ج15: رسالة الإحسان حواطر قلبية - ما هي الرابطة الروحية عند أهل الله - هل الرابطة الروحية معناها كلما تعلقت بالشيخ كان وصولك لله أسرع - هل الشيخ يمدك بقلبه روحيا عن رابطة إيمانية - ما فائدة الرابطة الروحانية الكشفية بين الشيخ والمريد - لماذا من لا شيخ له فشيخه الشيطان - ماذا تفعل لو لم يكن لديك شيخ تثق به - هل هناك روابط روحية قلبية تكون بغير الأشخاص وبعضها البعض.

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الإحسان

مفاهيم وخواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية

 (الجزء الخامس عشر)

* فهرس:

:: مصطلح ( الرابطة الروحية ) – الجزء الثاني ::

:: الفصل الثاني :: عن رابطة أهل الله وعلاقة الشيخ بالمريد ::

1- س12: ما هي الرابطة الروحية عند أهل الله ؟

2- س13: هل الرابطة الروحية معناها كلما تعلقت بالشيخ كان وصولك لله أسرع ؟

 3- س14: هل الشيخ يمدك بقلبه روحيا عن رابطة إيمانية ؟

4- س15: ما فائدة الرابطة الروحانية الكشفية بين الشيخ والمريد ؟

5- س16: لماذا من لا شيخ له فشيخه الشيطان ؟

6- س17: ماذا تفعل لو لم يكن لديك شيخ تثق به ؟

7- س18: هل هناك روابط روحية قلبية تكون بغير الأشخاص وبعضها البعض ؟

**************************

******************

:: تابع مصطلح / (الرابطة الروحانية) ::

:: الفصل الثاني ::

:: عن رابطة أهل الله وعلاقة الشيخ بالمريد::

******************

 

..:: س12: ما هي الرابطة الروحية عند أهل الله ؟ ::..

 

- الرابطة الروحية عند أهل الله:

- محبة في الله محكومة بالأدب .. تربط بين طرفين (كالشيخ والمريد) أو مجموعة أطراف (المريدين لله) ..

- وما هو الأدب ؟

- الأدب هو إلتزام ..

- فحينما نقول (اللهم علمنا الأدب) = اللهم ألزمنا بطاعتك حتى تحجبنا بها عن معصيتك ..

- الأدب الشرعي = إلتزام بضوابط الفطرة السليمة .. المستمدة من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم ..

- والأدب الروحاني = إلتزام بعدم فعل المعصية فيما أعطاك الله من خاصية في نفسك  ..

 

- وأصل منشأ الرابطة الروحية عند أهل الله .. هي القلب .. ولذلك يسميها البعض الرابطة القلبية ..

 

- فإذا لم توجد رابطة قلبية عن محبة مع الشيخ .. فلن تظهر الرابطة الروحية معه .. (هذا على افتراض تفعيل هذه الخاصية الروحية مع المريد والشيخ ) .. لأنه ليس دائما يحدث ذلك .. وهذا ليس نقصا في المقام ولا في العلاقة الإيمانية .. لأنه كما قلنا هي خاصية نفسية يتم تفعيلها لبعض الناس لسبب وحكمة يعلمها الله ..   

 

**********************

 

..:: س13: هل الرابطة الروحية معناها كلما تعلقت بالشيخ كان وصولك لله أسرع ؟ ::..

(لو سمحت اقرأ بتركيز شديد هذه الجزئية)

 

- من المفاهيم الخاطئة التي يروج لها بعض من لا يتقي الله في دينه .. فيجعلون من المشايخ وسيلة وصلهم بالله .. دون أي اعتبار لعمل العبد مع الله كما طلب منه الله ورسوله ..!!

- فهل هذا كلام صحيح ؟!!

 

- طبعا كلام غير صحيح من حيث المعنى الذي يروجون له .. لأنهم يقصدون أن تظل خادما للشيخ حتى يفتح الله عليك لأنه بدون الشيخ فلا وصول لك إلى الله لأن هذا الشيخ صاحب مدد خاص .. وبدونه لا وصول لك لله ..!!

 

- وهذا المعنى الذي يروجون له تم تحريفه عن المفهوم الحق المنضبط مع الشرع .. كيف ذلك ؟

 

- الشيخ عند أهل الله هو وسيلة تربية وتهذيب .. لينقلك من حال غفلة إلى حال صحوة .. أي وسيلة ليكون عونا لك ليخرجك من ظلمة النفس الأمارة إلى نور النفس المطمئنة .. وكل ذلك بأسباب شرعية معلومة ومفهومة ومنقولة عن النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- وهذا كلام معلوم ومفهوم عن أن المشايخ دائما هم وسائل للإرشاد .. ويكفي قوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل43.

 

- ويوضح لك ذلك قوله تعالى: (كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) آل عمران79.

 

- وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: (لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا واحِدًا، خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ) صحيح البخاري.

- وقوله (خير لك) : أي خير لك من أن تتصدق بها .. او خير لك من أن تقتنيها .. والله أعلم .

- (حُمْرُ النَّعَمِ): أفخر أنواع الأبل عند العرب .. وهي كما نقول في زماننا من أفخر وسائل المواصلات من الماركات العالمية ذات الفئة العالية جدا ..

 

* خلاصة القول:

1- أن المؤمن ممكن يكون وسيلة من وسائل الله في هداية إنسان آخر .. وهذا في ذاته رابطة بين الشيخ والمريد .. ولكنها تسمى رابطة علمية أو رابطة إيمانية .. فإذا قدر الله وحدث كشف بين الطرفين .. يظهر ما يسمى برابطة روحية ..

 

2- وتفهم مما سبق .. أن الشيخ ليس هو من يوصلك لله .. لأنه لا مقدرة له على هداية من يحب .. وإلا كان فعلها النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك يقول تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) القصص56 .. ولذلك فإن الشيخ إنما هو وسيلة مساعدة لترتقي في علاقتك بالله من خلال علم صحيح وبيان حق وبرهان صادق .

 

3- فالمؤمن المريد الذي يريد الله بصدق توجه إليه وإخلاص مع الله وتوكل عليه ورضا به ويقين فيه وتوبة إليه .. هذا هو المريد الذي يكون محل عناية ورعاية من الله لأن قلبه يطلب الله دائما ..

 

4- فإذا كان حال المريد هو العمل مع الله .. فماذا يفعل الشيخ مع الشخص البليد الذي لا يريد العمل مع الله ومجاهدة نفسه طلبا لله ؟!! بكل تأكيد لن ينتفع من الشيخ بشيء .. ولن ينفعه الشيخ بشيء .. لأن هذا البليد ارتضى لنفسه الركون إلى نفسه ولم يرضى أن يعمل مع الله ويجاهد نفسه .. ولذلك يقول تعالى كإعلان للمؤمن وتنبيها له: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت69.

 

- يبقى كن مؤمنا مريدا لله بصدق توجه إليه .. وجاهد نفسك بمخالفتها عن فعل المعصية .. وتأديبها على فعل الطاعة .. حتى تجد مدد الله أي معونته موصولة بك ليثبتك على الهداية .. وكلما أحسنت بمزيد عمل عن المطلوب منك .. فإن الله مع المحسنين .

 

**************************

 

..:: س14: هل الشيخ يمدك بقلبه روحيا عن رابطة إيمانية ؟ ::..

(لو سمحت اقرأ بتركيز شديد هذه الجزئية)

 

- ستجد أخي الحبيب في بعض كلام أهل الله .. أن الرابطة الروحية هي مثل القلب الذي يجلس جنب قلب فيستمد منه .. والشيخ بدوره يكون موصول بقلب النبي صلى الله عليه وسلم .. وبالتالي فإن المريد يستمد من قلب شيخه الموصول .. فيوصله إلى الكمال الروحي بقدر ما ييسر له الله ذلك .. فما صحة هذا الكلام وكيف يكون ؟

- وتجد بعض الناقلين يزيد كلمة "الكشف" .. فينقل الجملة هكذا: (الرابطة الروحية الكشفية هي مثل القلب ......) ..!!!

 

- للجواب على ذلك .. عليك أن تعلم أمور:

1- هذه تسمى رابطة روحية إيمانية قلبية وليس كشفية .. لأنها عن إيمان بعقيدة تربط مجموعة بعضها .. وهذا الإيمان هو شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله .. ويترتب على هذا الإيمان أثر في القلب والنفس .. أما كونها قد يترتب عليها كشف روحاني أم لا .. فهذه مسألة أخرى ..

 

2- كل رابطة إيمانية ولها إمداد قلبي .. والإمداد القلبي يقصد به .. بقدر ما يحمل الشيخ في قلبه من الإخلاص والرضا واليقين والتوكل والمحبة وكل الصفات القلبية .. فهو يحاول معك أن يوصلك إليها .. وكأنه يمدك بها من خلال تعليمه ودعاءه وحبه ورجاءه من الله لك .. فالدعاء والرجاء من الله لك هي أمور قلبية روحية أنت لا تدركها .. وكأن قلبه يشحن قلبك بهذه المعاني التي ترتقي بك إلى مقامات الإيمان .. وهذا لا يكون إلا لمن صفا قلبه من التعصب الفكري والمذهبي والطائفي .. وثبت على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم وجمع بين المسلمين ولم يفرق بينهم .

 

3- الإمداد للمريد يأتي على قدر الإستعداد .. وعلى قدر الإستمداد .. فكلما كنت مستعدا في التسليم لله ورسوله .. كلما كان لك استمدادا أو إمداد من نور الله وبركات من رسوله من خلال رد سلامه عليك والدعاء لك ..

- فإذا تطهرت في قلبك بصدق التوجه لله وتوكلت عليه وأخلصت له .. سيسخر لك الأسباب التي تعينك وتقربك أكثر بمزيد عناية وتثبيت لك في طريق إيمانك بالله .

 

- ومن هذه المعونات .. أن ييسر لك شيخا يعينك على الثبات والإرتقاء في طريق الله ..

- وهنا نتكلم عن مريد صادق وشيخ مخلص ..!! ولكن أين المريد الصادق وأين الشيخ المخلص ؟!!

 

4- أما عن كون البعض قد يجد مددا في قلبه من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حينما يرد السلام على من يسلم عليه أو يصلي عليه .. فهذا لا يمكن أن ينكره أحد إلا لو كان مكذبا للنبي صلى الله عليه وسلم ..!!

- فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن أحدٍ يسلِّمُ عليَّ إلَّا ردَّ اللَّهُ عليَّ روحي حتَّى أردَّ علَيهِ السَّلامَ) صحيح أبي داود ..

- ويقول صلى الله عليه وسلم : (لا تَجعَلوا بُيوتَكم قُبورًا ، ولا تَجعَلوا قَبْري عيدًا ، وصلُّوا علَيَّ ؛ فإنَّ صلاتَكم تبلُغُني حيثُ كنتم) صحيح أبو داود .

 

- ويقول صلى الله عليه وسلم : (أكثِروا الصَّلاةَ عليَّ ، فإنَّ اللهَ وكَّلَ بي مَلَكًا عندَ قبري، فإذا صلَّى عليَّ رجلٌ مِن أُمَّتي قال لي ذلكَ الملَكُ : يا محمَّدُ إنَّ فلانَ ابنَ فلانٍ صلَّى عليكَ السَّاعةَ) أخرجه الديلمي في الفردوس – وقال الألباني عنه أنه حسن بشواهده .. وذكره في الصحيحة برقم1530 وفي صحيح الجامع برقم1207 ..

 

- فالمؤمن كلما صلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم .. فإن الله يصلي على المؤمن عشر مرات ببركة الصلاة الواحدة على النبي كما جاء في الأحاديث الصحيحة منها (مَن صَلَّى عَلَيَّ واحِدَةً صَلَّى اللَّهُ عليه عَشْرًا) صحيح مسلم ..

- وصلاة الله هي أن يخرج المؤمن من الظلمات إلى النور كما يقول تعالى (هو الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) الاحزاب43 ..

- وليس هذا فقط .. بل والنبي يسلم على المؤمن كدعاء له .. فتظهر من بركات هذا السلام على المؤمن ما لا يحيط به إنسان مهما بلغ من العلم .. لأن رد السلام هو بمحض فضل إلهي .. ولا راد لفضل الله ولا حد له .. ولذلك المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم تجدهم يشعرون وكأن أرواحهم تجالس روحه الشريفه فتزداد قلوبهم نورا .. فما بالك بمن حاله دوام الصلاة والسلام على النبي .. والنبي صلى الله عليه وسلم يدعو له ..؟!!

 

5- أما عن كون المريد يجد مددا في قلبه من شيخه حتى ولو جالسه فقط .. فهذا ليس بغريب ولا عجيب .. ولا ينكره إلا مناقض لنفسه أو جاهل في دينه .. ليه؟

- أما عن التناقض النفسي .. لأن الإنسان قد يرتاح لمجرد مجالسته لشخص ما ..!! فلماذا ينكر أن يكون لأهل الله راحة لمن يجالسهم وهم أهل سلام ..؟!!

 

- أما عن الجهل في الدين .. فلأن الصاحب (سواء معلم أو شيخ أو مرافق أو صديق) .. قد يكون صاحب صالح فيصيبك منه كرامة في دينك بأن يعينك عليه .. وقد يكون صاحب سوء فيصيبك منه إهانة في دينك بأن يعين نفسك على المعصية .. ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم (مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ والسَّوْءِ، كَحامِلِ المِسْكِ ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ: إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تَبْتاعَ منه، وإمَّا أنْ تَجِدَ منه رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ: إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبِيثَةً) صحيح البخاري.

 

- قوله (الجليس): من يذهب ليجلس بجوار شخص ما – صالح أو طالح ..!!

- قوله (الصالح): هو من يرشدك إلى الله حينما تجالسه ويقربك إليه بقول أو عمل ..

- قوله (يحذيك):  يعطيك ويمنحك منه بلا مقابل .

- قوله (تبتاع منه): أي تشتري منه .

- قوله (كير الحداد): المنفاخ الذي يستخدمه الحداد ليشعل به على النار ويخرج من وراء ذلك الهباب الأسود وشذرات النار التي تلسع ..

 

* ويرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن:

- الجليس الصالح .. إما أن يفيدك بنصيحة وحكمة وتوجيه وإرشاد .. أو تأخذ منه علما .. أو تجد منه سلوكا طيبا تقتدي به .

 

- أما الجليس السوء .. إما تقتدي بسلوكه السيء فتنحرف عن سواء السبيل فتكون كالذي احترق ستره وغطاه وأصبح مفضوح .. أو أن يغريك بالسيئة ويحرضك عليها ليحرك في نفسك الطبيعة الأمارة بالسوء ..

 

* مما سبق يتبين لك الآتي:

- أن هناك مريد مجاهد لنفسه وهناك شيخ مخلص يؤيده .. فلو اجتمع الأمرين .. حدثت رابطة إيمانية بينهما .. تظهر من هذه الرابطة إمدادات روحية وقلبية من وراء بركة دعاء الشيخ ورجاءه من الله لطالب الله بصدق التوجه إليه .. وليس من الضرورة حدوث كشف للدلالة على الرابطة .. لا .. لأن المهم أن يكون كلاهما صادق في التوجه إلى الله .. فإن أرادا إصلاحا يوفق الله بينهما ..

- والله أعلم .

 

*********************

 

..:: س15: ما فائدة الرابطة الروحانية الكشفية بين الشيخ والمريد ؟ ::..

 

- وقد تسأل أخي الحبيب فتقول .. أن الرابطة الروحية الإيمانية السابق ذكرها تكفي .. فما فائدة الرابطة الروحانية الكشفية .. التي قد تحدث بين الشيخ والمريد .. ؟

 

- الجواب:

- عن رأيي أجد هذه الفائدة في خاصيتين:

الأولى : ينبهك إلى تسلط نفسك الأمارة بالسوء .. فيرشدك من خلال الخاطر إلى أن ما تفعله في لحظة ما .. عليك أن تبتعد عنه ..!!

- ولكن هذا في حالة لو شعر الشيخ بذلك ..!! ومعنى أن الشيخ عرف .. فهذا ليمنع المريد من فعله الخطأ الذي سيفعله .. فيخاطر المريد بأن يبتعد .. فيكون هذا الفعل من باب الكرامة للشيخ ومن باب اللطف الخفي للمريد ..!! فانتبه ..

 

الثانية : وفي حال الخلوة أو العزلة فترات طويلة .. يكون الشيخ مراقبا لمريده بما لديه من قدرات روحانية .. فيمنع عنك أذي الجن والروحانيات المؤذية من أن يعترضوك روحانيا .. ليكمل المريد طريقه في الذكر مع الله دون ضرر روحاني .. وهذا المنع من الشيخ يكون حسب ما قدر الله للشيخ بأن يساعد المريد .. لأنه لا حول ولا قوة إلا بالله .

 

- ويكفي الدعاء من الشيخ بظهر الغيب .. إن لم يكن له كشف روحاني ..!!

- انتبه أخي الحبيب ..

- اعلم أن قلبك هو المؤثر في هذه الرابطة ..

- فلو قلبك غير معلق بالله .. فكيف سيمدك الله بمدد شيخك (دعاءه) .. الذي هو من مدد الله (بان يلهمه هذا الدعاء المقبول الذي يدعو به لك) ؟!! ..

- فمدد المشايخ من جند الله الخفي .. وما يعلم جند الله إلا الله .

 

* فهل تظن أن يمد الله قلبا منكرا أو جاحدا أو متوهما أو طامعا .. !! لا يمكن ..!!

 

* واعلم يا أخي الحبيب :

- أن من طلب الله بصدق توجه .. وجد الله بحق اليقين .. والعاقبة للمتقين .. ويكفيك قول النبي صلى الله عليه وسلم (الأعْمَالُ بالنِّيَّةِ، ولِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فمَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ فَهِجْرَتُهُ إلى اللَّهِ ورَسولِهِ، ومَن كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلى ما هَاجَرَ إلَيْهِ) صحيح البخاري ..

- وفي رواية بلفظ: (إنَّما الأعْمالُ بالنِّيّاتِ) صحيح البخاري.

 

- وليس المقصود هنا السعي والسفر لطلب الرزق أو العلم أو الزواج بامرأة يحبها .. لا .. وإنما الهجرة المذمومة هنا من وراء ما سبق ذكره .. هو ما يترتب عليه حال كفر بالله أو غفلة عنه وعصيان لله .. والله اعلم .

 

**********************

 

..:: س16: لماذا من لا شيخ له فشيخه الشيطان ؟ ::..

 

- ومما سبق أخي الحبيب قد تفهم لماذا نقول أن الذي لا شيخ له فشيخه الشيطان .. لأن الجاهل أو الغافل  يتلاعب به الشيطان .. لقلة علمه ومعرفته ..

 

 - بل من الخطأ أخي الحبيب:

- أن تصدق أنه يستطيع أحد أن يسير في طريق الإيمان لوحده .. إلا لو كان فقيها عالما بدينه ثابتا على الإخلاص مع الرضا ودون تعصب لتوجهات دينية تنتمي لطوائف معينة .. وإلا فالشيطان يؤثر فيه بقدر تعصبه ..!!

 

- لكن عوام الناس تختلط عليهم كثير من الأمور .. وقد يحدث لهم تلبيسا من الشيطان عليهم في عباداتهم .. فلا يستطيع أن يواجه حيل الشيطان لقلة العلم والمعرفة ..

 

* وأستطيع القول أن الخطورة للعوام تكمن في نوعين:

1- الذين تربوا على معلومات مغلوطة وخاطئة .. وبالتالي في سعيهم مع الله يحدث تضارب فكري بين الإيمان الذي سمعوه وبين الواقع الذي يعيشوه ..!!

- وهؤلاء علاجهم بتصحيح المعلومات شرعا وعقلا ..

 

2- هم الذين لديهم حساسية روحانية .. ويحدث لهم كشف روحاني أو يكون مصاب بأذى روحاني مصحوب بكشف تخيلي أو مرئي أو سمعي .. فحين يتجه إلى الله بالعبادة .. فهؤلاء أكثر الناس فريسة ليتلاعب الشيطان بهم .. لأن عالم الخيال مفتوح لديهم .. والشيطان يحتاج لخيال وعاطفة ليستطيع أن يتمكن من الشخص ويؤثر فيه روحانيا .. وهؤلاء الذين لديهم حساسية روحانية هم أكثر الناس حاجة لمرشد لهم وإلا سيتمكن العالم الروحاني منهم في التلاعب بخيالهم وإحباط عزائمهم .. لأنه لا قدرة لهم على التعامل مع هذا العالم لغموضه وعدم معرفتهم به .. فضلا عن نقص العزيمة المطلوبة منهم لمواجهة هذا العالم ..

 

* مما سبق يتبين لك:

- أن الشيخ أو المرشد ما هو إلا وسيلة تربية وإرشاد وتوجيه .. فقط .. ولا يستطيع أن يغير منك إيمانيا وسلوكيا إلا بمجرد إرشاده لك وتكون أنت مريدا لله بحق وبصدق توجه إلي الله .. ويكفيك قوله تعالى: (مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا) الكهف17.

 

***********************

 

..:: س17: ماذا تفعل لو لم يكن لديك شيخ تثق به ؟ ::..

 

- قد تكون في مكان لا تثق فيه بشيخ له علم بأمور التزكية أو الروحانية ليساعدك أو يرشدك ويوجهك لو أخطأت .. فماذا تفعل ؟

 

- الجواب ..

1- اجتهد في أن تلتزم بما أخبرك به القرآن .. وتتبع ما جاءك عن النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

2- ولكن في باطنك .. مع الإتباع السابق .. عليك أن تتحلى بصفتي الإخلاص والرضا في سلوكك (كعبادات ومعاملات) مع الله .. فتخلص لله في عملك طالبا رضاه وعفوه وغفرانه .. وترضى بما قسمه الله لك فيما جرت به المقادير عليك ..

 

- هاتين الصفتين على وجه الخصوص .. سند قوي لقلب المؤمن .. ومنهما يتولد التوكل واليقين تلقائيا .. وللمحافظة على الصفات الأربعة وترتقي فيهم .. فلابد من انكسار وافتقار بيد يدي الله يوميا بالتوبة وذكر الإستغفار ..

 

3- وأكثر من ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا جدا قدر استطاعتك .. ويكفيك أن تقول: (اللهم صل على سيدنا محمد) .. أو (اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم) ..

 

***********************

 

..:: س18: هل هناك روابط روحية قلبية تكون بغير الأشخاص وبعضها البعض ؟ ::..

 

- قد تظن أخي الحبيب أن الرابطة الروحية القلبية تكون بين أشخاص فقط .. لا .. وإن كان هذا هو أول ما يفهمه عقلك .. بسبب كثرة الفساد الفكري الذي تجده على النت .. من حيث توجيه الناس للمشايخ لبيان مدى قدراتهم الروحية وأنهم اصحاب ولاية وكرامة ..!!

 

- حتى ثبت في عقول البعض أن الرابطة الروحية هي فقط علاقة روحانية بين شيخ يفتح كشف على مريد ..!! وهذا كلام فاسد ومضلل للحقائق الدينية .. !!

 

- لأن الحقيقة خلاف ذلك .. فهناك روابط روحية قلبية متعددة في الحياة .. وهنا أقصد من الناحية الإيمانية في الدين الإسلامي ... وليس في العموم ..

 

- وهذه الروابط الروحية الأخرى عليك أن تعلمها بل وتؤمن بها وتعتقد فيها .. لأنها في الأساس هي عقيدتك .. وعليك أن تجتهد في المعاملة مع الله لتتذوق من الإحساس بهذه الروابط الروحية .. حتى تشعر وكأنك في حالة وصل بالله .. وتشعر بأنك في معية الله ؟!!

 

* انتبه: أكرر عليك حتى  لا تنسى أن كل رابطة روحية إيمانية تنشأ بسبب أن القلب متعلق بالله .. فلا تنسى ذلك .

 

- تعالى نتعرف على بعض الروابط الروحية التي تغنيك روحيا وعقليا ونفسيا وتزيدك إيمانا وترتقي بك .. ونتعرف على دليل كل رابطة .. والله الموفق إلى ذلك ..  

*************************
:: الفصل الثالث ::
:: روابط روحانية يغفل عنها المؤمن ::
******************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .