ج22: رسالة الحق والنور - كيف يكون للنبي نهي خاص به وإلا هذا سيدفعنا لنقول أن الله قد نسى أحكاما أن يذكرها في القرآن وهذا محال ؟!!

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الثاني والعشرون)

* فهرس:

:: الفصل الحادي والعشرون :: عن الأحكام النبوية التي لم تذكر في القرآن ::

1- س71: كيف يكون للنبي نهي خاص به وإلا هذا سيدفعنا لنقول أن الله قد نسى أحكاما أن يذكرها في القرآن وهذا محال ؟!!

**********************

:: الفصل الحادي والعشرون ::

:: عن الأحكام النبوية التي لم تذكر في القرآن ::

*********************

..:: س71: كيف يكون للنبي نهي خاص به وإلا هذا سيدفعنا لنقول أن الله قد نسى أحكاما أن يذكرها في القرآن وهذا محال ؟!! ::..

 
- من الشبهات التي يروج لها جماعة القرآنيين .. فيقول: أنه كيف يكون للنبي نهي خاص به .. فهل نسى الله أن يذكر أحكاما في القرآن ؟!! كيف يعقل هذا الكلام ؟!!
 
- بل ويوجد من الأحاديث ما يرشد إلى هذا المعنى .. فمنها:
- ما جاء في الحديث: (ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو فاقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى شيئا وتلا (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) مريم:64) رواه الطبراني والبزار والحاكم .. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي .. وقال الهيثمي : رجاله موثقون .. وذكره الألباني في الصحيحة..
- وهناك حديث آخر يقول: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد حدودا فلا تعتدوها وسكت عن أشياء رحمة لكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها) رواه الدارقطني .. وفي اسناده انقطاع .. وقد ضعفه الألباني في غاية المرام لوجود انقطاع في سنده.
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- للإجابة على هذا الكلام السابق في شبهة من يستخدم أسلوب الإرجاف لنفوس المؤمنين .. فهو سيكون على جزئين:
- الأول: مناقشة أكذوبة أن للنبي نهي خاص به ..
- الثاني: مناقشة الأحاديث التي أستدلوا بها ..
 
- وبعد هذه المناقشات ستدرك معلومات قيمة لم تكن تعلمها من قبل .. وستزيدك بصيرة وفهم في الدين بإذن الله تعالى .. وستعلم حينها أن هؤلاء القوم إنما يستغلون جهل العوام ليستخفوا بعقولهم لتضليلهم في دينهم .. وإليك بيان ما سبق:
 
- أولا: القول بأن للنبي نهي خاص به .. فهذا كذب وتضليل .. لأنه لم يقل أحد من المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اخترع شرع خاص به حتى تقول أنه نهي خاص به .. فهذا يسمى افتراء بالكذب في الدين .. !!
 
- وإنما ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم هو تبيين الأحكام القرآنية .. كما يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44.
 
- وهذا التبيين من النبي لأحكام القرآن على نوعين:
1- أما لتبيين كيفية أداء الحكم (الفرض) .. حيث يأتي الأمر بفعل فرض ولكن دون تبيين كيفية أداءه .. كالصلاة والزكاة ..
 
2- وإما تبيين لحكم فرعي لحكم أصلي في القرآن .. حتى يظهر من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه .. كتحريم الجمع بين زواج المرأة وخالتها أو المرأة وعمتها .. أي أن التعدد بجمع الزوجة وخالتها أوعمتها لا يصح ..
 
# وإليك تفصيل ما سبق: 
1- تبيين كيفية أداء الفعل (الفرض) ..
- حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبين ويوضح ما كان مجملا في أحكام القرآن .. حيث يقوم بتفصيل بيان ذلك .. وهذا بحكم القرآن له في ذلك حيث يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44.
 
- فقوله (لتبين): فيه دلالة واضحة لشرح ما في القرآن وذكره لنا بقول منه أو فعل فعله .. وهذا لا يكون إلا من خلال تتبع أحاديثه صلى الله عليه وسلم .
 
- فمثلا .. الصلاة جاء الأمر بها في القرآن أن نفعلها .. ولكن لم يخبرنا القرآن عن أوقاتها وكيفية أدائها من ركوع وسجود وعددها في كل وقت وما الذي ينقض فرض الصلاة وغير ذلك من مسائل تتعلق بالصلاة ..
- ومثلا .. الزكاة مطلوبة من المؤمن ولكن القرآن لم يوضح لنا مقدار نسبة هذه الزكاة في الأموال والزروع والمواشي ..!!
 
- ويتبين لك أخي الحبيب مما سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم .. لم يخترع حكما ليس موجودا في القرآن .. وإنما أوضح وبين ما ليس معلوما في مجمل أحكام القرآن .. وذلك يوجد أمر قرآني فيه حيث يقول تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44.
 
2- أما عن تبيين حكم إضافي فرعي لحكم أصلي قرآني ..
- كتحريم التعدد والجمع بين المرأة وعمتها وخالتها .. فهذا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول: (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا) صحيح البخاري.
 
- فالحكم الأصلي هو قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء23.
- قوله (رَبَائِبُكُمُ): الربيبة هي ابنة الزوجة من زوج آخر ..
 
- فالآية السابقة هي حكم أصلي في أنه يوجد نساء محرم على الرجال الزواج بهن سواء تحريم بسبب النسب أو بسبب الرضاعة أو بسبب المصاهرة .. ولم يذكر الله في المحرمات بالمصاهرة تحريم الزواج بعمة الزوجة أو خالتها .. ولذلك جاء الحكم الفرعي هو تحريم زواج المرأة مع عمتها أو خالتها في عصمة نفس الرجل .. وهذا الحكم الفرعي لم يذكره القرآن في آية المحرمات ..
 
- وإنما ترك الله توضيح ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم .. لسببين من وجهة نظري:
- الأول: حتى ينكشف من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ..
- الثاني: لأن هذه الآية تتكلم عن التحريم المؤبد .. وليس التحريم المؤقت .. والزواج بعمة الزوجة أو خالتها هو تحريم مؤقت .. فلو ماتت الزوجة أو طلقها وانتهت عدتها .. فيصح أن يتزوج الرجل بعمتها أو بخالتها .. ولكن لا يصح الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها .. في حياة الزوجة وبقائها في عصمته أو لو كان طلقها ولازالت في عدتها ..
 
- مهم جدا أن تعرف:
- لو لاحظت أخي الحبيب .. ستجد أن الذي ينكر هذا الحكم الفرعي الإضافي الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم على آية المحرمات من النساء .. فهذا معناه أن بعض هؤلاء القرآنيين يسعى ليستبيح الحرام وهو الجمع بين الزوجة وعمتها وخالتها وذلك من خلال جحوده وإنكاره للحديث النبوي .. مع علمه التام بأنه قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك نهي تحريم حيث قال (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا) صحيح البخاري.. ولكنه لا يعترف بأن هذا حديث النبي صلى الله عليه وسلم جحودا منه واستكبارا ..!!
 
- وهذا فيه دلالة على فساد حالهم الديني لأنهم أنكروا ما هو معلوم من الدين بالضرورة فيكونوا كالذي كفر بالحكم الشرعي جحودا ..!!
 
- فضلا عن أن من يحكم بتحليل ما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم .. في حين قد بلغنا حديثه بسند صحيح ومتن غير مناقض للقرآن .. فقد جحد حكم النبي عمدا وحكم على الحرام بأنه حلال وهذا كذب على الله .. وفي أمثال هؤلاء يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) النحل116.
 
- بل ويظهر لنا من حالهم كانهم يريدون اتباع نفس منهجية اليهود في قبول الأحكام الإلهية .. حيث آمنوا ببعض الأحكام وكفروا بالبعض الآخر .. ولذلك قال تعالى في اليهود وكل من يتبع نفس المنهجية: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة85 ..
 
# من أكاذيب بعض القرآنيين في تلفيق الآيات القرآنية في الإستدلال على الأحكام ::
- وجدت البعض من هذه الطائفة يثبت حكم تحريم الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها .. إلا أنه جاحد للحديث النبوي .. ثم اخترع حكم بالكذب على القرآن من خلال آية في القرآن ليثبت به هذا التحريم ..!!
 
- يقول هذا الجاحد للحديث النبوي على اليوتيوب .. ردا على سؤال من إعلامي يسأله: أين نجد تحريم تعدد الجمع بين (المرأة وعمتها وخالتها) في القرآن .. لأن ذلك محرم بنص الحديث النبي فقط ؟
 
- فقال هو فعلا محرما .. ودليل ذلك موجود في القرآن .. ثم استدل فقال (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ ...) النساء23.
 
- ونحن نتعجب من استدلاله بالآية السابقة .. مستكبرا أن يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم (لَا يُجْمَعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَعَمَّتِهَا، وَلَا بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا) ... كما هي عادة هؤلاء القرآنيين !! وهو يتعمد فعل ذلك حتى يمحو هوية التشريع النبوي الذي حرم هذا الجمع والتعدد بين المرأة (الزوجة) وعمتها وخالتها ..!!
 
- وإذا نظرنا في مسألة التحريم هذه .. فكما هو معلوم أن هذا التحريم (تحريم الجمع بين الزوجة وعمتها أو خالتها) لا وجود له في نص القرآن بإجماع أمة سيدنا محمد من يوم بعثته إلى تاريخنا هذا ..
 
- ولكن هذا الرجل اخترع حكما قرآنيا جديدا لم يسبقه إليه أحد فيما أعلم .. مستكبرا أن يقول حديث النبي صلى الله عليه وسلم في التحريم .. وأثبت حكم تحريم الزوجة وعمتها أو خالتها .. بقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ ...) النساء23 .. وهذا استدلال بالكذب على الله وعلى المؤمنين .. ولكن كيف كذب ؟
 
- انظر للآية .. واسأل نفسك .. هل الآية تتكلم عن العمات والخالات قريبة الدم من الشخص نفسه (أي المحرمات بالنسب) .. أم العمات والخالات قريبة الدم من المرأة التي سيتزوجها (أي المحرمات بالمصاهرة) ؟!!
 
- بكل تأكيد تتكلم عن عمات وخالات الرجل من لهم صفة دم وقرابة أقارب الدم لأنهن العمات والخالات .. فالرجل لا يستطيع أن يتزوج عمته ولا خالته .. !! وبكل تأكيد نجد أن المرأة التي سيتزوجها الرجل لا توصف عمتها أو خالتها بأنها عمة الرجل أو خالة الرجل ..!! ولماذا حينما تكلم الله عن المحرمات بالمصاهرة لم يذكر عمات أو خالات الزوجة ؟!!
 
- فإذا كان الأمر كذلك .. فمن أين أتى بالتحريم لخالة المرأة وعمتها من الزواج بالرجل في هذه الآية ؟!! أم أن هذا تعمد الكذب على الله في قول حكم لم يثبته القرآن في هذه الآية ؟!!
 
- ألا يعقل هذا الشخص ما ينطق به .. ويفهم أن الآية تكلمت عن ثلاث مسائل وهي المحرمات بالنسب وبالرضاعة وبالمصاهرة ..؟!!
 
 
- لكن على الأقل هذا الرجل الذي يزعم أنه من جماعة القرآنيين لم يحلل جمع زواج المرأة وعمتها وخالتها .. بالرغم من أن استدلاله باطل عقلا ولغة وشرعا ..!!
 
- ولكن غيره من القرآنيين ومنكري التشريع النبوي قد استباح تحليل ذلك لأنه لا دليل على تحريم تعدد وجمع (الزوجة وعمتها وخالتها) في القرآن .. والنص الذي حرم ذلك إنما هو بنص الحديث النبوي فقط .. والذي هم بهذا التشريع النبوي جاحدون به ليستبيحوا ما حرم الله ..!!
 
- ونسأل الله الهداية لكل من انحرف عن طريق الحق .. أن يردهم إليه مردا جميلا .. آمين يا رب العالمين .

 

ثانيا: ومن ناحية أخرى بعد بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له نهي خاص به كما يزعم بعض من يكذبون في العلم .. فنجده يستدل بأحاديث كمجادلة ليثبت صحة كلامه ..!! كهذه الأحاديث "وقد قمت بتخريجها لنتبين صحيحها من ضعيفها":

 

- ما جاء في الحديث عَنْ عَاصِم بْنِ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَن أَبيهِ، عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُ: (مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ حَلالٌ .. وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ .. وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفْوٌ .. فَاقْبَلُوا مِنَ اللَّهِ عَافِيَتَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُنْ لِيَنْسَى شَيْئًا .. ثُمَّ تَلا هَذِهِ الآيَةَ (وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً) مريم:64) رواه البزار والطبراني والحاكم .. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي .. وقال البزار: وعَاصِم بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ، وَأبُو رَجَاءٍ قَدْ رَوَى عَن أَبِي الدَّرْدَاءِ غَيْرَ حَدِيثٍ وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ .. وقال الهيثمي: إسناده حسن ورجاله موثقون .. وذكره الألباني في الصحيحة برقم 2256 ..

- (قلت خالد صاحب الرسالة): وقال البعض كالأرنؤوط في تخريج بن ماجه بما معناه أن إسناده منقطع لأنّ رجاء بن حيوة لم يسمع من أبي الدرداء وعلى هذا فهي رواية مرسلة ..، وإن كان الأرنؤوط قد حسَّن الحديث لمجموع طرقه وشواهده .. !!

- وكذلك نجد أن الترمذي قد شك في روايتة لهذا الحديث من رواية "سليمان التيمي" وقال ما مختصره من لفظه: هذا حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه .. وكأنّ الحديث الموقوف أصح .. والله أعلم.

- (قلت خالد صاحب الرسالة): والحق مع الذين ضعفوا الحديث لأن سنده منقطع .. ومن حسنه أو صححه فلعله لم ينتبه لهذه العلة .

  

- وهناك حديث آخر يقول: (إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم لا عن نسيان فلا تبحثوا عنها) رواه الدارقطني .. وحسنه النووي في الأذكار ..، وحسنه الأرنؤوط بشواهده في تخريج رياض الصالحين ..، وقال بن القيم في اعلام الموقعين بأن إسناده جيد ..، وقال بن حجر في المطالب العليا: رجاله ثقات إلا أنه منقطع .. وقد ضعفه الألباني في غاية المرام لوجود انقطاع في سنده.

- (قلت خالد صاحب الرسالة): والحق مع الذين ضعفوا الحديث لأن سنده منقطع.. ومن حسنه لعله لم ينتبه لهذه العلة .

 

- وهناك حديث صحيح موقوف على قول بن عباس رضي الله عنه قال: (كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يَأْكُلُونَ أَشْيَاءَ وَيَتْرُكُونَ أَشْيَاءَ تَقَذُّرًا فَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْزَلَ كِتَابَهُ وَأَحَلَّ حَلَالَهُ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ فَمَا أَحَلَّ فَهُوَ حَلَالٌ وَمَا حَرَّمَ فَهُوَ حَرَامٌ وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ عَفُوٌّ» وَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ) [الأنعام: 145]) رواه الحاكم .. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه .. ووافقه الذهبي وقال: صحيح.

 

# وهنا أقول تعقيبا على ما سبق:

1- من العجيب أن تستدل بأحاديث أنت أصلا منكرا لها أن تكون أحاديث نبوية .. فكيف تستدل بها بما أنت له جاحد ؟!!

2- وأعجب من ذلك استدلالك بالحديث ظنا منك أنه لا دليل فيه على الأخذ بالتشريع من كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا لا يقول به إلا من انعدمت بصيرته في الفهم والعقل .. ليه ؟

- لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما حرم فهو حرام .. وما سكت عنه فهو عفو) رواه الطبراني..

- وعلى افتراض صحة الحديث .. وهذا لم يصح لوجود علة فيه (ما عدا قول بن عباس) .. وضعف الأحاديث كافي لإبطال شبهتكم .. ولكن سأفترض أن حديث النبي قد يكون صحيح .. لعل له طرقا تقويه .. وعلى هذا الإفتراض فأقول لكم:

- هل الله تبارك وتعالى جعل طاعة نبيه من المحرمات ؟ بكل تأكيد .. لا

- هل الله تبارك وتعالى جعل طاعة النبي فرض أم لا ؟ بكل تأكيد .. نعم ..

- فإذا كانت طاعة النبي واتباعه ليست من المحرمات بل واجبة وفرضا  علينا .. فلماذا لا تأخذ ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لنا من تفصيل مجمل القرآن وتوضيح ما خص حكمه ولم يذكره القرآن ؟!!

- فكيف تزعم أن الحديث يخلو منه حكم الله في وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن يرشد إلى اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمرنا به وفيما نهانا عنه .. وقد أثبتنا ذلك سابقا في أدلة شرعية الحديث الشريف من القرآن .. فارجع إليها عند (السؤال رقم 26) .. تحت عنوان (ما هي أدلة وجوب الحديث الشريف كحجة شرعية ملزمة لكل مؤمن من القرآن كما أثبتها علماء المسلمين في كل زمان ومكان؟) ..

 

- ثالثا:  إذا كان من الغريب منهم الاستدلال بمثل هذه الأحاديث التي استدلوا بها بالرغم من أن أحدهما ضعيف ولا يصح الإستدلال به .. !!
- ولكن طالما جعلوا من الحديث حجة بيننا وبينهم .. فأبصر ما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث:
1- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ، أَلَا يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط:  إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.
- قوله (ينثني شبعانا على أريكته): أي يكون مثل الذي ينحني على الأريكة بجنبه على الأريكة كسرير أو كنبه أو يجلس متربعا عليها وحاله شبعانا ..!! وفي هذا دلالة على بلادة هذا الشخص وقلة علمه وعدم سعيه في تلقي العلم والأخذ به .. والله أعلم .
 
- وفي رواية بلفظ: (إنِّي أوتيتُ الكتابَ وما يعدِلُه .. يوشكُ شَبْعانُ على أريكتِه أنْ يقولَ: بيني وبينكم هذا الكتابُ فما كان فيه مِن حلالٍ أحلَلْناه وما كان فيه مِن حرامٍ حرَّمْناه .. ألَا وإنَّه ليس كذلك) صحيح بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده قوي.
 
- وفي رواية بلفظ: (ألا إني أوتيتُ الكتابَ ومثلَه معه، ألا يوشِكُ رَجُلٌ شَبعانُ على أريكته يقول: ....) صحيح أبي داود.
 
-  قوله (ما يعدله) (مثله معه) : قال الإمام الخطابي رحمه الله .. يحتمل أن يكون معناه .. أنه أوتي الكتاب وحياً يُتلى، وأوتي معه البيان .. فأُذِنَ له أن يبين ما في الكتاب، ويَعُمَّ ويخُصَّ، وأن يزيد عليه فيشرع ما ليس له في الكتاب ذكر، فيكون ذلك في وجوب الحكم ولزوم العمل به كالظاهر المتلو من القرآن ..
- وقلت (خالد صاحب الرسالة): ولعل الإمام الخطابي يشير لقوله تعالى:(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) النحل44..
 
2- عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا هل عسى رجلٌ يبلُغُه الحديثُ عني وهو مُتَّكِئٌ على أريكَتِهِ ، فيقولُ: بينَنَا وبينَكم كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه حلالًا استحلَلْنَاه ، وما وجدْنا فيه حرامًا حرَّمناه .. وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كما حرمَ اللهَ) صحيح الترمذي.
 
- قوله (ألا هل عسى رجل يبلغه): أي قد اقْتَرَبَ زمانٌ أنْ يكونَ هناك فيه رجل يبلغه حديثي فيقول منكرا له جاحدا .. لا نعترف إلا بالقرآن .. فما فيه من حلال فهو حلال وما فيه من حرام فهو حرام وما عدا ذلك فلا نعترف به ..!!
 
- وفي رواية أخرى عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي يَقُولُ: (حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ أَشْيَاءَ، ثُمَّ قَالَ: " يُوشِكُ أَحَدُكُمْ أَنْ يُكَذِّبَنِي وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثِي، فَيَقُولُ: بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللهِ، فَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ، وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ، أَلَا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللهُ) رواه أحمد والدارقطني .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح.
- وكان من الأمور التي حرمها النبي كما قال الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي في رواية أخرى: (نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ، وَعَنْ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح.
 
- قوله (الْحُمُرِ الْإِنْسِيَّةِ): أي الحمير التي يستخدمها الناس في نقل المتاع والانتقال عليها أو استخدامها في العمل ..
- قوله (كل ذي ناب من السباع): كالأسد والنمر والفهد والذئب والكلب وما شابه ..
 
3- عَن الْعِرْبَاض بن سَارِيَة قال: (أَنه حضر رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يخْطب النَّاس، وَهُوَ يَقُول: أيحسبُ أحدُكمْ متكئًا على أريكتِهِ أنَّ اللهَ تعالى لمْ يحرمْ شيئًا إلَّا ما في هذا القرآنِ ؟ ! ألَا وإنِّي واللهِ قدْ أَمَرتُ ووعظتُ ونهيتُ عنْ أشياءَ إنَّها كمثلِ القرآنِ أو أكثرُ) رواه أبي داود .. وصححه السيوطي في الجامع الصغير ، وحسنه بن حجر في المشكاة .. وحسنه الألباني في الصحيحة .. وقال الأرنؤوط في تخريج أبي داود: صحيح لغيره وهذا اسناد حسن.
 
4- عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لَأَعْرِفَنَّ مَا بَلَغَ أَحَدَكُمْ مِنْ حَدِيثِي شَيْءٌ، وَهُوَ مُتَّكِئٌ عَلَى أَرِيكَتِهِ، فَيَقُولُ: مَا أَجِدُ هَذَا فِي كِتَابِ اللهِ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط: حديث صحيح وهذا إسناد حسن.
- قوله (لأعرفن ما بلغ): أي أعرف يقينا بما عرفني ربي من أنباء الغيب أن أحدكم (من المسلمين) حينما يصله من حديثي شيء فيه تحريما .. وحاله يكون جالسا على سرير له أو كرسيه .. ثم يكون رده أن هذا لا أجده في القرآن ..!! "يريد تكذيب الحديث النبوي كما ظهر في الرواية السابقة" .. !!
 
5- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني قد تركتُ فيكم ما إنْ اعتصمتُم به فلن تضلّوا أبداً، كتابَ الله، وسنةَ نبيه) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد .. وذكره الألباني في صحيح الترغيب ..
- وفي رواية بلفظ: ( تركتُ فيكم شيئينِ لن تضلوا بعدَهما كتابَ اللهِ وسنتي) رواه البزار .. وذكره الألباني في منزلة السنة بأنه حسن.
 
6- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُلُّ أُمَّتي يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ إِلَّا مَن أَبَى، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَن يَأْبَى؟ قالَ: مَن أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ، وَمَن عَصَانِي فقَدْ أَبَى) صحيح البخاري.
 
7- وعن أبي هريرة قال: (خَطَبَنَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَيُّهَا النَّاسُ قدْ فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ الحَجَّ، فَحُجُّوا، فَقالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حتَّى قالَهَا ثَلَاثًا، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: لو قُلتُ: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَما اسْتَطَعْتُمْ، ثُمَّ قالَ: ذَرُونِي ما تَرَكْتُكُمْ، فإنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بشيءٍ فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ، وإذَا نَهَيْتُكُمْ عن شيءٍ فَدَعُوهُ) صحيح مسلم.
 
- وفي رواية عن أبي هريرة أنه سمع النبي يقول: (ما نَهَيْتُكُمْ عنْه فَاجْتَنِبُوهُ، وَما أَمَرْتُكُمْ به فَافْعَلُوا منه ما اسْتَطَعْتُمْ .. فإنَّما أَهْلَكَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ، كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ، وَاخْتِلَافُهُمْ علَى أَنْبِيَائِهِمْ) صحيح مسلم.
 
- قوله (ذروني ما تركتكم): أي دعوني أو اتركوني فلا تسألوني في تفاصيل مسائل لم أكلمكم فيها وتركت تفصيل الكلام فيها .. فلا تكثروا من الاستفسار .. فإنه قد يؤدي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا بذبح البقرة فشدّدوا في التفاصيل .. فشدّد الله عليهم .
 
- قوله (فأتوا منه ما استطعتم): أي افعلوا ما في وسعكم ومقدرتكم حين تنفيذ ما أمرتكم به .. وإن عجزتم عن فعله لسبب ما اعترضكم فلا حرج عليك .. كالذي لا يستطيع الصلاة إلا وهو جالس لسبب مرض مثلا .. فهذا هو قدر استطاعته في أداء الفرض ..
 
* وبهذا يكون ختام هذا الفصل ويأتي بعده الشبهات التي يروج لها بعض جماعة القرآنيين من القرآن للدلالة على إسقاط السنة النبوية ..

 

*************************

:: الفصل الحادي والعشرون ::

:: آيات في القرآن تدل على ترك أي مصدر تشريع غير القرآن ::

************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -   ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  ..