ج6: إشارات ولطائف ذوقية في القصة النبوية - بعض الإشارات واللطائف الإيمانية والشرعية في قصة الطفل البصير بالحق - ما هي قصة الطفل البصير بالحق - ما هي الروايات الصحيحة التي تؤكد قصة الطفل البصير بالحق - هل كانت الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة على قيد الحياة وضربوها وتحرشوا بها ورجموها .. حينما مروا بها أمام الأم وطفلها - لماذا تغايرت ألفاظ الروايات في فعل القوم مع الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة - هل كانت الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة في حال الموت وكانت من أهل الحبشة أو زنجية - ما الذي نفهمه من قصة البنت التي اتهموها بالزنا والسرقة.

 بسم الله الرحمن الرحيم

(إشارات ولطائف ذوقية في القصة النبوية)

(2)

(قصة الثلاثة الذين تكلموا في المهد)

(عن قدرة الله – كرامات الأولياء – إظهار الحق)
(الجزء السادس للقصة)

:: الفصل السادس :: القصة الثالثة - وهي قصة الطفل البصير بالحق ::

1- س38: ما هي قصة الطفل البصير بالحق ؟

2- س39: ما هي الروايات الصحيحة التي تؤكد قصة الطفل البصير بالحق ؟

3- س40: هل كانت الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة على قيد الحياة وضربوها وتحرشوا بها ورجموها .. حينما مروا بها أمام الأم وطفلها ؟

4- س41: لماذا تغايرت ألفاظ الروايات في فعل القوم مع الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة ؟

5- س42: هل كانت الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة في حال الموت وكانت من أهل الحبشة أو زنجية ؟

6- س43: ما الذي نفهمه من قصة البنت التي اتهموها بالزنا والسرقة ؟

*******************************
:: الفصل الخامس ::
(3)
:: قصة الطفل البصير بالحق ::
*********************************
..:: س38: ما هي قصة الطفل البصير بالحق ؟ ::..

 

- وجدنا سابقا أن الحديث النبوي قد حكى لنا عن قصة ثلاثة تكلموا في المهد .. منهم سيدنا عيسى عليه السلام .. ومنهم الطفل الذي نطق ببراءة جريج الراهب .. ومنهم طفل رضيع نطق بالحق في مشهدين مروا أمامه حين كانت أمه ترضعه .. وهو ما أسميه بقصة الطفل البصير بالحق ..

 

- ووصف "الطفل البصير بالحق" .. ليس وصف جاء ذكره في الحديث النبوي .. وإنما هو وصف وضعته لكم (خالد صاحب الرسالة) استبيانا من سياق القصة .. حيث أن الله أودع في قلبه بصيرة يدرك بها حقائق الأمور ..

 

- وقصة الطفل البصير بالحق .. كما جائت في ختام الحديث النبوي .. حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (وَبَيْنَا صَبِىٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ ^{(حسنة جميلة قوية تسر العين)} ،  وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ^{(الهيئة والملبس الحسن)} .

- فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ، اجْعَلْ ابْنِى مِثْلَ هَذَا. فَتَرَكَ الثَّدْىَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ .. "قَالَ ^{"أي أبو هريرة"}: فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِى ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ في فَمِهِ، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا".

- قَالَ: وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا .. وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ. وَهِىَ تَقُولُ: "حَسْبِىَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".

- فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهَا .. فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا .. فَقَالَ: اللَّهُمَّ، اجْعَلْنِى مِثْلَهَا ..

- فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ.

- فَقَالَتْ: حَلْقَى^ا ..!! مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهُ . فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ ..، وَمَرُّوا بِهَذِهِ الْأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ .. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهَا .. فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا.

- قَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا .. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَلَمْ تَزْنِ .. وَسَرَقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ .. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا) صحيح مسلم .

- ومعنى الكلام السابق:

- أنه كان يوجد امراة تحمل طفلا رضيعا بين يدها تجلس به على جانب الطريق .. ومر عليها موقفين أو مشهدين في هذا الطريق:

 

1- المشهد الأول: فمر بها رجلا له هيئة حسنة وملابس جميلة ويجلس على فرس من النوع الغالي ثمنه .. والذي يدل على أنه شخص يعيش في نعيم دنيوي ..

 

- فلما رأت الأم ذلك المشهد .. دعت الله أن يجعل ابنها مثل هذا الرجل صاحب هذه الهيئة التي تدل على النعيم الدنيوي ..

 

- ولكن لما سمع الطفل هذا الدعاء من الأم .. ترك ثديها .. ونظر لهذا الرجل .. وقال: اللهم لا تجعلني مثله ..!!

 

2- المشهد الثاني: مر بها جماعة يجرون فتاة سوداء من شعرها .. ويتهمونها بالزنا والسرقة ..!!

 

- فلما رأت الأم ذلك المشهد: دعت الله أن لا يجعل ابنها مثل هذه الفتاة ..!!

 

- فترك الطفل ثدي أمه ونظر لهذا المشهد .. وقال: اللهم اجعلني مثلها في الإيمان والتعلق بك وقت نزول البلاء ..

 

* وهنا تعجبت الأم من مخالفة الطفل لها .. وطلبت منه أن يبين ويشرح لها لماذا خالفها في دعوتيها في كلا الموقفين أو المشهدين اللذين مر بهما ..؟!!

 

1- فقال الطفل عن الرجل ذو الهيئة الحسنة .. أنه جبار من الجبابرة المفسدين في الأرض .. وعقيدته أنه كافر بالله .. كما في رواية البخاري .

 

2- وقال عن الفتاة التي تم اتهامها بالزنا والسرقة .. أنها مظلومة وبريئة .. ويرجو من الله أن يجعله مثل عفتها وطهارتها وسلامتها من المعاصي المنسوبة إليها وإيمانها وتعلقها بالله وقت نزول البلاء لأنها كلما عذبوها كلما كانت تقول (حسبي الله) ..، وفي رواية (حسبي الله ونعم الوكيل) ..!!

 

********************************

 

..:: س39: ما هي الروايات الصحيحة التي تؤكد قصة الطفل البصير بالحق ؟ ::..

 

1- جاء في رواية بلفظ: (وَبَيْنَا صَبِىٌّ يَرْضَعُ مِنْ أُمِّهِ، فَمَرَّ رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى دَابَّةٍ فَارِهَةٍ ^{(حسنة جميلة قوية تسر العين)} ،  وَشَارَةٍ حَسَنَةٍ^{(الهيئة والملبس الحسن)} .

- فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ، اجْعَلْ ابْنِى مِثْلَ هَذَا. فَتَرَكَ الثَّدْىَ وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ثَدْيِهِ فَجَعَلَ يَرْتَضِعُ .. "قَالَ ^{"أي أبو هريرة"}: فَكَأَنِّى أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَحْكِى ارْتِضَاعَهُ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ في فَمِهِ، فَجَعَلَ يَمُصُّهَا".

- قَالَ: وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا .. وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ. وَهِىَ تَقُولُ: "حَسْبِىَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ".

- فَقَالَتْ أُمُّهُ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهَا .. فَتَرَكَ الرَّضَاعَ وَنَظَرَ إِلَيْهَا .. فَقَالَ: اللَّهُمَّ، اجْعَلْنِى مِثْلَهَا ..

- فَهُنَاكَ تَرَاجَعَا الْحَدِيثَ.

- فَقَالَتْ: حَلْقَى^ا ..!! مَرَّ رَجُلٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ، فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهُ . فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ ..، وَمَرُّوا بِهَذِهِ الْأَمَةِ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا وَيَقُولُونَ: زَنَيْتِ، سَرَقْتِ .. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْ ابْنِى مِثْلَهَا .. فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا.

- قَالَ: إِنَّ ذَاكَ الرَّجُلَ كَانَ جَبَّارًا .. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِى مِثْلَهُ. وَإِنَّ هَذِهِ يَقُولُونَ لَهَا: زَنَيْتِ، وَلَمْ تَزْنِ .. وَسَرَقْتِ، وَلَمْ تَسْرِقْ .. فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا) صحيح مسلم .

 

- قوله (ومروا بجارية وهم يضربونها): دليل على ان هذه الجارية كانت على قيد الحياة ولم تمت حين مروا بها أمام الأم وطفلها ..

 

- قوله (دابة فارهة): حسنة جميلة قوية تسر العين .. دليل على غلو ثمنها لجمالها وقوتها ..

 

- قوله (شارة حسنة): أي حسن الهيئة والملبس.

 

- قوله (قال: فكأني أنظر إلى رسول الله ..): أي يقول أبي هريرة أن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يشرح كيف كان الصبي يرضع من أمه ..

- (قلت خالد صاحب الرسالة): وكأن جملة أبي هريرة .. تشعرني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرى المشهد في لحظتها .. وينقل ما يراه أمام عينه .. وليس مجرد قصة قد أخبره الوحي بها في وقت سابق ..!! والله أعلم .

 

- قوله (تراجعا الحديث): أي بعد الموقف الثاني .. أرادت الأم أن تستوضح من طفلها حقيقة مخالفته لما دعت به له .. وما الحكمة في مخالفته في دعائها ..؟!!

 

- قوله (حلقي^ا): هي كلمة تقال للأمر الذي يتم التعجب منه .. والبعض قال أنها كلمة في أصلها تحمل معنى الدعاء عند العرب ولكن أصبحت ككلمة تقال للإستغراب والتعجب عند موقف ما ..

 

- (قلت خالد صاحب الرسالة):

- (لو كلمة "حلقى^ا" موجهة من الأم لنفسها) .. كأنها تنكر دعائها لولدها .. وتقول للولد أسقط الله شعري إن لم تخبرني عن حكمة مخالفتك لي في دعائي لك .. أو بمعنى أصاب الله حلقي بألم إن لم تخبرني بحقيقة الأمر في مخالفتك لي في دعائي لك ..

 

- (لو كلمة "حلقى^ا" موجهة من الأم للطفل) .. فيكون المقصد هو أن تقول له استغرابا .. أصابك وجع في حلقك إن لم تخبرني بالأمر .. وكأنها تقول له باللغة العامية المصرية "جتك خيبة يا ولد .. قولي إيه الموضوع" .. وكما قلنا أنه ليس المقصود هو الدعاء وإنما كلمة تعجب تقال نتيجة الاستغراب والتعجب من الموقف ..

- والله أعلم بما حققته من "حلقى" ..

 

- قوله (حسبي الله ونعم الوكيل): أي أنت كافيني وقد اكتفيت بك وأنت وكيلي لأن يقيني بك .. فكيف أرجو غيرك وأنت القيوم المدبر لشئون الملك والملكوت ..؟!!

 

- قوله (اللهم اجعلني مثلها): أي مثلها في العفة من الزنا والطهارة من السرقة .. ومثلها في التعلق بك إيمانيا وقت نزول البلاء حتى أكون مستكفيا بك وفي قلبي مناجيا لك "حسبي الله ونعم الوكيل" ..

 

2- وفي رواية بلفظ: (وكانَتِ امْرَأةٌ تُرْضِعُ ابْنَاً لَهَا مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ فمَرَّ بِهَا رَجُلٌ رَاكِبٌ ذُو شَارَةٍ فقالَتِ اللَّهُمَّ اجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهُ .. فتَرَكَ ثَدْيَهَا وأقْبَلَ علَى الرَّاكِبِ فَقَالَ أللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ ثُمَّ أقْبَلَ على ثَدْيِهَا يَمَصُهُ .."قَالَ أبُو هُرَيْرَةَ كأنِّي أنْظُرُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَمَصُّ إصْبَعَهُ" ..

- ثُمَّ مُرَّ بأمَةٍ فقالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَ هذِهِ .. فتَرَكَ ثَدْيَهَا .. فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا .. فقالَتْ لِمَ ذَاكَ ؟

- فَقَالَ الرَّاكِبُ جَبَّارٌ مِنَ الجَبَابِرَةِ ..، وهذِهِ الأمَةُ يَقُولُونَ سَرَقْتِ زَنَيْتِ ولَمْ تَفْعَلْ) صحيح البخاري.

 

- قوله (ثمَّ مُر بِأمة): بِضَم الميم وتشديد الراء على بِنَاء الْمَجْهُول .. أي جاءت جماعة يمرون بجارية خادمة من العبيد .. حين كانت الأم وطفلها وهم جالسون على جانب الطريق ..  

 

3- وفي رواية بلفظ: (وبيْنَما امرأةٌ في حِجْرِها ابنٌ تُرضِعُه إذ مَرَّ بها راكبٌ فقالتِ: اللَّهمَّ اجعَلِ ابني مِثْلَ هذا الرَّاكبِ فترَك الصَّبيُّ ثَدْيَ أُمِّه ثمَّ أقبَل على الرَّاكبِ ينظُرُ إليه فقال: اللَّهمَّ لا تجعَلْني مِثْلَ هذا الرَّاكبِ ثمَّ مُرَّ بامرأةٍ تُرجَمُ فقالتِ المرأةُ: اللَّهمَّ لا تجعَلِ ابني مِثْلَ هذه الأَمَةِ .. فترَك الصَّبيُّ أمَّه ثمَّ أقبَل على الأَمَةِ ينظُرُ إليها فقال: اللَّهمَّ اجعَلْني مِثْلَ هذه الأَمَةِ .

- فقالتِ المرأةُ: يا بُنيَّ مَرَّ راكبٌ فقُلْتُ : اللَّهمَّ اجعَلِ ابني مِثْلَ هذا الرَّاكبِ فقُلْتَ : اللَّهمَّ لا تجعَلْني مِثْلَه ..

- ومُرَّ بهذه الأَمَةِ تُرجَمُ فقُلْتُ: اللَّهمَّ لا تجعَلِ ابني مِثْلَ هذه الأَمَةِ فقُلْتَ : اللَّهمَّ اجعَلْني مِثْلَها ..

- قال: يا أمَّاه إنَّ الرَّاكبَ جبَّارٌ مِن الجَبابرةِ ..

- وإنَّ هذه الأَمَةَ يقولونَ: سرَقَتْ ولَمْ تسرِقْ ويقولونَ: زَنَتْ ولَمْ تَزْنِ وهي تقولُ : حَسْبي اللهُ) صحيح بن حبان.

 

- قوله (ومُرَّ بهذه الأَمَةِ تُرجَمُ): أي مرت جماعة بهذه الأمة التي من العبيد وحالهم أنهم كانوا يرجمونها بالطوب والحجارة وما شابه ذلك .. وهذا دليل على انها كانت لازالت حية حينما مروا بالأمة أمام الأم وطفلها ..

 
*************************
 
..:: س40: هل كانت الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة على قيد الحياة وضربوها وتحرشوا بها ورجموها .. حينما مروا بها أمام الأم وطفلها ؟ ::..

 

- كل روايات الأحاديث الصحيحة تدل على أن الجارية الخادمة من العبيد كانت على قيد الحياة وقتما مروا بها أمام الأم وطفلها .. ودليل ذلك ألفاظ الروايات حيث جاءت (يضربونها – تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا – تُرجَمُ) وهذه الألفاظ لا تقال لإنسان ميت ..!! وإليك دليل ما ذكرته لك ..

 

1- في رواية بلفظ: (وَمَرُّوا بِجَارِيَةٍ وَهُمْ يَضْرِبُونَهَا) صحيح مسلم.

 

2- وفي رواية يسميها شراح الاحاديث "برواية الأعرج – وهو أحد الرواة من سند آخر للقصة" جاءت بلفظ: (وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ وَيُلْعَبُ بِهَا فَقَالَتِ اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلِ ابْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِى مِثْلَهَا. فَقَالَ أَمَّا الرَّاكِبُ فَإِنَّهُ كَافِرٌ .. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ لَهَا تَزْنِى. وَتَقُولُ "حَسْبِى اللَّهُ" . وَيَقُولُونَ تَسْرِقُ. وَتَقُولُ "حَسْبِى اللَّهُ") صحيح البخاري.

 

- قوله (وَمُرَّ بِامْرَأَةٍ تُجَرَّرُ): دليل على الجذب بقوة وعنف حتى أنها لم تعد قادرة على الوقوف .. وكأنهم يمسكونها من شعرها ويديها ويسحبونها زحفا على الأرض .. والله أعلم .

 

- قوله (يلعب بها): دليل على مدى إهانتها والإستهزاء بها .. وقد يكون في لفظ "يلعب بها" دليلا على التحرش بها ..!! والله أعلم .

 

- قوله (حسبي الله) - (حسبي الله) : نجد أن الفتاة في هذه الرواية كانت ترد على كل اتهام فتقول (حسبي الله) .. وكأنها تقول لهم كفى بالله شهيدا بيني وبينكم .. وكفى برائتي عند ربي مما اتهمتوني به .. وقد اكتفيت بشهادة ربي .. وقد وكلته أمري ورضيت بما قسمه لي .. فافعلوا ما تفعلون ..!!

 

3- وفي رواية من طريق وهب بن جرير "أحد الرواة من سند آخر للقصة" جاء بلفظ : (ثُمَّ مُرَّ بِأَمَةٍ تُضْرَبُ، فَقَالَتْ: اللهُمَّ لَا تَجْعَلِ ابْنِي مِثْلَهَا .. قَالَ: فَتَرَكَ ثَدْيَهَا .. وَأَقْبَلَ عَلَى الْأَمَةِ فَقَالَ: اللهُمَّ اجْعَلْنِي مِثْلَهَا " ....) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين ..

 

- قوله (وَأَقْبَلَ عَلَى الْأَمَةِ): أي ترك ثدي أمه والتفت مقبلا بنظره في اتجاه هذه المرأة المتهمة بالزنا والسرقة ..

 

4- وفي رواية بلفظ: (ومُرَّ بهذه الأَمَةِ تُرجَمُ) صحيح بن حبان .

 
*****************************
 
..:: س41: لماذا تغايرت ألفاظ الروايات في فعل القوم مع الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة ؟ ::..
 

- التغاير في اللفظ لتغاير المشهد الفعلي لهذه الجماعة مع الفتاة  .. فكل رواية تكشف حال فعل للقوم مع الفتاة .. فتارة كانوا يضربونها .. ومرة كانوا يجرونها ويتحرشون بها .. حتى كانوا يرجمونها في نهاية الأمر ..

 

- ولم توضح هذه الروايات الصحيحة بعد كل ما حدث مع الفتاة من أفعال .. هل قتلت الفتاة أم لا .. !! ويغلب على الظن أنها ماتت ..!! وإن كان هذا لا يهم في شيء .. لأن في القصة أمامنا نموذج تم قهره ظلما وافتراء عليه بالباطل .. ولم يعد له سبب في الحياة من الممكن أن يخلصه مما أصابه ..!!

 

- والمغزى من القصة والمهم هو وضوح كيف يكون حال المؤمن مع الله حتى وإن كان قد فقد قانون الأسباب .. إلا أنه عليه ان لا يفقد التعلق بخالق الأسباب .. لأنه هنا في هذه اللحظات يظهر الإيمان ..

 

- ولذلك أظهرت القصة حال الفتاة المؤمنة بالله .. التي كانت مغلوبة على أمرها تماما .. بأن قلبها متعلقا بالله بالرغم من قهر الناس لها وهي لا حيلة لها ولا قوة .. مع عدم اهتزاز إيمانها بالله بالرغم من الذي كان يحدث فيها ومعها .. إلا انها كانت موقنة بأن الله مطلع وشاهد وقد جعلته وكيلها وكافيها .. وكأنها تقول له: يارب فوضت إليك الأمر فدبره كما تشاء فقد رضيت بما قسمته لي ..

- والله أعلم .

 
************************
 
..:: س42: هل كانت الفتاة المتهمة بالزنا والسرقة في حال الموت وكانت من أهل الحبشة أو زنجية ؟ ::..

 

- جاء في أحد روايات الأحاديث .. أن الفتاة المتمهة بالزنا والسرقة كانت ميته حينما مروا بها أمام الأم وطفلها ..!! ولكن هذه الرواية غير صحيحة ..

 

- فقد جاء في رواية للحديث تسمى في كتب شراح الأحاديث برواية خلَّاس " وهو أحد الرواة من سند آخر للقصة" : (بَيْنَمَا امْرَأَةٌ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ تُرْضِعُ ابْنًا لَهَا، إِذْ مَرَّ بِهَا فَارِسٌ مُتَكَبِّرٌ، عَلَيْهِ شَارَةٌ حَسَنَةٌ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: اللَّهُمَّ، لَا تُمِيتَنَّ ابْنِي هَذَا حَتَّى أَرَاهُ مِثْلَ هَذَا الْفَارِسِ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْفَرَسِ "، قَالَ: " فَتَرَكَ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَ هَذَا الْفَارِسِ "، قَالَ: " ثُمَّ عَادَ إِلَى الثَّدْيِ يَرْضَعُ، ثُمَّ مَرُّوا بِجِيفَةٍ حَبَشِيَّةٍ أَوْ زِنْجِيَّةٍ تُجَرُّ، فَقَالَتْ: أُعِيذُ ابْنِي بِاللَّهِ أَنْ يَمُوتَ مِيتَةَ هَذِهِ الْحَبَشِيَّةِ أَوِ الزِّنْجِيَّةِ، فَتَرَكَ الثَّدْيَ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ، أَمِتْنِي مِيتَةَ هَذِهِ الْحَبَشِيَّةِ أَوِ الزِّنْجِيَّةِ، فَقَالَتْ أُمُّهُ: يَا بُنَيَّ، سَأَلْتُ رَبَّكَ أَنْ يَجْعَلَكَ مِثْلَ ذَلِكَ الْفَارِسِ، فَقُلْتَ: اللَّهُمَّ، لَا تَجْعَلْنِي مِثْلَهُ، وَسَأَلْتُ رَبَّكَ أَلَّا يُمِيتَكَ مِيتَةَ هَذِهِ الْحَبَشِيَّةِ أَوِ الزِّنْجِيَّةِ، فَسَأَلْتَ رَبَّكَ أَنْ يُمِيتَكَ مِيتَتَهَا "، قَالَ: " فَقَالَ الصَّبِيُّ: إِنَّكِ دَعَوْتِ رَبَّكِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِثْلَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الْحَبَشِيَّةَ أَوِ الزِّنْجِيَّةَ كَانَ أَهْلُهَا يَسُبُّونَهَا، وَيَضْرِبُونَهَا، وَيَظْلِمُونَهَا، فَتَقُولُ: حَسْبِيَ اللَّهُ حَسْبِيَ اللَّهُ) رواه أحمد .. قال الأرنؤوط:  إسناده منقطع .. خلاس لم يسمع من أبي هريرة وقد سلف بسند صحيح بسياقة أخرى، لم يذكر فيه أن الأمَة كانت ميتةً ..!!

 

- قوله (جيفة حبشية): أي يجرون جثة جارية من أهل الحبشة أو من الزنوج تم قتلها ..

 

- (قلت خالد صاحب الرسالة): رواية الإمام أحمد السابقة هي رواية ضعيفة لا يعتمد عليها لزيادة فيها لم ترد في الروايات الصحيحة .. وهذه الزيادة هي أنها كانت ميته فعلا حينما مروا بجثتها أمام الأم وطفلها .. وهذا مخالف لكل الروايات الصحيحة التي جاء فيها أن هذه المرأة الأمة كانت حية حينما مروا من أمام الطفل وأمها ..!! 

 

- وعموما ضعف الرواية .. يجعلنا لا نجزم بأنهم قتلوها أم لا .. وهل هي حبشية أو زنجية أم لا .. والله أعلم في تلك الجزئيتين .. فضلا عن أن معرفتهما لا تفيد في شيء .. سواء معرفة موظنها أو كونها ماتت أم لا .. لأن هذا ليس الغرض من سياق القصة ..!!

 

- ولك أن تقول .. وقد روي في حديث ضعيف أن هذه الفتاة مروا بها ميته أمام الأم وطفلها (ولكن هذا غير صحيح لمخالفته الحديث الصحيح) .. وكانت من أهل الحبشة أو الزنوج .

- والله أعلم .

 
***********************
 
..:: س43: ما الذي نفهمه من قصة البنت التي اتهموها بالزنا والسرقة ؟ ::..

 

1- ليس كل ما تراه حقيقة .. فأبصر بعين قلبك قبل أن تبصر بعين وجهك .. أو انتبه لما حولك قبل أن تصدر حكمك .. فلعل الله يجعلك ترى ما لا تراه بعين غيرك ..!!

 

2- ليس بالضرورة أن ترى الله ينتصر لك في حياتك .. ولكن بالضرورة أن تؤمن بأن الله منتصر لك في الحياة (حتى وإن كنت مت – فإن الله سينتقم لك ممن ظلمك) .. وسينتصر لك يوم القيامة ..

 

3- لا تعتقد أن الله تركك وقت الإبتلاء .. لا .. وإنما ترك الإبتلاء ملازم لك ليكرمك به ويعلو من قدرك به ويكون لك وسيلة وسببا للكرامة عند الله .. لأنه أحبك فأرادك أن تأتيه طاهرا من كل عيب فسلط عليك الإبتلاء .. وتزيد من الله الرجاء ..

 
******************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .