ج8: رسالة الحق والنور - ما هي أدلة وجوب الحديث الشريف كحجة شرعية ملزمة لكل مؤمن من القرآن كما أثبتها علماء المسلمين في كل زمان ومكان - ما هي الأدلة الشرعية على وجوب الاخذ بالحديث الشريف من الأحاديث الصحيحة النبوية - ما الدليل من أفعال الصحابة والتابعين على أنهم جعلوا من الحديث النبوي حجة شرعية - ما هو حكم من ينكر شرعية وحجية الأحاديث النبوية المثبتة بسند ومتن صحيح سواء حديث متواتر أو آحاد.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الثامن)

* فهرس:
:: الفصل السابع :: الحديث الشريف مصدر تشريع بنص القرآن والحديث وفعل الصحابة ::
1- س26: ما هي أدلة وجوب الحديث الشريف كحجة شرعية ملزمة لكل مؤمن من القرآن كما أثبتها علماء المسلمين في كل زمان ومكان ؟
2- س27: ما هي الأدلة الشرعية على وجوب الأخذ بالحديث الشريف من الأحاديث الصحيحة النبوية ؟
3- س28: ما الدليل من أفعال الصحابة والتابعين على أنهم جعلوا من الحديث النبوي حجة شرعية ؟
4- س29: ما هو حكم من ينكر شرعية وحجية الأحاديث النبوية المثبتة بسند ومتن صحيح سواء حديث متواتر أو آحاد ؟

*************************

:: الفصل السابع ::

:: الحديث الشريف مصدر تشريع بنص القرآن والحديث وفعل الصحابة ::

***********************

..:: س26: ما هي أدلة وجوب الحديث الشريف كحجة شرعية ملزمة لكل مؤمن من القرآن كما أثبتها علماء المسلمين في كل زمان ومكان ؟ ::..

 
- كما هو معلوم أن الحديث الشريف هو المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم .. وعلى هذا اتفق عموم المسلمين في كل زمان ومكان .. إلا من اختصوا أنفسهم بمخالفة أهل السنة والجماعة .. مثل بعض جماعة القرآنيين أو التنويريين الذين ينكرون الحديث النبوي عامة أو ينكرون حديث الآحاد خاصة .. وقد تم الرد على ما انكروه في الجزء السابق فارجع إليه ..
 
- ولكن في هذا الفصل أذكر لكم أدلة وجوب شرعية الإحتجاج بالحديث الشريف عند أهل السنة والجماعة .. الذين التزموا بنصوص القرآن .. واستدلوا بكل تشريع نبوي قاله أو فعله أو أقره النبي صلى الله عليه وسلم وكان بسند ومتن صحيح .. ولهم في ذلك أدلة ..
 
- ثم اشرح لكم بعد كل دليل سبب استدلال العلماء بهذا الدليل .. وذلك لسببين:
- السبب الأول: لأنك غالبا لا تجد سبب الإستدلال في كتب العلماء .. ولذلك أحببت توضيح سبب الإستدلال لما قد يكون فيه غموض لعموم الناس الغير دارسة في علوم الدين .
- والسبب الثاني: الذي يجعلني أحقق هذه الأدلة فأشرح سبب الاستدلال بها .. هو ظهور بعض جماعة القرآنيين بالطعن في هذه الاستدلالات ويوجهون ألفاظ الآيات لمصلحتهم .. فيقولون أن المقصد من ألفاظ (طاعة الرسول وأمره واتباعه) هو شيء خاص فقط بما ورد في القرآن حيث أبلغنا بالقرآن وأمرنا باتباعه فيما بلغنا به وهو القرآن .. ولا طاعة ولا اتباع في غير ذلك ..!!
 
- فحتى لا تنخدع بتأويلهم الخاطيء لكلام الله الذي اتفق وأهوائهم .. فأحببت أن أكشف لك أخي المحب لله والمتبع لسنة رسوله .. كيف قالوا بتخصيص كلام الله بلا دليل .. !!
 
- وقد جمعت لك بعض ما وجدته في كتب العلماء من أدلة .. وبينت لك المقصد من كل آية بما ألهمني به الله في تحقيق أدلة علمائنا بكلام الله .. لرد كيد هؤلاء الساعين في محو شرعية الأحاديث النبوية .
 
* من الأدلة على وجوب حجية وتشريع الحديث الشريف :
- أولا: من القرآن الكريم .
1- يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44.
- فقوله (لتبين): فيه دلالة واضحة لشرح ما في القرآن وذكره لنا بقول منه أو فعل فعله .. وهذا لا يكون إلا من خلال تتبع أحاديثه صلى الله عليه وسلم .
- والذي ينكر أن يكون التبيين هو قول وفعل النبي .. فليأتنا بحقيقة هذا التبيين الذي كان لهذا الذكر القرآني ؟!!
- ولا يخفى على عاقل أن كلمة تبيين .. هي كشف وتوضيح وبيان لما هو منزل بالفعل .. وليس تبيين بنزول الذكر ..!! لا .. وإنما التبيين والتوضيح لما هو نزل فعليا من الذكر .. فالذكر أي القرآن كان ينزل أولا .. ثم يأتي عليه بالتبيين ثانيا ليوضح لهم حقيقة ما نزل إليهم .. فانتبه لذلك حتى لا يخدعك من لا يتقي الله في كلامه ويقول لك أن التبيين بنزول القرآن .. لا .. اقرأ الآية جيدا !!
 
2- يقول تعالى: (وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) النساء113 .. ، وقال تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) البقرة151.. ويقول تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) الأحزاب34.
 
- فإذا كان القرآن هو الكتاب .. فما هي الحكمة إلا السنة النبوية المبينة لما في القرآن من أمور لا سبيل لنا لمعرفتها إلا من خلال حكمة النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44.
 
.. ولذلك الذي يكتفي بالقرآن حجة .. فنقول له وأين الحكمة القرآنية التي علمها النبي للمسلمين والتي أمر بها الله نساءه أن يقمن بتبليغها لنا ؟!!
 
3- يقول تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِىَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف157..، ويقول تعالى: (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِىِّ الأُمِّىِّ الَّذِى يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف158.
 
- والآيتين متتاليتين في الأعراف .. واكتفيت بالشاهد منهما لطولهما .. وانتبه لتفصيل كل آية .. مرة قال تعالى (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِىَ أُنزِلَ مَعَهُ) أي اتبعوا النور الذي أنزل مع نبوته وهو القرآن .. والبعض قال أن (معه) تعود على قوله (اتبعوا) فيكون المعنى اتبعوا النور الذي أنزل إليه مع اتباعه في قوله وفعله .. ثم قوله بعده (وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) وهو الأمر باتباعه فيما نطق به من قرآن أو تبيان لهذا القرآن مما يشمل سنته القولية والفعلية ..
 
4- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا) النساء59.
 - وقوله (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ) .. فيه بيان واضح إلى حكم الله من خلال القرآن .. وحكم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال سنته .. وإلا فما فائدة المغايرة بواو العطف إلا إذا كانت هذه المغايرة تقتضي حكم إضافي كبيان لحكم قرآني تفصيلي لحكم مجمل قرآني قد أوحى به الله للنبي صلى الله عليه وسلم .
 
5- يقول تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ النساء65.
- كل حكم .. قد حكم به النبي صلى الله عليه وسلم وبلغنا بسند ومتن صحيح .. علينا التسليم لهذا الحكم به في باطننا وظاهرنا .. وليس حكم النبي هو حكم القرآن فقط .. لا .. وإلا لو كان المقصد هو حكم القرآن فقط فالذين معه كانوا مؤمنين بالقرآن وخاضعين لحكم القرآن ؟!! فما فائدة تخصيص الآية حينئذ بتحكيم النبي والتسليم له ؟!!
 
- ولذلك خصص الله تحكيم النبي بوجوب الخضوع له حتى لا يقول له أحد أين نجد حكمك هذا يا رسول الله في القرآن ..؟!!
 
- لأن حكم النبي هو حكم عدل منضبط بوحي من الله ولكنه ليس بقرآن .. وإلا فهل كان القرآن سينزل في كل حادثة تحدث مع كل إنسان ؟!! كلام غير معقول ..! ولذلك ترك الله للنبي الحكم في المسائل التي لا بيان فيها من القرآن .. وأمر المؤمنين أن ينقادوا له كما ينقادوا للقرآن بل ويخضعوا خضوعا لأمره ..
 
- فلما انتقل النبي لجوار ربه .. لم يتبقى لنا من معرفة حكم النبي فيما حكم به إلا من خلال قوله وفعله فيما بلغنا عنه بسند ومتن صحيح .
 
6- يقول تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ النور63.
- وأمر النبي هو كل فعل وقول أرشدنا به .. ولم يقل القرآن أن أمر النبي هو بحكم قرآني فقط .. وإنما كلمة (أمره) تشمل ما يكون فيه أمر من النبي سواء من القرآن أو من اجتهاد منه أراد الله منه أن يظهره في غير قرآن .. فمن لم يتبعه فليحذر أن تصيبه فتنة فيها محنة وشر لهم كنزول الكفر في القلب أو النفاق أو البدعة .. أو قد يصبهم من الألم ما يكون به عذاب شديد لهم كعقوبة لهم في الدنيا والآخرة على تعمد جحودهم لأمره صلى الله عليه وسلم.
 
7- يقول تعالى: (وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ الحشر7.
- وما جاءنا الرسول من شريعة الله لم يخصصه الله في الآية بأنه من القرآن فقط .. ودليل ذلك (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44.. فمن أين لكم تخصيص ما جائنا به النبي وما نهانا عنه على أنه من القرآن فقط ؟!! .. إذ لو كان كذلك فقد سلبتموه كونه معلما ومرشدا ..!! بل هو معلما ومرشدا .. وهذا التعليم والإرشاد إنما يكون بقول أو فعل أو تقرير .. وهذا يستوجب الرجوع إلى تعاليمه وإرشاداته صلى الله عليه وسلم .. وذلك من خلال الأحاديث التي قد بلغتنا بسند ومتن صحيح .
 
8- يقول تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الأعراف158.
 
- فكيف نتبع من لا سبيل لمعرفته إلا ما بلغنا عنه ؟!! وما بلغنا عنه ليس قرآنا فقط .. وإلا فأين تبيينه لهذا القرآن الذي أخبرنا به الله .. وأين حكمته التي علمها للمؤمنين ؟!!
- فدل ذلك على وجوب اتباع الحديث النبي حتى نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا عنه بسند ومتن صحيح.
 
9- ويقول تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ . قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) آل عمران31-32.
- كيف يكون الإتباع ونحن لا سبيل لذلك إلا من خلال أحاديثه الشريفة حتى ننال كرامة محبة الله وغفرانه .. والاتباع قد يكون في حكم قرآني صريح قد أبلغه عن ربه .. وقد يكون بينه بحكمته النبوية وهي سنته .. فمن يخصص الإتباع بما جاء في القرآن فقط .. فقد خصص الآية بحكم دون حكم ولا دليل عليه إلا بمحض الهوى والمزاج .. فكان كالذي آمن ببعض الكتاب وكفر ببعض ..!!
 
- وقوله في الآية التالية (أطيعوا الله والرسول) . تبين لنا أن لله طاعة واجبة من خلال كلامه وهو القرآن .. وللرسول طاعة واجبة من خلال أقواله وأفعاله .. بل وأشارت الآية إلى أن الجاحد لطاعة الله ولطاعة رسوله فقد أصابه من وصف الكفر ما أصابه وحجب عنه محبة الله .
 
- فلو لم يكن لله طاعة منفردة لكلامه .. وللرسول طاعة منفردة لكلامه .. فلماذا لم يقل الله (أطيعوا الله) فقط .. حيث أن طاعة الله فقط حينئذ ستكون طاعة للرسول فيما بلغ عن ربه ؟!!
 
- ولكن الله لم يكتفي بقوله (أطيعوا الله) .. بل وقال (وأطيعوا الرسول) لأنه سيحكم بين الناس في مسائل متعددة ومختلفة وله أفعال وأقوال سيرشد المؤمنين بها وهي تبيانا لما في القرآن .. وهي الأحاديث التي بلغتنا بسند ومتن صحيح.
 
10- يقول تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) النساء61.
- فدل من الآية بوضوح أن النبي صلى الله عليه وسلم له بيان إضافي على ما في القرآن .. وأن الذين يجحدون اللجوء إلى كلامه وأفعاله  صلى الله عليه وسلم بالرغم من ثبوت صحة حديثه .. فإن صفة النفاق تلاحقهم .. كما كانت صفة النفاق تلازم أهل زمن النبي المنكرين لكلام الله وحكمته الشريفة ..!!
 
11- يقول تعالى: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) الأحزاب36.
- فإذا كان قضاء الله هو القرآن فما هو قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ أليس هو سنته صلى الله عليه وسلم ؟!! فلماذا تنكرون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن له أمرا خلاف ما جاء في القرآن .. ولكنه لا يخالف ما جاء في القرآن ..!!
- ومن خلال الآية نفهم أنه إذا كان الذي يعصي رسوله قد ضل ضلالا مبينا .. فما بالنا بمن جحد قوله وفعله صلى الله عليه وسلم والذي بلغه بسند ومتن صحيح .. وبالرغم من ذلك فهو يجحد الحديث ويقول أنه ليس حديث نبويا بل مكذوبا على النبي .. بالرغم من دلائل صحته ..!!
 
- وهذا يذكرنا بفعل الكفار مع النبي حينما بلغهم القرآن .. فقالوا ساحر أو كذاب ..!! فلا نعجب من أقوال بعض هؤلاء القرآنيون بتكذيب الأحاديث الصحيحة .. لأن هذه سيمة كل مكذب للحق يريد أن يمحوه ويبطله ويطفيء نوره ..
 
12- وأختم الأدلة .. فأقول لك يا مؤمن إذا كان الله يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) الأحزاب21..
- فكيف سنعرف أن نقتدي به ولم نكن حاضرين معه ولم نسمع منه ولم نقابله حتى نتعلم منه ؟!!
- ولذلك لا سبيل لنا في ذلك إلا من خلال ما بلغنا من أقواله وأفعاله وتقريره من خلال الحديث الشريف المثبت بالسند الصحيح والمتن الغير مناقض للقرآن والغير مستحيل عقلا .
 

************************

 

..:: س27: ما هي الأدلة الشرعية على وجوب الاخذ بالحديث الشريف من الأحاديث الصحيحة النبوية ؟ ::..

 
- ثانيا: أدلة شرعية السنة النبوية بالأحاديث الشريفة:
1- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط:  إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.
- قوله (ينثني شبعانا على أريكته): أي يكون مثل الذي ينحني على الأريكة بجنبه على الأريكة كسرير أو كنبه أو يجلس متربعا عليها وحاله شبعانا ..!! وفي هذا دلالة على بلادة هذا الشخص وقلة علمه وعدم سعيه في تلقي العلم والأخذ به .. والله أعلم .
 
- وفي رواية بلفظ: (إنِّي أوتيتُ الكتابَ وما يعدِلُه .. يوشكُ شَبْعانُ على أريكتِه أنْ يقولَ: بيني وبينكم هذا الكتابُ فما كان فيه مِن حلالٍ أحلَلْناه وما كان فيه مِن حرامٍ حرَّمْناه .. ألَا وإنَّه ليس كذلك) صحيح بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده قوي.
 
- وفي رواية بلفظ: (ألا إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه، ألا يوشِكُ رَجُلٌ شَبعانُ على أريكته يقول: ....) صحيح أبي داود.
 
-  قوله (ما يعدله) (مثله معه) : قال الإمام الخطابي رحمه الله .. يحتمل أن يكون معناه .. أنه أوتي الكتاب وحياً يُتلى، وأوتي معه البيان .. فأُذِنَ له أن يبين ما في الكتاب، ويَعُمَّ ويخُصَّ، وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن ..
- وقلت (خالد صاحب الرسالة): ولعل الخطابي يشير لقوله تعالى:(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44..
 
2- عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا هل عسى رجلٌ يبلُغُه الحديثُ عني وهو مُتَّكِئٌ على أريكَتِهِ ، فيقولُ: بينَنَا وبينَكم كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه حلالًا استحلَلْنَاه ، وما وجدْنا فيه حرامًا حرَّمناه .. وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما حرمَ اللهَ) صحيح الترمذي.
 
- قوله (ألا هل عسى رجل يبلغه): أي قد اقْتَرَبَ زمانٌ أنْ يكونَ هناك فيه رجل يبلغه حديثي فيقول منكرا له جاحدا .. لا نعترف إلا بالقرآن .. فما فيه من حلال فهو حلال وما فيه من حرام فهو حرام وما عدا ذلك فلا نعترف به ..!!
 
- وفي رواية أخرى عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي يَقُولُ: (حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ، ثُمَّ قَالَ: " يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح.
- وكان من الأمور التي حرمها النبي كما قال الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي في رواية أخرى: (نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح.
 
- قوله (الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ): أي الحمير التي يستخدمها الناس في نقل المتاع والانتقال عليها أو استخدامها في العمل ..
- قوله (كل ذي ناب من السباع): كالأسد والنمر والفهد والذئب والكلب وما شابه ..
 
3- عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قال: (أَنه حضر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب النَّاس، وَهُوَ يَقُول: أيحسبُ أحدُكمْ متكئًا على أريكتِهِ أنَّ اللهَ تعالى لمْ يحرمْ شيئًا إلَّا ما في هذا القرآنِ ؟ ! ألَا وإنِّي واللهِ قدْ أَمَرتُ ووعظتُ ونهيتُ عنْ أشياءَ إنَّها كمثلِ القرآنِ أو أكثرُ) رواه أبي داود .. وصححه السيوطي في الجامع الصغير ، وحسنه بن حجر في المشكاة .. وحسنه الألباني في الصحيحة .. وقال الأرنؤوط في تخريج أبي داود: صحيح لغيره وهذا اسناد حسن.
 
4- عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَأَعْرِفَنَّ مَا بَلَغَ أَحَدَكُمْ مِنْ حَدِيثِي شَيْءٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: مَا أَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن.
- قوله (لأعرفن ما بلغ): أي أعرف يقينا بما عرفني ربي من أنباء الغيب أن أحدكم (من المسلمين) حينما يصله من حديثي شيء فيه تحريما .. وحاله يكون جالسا على سرير له أو كرسيه .. ثم يكون رده أن هذا لا أجده في القرآن ..!! "يريد تكذيب الحديث النبوي كما ظهر في الرواية السابقة" .. !!
 
5- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني قد تركتُ فيكم ما إنْ اعتصمتُم به فلن تضلّوا أبداً، كتابَ الله، وسنةَ نبيه) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب ..
- وفي رواية بلفظ: ( تركتُ فيكم شيئينِ لن تضلوا بعدَهما كتابَ اللهِ وسنتي) رواه البزار .. وذكره الألباني في منزلة السنة بأنه حسن.
 
6- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى) صحيح البخاري.
 
7- وعن أبي هريرة قال: (خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ) صحيح مسلم.
 
- وفي رواية عن أبي هريرة أنه سمع النبي يقول: (ما نَهَيْتُكُمْ عنْه فَاجْتَنِبُوهُ، وَما أَمَرْتُكُمْ به فَافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ .. فإنَّما أَهْلَكَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ، كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ) صحيح مسلم.
 
- قوله (ذروني ما تركتكم): أي دعوني أو اتركوني فلا تسألوني في تفاصيل مسائل لم أكلمكم فيها وتركت تفصيل الكلام فيها .. فلا تكثروا من الاستفسار .. فإنه قد يؤدي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا بذبح البقرة فشدّدوا في التفاصيل .. فشدّد الله عليهم .
 
- قوله (فأتوا منه ما استطعتم): أي افعلوا ما في وسعكم ومقدرتكم حين تنفيذ ما أمرتكم به .. وإن عجزتم عن فعله لسبب ما اعترضكم فلا حرج عليك .. كالذي لا يستطيع الصلاة إلا وهو جالس لسبب مرض مثلا .. فهذا هو قدر استطاعته في أداء الفرض ..
 
- وبكل تأكيد ليس المقصود من الإستطاعة هي أن تكون بحسب مزاجك وتقول مثلا لن أصلي غير ركعتين في اليوم فقط لأن هذه استطاعتي ..!! لا .. بل المقصود بالإستطاعة هو القدرة المتاحة لديك وقت تنفيذ الفعل النبوي أو القرآني .. لأنه قد تعوقك ظروف تمنعك من أداء الفعل المطلوب منك كما بلغك فعله .. كما سبق وأوضحنا في حدوث مرض مفاجيء أو لا يوجد لديك فائض مال لتزكي منه أو لا قدرة لك مالية للذهاب إلى الحج .. وما شابه ذلك من أمور خارجة عن استطاعتك ومقدرتك .. والله أعلم .
 

*************************

 

..:: س28: ما الدليل من أفعال الصحابة والتابعين على أنهم جعلوا من الحديث النبوي حجة شرعية ؟ ::..

 
- ثالثا: أدلة شرعية على عمل الصحابة بالأحاديث الشريفة:
1- في الحقيقة كل الأحاديث النبوية الصحيحة المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم .. نجد أن الذين رووها هم الصحابة .. ولو لم تكن حجة شرعية ما كانوا تكلفوا التحدث بكلام النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
- ولكن دعني أحكي لك موقفين لهما من الأهمية الكثير ..
 
2- حيث نجد أن الصحابة أنفسهم كانوا يأخذون بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ممن يعرفونه بأمانته وصدقه .. ويظهر ذلك في قصة طاعون عمواس المشهورة حين تحيّر الفاروق رضي الله عنه .. ماذا يصنع ؟ هل يكمل مسيرته للشام التي أصابها الطاعون أم يعود ؟ وشاور الصحابة الموجودين حينئذ في ذلك الأمر .. ولم يجد عندهم شيئا من حديث النبي صلى الله عليه وسلم .. فاجتهد وقال بالرجوع .. ولكن لما جاءه عبد الرحمن بن عوف، ولم يكن قد حضر الشورى وأخبر الفاروق والصحابة بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بقوله: إن عندي في هذا علما، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم به -أي الطاعون- في أرض فلا تقدموا عليها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه) .. فكان هذا الحديث موافقا لاجتهاد عمر .. واطمئن به لصحة اجتهاده .. ولكنه تثبَّت بالحديث النبوي ..
- ونجد من وراء هذه القصة .. أننا لم نجد أحد من الصحابة الحاضرون بما فيهم عمر بن الخطاب .. أنه اتهم الصحابي عبد الرحمن بن عوف في مقالته .. ولم يقولوا له اثبت لنا أنك سمعت النبي قال بذلك الحديث .. وذلك لأنه صحابي ثقة وأمين وصادق .. ولا يتصور كذبه على النبي صلى الله عليه وسلم.
 
3- وحينما حدثت فتنة الخوارج في عهد الإمام علي بن أبي طالب .. فكان من توجيهات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لابن عباس حين توجّه لمناظرة الخوارج أن تكون حجته بالسُّنَّة .. لأن الخوارج كانوا يتأولون القرآن الكريم كما يترائى لهم ويتفق مع أفكارهم ..، بينما السنة النبوية تكشف عن مخالفتهم للإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ..، ولا يزال منهج الاحتجاج بالسنة النبوية وسيلة لكشف متبعي منهجية جماعة الخوارج في كل زمان ومكان ممن يتظاهرون بالعلم والفهم . 
 
* ونجد مما سبق من مواقف الصحابة ما يظهر لك مدى اهتمامهم بالحديث النبوي كحجة شرعية .. إذن الحديث كان له حكمه وقوته وشرعيته بين الصحابة حتى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .. وكان مشهورا ومعلوما بينهم .. ولا مطعن في ذلك عند أحد من الصحابة ..

- رابعا: أدلة شرعية على عمل التابعين بالحديث النبوي:

- تأمل معي أخي الحبيب ما قاله الخليفة عمر بن عبد العزيز وهو من ثقات التابعين:

- عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: (كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا رَأْيُ الْأَئِمَّةِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ كِتَابٌ، وَلَمْ تَمْضِ بِهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا رَأْيَ لِأَحَدٍ فِي سُنَّةٍ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده صحيح.

- وعَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قال: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَبْعَثْ بَعْدَ نَبِيِّكُمْ نَبِيًّا، وَلَمْ يُنْزِلْ بَعْدَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا، فَمَا أَحَلَّ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَلَالٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَا حَرَّمَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ فَهُوَ حَرَامٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) رواه الدارمي .. وقال محققه الشيخ حسين الداراني: إسناده جيد.

* وختام القول أخي الحبيب:

- بعد جملة الأدلة التي تم ذكرها في هذا الفصل .. يكون لديك أكثر من عشرين دليل قطعي في وجوب العمل بالسنة النبوية ..

- فلا تجعل أحد يخدعك من بعض جماعة القرآنيين ويقول لك: نحن لا نعترض على الحديث النبوي .. وإنما نعترض على كونه يحتمل الظن والخطأ .. لأنها أحاديث آحاد !! لا .. فهو متلاعب وغير صادق وغير أمين في دعواه .. وقد سبق الرد على هذه الطائفة المخالفة لأهل السنة والجماعة والمتسترة وراء قناع القرآنيين أو المستنيرين .. فارجع إلى الفصل الخاص بأحاديث الآحاد وخاصة السؤال رقم 15 وما بعده ..

 

****************************

 

..:: س29: ما هو حكم من ينكر شرعية وحجية الأحاديث النبوية المثبتة بسند ومتن صحيح ؟ ::..

 

- انتبه إلى أننا نتكلم هنا عن الأحاديث النبوية التي فيها قول أو فعل أو تقرير من النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن لا نتكلم عن أحاديث قالها صحابة أو تابعين أو صالحين أو غيرهم ..!! لأن أقوالهم الموقوفة عليهم ليست حجة شرعية ملزمة إلا لو كانت عن أفعال فعلوها في زمن النبي ويغلب على الظن أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم عليها فتكون كالحديث المرفوع .. وما عدا ذلك من أقوال وأفعال الصحابة فإنما هي مجرد اجتهادات منهم وليست حجة شرعية ..!!

 

 

- ولذلك ما نتكلم عنه هنا هو الحكم على من ينكر ويجحد الحديث النبوي .. سواء المتواتر أو الآحاد الذي تم وصوله إلينا بسند ومتن صحيح ..
 
- ومن وجهة نظري هناك ثلاث طرق للحكم في هذه المسألة ..
- الطريق الأول: من عملوا بالأحكام ونشروا واعتقدوا فيها ولكن توقفوا عن العقائد التي لا دليل عليها في القرآن ولا الحديث المتواتر ..
- فكثير من علماء أهل السنة والجماعة قد أخذوا الأحاديث الصحيحة وعملوا بها في الأحكام وعتقدوا ما فيها من العقائد .. إلا أن البعض منهم ترك الأخذ بها في العقائد احتراز وليس إنكارا وجحودا .. ولكن لا يعتقدها كحجة واجبة حتى يشفع لها يقين من القرآن أو تواتر من الأحاديث .. ولذلك يتركها في محل الظن ولا يأخذ بها .. لأن مذهبهم في ذلك أنها أحاديث آحاد تحتمل الظن .. والعقائد لا يتم الأخذ بها بالظنون بل باليقين .. واستدلوا على ذلك بأدلة من القرآن ..!!
 
- وقد سبق الكلام على هذا الموضوع .. وقد ذكرت وجهي نظري في الرد عليهم وبما استدلوا به .. ولا أراه مقنعا ..!!
 
- ولكن ما حكمهم في ترك أحاديث الآحاد كما هي محل الظن ؟
- لا شيء عليهم لأن لهم حجتهم أمام الله .. بل ونحسبهم على خير .. حيث أن من ترك الأخذ بها علماء أكابر وأفاضل ومن أهل السنة والجماعة .. ولا نتهمهم في دينهم أبدا ... وأيضا لا نتبعهم في رأيهم الذي ذهبوا إليه .. !!
 
- أما من لديهم هواية التكفير في عصرنا خاصة المنتشرون على النت .. فهؤلاء مخطئون وعليهم من الله ما يستحقون نتيجة تكفيرهم لمؤمنين شهدوا ان لا إله إلا الله محمد رسول الله واتبعوا كلام الله واتبعوا كلام رسوله حتى في أحاديث الآحاد وعملوا بها ونشروها بين العباد بل وحكموا على من ترك الأخذ بها بأنه تعمد جحود وعصيان النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يخرجه من دائرة الإيمان ..
 
- ولكن هؤلاء العلماء الذين أخذوا بالأحكام والتوجيهات النبوية .. قد توقفوا عن أخذ الأحاديث السمعية الغيبية (العقائدية) التي لا دليل عليها من القرآن ولا الحديث المتواتر .. وذلك لاحتمالية الظن فيها .. !! فكيف يتم تكفيرهم أو حتى الإساءة إليهم ..؟!! فضلا عن أنهم لا ينكرون السمعيات ولكن توقفوا عن الأخذ بها احترازا من أن تكون خطأ فيحملوا في باطنهم ما هو باطل لا يحبه الله ..!!
 
- فمسألة احاديث الآحاد العقائدية عندهم تساوي جملة (الله أعلم إن كان قاله النبي أم لا) .. ولكنها ليست بمفهوم جملة (هذا لم يقل به النبي) ..!! والفرق بين المعنيين كبير جدا لمن له إدراك في عقله ..!!
- حيث أن الجملة الأولى تفيد معنى أنهم توقفوا عن الحكم عليها بكونها حق أم باطل .. ولكن الجملة الثانية تفيد الإنكار الحتمي للحديث .. وهذا لم يقل به أحد ممن توقفوا عن الأخذ بحديث الآحاد في العقائد .. فانتبه لهذا الكلام جيدا رحمك الله .. حتى لا تحكم على أحد من المؤمنين بالباطل فتكون اكتسبت إثما مبينا ..!!
  
- الطريق الثاني: من جحدوا الأحكام والعقائد وأنكروا الحديث النبوي جملة وتفصيلا ..
- الحكم فيمن أنكر بصورة كلية حجيَّة الحديث الشريف كمصدر للتشريع سواء في (الأحكام والعقائد) .. بالرغم من كونه بسند ومتن صحيح سواء متواتر أو آحاد ..
أ- فهو في نظر جماعة من علماء التشريع أنهم اتفقوا على أن المنكر لذلك فقد اتبع سبيل غير المؤمنين وانحرف بعيدا عن الحق .. أي في ضلال مبين مبتعدا عن الحق ولكنه لا يحكم عليه بالكفر وأمره إلى الله .. ومن وجهة نظري هذا الرأي هو الأقرب للصواب ..
 
ب- وبعض العلماء جعل المنكر لتشريع الحديث الشريف المثبت صحته إنما هو خارج ملة الإسلام .. أي كافرا .. لأنه أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة .. ورد الأمر على الله جحودا له جل جلاله لأنه رد اتباع أمر الله باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .. فهو خارج ملة الإسلام بفعله هذا .. وحاله كحال من اتبع سبيل المنافقين والكافرين في التولي عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم..
 
1- انتبه جيدا:
- الحكم السابق بالضلال المبين أو بالتكفير .. إنما ذلك في حالة جحود تشريع الحديث النبوي بصورة كلية وكأنه لا وجود لشيء اسمه الحديث النبوي في الأحكام والعقائد ..
 
- الطريق الثالث: إنكار حديث أو عدة أحاديث في مسائل مختلفة بحجة شرعية ودليل صحيح ..
- قد يختلف أحد في إنكار حديث أو بعض الأحاديث من جملة الأحاديث .. وذلك لظنه أن هذه الأحاديث تناقض آية قرآنية أو مستحيلة عقلا .. فهذا لو أخطأ في حكمه في أن يجمع بين آية وحديث مثلا .. ورأي تعارض بينهما .. في حين انه لا تعارض فعلي بينهما وإنما خفي عليه طريقة الجمع بين الآية والحديث .. فهو مأجور ولا حكم فيه إلا بمجرد أنه قد يكون أخطأ في الجمع بين الآية والحديث ويكون له من الأجر بقدر اجتهاده حتى ولو أخطأ ..
- بل وقد يكون له في إنكاره شيئا من الصواب والحق مما لم ينتبه إليه غيره فيكون الله أبصره بما لم يبصر به غيره .. وذلك حسب قوة استدلاله وبيانه في توضيح مقصده ورجاحته على غيره من الآراء .
 
- هذا والله أعلم .
 
- وكما قلنا سابقا أن الحديث من حيث الموافقة عليه والعمل به أو رده وتركه .. ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- حديث موافق لما في القرآن .. والأخذ به فرض .
2- وحديث زائد على ما في القرآن فهو مضاف إلى ما في القرآن من حكمة النبي لكونه نبيا يوضح ويبين للناس ما أنزله الله وهذه خصوصية نبوية.. والأخذ به فرض .
3- وحديث مخالف أي مناقض ومعارض لما هو مثبت في القرآن .. أو فيه مستحيلا عقليا .. فهو متروك وباطل.

 

**********************

:: الفصل السابع ::

:: مراحل تدوين السنة والإعتناء بها ::

***********************

..:: س30: هل تم كتابة الحديث النبوي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وما هي مراحل تدوين الأحاديث النبوية ؟ ::..

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات ..