ج40: رسالة الحق والنور - كيف ينزل الله العذاب بأشخاص لا ذنب لهم في حين أن الذنب يكون من جماعة منحرفة فيهم وهي من فعلت ذلك - (تذوق وإشارة كريمة للحديث النبوي) - كيف يعلم النبي الغيب والله هو عالم الغيب والشهادة.

             بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الأربعون)

* فهرس:

:: الفصل التاسع والثلاثون :: تابع/ تناقضات بين الأحاديث والآيات القرآنية والعقيدة ::
1- س116: كيف ينزل الله العذاب بأشخاص لا ذنب لهم في حين أن الذنب يكون من جماعة منحرفة فيهم وهي من فعلت ذلك ؟  (تذوق وإشارة كريمة للحديث النبوي).
2- س117: كيف يعلم النبي الغيب والله هو عالم الغيب والشهادة ؟

 *************************

:: الفصل التاسع والثلاثون ::

:: تابع/ تناقضات بين الأحاديث والآيات القرآنية والعقيدة ::

************************

(شبهة ثانية / عن تناقض بين القرآن والأحاديث)

..:: س116: كيف ينزل الله العذاب بأشخاص لا ذنب لهم في حين أن الذنب يكون من جماعة منحرفة فيهم وهي من فعلت ذلك ؟ ::..

 (تذوق وإشارة كريمة للحديث النبوي)

- وجدت هذه الشبهة ولا أدري أهي لجماعة الأريكة أم لغيرهم .. ولكن يغلب على الظن أنه من أشباههم لأنهم ينكرون الحديث النبوي بهذه الشبهة .. فقالوا: جَاءَ فِي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا أنْزَلَ اللَّهُ بقَوْمٍ عَذابًا، أصابَ العَذابُ مَن كانَ فيهم، ثُمَّ بُعِثُوا علَى أعْمالِهِمْ) صحيح البخاري ومسلم.
 
- وهذا الحديث يتعارض مع قوله (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل61.
 
- فكيف يقول الله أنه لا يؤاخذ الناس بظلمهم (لأن "لو" حرف امتناع يمنع وقوع الفعل) .. ثم يأتي الحديث ويقول (إِذا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) ؟!!
 
- بل وهذا مخالفا لما في سورة الأنعام: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .. والحديث يقول يأخذ الجميع العذاب إذا نزل بهم ..!! فكيف يصح حديث مثل هذا ؟!! وكيف نقبل أحاديث مثل ذلك وهي معارضة ومخالفة لكلام الله ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- كالعادة يتخيرون من الأحاديث والآيات ما يتفق وأهوائهم ويتركون الباقي ..!! فهذه عادة خبيثة في طباعهم ..!!
  

- أما عن الحديث .. الذي استدلوا به ففيه روايتين لم يستدلوا بها ..

- الرواية الأولى: عن السيدة عائشة قالت: (يَغْزُو جَيْشٌ الكَعْبَةَ، فَإِذَا كَانُوا بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ، يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ» قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، وَفِيهِمْ أَسْوَاقُهُمْ، وَمَنْ لَيْسَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: «يُخْسَفُ بِأَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ، ثُمَّ يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ) صحيح البخاري.

- قولها (أسواقهم): من يأتون للتجارة في الأسواق ..

- قولها (ومن ليس منهم): ويكون في الطريق أيضا عابر السبيل ومن لا ينتمي لهذا الجيش الفاسدة نواياه .. فما ذنب هؤلاء ؟!!

 

- الرواية الثانية: (إنَّ اللهَ تعالى إذا أنزلَ سطوتَهُ على أهلِ نقمتِهِ، فَوافَتْ آجالَ قومٍ صالحينَ، فأُهلِكوا بهلاكِهم، ثمَّ يُبعثونَ على نياتِهم وأعمالِهم) رواه بن حبان والبيهقي في شعب الإيمان .. وقال الأرنؤوط في تخريج بن حبان: صحيح لغيره .. وذكره الألباني في الصحيحة وصحيح الجامع.
 
- تأمل أخي الحبيب قوله (فَوافَتْ آجالَ قومٍ صالحينَ): أي أن الموت كان نازلا بهم في كل الأحوال في تلك اللحظة التي نزل بها الموت بهذا الجيش .. فاجتمعت الأقدار مع بعضهم البعض .. في حصول الموت لهم في تلك اللحظة وفي ذلك المكان .. كالذين اجتمعت اقدارهم في طائرة وسقطت بهم وفيهم الصالح والطالح .. ولكن كل إنسان بما كسبت يداه سيتم حسابه.
 
- تذوق للحديث:

- واجتماع الهلاك للصالح مع الطالح فيه إشارة لكرامة .. فالإشارة في الحديث التي فيها كرامة هو أن الذين نزل بهم الهلاك لهم اجرهم عند ربهم رحمة بهم من الله .. فكأن الله أراد لهم الخير في لحظة انتهاء أجلهم بمزيد حب منه ليغفر لهم ذنوبهم أو يرفع لهم درجاتهم أو يجمع لهما الإثنين أو يصاحب كل ذلك مزيد فضل منه بالعفو عنهم بلا سؤال ولا حساب باكتفائه بما حدث لهم في الدنيا كرامة منه وفضلا .. بالرغم من أن هذه اللحظة كانت في كل الاحوال سيموتون فيها .. إلا أنه تفضل عليهم بأن تكون لحظة كرامة لهم .. كالشهيد الذي يقتل في الحرب .. كانت هذه لحظة موته في كل الاحوال إلا أن الله أراد ان يكرمه في تلك اللحظة بعلو المكانة بمزيد فضل منه وكرامه .. ولكن اكثر الناس لا يبصرون كرامة الله وتدبيره في ملكه لوجود الجفاء والغفلة على قلوبهم ..!!
 
- حبيبي يا ربنا .. كم أنت جميل ورحيم وذو فضل عظيم ..
 
- وكأن الله يقول يخبرنا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: أهل معيتي في عنايتي ويدخلون في كنف رحمتي .. والغافلين بالإصرار على معصيتي هم في حجاب عني ولهم عقابي .. والله أعلم .
 
#- أما عن الآيات التي استدلوا بها في شبهتهم .. فهي لا تقل تضليلا عن تضليلهم بالأحاديث السابقة:
1- قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) النحل61.
 
- فهذه الآية خبر من الله بأنه لا يؤاخذ الناس بظلمهم وإنما يؤخرهم إلى أجل معلوم لديه جل جلاله .. وكل من يموت فهو قد أتى اجله وحانت ساعته .. فما علاقة استدلالهم بهذه الآية مع هذا الحديث ؟!!
- فهل يظن أي مؤمن عاقل رشيد .. أن الله يأخذ أحد بظلمه في الدنيا في غير ساعته وانتهاء أجله ؟!! بكل تأكيد لا يوجد مؤمن يعتقد بذلك .. وإلا كان إما جاهل أو تم خداعه وتضليله في دينه من جماعة القرآنيين وأشباههم ..!!
 
2- أما عن قوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الأنعام146 .. فكالعادة اختصروا الآية وقصوا منها ما يخدم أهوائهم .. وتركوا ما قبلها .. ولو كانوا ذكروا ما قبل هذا الجزء الذي استدلوا به لافتضح أمرهم .. وهو قوله (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) .. فقوله تعالى (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ) .. هو مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (ثمَّ يُبعثونَ على نياتِهم وأعمالِهم) ..!!
 
- ولكن تأبى نفوسهم المريضة أن يظهروا توافق الحديث مع قوله تعالى ..!!
 
- كما أن هذه الآية يستدل بها على الحساب في الآخرة .. ومعناها أن لا أحد يحمل من أوزار أحد في الآخرة لأن الله لا يظلم أحد .. فليس معنى أنك تعيش في منطقة بها ساحر أو منحرف .. فأنت تعذب في الآخرة بسببه ..!! لا .. وإنما قد تحمل من أوزار الذين تقوم بتضليلهم في الدين أو في الحياة عموما كالساحر والمنحرف والخاين في الأمانة العلمية ليضل الناس .. ولذلك يقول تعالى: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ) العنكبوت13.
 
- إذن فقوله تعالى: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الأنعام164 .. فهذا حكم يتعلق بالآخرة وليس بالدنيا .. لمن له أدنى عقل ليفهم ..!! وحاشاكم لا سمح الله يا جماعة الأريكة المسماة بالقرآنيين وما يشابهكم في قلوبكم وعقولكم ..!! حيث لم أجد لكم في هذه الشبهة أدنى عقل لكم في فهم كلام الله ولا فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ..!!
 
- انتبه أخي الحبيب .. إذ قد يقول قائلا منهم .. ما أدراك أن الإستدلال كان بآية الانعام حتى تظن فيه أنه أخفى جزء من الآية ؟ فلعل المقصود ما كان مذكورا في آيات أخرى ..!!
 
- قلت لك .. لأن المستدل بالآية في شبهته قد استدل بآية سورة الأنعام وأشار إليها "مخالفا لما في سورة الأنعام" .. ولم يشير إلى قوله (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) الإسراء15 .. وفاطر 18 .. والزمر7 ..
- ثم أن الآية في كل الأحوال تتكلم عن حساب الآخرة ولا علاقة لها بحكم الدنيا ..
- وحتى على افتراض لو كان استدل بهذه الآيات دون آية سورة الأنعام فكان يجب عليه لزاما أن يحكمها بآية الأنعام لتوضيح أنها متعلقه بحساب الآخرة .. وإلا كان مضلل في الحقيقة القرآنية ..!!
 
#- وبهذا يكون الإنتهاء من هذه الشبهة والحمد لله رب العالمين ..
 

****************************

 

(شبهة ثالثة / عن تناقض بين القرآن والأحاديث)

 

 ..:: س117: كيف يعلم النبي الغيب والله هو عالم الغيب والشهادة ؟ ::..

 
- يقول الجاحدون للحديث النبوي من جماعة الأريكة والمسماة بالقرآنيين وأشباههم ..:
1- أن كل الأحاديث التي تكلمت عن أمور غيبية كعذاب القبر أو فتن آخر الزمان أو كل توصيف للنار أو الجنة من أخبار عنهما كالتي ظهرت في الأحاديث فإنما هي كلها أحاديث محل اتهام .. لأنها معارضه ومخالفة لكلام الله .. لأن الله يقول:
- (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ) الأنعام59..، ويقول تعالى: (قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ) النمل65..
- حتى أن الرسول بنفسه يثبت القرآن قوله انه لا يعلم الغيب .. فيقول تعالى: (وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) الأعراف188 ..، ويقول تعالى: (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) الأنعام50.
 
2- ومن ناحية أخرى فالأحاديث حتى لو صحيحة فهي أحاديث آحاد .. تحتمل ظنا لا يقين فيها .. والظن لا يستعمل في العقيدة بأي حال من الأحوال .. وقد ذم الكفار على اتباعهم الظن في عقائدهم .. لأن الله يقول: (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) يونس36.. !!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: دائما ليست المشكلة في الشبهات التي يروج لها هذه الجماعة .. لو كانت في صورة استفهام وبيان .. ولكن المشكلة في أن شبهاتهم يذكرونها كعلم حقيقي وفي الحقيقة هي شبهات تدل على جهلهم المصحوب بكذب في المعلومات الدينية لنشر الفتنة بين المسلمين .. ليه ؟
1- لأن بقولهم هذا الذي زعموه عن أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يعلم من الغيب .. فقد كذبوا القرآن كله والوحي الإلهي كله .. لأن الوحي هو من غيب الله ..
 
- ولا يخفى على مؤمن عاقل .. أنه بزعمهم الذي افتروه على رسول الله بأنه لا يعلم من الغيب .. فقد ظهر كذبهم بذلك على الله وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
أ- فأما الكذب على الله .. لأن الله أثبت وحي الغيب إلى النبي .. فيقول تعالى: (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) آل عمران44 .. في قصة مريم عليها السلام .. ثم قالها مرة أخرى (ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ) يوسف102 .. في قصة يوسف عليه السلام .
 
ب- أما عن كذبهم على النبي صلى الله عليه وسلم .. فهو إنكارهم أنه يعرف من أخبار الغيب شيئا .. ويكفي قوله تعالى: (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) آل عمران15 .. وهذا تفصيل لبعض ما يحدث في الجنة .. وبالتالي يظهر كذبهم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى القرآن نفسه ..
 
2- أما عن مجرد ظنهم بإنكارهم على النبي أن يعرف من الغيب شيئا .. فهذه مصيبة كبيرة ولها دلالة أكبر على غباء بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف .. وإظهار مكنون صدورهم ناحية النبي صلى الله عليه وسلم .. لأنهم بذلك يكونوا اتهموا الدين بأنه مجرد أكذوبة اخترعها النبي صلى الله عليه وسلم (وحاشاه) .. لأن الوحي والتكليف كله جاء من عالم الغيب أيها الجهلاء الحمقى ..!! أم انكم تتبعون مذهب الملحدين في إنكار التلقين الغيبي ..؟!!
 
- وإذا فهمت أخي الحبيب ما ذكرته لك .. فاعلم أن الوحي الإلهي كله من حضرة الغيب .. فإنكارهم على النبي صلى الله عليه وسلم أنه يعلم شيئا من الغيب .. فهذا دلالة منهم على أن النبي صلى الله عليه وسلم متهم فيما بلغنا به من القرآن من أساسه ..!! فانتبوا لما يقوله هؤلاء المرجفون لنفوس المؤمنين بالفتن من القرآن ليفتنوهم في دينهم ..!!
 
3- فإذا كان ما سبق فيه دلالة يقينيه شاهدة على عميق جهلهم بالقرآن وتفسير القرآن بأهوائهم .. فلا يخفى على قلب مؤمن أنهم خانوا المؤمنين في القرآن أيضا .. لأنهم كالعادة حجبوا الآيات التي تدل على معرفة بعضا من الغيب لبعض الخلق خاصة لأنبياءه وكأنهم انكروا على الله كلامه .. مثل قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا . إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ) الجن26-27.
- والمعنى: أي ولا يطلع الله أحد من خلقه على الغيب المحيط الشامل بكل تفاصيله في الوجود إلا من ارتضى لهم ذلك كخصوصية لبعض رسله حيث يظهر لهم من عالم الغيب ما يؤيد به نبوتهم من كتب سماوية وتكليفات شرعية أو معرفة بعض أحادث غيبية سواء سابقة أو مستقبلية لتأكيد نبوتهم ..
 
4- أما الذي استدلوا به من الآيات .. ففيها دلالة على جهلهم الشديد .. لأن هناك فرق بين كلمة (غيب) وكلمة (الغيب) التي جاءت في الآيات .. وكأن الجهل قد أحيط بعقولهم حتى فقدوا الإدراك لمفهوم اللفظ ودلالته ..!!
 
- وكما هو معلوم لأي مؤمن أن لفظ (الغيب) في الآيات التي استدلوا بها .. إنما هو للإحاطة والشمول لكل الغيب في كل أزمنة الحياة وما بعدها في القبر والقيامة .. وأزمنة الحياة تشمل الماضي والحاضر والمستقبل .. !!
 
- وتفهم أخي الحبيب مما سبق .. أن كلام الله عن قول الرسول مثل قوله (قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ) الأنعام50 .. فهذا صحيح فعلا أنه لا يعلم (الغيب) لأنه لا إحاطة شمول له بعلم الغيب في كل الأزمنة ولا في الممات ولا البعث .. إلا فقط جزئيات بسيطة مما يخبره بها الله وحيا ..
 
- ونتيجة لما سبق بيانه أقول لهؤلاء: هل جاءت الأحاديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم له شمولية أو إحاطة بالغيب الإلهي أي يعلم (الغيب) .. لا .. وإنما فقط (غيب) أي شيئا من الغيب أطلعه الله عليه .. فيتبين لنا أن هذا أول الكذب منهم المصحوب منهم بجهل عميق في فهم القرآن .. فضلا عن الخيانة في الأمانة العلمية الدينية .. لأنه كيف لا يعلمون الفرق بين كلمة (غيب) وكلمة (الغيب) .. وإلا كان مفسرا لكلام الله بمحض الشوق والهوى ملحدا بذلك في تفسير كلام الله عنا مقصده وحقيقته .. !!  
 
5- أما إذا كان في عقول جماعة الأريكة توهم بأن مجرد معرفة الغيب هو معرفة بالغيب الإلهي .. فهذا لا يقل غباء عن سابقه .. لأنهم بذلك يكونوا قد أنكروا علم الرؤيا وعلم الخواطر لأن كلاهما من علم الغيب .. وهذا الإنكار لم يقل به مؤمن ولا كافر ولا ملحد .. إلا ما ظهر لنا من أفكار هذه الطائفة المرجفة لنفوس المؤمنين ..!!
 
- وبل وعليهم أن ينكروا كل العلوم الحاضرة بيننا .. لأنها ما هي إلا غيبيات قد تمكنا منها في زمن متأخر .. ولكنها بالنسبة لسابقينا هي غيب محض .. فهل هذا يعتبر اطلاع مننا على الغيب ؟!! أما ماذا يا من غاب فيكم إدراك العقل ؟!!
 
- ثانيا: من ناحية أخرى .. فيما يتعلق بمسألة الظن التي طالما يتغني بها المفلسون منهم في العلم .. فنقول لهم ببساطة:
1- طالما الحديث من وجهة نظركم هو ظن .. فما أدراك أن ظنك هو الصواب .. وظن غيرك هو الخطأ ؟!! فما تحكم به على غيرك أنت أيضا محكوم به في نفس الوقت ..!! أم أنك تتعامى عن هذه الحقيقة ؟!!
 
2- الكلام في الغيبيات الإيمانية .. جملة وتفصيلا هي غيب .. فإذا كان الذي يُثبت صحتها لديه دليل .. فعلام تعترض على مسألة غيبية وأنت أصلا لا حجة لك فيها ولا دليل إلا محض الإتهام بأنه ظن .. !!
 
- فهل العقل يميل إلى ما فيه دليل أم إلى ما فيه مجرد الإتهام بأن يقول أنها ظن فقط ويسكت ؟!! بكل تأكيد يميل إلى ما فيه دليل يشير إلى الصحة لأن الدليل يرفع الظن إلى درجة اليقين ويبعده عن الشك .. وليس مجرد اتهام بالظن للتشكيك فقط .. إلا لو كان هذا الإتهام مصحوبا بدليل فيه مخالفة للقرآن أو أنه مستحيل عقلا أو معارض لحقيقة كونية .. فهنا الحديث حينئذ لا يحتمل الظن وإنما يحتمل البطلان وتركه وتحذير الناس منه ..!!
 
- لكن طالما الخبر ثبت صحته .. وليس فيه مخالفة للقرآن .. ولا حتى يحتمل مستحيلا عقليا .. فلماذا يتم رد الحديث حينئذ ؟!! إلا لو كانت النفوس لديها ميول لجحود ما ينطق به النبي صلى الله عليه وسلم .. فهذا شيء آخر ..!! يسمى عدم التسليم للنبي .. !! وهذا يدخل صاحبه إلى حجاب كبير في العلاقة مع الله .. أبسطها سلب وصف الإيمان منهم كما يقول تعالى: (فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) النساء65.
 
3- ولمزيد من التوضيح لكيفية تلاعب هذه الجماعة بمسألة أحاديث الأحاد وأنها تحمل ظن .. والعقيدة لا تكون بالظن .. وما شابه هذه الأغنية المعتادة منهم عندما يفلسون في العلم .. فيمكنك مراجعة الأسئلة التي أرقامها (13-14-15-16) (19-20-21) (97-98-99-100-101) .. وستجد فيها ما يبهجك أخي الحبيب من ردود عقلية وشرعية تثبت لك مدى الغباء وقلة العقل التي وصل إليها هؤلاء .. !!
 
- وأثناء مراجعتك لهذه الأسئلة السابق ذكرها .. ستجد عقلك يتسائل قائلا: لماذا كل هذا الغل والحقد الذي ملأ نفوس هؤلاء حتى يحاربوا الحديث النبوي بكل هذه المحاربة ..؟!!
 
- ربنا يهديهم .. ولا يزغ قلوبنا عن القرآن ولا عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم .. آمين يارب .
 

***************************  

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها مدونة الروحانيات فى الاسلام - ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  ..