ج20: رسالة الغيب والعرافين والمنجمين - هل حديث بن عباس في صحيح البخاري هو حديث نبوي - لماذا عليك أن تنتبه لحديث بن عباس في صحيح البخاري بأنه ليس حديث نبوي - كيف قابل الشياطين النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين لم يكن معه جماعة أصحاب ولم تفرض صلاة الفجر وقتئذ - كيف يقول العلماء أن الجن تم منعهم من السماء مع بعثة النبي في حين نجد أن هذا المنع تم في العام العاشر من البعثة النبوية - هل الجن أخذ فترة عشرة سنوات يبحث عن سبب منعهم من السماء - وكيف يأخذوا كل هذا الوقت والرواية تدل على أنهم أدركوا حقيقة المنع في أسرع وقت - لماذا طوال عشرة سنوات لم يعرف الشياطين ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم في أن كل إنسان معه قرين شيطان كان من الممكن أن يخبر سائر الشياطين بذلك - كيف أن الشياطين اجتمعت حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم - كيف الشياطين تؤمن بالقرآن وهي من طبعها الشر والعداء لبني آدم والانبياء والرسل والمؤمنين - هل قرين النبي صلى الله عليه وسلم قد أسلم - ما المانع أن يسلم الشيطان ويؤمن بالله - ما المستفاد من رواية بن عباس في قصته عن مقابلة الجن للنبي صلى الله عليه وسلم

   بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

"الغيب والعرافة والكهانة"

والفرق بين الكرامة والإهانة

 (الجزء العشرون)

* فهرس:
:: الفصل العشرون :: مسائل تتعلق برواية بن عباس عن منع الشياطين عن سماع الغيبيات واجتماعهم حول النبي لسماع القرآن ::
1- س100: هل حديث بن عباس في صحيح البخاري هو حديث نبوي ؟ 
2- س101: لماذا عليك أن تنتبه لحديث بن عباس في صحيح البخاري بأنه ليس حديث نبوي ؟
3- س102: كيف قابل الشياطين النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين لم يكن معه جماعة أصحاب ولم تفرض صلاة الفجر وقتئذ ؟
4- س103: كيف يقول العلماء أن الجن تم منعهم من السماء مع بعثة النبي في حين نجد أن هذا المنع تم في العام العاشر من البعثة النبوية ؟
أ- وكيف يكون سبب منعهم القرآن وهو كان ينزل طوال عشرة أعوام ولم يحدث شيء لهم ؟
ب- هل الجن أخذ فترة عشرة سنوات يبحث عن سبب منعهم من السماء .. ؟!! وكيف يأخذوا كل هذا الوقت .. والرواية تدل على أنهم أدركوا حقيقة المنع في أسرع وقت ؟!!
5- س104: لماذا طوال عشرة سنوات لم يعرف الشياطين ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم في أن كل إنسان معه قرين شيطان كان من الممكن أن يخبر سائر الشياطين بذلك ؟
6- س105: كيف أن الشياطين اجتمعت حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم ؟ (إشارة وتنبيه لأولي الألباب) ..
7- س106: كيف الشياطين تؤمن بالقرآن وهي من طبعها الشر والعداء لبني آدم والانبياء والرسل والمؤمنين ؟
- وقد يقال .. أن قرين النبي صلى الله عليه وسلم قد أسلم .. فما المانع حينئذ أن يقال أنه من الممكن أن يسلم الشيطان ؟
- وقد تقول .. ما المانع أن يسلم الشيطان ويؤمن بالله ؟

8- س107: ما المستفاد من رواية بن عباس في قصته عن مقابلة الجن للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ 

 ********************

:: الفصل العشرون ::

:: مسائل تتعلق برواية بن عباس عن منع الشياطين عن سماع الغيبيات واجتماعهم حول النبي لسماع القرآن ::

*******************

..:: س100: هل حديث بن عباس في صحيح البخاري هو حديث نبوي ؟ ::..

 
- من المهم أخي الحبيب .. أن تنتبه لروايات الأحاديث حتى تستطيع التمييز بين ما هو حديث نبوي وما هو حديث غير نبوي .. حتى لا يختلط عليك الأمر ..
 
- والحديث الذي نتكلم عنه ليس حديث نبوي .. أي لم يقل به النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما هو قصة في السيرة النبوية يحكيها بن عباس رضي الله عنه .. وهذه القصة هي:
 
- جاء في رواية الحديث .. عن بن عباس قال: (انْطَلَقَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في طَائِفَةٍ مِن أصْحَابِهِ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وقدْ حِيلَ بيْنَ الشَّيَاطِينِ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عليهمُ الشُّهُبُ، فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إلى قَوْمِهِمْ، فَقالوا: ما لَكُمْ؟ فَقالوا: حِيلَ بيْنَنَا وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قالوا: ما حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَّا شيءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ ومَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا ما هذا الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ .. إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ .. عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ .. اسْتَمَعُوا له .. فَقالوا: هذا واللَّهِ الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ، وقالوا: يا قَوْمَنَا: {إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إلى الرُّشْدِ، فَآمَنَّا به ولَنْ نُشْرِكَ برَبِّنَا أحَدًا} [الجن: 2]، فأنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّه اسْتَمع نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1] .. وإنَّما أُوحِيَ إلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ) صحيح البخاري ..
 
- قوله (فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ): أي أولئك الشياطين ..
- قوله (وهو بنخلة): هو مكان بين الطائف ومكة ويبعد عن مكة بنحو ثلاثين كيلو متر تقريبا ..
- قوله (سوق عكاظ): هو مكان يتجمع فيه العرب للتجارة وكان يقام في شهر رمضان .
 
- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله في شرحه على البخاري (2/94): هذا الحديث مرسل صحابي لأن ابن عباس لم يرفعه ولا هو مدرك للقصة .. (انتهى النقل) .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الحديث هو رواية عن حدث تم حكايته في السيرة النبوية .. ويظهر من هذه الرواية وجود علة فيها .. وهي أن بن عباس لم يذكر لنا عمن روى عنه هذا الحديث .. فضلا عن أنه لم يكن له وجود وقت حدوث هذه القصة من أساسه .. ولكن كثير من العلماء (وليس جميعهم) يقبلون مراسيل الصحابة لكونها مظنة النقل من صحابة آخرين حضروا هذه الواقعة .. والصحابة كلهم أهل عدل ولا يكذبون ..
- وعن نفسي قد أقبل بمراسيل الصحابة .. إلا ما تعارض قوله مع نص قرآني أو مع حديث أوثق منه واعلى منه في الصحة ..
 

***********************

 

..:: س101: لماذا عليك أن تنتبه لحديث بن عباس في صحيح البخاري بأنه ليس حديث نبوي ؟ ::..

 
- قد تستغرب أخي الحبيب من السؤال السابق والحالي .. وتقول ما علاقة ذلك بموضوع الرسالة ؟!!
- بل له علاقة وثيقة جدا .. لأن هذا الحديث يتعلق بحادثة حدثت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم .. ويتعلق باستماع الشياطين لغيبيات السماء .. وبالتالي إذا ظهر مشكل بهذه الرواية وهي رواية يعتمدها أصحاب السيرة وغيرهم .. فلابد من توضيح هذه الإشكاليات ..
 
- أما عن سبب الإهتمام بهذا الحديث ..؟
1- لأنه أثار في نفسي بعض التساؤلات حينما تأملته .. وهذه التساؤلات قد تخطر ببال بعض الناس أيضا .. فأحببت أن أجيب عليها خاصة وأن بعض هذه الأسئلة لم يتم تدوينها في كتب أهل العلم .. وهذه الأسئلة قد تكون محل شبهات لآخرين ..
 
2- فهذا الحديث قد يكون وسيلة للطعن في علم الأحاديث عموما وصحيح البخاري خصوصا .. وذلك الطعن غالبا يأتي من جماعة القرآنيين المنكرين للأحاديث أو من جماعة الملحدين الذين يشككون في الدين .. ولكن ليه ممكن يكون سبب للطعن ؟
 
- لوجود اشكاليات على هذه الرواية قد تخطر على البال .. وهذه الاشكاليات تتمثل بالآتي .. وهو ما خطر ببالي حين قراءة الرواية:
1- الرواية قالت بأن الشياطين وجدوا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي مع أصحابه الفجر .. في حين أنه لم يكن معه أصحابه ولكن كان معه زيد بن حارثة فقط ..!!
 
2- الرواية قالت بأن الشياطين وجدوه يصلي الفجر .. وصلاة الفجر لم يتم فرضها ومعرفتها بصلاة الفجر إلا بعد ليلة الإسراء .. أي قريبا من العام الثالث عشر من البعثة النبوية .. فكيف يقال حينئذ أن الشياطين رأته يصلي الفجر بأصحابه ؟!!
 
3- الرواية قالت بأن منع الجن من خبر السماء إنما ظهر في حالة منعهم من مقاعد التسمع في السماء .. فوجودها ممنوعة .. فذهبوا في مشارق الأرض ومغاربها وعلموا السبب في ذلك هو ظهور نبي الإسلام والقرآن الكريم الذي هو وحي السماء .. وهذا كان في العام العاشر من البعثة وقبل الهجرة وذلك عند عودة النبي صلى الله عليه وسلم من رحلة الطائف .. وسورة الجن نزلت في العام العاشر أيضا من البعثة النبوية ..
 
- وبالتالي تصبح مقولة أن الجن تم منعهم من مقاعد السمع عند البعثة النبوية .. هو كلام غير صحيح وإنما حدث ذلك بعد مرور عشرة سنوات على بعثة النبي حسب مفهوم هذه الرواية ..!!
- وهذه الإشكالية لم أجد أحد من العلماء قد تكلم فيها ..!!
 
4- وقد يسأل سائلا فيقول: طالما كل إنسان معه شيطان من الجن فلماذا لم يخبر إخوانه من الشياطين ببعثة النبي من لحظة بعثته صلى الله عليه وسلم .. وانتظروا عشرة سنوات ليعلموا أنه قد تم بعث نبي ومعه كتاب مقدس ؟
- وهذه الإشكالية لم أجد أحد من العلماء قد تكلم فيها ..!!
 
5- كيف للشياطين أن تؤمن .. والمعلوم عنها أنها عدو مبين للإنسان ومجبولة على الشر ؟ ثم لو افترضنا ذلك فهذا يعارض القرآن .. لأن القرآن لم يقل الشياطين وإنما قال جماعة من الجن ولم يقل جماعة من الشياطين ؟!! والفارق كبير حيث أن الجن هم جنس .. والشياطين نوع من هذا الجنس ..!!
- فضلا عن أن القرآن لم يقل .. أن الشياطين هم الذين استمعوا لقراءة النبي وإنما قال أنهم جماعة من الجن ..!!
- وهذه الإشكالية لم أجد أحد من العلماء قد تكلم فيها ..!!
 
6- لو كانوا هؤلاء شياطين فعلا .. فكيف يسمح الله لهم بالحضور حول النبي صلى الله عليه وسلم والاستماع للقرآن .. في حين أن القرآن يحجب عالم الشر حين قرائته .. حيث يقول تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) الإسراء45 .. والشياطين من الذين لا يؤمنون بالآخرة ..!!
- وهذه الإشكالية أيضا لم أجد أحد من العلماء قد تكلم فيها ..!!
 
#- وسأحاول الإجابة على هذه الإشكاليات في الرواية السابقة .. والتي هي ليست حديث نبوي وإنما مجرد رواية في السيرة ولم يحضرها قائلها أصلا الذي هو بن عباس رضي الله عنه .. !!
- فلا تنسى هذه الجزئية .. بأنها ليست حديث نبوي ..
 

*************************

 

..:: س102: كيف قابل الشياطين النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين لم يكن معه جماعة أصحاب ولم تفرض صلاة الفجر وقتئذ ؟ ::..

 
- جاء في رواية بن عباس: (فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ .. إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ .. عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ ...) صحيح البخاري.
 
- في رواية البخاري السابقة المروية عن بن عباس .. ذكرت انه يوجد إشكالية في هذه الرواية .. وهي أنه جاء فيها ان الشياطين قد رأت النبي وهو يصلي الفجر بأصحابه .. فكيف ذلك وهو كان معه أسامة بن زيد فقط في رحلة الطائف .. ثم لم يكن وجود لصلاة الفجر حينئذ حيث أنها فُرضت بعد هذه الرحلة بثلاث سنوات ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- لعل بن عباس يقصد بكلمة (أصحابه) هو زيد بن حارثة .. على اعتبار حذف مضاف .. أي كان يصلي ببعض أصحابه صلاة الفجر ..
- وقد يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قابل بعض أصحابه في سوق عكاظ حينئذ وصلى بهم .. والله أعلم ..
 
2- أما فيما يتعلق بصلاة الفجر .. فقال بعض العلماء أن المقصود منها هو صلاة ركعتين كان يصليهما ليلا .. وكانت هذه الصلاة نافلة وليست فرضا .. حيث قال بعض العلماء أن للنبي صلاة قبل صلاة الفرض .. وإليك توضيح ذلك:
أ- بعض العلماء قال: أنه كان يصلي بالليل ما شاء الله له أن يصلي  .. وقد يكون فعل ذلك معه المسلمون حينئذ قدر استطاعتهم اتباعا له .. ويظهر ذلك من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) سورة المزمل1-4 ..
 
ب- وبعض العلماء قالوا: كان النبي والمسلمون يصلون صلاة ركعتين صباحا ومساءا .. وأشارا في ذلك إلى قوله تعالى (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) ق39..، وإلى قوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) غافر55.
 
ج- وما يدل على وجود الصلاة قبل فرضها .. ما جاء في الرواية حينما سأل هرقل أبا سفيان عن حال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلتُ: يقولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وحْدَهُ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، واتْرُكُوا ما يقولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والصِّلَةِ) صحيح البخاري .
- فقوله (يأمرنا بالصلاة) فيه دلالة على أن الصلاة كانت موجودة قبل فرضها خمسة صلوات ..
 
د- وما يدل على وجود الصلاة قبل فرضها .. هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد صلي في بيت المقدس ركعتين في ليلة الإسراء .. كما جاء في الرواية : (حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ به الأنْبِياءُ، قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فيه رَكْعَتَيْنِ ...) صحيح مسلم .
 
هـ - وهناك رواية تقول أن النبي صلى اله عليه وسلم كان يصلي من بداية الوحي .. ودليل ذلك ما جاء عن زيد بن حارثة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ) رواه أحمد .. وقال الأرنؤوط:  في إسناده ابن لهيعة وهو سيئ الحفظ، وقد اضطرِب في إسناده ومتنه كما سيأتي بيان ذلك في التخريج. قال ابن أبي حاتم في "علله" 1/46. قال أبي: هذا حديث كذبٌ باطل. (انتهى النقل من كلام الأرنؤوط من تخريج المسند (ص29/ ج25) ..، وكذلك ضعفه الألباني في الصحيحة لنفس العلة وهي وجود بن لهيعة في السند .. وأثبت متابعة ضعيفة أيضا لهذه الرواية .. ومع ذلك من وجهة نظره بهذه المتابعة جعله في كتاب السلسلة الصحيحة للأحاديث ..!!
- والحق مع شعيب الأرنؤوط ومحققي المسند .. في أن الرواية ضعيفة ومتابعتها ضعيفة ولا يصح لها تحسين .. ولا أدري على أي أساس علمي ذكرها الألباني في الأحاديث الصحيحة ..!! والله أعلم ..
 
#- وخلاصة القول:
1- قد يكون المراد من الأصحاب في رواية بن عباس .. هو زيد بن حارثة باعتبار أن المقصد من قوله (يصلي بأصحابه) أي يلي ببعض أصحابه .. أو لعله قابل بعض اصحابه في السوق فاجتمع بهم ليلا فصلى بهم .. والله أعلم .
 
2- بالنسبة للصلاة .. فهي صلاة ليلية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في وقت الفجر مع من صلى بهم جماعة .. ولكنها لم تكن صلاة الصبح التي تم فرضها حينئذ من جملة الصلوات الخمسة .. حيث أن هذه الصلوات تم فرضها ليلة الإسراء ..
 
3- وبالتالي مما سبق .. فلا مشكلة في الرواية بهذه التوضيح السابق .. فيما يتعلق بهذه الجزئية من الصلاة بالأصحاب أو صلاة الفجر .. والله أعلم .
 

******************

 

..:: س103: كيف يقول العلماء أن الجن تم منعهم من السماء مع بعثة النبي في حين نجد أن هذا المنع تم في العام العاشر من البعثة النبوية ؟ ::..

 

(وكيف يكون سبب منعهم القرآن وهو كان ينزل طوال عشرة أعوام ولم يحدث شيء لهم ؟)

 

- جاء في نص رواية بن عباس: (فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إلى قَوْمِهِمْ، فَقالوا: ما لَكُمْ؟ فَقالوا: حِيلَ بيْنَنَا وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، وأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ، قالوا: ما حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَّا شيءٌ حَدَثَ ..) صحيح البخاري ..

 

#- من الإشكاليات التي تظهر معنا من خلال رواية بن عباس التي نتكلم عنها .. إشكالين:

1- الإشكال الأول: نجد أن بعض العلماء يقولون أنه تم منع الجن من التسمع في السماوات حين ظهور الدعوة النبوية .. ولكن الواقع الذي يظهر لنا من خلال الرواية أنه تم منع الجن من السماوات في العام العاشر من البعثة النبوية .. يعني بعد بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشرة سنوات .. لأن هذا الحدث إنما حدث حين عودته من رحلة الطائف وهذه الرحلة كانت في العام العاشر للبعثة النبوية ؟!!

 

- فإذا كان هذا هو الحال فعلا .. فلماذا قال العلماء أنه تم المنع مع البعثة النبوية ؟!!

- بل ويترتب على ما سبق سؤالين فرعيين:

- أولا: هل الجن أخذ فترة عشرة سنوات يبحث عن سبب منعهم من السماء .. ؟!!

- ثانيا: وكيف يأخذوا كل هذا الوقت .. والرواية تدل على أنهم أدركوا حقيقة المنع في أسرع وقت ..

 

2- الإشكال الثاني: في نفس الوقت ظهر من الرواية أن سبب المنع هو نزول القرآن .. فلماذا تم منع الجن في العام العاشر من البعثة في حين أن القرآن كان ينزل طوال هذه العشرة سنوات ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- والجواب على ما سبق بسيط أخي الحبيب .. ولكن انتبه وركز فيما سأكتبه ..

 

#- أولا: فيما يتعلق بالإشكال الأول وهو كيف يقول العلماء أن الجن تم منعهم من التسمع إلى السماء منذ بداية البعثة النبوية في حين أنه تم منعهم كما تظهر النصوص الدينية أنه تم منعهم في العام العاشر ؟

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- ما قاله بعض العلماء من منع الجن من مقاعد السماء تم مع بعثة النبي .. هو كلام غير منضبط .. لأن الجن تم منعهم من مقاعد السماء في العام العاشر للبعثة .. لأن هذا حدث مع عودة النبي صلى الله عليه وسلم من رحلة الطائف وهي في العام العاشر للبعثة .. وسورة الجن أنزلت في العام العاشر للبعثة .. والتي جاء فيها قوله تعالى: (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن9 .

 

2- ويتبين مما سبق أن الجن لم يأخذ فترة عشرة سنوات يبحث عن سبب منعه من التسمع للسماء .. لأنه تم منعه في العام العاشر من ظهور النبي صلى الله عليه وسلم .. وليس منذ بداية بعثته صلى الله عليه وسلم كما يذكر ذلك بعض العلماء .

 

- وفيما سبق حل لكل الإشكال الذي أتى في السؤال .. بل وأصبح السؤال المترتب على هذا الإشكال لا معنى له ولا وجود له .. وهو السؤال عن "كيف يكون للجن أن يبحث عشرة سنوات ليعرف سبب منعه .. وكيف يأخذوا كل هذا الوقت مع سرعة انتقالهم في الأرض" ... فهذه أسئلة أصبحت لا معنى لها طالما أثبتنا أن المنع من التسمع كان في العام العاشر للبعثة النبوية وليس من لحظة إعلان البعثة النبوية ..  

 

- ثانيا: أما عن الإشكال الثاني .. وهو أنه ظهر من الرواية أن الجن قالت أن سبب منعهم من التسمع هو نزول القرآن .. وطالما وجود النبي ونزول القرآن هما السبب في منع الجن من التسمع كما قال الجن ذلك .. فلماذا لم يتم منعهم من العام الأول ويبحثوا عن سبب المنع منذ العام الأول للبعثة النبوية .. بدلا من تركهم حتى العام العاشر للبعثة النبوية ليمنعهم الله ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- سبب قول الجن أن سبب منعهم هو وجود النبي ونزول القرآن عليه .. لأن وجود الأنبياء والرسل كان دائما سبب حجب لهم عن السماء لكونهم مؤيدين بالغيبيات التي تميزهم عن الكهنة والعرافين .. ولذلك يم حجب الشياطين عن السماء في وقت كل نبي أو رسول .

- فقولهم هذا خبر منهم في معرفة سبب المنع حينما عرفوه في وقت منهم .. وليس لأنه كان مانع لهم منذ لحظة وجود النبي او نزول القرآن ..    

 

2- ولعل من حكمة منع الجن من التسمع في العام العاشر للبعثة النبوية .. هو بيان أن الجن لا يعلمون من الغيب شيئا إلا بقدر ما يأذن به الله من أن يعرفوه .. ولو كانوا يعرفون لكانوا عرفوا أنه تم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. إلا أنه تم التعمية عليهم حتى جهلوا ببعثته صلى الله عليه وسلم .. كما حدث مع سليمان عليه السلام حيث علموا موته بعد عام من موته .. والله أعلم ..

 

3- وأرى رأي آخر في أن الجن ظهر لهم المنع في العام العاشر:

- وهو أنه قد يكون سبب منع الجن من التسمع إلى السماء في العام العاشر للبعثة النبوية .. هو أن الجن لم يكونوا دائما يتسمعون إلى السماء وإنما على فترات متقطعة .. ولهم موعد يعرفون منه موعد تلقي الوحي للملائكة الخاص بأمور أهل الأرض .. فيكون مثلا على فترات زمنية بعيدة .. وتكون مقاعد السمع التي كانوا يقعدونها إنما لها مواقيت هم يعرفونها بحكم خبرتهم في ذلك .. فكانوا ينتظرون الموعد الذي يتم فيه إلقاء التكليف للملائكة بتنفيذه على أهل الأرض ثم كان الشياطين يتصيدون هذا الوقت وهذا الموعد للتنصت على الأخبار .. وكان من هذا الموعد هو ما صادف في العام العاشر من البعثة النبوية .. فعرفوا حينئذ بمسألة المنع .. فذهبوا يتحققون من السبب ..

 

- ولعل ما يؤيد ذلك هو قوله تعالى:(كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) الرحمن29 .. ثم نجد اليوم في القرآن يخبرنا عنه ربنا بأنه: (وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ) الحج47 .. والشاهد من الآيات هو أن التكليفات الربانية للملائكة ليس بالضرورة أن يكون يوميا بمقياس أهل الدنيا .. وإنما قد يكون على فترات زمنية متباعدة .. وليس بالضرورة أن تكون كل الف سنة .. وإنما ممكن كل شهر أو سنة أو عشرة أو خمسون أو مائة .. حسب تقدير الله الذي هو يعلمه ..

 

- فمن قضاء الله الذي يقضيه كل سنة هو ما يكون في ليلة القدر .. حيث يتم نزول شيئا من المقدرات في ليلة القدر في كل عام من السنة في تلك الليلة بما يخص فيه أحوال العباد من الرزق والأجل .. وهذا المفهوم أتى من قوله تعالى: (حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) الدخان1-4.

- ومن قوله تعالى (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) القدر1-4..

 

#- وهناك روايات لبعض الصحابة جاء فيها أن ليلة القدر هي الليلة التي يتم فيها نزول القدر الخاص بهذا العام .. مثل ما جاء في الرواية عن عبد الله بن عباس قال: (إِنَّكَ لَتَرَى الرَّجُلَ يَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ، وَقَدْ وَقَعَ اسْمُهُ فِي الْمَوْتَى» ، ثُمَّ قَرَأَ {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ، إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] ، يَعْنِي لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَفِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ يُفْرَقُ أَمْرُ الدُّنْيَا إِلَى مِثْلِهَا مِنْ قَابِلٍ) رواه الحاكم .. وقال صحيح الأسناد ولم يخرجاه .. وقال الذهبي في التعليق: صحيح على شرط مسلم.

 

#- إذن فهناك موعد في السماء يتم به تحديد الآجال والأرزاق كل عام وهو يكون في ليلة القدر ..

 

- ولكن هذا لا ينفي أن يكون هناك نزولا أولا مجملا بالقضاء يجمع سنوات كثيرة .. ثم ينزل هذا القضاء متفرقا ومفصلا بعد ذلك على السنوات .. مثلما نزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ .. ولكنه نزل متفرقا على مدار ثلاثة وعشرون عاما متفرقا حسب الأحداث ..

 

- فهناك نزول عام أو مجمل وهناك نزول خاص أو مفصل يتم نزوله في ليلة القدر ..

 

- وهذا القضاء والتدبير الإلهي لابد له من قدرة على تنفيذه بكل دقة واتقان في كل لحظة .. ولذلك يقول تعالى: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) الرحمن29 .. أي يعز ويذل .. ويعطي ويمنع .. ويقبض ويبسط ..

- واليوم في الآية .. يقصد به مطلق الزمن عموما وليس اليوم الذي هو نهار وليل .. فالمقصد هو كل لحظة موجودة على الأرض .. فالله له فيها تدبير حكيم .. والله أعلم .

 

#- وقد يظهر لنا مما سبق بيانه .. إلى الظن بأن أن تلقين الأخبار للملائكة إنما يكون على فترات زمنية متباعدة .. ويعلم بهذا الموعد الشياطين أيضا ولذلك يصعدون إلى السماء للتسمع .. ولما تم منعهم في هذا الموعد الذي يتسمعون فيه وصادف أنه كان في العام العاشر للبعثة النبوية .. فعلموا حينئذ أن هناك شيء قد حدث في الأرض .. والله أعلم .

 

- وعلى هذا التوجيه بالرأي السابق .. سيكون قول العلماء بأن الشياطين ممنوعين من التسمع كمعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم منذ بعثته .. فهذا كلام صحيح فعلا .. ولكن الشياطين هم الذين لم يكونوا يعلمون أنه تم منعهم من مقاعد التسمع .. ولكنهم عرفوا حينما أتى موعد التسمع للأخبار فاكتشفوا أنه قد تم منعهم ..

- والله أعلم .

 ************************

 

..:: س104: لماذا طوال عشرة سنوات لم يعرف الشياطين ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم في أن كل إنسان معه قرين شيطان كان من الممكن أن يخبر سائر الشياطين بذلك ؟ ::..

 

- وقد يسأل سائلا فيقول .. طالما كل إنسان معه شيطان من الجن فلماذا لم يخبر إخوانه من الشياطين ببعثة النبي من لحظة بعثته صلى الله عليه وسلم بأنه قد ظهر نبي رسول ومعه كتاب مقدس واسمه القرآن ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لعلك لم تنتبه لرواية الحديث التي أخبرتنا بوجود قرين من الجن أو شيطان مع كل إنسان .. فالحديث يقول: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ، فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ) ... "غَيْرَ أنَّ في حَديثِ سُفْيانَ": (وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ وقَرِينُهُ مِنَ المَلائِكَةِ)) صحيح مسلم.

 

- قوله ("غَيْرَ أنَّ في حَديثِ سُفْيانَ"): أي في رواية أخرى قالها احد الرواة واسمه سفيان .. قد اتي في هذه الرواية بصيغة أخرى وهي كذا وكذا ..

 

- فإذا انتبهت أخي الحبيب للرواية السابقة .. ستجد كلمة (وُكِّلَ به) .. فالتوكيل هو تكليف بمهمة محددة لا يتخطاها أحد .. ولا يستطيع أحد أن يتخطى التكليف الإلهي المسموح به .. ولذلك فهذا القرين محكوم بمهمة فقط لا يستطيع أن يتخطاها .. كما أن الملك الملازم للإنسان مكلف بمهمة محددة فقط لا يستطع أن يتخطاها ..

- فالمسألة ليست خاضعة لرغبات الملائكة والشياطين .. وإنما محكومة بأوامر من  رب العالمين ..!! فانتبه ..

 

- ولذلك لا قدرة لهذا القرين الشيطان على إرسال شيء أو القول بشيء لعالم الشياطين .. إلا لو كان ذلك حدث نتيجة تسليط روحاني على هذا القرين بالذات من عالم الإنس الروحانيين .. وهذا يتطلب أولا سماح من الملائكة الحفظة بسرقة أي معلومة من هذا القرين وفق مراد الله الذي سمح به .. وليس بمزاج الشخص الروحاني الذي قام بالتسليط ولا بمزاج الجن أنفسهم في إرسال معلومات عن الشخص أو قهر القرين لخطف معلومات منه .. لا .. فالمسألة كلها محكومة بالله وبالقدر الذي يسمح به الله .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .. ومن يعتقد خلاف ذلك فهو جاهل بكل تأكيد عن التدبيرات الربانية واللطائف الرحمانية .. فانتبه .

- والله أعلم . 

 

*******************

 

..:: س105: كيف أن الشياطين اجتمعت حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

 

- جاء في رواية الحديث .. عن بن عباس قال أن الشياطين لما منعوا من مقاعد السمع وأرادوا أن يعرفوا السبب فمنهم جماعة ذهبت لبلاد العرب: (تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ .. اسْتَمَعُوا له .. فَقالوا: هذا واللَّهِ الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ، وقالوا: يا قَوْمَنَا: {إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إلى الرُّشْدِ، فَآمَنَّا به ولَنْ نُشْرِكَ برَبِّنَا أحَدًا} [الجن: 2]، فأنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: {قُلْ أُوحِيَ إلَيَّ أنَّه اسْتَمع نَفَرٌ مِنَ الجِنِّ} [الجن: 1] .. وإنَّما أُوحِيَ إلَيْهِ قَوْلُ الجِنِّ) صحيح البخاري ..

 

- قد تسأل أخي الحبيب .. فتقول لو كانوا هؤلاء شياطين فعلا .. فكيف يسمح الله لهم بالحضور حول النبي صلى الله عليه وسلم والاستماع للقرآن .. في حين أن القرآن يحجب عالم الشر حين قرائته .. حيث يقول تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) الإسراء45 .. والشياطين من الذين لا يؤمنون بالآخرة ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. أنت لم تنتبه لأمرين:

- الأول: حجاب القرآن ليس معناه أنه يمحو الشر من حولك .. وإنما معناه أنه يجعل بينك وبينه حجاب من نور فلا يصل إليك بأذى أو ضرر ..

 

- الثاني: من وسائل حجاب القرآن .. أنه لم يجعل هؤلاء الجن يتخطون حدودهم بالإقتراب الذي قد يترتب عليه أذى للنبي من حضورهم .. بل ومنع حجاب الرؤية لحضورهم فلم يعرف النبي بوجودهم حتى لا ينشغل عن الله بهذا الحضور الروحاني .. وإنما أخبره بذلك الوحي ..

 

#- إشارة وتنبيه لأولي الألباب:

- والملفت للنظر .. أن الجن .. قد استمعوا للقرآن وأنصتوا له ولم يحترقوا يا أولى الألباب ..!!

 

- وهنا عقلك يتسائل فيقول: لماذا المعالجين من الإصابات الروحانية والذين يستخدمون الرقية القرآنية .. يزعمون أنهم يحرقون الجن والشياطين بالقرآن ..؟!! في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن .. فاستمع وأنصت له الشياطين ولم يحترقوا ؟!!

 

- أم أن هؤلاء الرقاة فقط هم من لديهم القدرة على حدوث الحرق والقتل والتعذيب بالقرآن حين قرائته على المصاب روحانيا ؟!! ولذلك نسأل فنقول: لماذا لم يحترقوا الشياطين من قراءة النبي ويحترقوا من قرائتهم هم فقط .. ؟!!

 

- أم أنهم أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم فتأثيرهم للقرآن أقوى على الشياطين من النبي ..!!

 

- أفيقوا يا مسلمين ..!!

- فهل غابت العقول أم على القلوب أقفال ؟!!

 

**************************

 

..:: س106: كيف الشياطين تؤمن بالقرآن وهي من طبعها الشر والعداء لبني آدم والانبياء والرسل والمؤمنين ؟ ::..

 

- جاء في رواية بن عباس: (فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ .. اسْتَمَعُوا له .. فَقالوا: هذا واللَّهِ الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَهُنَالِكَ حِينَ رَجَعُوا إلى قَوْمِهِمْ، وقالوا: يا قَوْمَنَا: {إنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إلى الرُّشْدِ، فَآمَنَّا به ولَنْ نُشْرِكَ برَبِّنَا أحَدًا} ...) صحيح البخاري .

 

1- من رواية بن عباس التي نتكلم عنها .. نجد ظهور إشكال آخر في هذه الرواية .. وهو أن الشياطين نفهم من الرواية أنها آمنت بالقرآن .. وهذا شيء مخالف للمعقول لأن من طبعها الشر والعداء للأنبياء والرسل والمؤمنين .. وإلا كان من باب أولى آمن قرين النبي من الجن الشيطاني بمنتهى السهولة من لحظة بعثته .. ولكن هذا لم يحدث .. ولذلك يقول تعالى في إبليس وذريته : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) الكهف50 ..

  

2- ثم لو افترضنا أن رواية الحديث تتكلم عن شياطين فعلا من ذرية إبليس .. فهذا يعارض القرآن .. لأن القرآن لم يقل أن الذي استمع للنبي هم الشياطين .. وإنما قال أن الذين استمعوا للنبي هم الجن .. والفارق كبير حيث أن الجن هم جنس ناري .. والشياطين نوع من هذا الجنس .. فلم يظهر القرآن نوعية هذا الجن ولا دينه .. وإن كان يغلب على الظن انهم أهل كتاب يميلوا إلى اليهودية كما يظهر ذلك من قولهم (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) الاحقاف: 30.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: الشياطين الذين في رواية الحديث .. ليس بمعنى أنهم من ذرية إبليس وإنما من أنواع أخرى .. ولكنهم انحرفوا بما كانوا عليه من تعاليم دينهم السابق الذي كانوا عليه واتبعوا إبليس في منهجه .. 

 

- ولذلك هؤلاء الجن الذين كان لهم دين سابق يؤمنون به فانحرفوا بسبب تضليل حدث لهم .. ولذلك حينما سمعوا القرآن وذهبوا لقومهم فقالوا لهم قالوا: (قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ) الأحقاف30 ..

 

- فلو كان لفظ الحديث يتكلم عن كونهم شياطين بمعنى كونهم ذرية من إبليس .. ما كانوا قالوا ذلك القول في سورة الأحقاف .. لأن الشيطان وذريته لم يؤمنوا بالأنبياء والرسل .. بل هم لهم أعداء كما أثبتت ذلك آية الكهف السابقة ذكرها (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) الكهف50 .

 

- وإنما من قيل عنهم شياطين في رواية بن عباس .. إنما هم شياطين باعتبار انحرافهم الذي كانوا عليه بسبب غواية الشيطان لهم وتضليلهم .. ولذلك لما وجدوا الإيمان آمنوا فورا حتى بدون أن يدعوهم النبي لذلك .. وهذا يدل على وجود العلم الديني وبذرة الإيمان في نفوسهم مما كانوا يعرفونه من دين موسى وعيسى ..

- وسبب قولهم (من بعد موسى) ولم يقولوا (من بعد عيسى) لأن عيسى عليه السلام أتى ليكمل شريعة موسى .. فذكروا الأصل .. أو لعلهم كانوا يهود فأسلموا .. والله أعلم ..

 

2- وقد تسأل ما دليل أن كل متبع للشيطان وعدوا لله معتدي على حدود الله فهو يوصف بكونه شيطان .. يقول تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) الانعام112 .. لأنه اتبع منهج الشيطان في الكفر واعتدى على أهل الإيمان .. وكل من يتبع منهج الشيطان حتى في العصيان فهو أخو الشيطان لأنه اتبعه في منهجه .. (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) الإسراء27. 

 

3- ومن ناحية أخرى .. فالجن المعتدي على حرمات الله هو شيطان .. ففي هذا الحديث الذي معنا نجد أن الجن حينما استرق وخطف أخبار السماء فهو قد اعتدى على حرمات الله .. مهما كان دينه أو نوعه .. إلا أنه عصى وانتهك حرمات الله بما لا يحق له .. وتوصيفه يكون شيطان مهما كان نوعه أو دينه ..

- والله أعلم .

 

#- ثانيا: وقد يقال أن قرين النبي صلى الله عليه وسلم قد أسلم .. فما المانع حينئذ أن يقال أنه من الممكن أن يسلم الشيطان ؟

- قلت لك .. أنت تشير إلى ما جاء في حديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (ما مِنكُم مِن أحَدٍ، إلَّا وقدْ وُكِّلَ به قَرِينُهُ مِنَ الجِنِّ قالوا: وإيَّاكَ؟ يا رَسولَ اللهِ، قالَ: وإيَّايَ، إلَّا أنَّ اللَّهَ أعانَنِي عليه فأسْلَمَ .. فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ) صحيح مسلم.

 

- ومعنى قوله (أعانني عليه): أي أمكنني منه بالقدرة عليه فلا يغلبني بل وخضع لي فلا يرشدني إلا لما هو خيرا ..

 

#- والعلماء على ثلاثة أقوال في قوله (فأسلم):

- لأن كلمة (فأسلم) .. رويت مرة بوجود الرفع على الميم بالضمة (فأسلمُ) .. ورويت مرة بالفتح على الميم (فأسلمَ) .. وعلى حسب الرواية يكن التفسير ..

1- (فأسلمُ) بالضم: بمعنى سلمت أنا منه بالعصمة منه في كل أحوالي ..

2- (فأسلمَ) بالفتح: بمعنى استسلم هو وخضع وتوقف عمله عن الشر .

3- (فأسلمَ) بالفتح : أي آمن بي وأعلن إسلامه ..

- ويميل كثير من العلماء إلى أن المعنى المراد هو أن الشيطان آمن وأعلن إسلامه بدلالة ما بعده من الكلام (فلا يَأْمُرُنِي إلَّا بخَيْرٍ) .. وذلك كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم ولم تحدث لغيره .. ويعتبرونها من خصوصياته صلى الله عليه وسلم .

 

- ومهما كان التفسير .. فالعبرة هي أن قرين الجن هذا قد تم قهره وخضوعه للنبي صلى الله عليه وسلم ولا يوجهه إلا لخير .. فحاله كحال القرين الملكي .. ولا يوسوس له بأي شر .. سواء كان سلَّمه الله منه أو استسلم له أو آمن به ..

 

#- وإن كنت عن نفسي .. أميل إلى أن قوله (فأسلم) أي فاستسلم للنبي وخضع له وأصبح يرشده للخير لأن نفسه الشريفة لا تحمل إلا الخير .. والشيطان لا يعمل إلا على ما في نفس الإنسان .. فلما كانت النفس النبوية لا تحمل إلا خيرا فخضع القرين لهذه الخيرية في نفسه صلى الله عليه وسلم ..

- وهذا المعنى حتى يكون ذلك دليلا ومنهجا لكل مسلم في مجاهدة الشيطان .. ويكون له في رسول الله أسوة حسنة .. فيسعى لطهارة باطنه بكل خير .. ويطلب في ذلك المعونة من الله على شيطانه ليستسلم ويخضع للمؤمن كما خضع واستسلم للنبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم .

  

#- ثالثا: وقد تقول .. ما المانع أن يسلم الشيطان ويؤمن بالله ؟

- قلت لك:

1- لو كان شيطان من غير ذرية إبليس .. فهذا يرجى منه أن يحدث ذلك .. خاصة لو كان من أهل الكتاب (مسيحي أو يهودي) ..

 

2- أما لو كان من ذرية إبليس فهذا لا يرجى الإيمان منه .. لأن الله يقول (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) الكهف50  .. فهؤلاء مهمتهم هي العداء للإنسان مهما كان دينه .. وإلا أنهم أشد عداء لأهل الإيمان ..

 

3- ولو كان في الشيطان أي رجاء .. ما كان الله طلب منا أن نستعيذ منه ولكان طلب منا أن ندعو له ..!! ولكن هذا لم يحدث ..

 

4- ولو كان في الشيطان أي رجاء .. لكن دعاه النبي صلى الله عليه وسلم للإسلام .. وكان أول من يدعو هو قرينه .. ولكنه لم يفعل ذلك بل جاهده حتى استسلم له وخضع ..

 

5- ولو كان في الشيطان أي رجاء لكان النبي أرشد أمته إلى دعوة كل من يجدونه شيطان من عالم الجن .. خاصة وأن من الشياطين من اعترض بعض الصحابة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .. ولم يرشد النبي صحابته في أن يدعو هؤلاء الشياطين للإسلام .. كقصة أبو هريرة مع الشيطان وكذلك قصة معاذ بن جبل وجابر بن عبد الله وغيرهم .. !!  

 

#- من أوهام الرقاة المعالجين:

- نجد من بعض الرقاة .. يظل يعرض الإسلام على الجن المعتدي بعد أن تبين له أنه شيطان معتدي .. وإلا فلماذا اعتدي على الإنسان بالأذى والضرر ..!!

 

- وهنا نسأل هذا المعالج.. وإلا فماذا ستفعل أيها المعالج لهذا الجن إن لم يؤمن ؟!!

- لن يستطيع أن يفعل له شيء .. إلا فقط بأن يطرده من خلال كلام الله ..

 

- لأن هذا المعالج لو قال أنه يستطيع أن يقتل الجن والشيطان أو يحرقه أو يعذبه بالقرآن فهو جاهل ومعتدي بظن خطأ على كلام الله بما ليس فيه .. ويمكنك التحقق من ذلك من خلال الرجوع إلى (رسالة هل القرآن يحرق أو يقتل أو يعذب الجن والشيطان) ..

 

- وعموما حينما تظهر عداوة الجن للإنسان .. فهذا توصيفه بأنه شيطان .. ويتم الإستعاذة بالله منه ويتم التحصين بقراءة كلام الله ليتم عمل حجاب بيننا وبينهم .. ولنا الحق في الدعاء عليهم بقدر العزيمة والهمة لدفع شرهم .. كما استحق البعض منهم الرجم بالشهب حينما انتهكوا حرمات الله بطلب أخبار الغيب ..

 

- فكل جن معتدي .. هو شيطان .. كما كان توصيف من يستمعون لأخبار السماء على اختلاف دينهم .. لأنهم انتهكوا واعتدوا على حرمات الله .. فتم وصفهم بأنهم شيطان رجيم مارد .. واستحقوا الرجم بالشهب ..

 

**********************

..:: س107: ما المستفاد من رواية بن عباس في قصته عن مقابلة الجن للنبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

 

#- من الأمور المستفادة في هذه القصة أمور منها:

- أولا: وفي هذه الرواية (رواية بن عباس) يوجد إثبات ودلالة  على أنهم لا يعلمون شيئا من الغيب وإلا كانوا علموا أنه تم منعهم من التسمع في السماء ..!! ولكنهم كانوا يجهلون .. حيث فوجئوا بذلك المنع حينما أتي موعد التسمع للأخبار ..

 

- ثانيا: أن للجن مواقيت يعرفونها في السماء حين تسمعهم للغيبيات وليس كل يوم كما قد يظهر للعقل من الفهم الأول للموضوع .. وإلا كانوا عرفوا بمنع مقاعد السمع من أول البعثة النبوية وما كانوا انتظروا لمدة عشرة سنوات ليعرفوا أنهم تم منعهم من مقاعد السمع .. !! وإنما قد يستغرق هذا التسمع للسموات عشرة سنوات أو أكثر للتصنت على السماء لمعرفة الأخبار العامة لأهل الأرض ..

 

- أما معرفة الاخبار الخاصة بالأفراد فهذا يتم معرفته من خلال رؤيتهم لما يدبره الملائكة مع هذا الشخص ولهم في ذلك علامات تظهر لهم بأنه قد يكون قد اقترب أجله أو سيظهر له خبر سعيد أو سيحدث له ما قد يصيبه أو ما شابه ذلك .. وذلك يكون رجما بالغيب منهم أو وفق قرائتهم لما يرونهم من تدبير يحيط بالإنسان فيفهمون منه أمورا استنبطوا أنها ستحدث له مع خبرات السنين حينما يبصرون من الملائكة بعض الأفعال حول العبد ..  

 

- ثالثا: أن عالم الجن غير ممنوع من سماع القرآن والإنصات له حتى ولو كانوا كافرين .. وأن هذا لا يسبب لهم حرق ولا ضرر ولا أذى بأي حال من الأحوال كما يزعم بعض الرقاة ممن غلبه الجهل في دينه أو زين الشيطان له ذلك في نفسه ..!!

 

- رابعا: أن النبي صلى الله عليه وسلم .. كان يصلي قبل أن يتم فرض الصلاة في ليلة الإسراء ..

 

 - خامسا: أن الجن الكافر المتبع لمنهج الشيطان وليس من نوع الشياطين .. يتم وصفه بكونه شيطان لاتباعه لمنهجية الشيطان .. ولكن هذا النوع من الممكن أن يؤمن ..

 

- سادسا: هناك تدبيرات خفية أنت لا تعلمها ولكن الله يعلمها .. ومن ذلك حضور الجن من حولك .. فليس بالضرورة أن تستحضر الجن على لسان مصاب روحانيا لتعرض عليه الإسلام كما يفعل بعض الرقاة في مشهد كثيرا ما يفوح منه رائحة الرياء ..!!

 

- وإنما يكفي أن تكون إنسان صادق في علاقتك بالله .. وقد يرزقك الله بان يحضر وقت صدقك جماعة من الجن فيؤمنوا بالله لما رأوه من إخلاصك وصدقك مع الله .. وأنت لا تعلم ولا تدري ..!!

 

- أما عن مشاهد الرقاة بعرض الإسلام على الجن الذي يصيب الإنسان بأذى .. فهذه أحوال سخيفة لا يقبلها إلا من ليس له حظ في عقله أو جاهلا في دينه .. وكأن هذا الجن المعتدي الظالم نحن مطالبون بعرض الإسلام عليه .. !! فأين نجد هذا في ديننا إذا كان ديننا يأمرنا بالإستعاذة منهم ؟!!

- بل وكأن هذا المعالج أحسن الدعوة إلى الله في عالم الإنس حتى تبقى له عالم الجن ليعرض عليه الدين ..!!

 
- وما أكثر هذه السخافات حيث تجدها على اليوتيوب .. بل وفي جلسات العلاج الروحانية لمن حضرها من الناس فهو يجد ذلك ويسمعه ..!!
 
- بل والأعجب أن هناك من يصدق ويصفق لذلك .. وكأن الله ورسوله طلبوا منا أن نعرض الإسلام على الجن المعتدي والشيطان ..!!
 
- والذي يفوق حدود السخافة والتعجب .. هو أن تجد البعض يقول لك أن الشيخ فلان قال بعرض الإسلام على الجن المعتدي لأن فيهم سفاهة .. !! وكأن الشيخ فلان هو مشرع في الدين .. وتركوا كلام الله ورسوله .. واتخذوا كلام الشيخ فلان ..!!
 
- فيا لها من عقول ستسأل أمام الله عما يفعلون .. وينشرونه بين المؤمنين .. حيث جحدوا تعاليم الله ورسوله واتبعوا كلام شيوخ .. لأنهم وجدوا في كلام هؤلاء المشايخ ما يتفق مع أهوائهم ..!!
 
- والله أعلم ..
- وبهذا يكون ختام الكلام على حديث بن عباس رضي الله عنه .. وأسأل الله أن أكون قد وفقت في ذلك ..

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .