بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
الحق والنور
في موجز علم تدوين الحديث الشريف
وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور
(الجزء العاشر)
*
فهرس::: الفصل التاسع :: تابع/ مراحل تدوين الحديث
الشريف والإعتناء به ::- ثانيا: المرحلة الثانية .. بعد وفاة النبي (زمن الصحابة) ..1- س34: هل تم
كتابة الحديث النبوي في زمن الصحابة – وما الدليل
على ذلك ؟ ***************************:: الفصل التاسع :::: تابع/ مراحل تدوين الحديث
النبوي والإعتناء به :::: ثانيا: المرحلة الثانية .. بعد وفاة النبي (زمن الصحابة) ::*********************** ..:: س34: هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن الصحابة – وما الدليل على ذلك ؟ ::..
- ثانيا: المرحلة الثانية .. بعد وفاة النبي (زمن الصحابة) ..
- هناك من كتب
الحديث النبوي كما هو معلوم في كتب أهل العلم من الروايات المختلفة والتي منها في
الصحيح .. أن بعض الصحابة قام بتدوين بعض حديث النبي صلى الله
عليه وسلم .. كعلي بن أبي طالب .. وأنس بن مالك .. وأبي هريرة .. وعبد الله بن
عمرو بن العاص .. وعبد الله بن عباس .. وعبد الله بن أبي أوفى .. وأبي بكر الصديق
.. والمغيرة بن شعبة .. وغيرهم ..
- ولكن هؤلاء الصحابة ما نقل عنهم إلا كتابة بعض الأحاديث ..
ولكن الشاهد هنا هو أن الحديث النبوي كان يتم كتابته وتداوله ولم يكن له ما يمنع
من كتابته .. وليس كما يكذب ضلالية الإنترنت .. بأن الحديث النبوي لم يتم كتابته
إلا بعد المائة سنة الأولى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. وليس كما يزعم
ويروج له ضلالية الإنترنت عن أن الحديث كان منهيا عن كتابته دائما كما سنتكلم عن
ذلك في بحث خاص إن شاء الله عن مسألة نهي النبي عن كتابة الحديث .. !!
- وعموما نجد أن بعد وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم .. قد عمد بعض الصحابة مبكرًا إلى تدوين الحديث
وجمعه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. مثل ابن عباس الذي كان
يدور على الصحابة ليسألهم ويتعلم منهم حيث كان صغيرا في العمر تقريبا ثلاثة عشر
عاما ..
- وأريدك أن تعلم شيء أخي الحبيب .. أني تركت كثير من
الروايات المكتوبة في كثير من الكتب .. ليس خوفا من الإطالة في الإستدلال .. لا ..
ولكن لأن تخريج هذه الروايات لا يصح أو روايات مبتورة السند أو مجرد حكايات لا
ترتقي لتكون حجة أو دليل أو قرينة لتثبت صحة هذه الروايات .. !!
- ولذلك اكتفيت بما اطمئن له قلبي وتحققت منه يقينا
بصحته وراجعت تخريجه بقدر استطاعتي من كتب أهل العلم .. بل وأثبت التخريج لبعض
المرويات التي يتم تداولها في كتب أهل العلم لتعرف انها مرويات ضعيفة ولا يصح
الإحتجاج بها كدليل كما فعلت في الأحاديث الضعيفة التى أثبتها لك في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم ..
- ومن فضلك أخي الحبيب .. عليك أن تتعلم بأن لا
تقبل رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابي ولا تابعي .. إلا بعد أن
تعرف صحة أو ضعف هذا السند والمتن الخاص بهذا الحديث أو الأثر الذي قرأته أو سمعته
.. وذلك حتى يطمئن قلبك من صدق ما جاءك من العلم ..
- وإليك بعض
الأدلة في كتابة الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الصحابة رضوان
الله عليهم:
1-
أبو بكر يكتب الحديث النبوي .. فعن أنس بن مالك قال: (أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنه كَتَبَ له هذا الكِتَابَ لَمَّا وجَّهَهُ إلى
البَحْرَيْنِ: بسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ، هذِه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ
الَّتي فَرَضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المُسْلِمِينَ،
والَّتي أمَرَ اللهُ بهَا رَسولَهُ، فمَن سُئِلَها مِنَ المُسْلِمِينَ علَى
وجْهِها فَلْيُعْطِهَا، ومَن سُئِلَ فَوْقَهَا فلا يُعْطِ ....... إلى آخر الحديث) صحيح
البخاري.
-
وفي رواية بلفظ: (إنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ
رضيَ اللهُ عنه لَمَّا استُخلِفَ وجَّهَ أنسَ بنَ مالكٍ إلى البَحرَينِ، فكَتَبَ
له: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ .......) رواه البيهقي في السنن الكبرى
.. وقال الدارقطني: اسناده صحيح وكله ثقات .
- والشاهد من الحديث .. أن أبا بكر قد كتب من الحديث النبوي
لأنس بن مالك .. وكان في هذا الحديث إرشادات نبوية وأحكام .. وفي هذا دلالة على أن
الحديث النبوي كان يتم كتابته وتداوله في زمن خلافة أبو بكر الصديق ..
2-
عمر بن الخطاب يكتب الحديث .. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ،
قَالَ: (كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ
فَرْقَدٍ .. فَكَتَبَ
إِلَيْهِ عُمَرُ بِأَشْيَاءَ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا
مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا هَكَذَا " وَقَالَ
بِإِصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَ) رواه أحمد وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- قوله (لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا): هو خاص بالرجال حيث ممنوع عليهم لبس الحرير الكامل .. إنما هذا خاص
بالنساء فقط .. ولكن يستثنى للرجال ما فيه قدر ضئيل كما يوضحه هذا الحديث وهو بمقدار
أصبعين ..
-
قوله (إلا هكذا - قال بأصبعيه): أي لا يسمح بوجود الحرير إلا بقدر
أصبعي السبابة والوسطى .. أي لا مانع من وجود مثل خط من الحرير فيه ألوان أو تطريز
ويكون بعرض أصبعين في طول الثوب أو اللحاف أو غيره .. ولكن لا يكون كله من الحرير
.. وهذا خاص بالرجال .. ولكن النساء يجوز لهن لبس الحرير وهذا ما عليه جمهور
العلماء.
-
قوله (قال بأصبعيه): أي أشار بضم أصبعيه السبابة
والوسطى رافعا بهما ..
* والشاهد من
الحديث .. هو أن عمر بن الخطاب كان كتب حديث النبي صلى الله عليه
وسلم وأرسله إلى عتبة بن فرقد في أذربيجان .. وكان بإمكانه أن يبلغ الرسالة مشافهة
مع من يثق به .. ولكنه كتبها .. وفي ذلك دلالة على أن الصحابة كانوا يكتبون الحديث
النبوي في مراسلاتهم ويحجتون به كحكم شرعي واجب العمل به وفرض من الله .. وإلا فما
فائدة أن يذكر عمر بن الخطاب حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!.
3-
أبي هريرة يكتب الحديث .. عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (حَدَّثْتُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ بِحَدِيثٍ فَأَنْكَرَهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْكَ،
قَالَ: «إِنْ كُنْتَ سَمِعْتَهُ مِنِّي، فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ عِنْدِي» ، فَأَخَذَ
بِيَدِي إِلَى بَيْتِهِ، فَأَرَانِي كِتَابًا مِنْ كُتُبِهِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَقَالَ:
قَدْ أَخْبَرْتُكَ إِنِّي إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُكَ بِهِ فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدِي) رواه الحاكم: وقال الذهبي: منكر ولم يصح.
-
قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث وإن كان فيه بن لهيعه وقد ضعفه بعض
علماء الحديث .. ولكن روايته عن عبد الله بن وهب يعتبرها بعض العلماء كالدارقطني
مقبولة ومعتبرة .. وأعتقد أن هذه الرواية سبب نكارتها عند الإمام الذهبي لأن أبو
هريرة لم يكن يعرف الكتابة .. ولكن حكم الإمام الذهبي رحمه الله فيه نظر ..!! ليه ؟
-
لأن مفهوم الرواية أن أبا هريرة كان يستكتب له أي يقول ويملي الحديث ويجعل أحد يكتب له
الحديث في صحف كما سيأتيك عن صحيفة همام وبشير .. وبالتالي لا نكارة في المتن .. والله
أعلم .
-
وبالطبع لا يخفى على أحد أنه لو كان أبو هريرة قد استكتب شيئا لنفسه فهذا سيكون بعد انتقال
النبي صلى الله عليه وسلم لجوار ربه .. وذلك لأن أبا هريرة قد صرح بأن عبد الله بن
عمرو كان يكتب الحديث في زمن النبي وقد استأذن النبي وأذن له في ذلك .. ولكن هو لم
يكن يفعل ذلك إلا من خلال التحدث الشفهي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم.
4- أبو
هريرة يملي الحديث على التابعين .. ومنهم
صحيفة بشير بن نهيك التابعي (المتوفى:91هـ) .. وكتبها إملاءً عن أبو هريرة قبل 59 هجرية وهي سنة
وفاة أبو هريرة رضي الله عنه .. عن معاذ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ
(تابعي) ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ (هو لاحق بن حدير البصري "تابعي") ، عَنْ
بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ (تابعي) قَالَ: (كُنْتُ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ أَتَيْتُهُ بِكِتَابِي
فَقُلْتُ: هَذَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ) رواه الدارمي وبن عبد البر
القرطبي في جامع بيان العلم وفضله .. بسند صحيح كله ثقات.. وقال محقق سنن الدارمي
الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح..
- ملحوظة هامة : روى الترمذي في علله ..
أن البخاري قال أن بشير لم يسمع من أبي هريرة .. وهذا إما غلط من الترمذي أو تراجع
للبخاري عن رأيه قبل كتابة صحيحة .. لأن البخاري أثبت السماع لبشير عن أبي هريرة
في صحيحه كما هو شرطه بدليل ذكر الرواية عنهما في صحيحه .. بل ورواية عمران بن
حدير السابقة أثبت في الحجة في بيان هذا السماع ..
* انتبه أخي الحبيب .. حيث يوجد رواية بنفس
الحديث السابق عن السَّكَنُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ
حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ قَالَ: (كُنْتُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
فَكُنْتُ أَكْتُبُ بَعْضَ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ
جِئْتُ بِالْكُتُبِ، فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا سمعته منك؟ قال: نعم) رواه الحارث في مسنده .. وهذا اسناد ضعيف لضعف السكن بن نافع
..
- ولكن الرواية التي رواها الدارمي وبن عبد البر والتي تسبق
رواية الحارث هي رواية صحيحة .. فانتبه حتى لا يختلط عليك الأمر ولا يخدعك أحد من
جماعة الطاعنين في تدوين وكتابة الحديث النبوي ..!!
5- وكان مما أملاه أبو
هريرة .. هو صحيفة همام بن منبه التابعي (19هـ - 101هـ) .. وقد
تم كتابتها في عهد الصحابة بالتلقين من أبي هريرة رضي الله عنه .. وتسمى صحيفة
همام بن منبه .. وتضم صحيفة همام هذه (138) حديثًا .. وقد جمعها سماعا من شيخه أبي هريرة المتوفي سنة 59 هـ .. وقد وصلتنا كاملة وهي مطبوعة حاليا ويتم تداولها .. ولذلك لا
داعي لنقل كلام الحفاظ عنها في كتبهم ..
- وهذه الصحيفة وإن لم تكتب في عصر
النبي صلى الله
عليه وسلم إلا أنها كتبت في عصر الصحابة وقبل منتصف القرن الأول الهجري .. وتعتبر
هي الصحيفة الكاملة التي وصلت إلينا ..
6- صحف بن عباس .. عبد الله بن عباس يبحث عن الحديث ويقوم بكتابته.. في الحديث عن بن عباس رضي الله عنهما قال: (لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ:
هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ "، فَقَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ،
أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فِيهِمْ، قَالَ: «فَتَرَكْتُ ذَاكَ
وَأَقْبَلْتُ أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ
وَهُوَ قَائِلٌ (أي نائم) فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ يَسْفِي الرِّيحُ
عَلَيَّ مِنَ التُّرَابِ فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي» فَيَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِكَ؟ هَلَّا
أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟، فَأَقُولُ: «لَا، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ» ،
قَالَ: فَأَسْأَلُهُ عَنِ
الْحَدِيثِ، فَعَاشَ هَذَا الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ
اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلِي يَسْأَلُونِي، فَيَقُولُ: «هَذَا الْفَتَى كَانَ
أَعْقَلَ مِنِّي») رواه الحاكم .. وقال: هَذَا
حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ أَصْلٌ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ
وَتَوْقِيرِ الْمُحَدِّثِ .. وقال الذهبي: على شرط البخاري ..، وقال البوصيري في
الإتحاف وقد رواه عن أبو جعفر البغوي وحكم عليه بأن: إسناد رجاله ثقات .
-
وفي الحديث عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: (كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْتِي
أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيَقُولُ: مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ كَذَا
وَكَذَا؟ وَمَعَ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَلْوَاحٌ يَكْتُبُ مَا يَقُولُ) رواه الرُّوياني في مسنده.. بسند
صحيح.
-
وقد شهدت بهذا الصحابية الجليلة سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:
(رأيت عبد الله ابن عباس معه ألواح يكتب عليها عن أبي
رافع شيئًا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه بن سعد في الطبقات.
- وصحف ابن عباس ظلت معروفة
متداولة مدة طويلة من الزمن .. فقد ورثها ابنه عليٌّ .. وكان منها نسخة عند مولاه كُريب بن رشدين .. وأخذ منها العلماء في التفسير والحديث بما تم التعارف عليه أنه من مسموعات
ومرويات بن عباس رضي الله عنه..
7- وكان أنس من الصحابة الكاتبين للحديث
النبوي .. وقد
قابله عتبان بن مالك، وحكى لأنس بن مالك زيارة النبي صلى الله عليه وسلم له فكتب
انس بن مالك هذه الزيارة بتفاصيلها .. حيث حكى له عتبان ما حدث فقال: (أَصابَنِي في بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَبَعَثْتُ
إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أنِّي أُحِبُّ أنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ في مَنْزِلِي، فأتَّخِذَهُ مُصَلًّى،
قالَ: فأتَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ومَن شاءَ اللَّهُ مِن
أصْحابِهِ، فَدَخَلَ وهو يُصَلِّي في مَنْزِلِي وأَصْحابُهُ يَتَحَدَّثُونَ
بيْنَهُمْ، ثُمَّ أسْنَدُوا عُظْمَ ذلكَ وكُبْرَهُ إلى مالِكِ بنِ دُخْشُمٍ،
قالوا: ودُّوا أنَّه دَعا عليه فَهَلَكَ، ودُّوا أنَّه أصابَهُ شَرٌّ، فَقَضَى
رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الصَّلاةَ، وقالَ: أليسَ يَشْهَدُ أنْ
لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ؟ قالوا: إنَّه يقولُ ذلكَ، وما هو في قَلْبِهِ، قالَ: لا يَشْهَدُ أحَدٌ
أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أوْ
تَطْعَمَهُ. قالَ أنَسِ: فأعْجَبَنِي
هذا الحَدِيثَ، فَقُلتُ لاِبْنِي: اكْتُبْهُ فَكَتَبَهُ) صحيح مسلم.
- وفي لفظ رواية البخاري: (فقال قائل منهم: أين مالك بن
الدُخَيشن أو ابن الدُّخْشنِ ؟ فقال بعضهم: ذلك منافق، لا يحبُ الله ورسوله، فقال
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقل ذلك، ألا تَراه قد قال:
لا إله إلا الله، يريدُ بذلك وجه الله؟ " قال: الله ورسولهُ أعلمُ. قال:
فإنَّا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " فإنَّ الله حرَّم على النار من قال: لا إله إلا اللهُ يبتغى
بذلك وجه الله) صحيح البخاري.
- وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن الصحابة رضوان الله عليهم كان البعض منهم
يهتم بكتابة الحديث النبوي كما فعل أنس بن مالك .
-
من معاني الحديث السابق:
- قوله (أسْنَدُوا عُظْمَ ذلكَ وكُبْرَهُ): أي جعلوا
معظم حديثهم وغالبه عن مالك بن دخشم ..!!
- قوله (ودُّوا): أي تمنوا
أن يدعو عليه النبي فيهلك أو يصيبه شر لاعتقادهم أنه منافق لمجالسته للمنافقين.
- قولهم (إنَّه
يقولُ ذلكَ، وما هو في قَلْبِهِ): أي ينطق الشهادتين ولكن قلبه لا يقول بها
معتقدا فيها ..!!
- قوله (تطعمه): أي لا
تأكله النار بمعنى تحرقه .
-
قوله (لا
تقل ذلك، ألا تَراه قد قال: لا إله إلا الله، يريدُ بذلك وجه الله؟): فيه دليل وشهادة من النبي نفسه على أن مالك بن دخشم لم يكن منافقا ..
ولكن البعض ظن به ذلك لأنه كان يقف مع بعض المنافقين يحدثهم ولم يأتي مجلس النبي
هذا .. ولعل مالك بن دخشم فعل ذلك لحكمة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم .. وما يرشدك إلى برائته وعلم النبي بحاله هو أن النبي قد
أمره بهدم مسجد المنافقين مع صحابي آخر وهذا المسجد الذي كان يسمى بمسجد ضرار .. حيث
قد ذكر بن عبد البر نقلا عن "المغازي" لابن إسحاق: (أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
بَعَثَ مالكًا هذا، ومَعْنَ بن عَدِيٍّ، فحَرَّقا مسجد الضرار) ..!!
8-
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ (تابعي مقبول الحديث): (أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ كِتَابِ الْعِلْمِ، فَقَالَ: لَا
بَأْسَ بِذَلِكَ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين
الداراني: اسناده جيد.
-
أبو أمامة الباهلي هو صحابي جليل واسمه صُدَيّ بن عجلان بن وهب البَاهليّ .. ولد قبل الهجرة النبوية سنة 19 قبل الهجرة
.. وتوفى سنة 81 هجرية وقيل 86 هجرية .. والرواية التي معنا تدل على أن الصحابة
كانوا يثبتون العلم بالكتابة والتي منها بكل تأكيد الحديث النبوي لأن الصحابة
كانوا يلقنون الحديث النبوي وما جائهم من تفسير للقرآن ..
9-
عبد الله بن أبي أوفى يكتب الحديث .. فعن سالِمٌ
مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ - وكان كاتِبًا له- أنَّه قَرَأ كِتابًا كَتَبَه
عَبدُ
اللهِ بنُ أبي أوْفَى (وهو صحابي) إلى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ (تابعي) والذي كان
أميرًا لِلحَربِ على الخَوارِجِ والحَرُوريَّةِ في عَهدِ الخَليفةِ علِيِّ بنِ أبي
طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه - والحَرُوريَّةُ همْ فِئةٌ مِنَ الخَوارِجِ – وجاء في هذه
الرسالة أن عبد الله بن أبي أوفي قد أوصاه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث كتب
له من حديث النبي ما جاء فيه عن النبي أنه قال في أحدى غزواته: (أيُّها النَّاسُ، لا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا
اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ
الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ
الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنَا
عليهم) صحيح البخاري.
-
وهذا دليل على أن الصحابة كانوا يكتبون حديث النبي صلى الله عليه وسلم
في مراسلاتهم .. مما يشير إلى أن الحديث الشريف كان يتم تداوله مكتوبا عند بعض
الصحابة دون حرج في ذلك ..
10-
عبد الله بن مسعود كان يكتب أحيانا .. عَنْ مَعْنٍ قَالَ: (أَخْرَجَ إِلَيَّ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كِتَابًا وَحَلَفَ لِي: إِنَّهُ
خَطُّ أَبِيهِ بِيَدِهِ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال
محققه أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
- أخي الحبيب:
- بهذا يكون
ختام الأدلة على كتابة الحديث النبوي في زمن الصحابة رضوان الله عليهم .. علما بأن
زمن التابعين مرتبط بزمن الصحابة .. وبالتالي فالأدلة التي ستقال في زمن التابعين
أنهم كانوا يكتبون الحديث .. فإنما هي في الحقيقة أحاديث تم كتابتها في زمن
الصحابة وبإرشاد من الصحابة وعلى علم منهم بذلك .. ولكن الذي كان يكتب هو التابعي
وليس الصحابي بنفسه .. ولذلك تركت أدلة من كتب من التابعين في زمن التابعين إلا ما
كان من صحيفة همام بن منبه وصحيفة بشير بن نهيك لوجود دلالة ظاهرة منهما في إملاء
أبي هريرة عليهما الحديث .. فكأن أبي هريرة هو كاتبها في الأصل ولكن بالإملاء على
الآخرين ..
- وقبل
الإنتقال لزمن التابعين .. فأحب أن أذكر لك بعض الأحاديث الضعيفة أو
المشكوك في صحتها .. ولا يصح الاستدلال بها .. ذلك من باب أن تكون مُلما ومحيطا
بما يكتب في كتب أهل العلم ..
***************************** ..:: س35: هل يوجد أحاديث ضعيفة قيلت في زمن الصحابة للدلالة على
كتابة الحديث النبوي ؟ ::.. - كما سبق وذكرت لك أخي الحبيب .. أني قد تركت روايات كثيرة يذكرها البعض .. ولكن دون دليل على صحتها ..
فتركتها .. وما وجدت له أسانيد كاملة فقد حاولت تحقيقه .. وقد اقتصر الأمر عندي
على حديثين فقط .. وغالبا ما يحتج بها بعض أهل العلم .. 1-
ضعيف: أخرج البيهقي بسنده في المدخل عَنْ عُتْبَةَ بْنِ
أَبِي حَكِيمٍ عن هبيرة بن عبدالرحمن، عن أنس بن مالك، قال: (كان أنسٌ إذا حدَّث فكَثَرَ الناسُ عليه الحديثَ .. جاء بمجال
له فألقاها إليهم .. ثم قال: هذه أحاديثُ سمِعتُها وكتبْتُها عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم، ثم عرضتُها
عليه) رواه البيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى برقم (757).. وقال
السخاوي في فتح المغيث: اسناده ضعيف..، وقال الذهبي في ميزان الإعتدال أنه بعيد عن
الصحة..- قوله (المجال): صحف كان قد كتب فيها الأحاديث .. وهي مثل
المجلة المطبوعة في عصرنا .. 2-
ضعيف .. عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي
اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ ابْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْأَشَجِّ:
أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: (إِنَّهُ سَيَأْتِي نَاسٌ
يُجَادِلُونَكُمْ بِشُبُهَاتِ الْقُرْآنِ .. فَخُذُوهُمْ بِالسُّنَنِ، فَإِنَّ
أَصْحَابَ السُّنَنِ أَعْلَمُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ) رواه الدارمي في سننه .. وقال الشيخ حسين أسد الداراني محقق
سنن الدارامي: إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح وباقي رجاله ثقات.- قلت (خالد
صاحب الرسالة): هذا الحديث وإن كان ليس فيه دليل على الكتابة إلا أن فيه
احتجاج عمر بالسنن النبوية .. وهذا فيه قرينه للعمل بمن يعرف السنن سواء تلقاها
مشافهة أو كانت مدونة عنده في كتاب . 3-
ضعيف .. عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعد بن عبادة: (أنه وجد كتابا فى كتب آبائه: هذا ما رفع أو ذكر
عمرو بن حزم والمغيرة ابن شعبة قالا: بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
دخل رجلان يختصمان مع أحدهما شاهد له على حقه ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم
يمين صاحب الحق مع شاهده ، فاقتطع بذلك حقه) أخرجه البيهقى (10/171) من
طريق ابن لهيعة ونافع بن يزيد عن عمارة. وقال الألباني في الأرواء: ورجاله ثقات
لكنه منقطع. - وفي رواية عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَمْرِو بْنِ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ
عُبَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ: (أَنَّهُمْ وَجَدُوا فِي كُتُبِ أَوْ فِي
كِتَابِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ)
رواه أحمد وقال الأرنؤوط: حديث صحيح
لغيره، وإسناده ضعيف لاضطرابه.- قلت (خالد صاحب الرسالة): قول الشيخ الأرنؤوط: (صحيح
لغيره) يقصد به الجزء الخاص فقط من قوله (أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ
الشَّاهِدِ) .. ولكن هذا الجزء (وَجَدُوا
فِي كُتُبِ أَوْ فِي كِتَابِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ) .. فهو ضعيف .. فانتبه
لذلك ..!! - وفي رواية
عن رَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قال: (أَخْبَرَنِي
ابْنٌ لِسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ قَالَ: وَجْدنَا فِي كِتَاب سَعْدٍ أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ) رواه
الترمذي .. وابن سعد بن عبادة مجهول من هو ؟!! حيث لم يصرح ربيعة باسمه ..!! وهذه
الجهالة تضعف الحديث .. - وبهذا يكون ختام الكلام .. على زمن كتابة الحديث النبوي في عهد الصحابة وننتقل إلى زمن كتابة
الحديث في عهد التابعين ..
***************************** ..:: س35: هل تم كتابة الحديث النبوي في زمن التابعين بالتلقين من الصحابة - وما هي الأدلة على ذلك ؟ ::..
- ثانيا: المرحلة الثانية .. بعد وفاة النبي (زمن الصحابة) ..
- هناك من كتب
الحديث النبوي كما هو معلوم في كتب أهل العلم من الروايات المختلفة والتي منها في
الصحيح .. أن بعض الصحابة قام بتدوين بعض حديث النبي صلى الله
عليه وسلم .. كعلي بن أبي طالب .. وأنس بن مالك .. وأبي هريرة .. وعبد الله بن
عمرو بن العاص .. وعبد الله بن عباس .. وعبد الله بن أبي أوفى .. وأبي بكر الصديق
.. والمغيرة بن شعبة .. وغيرهم ..
- ولكن هؤلاء الصحابة ما نقل عنهم إلا كتابة بعض الأحاديث ..
ولكن الشاهد هنا هو أن الحديث النبوي كان يتم كتابته وتداوله ولم يكن له ما يمنع
من كتابته .. وليس كما يكذب ضلالية الإنترنت .. بأن الحديث النبوي لم يتم كتابته
إلا بعد المائة سنة الأولى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. وليس كما يزعم
ويروج له ضلالية الإنترنت عن أن الحديث كان منهيا عن كتابته دائما كما سنتكلم عن
ذلك في بحث خاص إن شاء الله عن مسألة نهي النبي عن كتابة الحديث .. !!
- وعموما نجد أن بعد وفاة النبي
صلى الله عليه وسلم .. قد عمد بعض الصحابة مبكرًا إلى تدوين الحديث
وجمعه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. مثل ابن عباس الذي كان
يدور على الصحابة ليسألهم ويتعلم منهم حيث كان صغيرا في العمر تقريبا ثلاثة عشر
عاما ..
- وأريدك أن تعلم شيء أخي الحبيب .. أني تركت كثير من
الروايات المكتوبة في كثير من الكتب .. ليس خوفا من الإطالة في الإستدلال .. لا ..
ولكن لأن تخريج هذه الروايات لا يصح أو روايات مبتورة السند أو مجرد حكايات لا
ترتقي لتكون حجة أو دليل أو قرينة لتثبت صحة هذه الروايات .. !!
- ولذلك اكتفيت بما اطمئن له قلبي وتحققت منه يقينا
بصحته وراجعت تخريجه بقدر استطاعتي من كتب أهل العلم .. بل وأثبت التخريج لبعض
المرويات التي يتم تداولها في كتب أهل العلم لتعرف انها مرويات ضعيفة ولا يصح
الإحتجاج بها كدليل كما فعلت في الأحاديث الضعيفة التى أثبتها لك في زمن النبي صلى
الله عليه وسلم ..
- ومن فضلك أخي الحبيب .. عليك أن تتعلم بأن لا
تقبل رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابي ولا تابعي .. إلا بعد أن
تعرف صحة أو ضعف هذا السند والمتن الخاص بهذا الحديث أو الأثر الذي قرأته أو سمعته
.. وذلك حتى يطمئن قلبك من صدق ما جاءك من العلم ..
- وإليك بعض
الأدلة في كتابة الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الصحابة رضوان
الله عليهم:
1-
أبو بكر يكتب الحديث النبوي .. فعن أنس بن مالك قال: (أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضيَ اللهُ عنه كَتَبَ له هذا الكِتَابَ لَمَّا وجَّهَهُ إلى
البَحْرَيْنِ: بسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحِيمِ، هذِه فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ
الَّتي فَرَضَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المُسْلِمِينَ،
والَّتي أمَرَ اللهُ بهَا رَسولَهُ، فمَن سُئِلَها مِنَ المُسْلِمِينَ علَى
وجْهِها فَلْيُعْطِهَا، ومَن سُئِلَ فَوْقَهَا فلا يُعْطِ ....... إلى آخر الحديث) صحيح
البخاري.
-
وفي رواية بلفظ: (إنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ
رضيَ اللهُ عنه لَمَّا استُخلِفَ وجَّهَ أنسَ بنَ مالكٍ إلى البَحرَينِ، فكَتَبَ
له: بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ .......) رواه البيهقي في السنن الكبرى
.. وقال الدارقطني: اسناده صحيح وكله ثقات .
- والشاهد من الحديث .. أن أبا بكر قد كتب من الحديث النبوي
لأنس بن مالك .. وكان في هذا الحديث إرشادات نبوية وأحكام .. وفي هذا دلالة على أن
الحديث النبوي كان يتم كتابته وتداوله في زمن خلافة أبو بكر الصديق ..
2-
عمر بن الخطاب يكتب الحديث .. عَنْ أَبِي عُثْمَانَ،
قَالَ: (كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ
فَرْقَدٍ .. فَكَتَبَ
إِلَيْهِ عُمَرُ بِأَشْيَاءَ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا
مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا هَكَذَا " وَقَالَ
بِإِصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَ) رواه أحمد وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
- قوله (لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا): هو خاص بالرجال حيث ممنوع عليهم لبس الحرير الكامل .. إنما هذا خاص بالنساء فقط .. ولكن يستثنى للرجال ما فيه قدر ضئيل كما يوضحه هذا الحديث وهو بمقدار أصبعين ..
-
قوله (إلا هكذا - قال بأصبعيه): أي لا يسمح بوجود الحرير إلا بقدر
أصبعي السبابة والوسطى .. أي لا مانع من وجود مثل خط من الحرير فيه ألوان أو تطريز
ويكون بعرض أصبعين في طول الثوب أو اللحاف أو غيره .. ولكن لا يكون كله من الحرير
.. وهذا خاص بالرجال .. ولكن النساء يجوز لهن لبس الحرير وهذا ما عليه جمهور
العلماء.
-
قوله (قال بأصبعيه): أي أشار بضم أصبعيه السبابة
والوسطى رافعا بهما ..
* والشاهد من
الحديث .. هو أن عمر بن الخطاب كان كتب حديث النبي صلى الله عليه
وسلم وأرسله إلى عتبة بن فرقد في أذربيجان .. وكان بإمكانه أن يبلغ الرسالة مشافهة
مع من يثق به .. ولكنه كتبها .. وفي ذلك دلالة على أن الصحابة كانوا يكتبون الحديث
النبوي في مراسلاتهم ويحجتون به كحكم شرعي واجب العمل به وفرض من الله .. وإلا فما
فائدة أن يذكر عمر بن الخطاب حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!.
3-
أبي هريرة يكتب الحديث .. عَنِ الْفَضْلِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: (حَدَّثْتُ عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ بِحَدِيثٍ فَأَنْكَرَهُ، فَقُلْتُ: إِنِّي قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْكَ،
قَالَ: «إِنْ كُنْتَ سَمِعْتَهُ مِنِّي، فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ عِنْدِي» ، فَأَخَذَ
بِيَدِي إِلَى بَيْتِهِ، فَأَرَانِي كِتَابًا مِنْ كُتُبِهِ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ ذَلِكَ الْحَدِيثَ فَقَالَ:
قَدْ أَخْبَرْتُكَ إِنِّي إِنْ كُنْتُ حَدَّثْتُكَ بِهِ فَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدِي) رواه الحاكم: وقال الذهبي: منكر ولم يصح.
- قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث وإن كان فيه بن لهيعه وقد ضعفه بعض علماء الحديث .. ولكن روايته عن عبد الله بن وهب يعتبرها بعض العلماء كالدارقطني مقبولة ومعتبرة .. وأعتقد أن هذه الرواية سبب نكارتها عند الإمام الذهبي لأن أبو هريرة لم يكن يعرف الكتابة .. ولكن حكم الإمام الذهبي رحمه الله فيه نظر ..!! ليه ؟
-
لأن مفهوم الرواية أن أبا هريرة كان يستكتب له أي يقول ويملي الحديث ويجعل أحد يكتب له
الحديث في صحف كما سيأتيك عن صحيفة همام وبشير .. وبالتالي لا نكارة في المتن .. والله
أعلم .
-
وبالطبع لا يخفى على أحد أنه لو كان أبو هريرة قد استكتب شيئا لنفسه فهذا سيكون بعد انتقال
النبي صلى الله عليه وسلم لجوار ربه .. وذلك لأن أبا هريرة قد صرح بأن عبد الله بن
عمرو كان يكتب الحديث في زمن النبي وقد استأذن النبي وأذن له في ذلك .. ولكن هو لم
يكن يفعل ذلك إلا من خلال التحدث الشفهي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم في زمن
النبي صلى الله عليه وسلم.
4- أبو
هريرة يملي الحديث على التابعين .. ومنهم
صحيفة بشير بن نهيك التابعي (المتوفى:91هـ) .. وكتبها إملاءً عن أبو هريرة قبل 59 هجرية وهي سنة
وفاة أبو هريرة رضي الله عنه .. عن معاذ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُدَيْرٍ
(تابعي) ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ (هو لاحق بن حدير البصري "تابعي") ، عَنْ
بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ (تابعي) قَالَ: (كُنْتُ أَكْتُبُ مَا أَسْمَعُ مِنْ
أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ أَتَيْتُهُ بِكِتَابِي
فَقُلْتُ: هَذَا سَمِعْتُهُ مِنْكَ؟ قَالَ: نَعَمْ) رواه الدارمي وبن عبد البر
القرطبي في جامع بيان العلم وفضله .. بسند صحيح كله ثقات.. وقال محقق سنن الدارمي
الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح..
- ملحوظة هامة : روى الترمذي في علله ..
أن البخاري قال أن بشير لم يسمع من أبي هريرة .. وهذا إما غلط من الترمذي أو تراجع
للبخاري عن رأيه قبل كتابة صحيحة .. لأن البخاري أثبت السماع لبشير عن أبي هريرة
في صحيحه كما هو شرطه بدليل ذكر الرواية عنهما في صحيحه .. بل ورواية عمران بن
حدير السابقة أثبت في الحجة في بيان هذا السماع ..
* انتبه أخي الحبيب .. حيث يوجد رواية بنفس
الحديث السابق عن السَّكَنُ بْنُ نَافِعٍ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ
حُدَيْرٍ، عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ، حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ قَالَ: (كُنْتُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:
فَكُنْتُ أَكْتُبُ بَعْضَ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أُفَارِقَهُ
جِئْتُ بِالْكُتُبِ، فَقَرَأْتُهَا عَلَيْهِ، فَقُلْتُ: هَذَا سمعته منك؟ قال: نعم) رواه الحارث في مسنده .. وهذا اسناد ضعيف لضعف السكن بن نافع
..
- ولكن الرواية التي رواها الدارمي وبن عبد البر والتي تسبق
رواية الحارث هي رواية صحيحة .. فانتبه حتى لا يختلط عليك الأمر ولا يخدعك أحد من
جماعة الطاعنين في تدوين وكتابة الحديث النبوي ..!!
- وهذه الصحيفة وإن لم تكتب في عصر
النبي صلى الله
عليه وسلم إلا أنها كتبت في عصر الصحابة وقبل منتصف القرن الأول الهجري .. وتعتبر
هي الصحيفة الكاملة التي وصلت إلينا ..
6- صحف بن عباس .. عبد الله بن عباس يبحث عن الحديث ويقوم بكتابته.. في الحديث عن بن عباس رضي الله عنهما قال: (لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ:
هَلُمَّ فَلْنَسْأَلْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِنَّهُمُ الْيَوْمَ كَثِيرٌ "، فَقَالَ: وَاعَجَبًا لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ،
أَتَرَى النَّاسَ يَفْتَقِرُونَ إِلَيْكَ وَفِي النَّاسِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ فِيهِمْ، قَالَ: «فَتَرَكْتُ ذَاكَ
وَأَقْبَلْتُ أَسْأَلُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُنِي الْحَدِيثُ عَنِ الرَّجُلِ فَآتِي بَابَهُ
وَهُوَ قَائِلٌ (أي نائم) فَأَتَوَسَّدُ رِدَائِي عَلَى بَابِهِ يَسْفِي الرِّيحُ
عَلَيَّ مِنَ التُّرَابِ فَيَخْرُجُ فَيَرَانِي» فَيَقُولُ: يَا ابْنَ عَمِّ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِكَ؟ هَلَّا
أَرْسَلْتَ إِلَيَّ فَآتِيَكَ؟، فَأَقُولُ: «لَا، أَنَا أَحَقُّ أَنْ آتِيَكَ» ،
قَالَ: فَأَسْأَلُهُ عَنِ
الْحَدِيثِ، فَعَاشَ هَذَا الرَّجُلُ الْأَنْصَارِيُّ حَتَّى رَآنِي وَقَدِ
اجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلِي يَسْأَلُونِي، فَيَقُولُ: «هَذَا الْفَتَى كَانَ
أَعْقَلَ مِنِّي») رواه الحاكم .. وقال: هَذَا
حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَهُوَ أَصْلٌ فِي طَلَبِ الْحَدِيثِ
وَتَوْقِيرِ الْمُحَدِّثِ .. وقال الذهبي: على شرط البخاري ..، وقال البوصيري في
الإتحاف وقد رواه عن أبو جعفر البغوي وحكم عليه بأن: إسناد رجاله ثقات .
-
وفي الحديث عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: (كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْتِي
أَبَا رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَيَقُولُ: مَا صَنَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ كَذَا
وَكَذَا؟ وَمَعَ ابْنِ
عَبَّاسٍ أَلْوَاحٌ يَكْتُبُ مَا يَقُولُ) رواه الرُّوياني في مسنده.. بسند
صحيح.
-
وقد شهدت بهذا الصحابية الجليلة سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت:
(رأيت عبد الله ابن عباس معه ألواح يكتب عليها عن أبي
رافع شيئًا من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه بن سعد في الطبقات.
- وصحف ابن عباس ظلت معروفة متداولة مدة طويلة من الزمن .. فقد ورثها ابنه عليٌّ .. وكان منها نسخة عند مولاه كُريب بن رشدين .. وأخذ منها العلماء في التفسير والحديث بما تم التعارف عليه أنه من مسموعات ومرويات بن عباس رضي الله عنه..
7- وكان أنس من الصحابة الكاتبين للحديث
النبوي .. وقد
قابله عتبان بن مالك، وحكى لأنس بن مالك زيارة النبي صلى الله عليه وسلم له فكتب
انس بن مالك هذه الزيارة بتفاصيلها .. حيث حكى له عتبان ما حدث فقال: (أَصابَنِي في بَصَرِي بَعْضُ الشَّيْءِ، فَبَعَثْتُ
إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أنِّي أُحِبُّ أنْ تَأْتِيَنِي فَتُصَلِّيَ في مَنْزِلِي، فأتَّخِذَهُ مُصَلًّى،
قالَ: فأتَى النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، ومَن شاءَ اللَّهُ مِن
أصْحابِهِ، فَدَخَلَ وهو يُصَلِّي في مَنْزِلِي وأَصْحابُهُ يَتَحَدَّثُونَ
بيْنَهُمْ، ثُمَّ أسْنَدُوا عُظْمَ ذلكَ وكُبْرَهُ إلى مالِكِ بنِ دُخْشُمٍ،
قالوا: ودُّوا أنَّه دَعا عليه فَهَلَكَ، ودُّوا أنَّه أصابَهُ شَرٌّ، فَقَضَى
رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ الصَّلاةَ، وقالَ: أليسَ يَشْهَدُ أنْ
لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ؟ قالوا: إنَّه يقولُ ذلكَ، وما هو في قَلْبِهِ، قالَ: لا يَشْهَدُ أحَدٌ
أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ، فَيَدْخُلَ النَّارَ، أوْ
تَطْعَمَهُ. قالَ أنَسِ: فأعْجَبَنِي
هذا الحَدِيثَ، فَقُلتُ لاِبْنِي: اكْتُبْهُ فَكَتَبَهُ) صحيح مسلم.
- وفي لفظ رواية البخاري: (فقال قائل منهم: أين مالك بن
الدُخَيشن أو ابن الدُّخْشنِ ؟ فقال بعضهم: ذلك منافق، لا يحبُ الله ورسوله، فقال
رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تقل ذلك، ألا تَراه قد قال:
لا إله إلا الله، يريدُ بذلك وجه الله؟ " قال: الله ورسولهُ أعلمُ. قال:
فإنَّا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين، قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: " فإنَّ الله حرَّم على النار من قال: لا إله إلا اللهُ يبتغى
بذلك وجه الله) صحيح البخاري.
- وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أن الصحابة رضوان الله عليهم كان البعض منهم
يهتم بكتابة الحديث النبوي كما فعل أنس بن مالك .
-
من معاني الحديث السابق:
- قوله (أسْنَدُوا عُظْمَ ذلكَ وكُبْرَهُ): أي جعلوا
معظم حديثهم وغالبه عن مالك بن دخشم ..!!
- قوله (ودُّوا): أي تمنوا
أن يدعو عليه النبي فيهلك أو يصيبه شر لاعتقادهم أنه منافق لمجالسته للمنافقين.
- قولهم (إنَّه
يقولُ ذلكَ، وما هو في قَلْبِهِ): أي ينطق الشهادتين ولكن قلبه لا يقول بها
معتقدا فيها ..!!
- قوله (تطعمه): أي لا
تأكله النار بمعنى تحرقه .
-
قوله (لا
تقل ذلك، ألا تَراه قد قال: لا إله إلا الله، يريدُ بذلك وجه الله؟): فيه دليل وشهادة من النبي نفسه على أن مالك بن دخشم لم يكن منافقا ..
ولكن البعض ظن به ذلك لأنه كان يقف مع بعض المنافقين يحدثهم ولم يأتي مجلس النبي
هذا .. ولعل مالك بن دخشم فعل ذلك لحكمة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم .. وما يرشدك إلى برائته وعلم النبي بحاله هو أن النبي قد
أمره بهدم مسجد المنافقين مع صحابي آخر وهذا المسجد الذي كان يسمى بمسجد ضرار .. حيث
قد ذكر بن عبد البر نقلا عن "المغازي" لابن إسحاق: (أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
بَعَثَ مالكًا هذا، ومَعْنَ بن عَدِيٍّ، فحَرَّقا مسجد الضرار) ..!!
8-
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ جَابِرٍ (تابعي مقبول الحديث): (أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا أُمَامَةَ
الْبَاهِلِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنْ كِتَابِ الْعِلْمِ، فَقَالَ: لَا
بَأْسَ بِذَلِكَ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين
الداراني: اسناده جيد.
-
أبو أمامة الباهلي هو صحابي جليل واسمه صُدَيّ بن عجلان بن وهب البَاهليّ .. ولد قبل الهجرة النبوية سنة 19 قبل الهجرة
.. وتوفى سنة 81 هجرية وقيل 86 هجرية .. والرواية التي معنا تدل على أن الصحابة
كانوا يثبتون العلم بالكتابة والتي منها بكل تأكيد الحديث النبوي لأن الصحابة
كانوا يلقنون الحديث النبوي وما جائهم من تفسير للقرآن ..
9-
عبد الله بن أبي أوفى يكتب الحديث .. فعن سالِمٌ
مَوْلَى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ - وكان كاتِبًا له- أنَّه قَرَأ كِتابًا كَتَبَه
عَبدُ
اللهِ بنُ أبي أوْفَى (وهو صحابي) إلى عُمَرَ بنِ عُبَيدِ اللهِ (تابعي) والذي كان
أميرًا لِلحَربِ على الخَوارِجِ والحَرُوريَّةِ في عَهدِ الخَليفةِ علِيِّ بنِ أبي
طالِبٍ رَضيَ اللهُ عنه - والحَرُوريَّةُ همْ فِئةٌ مِنَ الخَوارِجِ – وجاء في هذه
الرسالة أن عبد الله بن أبي أوفي قد أوصاه بكلام النبي صلى الله عليه وسلم حيث كتب
له من حديث النبي ما جاء فيه عن النبي أنه قال في أحدى غزواته: (أيُّها النَّاسُ، لا تَمَنَّوْا لِقَاءَ العَدُوِّ، وسَلُوا
اللَّهَ العَافِيَةَ، فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاصْبِرُوا، واعْلَمُوا أنَّ
الجَنَّةَ تَحْتَ ظِلَالِ السُّيُوفِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ مُنْزِلَ
الكِتَابِ، ومُجْرِيَ السَّحَابِ، وهَازِمَ الأحْزَابِ، اهْزِمْهُمْ وانْصُرْنَا
عليهم) صحيح البخاري.
- وهذا دليل على أن الصحابة كانوا يكتبون حديث النبي صلى الله عليه وسلم في مراسلاتهم .. مما يشير إلى أن الحديث الشريف كان يتم تداوله مكتوبا عند بعض الصحابة دون حرج في ذلك ..
10-
عبد الله بن مسعود كان يكتب أحيانا .. عَنْ مَعْنٍ قَالَ: (أَخْرَجَ إِلَيَّ عَبْدُ
الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ كِتَابًا وَحَلَفَ لِي: إِنَّهُ
خَطُّ أَبِيهِ بِيَدِهِ) رواه بن عبد البر في جامع العلم .. وقال
محققه أبو الأشبال الزهيري: إسناده صحيح.
- أخي الحبيب:
- بهذا يكون
ختام الأدلة على كتابة الحديث النبوي في زمن الصحابة رضوان الله عليهم .. علما بأن
زمن التابعين مرتبط بزمن الصحابة .. وبالتالي فالأدلة التي ستقال في زمن التابعين
أنهم كانوا يكتبون الحديث .. فإنما هي في الحقيقة أحاديث تم كتابتها في زمن
الصحابة وبإرشاد من الصحابة وعلى علم منهم بذلك .. ولكن الذي كان يكتب هو التابعي
وليس الصحابي بنفسه .. ولذلك تركت أدلة من كتب من التابعين في زمن التابعين إلا ما
كان من صحيفة همام بن منبه وصحيفة بشير بن نهيك لوجود دلالة ظاهرة منهما في إملاء
أبي هريرة عليهما الحديث .. فكأن أبي هريرة هو كاتبها في الأصل ولكن بالإملاء على
الآخرين ..
- وقبل
الإنتقال لزمن التابعين .. فأحب أن أذكر لك بعض الأحاديث الضعيفة أو
المشكوك في صحتها .. ولا يصح الاستدلال بها .. ذلك من باب أن تكون مُلما ومحيطا
بما يكتب في كتب أهل العلم ..
هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..
سبحان الله .. لربما هذا الجزء من اعجب واصعب مايكون في الرسالة لما يظهر فيه من تحقيق والذي يحتاج مجهود كبير في البحث والقراءة في كتب ومؤلفات كثيرة ..
ردحذفأعانك الله فيما تبقى ومأمول
وتمم لك رسالة الحق والنور بالقبول
ووجه ضاحك مسرور من الرسول
صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا
مدد يارب مدد
ردحذفجزاك الله عنا كل خير يا سيدي وجعلك الله نورا لنا وللأمه الإسلاميه وزادك الله من علمه وفضله وجعلك الله ناصرا للحق دائما أبدا.... اللهم آمين يارب العالمين
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد النبيّ الأميّ وعلى آله وسلم
الله يعينك يارب يارب يارب .. الله يعينك
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلي اله وسلم
السلام عليكم الاستاذ /خالد
ردحذفالحمد لله لقد اكرمنى الله بقراءة رساله الزوهريين والله يا استاذ خالد لو لم تكتب غيرها لكفت لقد احسست انى اتولدت من جديد واخيرا بفضل الله اقدر اقول فهمت اخيرا اخيرا اخيرا جزاك الله عنا كل خير وجعله فى ميزان حسناتك اضعاف مضاعفه شكرا حضرتك على هذا القدر من العلم وما زلت اقراء فى المدونه لم انتهى بعد منها ولكن نظرتى هذه المره اثناء القراءه مختلفه تماما
شكرا حضرتك
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
حذف- لماذا هذه الغيبة الطويلة أخي محمود .. لعل المانع كان خيرا ..
- نسعد بوجودك معنا ومشاركتك لنا ..
- ولك بمثل ما دعوت أضعافا من فضل الله الكريم ..
*****************************
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
اعانك الله و انار بصيرتك و جعل حبا للرسول ودفاعك عنه مددا ونورا فوق الارض وتحت الأرض ويوم العرض عليه
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد صلاة تنير بها قلب استاذي و تزيل بها همه وتفرج بها كربه و تقضي بها حوائجه وعلى آله وسلم
دخل رجلٌ غريبٌ على مجلس أحد الحكماء الأثرياء .. فجلس يستمع إلى الحكيم وهو يُعلّم تلامذته وجُلساءه ، ولا يبدو على الرجل الغريب ملامح طالب العلم، ولكنه بدا للوهلة الأولى كأنه *عزيزُ قومٍ أذلّتهُ الحياة!!*
ردحذفدخل وسلّم، وجلس حيث انتهى به المجلس، وأخذ يستمع للشيخ بأدبٍ وإنصات، وفي يده قارورةُ فيها ما يشبه الماء لا تفارقه.
قطع الشيخ العالمُ الحكيم حديثه، والتفت إلى الرجل الغريب، وتفرّس في وجهه،
ثم سأله: ألك حاجةٌ نقضيها لك؟! أم لك سؤال فنجيبك؟!
فقال الضيف الغريب: لا هذا ولا ذاك، وإنما أنا تاجر، سمعتُ عن *علمك وخُلُقك ومروءتك،* فجئتُ أبيعك هذه القارورةَ التي *أقسمتُ ألّا أبيعَها إلا لمن يقدّر قيمتها،* وأنت -دون ريبٍ- حقيقٌ بها وجدير...
قال الشيخ: ناولنيها، فناوله إياها، فأخذ الشيخ يتأملها ويحرك رأسه إعجاباً بها، ثم التفت إلى الضيف: فقال له: بكم تبيعها؟
قال: بمئة دينار، فرد عليه الشيخ: هذا قليل عليها، سأعطيك مئةً وخمسين!!
فقال الضيف: بل مئةٌ كاملةٌ لا تزيد ولا تنقص.
فقال الشيخ لابنه: ادخل عند أمك وأحضر منها مئةَ دينار..
وفعلاً استلم الضيف المبلغ، ومضى في حال سبيله حامداً شاكراً،
ثم انفضَّ المجلسُ وخرج الحاضرون، وجميعهم متعجبون من هذا الماء الذي اشتراه شيخُهم بمئة دينار!!!
دخل الشيخ إلى مخدعه للنوم، ولكنّ الفضول دعا ولده إلى فحص القارورة ومعرفةِ ما فيها، حتى تأكد -بما لا يترك للشك مجالاً- أنه ماءٌ عاديّ!!
فدخل إلى والده مسرعاً مندهشاً صارخاً: يا حكيم الحكماء، لقد خدعك الغريب، فوالله ما زاد على أن باعك ماءً عادياً بمئة دينار، ولا أدري أأعجبُ من دهائه وخبثه، أم من طيبتك وتسرعك؟؟!!
فابتسم الشيخ الحكيم ضاحكاً، وقال لولده:
يا بني، لقد نظرتَ ببصرك فرأيتَه ماءً عاديّاً،
*أما أنا، فقد نظرتُ ببصيرتي وخبرتي فرأيتُ الرجل جاء يحمل في القارورة ماءَ وجهه* الذي أبَتْ عليه عزَّةُ نفسه أن يُريقَه أمام الحاضرين بالتذلُّل والسؤال،
وكانت له حاجةٌ إلى مبلغٍ يقضي به حاجته لا يريد أكثر منه.
والحمد لله الذي وفقني لإجابته وفَهْم مراده وحِفْظِ ماء وجهه أمام الحاضرين.
ولو أقسمتُ ألفَ مرّةٍ أنّ ما دفعتُه له فيه لقليل، لما حَنَثْتُ في يميني.
*الحكمــــــه*
إن استطعتَ أن تفهم حاجةَ أخيك قبل أن يتكلم بها فافعل،
فذلك هو الأجملُ والأمثل...
تفقَّدْ على الدوام أهلك وجيرانك وأحبابك، فربما هم في حاجتك