشيطان ؟ ::..

 
- أخي الحبيب .. لفظ النفحة ممكن أن يقال على وسوسة الشيطان .. ولكن هذا نادرا ما يقال .. لأن لفظ النفحة يغلب قوله على العطايا الممنوحه على سبيل الهبة ..
 
- ولكن جاء في نص رواية لفظ "نفحة الشيطان" .. وهي بمعنى الإشاعة الباطلة التي تمر على المسامع كالريح الخاطفة التي تمر بك .. فقد جاء في رواية الحديث .. عن عروة بن الزبير قال: (أسلَمَ الزُّبَيرُ ابنَ ثَمانِ سِنينَ، ونَفَحَتْ نَفحةٌ مِن الشَّيطانِ أنَّ رسولَ اللهِ أُخِذَ بأعلى مكَّةَ، فخرَجَ الزُّبَيرُ وهو غُلامٌ ابنُ اثنتَيْ عَشْرةَ سَنةً بيَدِه السَّيفُ، فمَن رَآه عجِبَ، وقال: الغُلامُ معه السَّيفُ، حتى أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقال: ما لك يا زُبَيرُ؟ فأخبَرَه، وقال: أتَيتُ أضرِبُ بسَيفي مَن أخَذَكَ) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء .. وقال الأرنؤوط: رجاله ثقات.
 

*******************

..:: س3: ما هي النفحات الربانية في الشريعة ؟ ::..

- النفحات الربانية في الشريعة لها مفهومين :

- المفهوم الأول: إصابة بسيطة من العذاب في الآخرة ..
- ودليل ذلك  كما قال تعالى (وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) الأنبياء46.. والمعنى من تفسير المنتخب: وتأكد أنهم إن أصابتهم إصابة خفيفة من العذاب الذي يسخرون منه يصيحون من الهول قائلين: يا ويلنا إنا كنا ظالمين لأنفسنا وغيرنا، إذ كفرنا بما أخبرنا به. (انتهى النقل).
 
- المفهوم الثاني: عطاء من الله له أثر إيماني أو دنيوي محقق في القلب أو في الدنيا أو في الآخرة ..  

- ودليل ذلك :

1- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم وأن يؤمن روعاتكم) رواه الطبراني .. وفي سنده ضعف .. وذكره الألباني في الصحيحة . وقد حسنه لشواهده .. حيث يقول في الصحيحة (5/412): لكن الحديث عندي حسن، فقد ذكر الهيثمي لشطره الأول شاهدا عن محمد بن مسلمة مرفوعا بلفظ: (إن لربكم في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن يصيبه منها نفحة لا يشقى بعدها أبدا) ..، وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط " والكبير بنحوه وفيه من لم أعرفهم ومن عرفتهم وثقوا " ..، وسائره وهو فقرة الستر .. له شاهد من حديث أبي هريرة مرفوعا به .. رواه الخرائطي في " مكارم الأخلاق " كما في " الجامع الكبير " (2 / 49 / 1) .

 

- قوله (تعرضوا): أي تهيئوا لاستقبال نفحات رحمة  الله ..

 

- قوله (نفحات رحمة الله): هي عطاياه التي تأتيك من حيث لا تدري ولا تحتسب .. فيكفيك بها عن غيره .. وهذه النفحات تبث فيك الإيمان وتشعرك بمعية الله لك .. وقد تكون نفحات لرفع كرب وضيق وهم ..

- أي إما نفحات رحمة بعطاء .. او نفحات رحمة برفع بلاء ..

 

- وهذه النفحات هي مدد من الله لك بطريق خفي .. قد يكون على هيئة تذوقات إيمانية .. أو عزيمة قلبية تجد منها همة ونشاط في العمل مع الله .. أو تجد منها صبر على تحمل الألم .. أو تجد منها رضا بما يجرى به القدر عليك من أحكام .. أو يرزقك بأفكار يعينك بها على أمورك الدنيوية .. أو يرسل لك من يساعدك في مسكلة لديك .. أو يرزقك بدعوة في قلبك تدعوها فيستجاب لك .. أو ما شابه ذلك ..

 

- وتستطع أن تقول أن النفحات هي تجليات خاصة جدا .. يمنحها الله لك من باب الفضل من حيث لا تدري ولا تعلم .. من خفي لطفه الكريم .

 

1- وكمثال على النفحات الربانية الإيمانية .. كقوله تعالى : (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) الأحزاب43.

 

2- وكمثال للنفحات الربانية الدنيوية .. التي قد تصل إليك من حيث لا تدري ولا تعلم .. هو العطاء المادي حتى لو كنت في غير حاجة إليه .. ودليل ذلك ما جاء في حديث بألفاظ مختلفة أذكره لك بألفاظه المختلفة .. وهذا هو الحديث:

 

- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ، وَلَا إِشْرَافِ نَفْسٍ، فَلْيَقْبَلْهُ وَلَا يَرُدَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ إِلَيْهِ) رواه بن حبان وأحمد والحاكم .. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .. وذكره الألباني في الصحيحة .. وقال الأرنؤوط في تخريج المسند: إسناده صحيح ورجاله ثقات.

#- والقصد في قوله (غير مسألة ولا إشراف) : هو أنه لو جالك كده عطاء من المال من باب الله من غير إلحاح منك على أحد ولا طمعا فيه من يد أحد .. فخذه وأقبله لأنه عطاء ورزق من الله أرسله إليك .

- وفي رواية عن أبي هريرة عن النبي قال: (مَنْ آتَاهُ اللهُ مِنْ هَذَا الْمَالِ شَيْئًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ، فَلْيَقْبَلْهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: صحيح لغيره ورجاله ثقات .

 

- وفي رواية عن عبد الله بن عمرو قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يُعْطِي عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عنْه العَطَاءَ، فيَقولُ له عُمَرُ: أَعْطِهِ، يا رَسولَ اللهِ، أَفْقَرَ إلَيْهِ مِنِّي، فَقالَ له رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، أَوْ تَصَدَّقْ به، وَما جَاءَكَ مِن هذا المَالِ وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ، وَما لَا، فلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ. قالَ سَالِمٌ: فَمِنْ أَجْلِ ذلكَ كانَ ابنُ عُمَرَ لا يَسْأَلُ أَحَدًا شيئًا وَلَا يَرُدُّ شيئًا أُعْطِيَهُ) صحيح مسلم .

 

- وفي رواية بلفظ عن عمر بن الخطاب قال: (كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْطِينِي العَطَاءَ، فأقُولُ: أَعْطِهِ مَن هو أَفْقَرُ إلَيْهِ مِنِّي، فَقالَ: خُذْهُ؛ إذَا جَاءَكَ مِن هذا المَالِ شَيءٌ وأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ ولَا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وما لا فلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ) صحيح البخاري.

 

#- من معاني الحديث:

أ- قوله (إذا جاءك هذا المال): أي كهدية أو هبة أو كعطاء على يد غيرك من الناس  ..

ب- قوله (فَتَمَوَّلْهُ): أي اجعله من جملة مالك وتصرف فيه كأنه مالك..

ج- قوله (غير مشرف): أي غير متطلعا لهذا المال وذلك بذهابك طامعا في أخذ مال من أحد إلحاحا عليه ليعطيه لك جشعا منك وحبا في المال .. ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ هَذَا المَالَ خَضِرٌ حُلْوٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَكَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ) صحيح البخاري..، وسخاوة النفس قد تكون إشارة للمبذول له المال فيكون بمعنى عزيز النفس وهو لم يكن طامعا فيه أو ملحا إلحاحا الجشع في أخذ المال لحبه فيه ..، وقد تكون إشارة من الفاعل بالعطاء كنوع من المحبة والتكريم منه لغيره عن طيب نفس من المعطي .. ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (فَمَنْ أَعْطَيْتُهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَعْطَيْتُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَشَرَهٍ، كَانَ كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ) صحيح مسلم.

 

د- قوله (ولا سائل): أي لم تمد يدك تطلبه.

 

#- والقصد في قوله (غير مسألة ولا إشراف) : هو أنه لو جالك كده عطاء من المال من باب الله من غير إلحاح منك على أحد ولا طمعا فيه من يد أحد .. فخذه وأقبله لأنه عطاء ورزق من الله أرسله إليك .

هـ- قوله (فخذه) : أي فاقبله .

و- قوله (وما - لا) : أي وما لا يأتيك بلا طلب منك ولا رغبة منك في عطية تتطلع إليها من شخص آخر .

ل- قوله (فلا تتبعه نفسك): لا تجعل نفسك تابعة له أي حريصة في أن تحصل عليه .. أي أن المال الذي لا يأتيك فلا تجعل نفسك طامعة فيه ولا حريصة بأن يكون لها نصيبا منه ..

 

- وفي رواية عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّعْدِيِّ قال:(أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي خِلافَتِهِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَلَمْ أُحَدَّثْ أَنَّكَ تَلِي مِنْ أَعْمَالِ النَّاسِ أَعْمَالًا، فَإِذَا أُعْطِيتَ الْعُمَالَةَ كَرِهْتَهَا؟ قَالَ: فَقُلْتُ: بَلَى، فَقَالَ عُمَرُ: فَمَا تُرِيدُ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: إِنَّ لِي أَفْرَاسًا وَأَعْبُدًا، وَأَنَا بِخَيْرٍ، وَأُرِيدُ أَنْ تَكُونَ عَمَالَتِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ عُمَرُ: فَلا تَفْعَلْ .. فَإِنِّي قَدْ كُنْتُ أَرَدْتُ الَّذِي أَرَدْتَ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاءَ .. فَأَقُولُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا .. فَقُلْتُ: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي، قَالَ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ، وَتَصَدَّقْ بِهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لَا، فَلا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ") رواه أحمد والنسائي .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين .. وذكره الألباني في صحيح النسائي.

 

- وفي رواية لنفس القصة السابقة بلفظ: (أنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ أعطى ابنَ السَّعديِّ ألفَ دينارٍ فأبى أنْ يقبَلَها وقال: أنا عنها غنيٌّ فقال له عمرُ: إنِّي قائلٌ لك ما قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "إذا ساق اللهُ إليك رزقًا مِن غيرِ مسألةٍ ولا إشرافِ نفسٍ فخُذْه فإنَّ اللهَ أعطاكه") صحيح بن حبان .. وقال الأرنؤوط: صحيح على شرط مسلم.

 

#- من معاني القصة السابق ذكرها:

- قوله (أعطيت عُمَالَةً): بضمّ العين المهملة، وتخفيف الميم- اسم لأجرة العمل.

- قوله (إِنَّ لِي أَفْرَاسًا، وَأَعْبُدًا، وَأنَا بِخَيْرٍ): الأفراس جمع فرس، والأعبد جمع عبد.

- قوله (وَأُرِيدُ أَنْ يَكُونَ عَمَلِي صَدَقَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ): وهذا بيان سبب تركه لقبول العُمَالة ، وذلك كونه غير محتاج إليها، وإرادته التصدّق بها على المسلمين.

-  قوله (فخذه) : أي فاقبله .

- قوله (فَتَمَوَّلْهُ): أي اجعله من جملة مالك وتصرف فيه كأنه مالك .

- قوله (الله أعطاكه): أي الله أعطاه لك كرامة منه وفضلا .. وجعل الواسطة في ذلك مجرد إنسان يعطيه لك .

 

3- ومن نفحات الآخرة .. جاء في الحديث عند قبض روح المؤمن أنه يصدر منها نفحة مسك .. (يَجيءُ ملَكُ المَوتِ عليه السَّلامُ، حتى يَجلِسَ عندَ رأسِه، فيَقولُ: أيَّتُها النَّفْسُ الطَّيِّبةُ، اخْرُجي إلى مَغفرةٍ مِن اللهِ ورِضوانٍ، قال: فتَخرُجُ تَسيلُ كما تَسيلُ القَطرةُ مِن فِي السِّقاءِ، فيَأخُذُها، فإذا أخَذَها لم يَدَعوها في يدِه طَرفةَ عَينٍ حتى يَأخُذوها، فيَجعَلوها في ذلك الكَفنِ، وفي ذلك الحَنوطِ، ويَخرُجُ منها كأطيَبِ نَفحةِ مِسكٍ وُجِدَتْ على وَجهِ الأرضِ، قال: فيَصعَدونَ بها، فلا يَمُرُّونَ، يَعني بها، على مَلأٍ مِن الملائكةِ، إلَّا قالوا: ما هذا الرُّوحُ الطَّيِّبُ؟ فيَقولونَ: فُلانُ بنُ فُلانٍ ...) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح.

*********************
..:: س4: كيف نتعرض لنفحات رحمة الله ؟ ::..
 

- قد تسأل أخي الحبيب كيف نتعرض لنفحات رحمة الله .. ؟

- لا تنسى القواعد الإلهية أخي الحبيب .. في خصوصية الإحسان إليك .. حيث يقول تعالى (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) الرحمن60.

 

- يبقى علشان تستقبل .. لازم يبقى لك عمل مع الله وقلب حلو مع رب العالمين ..

 

- وسأعطيك ثلاثة جواهر هدية من النبي صلى الله عليه وسلم .. في كيفية التعرض لنفحات رحمة الله ..

 

- شوف بقى يا أخي الحبيب .. سيدنا النبي قال إيه ؟

 

1- الحديث الأول:

- قال صلى الله عليه وسلم : (يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، يقولُ: مَن يَدْعُونِي، فأسْتَجِيبَ له؟ مَن يَسْأَلُنِي فأُعْطِيَهُ؟ مَن يَستَغْفِرُني فأغْفِرَ له؟) صحيح البخاري.

- والمقصد من الحديث .. أن الله يتجلى كل ليلة على عبادة في وقت له خصوصية عناية وفضل .. لمن يطلب قضاء حاجة أو يطلب الغفران ..

- فهذا نفحة ربانية كريمة كل ليلة في وقت مخصوص .. وهو ثلث الليل الأخير ..

- ولمعرفة ثلث الليل .. اجمع الوقت ما بين المغرب إلى الفجر .. واقسمه على ثلاث .. فلو كان الوقت قدره تسعة ساعات مثلا .. فيكون الثلث الأخير من الليل هو آخر ثلاث ساعات قبل أذان الفجر .. وهكذا ..

 

2- الحديث الثاني:

-  قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن نَفَّسَ عن مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِن كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرَبِ يَومِ القِيَامَةِ ..

- وَمَن يَسَّرَ علَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللَّهُ عليه في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ..

- وَمَن سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللَّهُ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ..

- وَاللَّهُ في عَوْنِ العَبْدِ ما كانَ العَبْدُ في عَوْنِ أَخِيهِ ..

- وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ ..

- وَما اجْتَمع قَوْمٌ في بَيْتٍ مِن بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عليهمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ المَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللَّهُ فِيمَن عِنْدَهُ) صحيح مسلم.

- قوله (نفَّس عن مؤمن): أي رفع عنه كرب أو مشقة أو حزن أو بلوى أو مصيبة ..

 

3- الحديث الثالث :

- عن عبد الله بن عمر قال: (قِيلَ: يا رسولَ اللَّهِ ..

- مَن أحبُّ النَّاسِ إلى اللَّهِ؟ قال: أحبُّ النَّاسِ إلى اللَّهِ تعالى أنفَعُهم للنَّاسِ ..

- وأحبُّ الأعمالِ إلى اللَّهِ عزَّ وجلَّ سُرورٌ تُدخِلُهُ على مُسلِمٍ، أو تَكشِفُ عنه كُربةً، أو تَقْضي عنه دَيْنًا، أو تطرُدُ عنه جوعًا ..

- ولَأَنْ أمشيَ مع أخٍ في حاجةٍ أحبُّ إليَّ مِن أنْ أعتكِفَ في هذا المسجِدِ -يَعْني مسجِدَ المدينةِ- شهرًا ..

- ومَن كَفَّ غضبَهُ ستَرَ اللَّهُ عَورتَهُ ..

- ومَن كظَمَ غَيظَهُ ولو شاء أنْ يُمضيَهُ أمضاهُ ملَأَ اللَّهُ قلبَهُ رجاءً يَومَ القيامةِ ..

- ومَن مشَى مع أخيهِ في حاجةٍ حتَّى تتهيَّأَ لهُ أثبَتَ اللَّهُ قدمَهُ يَومَ تزولُ الأقدامُ ..

- وإنَّ سُوءَ الخُلُقِ يُفسِدُ العملَ كما يُفسِدُ الخَلُّ العسلَ) رواه الطبراني ورواه الذهبي في سير أعلام النبلاء .. وقال الأرنؤوط في تخريج أعلام النبلاء: إسناده حسن ..، وذكر الألباني في الصحيحة.

 

- قوله (ومَن كَفَّ غضبَهُ ستَرَ اللَّهُ عَورتَهُ .. ): أي من منع غضبه عن فضيحة أحد من العباد قد عرفها عنه .. فإن الله يستره .. كما ستر على أخيه ..

 

- خلاصة ما سبق:

- لو أردت نفحات رحمة الله .. فاعمل مع الله بالإحسان حتى تنال من الله الإحسان بمزيد من الفضل والرضوان ..

 

- وكان هذا ختام الكلام على مصطلح النفحات .. والحمد لله رب العالمين .

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .