ج8: رسالة الخرافة والبهتان في استحضار وحرق وقتل وتعذيب القرآن للجن والشيطان - لماذا القرآن لا يحرق أو يقتل أو يعذب الشيطان كلما أكثرنا من قراءة القرآن - ما هي آيات حرق وتعذيب وقتل للجن والشيطان في القرآن - ما المانع أن تحرق كلمات الله الشيطان ويكون الحرق مندرج ضمنيا في كلمة الخسران في قوله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) .

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الخرافة والبهتان

في استحضار وحرق وقتل وتعذيب القرآن للجن والشيطان

(هل القرآن يستحضر أو يحرق أو يعذب أو يقتل الجن والشيطان ؟)

(الجزء الثامن)

* فهرس:

:: الفصل الثامن :: مسائل مختلفة تتعلق بخرافة حرق الجن وتعذيبه وقتله بالقرآن ::
1- س22: لماذا القرآن لا يحرق أو يقتل أو يعذب الشيطان كلما أكثرنا من قراءة القرآن ؟ 
2- س23: ما هي آيات حرق وتعذيب وقتل للجن والشيطان في القرآن ؟ 
3- س24: ما المانع أن تحرق كلمات الله الشيطان ويكون الحرق مندرج ضمنيا في كلمة الخسران في قوله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ؟

****************************

:: الفصل الثامن ::

:: مسائل مختلفة تتعلق بخرافة حرق الجن وتعذيبه وقتله بالقرآن ::

****************************

 

..:: س22: لماذا القرآن لا يحرق أو يقتل أو يعذب الشيطان كلما أكثرنا من قراءة القرآن ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) :
- البعض كثيرا ما يخطر في باله هذا السؤال .. كلما شعر بوجود تحرش من الشيطان بالمس فيجعله يتخيل أشياءا أو بالوسوسة ..
- فيلجأ المؤمن للقرآن معتقدا أنه سيحرق بذلك هذا الشيطان الذي يؤذيه .. ويظل يقرأ ويقرأ كثيرا .. ولا يحدث شيء ..!!  
 
- وهذا يجعلنا نعود لسؤالنا القديم وهو: لماذا القرآن لا يحرق ولا يعذب ولا يقتل الجن والشيطان ؟
 
- يوجد أكثر من سب ولكن دعني أذكر لك أهم ثلاث أسباب مهمين:
- الأول: لأن القرآن كتاب إنذار ووعيد .. وهداية ورحمة ونور وبشرى للمؤمنين .. وليس كتاب حرق وتنكيل وتعذيب لمخلوقات الله في الحياة .. !!
 
- الثاني: ولا يوجد دليل على أن القرآن هو كتاب مؤذي وضار .. فيحرق ويقتل ويعذب الجن والشيطان ..!!
 
- الثالث: هو أنك لم تتسائل أخي الحبيب في عقلك بسؤال مهم وهو:
- لماذا لم يحترق هذا الشيطان القرين الملازم لنا من قرآئتنا للقرآن ..؟!!
- وإذا كنت تقول في نفسك: لعل القرآن لا يتفاعل مع الذين قوتهم الإيمانية ضعيفة ؟
- فأقول لك ردا عليك: وهل كان النبي صلى الله عليه وسلم ضعيف إيمانيا ولم يتفاعل معه القرآن ؟ بكل تأكيد لا .. فلماذا إذن لم يستطع النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرق قرينه بالنار ويتخلص منه بمنتهى السهولة بدلا من مجاهدته له ؟!!
- عارف ليه ؟ لسببين:

- الأول: لأن الله هو فقط من يعينك على قهر شيطانك وهو القادر على صرفه عنك وإبطال قواه .. ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ) صحيح مسلم.
 
- وفي رواية بلفظ: (ما مِن آدميٍّ إلَّا لَه شيطانٌ ، فقلتُ : يا رسولَ اللَّهِ وأنتَ ؟ قال : وأنا ولَكنِّي دعَوتُ اللَّهَ فَأعانَني علَيهِ فأسلَمَ) رواه بن عبد البر في التمهيد بسند صحيح .
 
- وانتبه لقوله (أعانني عليه فأسلم) .. أي أن المعين على قهر الشيطان هو الله .. بل والرواية الأخرى تبين أن وسيلة النبي إلى الله كانت الدعاء إلى الله حيث قال: (ولَكنِّي دعَوتُ اللَّهَ) ..
 
- وتامل قوله (فأسلم) .. ولم يقل فأحرقته ولا تعذب ولا قتلته .. بل استسلم وخضع ولم يعد يوسوس لأن نورانية النبي صلى الله عليه وسلم قد قهرت كل ظلام يحاول الإقتراب منه ..
 
- الثاني: لو كان القرآن يحرق ويقتل ويعذب .. فلماذا لم يستطع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أن يحرق به عوالم الإنسان والجن الكفار .. لأن القرآن نزل تكليفا لكلاهما .. حيث أن ما يؤثر في أحدهما يؤثر في الآخر لأنها نفوس .. والنفوس تتأثر بالخصائص القرآنية .. والقرآن منفعل مع النبي بخصائصة كلها لطهارته ظاهرا وباطنا صلى الله عليه وسلم فلماذا حينئذ لم يقتل أو يعذب أو يحرق عوالم الكفر من الإنس والجن ؟!!
 
- وذلك لأن القرآن كتاب رحمة وهداية ونور .. وليس كتاب مؤذي وضار وله خاصية التعذيب والحرق والقتل ..
 
- ولمزيد من المعرفة فارجع للأسئلة رقم (5-6-7-8) .. وستجد إجابات متعددة تجعلك تفهم الكثير مما فاتك من العلم ولم تنتبه إليه .
 

*********************************

 

..:: س23: ما هي آيات حرق وتعذيب وقتل للجن والشيطان في القرآن ؟  ::..

 
- اخترع المعالجون بدعة مذمومة في القرآن ووصفوها بوصف (آيات حرق الجن والشيطان وتعيبه وقتله) .. وأخذوا يروجون لها على الإنترنت وخاصة اليوتيوب .. والبعض يصفها بأنها رقية الحرق والعذاب والقتل للجن والشيطان ..!! وكل هذا ما هو إلا مجرد خرافة وأكذوبة تم ابتداعها على القرآن .. ولا وجود لها في العقيدة القرآنية أو عقيدة المسلمين .. وإنما هذه عقيدة المعالجين من رقاة وروحانيين ممن استباحوا تزيين الشيطان لهم فاعتقدوا فيما يخبرهم به أثناء جلسات العلاج أنه يحترق بالقرآن .. فصدقوا الشيطان وتركوا كلام الله ..!!
 
- بل ويجب عليك أخي الحبيب .. أن تسأل نفسك .. بعد الذي قرأته في الرسالة .. هل يوجد ما يسمى بآيات الحرق والتعذيب والقتل للجن أم هو مجرد خرافة تم تلفيقها للقرآن ؟!!
 
- بكل تأكيد بعد الذي مر بك أخي الحبيب في هذه الرسالة .. فأنت أصبحت تدرك أنه لا يوجد خاصية في القرآن تسمى بآيات قتل وحرق وتعذيب الجن والشيطان ..!! لأن هذا مخالف للعقيدة والحقيقية القرآنية .. وقد أثبت لك ذلك بما لا شك فيه .. سواء بالنصوص الشرعية أو الحكمة العقلية .. وارجع لإجابات الأسئلة رقم (5-6-7-8-22) .. بل وتابع الإجابات هنا في هذا السؤال لتزداد معرفة ..
 
- فدعني أخي الحبيب .. أعيد عليك الرد بأسلوب آخر لتزداد معرفة في عقلك وقلبك .. فنسأل من يروج لعقيدة حرق الجن بالقرآن:
1- هل رأيتم بأعينكم والحاضرين معكم رؤية عين بأن الجن يحترق بالقرآن ؟!!
- بكل تأكيد .. ستكون الإجابة .. لا ..
- وطالما لم ترون شيئا فعلي أي أساس قلتم بأن القرآن يحرق الجن ؟!!
 
- إن قلتم من الشيطان .. فقد شهدتم على أنفسكم أن علمكم من تزيين الشياطين .. وإن قلتم من حديث رسالة أبي دجانة فقد شهدتم على أنفسكم بالجهل في الدين .. ولو قلتم نرى بقوانا الروحانية أو أن المصاب روحانيا رأى ذلك اثناء الرقية فقد شهدتم على أنفسكم بأنكم متبعون للخيال والخيال خبال وما هو إلا ظن والظن لا يغني من الحق شيئا ..!!-
 
 - ثم أهناك عاقل يصدق مثل هذه الردود أصلا .. ويقبل أن يبني عقيدته على قول شيطان .. أو حديث مكذوب في الدين .. أو على خيال يتزين له في عقله قد يكون من الشيطان أو من ظنون النفس ..!!
 
- بكل تاكيد من يقبل ذلك فهو في حالة غفلة .. حتى حجبت عنه عقلهمن ان يفكر فيما ينطق به ..!!
 
2- هل القرآن مؤذي وضار للجن أم رحمة وهداية ونور للعالمين ؟
- بكل تأكيد رحمة وهداية ونور للعالمين .. فلماذا حينئذ تصفوا القرآن بأنه كتاب مؤذي وضار لعوالم الجن والشياطين ..؟!! في حين أن الحقيقة الشرعية مخالفة لذلك الوهم ..!!
 
3- حينما نقول أنه يوجد آيات فيها سكينة وشفاء وهداية .. فهذا لأن القرآن من خصائصة التي وصفه الله بها أن فيه هدية ورحمة وشفاء وطمأنينة .. فهذه صفات أثبتها الله للقرآن فعلا .. ولكن ليس من صفات القرآن أنه كتاب مؤذي ولا كتاب قاتل ولا كتاب محرق ولا كتاب عذاب .. وبالتالي لا يوجد شيء اسمه آيات حرق ولا تعذيب ولا قتل ..!!
 
- ولذلك من يقل ان القرآن فيه آيات للحرق والتعذيب .. يكون قد نسب للقرآن ما ليس فيه .. وفي الحقيقة يكون قال عن الله ما لم يقل به .. وهذا يسمى كذب .. وإلا فليأت بالدليل من كلام الله ورسوله على ما نسبه لكلام الله بأنه كلام مؤذي فيحرق ويعذب ويقتل ..!!
 
4- ثم ليخبرونا بعد ذلك لماذا القرآن يعذب ويقتل ويحرق ويؤذي عالم الجن فقط ولا يحدث لك مع عالم الإنس ؟
 
5- ثم ليخبرونا لماذا عالم الجن لايحرق بالقرآن شياطين عالم الإنس المعتدي عليه هو أيضا بعزائم التسخير .. طالما أن القرآن هو كتاب مؤذي لعالم الشيطان وأعوانه ؟!!
- أم أن الأذى فقط يكون من الإنس للجن فقط فتكون هذه خاصية للإنس مع القرآن ويكون حينئذ الجن المؤمن تم حرمانه من هذه الخاصية وهذا ظلم لهم ؟!!
 
6- ثم ليخبرونا لماذا عالم الجن المؤمن لم يحرق عالم الجن الشيطاني وينهي عالم الشياطين ؟!!
 
7- وأخيرا ليخبرونا لماذا لم تؤثر قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في قرينه الشيطاني فتحرقه وتقتله ؟!! أم أن المعالجين فقط هم الذين أعطاهم الله هذه الكرامة والخاصية وسلبها من النبي صلى الله عليه وسلم ؟!! (وحاشاه صلى الله عليه وسلم) ..
 
- ولكن من يقول بخرافة حرق القرآن للشيطان والجن .. هو من يبتدع على القرآن وينسب إليه ما ليس فيه .. وحسبه ما قال في عنقه وهو مسئول عنه أمام الله ..!!
 
#- وخلاصة القول:
- من لم يأتي بالدليل الشرعي على أن القرآن يحرق ويقتل ويعذب ويؤذي الجن والشيطان .. فهو حينئذ يكون قد ابتدع في كلام الله بدعة مذمومة وفيها تضليل للمسلمين .. ويكون قد افترى على كلام الله بما لم يأتي فيه .. وخالف عقيدة المسلمين ..
 

***************************

 

..:: س24: ما المانع أن تحرق كلمات الله الشيطان ويكون الحرق مندرج ضمنيا في كلمة الخسران في قوله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) ؟ ::..

(انتبه من تضليل الشيطان لك في النصوص الشرعية)

 
- من الآيات التي استوقفتني في يوم ما .. هي قوله تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) الإسراء 82.
 
- وخطر ببالي حينئذ أن كلمة (خسارا) ما المانع أن يكون يندرج فيها كل أنواع الخسران والتي منها الهلاك .. فتشمل الحرق والقتل وغير ذلك من وسائل التنكيل ..؟!!
 
- ولكن هذا الخاطر الشيطاني الذي ألقى في نفسي هذه الآية .. كان سببه هو أنه كنت أبحث عن دليل لعقيدة حرق القرآن للجن والشيطان .. حيث لم يكن قلبي مطمئنا لهذه العقيدة وكنت حينئذ شاب صغير في العمر وقرائتي في الدين بسيطة .. ولكني تسائلت وقلت ما دليل هؤلاء المعالجين .. خاصة وأن الذي لاحظته هو أنهم أخذوها من الشيطان تلقينا وتزيينا منه لهم بأنه يحترق وذلك من خلال جلسات العلاج التي حضرت البعض منها ..!!
 
- وكلما تسائلت عن هذه العقيدة فكان يُقال لي: ألا ترى أن الشيطان يصرخ ويقول أنه يحترق ثم ينصرف بعد قراءة القرآن وهذا معناه أن القرآن كان يحرقه ..!! وما شابه ذلك من ردود غير مقبولة عقلا .. خاصة وأن كتب العقيدة لم تذكر شيئا عن عقيدة حرق القرآن للجن والشيطان .. مما زادني شكا على شك ..!!
 
- وبسبب هذه الردود الغير مقنعة لإيماني لأنه لا يوجد دليل شرعي على كلامهم .. ثم غير مقنعة لعقلي لأنه كيف يحكمون بيقين على شيء غيبي لا إدراك لهم فيه ..؟!! فهذا كان يزيدني شكا على شك ..!!
 
- ولكن لا أخفي عليكم .. أن فكرة حرق القرآن للجن والشيطان كانت تسبب حالة من النشوة والاستعلاء في داخلي بمدى قوة القرآن في هزيمة الجن والشيطان .. وبسبب إعجابي بهذه العقيدة حاولت أن أجد لها دليل شرعي .. ولكن شكي في هذه العقيدة كان لا يفارقني وكأن هذه العقيدة ليست من الدين أصلا ..!!
 
- فأخذت أبحث في كلام الله لعلي أجد شيئا اطمئن به لهذه العقيدة وامحو به الشك في نفسي .. حتى وجدت هذه الآية التي تم إلقائها في خاطري .. ولكن لما وزنتها بميزان التفسير والعقل .. أدركت أنه ليس خاطر خير وإنما هو وسواس من الشيطان ..
 
#- لكن لماذا تدخل الشيطان في إلقاء هذه الآية في نفسي ؟
- لأن الأصل هو أن يتم وضع أي قول أو فعل ديني تحت ضوابط الشريعة .. دون أي تعصب أو هوى نفس أو رغبة في إثبات شيء أنت تريد إثباته .. وإلا كان للشيطان نصيب فيك ..!!
 
- فكان الخطأ .. هو رغبتي في إثبات وجود دليل على عقيدة ألقاها الشيطان على مسامع البعض فصدقوها .. وأردت أن أجد لها دليل .. !! ولا ادري كيف أجد دليل على ما لا وجود له أصلا في الشريعة ..!!
 
- ولذلك استغل الشيطان خطئي في البحث .. وهو رغبتي في محاولة إثبات عقيدة في القرآن لا وجود لها أصلا لا في القرآن ولا في كتب العقيدة ..!! وبالتالي أراد أن يستخدمني لنشر أفكاره من خلال كلام الله .. وحاول أن يسمم عقلي بالفهم الخاطيء لهذه الآية .. إلا أن عناية الله كانت قريبة مني .. (وَلَوْلَا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) الصافات57 .. فأدركني الله بعنايته وجعلني أبصر بما لم أحط به علما ..
  
#- نعود للآية مرة أخرى .. ونتعلم ليه الاستدلال بها في عقيدة حرق القرآن للجن هو شيء خاطيء ..
- يقول تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) الإسراء 82.
 
- من الأمور أيضا التي جعلتني أذهب إلى ما ظننته في هذه الآية .. هو تفسير بعض المفسرين لهذه الآية بأن معنى الخسران هو (الهلاك) .. ففهمت من ذلك انه طالما هلاك فهذا يشمل كل أنواع الهلاك سواء بالحرق أو القتل والموت في الدنيا ..  
 
- ولكن فهمي حينئذ كان أيضا نتيجة هوى ورغبة في نفسي كما سبق واخبرتك أخي الحبيب .. وذلك لإثبات ما لا وجود له وهو حرق القرآن للجن .. ولذلك ضل العقل عن التبصر في قراءة الآية واكتفى بكلمة (خسارا) .. ولكن ظل في القلب شكا وعدم اطمئنان ..!!
 
- ولذلك قررت أن أغير من تفكيري وأبدأ في بحثي قائلا: لماذا هذه العقيدة لا تكون باطلة وخدعة وتزيين من الشيطان خاصة وأنه لا وجود لها في كتب العقيدة عند السلف خاصة في الثلاث قرون الأولى للإسلام ..!! فمن أين أتت هذه العقيدة ؟!! ولماذا هذه العقيدة موجودة عند المعالجين فقط طالما هي عقيدة قرآنية ؟!! ولو كانت موجودة كيف لا يتم ذكر مثل هذه العقيدة ولو بإشارة أو تلميح في كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو كلام الله أو كلام الصحابة أو كلام التابعين أو تابعي التابعين ؟!!
 
- ثم قررت مراجعة تفسير الآية واستعمال العقل لتدبر كل الآية بدلا من تفسير لفظ واحد في الآية فقط ..!!
 
- وترتب على ذلك أن وجدت نفسي .. كم كنت على خطأ كبير في الفهم نتيجة الرغبة في اثبات شيء ..!!
 
- فماذا وجدت في هذه الآية التي نتكلم عنها ؟
1- قوله (وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) .. جملة (لا يزيد) تدل على أنهم كانوا فعلا في حالة خسارة بسبب كفرهم . ولكن لما أتاهم فضل الله وهو القرآن فازدادوا كفرا ..
 
2- وكلمة (الظالمين) تشمل جنس المكلفين من إنس وجن ممن ظلموا أنفسهم بالكفر لأنهم عرضوها لعذاب الله في الآخرة كما يقول تعالى: (ليَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) فاطر39 .. وكما في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) الزمر15.
 
- وطالما الظالمين يشمل جماعة المكلفين من الإنس والجن وهما اللذان لديهما حق الإختيار بالإيمان والكفر .. فالهلاك أو الخسران يكون للإنس والجن الذين لم يتبعوا القرآن وجحدوه .. وبالتالي لو كان القرآن يحرق الجن أو يعذبه أو يقتله فلابد أن يحدث هذا مع الإنس كذلك .. !!
 
- ولكن على مدى أكثر من ألف وأربعمائة قرن من الزمان لم نرى أحد من الإنس تم تعذيبه أو قتله أو إحراقه بالقرآن ؟!!
 
- أم أن هذا حكم فقط متعلق بالجن والشيطان ؟!! ولو كان هذا الحكم خاص بالجن والشيطان فأين الدليل على خصوصية هذا الحكم بتأثير القرآن على الجن والشيطان أو بهذا الجنس فقط دون غيره ؟!!
 
- بكل تأكيد .. لا يوجد تخصيص في القرآن بأنه يحرق الجن والشيطان فقط .. بل ولا يوجد أصلا عقيدة تثبت حرق القرآن للجن والشيطان ..!!
 
- فجملة (لا يزيد الظالمين) أفسدت أن يكون للقرآن خصوصية تأثير بالهلاك على الإنس أوالجن .. لأن الآية تتكلم عن كفر موجود وزاد لما جحدوا القرآن وارتضوا بكفرهم ..!!
 
- وبالتالي ما علاقة هذه الآية بكون القرآن يحرق أو يقتل أو يعذب ..!! بكل تأكيد لا يوجد علاقة ..!!

3- أما عن قوله (خسارا) فالخسارة عكس المكسب أو الفوز .. والخسارة والفوز عند ربنا يظهران نتيجة أحوال الناس في عقيدتهم بالله وثمرة سعيهم في الحياة بقدر عملهم المرتبط بإيمانهم .. ولذلك ستجد لفظ الخسارة والفوز في نتيجة الآخرة متقابلين في بعض الآيات ..  ومن ذلك قوله: (كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) الأنعام12 .. إلى أن قال تعالى: (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) الأنعام16.

- إذن فكلام السادة المفسرين على أن تفسير معنى الخسران بأنه الهلاك .. فهو باعتبار نتيجة الآخرة التي سيظهر منها الخسارة للظالمين نتيجة سوء حالهم مع الله .. أي أن الذي فسر الخسارة بالهلاك فهو باعتبار نتيجة الآخرة .. لأن خسارته للإيمان أدت إلى هلاكه بعذاب الله ..

- ولو كان آمن بالقرآن لكان نال من فضل القرآن في بركة الشفاء به ظاهرا وباطنا في الدنيا .. وتنزلت عليه رحمات الله بالسكينة والطمأنينة والهادية ونور الإيمان وكرامة الغفران في الدنيا ثم الرضا من الله في الآخرة ..
- والله أعلم .
 
#- ومن كل ما سبق يتبين لك اخي الحبيب أن الاستدلال بهذه الآية (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) الإسراء 82.. على إمكانية أن يكون القرآن يزيد الظالمين خسرانا .. بمعنى أنه يندرج فيه أنه يُهلك الجن والشيطان .. هو قول باطل ومنحرف عن الحق تماما ..!!
- والله أعلم . 

*****************

..:: س25: ما المانع أن يقال أنه يوجد خصوصية تأثير على الجن بالقرآن خاصة وأن الأحاديث تشهد بوجود خصوصية تأثير القرآن على الشياطين مثل سورة البقرة وآية الكرسي ؟ ::..

#- وقد يدور بداخلك سؤال اخي الحبيب .. وذلك تبعا لما قرآته في إجابة السؤال السابق من خصوصية كرامة القرآن وتأثيره .. وهذا السؤال هو:

- إذا كانت الخصائص القرآنية تنفعل مع جماعة المكلفين المؤمنين عموما .. ولكن ما المانع أن يكون له خصوصية تأثير على الجن و الشياطين .. فيؤثر عالم الإنس في الجن بالقرآن ولا يوجد خصوصية تأثير من الجن على الإنس بالقرآن .. خاصة وأن الأحاديث تشهد بذلك مثل خصوصية سورة البقرة وآية الكرسي ؟!!

 

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .