بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
"الغيب والعرافة والكهانة"
(الجزء الثاني من الرسالة)
(الجزء السادس والعشرون)
* فهرس:
:: الفصل السادس والعشرون :: عن بعض الحكمة في الأحكام المتعلقة بالكهانة والعرافة ::
1- س140: لماذا حرمت
الشريعة الإسلامية العرافة والكهانة بأنواعها وطرقها ؟
2- س141: لماذا لم تظهر لنا أحكام عن العراف أو الكهان
وظهرت أحكام فقط عن طالب العرافة والكهانة ؟
3- س142: ما الحكمة من تخصيص العقوبة بأربعين ليلة في حديث طالب
العرافة ؟
4- س143: لماذا اختص الله حرمان من ذهب للعراف من عطاء ثواب الصلاة
دون أي عبادة أخرى ؟
5- س144: هل يشترط أن تذهب للعراف في بيته أو محل عمله
ليتحقق فيك العقاب الذي ذكرته الأحكام الشرعية ؟
6- س145: لماذا اقتصرت الأحاديث على تحريم الكهانة والعرافة ؟
7- س146: هل طالب العرافة هو مشرك ؟ وهل التعرف على الغيب من العراف هو نوع من الشرك ؟
8- س147: لماذا يساوي العلماء في كلامهم بين الكاهن والمنجم والعراف ؟
9- س148: لماذا قد يسمح الله للمنجم أو العراف بأن يعرفوا شيئا من
الغيب ؟
10- س149: طالما الجن لا
يعرفون الغيب فكيف يكون المستعين بهم على معرفة الغيب كافر طالما هم أصلا لا يعرفون الغيب ؟
11- س150: هل
توجد توبة للعراف أو الكاهن أو المنجم أو لطالب العرافة والتنجيم والكهانة ؟********************* :: الفصل السادس والعشرون :::: عن بعض الحكمة
في الأحكام المتعلقة بالكهانة والعرافة ::********************..:: س140: لماذا حرمت الشريعة الإسلامية العرافة والكهانة بأنواعها
وطرقها ؟ ::..
- سبق
وأوضحنا الأحكام التي تتعلق بالكهانة والعرافة .. وفي العموم فإن الكهانة والعرافة هي
وسائل محرمة في التعرف على أنواع الغيب المستقبلي أو المنقضي بسبب الطرق المحرمة
المستخدمة فيها .. وهي محرمة على الطالب وعلى الفاعل .. والطالب هو من يذهب للعراف
فيسأله .. والفاعل هو العراف نفسه .. وكلاهما آثم .. وقد يصل الأمر إلى حد الكفر
في حالات معينة .. كما سبق توضيح ذلك في أسئلة سابقة ..
- ولكن قد
يتسائل البعض فيقول: ما هو سبب التحريم لهذه
الوسائل التي يتم استخدامها في التعرف على الغيب .. ؟!!
- لأن
العرافة في مجملها .. هي نوع من خيانة الله من
خلال التجسس على ما اختص به نفسه من غيب أو أعلم به ملائكته ولم يرد إظهاره لك
لحكمة هو يعلمها وستحدث في وقتها ..
#- وإليك جملة من
الأسباب حسبما تبين لي أنها تكشف علة النهي عن فعل العرافة .. فمن هذه الأسباب:
1- لأن العرافة
فيها خيانة لله .. ونقض لعهد الله ..
لجرأتك على التجسس على الغيب الذي أخفاه الله عنك ..
- و يقول تعالى: (وَلَا تَجَسَّسُوا) الحجرات12.
- فإذا كان الله منع
التجسس بين الخلق .. فكيف أنت تستبيح فعله مع الخالق ؟!!
-
فخاف من أن تكون ممن قال الله فيهم: (فَرِيقاً حَقَّ
عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ
وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) الأعراف30 .
2- ولأن العرافة
فيها تحديا لله في قدرته .. بأن يتوهم العراف بأنه يستطيع
أن يتعرف بالرغم من أنه قال الله لك أن الغيب لا يعرفه غيره .. ولذلك يتم رجم
الشيطان لجرأته على تحدي الله بالرغم من منعه من التجسس على السماء .. وفي ذلك
إشارة إلى أنه إذا كان الشيطان مرجوم بشهاب من نار .. فالإنسان المتجسس على قدر
الله هو أيضا مرجوم بحجاب الفتنة والغفلة التي تؤدي به إلى النار إن لم يتب ..
وذلك عقابا له لتحدي الله في قدرته .. وكأن الشيطان استحوذ على هذه النفوس .. يقول
تعالى: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ
الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا
إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) المجادلة19.
3- لأن
العرافة يغلب فيها الاستعانة بالشيطان إما تلقينا في الأذن .. وإما تفهيماعليما من خلال رموز وعلامات .. ويقول
تعالى: (وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ
وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً)
النساء119.
4- العرافة نوع من الإستمتاع بالجن الذي يؤدي بصاحبه إلى
النار .. فالعرافة أو
الكهانة كلاهما مبني على الإستمتاع بخدمة الجن لك في معرفة الغيبيات إما تلقينا
وإما تفهيما .. ويقول تعالى: (وَيَوْمَ
يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ
وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ
وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ
خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ .
وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأنعام128129 ..
- وتأمل
قوله (وَكَذَلِكَ
نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) .. كأنه حدث اتفاق بين النفوس وتشابهت فتولى بعضهم
البعض .. وقوله (يكسبون) دليل على أنهم اختاروا ما فيه خسارتهم مع الله ..
5- لأن
العرافة فيها شبهة مساواة العراف بالنبي .. حيث أن العراف يزعم أنه يعرف شيئا من الغيب
.. فيختلط على الناس معرفة الحق من الباطل .. فمنع الله ذلك توقيرا لمقام النبوة
وحفظا للناس من أن يختلط عليهم الفرق بينهما طالما هذا يعرف الغيب وذاك يعرف الغيب
..
- ولذلك أوضح
الله تبارك وتعالى أن النبي يتلقى من الله .. والكاهن والعراف يتلقى من الشيطان إما تلقينا أو تفهيما وإشارة ..
ودليل النبي هو الصدق في كل معلوماته .. ودليل الكاهن والعراف هو معلومة صادقة بين
مائة معلومة كاذبة ..
6- العرافة
تمنع الناس من التوكل على الله .. حيث أن التوكل معناه السعي في الأرض اعتماد على الله وتفويضا له
بتدبير الأمر .. أما الذي يسعي للعراف فهو يتوكل على العراف ويعتمد عليه فيما
يخبره من مسائل يسأله عنها .. وإلا ما كان أتى لهذا العراف من أساسه ..!!
- أما
المؤمنين فلا يشغلهم ما في غد .. لأنه مهما كان فهو من
عند الله .. وطالما من عند الله فهم من البداية متوكلون عليه لأنه المدبر لكل شيء
.. يقول تعالى: (قُلْ
لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) التوبة51.
- والله أعلم .
************************* ..:: س141: لماذا لم تظهر لنا أحكام عن
العراف أو الكهان وظهرت أحكام فقط عن طالب العرافة والكهانة ؟ ::..
- إذا كانت الشريعة الإسلامية قد أظهرت عقوبة الشيطان العراف الذي يسترق السمع
وهي الرجم بالشهاب .. كما يقول تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا
لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ
اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-18.
-
ولا يقال قياسا على ذلك .. يتم رجم العراف الإنسي كما تم رجم الشيطان العراف .. لا ..
لاختلاف الفارق بين النوع الإنسي والشيطاني .. وعدم إتاحة هذه الوسيلة في عالم الإنس
أي الرجم بالشهب .. فضلا عن عدم وجود نص يتعلق فيه حكم صريح على العرافين إلا من
حيث أن أموالهم حرام .. سيأتيك بيان ذلك .
- ونجد أن الشريعة تكلمت عن أحكام تتعلق بطالب العرافة أي من
يذهب للعراف ولم تتكلم عن أحكام تتعلق بالعراف نفسه .. إلا
في حديث واحد نجده جاء فيه .. عن عبد الله بن مسعود قال: (أنَّ
رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ،
وحُلْوَانِ الكَاهِنِ) صحيح البخاري.
- قوله (حلوان الكاهن): أي أجرته ورشوته على الكهانة
.. يقال حلوتُ الرجل
أحلوه حلوانا إِذا حبوته بشيء .. وتم تشبيه أجرته بالحلاوة لأنه يتم به تحلية الفم
بالمال السهل والذي يكون له فيه منفعة وعائد يشتري به ما يحلو له ..
- ولعل هذا سبب ما يقال في مصر للعرافين أن لك الحلاوة لو عرفت كذا أو لو تم ما قلته .. وهم
يقولون أيضا لي الحلاوة لو عرفت لك اللي أنت عاوز تعرفه ..!!
- وبما أن الحلاوة تقال أيضا على الرشوة .. فهذه الرشوة يتم تقديمها للكاهن والعراف ليتجسس على قدر
الله لمعرفة ما أخفاه الله عن الناس ولم يظهره في عالم المادة ..
- وهذا المال منهي عنه لأنه مال
حرام .. لأن الكهانة والعرافة
عمل باطل فعله .. وطلب العوض على باطل فهو باطل أيضا .. وانفاق المال على العرافة أصلا هو انفاق على باطل .
-
فمال الكاهن والعراف والمنجم وأشباههم .. هو مال حرام .. لأن يأخذ أجر على ما يفتريه من القول
..
#- انتبه لهذه الملحوظة: هناك
مستشارين يعرضون آرائهم فيما قد يحدث مثلا في شركة من أسباب تؤدي إلى ارتقاء حال
.. فهذه آراء تم بناؤها على دلالات واقعية يظن منها العقل أنها تؤدي إلى ارتقاء
حال الشركة لو اتبع هذه الآراء صاحب الشركة .. فهذه ليست عرافة ولا كهانة ولا
تنجيم .. بل أفكار قائمة على الظن نتيجة خبرة سنوات ودلالات واقعية فيها إشارة إلى
ما قد يحدث في حالة اتخاذ الأسباب بطريقة معينة .. فهذا ليس تجسس على الغيب وإنما
اجتهاد وعمل لما يمكن تحقيقه .. فانتبه ..!!
#- نعود لسؤالنا
فنقول:
- أن الشريعة
وإن كانت أظهرت أن مال العراف هو مال حرام .. فهذا كافي أن تعلم بأن ما يفعله هو
حرام .. ولكن لم تظهر له عقوبات مثل طالب العرافة ..
ليه ؟!!
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لعل ذلك
لأسباب منها:
1-
هو أن طالب العرافة إن امتنع عن الذهاب للعراف .. فهذا سيكون كفيلا بانتهاء مهنة العرافة
والعرافين .. لأنه بانتهاء طالب العرافة .. تكون انتهت العرافة .. حيث لمن سيعرف
العراف إن لم يكن هناك من يهتم بذلك ؟!!
2-
وإذا كان طالب العرافة لا تقبل منه صلاة أربعين ليلة لو كان غير
مصدق وإنما مجرد يلتمس شيئا من الحقيقة .. وإذا كان مصدقا بيقين في كلام العراف
فهو يكون قد كفر بالقرآن ..
- فإذا كان الطالب للعرافة هذه أحكامه .. فما بالك بمن
يفعل العرافة بنفسه ؟!!
-
فكأن الشريعة تركت الباب لخيالك لتتصور ماذا سيكون حال ممارس العرافة إن استمر عليها
ولم يتب إلى الله .. خاصة لو عرفنا أن منهم من يتخذ الشيطان وليا له ومعينا ..
وكان يعلم ذلك ..!!
2- ولأن الذي يسلك مسالك العرافة
ويصبح عرافا فهو غالبا غير مؤمن .. لأنه كيف يكون مؤمن ويستعين بالشيطان على الله ليتجسس
ويعرف غيب الله ؟!! ولذلك تجاهلت الشريعة إظهار حكم خاص له لبيان فساد حاله أصلا
من خلال استمتاعه بالشيطان كما هو حال أهل الكهانة .. فحاله هو حال من كان وليا
للشيطان فكان من الخاسرين كما قال تعالى: (وَمَن
يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً
مُّبِيناً) النساء119.
3- ولأن الذي يعمل بالعرافة .. إن لم يكن متلقنا من الشيطان في أذنه .. فهو متعلما من الجان هذه
العرافة .. وسواء هذا أو ذاك فهو قد دخل باب الإستمتاع بالجن ..
#- وإليك تفصيل وتوضيح
الجزئية السابقة:
- كما سبق
وأخبرتك في أسئلة سابقة .. بأن العرافة إما تلقينا وإما تفهيما ..
-
فالتلقين .. يكون من خلال إلقاء المعلومة سماعا في أذن الشخص الروحاني ..
-
والتفهيم .. يكون من خلال اتخاذا وسائل وأدوات لها رموز يتم تفهيمها للعراف من الجن
..
-
ومن كان يعلم أن له وليا من الجن يعينه على عرافته .. فهو قد اتخذ الجن وليا له مستمتعا به ..
والاستمتاع بالجن أمره إلى النار .. إلا ما شاء الله له
أن يخرجه منها .. يقول تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ
اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ
بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ
مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) الأنعام128.
- والله أعلم .
*******************..:: س142: ما الحكمة من تخصيص العقوبة
بأربعين ليلة في حديث طالب العرافة ؟ ::..
- جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: (مَن أتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شيءٍ، لَمْ
تُقْبَلْ له صَلاةٌ أرْبَعِينَ لَيْلَةً) صحيح مسلم .
1- قال الإمام القرطبي مفسر صحيح مسلم رحمه الله (656 هـ):
- وتخصيصه - صلى الله عليه وسلم - الأربعين بالذكر قد جاء في
مواضع كثيرة من الشرع؛ منها: قوله في شارب الخمر (لا تقبل له صلاة أربعين يومًا) الإيمان لأبي عبيد وصححه الألباني ، وقوله (والذي نفسي بيده، إنه ليجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين
يومًا، ثم يكون علقةً مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك) رواه مسلم والبخاري ، وقوله من (أخلص لله أربعين ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) رواه أبو نعيم في الحلية بإسناد ضعيف ..
-
ومنه قوله تعالى: {وَإِذ
وَاعَدنَا مُوسَى أَربَعِينَ لَيلَةً} ..
-
ومنه توقيته - صلى الله عليه وسلم - في قص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة ألا تترك
أكثر من أربعين ليلة ..
-
فتخصيص هذه المواضع بهذا
العدد الخاص هو سرٌّ من أسرار الشريعة لم يطلع عليه نصًّا، غير أنه قد تنسم منه بعضُ علمائنا
أمرًا تسكن النفسُ إليه ..
- وذلك أنه قال: إن
هذا العدد في هذه المواضع إنما خصَّ بالذكر لأنَّه مدَّة يكمل فيها ما ضربت له، فينتقل
إلى غيره ويحصل فيها تبدُّله وبيانه بانتقال أطوار الخلقة في كل أربعين منها يكمل فيها
طور، فينتقل عند انتهائه إلى غيره، كما قد نصَّ عليه في الحديث، وكذلك في الأربعين
الميعادية: أمر بنو إسرائيل أن يكملوا تهيَّؤهم لسماع كلام الله، فكمل لهم ذلك عند
انتهائها، ومثل ذلك في الأربعين الإخلاصية ..
- وأما أربعون شارب الخمر فليَتَبدَّل
لحم شارب الخمر بغيره، ويؤيده أن أهل التجارب قالوا: إن السمن يظهر في الحيوان في أربعين
يومًا، وقريبٌ من هذا الأربعون المضروبة لخصال الفطرة؛ لأنَّها عند انتهائها يكمل فحشها
واستقذارها، فينبغي أن تغير عن حالها.
- وأما أربعون إتيان العراف فلأنها - والله أعلم - المدة التي ينتهي إليها تأثير تلك المعصية في قلب فاعلها
وفي جوارحه، وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير، والله تعالى أعلم. (راجع المفهم في شرح صحيح مسلم ج5 ص636)
#-
ملحوظة وتنبيه: الأحاديث التي ذكرها الإمام
القرطبي رحمه الله في كلامه .. قد وضعت تخريجها بعدها مباشرة لتعرف صحتها من ضعفها
.. وليست من كلام الإمام القرطبي ..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- لعل سبب الأربعين يوما هو بيان صدق توبة من كان يطلب العرافة .. هل حينما يسمع عقاب الله له .. هل سينكسر إلى الله ويطلب
العفو والغفران ويستمر على توبته .. أم أنه لن يبالي وسيستمر على طلب العرافة ..
أم أنه قد ينكسر قليلا ثم يضعف ويرجع إلى ما كان يفعله من طلب العرافة ويستمر على
طلب عرافته .. ؟!!
- فتأمل هذه الحكمة من سبب طول المدة .. فإنها حكمة طيبة تفهمها من خلال قصة الذين تاب الله
عليهم بعد خمسون يوما ..
2- ولعله يوجد إشارة في طول المدة لأربعين يوما .. إلى أن هذه الفترة هي الحد الأدنى الذي قد تنكسر فيها
النفس وتخضع للتقويم الكامل ..
- أي أن مجاهدة النفس وقهرها على فعل الصواب إنما يتم في مدة أقلها أربعون
يوما حتى
تتغير عن طبع سيء ..
فيجب مقاومة النفس وجهادها أربعون ليلة .. وتصبر على ذلك .. حتى تظهر لك ثمرة ما
ترجوه .. من ترويض النفس .. ثم تبدأ النفس بالخضوع .. وعليك بعد ذلك دوام مراقبتها
بعدم السماح لها لما كانت ترجو من قبل .. وذلك بقطع الأسباب التي كانت تحركها ..
#- مثال ما سبق:
- مثل الذي كان يشرب الدخان .. سيجد في خلال أول أربعين يوما مجاهدة عنيفة مع نفسه وصراع
.. ثم يبدأ الموضوع يهدأ قليلا .. فلو أنت ذهبت إلى الأماكن التي كانت سببا في شرب
الدخان كالكافيهات أو تجالس المدخنين .. فانت بذلك تحرك النفس وتجعلها تثور حتى
تطلب مرة أخرى الدخان .. ولذلك عليك مراقبة نفسك وقطع الأسباب المؤدية لما كان
سببا في هياج النفس .
- والله أعلم
..
************************** ..:: س143: لماذا اختص الله حرمان من ذهب للعراف من عطاء ثواب الصلاة
دون أي عبادة أخرى ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
الصلاة هي أصل العبادات في التواصل مع الله .. وفيها السجود الذي يكون فيه العبد أقرب ما
يكون من الله .. ولذلك إذا أراد العبد شيئا لا أسباب له فيها ليعرف هل هي صح أم
خطأ فهو يلجا إلى الله ليستخيره في هذه الأمور لأنه لا يعرف عاقبتها .. فيطلب من
الله أن يوجهه إلى الخير ..
-
ولذلك من يذهب للعراف ليستخيره في معرفة شيئا يريد أن يسعى فيه أم لا او يريد ان يعرف هل الشخص
الفلاني هو خير أم لا .. او الدخول في هذه التجارة خير أم لا .. أو هذه الوظيفة
خير أم لا .. أو من يطلب معرفة ما يخبئه له القدر ظنا منه أنه بذلك قد يحترس لو
وجد ما يكره .. أو ما شابه هذه الأمور .. فإن بذهابه للعراف لطلب ذلك يكون قد
انحرف عن طريق الله الذي كان من الواجب أن يسلكه فيسأل الله من خلال الوصل بالله بالصلاة
ودعاءه فيها ..
-
ولذلك عاقبة بحرمانه من فضيلة ثواب الصلاة .. حتى يرشده إلى أن هذه العبادة كان الأولى له
أن يذهب إليها ليستخير الله فيما يطلبه .. بدلا من ذهابه للعراف ليستخيره .. !!
-
وإذا كان الله قد يقبل من العبد أصل الصلاة .. مع حرمانه من ثوابها .. فإن في ذلك
تلميحا وتحذيرا وإنذارا .. بأنه قد يحجبك عن فعل الصلاة نفسها ويحرمك من أدائها ..
في حال إصرارك على طلب العرافة وسعيك وراء ذلك .. فاحذر وتأدب وارجع عما تفعله ..
- والله أعلم ..
*************************..:: س144: هل يشترط أن تذهب للعراف في
بيته أو محل عمله ليتحقق فيك العقاب الذي ذكرته الأحكام الشرعية ؟ ::..
#-
قد يظن البعض أنه طالما لم يذهب للعراف لمقابلته في بيته أو محل عمله ليسأله .. فهو بذلك لا يدخل تحت أحكام عقوبات الشريعة لطالب العرافة .. !! وهذا ظن
خطأ ..
- فقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ) وفي رواية بلفظ (فصدقه) .. المقصد
منه هو التواصل مع العراف بأي وسيلة كانت وصدقه .. سواء رآه شخصيا وجلس معه أو تواصل معه
عبر الفون أو الإيميل أو من خلال برامج الإنترنت مثل اليوتيوب والفيسبوك والواتسآب
وما شابه ذلك من برامج .. أو غير ذلك مما
قد يظهر من وسائل للتواصل ..
-
ولذلك المنهي عنه هو التواصل
مع العراف لسؤاله وتصديقه .. ولا ننظر إلى وسيلة تحقيق هذا التواصل ..
- والله
أعلم .
*******************..:: س145: لماذا اقتصرت الأحاديث على تحريم الكهانة والعرافة ؟ ::..
- قال النبي
صلى الله عليه وسلم: (مَنْ أَتَى عَرَّافًا أَوْ
كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ فِيمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) رواه الحاكم ..
#- ولعل سبب اقتصار الحديث على ذكر
العرافة والكهانة .. لأنهما يشتملا كل أنواع
التعرف على الغيب في الماضي والمستقبل بطرق مشبوهة ومشوهة وغير مشروعة .. مهما كان
وصفها أو اسمها في كل زمن يتجدد فيه مثل هذه الأمور .. سواء تم تسميتها تنجيم أو
قراءة رموز في فنجان أو في رمل أو في رمي الودع أو من خلال كوتشينة التاروت أو ما شابه
ذلك ..
- والله
أعلم .
******************..:: س146: هل طالب العرافة هو مشرك ؟ والتعرف
على الغيب من العراف هو نوع من الشرك ؟ ::..
- وجدت البعض على صفحات الإنترنت
.. بعض الدعاة يصف من يطلب العرافة بأنه مشرك .. ويستدل بالحديث الذي جاء
فيه أن من ذهب للكاهن فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ..!!
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ما سبق من كلام بعض الدعاة هو كلام خطأ حينما
ذكره على عمومه .. دون توضيح وبيان للحالات التي قد يظهر منها متى يكون الإنسان
طالب العرافة هو مشرك ..!! وليس لمجرد ذهابه للعراف فقد أصبح مشرك ..!!
#-
وحتى نتبين الأمر فنسأل سؤال مهم:
- ما هو الشرك ؟
- هو الاعتقاد بوجود إله له مثيل بقدر
ما هو لله .. ولذلك يقال أنه جعل لله شريك .. بمعنى أنه جعل ما هو لله لغير الله ..
سواء جعله مشابها لذات الله أو مشابها لصفة من صفات الله ..
#- وبناء على ما سبق:
1- لو اعتقدت في العراف أن له قدرة على معرفة الغيب
يقينا كيفما يريد ذلك .. فأنت قد تكون جعلته نبيا يوحى إليه .. وهذا كذب وكفر
بالقرآن لأنه لا وحي بعد النبي صلى الله عليه وسلم ..
- أو قد تكون جعلت من العراف
عليما بالغيب ومحيطا به يقينا كما هو لله .. فتكون بذلك أشركت بالله لأنك
جعلت العراف بذلك مساويا لله في صفة من صفات الله ..
2-
أما كون طالب العرافة يزعم أن العراف يعرف ما هو غيب نسبي من حيث ما
قد يكون أخبره به الله ملائكته .. أو يظن أنه يعرف ما تعرفه الملائكة .. ويقول أن
كلام العراف يحتمل الظن فيه بالصواب والخطأ .. ويقر أن علم الغيب لله وحده .. فهذا
لا شرك فيه إلا أنه عصيان لله يترتب عليه حرمانك من ثواب الصلاة لمدة أربعين يوما
..
-
والله أعلم .
*********************..:: س147: لماذا يساوي العلماء في كلامهم
بين الكاهن والمنجم والعراف ؟ ::..
- قد يجول بخاطرك سؤال فتقول .. فتقول أن الأحاديث عقوبتها للتعلق بالكاهن
أو العراف وليس بالمنجمين .. فلماذا يساوى العلماء بينهم فيجعلون من يطلبهم ويذهب
إليهم حكمهم واحد مهما كان وصفه ؟
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الذي أظنه .. لأن هؤلاء الجماعة (الكاهن
والعراف والمنجم) اجتمعوا في الغرض نفسه .. وهو البحث في الغيبيات بطرق مشوهة ومشبوهة
في التجسس على الغيب والقدر .. وكأن لهم علم بذلك ..!!
- فإذا كانت طرقهم مختلفة في تحصيل هذا الغيب
.. ولكن غايتهم واحدة .. فتشابهوا من حيث الغاية وليس من حيث الوسيلة ..
- ولو كان الإعتراض على الكاهن لأنه يسمع
من الشيطان فقط كلام .. فهذا السماع لا شيء فيه .. لأن كل الناس تسمع من
الشياطين من خلال الوسوسة .. ولكن ليس بالضرورة يطيعوا الشيطان في أعمال الخطأ
والإنحراف مهما وسوس إليهم ..
- إذن فالعلة في مساواة الكاهن بالعراف
بالساحر بالمنجم وما شابه هؤلاء .. هو باعتبار غايتهم من أفعالهم وهي البحث في الغيبيات .. وليس لمجرد أن
الشياطين تواصلت معهم أو عرفتهم شيئا ..!!
#-
ملحوظة:
- أحيانا بعض العلماء في كتابتهم .. يدخل مفهوم الساحر مع العراف والكاهن والمنجم
.. لأن الساحر أحيانا يمارس مهنة العرافة فيستعين بالشيطان في معرفة من صنع
الأسحار للوقيعة بين الناس وقطع أرحامهم .. ولذلك من هذه الجزئية أدخل الساحر مع
هؤلاء .. وليس لأن الساحر عمله الأساسي هو التطلع على الغيب كهؤلاء .!! فانتبه .
***************************** ..:: س148: لماذا قد يسمح الله للمنجم أو
العراف بأن يعرفوا شيئا من الغيب ؟ ::..
-
قد يسأل البعض فيقول .. لماذا العراف قد يعلم شيئا من الغيب ؟!!
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):1-
عليك ان تعرف أن العراف أو المنجم أو من شابههم .. إذا عرف شيئا من الغيب فإنما يعرفه عن غيب
نسبي وليس عن غيب مطلق .. كما سبق وأوضحنا ذلك كثيرا .. فلا تنسى ذلك .. 2-
قد يعرف المنجم أو العراف أو الكاهن أو مهما كان وصفه .. شيئا من الغيب المخلوط بأكاذيب متعددة رجما
بالغيب .. وذلك حتى تستمر الفتنة لبعض أهل الأرض .. فالعرافون هم الوسطاء في نشر
الفتنة بين الناس لنشر العرافة التي يريد الشيطان أن يجعلك تتعلق بها لأنه شريك مع
العراف في هذه العرافة .. فهي تحريض على عصيان أوامر الله .. فتكون وليا للشيطان
من خلال عصيانك لله .. وقد تدخل في قوله تعالى: (وَمَن يَتَّخِذِ
الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَاناً مُّبِيناً) النساء119. 3-
لتنكشف حقائق بعض النفوس التي تقول أنها مؤمنة بحق .. ثم تنجذب إلى هؤلاء العرافين .. فيكون من
أحوالهم ما يشابه احوال الذين لا يؤمنون بالآخرة .. فليس بالضرورة أن يكونوا كفار
.. ولكنهم أثبتوا على أنفسهم أنهم فعلوا من المخالفة لله مثل ما يفعله الكفار الفرق بين المؤمنين وغيرهم .. ولذلك اقرأ قوله
تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ
الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)
وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ
وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ) الانعام111-112. #- وشرح الآيات من (أيسر التفاسير) للشيخ أسعد حومد رحمه
الله:- وَكَمَا جَعَلْنَا هؤُلاَءِ وَأَمْثَالَهُمْ أَعْدَاءً لَكَ
يَا مُحَمَّدُ، يُخَالِفُونَكَ وَيُعَانِدُونَكَ، وَيُعَادُونَكَ، كَذَلِكَ
جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ قَبْلِكَ أَعْدَاءً مِنْ شَيَاطِينِ الإِنْسِ
وَالجِنِّ (شَيَاطِينُ الإِنْسِ هُمُ الكُبُرَاءُ وَمَنْ يُضِلُّونَ النَّاسَ عَنِ
الهُدَى بِالوَسْوَسَةِ وَالإِغْرَاءِ وَالمُخَادَعَةِ) ..-
وَيُلْقِي بَعْضُ هَؤُلاَءِ الشَّيَاطِينِ مِنَ الإِنْسِ وَالجِنِّ إلى بَعْضِ القَوْلِ المُمَوَّهَ
الذِي يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَسْتُرُونَ بِهِ قُبْحَ بَاطِلِهِمْ، وَيُؤَدُّونَهُ
بِطُرُقٍ خَفِيَّةٍ لاَ يَفْطَنُ إلَى بَاطِلِهَا كُلُّ وَاحِدٍ، حَتَّى يَغُرُّوا
النَّاسَ وَيَخْدَعُوهُمْ وَيُمِيلُوهُمْ إلَى مَا يُرِيدُونَ، كَمَا وَسْوَسَ
الشَّيْطَانُ لآدَمَ وَحَوْاءَ لِلأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ التِي نَهَاهُمَا اللهُ
عَنْهَا، وَكَمَا يُوَسْوِسُ شَيَاطِينُ الإِنْسِ لِمَنْ يَجْتَرِحُونَ
السَّيِّئَاتِ، فَيُزَيِّنُونَ لَهُمْ مَا فِيهَا مِنْ عَظِيمِ اللَّذَّةِ،
وَالتَّمَتُّعِ بِالحُرِّيَّةِ، وَيُمَنُّونَهُمْ بِعَفْوِ اللهِ.-
وَلَوْ شَاءَ اللهُ أَنْ لاَ يَفْعَلُوا ذَلِكَ لَمَا فَعَلُوهُ وَلَكِنَّهُ تَعَالَى لَمْ
يَشَأْ ذَلِكَ إِذْ خَلَقَ النَّاسُ عَلَى اسْتِعْدَادٍ لِقُبُولِ الحَقِّ
وَالبَاطِلِ، وَالخَيْرِ وَالشَّرِّ.زُخْرُفَ
القَوْلِ - بَاطِلَ القَوْلِ المُزَوَّقَ المُمَوَّهَ. -
وَيُوحِي هَؤُلاَءِ الشَّيَاطِينُ، بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ، القَوْلَ المُمَوَّهَ
لِيَغُرُّوا بِهِ المُؤْمِنِينَ، وَيَصْرِفُوهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الرُّسُلِ،
وَيَفْتِنُوهُمْ عَنْ دِينِهِمْ، وَلِتَمِيلَ إِلَيهِ قُلُوبُ الكَافِرِينَ
الذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ، لأنَّهُ المُوَافِقُ لأَنْفُسِهِمْ إذْ هُمْ
يَمِيلُونَ إلَى حُبِّ الشَّهَوَاتِ التِي مِنْ جُمْلَتِهَا الأَقَاوِيلُ
المُزَخْرَفَةُ، وَالأَبَاطِيلُ المُمَوَّهَةُ، فَيَرْضَوْنَ ذَلِكَ لأَنْفُسِهِمْ
بِلاَ بَحْثٍ وَلاَ تَمْحِيصٍ فِيهِ، وَيَرْتَكِبُونَ مِنَ المَآثِمِ وَالمَعَاصِي
مَا هُمْ مُرْتَكِبُونَ بِغُرُورِهِمْ. (انتهى النقل من التفسير). #- وخلاصة
القول:-
فتنة العرافة مثل كل فتن الحياة التي تمر علينا .. فأنت واختيارك في هذه الفتنة ..- فإما أن
تقبل هذه الفتنة وتشارك فيها .. وإما أن ترفض طاعة لله ولرسوله كما يقول تعالى: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا
عَظِيمًا) الأحزاب71. -
ثم تظل لك فرصة أخرى لو عصيت ودخلت هذه الفتنة .. فهل ستتوب وترجع إلى الله .. أم ستستمر
على أفعالك وتتعلق بأفعال الشيطان ؟!! -
وهكذا يمر الإنسان على فتن في الحياة .. ليميز الله الخبيث من الطيب .. وقوي
الإيمان وضعيف الإيمان .. حتى يكون الناس حجة على أنفسهم بما كانوا يفعلون.
- فقوله (لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ) أي من يستمر على الشرك إلى لحظة موته .. وليس المقصود من كان مشركا فتاب إلى الله .. فانتبه .
#- قال
الإمام الفخر الرازي رحمه الله (المتوفى: 606هـ):
- واعلم أن
هذه الآية دالة على حكمين :
-
الْأَوَّلُ: أن التوبة مقبولة عن
جميع الذنوب سواء كانت كفرا أو قتلا .. عمدا أو غصبا للأموال .. لأن قوله (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ) .. عَمَّ
الْكُلَّ.
-
الثَّانِي: أن ظاهر الآية يقتضي أن
مجرد الإستغفار كاف .. وقال بعضهم: انه مقيد بالتوبة لأنه لا ينفع الإستغفار مع
الإصرار . (التفسير
الكبير ج11 ص215).
3- يقول تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ
اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا) النساء110.
4- يقول تعالى: (فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ
يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المائدة39.
5- ويقول تعالى: (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ
بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ
وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ
السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ
وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا)
النساء17-18.
- ولذلك
التوبة لا تنفع عند حضور الموت وتيقن الموت .. لأن التوبة تكون مع حياة الإختيار
.. وليس مع لحظة الموت وانكشاف الحقائق ..!!
5- ويقول النبي صلى الله
عليه وسلم: (إنَّ اللهَ يقبلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغرغرْ)
صحيح الترمذي.
- والغرغرة ..
هي لحظة سحب الروح من الجسم والتيقن من الموت ..
#- وخلاصة القول:
- أن باب
التوبة مفتوح للرجوع إلى الله .. ومن ندم واعترف بتقصيره وأنه كان مخطيء .. فله
توبة مقبولة إن شاء الله تعالى بل ومزيد فضل من الله بأن يغفر له ما سبق .. والله
غفور رحيم .
*******************
#- وبهذا يكون ختام الكلام على ما
قد يدور في أذهان البعض .. من خلال قراءة
أحاديث العقوبات الخاصة بالعرافة والكهانة .. والحمد لله رب العالمين .
- ونستكمل بعده إن شاء الله الجزء الثالث من الرسالة وهي عن التعرف على أنواع العرافة قديما وحديثا .. ومناقشة العرافين في كلامهم ومجادلاتهم .. وأسأل الله التوفيق ..
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
ردحذفتساؤلات وتوضيحات مهمة وجميلة
وفقك الله فيما هو آت
آمين يارب العالمين
جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل ربنا
ردحذفالله يزيدك نور علي نور
نفعنا الله بعلمك في الدارين استاذنا الحبيب الغالي
.....................................
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
ماشاء الله لاقوة إلا بالله
ردحذفمدد يارب العباد مدد
٥- [عن أنس بن مالك:] مَن صلى الفجرَ في جماعةٍ، ثم قَعَد يَذْكُرُ اللهَ حتى تَطْلُعَ الشمسُ، ثم صلى ركعتينِ، كانت له كأجرِ حَجَّةٍ وعُمْرَةٍ تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ
ردحذفالألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الجامع ٦٣٤٦ • صحيح • أخرجه الترمذي (٥٨٦)، والبغوي في «شرح السنة» (٧١٠) • شرح الحديث
فضل الله ورحمته واسعة ذكر بعض العلماء أن المرأة التي تصلي في بيتها وتمكث في مصلاها داخله في هذا الأجر
والله أعلى واعلم