ج3: رسالة الحق والنور - ما هو مقياس القبول والرفض لمتن الحديث الشريف عند عند مطابقته بنصوص القرآن - (وما هو مقياس الضبط عند النبي في التحقق من أحاديثه ؟) - هل هناك أقاويل تظهر التعصب في اثبات صحة المتن لأن الأسناد صحيح - لماذا يؤخد بالحديث الضعيف في الفضائل - لماذا يؤخد بالحديث الضعيف في الفضائل ولا يؤخذ به في الأحكام - ما معنى أن الأمة تلقت عموم الأحاديث الصحيحة بالقبول.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

ومناقشات حول أحاديث الآحاد ومفهوم الظن الراجح

(الجزء الثالث)

* فهرس:

:: تابع /الفصل الثاني :: عن مفاهيم عليك معرفتها عن سند ومتن الحديث::

1- س6: ما هو مقياس القبول والرفض لمتن الحديث الشريف عند عند مطابقته بنصوص القرآن ؟ (وما هو مقياس الضبط عند النبي في التحقق من أحاديثه ؟)

2- س7: هل هناك أقاويل تظهر التعصب في اثبات صحة المتن لأن الأسناد صحيح ؟

3- س8: لماذا يؤخد بالحديث الضعيف في الفضائل ؟

5- س9: لماذا يؤخد بالحديث الضعيف في الفضائل ولا يؤخذ به في الأحكام ؟

6- س10: ما معنى أن الأمة تلقت عموم الأحاديث الصحيحة بالقبول ؟

***************************

:: تابع/ الفصل الثاني ::

:: عن مفاهيم عليك معرفتها عن سند ومتن الحديث::

*********************************

..:: س6: ما هو مقياس القبول والرفض لمتن الحديث الشريف عند عند مطابقته بنصوص القرآن ؟ ::..

(وما هو مقياس الضبط عند النبي في التحقق من أحاديثه ؟)

- على افتراض ثبتت صحة سند الحديث وأن الرواة أهل ثقة في النقل .. ولكن لابد من صحة المتن أيضا وهو نص الحديث نفسه ..  والعلماء في الموافقة على هذا المتن لهم اعتبارات في قبوله أو رده .. نوجزها باختصار في ثلاث نقاط .. مع شيء من التوضيح ..

 

- فمتن الحديث من حيث مطابقته بنصوص القرآن .. ينقسم إلى ثلاثة أقسام .. إما موافق أو زائد أو معارض .. وإليك بيان ذلك:

- الأول: حديث موافق لما في القرآن .. والأخذ بهذا الحديث فرض .

 

- مثال ذلك:

- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ) المائدة90.

 

- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الْخَمْرُ حَرَامٌ .. وَالْمَيْسِرُ .. وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) رواه الدارقطني .. وقال الأرنؤوط: صحيح.

- قوله (الميسر): أي القمار ..

- والحديث نجده هنا مطابق لما في القرآن ..

 

- الثاني: وهناك حديث زائد على ما في القرآن فهو مضاف إلى ما في القرآن من تعليم حكمة النبي وتبيينه للناس فيما أنزله الله .. والأخذ بهذا الحديث  فرض .

 

- ومثال ذلك:

- يقول تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ  ....) النساء23.

 

- تفسير الآية من أيسر التفاسير:

- (الرَبِيبَةُ): ابْنَةُ الزَّوْجَةِ مِنْ زَوْجٍ آخَرَ.

- قوله (لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ): لاَ إِثْمَ عَلَيْكُمْ وَلاَ حَرَجَ.

- هَذِهِ الآيَةُ تَحْوِي تَحْرِيمَ المَحَارِمِ مِنَ النَّسَبِ وَمِنَ الرَّضَاعِ، وَالمَحَارِمِ بِالصِّهْرِ.

1- فَمِنَ النَّسَبِ: تَحْرُمُ: الأمُّ وَالجَدَّاتُ وَإنْ عَلَوْنَ، وَبَنَاتُ الأَصْلاَبِ، وَبَنَاتُ الأَوْلاَدِ وَإِنْ نَزَلْنَ، وَالأُخْتُ وَالعَمَّةُ وَالخَالَةُ، وَبَنَاتُ الأُخْتِ، وَبَنَاتُ الأَخِ وَإِنْ نَزَلْنَ.

2- وَمِنَ الرَّضَاعِ: تَحْرُمُ: الأمُّ وَالأُخْتُ مِنَ الرَّضَاعِ.

3- وَمِنَ الصِّهْرِ: تَحْرُمُ أمُّ الزَّوْجَةِ (وَتَحْرُمُ بِمُجَّرَدِ العَقْدِ عَلَى ابْنَتِهَا) ، وَبِنْتُ الزَّوْجَةِ (الرَّبِيبَةُ) المَدْخُولِ بِهَا، وَزَوْجَةُ الابْنِ، وَجَمْعُ أخْتِ الزَّوْجَةِ مَعَ الزَّوْجَةِ، إلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ مِنْ زَوَاجٍ قَبْلَ هَذا التَّحْرِيمِ، فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ. انتهى كلامه.

 

- ولكن في الحديث .. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ يُجْمَعُ بَيْنَ المَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلاَ بَيْنَ المَرْأَةِ وَخَالَتِهَا) صحيح البخاري.

 

- وهذا الحكم النبوي بتحريم الجمع بين الزوجة وعمة الزوجة أو خالتها .. ليس موجود في آية المحرمات من النساء بالمصاهرة .. فهذا حكم ليس مخالفا او معارضا لما في القرآن وإنما هو حكم زائد على ما ذكره القرآن .. وأراده الله من النبي أن يبلغه .

 

- ولعلك تسأل أخي الحبيب .. لماذا لم يضاف هذا الحكم في الآية في جملة المحرمات ؟

- قلت لك .. حتى يعلم كل إنسان مؤمن وينكشف أمامه .. من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه .. كما حدث في واقعة تحويل القبلة .. فانتبه لهذا الكلام فإنه نفيس ..

 

- والعمل بمثل هذا الحديث طالما صح سنده ومتنه .. فهو فرض يجب العمل به .. ومنكره جحودا هو منكر لبعض شريعة الله .. والذي يؤمن بالبعض ويكفر بالبعض .. فقد استخدم نفس طريقة منهجية اليهود واتبع أسلوبهم .. وبالتالي يكون عليه مثل عقابهم .. حيث قال تعالى: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة85.

 

* ملحوظة هامة: اخترت لك الآية السابقة في الاستدلال لأنها ستأتي معنا في هذه الرسالة حيث استباح بعض من ينتسبون لجماعة القرآنيين هذا الزواح المحرم ..

- ولكن في عموم الحديث النبوي يوجد هناك تفاصيل زائدة على ما في القرآن وقد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم مثل أن القرآن أمر بالصلاة ولكن تفاصيل الصلاة بأوقاتها وعددها وكيفية أدائها فهذا من كلام وفعل النبي صلى الله عليه وسلم .. وكذلك الله أمرنا بالزكاة في المال ولكن النبي صلى الله عليه وسلم حدد لنا مقدار زكاة المال بربع العشر .. وغير ذلك من تفاصيل شرعية لا سبيل لنا بمعرفتها في القرآن وإنما من خلال النبي صلى الله عليه وسلم .. وكل ذلك هو تفاصيل زائدة على ما في القرآن .

 

- الثالث: وحديث مخالف بمعنى مناقض ومعارض لما هو مثبت في القرآن .. فهو مردود وباطل. سواء كانت صحيح الإسناد أم ضعيف.

- ومثال ذلك: يقول تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ق38 ..، ثم فصل الله ذلك فقال عن خلق الأرض (قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ . ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ . فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا) فصلت9-12.

 

- وقوله (أربعة أيام): تشمل خلق الأرض في يومين وخلق ما فيها في يومين .. وتم أكتمال التكوين وتهيئة الأرض في أربعة أيام.

 

- ولكن قد جاء في رواية الحديث: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي فَقَالَ: خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ) رواه مسلم.

 

* قال الشيخ محمد بن موسى الإتيوبي الولوي رحمه الله (المتوفى:1442هـ):

- (اعلم): أنه قد تكلّم العلماء في هذا الحديث ..

 

- قال الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللهُ- في "تفسيره":

- وهذا الحديث من غرائب "صحيح مسلم"، وقد تكلم عليه عليّ ابن المدينيّ، والبخاريّ، وغير واحد من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب، وأن أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار، وإنما اشتبه على بعض الرواة، فجعلوه مرفوعاً، وقد حرّر ذلك البيهقيّ .

- وقال في موضع آخر: فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد في "مسنده"، ومسلم في "صحيحه"، والنسائيّ من غير وجه، وفيه استيعاب الأيام السبعة، والله تعالى قد قال: (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ق: 38 ..، ولهذا تكلم البخاريّ، وغير واحد من الحفاظ في هذا الحديث، وجعلوه من رواية أبي هريرة، عن كعب الأحبار، ليس مرفوعاً .. والله أعلم .

- وقال أيضاً: قد علَّله البخاريّ في "التاريخ"، فقال: رواه بعضهم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن كعب الأحبار، وهو الأصح. انتهى .

 

- وقال البيهقيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: قال عليّ ابن المديني: وما أرى إسماعيل بن أمية أخذ هذا إلا من إبراهيم بن أبي يحيى، قال البيهقيّ: وقد تابعه على ذلك موسى بن عُبيدة الرّبَذِيّ، عن أيوب بن خالد، إلا أن موسى بن عبيدة ضعيف، وروي عن بكر بن الشرود، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سُليم، عن أيوب بن خالد، وإسناده ضعيف، والله أعلم. انتهى.

 

- وعلّقه البخاريّ في "تاريخه" من طريق أيوب، وقال:

-  وقال بعضهم: عن أبي هريرة، عن كعب، وهو أصحّ. انتهى .

 

- وقال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رَحِمَهُ اللهُ- في "مجموع الفتاوى":

- وقد أخرج مسلم حديث أبي هريرة: "خلق الله التربة يوم السبت". قال: وهذا الحديث مخالف لِمَا تقدم، وهو أصح، ولكن هذا له نظائر .. روى مسلم أحاديث، قد عُرف أنها غلط .. مثل قول أبي سفيان لمّا أسلم: (أريد أن أزوجك أم حبيبة) ..، ولا خلاف بين الناس أنه تزوجها قبل إسلام أبي سفيان ..!! ولكن هذا قليل جداً، ومثل ما رُوي في بعض طرق حديث صلاة الكسوف أنه (صلاها بثلاث ركوعات وأربع) ..، والصواب أنه لم يصلّها إلا مرة واحدة بركوعين ..!! ولهذا لم يخرج البخاري إلا هذا ..، وكذلك الشافعيّ، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه، وغيرهما ..، والبخاريّ سَلِم من مثل هذا .. فإنه إذا وقع في بعض الروايات غلط ذَكر الروايات المحفوظة التي تبيّن غلط الغالط، فإنه كان أعرف بالحديث وعلله، وأفقه في معانيه من مسلم ونحوه. انتهى .

 

- وقال أيضاً فيما نقله عنه القاسميّ في "الفضل المبين":

- هذا الحديث طَعَن فيه من هو أعلم من مسلم، مثل يحيى بن معين، ومثل البخاريّ، وغيرهما، وذكر البخاريّ أن هذا من كلام كعب الأحبار، وطائفة اعتبرت صحّته، مثل أبي بكر بن الأنباريّ، وأبي الفرج بن الجوزيّ، وغيرهما، والبيهقيّ وغيره وافقوا الذين ضعّفوه، وهذا هو الصواب؛ لأنه قد ثبت بالتواتر أن الله خلق السماوات والأرض، وما بينهما في ستّة أيام، وثبت أن آخر الخلق كان يوم الجمعة، فيلزم أن يكون أوق الخلق يوم الأحد، وهكذا عند أهل الكتاب، وعلى ذلك تدلّ أسماء الايام، وهذا المنقول الثابت في آحاديث وآثار أُخر، ولو كان أول الخلق يوم السبت وآخره يوم الجمعة لكان قد خلق في الأيام السبعة، وهو خلاف ما أخبر به القرآن .. مع أن حذّاق علم الحديث يُبتّون علّة هذا الحديث من غير هذه الجهة، وأن راويه فلان غلط فيه، لأمور يذكرونها، وهذا الذي يسمّى معرفة علل الحديث، يكون الحديث إسناده في الظاهر جيّداً، ولكن عُرف من طريق آخر أن راويه غَلِطَ، فرفعه، وهو موقوف، أو أسنده، وهو مرسل، أو دخل عليه الحديث في حديث، وهذا فنّ شريف، وكان يحيى بن سعيد القطّان، ثم صاحبه عليّ ابن المدينيّ، ثم البخاريّ من أعلم الناس به، وكذلك الإمام أحمد، وأبو حاتم، وكذلك النسائيّ، والدارقطنيّ، وغيرهم، وفيه مصنّفات معروفة. انتهى .

 

- وقال المناويّ - رَحِمَهُ اللهُ-: قال الزركشيّ:

- أخرجه مسلم، وهو من غرائبه، وقد تكلم فيه ابن المدينيّ، والبخاريّ، وغيرهما، من الحفاظ، وجعلوه من كلام كعب الأحبار، وأن أبا هريرة إنما سمعه منه، لكن اشتبه على بعض الرواة، فجعله مرفوعاً، وقد حرّر ذلك البيهقيّ، ذكره ابن كثير في "تفسيره" .. وقال بعضهم: هذا الحديث في متنه غرابة شديدة، فمن ذلك أنه ليس فيه ذكر السماوات، وفيه ذِكر خلق الأرض، وما فيها في سبعة أيام، وهذا خلاف القرآن؛ لأن الأرض خُلقت في أربعة أيام، ثم خلقت السماوات في يومين. انتهى .

 

- ثم قال الشيخ (محمد الأتيوبي الولوي) تعقيبا على ما سبق ذكره:

- قال الجامع عفا الله عنه: قد تحرّر من كلام هؤلاء الأئمة - رحمهم الله تعالى - أن هذا الحديث مما انتُقد على مسلم -رَحِمَهُ اللهُ- وأن رفعه غير صحيح، وإنما هو موقوف على كعب الأحبار .. والظاهر أنه هذا من راويه أيوب بن خالد، فإنه ليّن الحديث، كما سبق عن "التقريب"، وقال الأزديّ: أيوب بن خالد ليسر حديثه بذاك، تكلّم فيه أهل العلم بالحديث، وكان يحيى بن سعيد، ونظراؤه لا يكتبون حديثه. انتهى .

- والظاهر أن هذا من أوهامه ، ظن الموقوف مرفوعاً، فرفعه، ولكن هذا لا يغُضّ من قَدْر مسلم -رَحِمَهُ اللهُ- فإن هذا قليل، وهو إمام حافظ ناقد للحديث، ولكن الإنسان عرضة للنسيان، ومن الذي ينجو منه؛ إلا من عصم الله تعالى.

- والله تعالى أعلم.

 البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج ج43/ص340-342.

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- يتبين لك مما سبق .. أن الحديث بالرغم من أن مسلم قد رواه وفيه من صحة السند (وإن كان ضعفه البيهقي) .. إلا أن العلماء أنكروا متن الرواية لمخالفتها القرآن ..

 

2- ويتبين لك مما سبق أن ليس كل حديث سنده صحيح .. بالضرورة أن يقبل العلماء نصه أو متنه .. لأنه قد يكون مخالفا للقرآن .. وطالما خالف القرآن .. فهو مردود بكل يقين .

 

3- ويتبين لك أيضا .. أن من يقول لك ممن ينتسبون لجماعة القرىنيين .. أن العلماء لا ينكرون المتون .. فهو قول كاذب على علماء المسلمين .. بل قد أثبت لك أن الحديث بالرغم من صحة سنده إلا أنهم ردوه لمخالفته للقرآن .

#- وخاتمة لكل ما سبق بأجمل الكلام:
- أحببت أن أختم لك أخي الحبيب هذه المسألة بمقياس وضابط مهم جدا قاله النبي صلى الله عليه وسلم في قبول الحديث النبوي .. وذلك من خلال سؤال مهم وهو:
 
..:: ما هو مقياس الضبط عند النبي في التحقق من أحاديثه ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- إذا كانت الأحاديث النبوية .. قد سمح النبي صلى الله عليه وسلم بأن يتم تداولها مشافهة بالتلقين .. وسمح للبعض من الصحابة بكتابتها .. ولكن نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وضع قانون عام في استقبال هذه الأحاديث النبوية .. وقد بحثت عن صحة الحديث الذي يدل على ذلك .. فوجدته صحيحا بفضل الله .. وفيه من الفوائد ما فيه .. وهذا الحديث هو:
 
- عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ، وأَبِي أُسَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ، وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ، فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ، وَإِذَا سَمِعْتُمُ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ، وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ، وَأَبْشَارُكُمْ، وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ) رواه أحمد والبزار وبن حبان وبن سعد .. وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح .. وقال الوادعي: حسن ..، وقال بن عراق في تنزيه الشريعة: اسناده صحيح ..، وقال بن مفلح في آداب الشريعة: اسناده جيد ..، وقال بن كثير في تفسير القرآن: اسناده صحيح ..،وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم..، وذكره الألباني في صحيح الجامع بأنه حسن ..، وقال في الصحيحة عن رواية بن سعد: بأن إسناده حسن على شرط مسلم.
 
* شرح على ألفاظ الحديث:
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- قوله (سمعتم الحديث عني): ولم يقل (مني) .. وهذا يدل على أن الحديث النبوي سيتم نقله عن آخرين .. ولذلك وضع النبي ميزان عام لقبول الأحاديث المنقولة عنه .. وهو ما ذكره بعد ذلك من حيث قبول القلوب له ونزول السكينة والطمأنينة حين سماعه .
 
2- قوله (تعرفه قلوبكم): أي تطمئن وتنشرح له .. لأنه سيكون حديث لا يخالف تعاليم القرآن وبالتالي ليس فيه ما ينكره القلب ولا يخالف قواعد الدين .. وهذا يتطلب شخص له علم وفقه في الدين وليس شخص من عوام الناس .. وإن كان الحديث عام لكل مؤمن ولكن يكن مؤمن يفهم أمور دينه ..!!
- وهذه الجملة (تعرفه قلوبكم) قد تكون إشارة إلى ما قاله صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي كان يريد التفرقة بين البر والإثم حينما يختلط عليه الأمر فقال له: (اسْتَفْتِ قَلْبَكَ، الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ الْقَلْبُ، وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ) رواه أحمد .. وقال النووي حديث حسن .. وقال الألباني في صحيح الترغيب أنه حسن لغيره .. وقال الأرنؤوط: ضعيف.

3- قوله (تلين له أشعاركم وأبشاركم): وأشعاركم هي جمع لشعر الرأس .. والأبشار هي جمع بشرة وهي ظاهر الجلد .. والمقصد هو أن الحديث المروي بحق عن النبي فالأجسام والقلوب تنفعل معه بأن تطمئن له القلوب ويحدث لها سكينة وطمانينة ولا يدخلها ريبة وشك منه ..!! والحديث المروي باطلا عن النبي فالأجسام والقلوب تنفعل معه بالإضطراب والنفور والإنكار له .
 
4- وقوله (تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ - وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ): ألفاظ (تنكره – وتنفر) .. فيها دلالة عن فظاعة الحديث الذي لا يمكن أن يكون قاله أو فعله النبي .. لما فيه من مخالفة شرعية أو علمية أو عقلية ..!! 
 
5- قوله (وترون أنه قريب منكم): أي وتعلمون أنه قريب من قلوبكم ولا ريب في قلوبكم من ناحيته ..
 
6- قوله (فأنا أولاكم به): أي فأنا أحق وأولى بأن أكون قد قلت وتحدثت به.
 
7- قوله (تنكرون – تنفر – بعيد عنكم): كلها الفاظ تدل على حدوث انزعاج داخلي في نفسك وشك وريبة من أن يكون قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم .
 
8- قوله (فأنا أبعدكم منه): فإذا كان حدث لكم نفور منه وشك وانزعاج .. فأنا لم أقل به وهو أبعد من أن أكون أنا قائله .
- والله أعلم .
 
# من فوائد الحديث السابق:
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- أنه يدل على انتشار الحديث النبوي عن النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
2- وفي الحديث دلالة على أنه لم ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول الأحاديث المروية عنه .. لكن مع ضرورة التحقق منها حتى لا يكون فيها مخالفة للقرآن.
 
3- وفي الحديث دلالة على أنه لا حجة لمن يزعم أن الحديث النبوي طالما صحيح السند فيكون بالضرورة قد قاله النبي صلى الله عليه وسلم .. لا .. بل الحجة أن يكون صحيح الإسناد لا ضعيف فيه ، وكذلك صحيح المتن أيضا لا مخالفة ولا معارضة فيه للقرآن .
 
4- وفيه دلالة على أن رواية الحديث لابد أن يكون فيها اجتهاد لمعرفة الصحيح من الضعيف .. وإنكار الحديث لا شبهة فيه طالما فيه حجة وبيان وبرهان على أن هذا الحديث مخالف للقرآن .. ومثال ذلك ما أنكره العلماء على صحيح مسلم في مسألة عدد أيام خلق السموات والأرض .. ووجدوا أنها مخالفة للقرآن .. فأنكروا هذا الحديث .. وراجع إجابة السؤال رقم في السؤال رقم (7) .. تحت عنوان (هل هناك أقاويل تظهر التعصب في اثبات صحة المتن لأن الأسناد صحيح ؟) .
 
5- وفي الحديث دلالة على أنه لو لم يكن الحديث النبوي فيه حجة شرعية .. لكان منع أو نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن استقبال سماع الحديث النبوي من أساسه ولكان "قال اكتفوا بالقرآن" .. ولكنه لم يقل ذلك صلى الله عليه وسلم .. فدل بذلك على أنه حجة ملزمة لمن بلغه الحديث ولكن بشرط التحقق من صحته .
- والله أعلم.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ملحوظة هامة بخصوص تخريج حديث (إذا جاءكم الحديث عني): قال الحافظ بن رجب في جامع العلوم والحكم : هذا الحديث معلول ، فإنَّه رواه بُكير بن الأشج، عن عبد الملك بن سعيد، عن عباس بن سهل، عن أبيِّ بن كعب من قوله .. قال البخاري: وهو أصحُّ .. (راجع العلوم والحكم ج2 ص743) ..
 
- ويقصد الإمام بن رجب من قوله (عن أبيِّ بن كعب من قوله) .. أي من قول الصحابي أبي بن كعب وليس من كلام النبي .. أي أن سند الحديث موقوف على أبي بن كعب وليس مرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم .. !! وهذا كلام غير منضبط لأن البخاري قبله ذكره بنفس السند عن أبي حميد وأبي أسيد مرفوعا للنبي .. فالبخاري رواه مرة مرفوعا ومرة موقوفا وهذا ما لم ينتبه له الإمام بن رجب .. وذلك لأن البخاري ذكر الرواية الأولى وهي رواية أبي حميد وأبي أسيد مرفوعة إلى النبي بلفظ: (إِذَا جَاءَكُمُ الْحَدِيثُ عَنِّي يُلِينُ قُلُوبَكُمْ فَأَنَا آمُرُكُمْ بِهِ) .. ثم ذكر الرواية الثانية موقوفة على أبي بن كعب بلفظ: (إِذَا بَلَغَكُمْ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُعْرَفُ وَيُلِينُ الْجِلْدَ) .. ولم يذكر البخاري أنها أصح ..!! فهذا أحسبه خطأ أو وهم من الإمام بن رجب رحمه الله .. (وراجع التاريخ الكبير للبخاري ج5 ص315 حديث رقم 1349).. والله أعلم ..
 
- وقد ظننت أولا أنه حدث خطأ في سقط من نسخة الكتاب حيث ذكر البخاري (أُبي رضي الله عنه) ولم يقل أبي بن كعب .. فظننت أن هناك خطأ من الناسخ ونسي كتابة أبي حميد أو أبي أسيد .. ولكن تنبهت أن البخاري رواه مرة مرفوعا ومرة موقوفا .. والله أعلم .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
* هناك أحاديث ضعيفة لا يصح روايتها في مسألة التحقق من الأحاديث .. أذكرها لك أخي الحبيب لتكون على معرفة بها .. فمنها:
1- (حديث ضعيف): (إذا حدثْتُمْ عنِّي حديثًا تعرفونَهُ ولا تنكرونَهُ ، فصدقُوا بهِ قلتُهُ أوْ لمْ أقلْهُ ، فإنِّي أقولُ ما تعرفونَهُ ولا تنكرونَهُ ، وإذا حدثتُمْ عنِّي حديثًا تنكرونَهُ ولا تعرفونَهُ ، فكذِّبُوا بهِ ، فإنِّي لا أقولُ ما تنكرونَهُ ، وأقولُ ما تعرفونَهُ) رواه الطحاوي في مشكل الآثار  والدارقطني في سننه .. وقال الوادعي: ظاهره الصحة ، لكن قال البخاري رحمه الله ذكر أبي هريرة "وهما" .. وقال أبو حاتم منكر: الثقات لا يرفعونه ..، وذكره الألباني في الضعيفة بأنه ضعيف .. وقال الأرنؤوط في تخريج مشكل الآثار: رجاله ثقات رجال الشيخين إلا أن البخاري عد ذكر أبي هريرة فيه (وهما) من يحيى بن آدم ..!!
  
- وقال الحافظ بن رجب رحمه الله في (العلوم والحكم ج2 ص743):
- وقد اختلف في إسناده على ابن أبي ذئب، ورواه الحفَّاظ عنه، عن سعيد مرسلاً، والمرسل أصحُّ عند أئمة الحفَّاظ، منهم: ابنُ معين والبخاري وأبو حاتم الرازي وابن خزيمة، وقال: ما رأيتُ أحداً من عُلماء الحديث يُثبت وصلَه.
 
2- (حديث ضعيف): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَتَاهُ عَنِّي حَدِيثٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ فِي أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: اتْلُوا عَلَيَّ بِهِ قُرْآنًا .. مَا جَاءَكُمْ عَنِّي مِنْ خَيْرٍ قُلْتُهُ أَوْ لَمْ أَقُلْهُ فَأَنَا أَقُولُهُ .. وَمَا أَتَاكُمْ عَنِّي مِنْ شَرٍّ .. فَأَنَا لَا أَقُولُ الشَّرَّ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: إسناده ضعيف لضعف أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي.
  

*******************************

 ..:: س7: هل هناك أقاويل تظهر التعصب في اثبات صحة المتن لأن الأسناد صحيح ؟ ::..
 

- لا يمكن أن نغفل أن هناك بعض العلماء لديهم نوع من التعصب للأسانيد الصحيحة .. وكأنه يثبت صحة المتن وكأنه قرآن لا يحتمل الخطأ ..!! وهذا كلام غير مقبول وغير معقول .. ولا يمكن أن يقبله قلب أو عقل مؤمن .. لأنه ليس بالضرورة أن يكون صحة السند دليلا على صحة المتن .. كما سبق وأضحنا من كلام علماء الحديث أنفسهم .. لأنه لا يوجد إنسان معصوم من الخطأ .. إلا النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغ عن ربه ..!!

 

- ولكن قد يجد المؤمن من بعض العلماء بعض الأقوال الغير مقبولة شرعا والغير معقولة أيضا في ذات الوقت .. لأن الشرع ينكرها والعقل يرفضها لاستحالتها شرعا وعقلا .. ولذلك لا يصح التعصب لهذه الأقوال ..!! وإليك بعض من هذه الأقوال:

 

- أولا: القول الأول:

1- قال الإمام الطيبي رحمه الله (المتوفى: 743هـ) في شرح المشكاة (5/1651) .. تعقيبا على تفسير لأحد مفسري الحديث رأى أن متن أحد أحاديث في البخاري فيه خطأ في حرف .. ويظهر من ذلك مخالفة لروايات أخرى ومخالفة لظاهر إدراك العقل ..!! فقال تعقيبا على هذا الرأي: (من ذهب إلي تخطئة الرواة الثقات العدول، ومن اتفقت الأمة علي صحة روايته، وضبطه وإتقانه بما سنح له الرأي الذي أوهن من بيت العنكبوت، فقد خطأ نفسه، وخاض فيما لا يعنيه) .. انتهى كلامه.

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- إن كان الإمام الطيبي من أئمة مفسري الحديث وله من رجاحة العلم وحسن التفكر .. إلا أن ما ذكره لا يليق بعالم مثله ان يقوله ..!! ليه ؟

 

1- لأنه من أين للإمام الطيبي رحمه الله العصمة لهؤلاء الرواة وعدم الخطأ فيما يرويه ؟!! في حين أن كثير من روايات الحديث بالمعنى وليس باللفظ النبوي .. وإلا لماذا اختلفت ألفاظ الروايات لنفس الحديث ..؟!!

 

2- كيف يصح أن ننسب لإنسان العصمة من الخطأ مهما بلغ من الإتقان .. فهل هناك عصمة في رواية الحديث ؟!! كيف يعقل ذلك .. ؟!!

 

- فالذي أجده في قول الإمام الطيبي .. أنه قول فيه غلو غير مقبول .. ولا يقل به إلا من غلبه التعصب فغفل بعقله عن تحقيق القول السليم بسبب هذا التعصب الخطير الغير مقبول لأي مؤمن أو عاقل .. لأنه مستحيل أن تكون متون الأحاديث قطعية الثبوت في ألفاظها ولكن يقال أنها قطعية الثبوت في معناها ..!!

 

- ثانيا: القول الثاني:

2- عند حديث مسلم الذي رده كثير من العلماء والذي سبق بيانه في سؤال سابق وهو السؤال الرابع .. حيث تكلمنا عن حديث (خَلَقَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَخَلَقَ فِيهَا الْجِبَالَ يَوْمَ الْأَحَدِ، وَخَلَقَ الشَّجَرَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ، وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَعْدَ الْعَصْرِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فِي آخِرِ الْخَلْقِ، فِي آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ، فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ) رواه مسلم.

 

- ثم حاول الشيخ الألباني رحمه الله في التعليق على مشكاة المصابيح (3/1598) أن يجمع بين الحديث ونص القرآن فقال: وليس بمخالف للقرآن بوجه من الوجوه، خلافًا لما توهمه بعضهم، فإن الحديث يفصل كيفية الخلق على الأرض وحدها، وأن ذلك كان في سبعة أيام، ونص القرآن على أن خلق السماوات والأرض كان في ستة أيام، والأرض في يومين، لا يعارض ذلك، لاحتمال أن هذه الأيام الستة غير الأيام السبعة المذكورة في الحديث، وأنه - أعني الحديث - تحدث عن مرحلة من مراحل تطور الخلق على وجه الأرض حتى صارت صالحة للسكنى، ويؤيده أن القرآن يذكر أن بعض الأيام عند الله تعالى كألف سنة، وبعضها مقداره خمسون ألف سنة، فما المانع أن تكون الأيام الستة من هذا القبيل؟ والأيام السبعة من أيامنا هذه؟ كما هو صريح الحديث، وحينئذ فلا تعارض بينه وبين القرآن. انتهى.

 

* قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على كلام الشيخ الألباني:

- هذا التحقيق من الشيخ الألباني فيه تكلف بعيد عن الحق .. ومحاولة غير موفقه في تعصب جلي للجمع بين الحديث والآية .. لمحاولة اثبات صحة متن الحديث .. وكأن صحة السند تستلزم صحة المتن .. ولذلك حاول أن يجعل من متنه صحيحا .. !!

 

- ولا تتعجب من قولي أنه تعصب جلي .. لأنه لم يتبع من هم أعلم منه وأكثر تحقيقا وظن أنهم متوهمون (أي لديهم تصور وظن خاطيء لفهم الأمر على حقيقته) .. ولا مانع في أن يكون له بصيرة في الفهم فيما تكلم فيه .. (إلا أنه لم يوفق) ..!! 

- ولكن الذي له مانع عندي أن يصف اجتهادهم بالوهم في الفهم .. وهذا لفظ من وجهة نظري لا يليق في الإعتراض على هؤلاء الأئمة من أهل التحقيق من وجهة نظري .. فإذا كان لفظ (وهم) يقال على من يخلط بالخطأ في تحقيق الأحاديث بين أسماء الرواة .. ولكن هذا اللفظ لا يقال لم يجتهد في فهم النصوص الشرعية ..!!

- ثم من هؤلاء الذين وهموا في فهم الحديث من وجهة نظر الشيخ الألباني ..؟!! هم البخاري والبيهقي وبن كثير وبن تيميه وبن القيم والمناوي وغيرهم ..!!

- وإذا كان الشيخ الألباني قد وصف السابقين المعترضين على الحديث بأنهم وهموا في فهمهم للحديث .. فهو قد جانبه التوفيق وأتى بما هو مخالف للعقل والنقل .. ويكفي أن الله قد حسم المسألة فقال: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ق38 .. فكل شيء في الأرض والسماء ..، وما بين السماء والأرض تم خلقه في ستة أيام ..!!

 

# وإليك مناقشة كلام الشيخ الألباني رحمه الله:

1- أما عن احتمالية أن تكون الأيام التي في الحديث أنها من أيام أهل الأرض .. والأيام التي في القرآن من أيام الزمن السماوي ..  كما يقول تعالى: (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) الحج47 .. فهذا الإحتمال الذي ذكره الشيخ الألباني هو لا يمكن وغير معقول .. ليه ؟

 

- لأنه لو كان المقصود بأن الحديث يتكلم عن زمن تكون الأرض في سبعة أيام دنيوية .. والقرآن يتكلم في أربعة أيام بزمن سماوي أي أن اليوم كألف سنة من سنين الدنيا فيكون خلق الأرض وما فيها في أربعة آلاف سنة من سنين أهل الدنيا ..!!

 

- أي على قول الشيخ الألباني .. فيكون أيام خلق الأرض ستكون (48000) ثمانية وأربعون ألف شهر بمقياس أهل الدنيا .. أي (1.460.000) مليون وأربعمائة وستون ألف يوم أرضي بمقياس أهل الدنيا .. وبناء على ما سبق بيانه لك أخي المؤمن .. فدعني  أسأل أصحاب هذا الرأي الذين وافقوا الشيخ الألباني .. وهو الرأي الغير مقبول والغير معقول أصلا .. فنقول لهم:

 

- إذا كان الله خلق ما في الأرض في سبعة أيام من أيام الدنيا كما تأويلكم لأيام الحديث .. فماذا فعل الله في باقي الأربعة آلاف سنة التي كان يخلق فيها الأرض ؟!! أي ماذا فعل الله في المليون يوم والأربعمائة وخمسون ألف وزيادة .. المتبقيين بعد أن انتهى من السبعة أيام التي خلق فيها الأرض .. كما توهم الشيخ الألباني رحمه الله ؟!! 

 

- فهل تجد أخي الحبيب بعد بيان ما سبق .. أن كلام الشيخ الألباني فيه معقولية تحقيق أم أنه تعصب جلي في التوفيق بين الحديث والآية ؟!!

 

2- ثم أن الحديث لم يذكر لنا خلق الجن وهم من أهل الأرض ..!! أم أن الحديث جعل الجن من دواب الأرض ؟!! بكل تأكيد لا .. وإلا سيكون ساواهم بالحيوانات .. والجن كما هو معلوم أنه عالَم مكلف وله عقل .. ولذلك خص آدم بيوم من الأيام حتى لا تظن أنه من الدواب ..!!

 

3- واختم لك بكلام الشيخ بن تيميه رحمه الله عن هذا الحديث وعن صحيح مسلم بصورة مجملة:

- وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي قَوْلِهِ: {خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ} فَهُوَ حَدِيثٌ مَعْلُولٌ قَدَحَ فِيهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ .. قَالَ الْبُخَارِيُّ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى كَعْبٍ وَقَدْ ذَكَرَ تَعْلِيلَهُ البيهقي أَيْضًا .. وَبَيَّنُوا أَنَّهُ غَلَطٌ لَيْسَ مِمَّا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. وَهُوَ مِمَّا أَنْكَرَ الْحُذَّاقُ عَلَى مُسْلِمٍ إخْرَاجَهُ إيَّاهُ .

 

- كَمَا أَنْكَرُوا عَلَيْهِ إخْرَاجَ أَشْيَاءَ يَسِيرَةٍ وَقَدْ بُسِطَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ.

- وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) .. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمِ الْأَحَدِ وَالِاثْنَيْنِ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَالضَّحَّاكُ وَمُجَاهِدٌ وَابْنُ جريج والسدي وَالْأَكْثَرُونَ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ وَالْأَرْبِعَاءِ. قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ {خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ} قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ أَصَحُّ .. فَصَحَّحَ هَذَا لِظَنِّهِ صِحَّةَ الْحَدِيثِ إذْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ ..، وَلَكِنَّ هَذَا لَهُ نَظَائِرُ رَوَى مُسْلِمٌ أَحَادِيثَ قَدْ عَرَفَ أَنَّهَا غَلَطٌ مِثْلَ قَوْلِ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا أَسْلَمَ: (أُرِيدَ أَنْ أُزَوِّجَك أُمَّ حَبِيبَةَ) وَلَا خِلَافَ بَيْنِ النَّاسِ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ إسْلَامِ أَبِي سُفْيَانَ ..!! وَلَكِنَّ هَذَا قَلِيلٌ جِدًّا.

 

- وَمِثْلَ مَا رَوَى فِي بَعْضِ طَرْقِ حَدِيثِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَنَّهُ صَلَّاهَا بِثَلَاثِ ركوعات وَأَرْبَعٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً بِرُكُوعَيْنِ .. وَلِهَذَا لَمْ يُخَرِّجْ الْبُخَارِيُّ إلَّا هَذَا وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَغَيْرِهِمَا .. وَالْبُخَارِيُّ سَلِمَ مِنْ مِثْلِ هَذَا .. فَإِنَّهُ إذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ لرِّوَايَاتِ غَلَطٌ ذَكَرَ الرِّوَايَاتِ الْمَحْفُوظَةَ الَّتِي تُبَيِّنُ غَلَطَ الغالط فَإِنَّهُ كَانَ أَعْرَفَ بِالْحَدِيثِ وَعِلَلِهِ وَأَفْقَهَ فِي مَعَانِيهِ مِنْ مُسْلِمٍ . (الفتاوى ج17 ص235-236)

  

********************************

 

..:: س8: لماذا يؤخد بالحديث الضعيف في الفضائل ؟ ::..

 

- بمناسبة الكلام على متون الحديث .. أحببت أن اذكر لك مسألة مهمة وهي .. لماذا يؤخذ بالحديث الضعيف في الفضائل فقط .. خاصة وقد ألمح لها بعض منكري الحديث النبوي واتخذ منها وسيلة للتزوير في الحقائق وخلط الحق بالباطل .. ولذلك سنناقش هذه المسألة ببساطة ..

 

- أولا: بعض العلماء وهم الأكثرون يأخذ بالحديث الضعيف في الفضائل .. والبعض لا يأخذ بالحديث الضعيف في الفضائل .. ويعتبر كل الضعيف من المتروك العمل به ..

 

- ولكن بعض أهل زماننا ممن لديه هواية الخيانة في الأمانة العلمية .. حاول أن يؤثر في نفسية بعض المؤمنين .. ويقول أن العلماء يستخدمون الحديث الضعيف في الأحكام .. ويكذب على المؤمنين بأفكار مغلوطة للواقع .. ولم يفرق بين الحديث الضعيف في الفضائل والحديث الضعيف في الأحكام .. !!

 

- بل وفي أدلة الأحكام حين كلامه على أدلة الفقهاء وأن كثير منها ضعيف .. فهو لم يميز بين كون الحديث ظهرت علته لمن أخذ به في الحكم أم لم تظهر علته .. !!

 

- فخلط الحق بالباطل عند هؤلاء المنتسبين لجماعة القرآنيين هو وسيلتهم دائما في التشكيك .. دون منهجية التحقيق .. فيكتفى بخلط الحقائق بأكاذيب يقوم بنشرها بين المؤمنين مستغلا قلة علمهم .. حتى يشكك في نزاهة علماء الحديث والشريعة على حد سواء ..!! 

 

- ولكن ما سبب إجازة العمل بالحديث الضعيف في الفضائل عند بعض العلماء .. ؟!!

 

- فالذي أحسب أو يغلب على ظني أن سبب العلماء الذين أجازوا الأخذ بالأحاديث الضعيفة في فضائل الأعمال .. بكل تأكيد ليس من باب أنه صحيح أو قال النبي صلى الله عليه وسلم يقينا .. وإنما من باب أن كل فضيلة إنما هي لآية أو سورة أو ذكر .. أي تقرب إلى الله بعمل له أصل في الدين فعلا .. فإن صحت الفضيلة وظهر ثوبها في الآخرة فهي خير .. وإن لم تصح الفضيلة فعمله له خير في الآخرة .. ففي الحالتين هي خير لأنه في كل الاحوال عمل ما يقربه إلى الله وله أجر العمل مع الله ..

 

- ملحوظة هامة:

1- أن شرط قبول الحديث الضعيف في الفضائل .. أن لا يكون فيه راو كذاب .. يعني الحديث يكون ضعيف وليس موضوع ..

 

2- وإذا كتبناه أو قلناه .. نقول جاء في الروايات أو قيل في الحديث أو روي في الحديث أو جاء في الحديث الضعيف .. أو تذكر الحديث ثم تقول أنه ضعيف .

 

*********************************

 

..:: س9: لماذا يؤخد بالحديث الضعيف في الفضائل ولا يؤخذ به في الأحكام ؟ ::..

 

- إذا كان الحديث الضعيف يؤخذ به في الفضائل .. فلماذا لا يحتج به في الأحكام ؟

 

- قلت لك ..

1- لأن الفضائل مزيد عمل مع الله فلا حرج منها حينئذ سواء فعلتها أم لم تفعلها ..

 

2- ولكن الأحكام هي عمل أصيل مع الله ولابد من الإتيان به وإلا سينالك الإثم والعقاب .. ولذلك منعوا العمل في الحديث الضعيف الذي له حكم شرعي واكتفوا بما هو صحيح فقط ..

- والله أعلم .

 

*******************************

 

..:: س10: ما معنى أن الأمة تلقت عموم الأحاديث الصحيحة بالقبول ؟ ::..

 

- كثيرا ما تجد في كلام أهل العلم أن الأمة قد تلقت عموم الأحاديث الصحيحة بالقبول .. فما المقصود بهذا القبول وما الذي يدل عليه ؟!

 

- يقول الإمام بن تيميه رحمه الله (المتوفى: 728هـ) عن سبب قبول الحديث الصحيح المعمول به عند الأمة:

- لِأَنَّ الْأُمَّةَ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ تَصْدِيقًا وَعَمَلًا بِمُوجِبِهِ .. وَالْأُمَّةُ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ .. فَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذِبًا .. لَكَانَتْ الْأُمَّةُ قَدْ اتَّفَقَتْ عَلَى تَصْدِيقِ الْكَذِبِ وَالْعَمَلِ بِهِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهَا.

- وَمِنْ الصَّحِيحِ مَا تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّصْدِيقِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ كَجُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ .. فَإِنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَجْزِمُونَ بِصِحَّةِ جُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْكِتَابَيْنِ .. وَسَائِرِ النَّاسِ تَبَعٌ لَهُمْ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ ..

- فَإِجْمَاعُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخَبَرَ صِدْقٌ .. كَإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفِعْلَ حَلَالٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ وَاجِبٌ ..

- وَإِذَا أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى شَيْءٍ فَسَائِرُ الْأُمَّةِ تَبَعٌ لَهُمْ .. فَإِجْمَاعُهُمْ مَعْصُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خَطَأٍ. (الفتاوى ج18 ص16)

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة) توضيح لبعض كلام الشيخ بن تيميه:

1- قوله (كَجُمْهُورِ أَحَادِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ): أي عموم الأحاديث الصحيحة التي حوت الصحيحين وليس جميع ما فيهما ..

2- معنى قول الشيخ (فَإِجْمَاعُهُمْ مَعْصُومٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى خَطَأٍ) .. فذلك استنادا لما قاله الصحابي عبد الله بن مسعود حينما قال: (عَلَيْكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَلُزُومِ جَمَاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَنْ يَجْمَعَ جَمَاعَةَ مُحَمَّدٍ عَلَى ضَلَالَةٍ) رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي ..، وقال بن حجر في تخريج أحاديث بن الحاجب: بأنه موقوف صحيح .. وقال الألباني في ظلال الجنة: إسناده جيد ورجاله رجال الشيخين .

 

- قلت (خالد صاحب الرسالة): ومثل هذا الحديث الذي قاله بن مسعود لا يقال بالرأي أبدا .. ولابد أن يكون بن مسعود قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

* وقد جاء في الحديث (الضعيف سندا في أصله والحسن بمجموع طرقه) .. جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنَّ اللَّهَ لا يجمعُ أمَّتي أو قالَ أمَّةَ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ على ضلالةٍ) رواه الترمذي واللفظ له ورواه الحاكم في المستدرك وبن أبي عاصم في السنة .. الحديث بمجموع طرقه لا ينزل عن درجة الحسن لغيره .. وقد حسنة الألباني في الصحيحة بمحموع طرقه.

- ومن طرق الحديث السابق وشواهده:

- (إن أمتى لا تجتمع على ضلالة فإذا رأيتم اختلافا فعليكم بالسواد الأعظم) رواه أحمد وبن حميد وابن ماجه .. وهو حديث إسناده ضعيف ..

- (سَأَلْتُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يَجْمَعَ أُمَّتِي عَلَى ضَلَالَةٍ فَأَعْطَانِيهَا) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: صحيح لغيره وهذا إسناد ضعيف.

 

- أخي الحبيب .. كن مع أهل الحق وإياك والدجالون:

1- حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَزالُ مِن أُمَّتي أُمَّةٌ قائِمَةٌ بأَمْرِ اللَّهِ، لا يَضُرُّهُمْ مَن خَذَلَهُمْ، ولا مَن خالَفَهُمْ، حتَّى يَأْتِيَهُمْ أمْرُ اللَّهِ وهُمْ علَى ذلكَ) صحيح البخاري.

 

2- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (يَكونُ في آخِرِ الزَّمانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، يَأْتُونَكُمْ مِنَ الأحادِيثِ بما لَمْ تَسْمَعُوا أنتُمْ، ولا آباؤُكُمْ، فإيَّاكُمْ وإيَّاهُمْ، لا يُضِلُّونَكُمْ، ولا يَفْتِنُونَكُمْ) صحيح مسلم.

- قوله (دجالون): مزورون ومخادعون يخلطون الحق بالباطل حتى يضلونكم .

 

- قوله (يأتونكم من الأحاديث): يأتون بكلام في الدين وكأنهم علماء فيتحدثون بأكاذيب فيه أو ينكرون أحكاما فيه أو ينشرون فيكم معتقدات باطلة أو أفكار مغلوطة أو علوم فاسدة .. أو يكذبون على النبي فيضلوكم بأحاديث ينسبوها إليه بالكذب وهم يعلمون أنها كذب ..

 

- قوله (لا يضلونكم – ولا يفتنونكم): أي لا تنخدعوا بما يروجوه لكم وينشروه بينكم من أفكار مضللة في الدين .. حتى لا تنحرفوا عن طريق الحق ولاتسقطوا في الفتنة الدينية التي قد تؤدي بكم إلى إنكار الدين والكفر بالله . فاجتنبوا هؤلاء الدجالون.

- والله أعلم .

***************************

:: الفصل الثالث::

:: الحديث من حيث كونه دليل قطعي أو ظني الثبوت ::

***********************

..:: س11: هل الأحاديث النبوية قطعية الثبوت أم ظنية الثبوت .. ولو ظنية الثبوت فلماذا نستدل بها ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..