ج13: رسالة الغيب والعرافين والمنجمين - لماذا كان العقاب بالشهب للشياطين - ما الفرق بين الشهاب المبين والشهاب الثاقب - ما الذي أفادته الآيات من وجود شهاب مبين وشهاب ثاقب - ما الفرق بين الشيطان الرجيم والشيطان المارد - ما الذي نفهمه من الآيات في كونها مرة ذكرت شيطان رجيم ومرة شيطان مارد - كيف نفهم الفرق العام بين آيات سورة الحجر وسورة الصافات من حيث الشهب ونوع الشيطان - ما الفرق بين مسترق السمع وبين من يخطف الخطفة - ما هو مفهوم الناس الخاطيء عن الجن والشيطان المارد

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

"الغيب والعرافة والكهانة"

والفرق بين الكرامة والإهانة

 (الجزء الثالث عشر)

* فهرس:
:: الفصل الثالث عشر:: عن الفرق بين الشهاب المبين والثاقب – والشيطان الرجيم والمارد ::
1- س68: لماذا كان العقاب بالشهب للشياطين ؟
2- س69: ما الفرق بين الشهاب المبين والشهاب الثاقب ؟
3- س70: ما الذي أفادته الآيات من وجود شهاب مبين وشهاب ثاقب ؟
4- س71: ما الفرق بين الشيطان الرجيم والشيطان المارد ؟
5- س72: ما الذي نفهمه من الآيات في كونها مرة ذكرت شيطان رجيم ومرة شيطان مارد ؟
6- س73: كيف نفهم الفرق العام بين آيات سورة الحجر وسورة الصافات من حيث الشهب ونوع الشيطان ؟

7- س74: ما الفرق بين مسترق السمع وبين من يخطف الخطفة ؟
8- س75: ما هو مفهوم الناس الخاطيء عن الجن والشيطان المارد ؟

********************

:: الفصل الثالث عشر ::

:: عن الفرق بين الشهاب المبين والثاقب – والشيطان الرجيم والمارد ::

*********************

 

..:: س68: لماذا كان العقاب بالشهب للشياطين ؟ ::..

- قد تفكر وتسأل أخي الحبيب فتقول: لماذا العقاب بالشهاب دون غيره من أنواع العقاب ..؟!!

 

- قلت لك - والله أعلم: أن العقاب من جنس العمل ..
- فكما اقتحم الجن السماء .. رجم من السماء ..
- وكما ظن في قدرته النارية على فعل ما يريد .. فأبطل الله فيه ذلك بنار أخرى تحرقه وقد تؤذيه وقد تقتله .. حتى يعلم الجميع أن قدرة الله تفوق قدرة كل من يظن أن له قدرة .. وأن جند الله لا يعلمهم إلا الله .. حيث أن الشهب تعتبر من جند الله لمن كان بصيرا ..
 
- والله أعلم .
 

************************

 

..:: س69: ما الفرق بين الشهاب المبين والشهاب الثاقب ؟ ::..

 
- حينما نقرأ القرآن نجد ملاحظات تتعلق بمسألة الشهب وتخدم نفس الموضوع ..  
- يقول تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-18.
 
- يقول تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) الصافات6-10.
 
#- ملاحظات تستدعي التوقف عندها:
- من خلال الآيات التي في سورة الحجر وسورة الصافات .. يلفت انتباهنا شيء مهم .. أن هناك شهاب مبين .. وهناك شهاب ثاقب .. فما الفرق بين هذا وذاك ؟!!
 
#- أولا: شهاب مبين ..
- كلمة مبين معناها كما يقول السادة المفسرون .. أن الواضح ظهوره للعيان .. أي مرئي وواضح لكل من له إدراك بصري ..
 
#- ثانيا: شهاب ثاقب ..
- الثاقب هو الذي فيه قدرة لخرق شيء .. ومنه جاء آلة المثقاب (الشنيور) .. وهي الآلة التي يتم عمل ثقب بها في الحوائط والأخشاب والحديد وغير ذلك ..
- فالعلماء في تفسيرهم يميلون إلى أن وصف الشهاب بكونه (الثاقب) للدلالة على أن الشهاب المضيء بناره يثقب الظلام بتوهجه وإضائته .. وهذا معنى مجازي ..
 
- وفي الواقع نجد أن العلم يقول .. بأن الشهاب له مقدرة بثقب أي كيان مادي بسبب سرعته الشديدة (فيحدث ثقب حقيقي) .. ومن لطف ربنا أنه لا يصل إلى الأرض وإلا سبب فيها أضرار وكوارث لا يعمل مداها إلا الله بسبب سرعته ..
 
# فإذا عرفت ما سبق أخي الحبيب في الفرق بين المبين والثاقب ..
 

**********************

 

..:: س70: ما الذي أفادته الآيات من وجود شهاب مبين وشهاب ثاقب ؟ ::..

 
1- قد نفهم أن الشهاب الذي يصيب الشيطان إنما يكون ظاهرا للعيان وتلحظه العين .. وهو حالة فردية تظهر فجأة في سماء الليل .. وهو خبر عام لمن يتلصص على غيب السماء ..
 
2- ونفهم أن هذا الشهاب المضيء بالنار فيه قوة لاختراق ما يصادفه .. وها خبر آخر يوضح لك ما الذي يفعله هذا الشهاب المبين بالمتلصص على غيب السماء .
 
#- ففي أحد الآيات أتى الله بوصف للشهاب بأنه يظهر بكونه مضيء .. وفي آية أخرى زاد في وصف هذا الشهاب بأنه يخترق من يصادفه في طريقه .. وكأن هذا الوصف هو وصف إضافي ..
 
- كأن الله يصف الشهاب من مجموع الآيتين فيقول: هو شهاب مضيء واضح نوره للمبصرين وله قدرة على الإختراق لما يصادفه في طريقه .
 

*************************

 

..:: س71: ما الفرق بين الشيطان الرجيم والشيطان المارد ؟ ::..

 
- يقول تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-18.
 
- يقول تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) الصافات6-10.
 
1- الشيطان الرجيم .. هو المطرود من رحمة الله .. والمرجوم بغضب من الله ومرجوم بالحجارة إذلالا له .. لذلك هو ملعون لأن الرحمة الإلهية لا سبيل لوصولها إليه ..
 
#- ولفظ الشيطان والرجيم .. هي توصيف لحقيقة وطبيعة الشيطان بسبب طرده من رحمة الله .. ولكنها ليست أوصاف لفعل إبليس .. أي هي أوصاف مفعولة به وليست أوصاف هو يفعلها .
 
2- الشيطان المارد .. هو نفس الشيطان المريد والملعون .. يقول تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117) لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) النساء117-118 .
 
- قوله (إناثا): أي أصناما يزينوها كما يتم تزيين الإناث بالزينة لإرضائهن ..!!
 
- قوله (شيطان مريدا): أي إنما فعلهم هذا اتباعا لما وسوس لهم به الشيطان الجاحد لله المتمرد والملعون والذي قال أنه سيضل من الناس قدر استطاعته ليدخلهم معه النار ..
 
#- ولفظ المارد والمريد .. هي توصيف لفعل شيطاني وليس توصيف لشكل شيطاني كما يتوهم البعض ..!!
 
- والشيء الأمرد هو الأملس الناعم .. ويشار بلفظ المارد إلى فاعل الشر .. فيكون لفظ المارد هو كناية عن خلوه عن أي خير وكأنه أملس الخيرية .. أي منعدمه فيه .. ولذلك يقال عن الشخص أو الجن بالمارد والمريد لمن يتجاوز حدود العصيان والفجر والظلم ..
 
- والمتمرد .. هو الذي غلبه الشر في نفسه وبات خاليا من الخير .. متعريا منه .. فالشخص المتمرد على عيشته هو المتطاول بسخطه على قضاء الله فيه .. والشخص المتمرد على الناس هو الذي لا خير فيه مع الناس أي ظالما لهم ومعتدي .. والشخص المتمرد على الدين هو الذي لا خير فيه للدين وجاحد له .. والشخص الذي مرد على فعل شيء هو الذي استوطنه هذا الشيء وأصبح جزء من كيانه ملازما له .. !!
 
- والشيطان أو الجن المارد: هو الخبيث الشرير العاتي في ظلمه وطغيانه الذي تجرد من أي خير ورحمة .. بل وزاد وتطاول في الشر بما لا نظير له في شره تفاخرا منه بذلك .. فهو الجريء على الله ولا يهتم بعذابه ولا يفكر فيه ..
 
- ويقال لفظ مارد ومريد .. كتوصيف إضافي لوصف الشيطان .. لأن المريد والمارد .. لفظ يقال لمن فاق جماعته في تخطي حدود الشر والخبث والطغيان .. كأنك تقول عنه ليس فاجر فقط بل أفجر من الفجرة أنفسهم .. ولذلك يقول تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (68) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا) مريم68-69.
 
#- والمعنى من التفسير الميسر:
- فوربك - أيها الرسول - لنجمعن هؤلاء المنكرين للبعث يوم القيامة مع الشياطين، ثم لنأتين بهم أجمعين حول جهنم باركين على رُكَبهم; لشدة ما هم فيه من الهول، لا يقدرون على القيام.
- ثم لنأخذنَّ مِن كل طائفة أشدَّهم تمردًا وعصيانًا لله، فنبدأ بعذابهم. (انتهي النقل من التفسير) .
 

***************************

 

..:: س72: ما الذي نفهمه من الآيات في كونها مرة ذكرت شيطان رجيم ومرة شيطان مارد ؟ ::..

 
- وصف الشيطان بالرجيم .. هو وصف من الله لفعل الله مع الشيطان حيث جعله رجيم .. ولكن وصف الشيطان بالمارد هو فعل الشيطان في تحديه لله ..
 
- ولذلك آية سورة الحجر التي وصفت الشيطان بالرجيم .. لأنها خبر عن الله بأنه حفظ السماء من كل شيطان مطرود من رحمته ..
- وفي آية الصافات أوضح حقيقة فعل هذا الشيطان الذي يخطف الخطفه بأنه مارد أي تخطى حدود الشر والطغيان والفجر والعتو حتى أصبح جريء على الله ولا يهمه فعل الله به ولكن يهمه أن يتحدى الله في قدرته .. ولا يبالي بما يترتب على ذلك ..
 

************************

..:: س73: كيف نفهم الفرق العام بين آيات سورة الحجر وسورة الصافات من حيث الشهب ونوع الشيطان ؟ ::..

 
- ملاحظة .. نلاحظ أن سورة الحجر سابقة في نزول آياتها عن سورة الصافات .. أي أن سورة الحجر نزلت أولا ثم سورة الصافات بعد ذلك .. فإذا علمت ذلك فسأقول لك الفرق العام بين الآيات قدر اجتهادي في فهم الآيات ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) – والله أعلم :
- كأن الله يقول: حماية السماء هو حفظها من كل مطرود من رحمتي وعليه لعنتي .. فيكون عقابه هذا الشهاب المبين الذي ترونه في السماء وكأنه لهب مسلط في اتجاه معين .. وهذا الشيطان الذي يفعل ذلك إنما هو فعله لأنه مارد عن الخير وإلا ما كان تجرأ عن أن يتحداني ويعصيني فلما تحداني كان الشهاب المبين الذي ترونه فيه خاصية أنه ثاقب فيخترقه .. وهذا مصيره مدركا له لا محالة فيصيبه ..
 
- فآيات سورة الحجر هي خبر من الله عام بالحفظ من الشيطان وخبر بالوعيد لمن يخطف شيئا من الغيبيات فله شهاب .. ولكن آيات سورة الصافات هي تخصيص وزيادة توصيف لما في سورة الحجر .. حيث قالت بتعريف حقيقة فعل هذا الشيطان الرجيم بأنه مارد وتعريف بطبيعة هذا الشهاب المبين المسلط عليه عقاب له .. بأنه شهاب مبين ثاقب ..
- والله أعلم .
 
#- وبعبارة أخرى:
- أن آيات سورة الحجر .. توضح حقيقة وجود عدو متربص بالسماء لسماع الغيبيات .. وتوضح وجود سلاح لمن يعتدي على السماء ويتجرأ بسماع الغيبيات ..
- وآيات سورة الصافات .. توضح طبيعة العدو الفاعل لخطف الغيبيات وهو من النوع الجريء على الله ولا يبالي بموته .. وتوضح طبيعة ما سيفعله هذا السلاح بهذا العدو الذي هذه صفته ..
 
#- وخلاصة القول مع مزيد توضيح لما سبق:
- فآيات سورة الحجر .. خبر عام عن استعداد السماء لمن يعتدي عليها .. ولذلك قال الله فيها (حفظناها) أي أتي بالفعل الماضي لتقرير وجود هذا الحفظ وأن هذا الحفظ هو حفظ إلهي تكفل الله به ..
 
- وفي سورة الصافات .. تفصيل لهذا الخبر العام وتعريف وتوصيف بطبيعة العدو وتوصيف بطبيعة السلاح الذي سيقهره وما هو مصيره .. حتى لا يظن أحد أن الشهاب هو وسيلة للطرد فقط .. كما قد يُفهم ذلك من آيات الحجر .. ولذلك قال تعالى في تنفيذ اجراءات الحماية (وحفظا) أتي بالإسم هنا حتى تفهم أن تنفيذ الحفظ للسماء إنما هو بقوة وقدرة مدركة للعدو مهما بلغت قدرته على الشر والاعتداء .. 
 
- ودعني أوضح ذلك لك بمثال ليتضح الفرق:
- أن تقول دولة ما أن لديها نظام سلاح لتأمين حدودها من كل عدو يتبع العدو حينما يعتدي على أراضيها .. فهذا مجرد خبر عام .. ثم يظن أحد أن لديه مقدرة على تحدي هذا السلاح ... فتقول الدولة: أن سلاحها هو سلاح تأمين يقهر أي نوع من الأعداء مهما بلغت قدرته في الجو والبحر والبر .. لأن له خاصية تتبع واختراق العدو ونسفه وتدميره فور ملاحظة وجوده .
 
#- وما سبق هو رأيي في اختلاف الآيات بين السورتين .. والله أعلم .
 

***********************

..:: س74: ما الفرق بين مسترق السمع وبين من يخطف الخطفة ؟ ::..

 
#- سنجد في آيات الحجر وآيات الصافات .. يوجد اختلاف في ألفاظ من يستمع لغيب السماء .. فمرة أتى بلفظ: (استرق السمع) .. ومرة أتى بلفظ :(خطف الخطفة) ..
1- ففي سورة الحجر قال تعالى: (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر17-18.

2- وفي سورة الصافات قال تعالى: (وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ) الصافات7-10.
 
#- فما الفرق حينئذ بين المسترق والخاطف ؟

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) – والله أعلم:
- كلاهما بمعنى واحد من حيث الاشتراك في جريمة سرقة الغيبيات من السماء .. ولكن من حيث توصيف الفعل وتوصيف كيفية الفعل .. كيف ذلك ..؟!
 
1- ففي قوله (استرق السمع) هو توصيف للفعل بأنه سرقة للمعلومة الغيبية بطريقة خفية حتى لا يعلم بوجوده أحد ..
 
2- وفي قوله (خطف الخطفة) هو توصيف لكيفية سرقة هذه المعلومة في أنها تكون عن أخذ بسرعة أي خطف وهرب سريعا ..
 
#- ولذلك كانت آية الحجر هي إعلان عن وعيد الله لمن كان فعله كذلك ..
 
#- وآية الصافات هو تنفيذ فعلا لهذا الوعيد لمن تجرأ واتخذ القرار في استماع غيب السماء وخطف الخطفة وأرسلها إلى أولياءه من عالم الإنس ..
 
- ملحوظة: قوله (استرق- خطف) .. جاء بلفظ المفرد لأن المقصد هو من يقدم على هذا الفعل سواء فردا او جماعة .. كما تقول: من سيقترب من كذا سيحدث له كذا .. 
 
- وعملية تنفيذ سرقة المعلومات الغيبية .. يقوم بها جماعة أو عصابة شيطانية مشتركة في تنفيذ الجريمة .. وليس فرد لوحده .. 
 
#- وقد تسأل أخي الحبيب .. فتقول لي: ما دليلي على أن استراق السمع يكون عن جماعة ؟

- قلت لك .. جاء في رواية الحديث التي رواها أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا قَضَى اللَّهُ الأمْرَ في السَّماءِ، ضَرَبَتِ المَلائِكَةُ بأَجْنِحَتِها خُضْعانًا لِقَوْلِهِ، كَأنَّهُ سِلْسِلَةٌ علَى صَفْوانٍ، فإذا فُزِّعَ عن قُلُوبِهِمْ قالوا: ماذا قالَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا لِلَّذِي قالَ: الحَقَّ، وهو العَلِيُّ الكَبِيرُ، فَيَسْمَعُها مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، ومُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ - ووَصَفَ سُفْيانُ بكَفِّهِ فَحَرَفَها، وبَدَّدَ بيْنَ أصابِعِهِ - فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فيُلْقِيها إلى مَن تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيها الآخَرُ إلى مَن تَحْتَهُ، حتَّى يُلْقِيَها علَى لِسانِ السَّاحِرِ أوِ الكاهِنِ، فَرُبَّما أدْرَكَ الشِّهابُ قَبْلَ أنْ يُلْقِيَها، ورُبَّما ألْقاها قَبْلَ أنْ يُدْرِكَهُ .. فَيَكْذِبُ معها مِئَةَ كَذْبَةٍ، فيُقالُ: أليسَ قدْ قالَ لنا يَومَ كَذا وكَذا: كَذا وكَذا، فيُصَدَّقُ بتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتي سَمِعَ مِنَ السَّماءِ) صحيح البخاري.

#- فتأمل أخي الحبيب قوله (فَيَسْمَعُها مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، ومُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ) .. فيه دلالة على أن هذه السرقة للمعلومات إنما تكون عن عصابة من الشياطين بعضها فوق بعض طبقات ولكن أعلاهم وهو الشيطان المارد وهو الذي يخطف الخطفة ويرسلها لكل من اشترك في استراق السمع ..

- وما سبق هو رأيي .. في فهم الفرق بين استراق السمع وخطف المعلومة .. والله أعلم .

 *************************

..:: س75: ما هو مفهوم الناس الخاطيء عن الجن والشيطان المارد ؟ ::..

 
#- من أخطاء الناس في مفهوم الجن المارد:
- البعض يظن أن الجن أو الشيطان المارد .. هو الكبير الحجم والعظيم البنيان وطويل القامة ومفتول العضلات الذي بطول الجبل وقد يصل برأسه إلى حدود السحاب ..!!
 
- لا .. هذا كلام خطأ وفيه تضليل .. ولا علاقة له بما عليه القرآن ..!!
 
- وإنما ما يقال عن توصيفات المارد من بعض الروحانيين .. إنما هو محض تخيلاتهم التي بثها وأثبتها الشيطان في نفوسهم البليدة .. من خلال تصوير ذلك في خيالهم الفاسد والغير صحيح حتى يظلوا خداما للجن والشيطان ..!!
 
- ثم أخذ هؤلاء الروحانيين الذين بعضهم خداما الجن .. بنشر هذه الصور بين الناس ليوهموهم بمدى عظمة الجن والشيطان المارد الذي لا نظير له والذي من أوصافه الشكلية كذا وكذا ..
 
- وبالتالي فإن من لديه تفعيل روحاني .. أي يرون خيالات وصور روحانية سواء يقظة أو مناما لأن المجال الروحاني لديهم مفتوح .. حينما يسمعون مثل هذه المعلومات الخاطئة فيسرع الشيطان في بث هذه الصورة في نفوسهم أيضا ليثبت وترسخ المعلومة أكثر وأكثر .. حتى تنتشر بصورة أكبر بين الناس .. في حين أن هذا وهم ولا وجود له في حقيقة الأمر .. لأن لفظ المارد هو توصيف لفعل الشيطان وليس لشكل الشيطان ..!!
 
- وكلامي السابق لا ينفي .. أن يكون في الجن من لهم قامات كبيرة وأجسام قوية .. وهذا يكون في كل طائفة من طوائف الجن .. كما أن في عالم الإنس تجد مفتولي العضلات في كل بلد ومدينة وشارع ..!!
 
- ولكن الجن المارد .. هو الشديد في تمرده على الله وعصيانه وله جرأه على عصيان الله متحديا له ودون خوف منه في ذلك .. مهما كانت العواقب حتى لو سيموت .. ولذلك هذا النوع من الشياطين هو الذي لديه جرأه في خطف المعلومة الغيبية ولا يبالي بموته في سبيل التحدي لله .. وهو من الأنواع التي يتم تصفيدها في رمضان كما جاء في الحديث: (إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ....) صحيح بن ماجه .. ، وفي رواية بلفظ (صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ مَرَدَةُ الْجِنِّ) صحيح بن خزيمة .. وهذه الرواية بدون حرف (الواو) وكأن لفظ المردة هو وصف أضافي لنوع معين من الشياطين وهم المارد منهم أي من لهم جرأة وتحدى على عصيان أوامر الله دون خوف من الموت ..
 
#- وخلاصة القول ..
- هو أن الشيطان ينشر في نفس أولياءه وخدامه من الإنس .. ما يجعلهم يخافونه ويهابونه حتى يظلوا خداما له .. وبعض الروحانيين ينشر هذه الأفكار عن الجن حتى يظل عوام الناس وخاصة البسطاء ومن لا علم لهم .. في حالة رعب وخوف من الجن المارد .. ويحتاجون لهذا الروحاني الذي له علاقة بالجن حتى يخلصهم من هذا الجن لأن له قدرة في السيطرة عليهم وطردهم .. وهذا كذب آخر ولا يصدقه إلا إنسان لا يعلم حقيقة أن بعض هؤلاء الروحانيين إنما هم من خدام وعبيد الجن والشيطان ولا قدرة لهم عليهم ولا سيطرة .. وإنما هم فقط خداااام للجن .. يعني الجن أسياده وهو خدام عندهم ينفذ طلباتهم .. ولا يستطيع أن يعيش بغير توكله عليهم واحتاجه الدائم لهم في أمور حياته ..!!

 *********************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .