بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة الإحسان بشرح معاني العرفان
مفاهيم وخواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية
(الجزء الرابع والعشرون)
* فهرس: خواطر عن
مجاهدة النفس (الجزء الأول) ..1- س1: ما هي مجاهدة النفس والغرض منها ؟2- س2: ما هو شرط مجاهدة النفس ليقبلها الله ؟3- س3: ما هي الكرامة التي يظهر أثرها عليك من مجاهدة النفس في الدنيا والآخرة ؟4- س4: ما هو مدد الله وكرامته في قوله (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا) ؟5- س5: هل تعلم أن النبي قال أن أفضل الجهاد هو جهاد النفس
والهوى ؟ ********************* (مجاهدة النفس):: س1: ما هي مجاهدة النفس والغرض منها ؟ ::.. - كما
سبق وتكلمنا أخي الحبيب عن العبودية .. وقد ذكرنا فيها أن من متطلباتها هو تزكية النفس .. وتزكية النفس تكون عن
مجاهدة للنفس .. فما هو المقصود بمجاهدة النفس ؟ -
أولا: المقصد من مجاهدة
النفس ..1-
مجاهدة النفس .. هو بذل الجهد بأقصى
ما يمكن في مقاومة ومخالفة النفس وتطهيرها لتستقيم مع الله .. 2- وبمعنى آخر: مجاهدة النفس تعنى
أن توجه كل مجهود فيك ليعمل مع الله في كل الأوقات والأماكن قدر المستطاع .. 3- وبمعنى آخر: مجاهدة النفس هي
تسخير قوى النفس الظاهرة والباطنة لخدمة الله. - يعني
نسخر أنفسنا لخدمة الله في الأرض كما أراد الله منا .. أ- فكل حاجة فيها مخالفة لتعاليم الله نبتعد عنها .. سواء كانت في ظاهرنا مثل الأذى باللسان وباليد وتدبير الكيد وما شابه
ذلك .. أو كانت في باطننا مثل ما نضمره في أنفسنا من نفاق وغل وحسد ورياء وغيبة
وما شابه ذلك .. ب- وكل حاجة فيها قرب من الله نفعلها لنتزكى بها .. سواء كانت في ظاهرنا كمساعدة الناس وعمل المعروف والنهي عن المنكر .. أو
كانت في باطننا مثل الصبر والرضا والتوبة والإخلاص وما شابه ذلك .. #-
ثانيا: الغاية
والهدف من مجاهدة النفس ..- لتستقيم مع الله
ظاهرا وباطنا .. فتبتعد عن الذنوب والسيئات قدر المستطاع .. وترتقي بفعل الطاعات
والحسنات قدر المستطاع .. وتكون العاقبة هي الجنة بفضل من الله ورحمه. - يقول تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى
النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات40-41. ************************** ..:: س2: ما هو شرط مجاهدة النفس ليقبلها الله ؟ ::.. #- أما عن شرط مجاهدة النفس ..- حتى
تكون مجاهدة النفس مقبولة عند الله .. فشرط القبول هو أن تكون هذه المجاهدة هي لله .. أي طلبا للوصول لمرضاة الله
وحبه وغفرانه وعفوه ورحمته .. أي تقصد بها وجه الله ولا تقصد بها شيء آخر .. 1- ولذلك قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ
رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات40-41. 2- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (الْمُجَاهِدُ مَنْ
جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند:
إسناده صحيح. -
يبقى شرط قبول المجاهدة في عمومها (سواء كانت مجاهدة
للعدو أو للنفس أو للشيطان) ..
هو أن تكون هذه المجاهدة خالصة
لوجه الله .. يعني أنت تجاهد نفسك في حال إيمانك بالله .. علشان يستقيم حالك مع
الله وتخضع نفسك لتنفيذ مطالب الله وتبتعد عن المحرمات .. فربنا يرضى عنك ويحبك
ويغفر لك ويعفو عنك . -
وليس تجاهد نفسك العدو والنفس والشيطان علشان أمور دنيوية يتكسب من ورائها مال أو
شهرة .. كالذي يقاتل العدو ليقال عنه
أنه محارب عظيم .. والذي يجاهد نفسه ويريد من وراء ذلك تحقيق خوارق عادات أو اتصال
بروحانيات لتخدمه أو ما شابه .. وكالذي يجاهد الشيطان ليقال عنه أنه قاهر الشياطين
والراقي العظيم أو ليتكسب أجر من وراء ذلك .. فكل ذلك المقصد منه تحقيق منفعة
دنيوية الغرض منها تحقيق الشهرة للشخص أو المال .. وهذه المعاملات والأفعال ليست في
سبيل الله .. 3- ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (جاءَ رجلٌ إلى
النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ ، فقالَ : أرأيتَ رجلًا غزا يلتمسُ الأجرَ
والذِّكرَ ، ما لَهُ ؟ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لا شيءَ
لَهُ .. فأعادَها ثلاثَ مرَّاتٍ يقولُ لَهُ رسولُ اللَّهِ: "لا شيءَ لَهُ"
.. ثمَّ قالَ : إنَّ اللَّهَ لا يقبلُ منَ العملِ إلَّا ما كانَ لَهُ خالصًا ، وابتغيَ
بِهِ وجهُهُ) صحيح النسائي. #-
من معاني الحديث السابق:- قوله (غزا): أي خرج للجهاد . - قوله (الأجر والذكر): أي الأجر والمثوبة من الله .. وأيضا
يطلب الشهرة والمدح والثناء من الناس .. - قوله (إنَّ اللَّهَ لا يقبلُ منَ العملِ): أي عمل في العبادات أو المعاملات .. أقوال أو أفعال
.. - قوله (خالصا): أي لا مصلحة أو منفعة نفسية من وراء هذا
العمل . - قوله (ابتغى به وجهه): أي المقصد من وراء العمل هو طلب رضا
الله عليه وأن يكون الأجر والثواب من الله لا من غيره. 4- وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : (إنَّ اللَّهَ
لا يَنْظُرُ إلى صُوَرِكُمْ وأَمْوالِكُمْ، ولَكِنْ يَنْظُرُ إلى قُلُوبِكُمْ وأَعْمالِكُمْ)
صحيح مسلم. #- خلاصة القول:- أن الأعمال والتي منها مجاهدة النفس .. لابد فيها من
الإخلاص لله .. لأنها مجاهدة نفس لله وليس لشيء آخر .. فأنت تريد الأجر والثواب من
الله .. وتريد الرضا والعفو والمغفرة والرحمة من الله وليس من غيره. ******************* ..:: س3: ما
هي الكرامة التي يظهر أثرها عليك من مجاهدة النفس في الدنيا والآخرة ؟ ::.. - مجاهدة النفس
بإخلاص لله .. لها كرامة يظهر أثرها في الدنيا والآخرة .. 1-
في الدنيا: هو تحقيق الاستقامة مع الله
وطاعته والخضوع له جل جلاله .. وهذا وعد من الله إن أخلصت لله في مجاهدتك .. حيث
يقول تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ
سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت69. #- والمعنى من التفسير الميسر:- والمؤمنون الذين جاهدوا أعداء الله، والنفس،
والشيطان، وصبروا على الفتن والأذى في سبيل الله، سيهديهم الله سبل الخير، ويثبتهم
على الصراط المستقيم، ومَن هذه صفته فهو محسن إلى نفسه وإلى غيره. وإن الله سبحانه
وتعالى لمع مَن أحسن مِن خَلْقِه بالنصرة والتأييد والحفظ والهداية. (انتهى النقل من التفسير). 2-
في الآخرة: يترتب على مجاهدة النفس الفوز
بالجنة .. وهذا وعد من الله إن أخلصت لله .. حيث يقول تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى
النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات40-41. #- والمعنى من التفسير الميسر:- وأمَّا مَنْ خاف القيام بين يدي
الله للحساب، ونهى النفس عن الأهواء الفاسدة، فإن الجنة هي مسكنه. (انتهى النقل من التفسير). - ويقول تعالى: (وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ
لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى (75) جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ
جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى) طه75-76. #- والمعنى من التفسير الميسر:-
ومن يأت ربه مؤمنًا به قد عمل الأعمال الصالحة فله المنازل العالية في جنات
الإقامة الدائمة، تجري من تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا، وذلك النعيم
المقيم ثواب من الله لمن طهَّر نفسه من الدنس والخبث والشرك، وعبد الله وحده
فأطاعه واجتنب معاصيه، ولقي ربه لا يشرك بعبادته أحدًا من خلقه. (انتهى النقل من التفسير). ********************* ..:: س4: ما
هو مدد الله وكرامته في قوله (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) ؟ ::.. - يقول تعالى (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ
اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) العنكبوت69. #- قلت
(خالد صاحب
الرسالة):-
أولا: المقصد من المجاهدة
في الله ..- المجاهدة في الله
.. تعني مجاهدة للعدو وللنفس وللشيطان ..- ولكن نهتم هنا
بمجاهدة النفس تحديدا لأنها محور كلامنا .. ونلاحظ أن مجاهدة النفس لا تعني فقط
مجاهدة النفس بتخليتها من شهواتها المذمومة ظاهرا وباطنا لتستقيم مع الله .. وإنما
تعني مجاهدة النفس تقويم النفس لتحليتها بما يحبه الله منا ظاهرا وباطنا .. #-
ثانيا: تأمل قوله تعالى (فينا) ..- فالمجاهدة التي
يفعلها الإنسان أي كل مقاومة يفعلها الإنسان وبذل ومجهود تكون في طلب مرضاة الله
.. وليس لأنك تريد ان تكتسب من وراء ذلك قدرات خاصة أو ليقال عنك أنك القديس
الزاهد أو صاحب الكرامة أو لكسب مال أو شهرة خاصة كما سبق وأوضحنا ذلك .. -
فحينما تجاهد نفسك حتى تستقيم مع الله .. فلا تنسى قوله تعالى (جاهدوا فينا) أي
تجاهد في طلب مرضاة الله .. #-
ثالثا: التوفيق للهداية هي
ثمرة مجاهدتك في الله ..- تأمل قوله (لَنَهْدِيَنَّهُمْ) .. أتي بحرف اللام للتأكيد
الجازم بأنه سيمدك بمدد الهداية أي التوفيق والإرشاد .. والسُبل هي الاعمال
الموصلة إلى مرضاة الله .. أي أن الله سيجعل لك مددا من عنده لك بالإرشاد إلى ما
فيه الخير لك الذي يجعلك موصول بالله .. وذلك حينما يرى صدق مجاهدتك فيه .. #-
رابعا: المجاهدة تدخلك باب
الإحسان ..-
تأمل قوله تعالى (وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) .. وكأن
المجاهد في الله .. هو من المحسنين في العمل مع الله .. ودوام المجاهدة يكسبك صفة
المحسن في العمل مع الله .. وطالما أنت كذلك وتداوم على ذلك .. فقد أكد لك الله
تأكيد بيقين بأن المحسنين الذين حالهم هو دوام الإحسان مع الله قدر استطاعتهم
ويحافظوا على ذلك فهم في معية الله أي عنايته ورعايته وحفظه ولا يخافون ويستبشرون
برحمة من الله وفضلا .. ************************* ..:: س5: هل
تعلم أن النبي قال أن أفضل الجهاد هو جهاد النفس والهوى ؟ ::.. #-
أولا: الأحاديث التي أشار
فيها النبي بأن جهاد النفس والهوى من أفضل الجهاد . 1- جاء
في الحديث .. عن أبي ذر الغفاري عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: (أفضل الجهاد أن يجاهد الرجل نفسه
وهواه) راه أبو نعيم في الحلية والديلمي .. وذكره الألباني في صحيح الجامع. - قوله (الهوى) .. هو الحب الذي بلغ في النفس مبلغا مطلوب
تحقيقه بأي طريقة كانت سواء بالحق أو بالباطل .. وغلب استخدام هذا اللفظ في
الانتصار للباطل وما ترغبه النفس من شهوات مذمومة ومحرمة ومضللة ومنحرفة عن الحق
.. لأنها لا تريد هدى الله ..- وجهاد الهوى هو
جزء من جهاد النفس .. - ولذلك قال تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ
رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) النازعات40-41. - والمعنى من التفسير الميسر: وأمَّا مَنْ خاف القيام بين يدي
الله للحساب، ونهى النفس عن الأهواء الفاسدة، فإن الجنة هي مسكنه. (انتهى النقل من التفسير). 2- وعن
فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألَا أُخْبِرُكُم مَنِ المُسلِمُ؟ مَن سَلِمَ المُسلِمونَ مِن لِسانِه
ويَدِه، والمُؤمِنُ مَن أمِنَه الناسُ على أمْوالِهِم وأنْفُسِهم، والمُهاجِرُ مَن
هَجَرَ الخَطايا والذُّنوبَ، والمُجاهِدُ مَن جاهَدَ نَفْسَه في طاعةِ اللهِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: صحيح. -
وفي رواية عن فضالة بن عبيد بلفظ: (الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ)
رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح. 3-
وجاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أفْضَلُ المؤمنين
إسلامًا من سلم المسلمون من لسانهِ ويَده، وأفضَلُ المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا،
وأفْضَلُ المهاجرين من هَجَرَ ما نهى الله عنه، وأفْضلُ الجهادِ من جاهَدَ نَفسَهُ
في ذات الله) رواه الطبراني .. وذكره الألباني في صحيح الجامع . #- ثانيا: من معاني الحديث السابق:-
سنجد أن الحديث بأكمله يتحدث عن الأفضلية التي يرتقي بها الإنسان في معاملاته وعباداته إلى كمال العبودية .. ولكن
الأفضلية هنا ليست مطلقة وإنما المقصد هو أن من أفضل صفات المسلم والمؤمن والمهاجر
والمجاهد هو كذا .. - وقد بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بالمعاملات للدلالة على
أهميتها من خلال أفضلية المسلم والمؤمن .. ثم انتقل إلى ما
فيه تقويم النفس لتستقيم في العلاقة مع الله من خلال أفضلية المهاجر والمجاهد
.. 1- أفضلية المسلم .. تظهر في منع الأذى عن الناس .. واظهر اللسان وبدأ به لأن غالبية الأذى تكون
باللسان .. ثم باليد .. 2- أفضلية المؤمن .. تظهر في منح العطاء للناس بكل وجه من وجوه الأدب معهم .. ويقصد به الإحسان
إلى الغير . 3- أفضلية المهاجر .. تظهر في الذي يهاجر إلى الله ظاهرا وباطنا .. فظاهرا يترك المكان المملوء
بالفساد ويبتعد عنه .. وباطنا يعقد العزم على ترك ما فيه شهوات نفسية مذمومة أو
انفعالات باطنية مقبوحة كالغل والشك والرياء وما شابه ذلك .. -
فالمهاجر يهاجر إلى الله .. وطالما يهاجر أي
قرر الانتقال من مرحلة في حياته إلى مرحلة أخرى .. وهي الانتقال من الظلام والغفلة
إلى النور واليقظة حتى يبدأ يستقيم حاله مع الله . -
وهذه الهجرة إلى الله هي حقيقة العزلة المطلوبة من المؤمن بأن يعتزل المعاصي
ويهجرها .. وليس أن يختبيء في مكان
ويزعم أنه يقهر نفسه ويبتعد عن الحياة ..
لا .. وإنما الهجرة الصحيحة هي ترك ما لا يحبه الله .. مع ترك الأسباب التي تؤدي
إلى ذلك .. فمثلا سأمتنع عن التدخين وبالتالي سأمتنع عن الأماكن التي فيها التدخين
كالكافيهات .. وهكذا .. 4- وأفضلية الجهاد .. تكمن في مقاومة وبذل جهد مع النفس لتستقيم مع الله فتفعل ما طلبه الله منك
وتجتنب ما نهاك عنه .. ولكن الشرط هو أن يكون ذلك ابتغاء وجه الله .. أي تفعل هذه
المجاهدة النفسية محبة منك في الله .. وهي مقاومة النفس الأمارة بالسوء حتى تستقيم
في طاعة الله .. -
والحديث نجد فيه أن النبي لم يقل فيه (وأفضل المجاهدين) .. وإنما قال (أفضل الجهاد) .. فأتى بالاسم
ولم يأتي بالمسمى لأنه أراد تخصيص نوع معين من الجهاد أرادك أن تنتبه إليه وهو
جهاد النفس .. لأن هذا الجهاد هو الملازم لك طوال حياتك وليس في فترة ما مثل جهاد
العدو .. وبالتالي فجهاد النفس هو الذي غالبا يترتب عليه كمالات العبد في علاقته
بالله .. حيث كلما ارتقي في مجاهدة نفسه وغلبها كلما ارتقى في عبوديته لله وتمكن
الإيمان والهدى من قلبه .. #- ثالثا:
ملاحظات على الأحاديث
السابقة التي جمعت بين المجاهد والمهاجر:1-
قد يقصد في الأحاديث السابقة .. أن المجاهد أو جهاد النفس هو الذي يفعل الطاعات على
وجه الخصوص .. لأنه ذكر أن المهاجر هو الذي يترك المنهيات .. 2-
وقد يكون المقصود أنه أتى بما خاص أولا وهو ترك الذنوب والخطايا للتنبيه عليه والإهتمام بوجوب تركه .. ثم أتى بما
هو عام ثانيا لأن مجاهدة النفس تشمل فعل الطاعات وهجر المعاصي والذنوب ..- والله أعلم . #- رابعا: تنبيه مهم أخي الحبيب
..1- لا تصح لك مجاهدة بدون هجر وترك ما كنت عليه من الذنوب والخطايا
.. وإلا فكيف ستفعل الطاعات
وأنت مثقل بذنوب دائم على فعلها .. فلابد من توبة عن الذنوب التي أمرك بأن تبتعد
عنها .. حتى تبدأ تظهر فيك عزيمة الطاعة .. وإلا فكيف يصح حال المريض وهو لازال
ملازم على أسباب مرضه .. 2-
والمسلم والمؤمن والمجاهد والمهاجر .. كلهم شخص واحد ولكن باعتبار سعيه إلى الله من خلال أفعاله وأقواله .. وكلما
ظهرت عليه أفعال من التي أظهرها الحديث فهو قد اكتسب هذه الصفة فيه وبالتالي يزيد
إيمانه وعبوديته لله .. فكلما أحسن في إسلامه وإيمانه وهجره وجهاده لنفسه .. كلما
ارتقي في عبوديته لله .- والله أعلم. **********************..:: س6: ما
الفرق بين مجاهدة النفس وتزكية النفس ؟ ::.. - قد يخطر على بالك
أخي الحبيب .. الفرق بين تزكية النفس ومجاهدة النفس .. 1- تزكية النفس مفهومها يتطابق مع مفهوم
مجاهدة النفس من حيث التخلية والتحلية .. أي الهدف هو تخلية النفس من كل مذموم
وتحليها بكل محمود. 2-
ولكن في الحقيقة يختلفا من حيث
الأصل والوسيلة لتحقيق هذا الأصل .. فالأصل هو تزكية النفس وسيلتها هي مجاهدة
النفس .. يعني حتى تصل إلى تزكية النفس فعليك بمجاهدة النفس .. 3- فإذا وجدت بعض الكتب يشير إلى جملة (مجاهدة النفس وتزكيتها) .. فهو يقصد بذلك تخلية النفس من كل قبيح وتحلية
النفس بكل مليح .. حيث قد جمع الأصل والوسيلة معا .. 4- وإذا وجدته يتكلم عن التزكية فقط .. فهو
يقصد الأصل والقدر الواجب فعله لتطهر نفسك .. ثم يتطرق بعد ذلك لكيفية الوصول لهذه
التزكية ويكون من خلال المجاهدة للنفس .. 5- وإذا وجدته يتكلم عن مجاهدة النفس فقط .. فقط يقصد بها الوسائل والأفعال الواجب فعلها حتى تصل إلى تزكية النفس لأن
المجاهدة هي وسيلة التزكية .. 6- وبعض الكتب قد يشير للتزكية بأنها التحلية بفعل
الطاعات وكل ما هو محمود .. ويشير لمجاهدة النفس بأنها التخلية من فعل السيئات
وكل ما هو مذموم .. #- وخلاصة القول:- كلا
من تزكية النفس ومجاهدتها .. ينصب في اتجاه
واحد وهو تخلية وتحلية النفس ابتغاء مرضاة الله . #- وإذا
كانت مجاهدة النفس هي الوسيلة والطريقة التي يتبعها الإنسان للوصول لقدر كريم من تزكية النفس ..
حتى يرتقي في العبودية لله .. فنجد أنه من المهم أن نذكر شيئا من الطرق والأفعال
التي يتبعها الإنسان في مجاهدته لنفسه طلبا لله ومحبة له وليرتقي في عبوديته لله ..
وهذا هو ما نتكلم عنه إن شاء الله في السؤال القادم ..
*********************
..::
س7: كيف تجاهد نفسك حتى ترضي الله ؟ ::..
*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .
ماشاء الله ...
ردحذفجميل جداا .. ربي يفتح عليك بالمزيد
وينفعنا ويحققنا بكل ما ترشدنا اليه ويثبتنا
ربي يبارك فيك استاذنا الفاضل
ويحيطك بالنور ويملأ قلبك بالسرور
امين يارب العالمين
وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّى سَيَهْدِينِ"الصافات99
ردحذفاللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم وحققنا بحقيقة الهجرة إليك ظاهرا وباطنا
أكرمك الله استاذنا الفاضل وبارك الله في صحتك ووقتك
ردحذفاللهم أعنا على ذكرك و شكرك وحسن عبادتك
جزاك الله كل خير وامدك بمدد النور والصحة والسرور
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد صلاة تدوم بدوام الحي القيوم وعلى اله وسلم
قال البوصيري = صاحب قصيدة البردة
ردحذفوخالف النفس والشيطان وأعصهما وأن هما محضاك النُصح فأتهمي
طيب
ردحذفإذا خالفت النفس + زكيت النفس ، إيه إللي بيحدث ؟!
الجواب
بيحدث = تجلي = ترقي بالانسان
.................................................
يعني
التخلي + التحلي = تجلي
يعني = جهاد النفس = تخلي
يعني = تزكية النفس = تحلي
و
بعد التخلي والتحلي = بيحدث التجلي
والله أعلم
.............................................
التزكية ليست تخلي فحسب
حذفوليست تحلي فحسب
وليست تجلي فحسب
انما 👈 التزكية حصيلة ( تخلي وتحلي وتجلي )
والتي تبدأ ب 👈 المجاهدة ( تخلي وتحلي ) ..
وتنتهي ب ( التجلي ) .. بعد ان يُنمّي الله فيها الخير ويبارك فيه [ وزكها أنت خير من زكاها انت وليها ومولاها ] - " وَمَن یَقۡتَرِفۡ حَسَنَةࣰ نَّزِدۡ لَهُۥ فِیهَا حُسۡنًاۚ " - " وسَنزيدُ المُحسِنين "
هذا .. والله أعلم
اللهم اجعلنا من الذين جاهدوا أنفسهم لطلب مرضاة الله وربنا يجازيكم كل خير والله والله بنتعلم منكم..
ردحذف
ردحذفاطع أمرنا نزل عنك حجبنا
فتبصر بنورنا و تسلم لأمرنا
وتفنى في حبنا فلا ترى غيرنا
وتوافق مشيئتك مشيئتنا
فتكون نورنا لخلقنا
حضرة القدوس لا يدخلها عبيد النفوس
تخلى عنك تلقنى
قال الشيخ عبدالقادر
ردحذفالجيلاني لغلامه:
((یاغلام: لا يكن همك ما
تأكل وما تشرب ،وما
تلبس وما تنكح , وما
تسكن وما تجمع ،كل هذا
هم النفس والطبع فأين
هم القلب ،همك ما أهمك
فلیکن همك ربك عز وجل
وما عنده)) .
#تذكير:
ردحذفمن وصايا الاستاذ خالد أبو عوف
من أجل الوصول للقلب السليم بطهارات التالية :
#طهارة الظاهر : الجسد ، المكان ،الثوب
طهارة الباطن : صدق العبادة، حسن المعاملة مع الناس ابتغاء مرضاة الله.
#مجاهدة النفس بالتخلية ( تخلية نفس من كل صفات المذمومة من كبر وغرور وحقد وحسد....)
تحلية النفس بصفات التي ترضي الله ( حب ، مسامحة ، رضا ، عفو ، حسن ظن...)
#طهارة التوحيد:
لا إله إلا الله
إبتدأت بالنفي ثم الاثبات
#النفي : تخلية و تحلية ( تنزيه الله عن كل شرك ونقص، وتخلية القلب من كل صفات سيئة تكون حجاب و تحليته بكل ما يرضي الله عز وجل )
#الاثبات : تجلي نور الله (انوار الله هي الصفات القلبية من رضا و يقين وصدق واخلاص، وحكمة و بصيرة ......)
كلما تخلى القلب و نفي كل صفات السيئة وتحلى وتجمل بالصفات الجميلة أشرقت عليه أنوار الله
#الإخلاص في العمل دائما وأبدا النية هي إبتغاء وجه الله و رضاه
#الرضا القلبي التام بما يقدره الله ويقتضيه الأمر منه و عائد إليه وهو من أراده
دوام الإستغفار و التوبة و الإنابة سواء بوجود ذنب أو عدم وجوده، ولا تجعل ذنب حاجز لك عن عبادة الله إتبع السيئة بالحسنة و إجعله سبب انكسارك بين يديه
#تذكر دائما أنه لا حول ولا قوة لك إلا بالله العلي العظيم
شهادة التوحيد و هي شهادة التقوى كلما اتقى القلب ذاق وعرف .. التقوى تاتي بالقلب
#العمل بالتقوى هو نطق لشهادة التوحيد ومن نطق بشهادة التوحيد فقد الزم نفسه بالتقوى
شهادة التوحيد هي الاخلاص لله عز وجل
بصدق ويقين بصدق التوجه لله طلبا لرضاه و ابتغاء وجهه الكريم
ومن هنا يظهر ان شهادة التوحيد يربط تحققها في القلب من خلال الصفات القلبية كالاخلاص و الصدق و اليقين.....
#ومن هنا تأتي التجليات الإلهية على قلب العبد (التجليات كالخواطر الطيبة و الحكمة و الرضا والسكينة...)
وجوب تجديد شهادة التوحيد في كل حين و العمل بها اخلاصا لله
تنقية القلب من كل إله غير الله ( أي تعلق بغيره وأي انشغال بغيره واي صفة مذمومة هي حجاب للقلب عن الله عز وجل )
لذا وجب التخلي و التحلي من أجل التجلي
#لا يتم أي شيء بدون طلب المعونة من الله عز وجل لا تخلي ولا تحلي ولا قرب ولا ذكر إلا بمعونة الله عز وجل بلا حول ولا قوة إلا بالله
وجوب طلب المدد داىما وأبدا من الله عز وجل
و الله أعلى و أعلم.
#عطر_الجنة
اللهم آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها ..
ردحذفاللهم صل على سيدنا محمد صلاة ترزقنا بها الإخلاص لك والرضا عنك وعلى آله وسلم ..
بارك الله فيك أستاذنا الحبيب وامدك بالصحة والعافية دايما يارب
ردحذفاللهم اتي نفوسنا تقواها وزكها انت خير من زكاها انت وليها ومولاها.
اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تطهر بها العقل والفؤاد وتدخلنا بخا حضرة القرب والوداد وعلى آله وسلم
جزاك الله خير الجزاء
ردحذفجزاك الله الجنة و والديك أستاذنا...ربنا يمدك بمدده أكثر و أكثر يا رب.. و ربنا يعينا على أنفسنا و يثبتنا .. اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تدوم بدوام الحي القيوم و على اله و سلم
ردحذفمن اروع حكم و مواعظ المفكر المصري الذكتور مصطفى محمود رحمه الله مقولة " نقاوم مانحب و نتحمل مانكره "
ردحذفجاعلا لقصة طالوت و جنوده عبرةودرس للصراع مع النفس والشهوة.
فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ۚ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ"
ربط الإنتصار في المعركة بالإنتصار على النفس والقلة الناجية هي دائما المنتصرة على شهوة النفس فإن الشيطان و النفس هما ألد اعداء الانسان و لم نجد من اهل العلم من ذمر ايهما اعظم خطرا وقد ورد في الأثر : أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك