بحث في المدونة من خلال جوجل

الخميس، 11 نوفمبر 2021

Textual description of firstImageUrl

ج48: رسالة الحق والنور - هل انتقد أحد من العلماء صحيح البخاري ومسلم - كم عدد الأحاديث المنتقدة عند البخاري ومسلم - هل هناك كتب اهتمت بتعريف رجال البخاري ووضعهم في ميزان الجرح والتعديل - ما الذي جعل من صحيح البخاري أرجح عند العلماء من صحيح مسلم - لماذا اختلف بعض العلماء في مسألة ترجيح البخاري على مسلم - لماذا أنكر بعض العلماء تقديم البخاري على غيره مما صح سنده عند التعارض - ما حقيقة الصراع الفكري الذي تراه على الإنترنت وفي بعض كتب أهل العلم حول أحاديث البخاري من حيث كونها (قابلة للنقد وغير قابلة للنقد) .

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الحق والنور

في موجز علم تدوين الحديث الشريف

وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور

(الجزء الثامن والأربعون)

* فهرس:

:: الفصل السابع والأربعون :: عن التعريف بما فيه نقد لصحيح البخاري ::

1- س144: هل انتقد أحد من العلماء صحيح البخاري ومسلم ؟

2- س145: كم عدد الأحاديث المنتقدة عند البخاري ومسلم ؟

3- س146: هل هناك كتب اهتمت بتعريف رجال البخاري ووضعهم في ميزان الجرح والتعديل ؟

4- س147: ما الذي جعل من صحيح البخاري أرجح عند العلماء من صحيح مسلم ؟

5- س148: لماذا اختلف بعض العلماء في مسألة ترجيح البخاري على مسلم ؟  

6- س149: لماذا أنكر بعض العلماء تقديم البخاري على غيره مما صح سنده عند التعارض ؟

7- س150: ما حقيقة الصراع الفكري الذي تراه على الإنترنت وفي بعض كتب أهل العلم حول أحاديث البخاري من حيث كونها (قابلة للنقد وغير قابلة للنقد) ؟

*************************

:: الفصل السابع والأربعون ::

:: عن التعريف بما فيه نقد لصحيح البخاري ::

************************

..:: س144: هل انتقد أحد من العلماء صحيح البخاري ومسلم ؟ ::..
 
- ليس معنى أن صحيح البخاري ومسلم أصح كتب الأحاديث .. فهذا معناه أن لا يكون لهما نقد .. لأن من كتب فهو ليس بمعصوم من الخطأ مهما بلغ من كمال الدقة والإتقان في علمه ..!!
 
- وقد قام بعض العلماء بالنقد لبعض ما في صحيحيهما .. منهم الإمام الدارقُطني رحمه الله .. وإن كان غالب النقد في البخاري لأنه لم يلتزم بمنهجية الشرط الخاص به .. وإنما هو صحيح وفق الضوابط العامة لقبول الحديث الصحيح .. وسبق التفرقة بين الضوابط الخاصة والعامة لقبول الحديث الصحيح.
 
#- ومن العلماء الذين انتقدوا البخاري ومسلم رحمهما الله :
1- الإمام الدارقطني (المتوفى: 385هـ) .. قد انتقد بعض أحاديث للبخاري في عدة كتب منها كتاب (التتبع) وقال في أوله: "قال: ابتداء ذكر أحاديث معلولة اشتمل عليها كتاب البخاري ومسلم أو أحدهما بينت عللها والصواب منها" .
- وكتاب آخر اسمه (الجزء في بيان أحاديث اودعها البخاري في كتابة الصحيح) وقال في أوله: "ما حضرنى ذكره من الأحاديث التى خرَّجها محمد بن إسماعيل البخارى رحمه الله فى كتابه «السنن الصحاح» عنده، مما اختلف فى أسانيد بعضها وفى إرسال بعضها وفى إيصالها وفى عدالة ناقليها وجرحهم".
- وكتاب آخر كبير اسمه (العلل الواردة فى الأحاديث النبوية) .. ويشمل فيه بعض أحاديث للبخاري وللأحاديث عموما ..
 
#- تعقيبا على ما سبق .. أخي الحبيب انتبه إلى أمرين:
1- أن جملة ما انتقده الإمام الدارقطني يزيد عن المائتي حديث بقليل .. من جملة آلاف الأحاديث التي في البخاري ومسلم ..!!
 
2- أن من العلماء من قام بالرد على ما نسبه الإمام الدارقطني للعل الموجودة في البخاري .. منهم الإمام بن الصلاح والإمام بن حجر العسقلاني رحمهما الله .. أما ما نسب للإمام مسلم فقد قام بالرد عليه الإمام النووي رحمه الله .
 
3- وليس معنى أن بعض العلماء قاموا بالرد على الإمام الدارقطني .. فهذا معناه اثبات أنه مخطيء .. لا .. لأن في أحاديث كانت الردود فيها غير موفقه وفيها تعسف ولا يمكن قبولها .. ولكن أقصى ما يمكن قوله أن الرد على الدارقطني كان فيه توفيق في الغالب وليس في الكامل .
 
#- وسبق في السؤال رقم (143) .. قد ذكرت لك بعض الأحاديث التي تم توجيه النقد إليها والتي قد تكلم فيها بعض العلماء من خلال ما قاله الإمام بن تيميه رحمه الله .. وانقل فقط إليك جزء من كلامه للدلالة على أن الإمام بن تيميه أيضا موافق على وجود بعض الانتقادات في البخاري ومسلم .. وذلك للتذكره ولكن كل كلامه مثبت في الأسئلة السابقة ..
 
2- يقول الإمام بن تيمية رحمه الله (المتوفى: 728 هـ):
- قَوْلَنَا: "رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ" .. عَلَامَةٌ لَنَا عَلَى صِحَّتِهِ، لَا أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
منهاج السنة النبوية ج7 ص215
 
#- ويقول الإمام بن تيمية رحمه الله (المتوفى: 728 هـ):
- التَّصْحِيحُ (أي تصحيح الروايات) لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري ومسلما .. بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحا متلقي بالقبول .. وكذلك في عصرهما وكذلك بعدهما قد نظر أئمة هذا الفن في كتابيهما .. ووافقوهما على تصحيح ما صححاه إلا مواضع يسيرة نحو عشرين حديثا غالبها في مسلم أنتقدها عليهما طائفة من الحفاظ .. وهذه المواد المنتقدة غالبها في مسلم .. وقد أنتصر طائفة لهما فيها .. وطائف قررت قول المنتقدة .. والصحيح التفصيل ..".
 
#- إلى أن قال الإمام بن تيميه رحمه الله:
- والمقصود أن أحاديثهما (أي البخاري ومسلم) أنتقدها الأئمة الجهابذة قبلهم وبعدهم .. ورواها خلائق لا يحصي عددهم إلا الله فلم ينفردا لا برواية ولا بتصحيح والله سبحانه وتعالى هو الكفيل بحفظ هذا الدين كما قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر9.
منهاج السنة النبوية ج7 ص215-216..
 
#- وقال الإمام بن تيمية في الفتاوى (ج13 ص353):
- وقع في بعض طرق البخاري: (أَنَّ النَّارَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ) مما وقع فيه الغلط وهذا كثير ..
 
3- قال الإمام محمد أبو شُهبه رحمه الله (المتوفى: 1403هـ):
- قد انتقد بعض الحفاظ كالدارقطني وغيره أحاديث ذكرها البخاري ومسلم في صحيحهما أو أحدهما .. وليس معنى هذا أن هذه الأحاديث المنتقدة ضعيفة أو واهية .. كلا .. وإنما انتقدوها لكونها لم تبلغ الدرجة العالية التي التزمها كل واحد منهما في كتابه.
- وجملة هذه الأحاديث مائتان وعشرة أحاديث .. اشتركا في اثنين وثلاثين منها، واختص البخاري بثمانية وسبعين حديثا، ومسلم بالباقي وهو مائة حديث.
- وما انتقده على البخاري وحده أو شاركه فيه مسلم قد أجاب عنه الحافظ الكبير ابن حجر في مقدمة الفتح .. وما خص مسلما أجاب عنه الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم.
 
- وفي الحق أن الكثير مما انتقد كان الجواب عنه سهلا مقبولا .. لا يخل بصحة الحديث في نفسه .. والبعض - وهو قليل جدا- قد تكلف فيه المجيب عنه غاية التكلف .. وهي لا تعدو بضعة أحاديث أكثرها في صحيح مسلم .. وهي على قلتها لا تَفُض من قيمة الكتابين .. وبلوغهما الغاية في الصحة .. فلا تلتفت إلى ما يخرف به بعض من لا يعرف .. من الزعم بأن في الصحيحين أحاديث موضوعة أو ضعيفة واهية .. فهذا تخرص وكذب على الشيخين الجليلين وكتابيهما الصحيحين .. ومن أراد زيادة في تحقيق الحق في هذا المقام ليرجع إلى ما كتبته في كتابي "أعلام المحدثين" وكتابي "دفاع عن السنة ورد شبه المستشرقين والكتاب المعاصرين" .. فقد أفضت في أول القول في كل المباحث المتعلقة بالصحيحين، وغيرهما من كتب الأحاديث المشهورة. (راجع الوسيط في علوم ومصطلح الحديث ص257-258).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على كلام الإمام أبو شهبة:
- عن قوله (بلوغهما الغاية من الصحة) .. فهذا الكلام الذي ذكره الإمام أبو شهبه فيه تناقض وفيه نظر ..


- أما التناقض في كلامه رحمه الله .. فهو تناقض بين قوله (بلوغهما الغاية من الصحة) .. مع قوله السابق (قد تكلف فيه المجيب عنه غاية التكلف) .. لأنه في هذا القول يثبت أن المجيب على النقد (كابن حجر وغيره) في بعض المسائل لا حجة مقنعة له في الرد على هذا النقد (الذي اثبته الدارقطني) لأن الناقد أدلته أقوى ..!!
 
- أما ما فيه نظر في كلامه رحمه الله في جملته (بلوغهما الغاية من الصحة) .. حيث أن هناك أحاديث ثبت لها الضعف خاصة في صحيح مسلم .. والإجابة عليها غير مقبولة بحال كحديث خلق السموات والأرض .. وكذلك في البخاري هناك من انتقد روايات للبخاري لعدم تحقيق شرطه .. كما سبق وذكر ذلك الشيخ بن تيميه .. وسواء كان البخاري أو مسلم فليسا معصومين من الخطأ ..!!
 
#- وخلاصة القول:
1- أنه تم توجيه النقد للبخاري ومسلم من علماء الحديث ولم يتم التعامل معهما معاملة القرآن المقدس .. كما يزعم كذبة الإنترنت ..
 
2- لا يصح المغالاة في إثبات بلوغ غاية الصحة في البخاري أو مسلم .. لأن هذا لا يمكن عقلا وإلا بذلك نثبت لهما العصمة في تبليغ الحديث مع نفي الخطأ عنهما وعمن تلقوا منهم .. وهو كلام لا يقبله قلب أو عقل مؤمن .. لأن القلب ينكر أن يكون للحديث عصمة مثل القرآن .. والعقل ينكر العصمة للبخاري ومسلم لأن النسيان والخطأ قد يحدث .. ولو كانت لهما العصمة ما كان ظهرت لهما أغلاط قد أثبتها العلماء عليهما .. ولم يعصم الله الحديث مما عصم به القرآن .. حيث ترك تبليغ الحديث لمن سمعوه ولذلك جاز روايته بالمعنى بخلاف القرآن الذي هو محفوظ باللفظ والذي حفظه هو الله .. !!
 
***********************
 
..:: س145: كم عدد الأحاديث المنتقدة عند البخاري ومسلم ؟ ::..
 
 - بلغ عدد الاحاديث المنتقدة عند البخاري ومسلم (210) حديث .. منهم ثمانون في البخاري والباقي مائة وثلاثون عند الإمام مسلم .. وذلك حسب ما ذكره بعض أهل العلم والتخصص في الحديث وهو الإمام بن حجر العسقلاني رحمه الله .. وعنه أخذ الشيخ محمد أبو شهبه رحمه الله ..
 
******************************
 
..:: س146: هل هناك كتب اهتمت بتعريف رجال البخاري ووضعهم في ميزان الجرح والتعديل ؟ ::..
 
- من المهم أن تعرف أخي الحبيب .. أن هناك كتب تخصصت في التعريف برجال البخاري أي الرواة الذين روى عنهم .. وهناك كتب تخصصت في معرفة أحوال رجال البخاري ووضعوهم في ميزان علم الجرح والتعديل .. وهو العلم الذي يتم به معرفة أحوال رجال السند . وسبق توضيح هذا العلم ومفهومه .. وارجع للسؤال رقم (3) .. تحت عنوان: (ما هو علم الجرح والتعديل) ..
 
- وباختصار في شرح معنى الجرح والتعديل:
- فالتعديل .. ويقصد به اثبات العدالة والضبط لبعض الرواة .. ويدل عليه بلفظ ثقة أو حجة أو صدوق أو لا بأس به أو صالح الحديث .
 
- والجرح .. ويقصد به اثبات العلة المانعة لقبول رواية بعض الرواة .. ويدل عليه بلفظ أن فلان ضعيف أو لين الحديث أو لا يحتج به أو كاذب وغير ذلك .
 
- ومن هذه الكتب التي عرفت برجال البخاري دون التعريض بنقد لهم:
- كتاب: الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد (رجال صحيح البخاري) .. لأبي نصر الكلاباذي (المتوفى: 398هـ) .  
 
- ومن الكتب التي اهتمت بوضع رجال في ميزان الجرح والتعديل:
- كتاب: التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح - أبو الوليد سليمان بن خلف التجيبي القرطبي الباجي الأندلسي (المتوفى: 474هـ) .
- وهذا الكتاب من أروع ما كتب من وجهة نظري في الجرح والتعديل كتطبيق عملي على صحيح البخاري .. وفيه من العلم ما لا تجده في غيره .. ويكفي أنه اهتم برجال صحيح البخاري .. وهو كتاب فريد من نوعه حقا ..
 
*************************
 
..:: س147: ما الذي جعل من صحيح البخاري أرجح عند العلماء من صحيح مسلم ؟ ::..
 
- نرى في كلام العلماء أنه غالبا وليس دائما .. يتم ترجيح تقديم رواية البخاري على مسلم .. لأن البخاري أشد اتصالا في السند من الإمام مسلم ..
- فالترجيح بسبب شرطه الذي انتهجه في صحيحه فأكسبه قوة .. حيث اشترط أن يكون السند تلقينا أي يكون باللقاء والسماع والتلقي المباشر بين رواة السند .. ولكن الإمام مسلم اكتفى فقط بالمعاصرة في نفس الفترة الزمنية .. كما سبق وأوضحنا في سؤال سابق.
 
- يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله (المتوفى: 1377 هـ) .. في فائدة ذكرها في تعليقه على مختصر بن كثير في مصطلح الحديث ص25:
- والبخاري أرجح .. لأنه اشترط في إخراجه الحديث في كتابه هذا: أن يكون الراوي قد عاصر شيخه وثبت عند سماعه منه، ولم يشترط مسلم الثاني، بل اكتفى بمجرد المعاصرة.
- ومن ههنا ينفصل لك النزاع في ترجيح تصحيح البخاري على مسلم، كما هو قول الجمهور .. خلافاً لأبي علي النيسابوري شيخ الحاكم، وطائفة من علماء المغرب.
- ثم إن البخاري ومسلماً لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث .. فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما، كما ينقل الترمذي وغيره عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده، بل في السنن وغيرها". (انتهى كلامه) .
 
************************
..:: س148: لماذا اختلف بعض العلماء في مسألة ترجيح البخاري على مسلم ؟ ::..
 
- ستجد أخي الحبيب .. أن بعض العلماء القدماء وهم الأغلبية يرجحون تقديم الإمام البخاري على مسلم .. ولكن ستجد بعض القدماء من العلماء يرجحون مسلم على البخاري ..
 
- وسأوضح لك باختصار أنه لا يوجد أختلاف بين الطرفين لأن كلا منهما تكلم في حيثية أو جزئية مختلفة عن الآخر .. أي أن الترجيح هو ترجيح نتيجة خصوصية في كلا منهما .. فإذا عرفت ذلك سيتبين لك أنه لا تناقض في كلام العلماء وإنما اتفاق ..
 
- صحيح البخاري: يمتاز بقوة أسانيده لاتصال رجاله وسماعهم من بعض .. كما سبق وأوضحنا .. ويمتاز بوضعه لفقهه وفهمه المميز حول بعض الأحاديث.
 
- صحيح مسلم: يمتاز بسهوله ترتيب صحيحه ومنهجيته في الكتابة مما ييسر على طالب العلم سهولة الوصول لمبتغاة .. وهذا ما يفتقده صحيح البخاري .
 
#- وخلاصة القول:
1- فمن حيث علو الصحة في السند .. فالبخاري أحسن من مسلم ..
2- ومن حيث منهجية الكتبة والترتيب .. فمسلم أحسن من البخاري ..
3- ومن هذا وذاك .. يتبين لك سبب تفضيل البخاري على مسلم أو مسلم على البخاري .. إنما هو من حيث خاصية معينة في منهجية كلا منهما .. والله أعلم .
 
#- ملحوظة هامة: ستجد في بعض كتب أهل العلم من القدماء .. تعصبات وتفسيرات لألفاظ قالها بعض العلماء بنوا عليها فصولا مطولة .. لا طائل من ورائها بل تضييع وقت .. حيث يبحثون في مجادلة مثلا عن أن فلان العالم قال هذه الجملة: (فلان أصح من فلان) فيأتي كل من ينحاز لصحيح ويفسر هذه الجملة بما يتفق ويميل إليه .. وما شابه هذا الكلام الغير نافع والذي يشبه الثرثرة في العلم .. وكأن كلام العلماء حديث نبوي يبحثون في غموض ألفاظه .. !!
 
- ويكفيك أخي الحبيب خلاصة القول في هذه المسألة .. حيث أن كل العلماء اتفقا على صحة البخاري ومسلم في صحيحيهما إلا ما تم النقد عليه .. كما سبق وأوضحنا ذلك .. واتفقوا على أن لكل من صحيح البخاري ومسلم ما يمتاز به أحدهما على الآخر .
 
**************************
..:: س149: لماذا أنكر بعض العلماء تقديم البخاري على غيره مما صح سنده عند التعارض ؟ ::..
 
#- قال الإمام الكمال بن الهمام (المتوفى:861 هـ) .. قال في كتابة فتح القدير (ج1 ص445):
- "قَوْلُ مَنْ قَالَ أَصَحَّ الْأَحَادِيثِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ .. ثُمَّ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ .. ثُمَّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى شَرْطِهِمَا مِنْ غَيْرِهِمَا .. ثُمَّ مَا اشْتَمَلَ عَلَى شَرْطِ أَحَدِهِمَا .. تَحَكُّمٌ لَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ فِيهِ".
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على قول الكمال بن الهمام:
- أن الإمام الكمال بن الهمام هنا يريد أن يقول أنه يوجد مع هذه الفرضية التي يقول بها بعض العلماء وهي تقديم البخاري ومسلم على غيرهما .. أن ذلك فيه تهميش للأسانيد الصحيحة في كتب الأحاديث الأخرى .. وهذا خطأ .. لأن الحق قد يكون فيها وليس في البخاري كل الحق ..!!
 
- ثم قال الإمام الكمال بعد كلامه السابق:
- "وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ كَثِيرٍ فِي كِتَابِهِ مِمَّنْ لَمْ يَسْلَمْ مِنْ غَوَائِلِ الْجَرْحِ وَكَذَا فِي الْبُخَارِيِّ جَمَاعَةٌ تُكُلِّمَ فِيهِمْ فَدَارَ الْأَمْرُ فِي الرُّوَاةِ عَلَى اجْتِهَادِ الْعُلَمَاءِ فِيهِمْ".
 
- وقال في موضع آخر من كتابه (ج5 ص495): "كَوْنَ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ أَصَحَّ مِنْ حَدِيثٍ آخَرَ فِي غَيْرِهِ مَعَ فَرْضِ أَنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، أَوْ رِجَالٌ رَوَى عَنْهُمْ الْبُخَارِيُّ .. تَحَكُّمٌ مَحْضٌ".
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- والإمام الكمال بن الهمام يعترض على فرضية البخاري بالترجيح والتقديم عند وجود سند صحيح عند غير البخاري .. لأن الاعتماد على البخاري ورجاله وشرطه هو افتراض فيه تحكم محض لا بينة فيه وكأن هذا الافتراض هو شريعة ملزم اتباعها ..!! وإنما الأكمل هو الجمع بين حديثين صحيحي الإسناد إذا كان في البخاري وغيره .. بدلا من إبطال أحد منهما .. وهذا هو ما يقصده الإمام الكمال بن الهمام.
 
- والذي أراه هو صحة قول الإمام الكمال بن الهمام .. أن الجمع أولى في حالة صحة الأسانيد وإن كان ظهر التعارض بين الروايات .. مع منع تقديس قواعد افترضها بعض العلماء وفرضها البعض الآخر  وجعلها إلزام في قبول الحديث في حين هي ليست نص شرعي حتى يتم إلزام أحد بهذه الضوابط التي وضعها أصحابها ..!!
 
- وبالرغم من ذلك فيظل البخاري هو الأقوى ترجيحا لقوة سنده في الغالب الأعم .. وليس دائما ..
 
#- واقرأ معي بهدوء أقوال الإمام بن تيميه .. ستجده يثبت صحة أحاديث ما صححه الآخرون بخلاف البخاري ومسلم .. وكأنه يشير بكلامه إلى أن الترجيح ليس إلا بدليل وليس بشرط  افترضه ووضعه البخاري ليكون هذا هو المقياس في قبول الحديث ..!!
 
#- يقول الإمام بن تيمية رحمه الله (المتوفى: 728 هـ):
- قَوْلَنَا: "رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ" .. عَلَامَةٌ لَنَا عَلَى صِحَّتِهِ، لَا أَنَّهُ كَانَ صَحِيحًا بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ.
منهاج السنة النبوية ج7 ص215

#- وقال الإمام بن تيمية في الفتاوى (ج13 ص353):
- وقع في بعض طرق البخاري: (أَنَّ النَّارَ لَا تَمْتَلِئُ حَتَّى يُنْشِئَ اللَّهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ) مما وقع فيه الغلط وهذا كثير ..
 
#- ويقول الإمام بن تيمية رحمه الله (المتوفى: 728 هـ):
- التَّصْحِيحُ (أي تصحيح الروايات) لم يقلد أئمة الحديث فيه البخاري ومسلما .. بل جمهور ما صححاه كان قبلهما عند أئمة الحديث صحيحا متلقي بالقبول .. وكذلك في عصرهما وكذلك بعدهما قد نظر أئمة هذا الفن في كتابيهما .. ووافقوهما على تصحيح ما صححاه إلا مواضع يسيرة نحو عشرين حديثا غالبها في مسلم أنتقدها عليهما طائفة من الحفاظ .. وهذه المواد المنتقدة غالبها في مسلم .. وقد أنتصر طائفة لهما فيها .. وطائف قررت قول المنتقدة ..
 
#- إلى أن قال الإمام بن تيميه رحمه الله:
- والمقصود أن أحاديثهما أنتقدها الأئمة الجهابذة قبلهم وبعدهم .. ورواها خلائق لا يحصي عددهم إلا الله فلم ينفردا لا برواية ولا بتصحيح .. والله سبحانه وتعالى هو الكفيل بحفظ هذا الدين كما قال تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر9.
منهاج السنة النبوية ج7 ص215-216..
 
#- وخلاصة القول:
- ليس لأن بعض العلماء يشترط شرطا فهذا معناه أنه تشريع ديني واجب الإلتزام به .. وإنما هذا الشرط قد يكون دليلا ومؤشرا على أنه الأقرب للصواب من غيره .. وليس دائما هو الأصوب لأن الآخر قد يكون أصوب منه طالما صح سنده .. وهذا هو الحق في المسألة .

 

***********************

 

..:: س150: ما حقيقة الصراع الفكري الذي تراه على الإنترنت وفي بعض كتب أهل العلم حول أحاديث البخاري من حيث كونها (قابلة للنقد وغير قابلة للنقد) ؟ ::..

 

- من الأمور الغريبة جدا .. تجد البعض ينشر من العلم ما يثير به فتنة بين المؤمنين .. لمجرد بوست يقوم بنشره .. أو يجتزأ كلام علماء لتوضيح فكرة يريد أن ينتصر لها ..!!

 

- فالبعض ينشر أن البخاري قابل للنقد وليس كله صحيح .. والبعض الآخر يقول بل البخاري كله صحيح .. وكلاهما في كلامه خطأ ..!!

 

- فالرأي الأول: أصاب في أن البخاري قابل للنقد لأنه ليس بمعصوم .. ولكنه أخطأ في أنه لم يثبت ما هي الاحاديث التي تم نقدها فيه وكأنه ترك الباب مفتوحا لذهن القاريء ليتهم البخاري بأن كل كلامه يحتمل الخطأ .. في حين أن جملة ما تم الاعتراض عليه في البخاري يقل عن مائة حديث من جملة آلاف الأحاديث ..!!

 

- الرأي الثاني: أخطأ في إثبات الكمال لما كتبه البخاري وكانه معصوم من الخطأ .. وهذا محال قلبا وعقلا كما سبق وأوضحت ذلك .. وإنما كان يصح منهم أن يقولوا عموم البخاري هو الصحيح ويندر فيه بعض الأحاديث التي عليها كلام من علماء الحديث .

 

- ويتبقى السؤال: لماذا التناحر لفرض الرأي .. في حين أن المسألة بسيطة ولا تحتاج لكل هذا النزاع الغير سوي في تحصيل العلم وفهمه ..!!

- إنهم مسئولون عما يسببونه من فتنة الخلاف والتعصب بين المسلمين ..!! فبقدر تشتيتهم للناس بقدر شتات قلوبهم .. وكما يفعلون بالناس سيُفعل في قلوبهم ..


*************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسائل العلمية مصدرها مدونة الروحانيات فى الاسلام - ومؤلفها / الأستاذ خالد أبوعوف - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالاشارة الى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات  .. 

هناك 10 تعليقات:

  1. اللهم علمنا ما ينفعنا
    وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما

    نور الله طريقك استاذنا الفاضل
    وامدك من حيث لا تحتسب
    امين يارب العالمين

    ردحذف
  2. ماشاء الله لاقوة إلا بالله

    ردحذف
  3. جزاك الله كل خير أستاذي على هذا التوضيح والرأي السليم

    .......................................
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  4. ☆🕯🕯🕯
    ما أصاب أبو يزيد البسطامي حين كان يؤدي فريضة الحج؟
    ☆☆☆☆☆
    انطلق حضرة الشيخ في طريقه...جعل النجوم دليله... وعبر الصحاري... حتى وصل مكة...
    وحين وصل طاف حول الكعبة المشرفة وبعد أن أنهى طوافه خرج الشيخ من فناء الكعبة ... وإذ به يرى في باب الكعبة ابليسا متكيء على الباب وكان لجام الفرس على ذراعه من المعصم إلى المرفق وبكل تأكيد عرفه الشيخ من فوره وأهل الله إن رأوا الشيطان عرفوه ...!!

    اندهش الشيخ وقال لنفسه يا ترى ماذا يفعل إبليس اللعين على باب البيت الحرام فقال له عما تبحث هنا فأظهر الشيطان للشيخ لجام الفرس الممتد من معصمه إلى مرفقه...
    وقال للشيخ ان جماعتي يطوفون في الداخل وانا انتظر أن ينتهوا ثم قال: سأرمي لجام الفرس وأركب على ظهورهم وأمضى لعملي..!
    نظر حضرة الشيخ البسطامي إلى إبليس اللعين وقال له متعجبا هل أنا ممن تنتظرهم لتمتطي ظهورهم؟!.
    نظر إليه إبليس وضحك: أجل... ضحك وكأنه كان يهزء به وفجأة إقترب إبليس وهمز له: أركب ظهرك بلا لجام أيها الشيخ..
    أجل ... هذه حقيقة الأمر...

    ردحذف
  5. السؤال الان...
    كنت قد نقلت القصة عن راوي ولا أدري مدى مصداقيتها لكن مهما يكن فهي مهمة جدا لأخذ العبرة وهذا هو الأساس
    وتبادر إلى ذهني هذا السؤال:
    كيف عرف أبا يزيد البسطامي إبليس لما كان متكىء على باب الكعبة؟
    وقال الراوي أهل الله يعرفون إبليس عندما يرونه...
    ولم يعرفه حين وجده على الجدول؟

    ردحذف
    الردود
    1. للإجابة على سؤالك أختنا الفاضلة عائشة ..
      - كيف عرف أبو يزيد أنه إبليس في مكان ولم يعرفه في مكان آخر ؟
      لأنها ببساطة قصة مكذوبة على سيدي أبي يزيد البسطامي .. ولا وجود لها إلا في ظن من من اخترعها وقام بتسويقها ونشرها .. وهذا كان فعل القصَّاصين أي رواة القصص .. ممن يحبون جذب الناس إليهم من خلال تلقيفها لمن هو ثقة حتى ينتبه الناس إليه ..

      بل وكثير من قصص العارفين ملفقة ومزورة أو محرفة عن أصلها .. وسبق وأشرت لبعض القصص المزورة عن أصلها .. ولكن لا أذكر الآن في أي موضوع ..

      - والخلاصة: أنه يوجد قصص مزورة كثيرة جدا على أهل التصوف بصفة خاصة ..من اختراع القصاصين واهل الهوى والمنافقين الذين اندسوا بين طوائف المسلمين ..

      - وكل قصة لا تتطابق مع العقل وتعارض أصل من الشرع ولا يطمئن لها القلب .. فألقي بها في صندوق القمامة .. فهي مكذوبة بما لا شك فيه ..

      ********************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
    2. طيب
      السطور الأخيرة الستة من التعليق رقم 6 = فيها غبش وخبص ولخبطة
      مثل :
      - كن كأبي يزيد البسطامي ( الشيطان بداخلنا ) + وسعني قلب عبدي المؤمن.
      - والمغزى من القصة
      ...........................................
      فليس كل ما (نقرأه ونراه ) حقيقة وليس كل ماغاب عنا باطل.

      حذف
    3. ماشاء الله عليك يا مجد... فتح الله عليك... انتبهت الى جزئية لم تخطر على قلبي البتة...

      اذ كيف ينصح الراوي ان تكون كأبي يزيد البسطامي والبسطامي حسب الراوي ركبه الشيطان دون لجام بعد أن أتم حجه وقفل راجعت إلى دياره...

      والمغزى!!!... يااااااااالهي
      نستغفرك اللهم ونتوب اليك مما نسمع ومما نقرأ ومما نشاهد
      علمنا ما هو مبطن ام لم نعلم .....خفي عنا ام ظهر...

      أراد أن يقول لا تذهب للمسجد ولا لمكة لان الشيطان معك...
      ولا حول ولا قوة الا بالله...

      حذف
  6. نعم لذلك سألت لأني أحسست بخلل
    أسلوب الراوي جذاب جدا...
    واعتقد انه تنميق الإعلام...
    السم في الدسم الذي طالما حذرتم منه..
    كذلك كان دوما يفعل مجد...

    نعم هنا الأمان...
    هنا الاطمئنان...
    هنا تجد إلا الحقيقة..
    هنا تجد إلا الروايات الصحيحة...

    أدامك الله ذخرا لنا مصححا منبها معلما... إلى أن نلقى الله
    وجازاكم الله عنا كل خير...
    ☆☆☆☆☆

    وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد واله وسلم

    ردحذف
  7. نعم يريدون أن يقولوا لنا من خلال هذه الحكاوي أن العابد يتساوى بالضال وكلاهما حصان ملجم وغير ملجم للشيطان... حتى ييأس الإنسان ولا يجاهد نفسه من اجل العبادة ...
    فيكون مستسلم استسلام كلي للشيطان...

    لذلك على المؤمن أن يقرأ بحذر
    ويسمع بحذر
    ويشاهد بحذر أيضا
    حتى يفك الشفرة ويستخرج المدسوس من الأصل...

    الله يفتح عليكم فتوح العارفين ويبصركم ما لا تبصرون

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف