ج27: رسالة الغيب والعرافين والمنجمين - هل هناك فرق بين المعرفة والعرافة - ما الفرق بين العراف والذي يُلهم بالشيء - كيف تفرق بين العراف ومبشر الخير إذا صادفك - هل الملهم بشيء من الغيب هو عطاء خاص بالمؤمنين فقط - ما الفرق بين السلام الداخلي للمؤمن وغير المؤمن - (كلام عن الكرامات) - كيف يعرف العراف أشياء من الغيب وهو من المفترض ليس من الملهمين بالحق - ما الفرق بين العراف والعارف - ما الفرق بين معرفة العارف ومعرفة أي نبي أو رسول - ما الفرق بين كلام النبي عن الغيب وبين كلام العراف عن الغيب

      بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

"الغيب والعرافة والكهانة"

(الجزء الثالث من الرسالة)

تعريفات – مناقشات – طرق العرافة قديما وحديثا

(الجزء السابع والعشرون)

* فهرس:
:: الفصل السابع والعشرون :: عن المعرفة والعراف والمُلهم ومبشر الخير والنبي والعارف ::
1- س151: هل هناك فرق بين المعرفة والعرافة ؟
2- س152: ما الفرق بين العراف والذي يُلهم بالشيء ؟ 
3- س153: كيف تفرق بين العراف ومبشر الخير إذا صادفك ؟
4- س154: هل الملهم بشيء من الغيب هو عطاء خاص بالمؤمنين فقط ؟ (ما الفرق بين السلام الداخلي للمؤمن وغير المؤمن ؟) - (كلام عن الكرامات).
5- س155: كيف يعرف العراف أشياء من الغيب وهو من المفترض ليس من الملهمين بالحق ؟
6- س156: ما الفرق بين العراف والعارف ؟
7- س157: ما الفرق بين معرفة العارف ومعرفة أي نبي أو رسول ؟
8- س158: ما الفرق بين كلام النبي عن الغيب وبين كلام العراف عن الغيب ؟

*********************

:: الفصل السابع والعشرون ::

:: عن المعرفة والعراف والمُلهم ومبشر الخير والنبي والعارف ::

********************

..:: مقدمة الجزء الثالث ::..

 
- من المهم قبل الكلام على طريق العرافة أن نتعرف على بعض المسائل التي قد تختلط على البعض في الفهم .. وتحتاج إلى توضيح .. ثم نتكلم عن طرق العرافة .. ويتبع ذلك مناقشات مع ما قد يدور في عقل طالبي العرافة والعرافين من مسائل قد تخطر ببالهم لاستباحة فعل العرافة ..
 
- وستجد إن شاء الله في هذا الجزء الثالث من رسالة الغيب .. من المعرفة الطيبة والأسئلة البسيطة التي قد تخطر ببال الكثيرين .. والتي يكون لها إجابات مبسطة وواضحة وعاقلة .. يطمئن لها عقلك وقلبك بإذن الله تعالى ..

*********************

..:: س151: هل هناك فرق بين المعرفة والعرافة ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أخي المؤمن .. هناك فرق بين المعرفة والعرافة .. حتى لا يخلط لك أحد الأمور ويقول لك أن العرافة جزء من المعرفة .. لا .. فهذا تضليل وتلاعب بالألفاظ وقلب للحقائق وتزوير فيها ..
 
#- أولا: المعرفة ..
- لفظ يقال عمن يبحث عن علم الظاهر والباطن ..
1- فعلم الظاهر: يدرك بالحواس الظاهرة وله أسبابه ومقدماته ويدركها العقل فيحللها ويستنبط منها نتائج ترتقي إلى الظن الراجح أو اليقين .. وذلك من خلال عالم الأسباب المادي.
 
2- وعلم الباطن: لا يدرك إلا من خلال وحي إلهي بواسطة نبي أو رسول حتى تكون معرفة بيقين .. وإلا فهذه المعرفة يكون مطعون فيها ويغلب فيها الباطل على الحق ..
- ونقصد بعلم الباطن هو ما علم الغيب الذي خفي عن الإنسان من عوالم لا علم لنا بها كالجن والملائكة .. وما تحمله القلوب والنفوس والصدور .. وما هي العقائد التي يجب الإيمان بها كالإيمان بالأنبياء والرسل والكتب السماوية .. وأن هناك جنة ونار .. وأن الله هو القدير خالق الوجود وله الأسماء الحسنى والصفات العلى.
 
#- ثانيا: العرافة ..
1- فهي لفظ يقال لمن يبحث في الغيبيات سواء الماضية أو المستقبلية .. وإن كان يغلب هذا الوصف لمن يطلب الغيبيات المستقبلية .. ومعرفته قائمة على الظن المخلوط بكذب ومستمدة من الشياطين المحيطة بنفسية العراف .. ولا قانون أسباب فيها لأن الشيطان والتخمين هي أسباب نطقه بعرافته .. ولذلك هو يرجم بالغيب .. لأنه لا يقين فيما ينطق به .

- فهناك من يريد أن يتجسس على أحوال ماضية خاصة بالعباد أو بالدفائن والكنوز من خلال الجن والشياطين ..
- وهناك أيضا من يتجسس أيضا على القدر المستقبلي في مسائل يريد أن يعرف الخير فيها من الشر من خلال الجن والشياطين أو رموز يعملها الجن لبعض العرافين ..
 
2- والعرافة طريقها مشبوه ومشوه لكثرة الأكاذيب فيه .. فضلا عن أنه يغلب فيه الإستعانة بالجن والشياطين ويكونوا أولياء للعراف .. كما سبق وناقشنا ذلك في أسئلة مختلفة .
 
3- ولو عرف العراف شيئا فإنما ذلك هو من الغيب النسبي الذي خرج من معرفة الله .. ولكن يعرفه بعض الخلق مثل الملائكة .. ولا علاقة لما يعرفه العراف بعلم الغيب من قريب أو بعيد .. إنما هو قد يعرف شيء من غيب نسبي .. فلا تنسى ذلك أخي الحبيب .. وبالتالي الآيات القرآنية التي تتكلم عن أن الغيب لله .. لا يصح أن تقول كيف يقول الله أنه يعلم الغيب في حين العراف يعرف الغيب ؟!! ليه ؟

- لأن هذه المعرفة عن غيب نسبي وليس غيب مطلق .. فضلا عن أن هذه المعرفة النسبية أيضا تكون مصحوبة بأكاذيب وظنون من خيال العراف رجما بالغيب .. 

- ولتوضيح أكثر لهذه الجزئية فارجع للفصل الخامس .. الأسئلة من (س22 إلى س27) .. وكلك يمكنك الرجوع إلى السؤال رقم (45) في الفصل التاسع .  

***********************

 ..:: س152: ما الفرق بين العراف والذي يُلهم بالشيء ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد يختلط عليك أخي الحبيب .. التفرقة بين الذي يفعله العراف .. وبين الذي يلهمه الله بشيء قد يحدث في المستقبل .. فكيف تفرق بين هذا وذاك ؟
 
1- من حيث الوصف ..
- العراف هو من يتخذ من العرافة مهنة له أو سببا لشهرته ولذلك اشتهر عنه أنه عراف ..
- أما الملهم بشيء من الغيب فهذا يكون عن خاطر يخطر في نفس الشخص ولا يشتهر عنه أن مهنته أنه يعرف الأمور .. لأنه قلما يحدث له ذلك .
 
2- من حيث إرادة طلب الغيب ..
- العراف له إرادة ورغبة وعزيمة في طلب العرافة ..
- أما الملهم بشيء .. فهذا يتم إلقاء الغيب في نفسه من حيث لا يعلم ولا يدري ويهجم عليه فجأة دون إرادة منه ولا رغبة ولا عزيمة له في ذلك ..
 
3- من حيث استمداد هذا الغيب ..
- العراف يستمد عرافته من العالم الروحاني الناري أي من الجن والشياطين الذين يخدموه .. أو من خلال أدوات يوسوس له الشيطان من خلالها بما يفهمه فينطق به ..
- الملهم بشيء يستمد إلهامه من عالم الحق سواء عالم الملائكة أو عالم الجن الصادق .. وقد يكون يقظة أو من خلال المنامات ..
 
#- أمثلة على ما سبق:
- أولا: من ليسوا عرافين :
- فقد يصادفك أحد في الطريق .. لا يطلب منك مالا ولا يريد منك شيئا .. إلا أنك تجده فجأة ينطق لك بشيء خاص بك .. فإما يبشرك أو ينذرك .. دون أي تفاصيل ثم يتركك ويرحل وقد يذكر لك مثلا أن الله سيرزقك بولد أو ستسافر إلى الحج أو سيأتيك عمل قريب أو ما شابه .. فهذا ليس عراف .. وإنما شخص ألقي في صدره خاطر كرسالة خاصة بك فقالها لك .. واعتبرها رسالة أتت إليك على يد شخص أنت لا تعرفه أو حتى لو كنت تعرفه .. فما كانت تحمله من خير فاستبشر .. وما كان فيها من إنذار وتحذير فانتبه لما تفعله في حياتك مؤخرا ..
 
- أو قد تجد قريبا لك أو صديق يتصل عليك ويخبرك بأن بشيء أما تبشيرا أو تنبيها .. نتيجة لرؤية رآها .. فأراد أن يخبرك بها .
 
- أو قد تجد قريبا لك أو صديقا .. يشعر لك بشيء ويحس به سواء يحمل إنذار أو استبشار .. ويريد أن يخبرك به .. 
 
#- حتى لو تكرر هذا الأمر من الصاحب أو الصديق .. فهذا ليس عراف ولا يندرج تحت باب العرافة .. لأن العرافة تستدعي أن تكون مشهورا بها في التجسس على الغيبيات وقتما تريد وبإرادة منك ورغبة وعزيمة في التجسس على الغيب ..
 
#- ثانيا: أمثلة على العرافين ..
- قد تكون في مكان ما وتجد شخص يخبرك أنه يقرأ لك الطالع أو يحكي لك الخير وما قد يكون لك .. فتجده يقرأ الكف أو الفنجان أو يرمى الودع أو العظام أو النرد (الزهر) أو يفتح لك الكوتشينة أو ما شابه ذلك .. فهذه حينئذ تسمى عرافة ..
- لأنه يروج لها ويخبرك أنه كذلك .. فهو إذا مشهور بذلك .. بالإضافة إلى أنه سيفعل أمورا ليعرف لك فهذه رغبة وعزيمة في نفسية العراف حاضرة في طلب التجسس على الغيب .. وليس مجرد إلقاء في خاطرة شيئا ما أراد أن يخبرك به ..
 
#- وخلاصة القول:
1- العرافة .. ما هي إلا عن شهرة أو مهنة .. يصاحبها رغبة وإرادة نفسية في التجسس على الغيب للآخرين .. ويكون له وسيلة في ذلك يزعم أنها تخبره عن هذه الغيبيات .. وغالبا يكون كل ما يحدث به إنما هو من وساوس شيطانه إليه قد تصادف حقيقة إلا أنها حقيقة مخلوطة ببعض الأكاذيب ..!!
 
2- أما الإلهام بشيء .. فهذا مجرد خاطر يتم إلقاءه في النفس يشعر منه الشخص أنه رسالة له أو إلى آخرين .. أي هي خواطر تأتيه دون طلب منه في ذلك .. وكأنه شيئا ألقي في صدره .. وقد يحدث ذلك من خلال المنامات .. ولا وسائل له يستخدمها بإرادة منه في الوصول لهذه الخواطر أو المنامات ..
- والله أعلم . 
 

*****************************

 

..:: س153: كيف تفرق بين العراف ومبشر الخير إذا صادفك ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد يخطر على بالك أخي الحبيب سؤال .. وهو كيف نفرق بين العراف ومبشر الخير .. حيث أننا نجد مبشر الخير يبشرنا بما هو خير في مستقبلنا .. فما الفرق بين هذا وذاك ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- قد تظن أنه سبق الإجابة على هذا السؤال منذ قليل تحت عنوان (الفرق بين العراف والملهم بشيء) .. ولكن هناك فرق بين الملهم بشيء وبين من يبشر بالخير .. حيث أن الإلهام هو مجرد خاطر يتم إلقاءه في نفس الشخص .. أما مبشر الخير فهو المتفائل لك بكل خير إما حسن ظن بالله أو من خلال تجارب الحياة أو من خلال الإلهام .. 
 
#- أولا: مبشر الخير على ثلاث أنواع:
1- مبشر الخير لحسن ظنه بالله .. فهو نفس أحسنت الظن بالله في كل أفعاله فيما يجريه القدر .. وأنه مهما نزل بالإنسان ضيق أو كرب أو مشكلة .. فهو محسن الظن بربه أنه سيجعل له حلا لها ..
 
2- وهناك مبشر الخير من تجارب الحياة .. هي نفس لك ترجو الخير من خلال التفاؤل بما قد يحدث لأنه لا حال يدوم .. فهذا نظر إلى تجارب الحياة وعلم أنه لا حال يدوم ..
 
3- وهناك مبشرا للخير إلهاما من الغيب .. ويصدر منه البشرى دون أن تسأله عن شيء .. بل ينطق لسانه بالخير لك وكأن الله أنطقه بذلك دون رغبة مسبقة منه ودون رغبة منك أنت في أن تعرف شيئا .. وكأنه مطمئنا بما يقوله لك وكأنه يقين .. ويكون تبشيرا بخير لك أنت ترجوه وتنتظره .. سواء برفع بلاء أو بمنح عطاء ..  
 
- ثانيا: أما عن العراف ..
- العراف هو نفس مريضة بعصيان الله في جزئية التجسس على غيب الله .. ويتكلم عن شيطان يوسوس إليه .. ثم ينطق بهذه الوسوسة إليك ..
 
#- وخلاصة القول أخي الحبيب:
- شتان بين من يتحدث سائلا من فضل الله لك ومستبشرا برحمة الله وبل وقد يلهمه الله بنفحة خير على يديه لبعض عباده .. وبين من يتحدث الشيطان على لسانه ..!!
 
- فالأول رسالة حق .. والثاني رسالة باطل ..
- الأول حال نور .. والثاني حال ظلمة ..
- الأول جبر للخواطر .. الثاني يدخل في المخاطر (معصية الله) ..
- الأول خير وبشرى .. والثاني شر وحسرة ..
- الأول في صحبته اقتراب للحق .. الثاني في صحبته افتراق عن الحق ..
- الأول راجي من فضل ربه .. الثاني خادما لمن غضب عليه ربه ..
 
#- فشتان بين هذا وذاك .. فمبشر الخير لا نجد عنده إلا الخير مبشرا به .. وإذا أنذرك فإنذاره لك لأنه أراد خيرا بك عليك أن تنتبه له لتصحح ما فيه خطأ لك .. أو لتحترس مما قد يصيبك .. وفي كل الأحوال نذارته لك هو من لطف الله بك .. فكان مدد من الله واصل إليك .. حتى تعلم أن الله لطيف بعباده خبير بصير ..
 

*****************************

..:: س154: هل الملهم بشيء من الغيب هو عطاء خاص بالمؤمنين فقط ؟ ::..

(ما الفرق بين السلام الداخلي للمؤمن وغير المؤمن ؟)

(كلام عن الكرامات)

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور التي يظنها البعض خطأ .. هو حينما يسمع أن البعض قد يجري الله على لسانه بعض الأمور الطيبة من عالم الغيب فيبشر بها .. فيعتقد أنه من أهل الكمال في الإيمان ؟!!
- وهذا خطأ .. ليه ؟
 
- لأن هذه الأمور من رزق الله الذي يمنحه للمؤمن وغير المؤمن .. وهو غالبا يتوقف على نفسية هذا الإنسان وما تحمله من الخير للناس .. ولذلك كثيرا ما يصاحب هذه النفسية "مهما كانت عقيدته" .. راحة وهدوء وسلام في نفسه وكأنه في سكينة .. لأنه ارتضى أن يحب الخير للغير بدلا من الغل والكراهية والكلام عليهم بالسوء وجفائهم .. فكان الجزاء من جنس العمل .. أي كما سلم الناس من لسانه ويده .. فأنعم الله عليه بالسلام في نفسه وجعله يسكن فيه ..
 
- يبقى لما تشوف شخص ربنا يجري على لسانه شيئا من الخير أو يجري على يديه شيئا من الخير .. لا تتعجب وتسأل كيف يحدث ذلك .. بل اعلم أنه من رزق الله لبعض خلقه نتيجة لحكمة هو يعلمها .. وليس بالضرورة أن يكون مؤمن بالله ورسوله ..
 
- وقلت لك ذلك لأن كثير من الناس يربط هذه الأمور بالكرامات الناتجة عن عقيدة .. وهذا خطأ .. فقد تأتي الكرامة الدنيوية للمؤمن وغير المؤمن .. فلا تجعل الكرامات هي دليل الإيمان .. وإلا فعلى هذا القياس ستجعل من ليس له كرامة ظاهرة من الكفار .. وستجعل من كرامة العلم للعلماء وكرامة الرزق للأغنياء أنهم من الأولياء حتى ولو كفار وملحدين ..!! وهذا بكل تأكيد قياس فاسد وباطل .. لأن الكرامة قد تكون فتنة وقد تكون منحة .. وسواء هذا أو ذاك فكلاهما من اختبار الدنيا .. فلا تجعل من الكرامات دليل الإيمان .. لأن الإيمان هو الكرامة .. والكرامة استقامة .. والإستقامة هي دوام الحال بالعبودية مع الله بمنتهى الرضا .
 
#- وقد تسأل فتقول: إذا كان هذا السلام الداخلي قد يحدث للمؤمن وغير المؤمن .. فهل يوجد خصوصية سلام داخلي في نفس المؤمن نتيجة عقيدته الإيمانيه ؟
- نعم يوجد خصوصية عطاء للمؤمن في تزكية نفسه بالسلام الداخلي في نفسه .. حيث أن السلام في نفس المؤمن يرتقي لدرجة السكينة والطمأنينة .. حتى يجعله الله راضيا ومرضيا عنك .. وهذا ما لا يكون لغير المؤمن .. ولذلك يقول تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً) الفجر27-28.. أي راضية بإكرام الله لها .. وقد رضي الله عنها ..
 
- والمؤمن المستكين المطمئن .. هو من سكنت نفسه نور الإيمان فاطمئن به .. حتى انفعل ظاهره وباطنه لله .. فكان عبدا محبا لله ومحبوبا لله .. حتى يرتقي به الله إلى مقام أنه يسمع بالله ويبصر بالله ويبطش بالله ويسعى بالله ولو أقسم على الله لأبره .. أي يسمع ويرى كل ما هو حق .. ولا ينتقم لنفسه وإنما للحق .. ولا يسعى إلا لما فيه الحق .. وإذا دعا الله طالبا منه بعزيمة فإن الله يستجيب له .. والله أعلم .
 

********************

..:: س155: كيف يعرف العراف أشياء من الغيب وهو من المفترض ليس من الملهمين بالحق ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): 

- إذا كان العراف ليس فعلا من الملهمين بالحق وليس من ذوي النفوس السليمة لفساد حاله مع الله .. إلا من يتوب .. ولكن هذا الفساد لا يمنعه من أن يرزقه الله شيئا من الغيب قد يصدق فيه .. وذلك فتنة له ولمن حوله ويتبعه .. ولا يسمى علما بالغيب وإنما يندرج تحت مصطلح الرجم بالغيب .. لأنها معلومات مظنونة أي تحتمل الصواب والخطأ .. فضلا عن كونها في مجملها محاطة بكثير من الكذب .. وإلا كان اتفق العرافين على ما قد يحدث .. فانتبه ..!!
 
#- وكيفية حصول العراف على هذه المعرفة الغيبية:
1- إما تلقينا من الشيطان في أذنه .. فيخبره بأخبار وأحوال هذا الشخص .. كما هو حال الكهان ..
2- أو تفهيما من خلال وسوسة الشيطان في نفسه .. بفك بعض الرموز التي تظهر من خلال أدوات العرافة .. فيوسوس الشيطان في نفس العراف بما تحمله هذه الرموز من معاني ..

3- وقد تكون تخمينا عقليا من تصور يظهر له في عقله .. فيخمن أنه دلالة على شيء .. رجما بالغيب ..

#- ولو كان هذا العراف من أهل الحق فعلا لألهمه الله الحق دائما في نفسه .. وليس بأن يرزقه معلومة من شيطان أو من خلال رموز مجهولة .. وهذه المعلومة فيها شيئا من الحق ويغلب عليها الباطل ..!! وفي ذلك إشارة له على أنه محاط بالباطل .. ومع ذلك يستمر في فتنته للناس ..!! ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
 
#- وسبق وشرحنا الحكمة في وجود فتنة لبعض من يكشفون من غيب الأسرار الخاصة ببعض الناس في السؤال رقم (18) ... فارجع إليه .
 
#- وسبق وشرحنا أيضا أن الجن والشياطين لا يعلمون الغيب .. وارجع إلى الفصل التاسع من (س43 إلى س45).
 
#- وسبق وشرحنا معنى الرجم بالغيب .. راجع السؤال رقم (س36).

*******************

 

..:: س156: ما الفرق بين العراف والعارف ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور التي قد تختلط عليك هو الفرق بين لفظي العراف والعارف .. حيث أن الأول ولي للشيطان والثاني ولي لله ..
 
- فالعراف: هو الذي يستخدم أدوات وطرق مشبوهة للوصول إلى غيب منهي عنه بالبحث فيه والإطلاع عليه عصيانا لله .. وذلك إما تجسسا على قدر الله .. أو قد يستخدم طرقا مشبوها مستعينا بالجن في الحكم على مسائل غيبية ماضية فيهتك فيها أعراض الناس بالباطل .. أو يبحث عن دفين الكنوز بواسطة رجاءه من الشياطين ذلك .
 
- أما العارف: فيقصد به العارف بالله الذي يعرف حدود الله فيقف عندها ولا يعصي الله إلا بقدر ما يصدر منه غفلة .. ويسمى ولي الله .. لأنه تتوالى طاعته لله في كل أوقاته .. فكلما انتهى من طاعة دخل في طاعة أخرى سواء طاعة عبادات أو معاملات ..
 
- والعارف بالله .. قد يلهم بالشيء في خاطرة وقد يكون عن الغيب .. ولكن دون أن يبحث عنه أو يرجو معرفته .. لأن هذه إساءة أدب مع الله .. وكيف يكون وليا لله ويسئ الأدب معه في أن يتجسس عليه ؟!!
- فما يجريه الله على خاطره .. إنما يكون عن عدم رغبة منه في ذلك ولم يكن يبحث عنه .. وإنما شيئا ألقي في خاطره .. كما سبق وأوضحت ذلك في السؤال السابق عن الملهم بشيء في خاطره ..
 
#- ولذلك من الأمور التي يتم التفرقة فيها بين العراف والعارف ..
- أن العراف توجد له العزيمة والرغبة في طلب التجسس على الغيب وهذا تعمد لعصيان الله .. مع وجود أدوات لتحقيق ذلك ..
 
- أما العارف فله عزيمة في تحقيق الوصال بربه مع دوام الطاعة له وتجنب العصيان قدر استطاعته ..
 

**********************

..:: س157: ما الفرق بين معرفة العارف ومعرفة أي نبي أو رسول ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة): 
- قد يخطر على بال البعض الفرق بين معرفة العارف ومعرفة الرسول .. حيث أن بعض الناس كثيرا ما يفتتن بكلام العارفين ويغفل عن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- وبالرغم من توضيح هذه الإجابة في السؤال رقم (12) تحت عنوان: (ما الفرق في المعرفة الغيبية بين معرفة الرسل ومعرفة غير الرسل ؟) ..
 
- ولكن دعني أوضح لك هنا تحديد بعض الفروق المهمة بين العارف بالله ونبي الله فيما يتعلق بالمعرفة الغيبية ..
 
1- من حيث تلقين المعرفة .. فالعارف بالله معرفته مستمدة في الأصل من معرفة النبي التي يتبعها هذا العارف .. ومعرفة النبي مستمدة من الله ..
 
2- من حيث اليقين .. فالعارف لا يخبر على سبيل اليقين إلا ما نقله عن نبي أو رسول .. وخلاف ذلك من خواطر عن أمور غيبية فهي تكون على سبيل الظن فقد يصيب وقد يخطأ.. بخلاف الرسول الذي يقول يقينا ولا يخطيء فيما أخبر به من أمور غيبية يجزم بحدوثها.
 
3- من حيث سعة المعرفة .. فالعارف معرفته محدودة بقدر ما يلقى في خاطره .. ولكن الرسول معرفته بقدر ما يتلقى من الوحي ويتم تبليغه من الله .
 
4- من حيث الإيمان بالغيب .. لا نؤمن بما يقول به العارف من معارف غيبية لأنه ليس عن وحي .. ولكن ما يقول به الرسول فهو نؤمن به لأنه وحي .
 
- والله أعلم .
 

***********************

.:: س158: ما الفرق بين كلام النبي عن الغيب وبين كلام العراف عن الغيب ؟ ::..

 
- قد تسأل فتقول .. نجد العرافين يخبرون أمورا عن الغيب وقد تحدث .. فكيف نفرق حينئذ بين ما يعرفه العراف والنبي .. حيث أنه من المفترض أن معرفة النبي للغيبيات هي تأييد له ..؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) عليك أن تنتبه للآتي:
1- من حيث اليقين .. معرفة الرسول أو النبي للغيبيات هي معرفة يقينية لا تحتمل الظن أو الشك .. بخلاف معرفة العراف فهو يحتمل الظن والكذب ولذلك علمه يسمى رجما بالغيب وليس علما بالغيب.
 
2- من حيث التلقين .. فالنبي يتلقى من الله .. والعراف يتلقى من الشيطان أو مما يلقاه الشيطان في نفسه من تعريفه للرموز التي يقرأها من خلال ادوات العرافة ..
 
3- من حيث الإيمان بهذه المعرفة .. معرفة الرسول أو النبي للغيبيات هي معرفة يترتب عليها وجوب الإيمان بها لأنها طاعة لله .. ولكن معرفة العراف فهي معرفة واجب الكفر بها والابتعاد عنها لأنها عصيان لله ..
 
4- من حيث التفاصيل ودقتها وكثرتها .. معرفة الرسول أو النبي للغيبيات .. يذكر تفاصيل غيبية لا يمكن لأحد أن يعرفها:
- مثال ذلك في الأمور الدنيوية .. فنجد مثلا النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الوحي تلقينا بنزول كتاب سماوي عليه .. ويخبرنا عن معرفة عالم الجن والملائكة وشرح تفاصيل عنهم .. ومثل ما أطلع الله رسوله على تفاصيل أحوال بعض المنافقين .. ومثل معرفة فتن آخر الزمان التي اخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم وما يصاحب ذلك من أحداث ..
- ومثال معرفة الأمور الغيبية في عالم الآخرة .. مثل معرفة ما يحدث في البرزج من أمور من لحظة قبض الروح إلى نزولها القبر وما يحدث لها فيه .. ومعرفة يوم القيامة وتفصيل ما سيحدث للمؤمن والكافر وقت القيامة .. وما يترتب على ذلك من معرفة الجنة والنار وما سيحدث فيهما ..
 
#- وخلاصة القول:
- معرفة العراف هي معرفة فيها فتنة مخلوطة بظنون ومصحوبة بأكاذيب .. بخلاف معرفة النبي فهي معرفة حق يلازمها اليقين وواجبة الحدوث .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .