ج30: رسالة الحق والنور - لو كان الحديث النبوي له مشروعية فلماذا لم يوصي به النبي في حجة الوداع - لو كانت السنة النبوية حجة شرعية فلماذا عمر بن الخطاب احتج على الصحابة وقال (عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ) - ولماذا لم ينهاه النبي عن قوله هذا أو يصحح له قوله بان يثبت السنة مع القرآن.

        بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الثلاثون)

* فهرس:

:: الفصل التاسع والعشرون :: تابع/ أدلة عقلية من جماعة القرآنيين والتنويريين ليطفئوا نور الحديث النبوي ويجحدوه كمصدر للتشريع ::

1- س92: لو كان الحديث النبوي له مشروعية فلماذا لم يوصي به النبي في حجة الوداع ؟

2- س93: لو كانت السنة النبوية حجة شرعية فلماذا عمر بن الخطاب احتج على الصحابة وقال (عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ) ؟ ولماذا لم ينهاه النبي عن قوله هذا أو يصحح له قوله بأن يثبت السنة مع القرآن ؟

 *************************

:: الفصل التاسع والعشرون ::

:: تابع/ أدلة عقلية من جماعة القرآنيين والتنويريين ليطفئوا نور الحديث النبوي ويجحدوه كمصدر للتشريع ::

************************

..::س92: لو كان الحديث النبوي له مشروعية فلماذا لم يوصي به النبي في حجة الوداع ؟ ::..

(أدلة من الحديث النبوي توجب مشروعية الحديث النبوي)

 
- قال بعض جماعة القرآنيين .. لو كان الحديث النبوي له مشروعية لكان النبي أوصى به في حجة الوداع .. وهو من آواخر كلامه في الدنيا ..!! فكيف لم يوصي بسنته أن يهتم الناس بها ؟!!
 
- واستدل بالحديث التالي:
1- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ وعترتي أهل بيتِي) صحيح الترمذي.
 
2- (إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضِلوا بعدِي – أحدُهما أعظمُ من الآخرِ – كتابُ اللهِ حبلٌ ممدودٌ من السماءِ إلى الأرضِ وعِترتي أهلُ بيتِي ولن يتفرَّقا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ فانظروا كيف تخلفونَنِي فيهما) صحيح الترمذي.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وكأن هذه الطائفة اجتمعت عزائمهم في البلادة العقلية .. فلا يستدلون إلا بما فيه اتهام لهم أو حجة عليهم .. !! ليه ؟
 
- أولا: الحديث الذي استدلوا به .. فيه دلالة على عمق ما تحمله نفوسهم من تضليل للمؤمنين .. ليه ؟
- لأن إثباتهم لهذا الحديث .. فيه دلالة على خيانتهم العلمية في إثبات العلم .. لأنه هذا الحديث الذي استدلوا به ليس هو فقط كل ما جاء في خطبة الوداع .. وإنما جزء منه في أحد رواياته .. حيث جاء في رواية أخرى جاء فيها: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، فَقَالَ: قَدْ يَئِسَ الشَّيْطَانُ بِأَنْ يُعْبَدَ بِأَرْضِكُمْ وَلَكِنَّهُ رَضِيَ أَنْ يُطَاعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا تُحَاقِرُونَ مِنْ أَعْمَالِكُمْ .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ أَخٌ مُسْلِمٌ، الْمُسْلِمُونَ إِخْوَةٌ، وَلَا يَحِلُّ لِامْرِئٍ مِنْ مَالِ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ، وَلَا تَظْلِمُوا، وَلَا تَرْجِعُوا مِنْ بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ) رواه الحاكم وقال: وَقَدِ احْتَجَّ الْبُخَارِيُّ بِأَحَادِيثِ عِكْرِمَةَ وَاحْتَجَّ مُسْلِمٌ بِأَبِي أُوَيْسٍ، وَسَائِرُ رُوَاتِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمْ.
 
- ثانيا: الحديث الذي استدلوا به .. ليس فيه دلالة إلى ما ذهبوا إليه:
- فالحديث ليس فيه دلالة على ترك الحديث النبوي .. وإنما فيه دلالة على العمل بما في كتاب الله واتباعه والذي من جملة آياته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) النساء59 ..، وفيه قوله تعالى: (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الاعراف158. ..، وفيه قوله تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ) الأحزاب21 ..، النساء80.
 
- ولا يخفى على من له عقل ولو بسيط .. أن الآيات السابقة تدخل أن أن للنبي اتباع خاص بحكمته صلى الله عليه وسلم وما يبينه للمؤمنين من أمور لم يأتي تفصيلها في القرآن  .. ثم كيف نتبع الأسوة الحسنة ونحن لا نعلمها إلا من خلال سنته وإلا كان هذه الآية لا عمل لها بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم ..!!  ولكان قوله (فردوه إلى الله ورسوله) أيضا أصبح لا عمل به إلا في القرآن فقط .. وبهذا يقول بتعطيل آيات الله بمحض هواه ..!!
 
- ولا يقول بتعطيل آيات الله بمحض الهوى إلا من ضل عن سبيل المؤمنين .. ويكفينا فيهم قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فصلت40.
 
- نعوذ بالله من كل نفس خالطها ظلام الأهواء حتى تجرأت بأن تلحد في آيات الله بمحض الهوى بأن تميل في تفسيرها إلى ما تحمله هواها من باطل ..!!
 
- ثالثا: أما عن استدلالهم بالحديث الصحيح .. فهذا حجة عليهم وليس حجة لهم .. ليه ؟!!
1- فهذا معناه أنهم يؤمنون بالأحاديث النبوية وإلا فكيف استدلوا بما لا يؤمنوا به ليكون حجة لهم إلا لو كانوا غير عقلاء ؟!! ..
- وطالما هم يزعمون أنهم عقلاء .. فيكون تركهم للأحاديث التي تثبت وجوب اتباع السنة النبوية هو جحود عمدا للنبي صلى الله عليه وسلم .. وطالما جحدوا كلامه عمدا (الذي يؤمنون به وإلا ما كانوا استدلوا به) ثم يشككون المؤمنون في كلامه .. فهم بذلك يشاقون النبي صلى الله عليه وسلم ويتبعون غير سبيل المؤمنين .. ويقول تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء115.
- قال الشيخ أسعد حومد رحمه الله في تفسيره للآيه:
- (يُشَاقِقِ): يُخَالِفِ.
- (نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى): نُخَلِّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا اخْتَارَهُ لِنَفْسِهِ.
- (نُصْلِهِ جَهَنَّمَ): نُدْخِلْهُ فِيهَا فَيُشْوَى فِيهَا.
- مَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم بِارْتِدَادِهِ عَنِ الإِسْلاَمِ، وَإِظْهَارِ العَدَاوَةِ لَهُ، وَمَنْ يَسْلُكْ غَيْرَ طَرِيقِ الشَّرِيعَةِ التِي جَاءَ بِهَا الرَّسُولُ، فَصَارَ فِي شِقٍّ، وَالشَّرْعُ فِي شِقٍّ آخَرَ، وَذَلِكَ عَنْ عَمَدٍ مِنْهُ، بَعْدَمَا ظَهَرَ لَهُ الحَقُّ، وَتَبَيَّنَ لَهُ الرُّشْدُ، وَمَنْ يَتَّبعْ غَيْرَ سَبِيلِ المُؤْمِنِينَ، التِي قَامَ عَلَيْهَا إِجْمَاعُ الأُمَّةِ المُسْلِمَةِ (وَإِجْمَاعِ الأُمَّةِ دَلِيلٌ عَلَى العِصْمَةِ مِنَ الخَطَأ) ، جَازَاهُ اللهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُحَسِّنَ لَهُ أَفْعَالَهُ فِي صَدْرِهِ، وَيُزَيِّنَهَا لَهُ اسْتِدْارَجاً لَهُ، وَيَجْعَلَ مَصِيرَهُ فِي جَهَنَّمَ، يَصْطَلِي بِلَظَاهَا، وَسَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمَصِيراً.. انتهى كلامه. (راجع أيسر التفاسير ص705).
 
2- بل واستدلالهم بالحديث الصحيح ثم جحود سنته صلى الله عليه وسلم .. فهذا يدخلهم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي) صحيح مسلم.
 
3- واستدلالهم بالحديث الصحيح ثم جحوده .. دليل على أنه قد بلغهم وصية النبي صلى الله عليه وسلم في وجوب اتباع سنته .. وطالما بلغهم ثم جحدوا فقد خانوا النبي صلى الله عليه وسلم في وصيته بدليل أنهم يحاربون هذه الوصية بكل ما أوتوا من قوة وعزيمة في إسقاط سنته صلى الله عليه وسلم ..
 
#- وإليك أخي الحبيب .. بعض من الأحاديث التي (نفهم من استدلالهم بها أنهم يؤمنون بها) .. إلا أنهم جحدوها عمدا ويحاربونها ويتبعون كلام من اتبع غير سبيل المؤمنين كالمستشرقين وغيرهم .. ومنها أحاديث تدل على وجوب العمل بسنته صلى الله عليه وسلم .. وإليك جملة من هذه الأحاديث:
1- في حديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَرَكْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ كِتَابَ اللَّهِ وَسَنَتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الْحَوْضِ) رواه الحاكم.. وذكره الألباني في صحيح الجامع.
 
- قوله (وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الْحَوْضِ): أي لن يفترقا عن الحق ولن يتفرق الحق عنهما حتى يكونا سببا في الإتيان بالذي عمل بحقهما إليَّ عند الحوض فأسقيه من يداي وأشفع له.. (هذا رأيي الخاص في تفسير لفظ الحديث – والله أعلم) .
 
- ملحوظة: ما ذكرته من رأيي في شرح هذه الجزئية وهي قوله (وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الْحَوْضِ) .. حيث لم أجد لها تفسير يرتضيه عقلي في شرح هذه الجزئية فيما بلغني وتوافر عندي من شروحات لبعض أهل العلم .. لأن هذه الشروحات لا أراها تتفق في تفسيرها مع قوله (حَتَّى يَرِدَا) .. ويمكنك مراجعة تفاسير وشروحات الحديث من أهل العلم .. وستجد عقلك يقف عند قوله (حَتَّى يَرِدَا) وتسأل وتقول ما المقصود بورود أي إتيان الكتاب والسنة إلى الحوض ؟!! .
 
2- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:(كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعْنَاهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ») مستخرج أبي عوانه.. (قلت خالد صاحب الرسالة): سنده صحيح وأصله في البخاري.
- قوله (بايعناه): أي أعطيناه العهد والميثاق على اتباعة والسمع الطاعة على منهج الله ورسوله .
 
3- عن العرباض بن سارية قال: (صلى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ذاتَ يومٍ، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظةً بليغةً، ذرفت منها العيون، ووجِلت منها القلوبُ . فقال قائلٌ : يا رسولَ اللهِ ! كأن هذه موعظةُ مُودِّعٍ، فماذا تعهد إلينا ؟ فقال : أوصيكم بتقوى اللهِ والسمعِ والطاعةِ وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها، وعَضّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ) صحيح أبي داود.
- قوله (مودع): أي مفارق للدنيا.
- قوله (فماذا تعهد إلينا): أي بماذا توصينا.
- قوله (عبدا حبشيا) : أي حتى وإن كان هذا الأَميرُ أو الوالي عبْدًا حبَشِيًّا .. لأن الأصل هو التقوى في الإسلام وليس اللون ولا الجنس ..!!
- قوله (اختلافا كثيرا): في الدين وفي النفوس ..
- قوله (فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ): أي طريق النجاة من هذا الإختلاف هو منهجي وطريقتي وما سار عليه الخلفاء من بعدي واتبعوني فيه .
قوله (عضوا عليها بالنواجذ): أي تمسكوا بهذه المنهجية بأقصى ما يمكنكم .. والنواجذ هي آخر الأضراس.
- قوله (محدثات الأمور): أي الأمور التي تحدث في الدين وتخالف أصول الدين ..
- قوله (بدعة): هي كل فعل ديني لا أصل له في الدين .
 
4- (إِنَّ لِكُلِّ عملٍ شِرَّةً ، ولِكُلِّ شِرَّةٍ فترةٌ ، فمنْ كان فترتُهُ إلى سنتي فقدِ اهتدى ، ومَنْ كانَتْ إِلى غيرِ ذَلِكَ فقدْ هَلَكَ)  .. وذكره الألباني في صحيح الجامع.
- قوله (شِرَّةً): أي نشاط وهمة في أول الأمر .
- قوله (فترةٌ): ضعف بعد فترة بسيطة .
- قول (فترتُهُ إلى سنتي): أي كان رجوعه في العبادة قد وقف على حدود طريقتي ومنهجي في الطريق إلى الله .. وهو الإلتزام بالفروض  المطلوبة منه .. وليس المقصد هنا سنته التي هي النوافل كما يفهمها البعض .. لا .. وإنما في حال ضعفه يكون واقفا على الفروض .. والمطوب منه فعله وتركه .. حتى وإن لم يعد له نوافل كما كانت من قبل .
- قوله (فقد هلك): أي خاب وخسر من تهاون العمل بما أمر الله ورسوله .. فإذا تهاون وضعف عن أداء النوافل .. فليديم العمل على الفروض المطلوبة منه .. وإلا فقد خسر كثيرا في علاقته مع الله يؤدي لهلاكه في الآخرة ..
 
#- تفسير آخر للحديث (وهذا رأيي – والله أعلم): وهو أن المقصد أن لكل عابد لله وقت ينشط فيه .. وهذا النشاط قد يستخدمه في عمل الطاعات التي تضعف الجسم مثل الحرص على صيام وقهر شهوات النفس مع قلة النوم .. فمن جعل ضعف قواه النفسية وفق سنتي فقد إلتزم بطريق الحق .. ومن فعل خلاف سنتي وقت عزيمته في قهر نفسه فقد اتبع هواه وخاب وخسر .. وهذا يظهر كما في الحديث عن أنس بن مالك قال: (أنَّ نَفَرًا مِن أَصْحَابِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزْوَاجَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عن عَمَلِهِ في السِّرِّ؟ فَقالَ بَعْضُهُمْ: لا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: لا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقالَ بَعْضُهُمْ: لا أَنَامُ علَى فِرَاشٍ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عليه. فَقالَ: ما بَالُ أَقْوَامٍ قالوا كَذَا وَكَذَا؟ لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي) صحيح مسلم. 
- فهؤلاء الثلاثة كانت لديهم عزيمة قوية في الطاعة .. ولكنهم أرادوا قهر أنفسهم بطاعات مخالفة لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم .. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي) ... والله أعلم .
 
5- عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ بَعثَ إلى عُثمانَ بنِ مَظعونٍ فجاءَهُ فقالَ يا عُثمانُ أرغِبتَ عن سنَّتي قالَ لا واللَّهِ يا رسولَ اللَّهِ ولَكن سُنَّتَكَ أطلُبُ قالَ فإنِّي أنامُ وأُصلِّي وأصومُ وأُفطِرُ وأنكِحُ النِّساءَ فاتَّقِ اللَّهَ يا عثمانُ فإنَّ لأهلِكَ علَيكَ حقًّا وإنَّ لضَيفِكَ علَيكَ حقًّا وإنَّ لنفسِكَ علَيكَ حقًّا فصُم وأفطِرْ وصلِّ ونَمْ) صحيح أبي داود.
 
6- واختم لك أخي الحبيب .. بحديث فيه دلالة على عمل الخلفاء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم:
- عن عبد خير أنه سمع علي بن أبي طالب واقفا على المنبر يخطب .. فقال عبد خير: (سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ بِعَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَعُمَرُ كَذَلِكَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده حسن..، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
 
# انتبه أخي الحبيب .. مما يسعى به هؤلاء من نشر الفتنة في الأرض ومحاربة كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. فلا تجعل من كلامهم سببا في حدوث إرجاف لك وزلزلة في نفسك واضطراب .. واعلم أنك لو أنكرت كلام النبي صلى الله عليه وسلم فقد جعلت بينك وبين الله حجاب بسبب هذا الإنكار .. فلا تكن من المنكرين الجاحدين .. وأيضا لا تقبل من الأحاديث إلا ما تتحقق منه كما أخبرتك في إجابة السؤال رقم (6) .. تحت عنوان: ما هو مقياس القبول والرفض لمتن الحديث الشريف عند مطابقته بنصوص القرآن ؟ (وما هو مقياس الضبط عند النبي في التحقق من أحاديثه ؟) ..
 

******************************

..:: س93: لو كانت السنة النبوية حجة شرعية فلماذا عمر بن الخطاب احتج على الصحابة وقال (عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ) ؟ ولماذا لم ينهاه النبي عن قوله هذا أو يصحح له قوله بان يثبت السنة مع القرآن ؟ ::..

 
- من الشبهات التي وجدتها عن بعض منكري الحديث النبوي .. هو استدلاله برواية في صحيح مسلم والبخاري .. بقول عمر بن الخطاب حيث يقول: (عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ) .. ولو كان الحديث النبوي أو السنة النبوية لهما أي قيمة في التشريع .. لكان عمر بن الخطاب سمح للنبي بأن يكتب وصيته .. وما كان قال احتج على الصحابة بقوله (عِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ) .. بل ولم ينازعه أحد في ذلك القول .. ودليلنا في ذلك: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّونَ بَعْدَهُ»، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللهِ .. ) صحيح مسلم والبخاري.
- ولو كان كلام عمر غير صحيح لكان النبي اعترض على عمر وقال له وأين سنتي يا عمر ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وكأن هذه الطائفة تصر إصرار قويا على أن تتهم نفسها بالغباء الغير مسبوق .. ليه ؟!!
 
- أولا: مجرد استدلالهم بالحديث على بطلان مشروعية الحديث النبوي .. فهو غباء عميق مسيطر على عقولهم .. لأنهم بهذا الإستدلال يكونوا قد جعلوا من الحديث حجة لهم وليس عليهم .. لأن الأحاديث شاهدة عليهم بوجوب اتباع السنة النبوية كما سبق وأوضحنا في السؤال رقم (92) .. تحت عنوان (لو كان الحديث النبوي له مشروعية لكان النبي أوصى به في حجة الوداع ؟ (أدلة من الحديث النبوي توجب مشروعية الحديث النبوي).
 
- وكما قلت لهؤلاء سابقا .. كيف تستدل بما هو حجة عليك ليكون حجة لك ..؟!! أفلا تعقلون يا جماعة القرآنيين أو التنويريين أو أصحاب الفكر الحر .. أو مهما كان مسماكم يا جاحدي ومنكري الحديث النبوي ..؟!!
 
- فالذي يجعلك تقبل الحديث (سواء حديث نبوي أو صحابي أو تابعي) كحجة لك .. فيجب أن تلتزم به كحجة عليك .. وإلا فأنت متاجر بالنصوص الشرعية وفق هواك لخديعة المؤمنين وإرجافهم لفتنتهم في دينهم ..

 
- ثانيا: الصحابة لم يقروا عمر على ما قاله .. بل حدث خلاف بين الحاضرين في بيت النبي صلى الله عليه وسلم بدليل قول بن عباس في الرواية (وَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ وَاخْتَصَمُوا فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: ..) (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ..) .. إلا أن جماعة القرآنيون وأشباههم قد حذفوا هذه الأجزاء من الرواية ليظهروا ان الصحابة الحاضرين وافقوا عمر على ما ذهب إليه من قوله .. !!
 
- فقد جاء في الرواية: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ، وَفِي البَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، قَالَ: «هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ»، قَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَلَبَهُ الوَجَعُ .. وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ البَيْتِ وَاخْتَصَمُوا، .. فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِتَابًا، لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغَطَ وَالاِخْتِلاَفَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «قُومُوا عَنِّى») صحيح البخاري.
 
- ثالثا: لماذا قال عمر بن الخطاب .. (وَعِنْدَكُمُ القُرْآنُ فَحَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ) ؟!!
- لأنه كان قد نزل قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) المائدة3 .. فما كان وحيا فقد ثبت في القرآن وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فلا داعي لتحميل النبي صلى الله عليه وسلم ما هو فوق طاقته وهو مريض قد بلغ به الوجع ما بلغ ..

- ولعل عمر أراد بتأخير فعل الكتابة .. حتى يراجع النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة الكتابة هذه .. حيث كان يرى أنه ليس من المصلحة أن يترك كتابا .. حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينهى عمر بن الخطاب على فعله .. بل وظل النبي صلى الله عليه وسلم على قيد الحياة عدة أيام بعد هذه الواقعة .. فلو كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يترك كتابا فعلا لكان استدعى الصحابة مرة أخرى وقال لهم اكتبوا كذا .. ولكنه لم يفعل .. وفي ذلك دليل على أن الوحي نزل على النبي بعد ذلك ووافق ما ذهب إليه عمر .. كما كان ذلك حاله مع كثير من أحكام القرآن .
 
- رابعا: أما عن قولكم أن عدم نهي النبي لعمر في كلامه والإعتراض عليه بإنه لماذا لم يذكر سنة النبي في كلامه واكتفى بأن حسبهم القرآن فقط ؟
- فهذا لأن القرآن فيه وجوب طاعة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه والعمل بسنته كما سبق وأوضحنا ذلك مرارا وتكرارا .. فقول عمر بن الخطاب يشمل بالتبعية إرشادات القرآن .. التي منها اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم .. ويظهر ذلك واضحا من أفعال عمر وكلامه وكتاباته .. كما سيأتي بيان ذلك بعد قليل .. بل ولا يمكن لأي مؤمن عاقل أن يفهم من كلام عمر بن الخطاب غير أن معتقده في أن القرآن يأمر باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
 
- خامسا: طالما استدليتم بالحديث على قول عمر بن الخطاب في هذا الموقف .. الذي أراد من وراء قوله هو صرف الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان متعب .. فليكن الحديث هو الفيصل في إثبات حقيقة عمر بن الخطاب ناحية السنة النبوية .. ويظهر بالإثبات لكل مسلم من الحديث ما يؤكد على اهتمام عمر بن الخطاب بالسنة النبوية والمحافظة عليها .. حتى يتبين كذب هذه الجماعة في فهمها لكلام عمر بن الخطاب بالباطل ويتبين ما ينشروه من أكاذيب لتضليل المؤمنين وفتنتهم .. وسأكتفي بقليل من الأحاديث وتأملها جيدا:
 
1- عمر يأمر باتباع السنة النبوية :
-عن شريح القاضي (وهو تابعي – قد ولاه عمر بن الخطاب على القضاء في زمن خلافته) قال: (أنه كتَبَ إلى عمرَ يَسْأَلُه ؟ فكتَب إليه : أَنِ اقضِ بما في كتابِ اللهِ ، فإن لم يَكُنْ في كتابِ اللهِ فبسنةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يَكُنْ في كتابِ اللهِ ولا في سنةِ رسولِ اللهِ ، فاقضِ بما قضى به الصالحون ، فإن لم يكن في كتابِ اللهِ ولا في سنةِ رسولِ اللهِ ولم يَقْضِ به الصالحون ، فإن شِئْتَ فتَقَدَّمَ ، وإن شئت فتَأَخَّرَ ، ولا أرى التَّأَخُّرَ إلا خيرًا لك ، والسلامُ عليكم) صحيح النسائي.
 
2- عمر بن الخطاب يطبق السنة التي لا ذكر لها في القرآن:
- عن عمر بن الخطاب قال: (رجمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورجَمَ أبو بكرٍ ورجمْتُ . ولولا أني أكرَهُ أنْ أزيدَ في كتابِ اللهِ لكتَبْتُهُ في المصحَفِ .. فإِنَّي قَدْ خشيتُ أنْ يَجيءَ أقوامٌ فلا يَجِدونَهُ في كتابِ اللهِ فيكفرونَ بِهِ) صحيح الترمذي.
 
- وتأمل قول عمر: (فإِنَّي قَدْ خشيتُ أنْ يَجيءَ أقوامٌ فلا يَجِدونَهُ في كتابِ اللهِ فيكفرونَ بِهِ): حيث قد حكم على من لم يحكم بهذا الحكم النبوي الغير موجود في القرآن وهو الرجم .. بأنه قد كفر بهذا الحكم .. وما كان يقول هذا إلا لو كانت تشريع بيقين .. وأن الكافر بهذا الحكم هو كافر ببعض الكل .. وفعل كما فعلت يهود وأخبرنا الله عنهم حيث قال: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) البقرة85.
 
3- عمر بن الخطاب يكتب الحديث ..
- عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: (كُنَّا مَعَ عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ .. فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ بِأَشْيَاءَ يُحَدِّثُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .. فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَنْ لَيْسَ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، إِلَّا هَكَذَا " وَقَالَ بِإِصْبَعَيْهِ: السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَ) رواه أحمد وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.
 
- قوله (لَا يَلْبَسُ الْحَرِيرَ فِي الدُّنْيَا): هو خاص بالرجال حيث ممنوع عليهم لبس الحرير الكامل .. إنما هذا خاص بالنساء فقط .. ولكن يستثنى للرجال ما فيه قدر ضئيل كما يوضحه هذا الحديث وهو بمقدار أصبعين ..
- قوله (إلا هكذا - قال بأصبعيه): أي لا يسمح بوجود الحرير إلا بقدر أصبعي السبابة والوسطى .. أي لا مانع من وجود مثل خط من الحرير فيه ألوان أو تطريز ويكون بعرض أصبعين في طول الثوب أو اللحاف أو غيره .. ولكن لا يكون كله من الحرير .. وهذا خاص بالرجال .. ولكن النساء يجوز لهن لبس الحرير وهذا ما عليه جمهور العلماء.
- قوله (قال بأصبعيه): أي أشار بضم أصبعيه السبابة والوسطى رافعا بهما ..
 
* والشاهد من الحديث .. هو أن عمر بن الخطاب كان كتب حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى عتبة بن فرقد في أذربيجان .. وكان بإمكانه أن يبلغ الرسالة مشافهة مع من يثق به .. ولكنه كتبها توثيقا لها .. وفي ذلك دلالة على أن الصحابة كانوا يكتبون الحديث النبوي في مراسلاتهم ويحجتون به كحكم شرعي واجب العمل به وفرض من الله .. وإلا فما فائدة أن يذكر عمر بن الخطاب حديث النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!.

4- وفي مسألة إثبات حق السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ للمرأة :                 

- عن قصة حدثت .. ما يهمنا هنا هو أن عمر بن الخطاب قال: (لاندع كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم) صحيح مسلم.

5- شهادة من علي بن أبي طالب بأن عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق عملا بالكتاب والسنة:

- عن عبد خير أنه سمع علي بن أبي طالب واقفا على المنبر يخطب .. فقال عبد خير: (سَمِعْتُ عَلِيًّا، يَقُولُ: قَبَضَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْرِ مَا قُبِضَ عَلَيْهِ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ، ثُمَّ اسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ فَعَمِلَ بِعَمَلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَعُمَرُ كَذَلِكَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده حسن..، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح.
 
6- عبد الله بن عمر بن الخطاب يوضح أن بيعة النبي كانت على اتباع القرآن وسنته:
- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ:(كُنَّا إِذَا بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَايَعْنَاهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَقُولُ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ») مستخرج أبي عوانه.. (قلت خالد صاحب الرسالة): سند صحيح وأصله في البخاري.
- قوله (بايعناه): أي أعطيناه العهد والميثاق على اتباعة والسمع الطاعة على منهج الله ورسوله .
- إذا كانت مبايعة الصحابة والذي منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب .. على الكتاب والسنة .. فهل عمر بن الخطاب كان ليجحد هذه المبايعة كما يريد أن يشير لذلك بعض جماعة القرآنيين ..!! بل بكل تأكيد إلتزم عمر بن الخطاب بالبيعة على اتباع كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم .. ويدل على ذلك ما سبق من أحاديث.
 
#- يتبين لك أخي الحبيب مما سبق .. أن عمر بن الخطاب كان عاملا بالسنة وكاتبا لها وآمر بها ومشهودا له بذلك من احب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. فأين كلام جماعة القرآنيين الذين يتبين لنا منهم وكأن من هوايتهم هو تزوير الحقائق عما هي عليه ؟!!  
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) مناقشة لبعض حديث الوصية النبوية:
#- من الملاحظات التي تنتبه لها في الحديث:
1- قوله (قوموا عني): أن طلبه في كتابة كتاب لهم .. لم يكن عن وحي وإنما هو عن مصلحة لهم باجتهاد خاص منه صلى الله عليه وسلم .. ولو كان ذلك وحيا لكان حققه النبي صلى الله عليه وسلم وألزم به الجميع خاصة وأنه عاش بعد هذا الموقف عدة أيام ..
- بل وفيه دليل على صحة ما ذهب إليه عمر وإلا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد خالفه فيما ذهب إليه وأوقفه عن رأيه ..
 
2- وقوله (اكتب لكم): فيه دلالة من ظاهرها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتب .. وهذا خطأ .. لأن المقصد أن سيملي ما يريد كتابته على أي شخص وهو يكتب .. كما كان يملي رسائله إلى الملوك .. وكما كان يملي القرآن على كتبه الوحي من الصحابة .
- والله أعلم.
 
- وختاما بسؤال خطر على بالي وهو:
- ويتبقى هنا سؤال: وهو لماذا طلب النبي صلى الله عليه وسلم أن يكتب كتابا بدلا من التحدث بلسانه .. بالرغم من قدرته على النطق كما يظهر من كلامه في الحديث حينما قال: («هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ») وحينما قال: («قُومُوا عَنِّى») .. وحتى لو كان سيترك كتابا كان من خلال الإملاء على من سيكتب .. فلهذا هو كان قادرا على الكلام حتى ولو قليلا بسبب التعب ..!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لعل ذلك في مزيد إثبات ومطابقة لما كان سينطق به .. لأن هذا قولا كان يقال في غرفة مغلقة على بعض الصحابة الحاضرين وليس أمام المسلمين .. فأراد التوثيق لكلامه ويختمه بخاتمه حتى يتطابق قول الصحابة مع الكتابة النبوية .. والله أعلم ..

- وعموما هو سؤال خطر على بالي فأحببت مناقشته .. بحثا عن الحكمة في الفعل النبوي .. والله أعلم بمراد النبي صلى الله عليه وسلم .

- والله أعلم.

 ******************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرهامدونة الروحانيات فى الاسلام -  -  ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  ..