ج1: رسالة الغيب والعرافين والمنجمين - ما السبب المحرك في النفس للبحث عن الغيبيات - وما هو الفضول الغيبي - ما هو الفضول الإيجابي المحمود الذي يحمل معرفته خيرا - ما هو الفضول السلبي المذموم الذي يحمل في معرفته شرا - ما هو الفضول الغيبي المنهي عنه.

 بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

"الغيب والعرافة والكهانة"

والفرق بين الكرامة والإهانة

 

(الجزء الأول)

* فهرس:
:: الفصل الأول :: عن النفس وسبب بحثها عن الغيبيات ::
1- س1: ما السبب المحرك في النفس للبحث عن الغيبيات ؟ وما هو الفضول الغيبي ؟
2- س2: ما هو الفضول الإيجابي المحمود الذي يحمل معرفته خيرا ؟
3- س3: ما هو الفضول السلبي المذموم الذي يحمل في معرفته شرا ؟
4- س4: ما هو الفضول الغيبي المنهي عنه ؟

***********************

..:: مقدمة الرسالة ::..

 
- بسم الله – اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
- في هذه الرسالة استكمل معك أخي الحبيب ما بدأناه سابقا من التعريف ببعض طرق العرافة .. حيث قد تكلمنا سابقا عن طريقتين من طرق العرافة وأدواتها وهما كوتشينة التاروت ولعبة الويجا .. وأفردتهما في رسالة مستقلة لانتشارهما بصورة واسعة في زماننا .. وأضحت فيهما كل ما يتعلق بهما .. وهذه الرسالة أخرجتها باسم: (رسالة طالب الحقيقة في بيان شيطانية أوراق التاروت ولعبة الويجا) ..
 
- ولكن في هذه الرسالة .. أردت التوسع في ذكر ما تبقى من طرق العرافة نظرا لانتشارها الواسع .. ولكن في هذه الرسالة سأحاول أن أجمع لك طرق العرافة في الجاهلية وطرق العرافة الحديثة .. قدر المستطاع وما بلغه علمي .. حتى تكون على بينة ومعرفة وإحاطة بما هو حولك وقد يكون سبب في نقص إيمانك أو سبب في حدوث فتنة لك ..
 
- ثم اجتهدت قدر المستطاع أن أجمع لك من الأسئلة ما قد يدور بعقلك ولا تجده مجموع في كتاب .. وأناقشه بكل منهجية عقلية حتى تصل إلى بر الأمان في التفكر وأنت مطمئن لما وصل إليك من علم ومعرفة .. وحتى تبتعد عن هذه الطرق والأدوات التي هي في حقيقتها مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي.
 
- ولما كانت العرافة قريبة المنهج من الكهانة .. فقد جمعتها معها .. وشرحت هذه المفاهيم بقدر ما بلغني من العلم ..
 
- ثم لما كانت العرافة والكهانة من الطرق التي تبحث في الغيب .. فكان واجبا أن أجعل بداية الرسالة ببحث خاص عن التعريف بالغيب .. والكلام على بعض الآيات التي تتحدث عن الغيب .. وتوضيح بعض المسائل التي تتعلق بالغيب ومفهومه.
 
- منهجيتي في هذه الرسالة:
1- البحث في سبب بحث النفس عن مسألة الغيب ؟!! وهو الرغبة في الفضول الغيبي .
 
2- البحث في مسألة الغيب في الشريعة الإسلامية .. وما يحيط لك من بعض الأسئلة المهمة التي قد تخطر ببالك .
 
3- التعريف ببعض طرق العرافة المشهورة والمعروفة على شبكة الإنترنت ..
 
4- التعريف بالكهانة وأصل وجودها .. وما الذي تقصده الشريعة الإسلامية من الكهانة ..
 
5-  تحقيق بعض المسائل الشرعية والعقلية التي قد تحيرك في مسألة العرافة والكهانة والغيب .. مع مواجهة لأسئلة قوية جدا في استفسارها .. وستجد لها إن شاء الله إجابات عقلية ومنطقية محترمة عقليا ودينيا .

6-  قد تجد بعض المصطلحات الغير مألوفة لديك .. وهذا شيء قد ألجأ إليه لتوضيح او بيان جزئية معينة ..

7- تحقيق الأحاديث النبوية المذكورة في هذه الرسالة .. وتخريج الأحاديث من حيث كونها صحيحة أو ضعيفة .. يظهر من ختام الحديث .. حيث يظهر لك منه هل هو صحيح أم ضعيف .. مع شرح الغامض من ألفاظها وما يكون فيها من فقه يجب بيانه.

 
8- تم وضع الرسالة كالعادة في هيئة أسئلة وإجابات لسهولة الإستيعاب للمعلومة وزيادة بيان لها .. فضلا عن دفع الملل عن القاريء .. حيث أن كثرة الأسئلة والأجوبة تكسبك عزيمة في مزيد من الإطلاع والقرآءة والمعرفة بصورة أكبر لما هو بعده.
 
9- قمت بتقسيم هذه الرسالة إلى أجزاء وكل جزء يندرج فيه فصل يتعلق بهذا الجزء .. ووضعت لكل جزء في مقدمته بوست كإشارة لما في هذا الجزء .. ثم أضع أسفل هذا البوست .. فهرس بالمواضيع التي تكون في هذا الجزء .. كعنصر جذب وتعريف بما ستقرأه في هذا الجزء
 
#- الغرض من هذه الرسالة:
- هو شرح مسألة الغيب بمفهوم واسع وراقي في العلم .. مع بيان بعض فتن العرافة والكهانة التي يتبعها بعض خدام الجن وأولياءه المستمتعين به .. وهذا يكون فيمن لديهم تفعيل روحاني في أنفسهم ويستغلون هذا التفعيل الروحاني بأسلوب خاطيء ويعتبرونه هو منحة ربانية على الإنسان أن يستغلها ويتكسب من ورائها .. وإلا فلماذا منحه الله له هذا الشيء ؟!!
 
- وبكل تأكيد هذا المنطق الذي يتحدث به البعض منهم .. هو منطق فاسد ومضلل .. لأنه ليس مجرد أن يمنحك الله شيئا .. فهذا دليل في أن تستخدم فيما حرمه الله ونهى عنه ..!!
 
- فمثلا .. ليس معنى أن تكون غنيا هو أن تنشر الفساد في الأرض وتتكبر على خلق الله .. وليس معنى أن تكون المرأة جميلة هي أن تسعى في الأرض تنشر مفاتنها لتفتن الناس بجمالها .. وليس معنى أن تكون طبيبا فهذا يجيز لك أن تسرق أعضاء الناس وتبيعها .. وهكذا ..!!
 
- فالمنطق الذي يستبيح به البعض من هؤلاء مهنتهم في العرافة لأنها منحة وجدوها فيهم .. إنما هو منطق فاسد ومنحرف عن الحق بكل تأكيد .. ولا يحق لأحد أن يستخدم أي شيء في الحياة عصيانا لتعاليم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .. ومن يستبيح لا يستريح ..!!
 
- وإن شاء الله سيتم مناقشة جميع الأفكار التي من الممكن أن تخطر بالبال .. حتى تكون رسالة كاملة في موضوعها .. ولا تحتاج إلى البحث ورائها في أي جزئية لأنها ستكون شاملة بإذن الله لكل ما تحتاج إلى بيانه ..
 
- بل وقد حاولت قدر وسعي أن أجمع لك ما عرفته من طرق العرافة قديما وحديثا .. حتى تكون على بصيرة من طرق وأدوات العرافة .. حتى لا تشترك في فعل أو طلب هذه الأمور التي قد تكلفك الكثير في علاقتك الإيمانية بالله وتحبط عملك وثوابك ..
 
#- وعندي رجاء من الله:
- أن يجعلها رسالة خير ونفع وبركة لمن يقرأها .. وأن يكتب لها التوفيق والقبول في قلوب الناس .. وأن يجعلها كرامة لي يوم العرض عليه .. آمين يا رب العالمين.
- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..
 

**********************

:: الفصل الأول ::

:: عن النفس وسبب بحثها عن الغيبيات ::

**************************

..:: س1: ما السبب المحرك في النفس للبحث عن الغيبيات ؟ وما هو الفضول الغيبي ؟ ::..

 

1- إذا بحثنا في معرفة المحرك للنفس في البحث عن الغيبيات .. سنجد أن المحرك لها هو الفضول الغيبي ..
 
2- وكلمة الفضول: معناها مزيد تطلع إلى معرفة ما ..
 
3- والفضول الغيبي: أقصد به هو التطلع إلى معرفة غيبية عنك .. وهذا الفضول قد يكون إيجابي محمود عواقبه أو سلبي مذموم عواقبه .. فالإيجابي يحمل فيه خيرا ونفعا .. والسلبي يحمل معه شرا وفسادا ..
 

*****************************

 

..:: س2: ما هو الفضول الإيجابي المحمود الذي يحمل معرفته خيرا ؟ ::..

 
#- أولا: الفضول الإيجابي المحمود "الذي يحمل معرفة خير":
1- هو طلب المعرفة التي تكسبك مزيد من الإرتقاء في الحياة ظاهرا أو باطنا أو يجمع كلاهما .. بما هو نفع لك ولغيرك أو فيه حجب لضر عنك وعن غيرك .. ومنها العلم الذي يمنحه الله لنا من بحر واسع علمه المحيط بمحض فضله وعطاءه حيث يقول تعالى: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ) البقرة255.
 
2- وهذا الفضول العلمي محكوم بالنفع وما فيه خير .. لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سَلوا اللهَ عِلمًا نافعًا وتعَوَّذوا باللهِ مِن علمٍ لا ينفعُ) صحيح بن ماجه ..
- والعلم النافع .. هو ما فيه خير وبركة نفع للإنسان في ظاهره وله كرامة تأثير في باطنه بأن يعود كرامة ذلك في إيمانه وعلاقته بالله .. وإلا فمجرد العلم فقط قد تزيدك معرفة ولكنها تزيدك خرابا في قلبك لانحرافك بهذا العلم أو لغرورك به في نفسك أو على غيرك .
 
3- وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم في طلب العلم النافع: (كانَ يقولُ إذا صلَّى الصُّبحَ حينَ يسلِّمُ اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا نافعًا ورزقًا طيِّبًا وعملًا متقبَّلًا) صحيح بن ماجه ..
 
4- بل وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من العلم الغير نافع فيقول: (اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن عِلمٍ لا يَنفَعُ، وقلبٍ لا يَخشَعُ، ودُعاءٍ لا يُسمَعُ، ونفْسٍ لا تَشبَعُ، اللَّهمَّ إنِّي أعوذُ بك مِن هؤلاء الأربَعِ) رواه أحمد والنسائي.. وقال الأرنؤوط في تخريج المسند: صحيح .. وذكره الألباني في صحيح النسائي.
 
#- شرح ألفاظ الحديث:
- قوله (علم لا ينفع): كعلم السحر والاستمتاع بالجن .. وما شابه ذلك من علوم فيه انحراف عما طلبه الله منك ..
 
- قوله (قلب لا يخشع): أي لا مهابة فيه لله .. فلا يتوب ولا يندم .
 
- قوله (دعاء لا يُسمع): حتى أن الله لا يرفعه إليه .. فيكون فيه حجاب وعدم قبول .. لوجود سخط  واعتراض في نفسية من يدعو .. لأن من سخط فله السُّخط .. أي من اعترض انطرد .. وليس المقصود بسماع الدعاء هو الإجابة .. لا .. وإنما أن يكون دعاءك واصل لله فهذه كرامة قبول .. أما أن يستجيب لك في الدنيا أو لا .. فهذه مسألة أخرى .. ولكن إن لم يستجب لك في الدنيا وكان قبل دعاءك .. فسيكرمك على دعوتك هذه إما بدفع مكروه عنك أو يرفعك بها يوم القيامة .. ولذلك هذه كرامة قبول الدعاء وإن لم يستجب لك كما طلبت في الدنيا ..
 
- قوله (نفس لا تشبع): أي غلبتها شهواتها فلا تكتفي بالقليل حتى أصابها الطمع وانشغلت بالدنيا وغفلت عن حق الله .
 
#- وتأمل أخي الحبيب .. كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب المدد من الله في العطاء .. فهو يجلب الخير بواسطة الدعاء ممن يملك الخير .. وليس كما يفعل بعض من ضل وضلل عباد الله بما أسماه بقانون الجذب ونسب للنفس قدرة على جلب الخيرات ..!! فانتبه يا مسلم .
 
5- ومن الفضول العلمي الصحيح هو طلب معرفة الحكمة بأدب .. ومثال ذلك قول الملائكة مستفسرة عن حكمة خلق آدم حيث أنهم يعلمون أن مخلوق فيه شهوات فهذا معناه سيترتب عليه خلل وتقصير منه .. ولذلك أرادو أن يفهموا الحكمة حينئذ حيث كانوا يظنون أن حكمة الخلق مقتصرة على أن يكونوا مسبحين ومقدسين لله .. ولعل هذا كافيا من وجهة نظرهم ليكون أحد من الملائكة يكون خليفة وليس آدم الذي ستغلبه نفسه .. فيحكي لنا القرآن هذا المشهد فيقول: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) البقرة30-33.
 
6- وكذلك وجوب طلب معرفة الحكمة والتحقق فيما يظهر لك بأن هذا الشيء فيه مخالفة للشريعة .. ومثال ذلك ما حدث بين سيدنا موسى والخضر عليهما السلام .. فلما فعل الخضر ما هو مخالف للشريعة ظاهرا هذا أثار فضول موسى ليسأل بالرغم من أنه كان الأولى أن ينتظر حتى يخبره لأن الله هو من أرسله ليصاحب الخضر .. ولم يصاحبه من نفسه .. إلا أن مخالفة الشريعة في ظاهر الفعل أثار فضول موسى لمعرفة حقيقة ما يفعله الخضر وكيف يتوافق فعله الظاهري الذي يدل على فساد مع حكمة الشريعة حينئذ ..؟!! وفي ختام الرحلة أخبره الخضر عليه السلام عن الحكمة في فعله الذي هو كان عن أمر من الله له ..
 
- أما عن حقيقة ماهية الخضر عليه السلام .. فقيل أنه نبي والبعض قال هو ولي .. ولكن ما أميل إليه هو أن الخضر عليه السلام إنما كيان غيبي من جند الله على هيئة إنسان وله تصريف بتنفيذ القدر وكان مرئي لموسى وغير مرئي لغيره .. لأن خرقه للسفينة وقتله للغلام لا يمكن أن يفعلها أحد ويتركه الناس دون عقاب له ..!! والله أعلم .
 

***************************

..:: س3: ما هو الفضول السلبي المذموم الذي يحمل في معرفته شرا ؟ ::..

 

#- ثانيا: الفضول السلبي المذموم (الذي يحمل معرفته شرا):
1- هو طلب المعرفة التي تكسبك بلادة عقلية وخمود الإيمان في النفس .. ومثاله العلم الغير نافع كالاستعانة بالجن والشيطان .. وكمعرفة خبايا الناس وفضائحهم وعيوبهم متتبعا للعورات ..
- ومن ذلك أتى مفهوم الشخص الفضولي .. وهو المتطفل الذي يريد معرفة خبايا الناس وأحوالهم ..!!
 
- ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من حسنِ إسلامِ المَرءِ تركُه ما لا يعنيه) صحيح الترمذي ..
 
- وقوله (تركه ما لا يعنيه): أي لا شأن له به لأنه ليس من حقه أن يتدخل أو يبحث فيه .. سواء فيما يخص الخلق أو يخص الحق .. فيبتعد عن كل ما لا يخصه ولا علاقة له به .. سواء في أمور الدنيا أو الدين أو الآخرة .. طالما لا علم له بشيء من ذلك ..!!
 
2- والفضول السلبي هو أحد وسائل تزيين إبليس في نفوس البشر .. لأنه يسلب الإنسان حاله مع الله ويسقطه من درجته الإيمانية .. ولعلك تذكر أخي الحبيب أن الشيطان حينما أراد اغواء آدم فقد آثار في نفسه الفضول ليأكل من الشجرة المنهى عن الأكل منها ..!! ويحكي لنا القرآن فيخبرنا عن هذه القصة: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى  (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) طه120-122.
 
- ولذلك يحذرنا الله من هذا التزيين الشيطاني لأنه يترتب عليه سلب للمقامات الإحسانية كما حدث لآدم .. ولذلك يحذرنا تعالى فيقول: (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) الأعراف27.
 
3- ومن أمثلة الفضول السلبي في القرآن .. هو الفضول الغيبي .. الذي يبحث في التواصل مع العالم الغيبي لشهوة معرفته .. ومنهم المستعينين بالشياطين لمعرفة الغيبيات كما يقول تعالى: (هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222) يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ) الشعراء221-223.
- وكذلك من الفضول السلبي .. هو الإستمتاع بالجن لمعرفة الغيبيات منهم بمعرفة أماكن الكنوز أو معلومات عن أشخاص حولك أو معلومات عن نفسك كالذي يبحث عمن فعل له السحر أو عمن سرقه أو ما شابه ذلك .. وهذا الاستمتاع من الجن هو منهي عنه .. وفي ذلك يقول تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الأنعام128.

4- ومن أمثلة الفضول السلبي الغيبي الذي يحمل شرا .. هو كيفية التواصل مع الجن ومعرفة أخبارهم وماذا يفعلون في عالمهم .. وأنواعهم وألوانهم وقدراتهم وتفاصيل حياتهم ..!!  

  

**********************

 

..:: س4: ما هو الفضول الغيبي المنهي عنه ؟ ::..

 

- اعلم اخي الحبيب أن الفضول الغيبي المنهي عنه .. هو الرغبة في طلب معرفة ما هو غيب عنك وقد حذرك الله منه .. وهو ما تمت الإشارة إليه بالفضول السلبي المذموم لفساد عواقبه ونتائجه دينا ودنيا وآخرة .

 

#- فاحذر أخي الحبيب .. وإياك والفضول الغيبي المنهي عنه .. بطلب العرافة والبحث في الغيب القدري .. لأن هذا الفضول الغيبي يجعلك تخسر كثيرا في علاقتك بالله .. ليه ؟

 

1- لأنك تدخل فيما هو محظور عليك الدخول فيه بأمر من الله لأنه مما اختص الله به نفسه .. وهو معرفة القدر ..

 

2- ولأن بحثك في الفضول الغيبي بطريق روحاني لمعرفة ما حدث أو يحدث أو سيحدث .. إنما يكون غالبا عن طلب استمتاع بالجن والشيطان .. وهذا عصيان آخر وفعل آخر قد نهى الله عنه ..

 

- ولذلك فإن هذا النوع من الفضول يسبب لك حجاب في علاقتك بالله .. لأنه فضول يترتب عليه عصيان لله .. فانتبه .

 

- ولكن الفضول الغيبي فيما لك فيه إدراك بوحي فهذا لا مانع منه بل مطلوب منك معرفته .. كالذي يسأل عن ماذا قالت الشريعة في أحوال الجن والملائكة في ضوء ما ذكرت النصوص الشرعية .

- والله أعلم .

 

#- خلاصة القول لكل ما سبق عن الفضول وأنواعه:

- أن الفضول هو ما يدفع الإنسان للبحث عن الغيبيات .. سواء فضول إيجابي محمود أو فضول سلبي مذموم .. والمحرك لذلك هو النفس .. فإما رغبة نفسية سليمة فتكون مصحوبة بتوجيه رباني لتحصيل علم نافع أو رغبة نفسية فيها خلل فتكون مصحوبة بتزيين شيطاني لتحصيل علم فاسد .  

 

- فإذا انتبهت لأن المدخل لعالم الغيبيات هو الفضول الذي هو عن رغبة النفس .. فهذا أوان الشروع في التعرف على معنى الغيب وأنواعه .. حتى تعرف ما هو مشروع لك البحث فيه وما هو لا يحق لك البحث فيه من منظور الشريعة الإسلامية .  

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .