ج26: رسالة الإحسان خواطر قلبية - أين تجد في نصوص الشريعة وصف (آل محمد) و(أهل البيت) و (آل البيت) - من هم المقصودين ب (آل محمد) - ما الفرق بين الآل والأهل - ما الراجح من الأقوال في تعريف (آل محمد) عند الصلاة عليهم - هل يقصد بأهل البيت هم أهل العباءة فقط بدلالة قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) - من هم أهل العباءة وأهل الكساء والعترة الطيبة.

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة الإحسان بشرح معاني العرفان

مفاهيم وخواطر قلبية حول معاني إيمانية وروحية

 (الجزء السادس والعشرون)

* فهرس:

- خواطر عن آل محمد - آل البيت – وأهل البيت – وأهل الكساء – وأهل العباءة - والعترة الطيبة ..

1- س1: أين تجد في نصوص الشريعة وصف (آل محمد) و(أهل البيت) و (آل البيت) ؟

2- س2: من هم المقصودين ب (آل محمد) ؟  

3- س3: ما الفرق بين الآل والأهل ؟

4- س4: ما الراجح من الأقوال في تعريف (آل محمد) عند الصلاة عليهم ؟

5- س5: هل يقصد بأهل البيت هم أهل العباءة فقط بدلالة قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ؟

6- س6: من هم أهل العباءة وأهل الكساء والعترة الطيبة ؟

**********

..:: س1: أين تجد في نصوص الشريعة وصف (آل محمد) و(أهل البيت) و (آل البيت) ؟ ::..

 

- يوجد في نصوص الشريعة ما يسمى بهذا التوصيف (آل محمد) و (أهل البيت) .. ودليل ما سبق هو الآتي:

 

#- أولا: النصوص التي أتي فيها لفظ (آل محمد):

1- عن كعب بن عجرة قال: (إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَرَجَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ، قدْ عَلِمْنَا كيفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قالَ: فَقُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) صحيح البخاري.

 

- وفي رواية أخرى بلفظ: (قُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ، هذا السَّلَامُ عَلَيْكَ، فَكيفَ نُصَلِّي؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ عَبْدِكَ ورَسولِكَ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ، وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وآلِ إبْرَاهِيمَ) صحيح البخاري.

 

- وفي رواية بلفظ: (قولوا: اللَّهمَّ صَلِّ على محمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ وعلى آلِ محمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ على إبراهيمَ وآلِ إبراهيمَ، وبارِكْ على محمَّدٍ النَّبيِّ الأُمِّيِّ، كما بارَكْتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ، إنَّك حَميدٌ مَجيدٌ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

 

- وفي رواية بلفظ: (يَا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) صحيح البخاري.

 

2- وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (صلُّوا عليَّ واجتَهدوا في الدُّعاءِ وقولوا اللَّهمَّ صلِّ على محمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ) صحيح النسائي.

 

3- قول السيدة عائشة: (ما شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ حتَّى لَحِقَ باللَّهِ) صحيح البخاري.

 

- قوله (آل محمد): يقصد به زوجاته وذريته .. وهم خاصة أهل بيته .

- قوله (خبز مأدوم): أي خبز مصحوب بطعام .. وفي ذلك إشارة إلى أن غالب حالهم هو اكل الطعام بالخبز حاف دون أي طعام آخر .. دلالة على ضيق العيش والزهد في الدنيا .

 

4- وعن أبي هريرة أن النبي طلب من الله فقال: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا) صحيح مسلم.

 

- قوله (آل محمد): يقصد به هنا زوجاته وذريته.

- قوله (قوتا): أي يسد الرمق .. ويقصد به حد الكفاف الذي يسند به قوته ويعينه على تأدية رسالته ولا يجعله يحتاج إلى أحد.

 

- ويوجد أدلة كثيرة على وجود (آل محمد) .. وهم الذين يتم تسميتهم بآل البيت النبوي .. لأن محمد هو النبي صلى الله عليه وسلم .

 

#- ثانيا: الأدلة على وجود وصف (أهل البيت):

1- قوله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الأحزاب33.

 

#- والمعنى من التفسير الميسر:

- والْزَمْنَ بيوتكن، ولا تخرجن منها إلا لحاجة، ولا تُظهرن محاسنكن، كما كان يفعل نساء الجاهلية الأولى في الأزمنة السابقة على الإسلام، وهو خطاب للنساء المؤمنات في كل عصر. وأدِّين - يا نساء النبي - الصلاة كاملة في أوقاتها، وأعطين الزكاة كما شرع الله، وأطعن الله ورسوله في أمرهما ونهيهما، إنما أوصاكن الله بهذا؛ ليزكيكنَّ، ويبعد عنكنَّ الأذى والسوء والشر يا أهل بيت النبي -ومنهم زوجاته وذريته عليه الصلاة والسلام-، ويطهِّر نفوسكم غاية الطهارة. (انتهى النقل من التفسير).

 

2- وقال كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه: (سَأَلْنَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ؛ فإنَّ اللَّهَ قدْ عَلَّمَنَا كيفَ نُسَلِّمُ علَيْكُم ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما صَلَّيْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كما بَارَكْتَ علَى إبْرَاهِيمَ وعلَى آلِ إبْرَاهِيمَ؛ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) صحيح البخاري.

 

- قوله: (قد علمنا كيف نسلم عليك): أي في التشهُّد .. وهو أن نقول: سلامٌ عليك أيُّها النبيُّ ورحمة الله وبركاته.

 

- وفي هذه الرواية السابقة أتى لفظ (أهل البيت) ولفظ (آل محمد) ..

 

3- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَيُّهَا النَّاسُ فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ فيه الهُدَى وَالنُّورُ فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي ..) صحيح مسلم.

 

#- من معاني الحديث:

أ- قوله (الثقلين): وسُمُّوا بذلك لعظم قدرهما ومكانتهما ..

- ولعل المراد بأن من يعمل بحقهما يكون ذلك سببا في ثقل موازين أعماله يوم القيامة .. هذا رأيي والله أعلم .

 

ب- قوله (فخذوا بكتاب الله): علما وحفظا .. ومن جملة ما في كتاب الله يكون الأخذ والعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لقول الله: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر:7 ..

 

ج- قوله (استمسكوا به): أي عملا وعقيدة .

 

د- قوله (فحث): أي قام بتحريض المؤمنين ورفع عزائمهم على حق القيام به .

 

هـ- وأهل بيته في الحديث يقصد بهم – والله أعلم: هم نساء النبي ، وآلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ ..

 

و- قوله (أذكركم الله في أهل بيتي): أي انبهكم إلى أن تتقوا الله في أهل بيتي وتعتنوا بهم وتراعوا حقوقهم ..

#- وقال الإمام نور الدين علي الهروي القاري رحمه الله في المرقاة (ج9 ص3967) .. في شرح قوله (أذكركم الله في أهل بيتي):  

"وَالْمَعْنَى: أُنَبِّهُكُمْ حَقَّ اللَّهِ فِي مُحَافَظَتِهِمْ وَمُرَاعَاتِهِمْ وَاحْتِرَامِهِمْ وَإِكْرَامِهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَمَوَدَّتِهِمْ .. وَقَالَ الطِّيبِيُّ، أَيْ: أُحَذِّرُكُمُ اللَّهَ فِي شَأْنِ أَهْلِ بَيْتِي وَأَقُولُ لَكُمُ: اتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُؤْذُوهُمْ وَاحْفَظُوهُمْ، فَالتَّذْكِيرُ بِمَعْنَى الْوَعْظِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَعَظَ وَذَكَّرَ". (انتهى النقل) .

 

#- ثالثا: بخصوص وصف (آل البيت) ..

1- لم أجد في نصوص الشريعة الصحيحة حسب ما توافر عندي من مراجع علمية .. وصف (بآل البيت) بهذا التركيب .. وما وجدته كان حديث ضعيف وهو (المهديُّ منا آلَ البيتِ يُصلحُه اللهُ في ليلةٍ) رواه بن عدي في الضعفاء ..

- وفي رواية أخرى بلفظ: (المَهْديُّ منَّا أهلَ البيتِ، يُصلِحُه اللهُ في ليلةٍ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف.

 

2- لكن مصطلح (آل البيت) متداول في كتب أهل العلم .. فهو مصطلح عام يجمع قرابة النبي صلى الله عليه وسلم .. ويقصد به إما أهل بيته زوجاته وذريته أو بنو هاشم والمطلب أو غير ذلك .. وذلك حسب سياق الكلام وما المقصود منه .. وذلك على اختلاف بين العلماء في المقصود من (آل محمد) و (أهل البيت) .. ولذلك من يكتب التوصيف يكتب بعده ما المقصود من هذا التوصيف .. أي من يكتب مثلا (آل محمد) فهو يكتب أنه يقصد به كذا وكذا ..

 

#- وخلاصة القول فيما سبق:

1- لم أجد في نصوص الشريعة نص صريح أتى فيه لفظ (آل البيت) ويقصد به آل البيت النبوي .. وما وجدته فهو ضعيف ولا يحتج به .. ولكن هو مصطلح يقصد به في الإجمال (آل محمد وأهل بيته) صلى الله عليه وسلم ..

 

2- وجدت ما هو صحيح في نصوص الشريعة وهما وصف (آل البيت) ووصف (أهل البيت) ..

 

- ولكن ما الفرق بينهما عند العلماء ..؟!! وهذا ما سنبحثه في الأسئلة التالية إن شاء الله تعالى ..

 

************************

 

..:: س2: من هم المقصودين ب (آل محمد) ؟ ::..

 

#- اختلف العلماء في فهم المراد من (آل محمد) في حديث الصلاة على النبي .. على أقوال:

- أولا: قيل: المراد بآل محمد هم أزواجه وذريته .. لحديث البخاري (اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ .. وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) صحيح البخاري.

 

- فالحديث السابق تم ذكر الأزواج والذرية ولم يظهر لفظ الآل .. وكأن المقصود من لفظ (الآل) هم أهل البيت المقربون وهم الأزواج والذرية .. ولعل يؤيد ذلك أيضا هو ما جاء في لفظ حديث كعب بن عجرة الذي جاء فيه (كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ؛ فإنَّ اللَّهَ قدْ عَلَّمَنَا كيفَ نُسَلِّمُ علَيْكُم ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ....) صحيح البخاري.

 

- وقد جاء في الحديث: (اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ قُوتًا) صحيح مسلم..، ويقصد بآل محمد هنا هم الأزواج والذرية ..

 

- ثانيا: وقيل: أنهم أتقياء أمته بصفة خاصة .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (إنَّ أهلَ بيتي هؤلاءِ يرَوْنَ أنَّهم أَوْلى النَّاسِ بي وإنَّ أَوْلى النَّاسِ بي المتَّقونَ مَن كانوا وحيث كانوا) صحيح بن حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده قوي.

 

- وفي رواية ضعيفة السند .. عن أنس بن مالك قال: (سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ؟ فَقَالَ: " كُلُّ تَقِيٍّ ". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} [الأنفال: 34]) رواه الطبراني .. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه نوح بن أبي مريم وهو ضعيف.

 

- ثالثا: وقيل: أنهم من حرمت عليهم الزكاة .. وهم آل علي، وآل جعفر، وآل عقيل، وآل العباس .. كما جاء في الحديث عن زيد بن أرقم حيث ذكر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ("أَلَا أَيُّهَا النَّاسُ، فإنَّما أَنَا بَشَرٌ يُوشِكُ أَنْ يَأْتِيَ رَسولُ رَبِّي فَأُجِيبَ، وَأَنَا تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ: أَوَّلُهُما كِتَابُ اللهِ، فيه الهُدَى وَالنُّورُ، فَخُذُوا بكِتَابِ اللهِ، وَاسْتَمْسِكُوا به، فَحَثَّ علَى كِتَابِ اللهِ وَرَغَّبَ فِيهِ، ثُمَّ قالَ: وَأَهْلُ بَيْتي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتِي، أُذَكِّرُكُمُ اللَّهَ في أَهْلِ بَيْتي".

- فَقالَ له حُصَيْنٌ: وَمَن أَهْلُ بَيْتِهِ يا زَيْدُ ؟ أَليسَ نِسَاؤُهُ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ ؟ قالَ: نِسَاؤُهُ مِن أَهْلِ بَيْتِهِ .. وَلَكِنْ أَهْلُ بَيْتِهِ مَن حُرِمَ الصَّدَقَةَ بَعْدَهُ .. قالَ "حُصَيْنٌ": وَمَن هُمْ ؟ قالَ "زَيْدُ": هُمْ آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ، قالَ "حُصَيْنٌ": كُلُّ هَؤُلَاءِ حُرِمَ الصَّدَقَةَ ؟ قالَ "زَيْدُ":  نَعَمْ) صحيح مسلم .

 

- وفي رواية بلفظ: عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ التَّيْمِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ يَقُولُ: (قِيلَ لَهُ: مَنْ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: «مَنْ تُحْرُمُ عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ» قِيلَ: مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «آلُ عَلِيٍّ، وَآلُ عَقِيلٍ، وَآلُ جَعْفَرٍ، وَآلُ عَبَّاسٍ») رواه عبد الرزاق.

 

- رابعا: وقيل: أن أل البيت هم بنو هاشم والمطلب .. واستدلوا بذلك من قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) الأنفال41..

- وذوي القربي هنا تم تفسيرها عند البعض بأنهم بنو هاشم وينو المطلب .. لأنه في فتح حصن خيبر كان للنبي الخمس من هذا المغنم وأعطى منه بنو عبد المطلب وبنو هاشم .. وقال صلى الله عليه وسلم: (إنَّما بَنُو المُطَّلِبِ وبَنُو هَاشِمٍ شَيءٌ واحِدٌ) صحيح البخاري..

- ولذلك من ظن أن بنو هاشم والمطلب هم ذوي قرابة النبي في الآية .. وهذا أحد أوجه تفسير الآية .. وبالتالي فهم آل النبي صلى الله عليه وسلم.

 

- خامسا: وقيل: أنهم كل أمته دون تخصيص .. لأن لفظ الآل يقال على أهل الرجل وأتباعه ، وأولياؤه.. وقد قال تعالى: (آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ) القمر34 .. وقال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ) القمر41 ..  والمراد بقوله (آل) في الآيتين هم الأتباع الذين اتبعوه في عقيدته ..

 

- والذي قد يدل على أن آل محمد هم الأتباع له .. ما رواه الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أنس بن مالك قال ( كان لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم موليانِ حبشيٌّ وقبطيٌّ .. فاستبَّا يومًا "أي شتم أحدهما الآخر" .. فقال أحدُهما يا حبشيُّ وقال الآخرُ يا قبطيُّ .. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا تقولا هكذا إنما أنتما رجلانِ من آلِ محمدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ) رواه الطبراني .. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله موثقون ..

 

- فإذا كان خادماه قد جعلهما من آل بيته .. فما بالك بأمته صلى الله عليه وسلم وفيهم العلماء والصالحون والأتقياء .!!

 

- وفي رواية عن جابر بن عبد الله: (آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتُهُ) رواه البيهقي في السنن الكبرى .. وفيه محمد بن إبراهيم العُقيلي مجهول الحال .. والله أعلم.

 

6- وقيل: أن آل محمد هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة دون غيرهم .. وقد جاء في الحديث عن عمر بن أبي سلمة قال: (نزلَت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا فجلَّلَهُم بِكِساءٍ وعليٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلي خَيرٍ) صحيح الترمذي.

 

- قوله (فجلَّلَهُ بِكِساءٍ): أي غطاه بعباءة.

 

- قوله (أنت على مكانك وأنت إلى خير): قد يكون المقصد منها أنك على مكانتك من كونك زوج النبي وأنت بذلك إلى خير .. لأن الآية أصلا نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حيث ان الآية تقول: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب33 .. وإنما أراد النبي صلى الله عليه وسلم خصوصية عطاء لبعض أهل بيته وهم فاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم جميعا ..  والله أعلم .. 

 

- وعن واثلة بن الأسقع الليثي: (جِئْتُ أُرِيدُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ، فَاجْلِسْ، قَالَ: فَجَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَا، فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَنًا، وَحُسَيْنًا فَأَجْلَسَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ وَأَنَا مُنْتَبِذٌ .. فَقَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] " اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي، اللهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ " .. قَالَ وَاثِلَةُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ قَالَ: " وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي " قَالَ وَاثِلَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " إِنَّهَا لِمَنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو ") رواه البيهقي في السنن الكبرى وقال اسناده صحيح.

 

#- من معاني الحديث:

- قوله (منتبذ): أي متروك عن هذا اللف بالثوب .. أي لم يدخل مع أهل بيت النبي في لف الثوب عليهم ..

 

- قوله (إِنَّهَا لِمَنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو): أي هو نعم الرجاء الذي رجوته في حياتي وقد تحقق .. بأن اكتسب وصف أنه من اهل البيت.

 

* ملحوظة: هناك حديث ضعيف جدا .. قد رواه الحاكم في مستدركه عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال: ( لمَّا نَظرَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إلى الرَّحمةِ هابِطةً قالَ: ادعوا لي، ادعوا لي .. فقالَت صفيَّةُ مَن يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ: أَهْلَ بيتي عليًّا وفاطمةَ والحسنَ والحُسَيْن فجيءَ بِهِم فألقَى عليهِمُ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كِساءَهُ ثمَّ رفعَ يديهِ ثمَّ قالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ آلي فَصلِّ على مُحمَّدٍ وعلى آلِ محمَّدٍ، وأنزَلَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ: إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد .. ولكن هو ضعيف الإسناد لأنه فيه (عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر الْمليكِي) .. وقال عنه البخاري أنه "منكر الحديث" ، وقال عنه بن حيان أنه "لا يحتج به".. راجع المغني في الضعفاء ج2 ص335

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) :

- وقبل أن نحدد ما هو المعنى الأقرب لمعنى (الآل) .. فمن المهم أن نفرق بين لفظ (الأهل) ولفظ (الآل) ..

 

************************

..:: س3: ما الفرق بين الآل والأهل ؟ ::..

 

- لفظ (الأهل) قريب من لفظ (الآل) .. ويشتركوا في جماعة تربطهم صلة .. ولكنهما يختلفا في العموم والخصوص ..

 

1- لفظ (الآل): يغلب عليه عموم القرابة والإتصال .. أي هو يجمع الأهل المقربين بالنسب وغيرهم مثل الأتباع في المذهب والرأي والعقيدة والخصوصية في أي شيء ..

- فمثلا آل فرعون يشمل كل أتباعه .. وآل لوط يشمل كل أتباعه من أهل بيته ومن المؤمنين الذين آمنوا به .. وآل كل شخص هم كل أتباعه المحيطين به ..

 

2- ولفظ (الأهل): يغلب عليه خصوص القرابة والإتصال .. فيقال أهل البيت باعتبار خصوصية سكن المكان الذي يجمعهم .. ويقال أهل الجنة وأهل النار باعتبار الخصوصية التي جمعتهم وهي النعيم أو العذاب .. وأهل الكتاب وأهل الذكر باعتبار خصوصية العلم التي جمعتهم .. وأهل البيت باعتبار خصوصية النسب التي جمعتهم .. وأهل المدينة وأهل القرية باعتبار خصوصية المكان الذي جمعهم .. وأهل الإسلام باعتبار خصوصية العقيدة التي جمعتهم .. وهكذا ..   

 

- وخلاصة ما سبق:

1- إن مصطلح الأهل خاص والآل عام .. فأهل فلان هم قرابته .. وآل فلان يشار به إلى أهل بيته وقرابته وأتباعه ..

 

2- ملحوظة: أيضا يشار في اللغة للآل بأنهم الأهل لأنهم بعض الآل ..

- والله أعلم .

 

***********************

..:: س4: ما الراجح من الأقوال في تعريف (آل محمد) عند الصلاة عليهم ؟ ::..

 

- أولا: هناك ثلاثة آراء في هذه المسألة هم الأقرب للصواب من وجهة نظري بعد أن عرضنا الستة آراء التي في مسألة التعريف ب (آل محمد) ..

 

1- الرأي الأول: يميل إلى أن (الصلاة على آل محمد) .. يقصد بها أهل بيت النبي وكل من اتبعه من أمته صلى الله عليه وسلم .. وعلى ذلك ذهب النووي والزهري ومالك وغيرهم من العلماء .. من أن "الصلاة على الآل" يقصد بهم كل أمة سيدنا محمد التي آمنت به دون تخصيص ..!!

 

- واستدلوا في ذلك برواية كعب بن عجرة حيث قال: ( إنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خرَج علينا، فقُلْنا : يا رسولَ اللهِ، قد عَلِمْنا كيفَ نُسَلِّمُ علَيكَ، فكيفَ نُصلي علَيكَ ؟ قال : ( قولوا : اللهم صلِّ على مُحمدٍ، وعلى آلِ مُحمدٍ، كما صليْتَ على آلِ إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مَجيدٌ . اللهم بارِكْ على مُحمدٍ، وعلى آلِ مُحمدٍ، كما باركْتَ على آلِ إبراهيمَ، إنَّك حميدٌ مجيدٌ ) . رواه البخاري .

 

- والذين استدلوا بالرواية السابقة .. حملوا لفظ (الآل) بالمعنى اللغوي العام .. وهو الأقارب والأتباع ..

 

2- الرأي الثاني: يقول بأن لفظ الآل يقصد به أزواج النبي وذريته .. لرواية أبي حميد الساعدي التي جاء فيها: (يَا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) صحيح البخاري.

 

- وأيضا وجدت رواية هي أهم في الإستدلال وهي رواية كعب بن جعرة التي جاء فيها: (سَأَلْنَا رَسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ؛ فإنَّ اللَّهَ قدْ عَلَّمَنَا كيفَ نُسَلِّمُ علَيْكُم ؟ قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ....) صحيح البخاري.

 

- وعلى هذا الرأي يكون أهل البيت هم آل محمد صلى الله عليه وسلم ..

 

3- الرأي الثالث .. أن آل محمد هم أهل البيت من أزواجه وذريته وكل المقربون للنبي صلى الله عليه وسلم من آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل .. وقد سبق بيان ذلك ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- وقد يقول قائل: لعل رواية البخاري التي فيها (الآل) .. يشرحها الرواية الأخرى التي فيها تخصيص الصلاة على (الأزواج والذرية) بدلا من كلمة (آل محمد) ..؟!!

 

#- أقول له: ولماذا لا تقول أن أصل الرواية كان خاص بالأزواج والذرية ثم أخبره الوحي بأن يجعلها عامة في كل أمته المتبعون له فقال (وآل محمد) بدلا من أزواجه وذريته .. فعلم هذه الرواية البعض ولم يعلمها البعض الآخر ؟!!

 

2- ولكن قولي السابق .. هذا قد يتم الرد عليه برواية كعب بن جعرة التي جاء فيها (كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ) صحيح البخاري .. وأهل البيت لا يدخل فيهم الأتباع .. ولو كان المقصد فيها عموم المسلمين ما كان سأله الصحابي هذا السؤال بهذه الصيغة الواضحة التي تدل على أن المقصود منها الأزواج والذرية للنبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم.

- فرواية كعب بن جعرة التي جاء فيها (كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ) .. هذا الجزء من الرواية لم ينتبه إليها أحد فيمن قرأت له لمن يعرض الآراء ..

 

#- وهذا الرد السابق قد يرد عليه أيضا فيقال:

- لو كان المقصود أهل البيت وحدهم في الصلاة .. لكان أجاب النبي على الصحابي وقال لهم قولوا: (اللهم صل على محمد وأهل محمد) .. ولكن هذا لم يحدث بل قال لهم قولوا (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد) .. فلعل النبي صلى الله عليه وسلم قال (صلوا على آل محمد ولم يقل أهل محمد) لسببين:

 

- الأول: أنه أراد بذلك أن يجمع أهل بيته وهم أزواجه وذريته مع آل بيته المقربون وهم آل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر ..

 

- الثاني: أحب أن يجمع أمته في الفضل مع أهل البيت إكراما لرغبة الصحابة في الصلاة على أهل بيته .. فجمع أمته مع أهل بيته فضلا ورحمة ورأفة منه صلى الله عليه وسلم بأمته .. فكان لفظ الآل هنا يجمع المقربون في النسب وكل من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم .. والله أعلم .   

 

#- فالراجح عندي دون تعصب .. أنه لا رأي راجح فيما سبق .. ليه ؟!!

1- لأنه قد يكون المقصد أن الصلاة على الآل المقصود بها هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه وذريته فقط .. لأن هناك نصوص وصفت أهل البيت وهم زوجاته وذريته بأنهم آل البيت كما في حديث السيدة عائشة (ما شبع آل محمد من خبز بر مأدوم ثلاثة أيام) كما في صحيح البخاري .. وآل محمد في الرواية هنا يقصد بها الأزواج والذرية .. والله أعلم .

 

2- وقد يكون القصد هم كل آل النبي المقربون وليس أزواجه وذريته فقط .. بدلالة رواية (كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ .. قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ..) .. حيث كان من المفترض أن يقول: (وعلى أهل محمد) ولكنه لم يقل ذلك وقال (وعلى آل محمد) .. ففهمنا من اختلاف السياق أنه إنما أراد ما هو أشمل وأوسع من أهل بيته المقربون .. لأن لفظ الآل أوسع وأشمل من لفظ الأهل .. والله أعلم.

 

3- وقد يكون المقصد كل أمته .. لو اخترنا أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع أمته في فضل الصلاة بأن تكون على كل الأمة .. بدلالة رواية (كيفَ الصَّلَاةُ علَيْكُم أَهْلَ البَيْتِ .. قالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وعلَى آلِ مُحَمَّدٍ ..) .. واختلاف السياق (الأهل) و (الآل) فيه دلالة على شمولية أكثر من مجرد أهل البيت فقط .. كما سبق وأوضحنا ذلك .. والله أعلم.

 

#- ثانيا: إليك أخي الحبيب رأيي الخاص في مسألة (الصلاة على آل محمد) .. وهو ما أعمل به وأتبعه :

- حينما تقول (اللهم صل على آل محمد) .. فاجعل نيتك ومقصدك منها هي نية ومقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما نطقها .. مهما كانت هذه النية والمقصد عند النبي لأن الأصل هو اتباع النبي صلى الله عليه وسلم .. وبذلك تخرج عن أي خلاف أو ظن اجتهادي .. وتقضي على أي تعصب أو وسواس ممكن أن يدخل إلى نفسك من خلال الآراء المختلفة في مفهوم (الصلاة على آل محمد) .. !!

 

#- ثالثا: أخي الحبيب احذر وانتبه ولا تكن من هذه النفوس:

1- وجدت من بعض النفوس حينما يعلم أن الآل هم قرابة النبي صلى الله عليه وسلم فقط .. فقد وجد في نفسه كراهة لذلك .. وكأنه يقول لماذا نصلي عليهم ؟!!

- فقد أظهر من نفسه استكبارا ليدعو لهم حتى ولو كان محبة للنبي صلى الله عليه وسلم واتباعا لرغبة النبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

2- لا تكن أخي الحبيب من هذه النفوس المستكبرة والتي تحمل كرها ..

- وتذكر أنه لو كان المقصد من الآل هم قرابة النبي .. فأنت تصلي عليهم وتدعو لهم محبة للنبي ورغبة له صلى الله عليه وسلم .. وبقدر المحبة للنبي يكن الوصال بالله وارتقاء المقامات ورفعة الدرجات ..

 

- فلا تكن من أهل الإستكبار وكن من أهل الأنوار .. لأن الأنوار لا تظهر في القلب إلا بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم .. وروح المحبة الإيمانية لا تطوف بقلب المؤمن إلا باتباع رغبة النبي صلى الله عليه وسلم .. وقد جاء في الحديث عن عبد الله بن هشام قال: (كُنَّا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو آخِذٌ بيَدِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَقالَ له عُمَرُ: يا رَسولَ اللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لَا، والَّذي نَفْسِي بيَدِهِ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْكَ مِن نَفْسِكَ، فَقالَ له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ، واللَّهِ، لَأَنْتَ أحَبُّ إلَيَّ مِن نَفْسِي، فَقالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: الآنَ يا عُمَرُ) صحيح البخاري ..

 

- ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ) صحيح البخاري ..

- ويقصد بقوله (لا يؤمن): أي لا يكتمل إيمانه ويرتقي فيه لمراقي الكمال إلا بهذه الوسيلة وهي حب النبي صلى الله عليه وسلم .

 

 

- والله أعلم بالصواب في كل ما سبق .

 

 

**********************

 

..:: س5: هل يقصد بأهل البيت هم أهل العباءة فقط بدلالة قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) ؟ ::..

 

- بعض الآراء تقول أن المقصود من أهل البيت النبوي .. هم أهل العباءة .. أي سيدنا النبي والسيدة فاطمة وسيدنا علي وسيدنا الحسن والحسين .. وما كان من ذرية سيدنا الحسن والحسين .. فقط دون غيرهم .. واستدلوا في ذلك بالآتي:

 

1- قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب33.

 

2- وجاء في الحديث عن عمر بن أبي سلمة قال: (نزلَت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا فجلَّلَهُم بِكِساءٍ وعليٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلي خَيرٍ) صحيح الترمذي.

 

- وفي رواية بلفظ عن السيدة عَائِشَةُ قالت: (خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ الأحزاب33) صحيح مسلم.

 

- قوله (مِرْطٌ مُرَحَّلٌ): المِرْطُ كِسَاءٌ أو عباءة عليها لون كانت تأتي من اليمن .. وقوله (مُرَحَّلٌ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ): أي منسوجة من شعر أسود .. كأن العباءة عليها مثل الفرو .. وبها لون .. والله أعلم .

 

- وفي رواية بلفظ عن واثلة بن الأسقع الليثي: (جِئْتُ أُرِيدُ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، انْطَلَقَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوهُ .. فَاجْلِسْ .. قَالَ: فَجَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَا، فَدَخَلْتُ مَعَهُمَا قَالَ: فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَسَنًا، وَحُسَيْنًا فَأَجْلَسَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا، ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبَهُ وَأَنَا مُنْتَبِذٌ .. فَقَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] " اللهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلِي، اللهُمَّ أَهْلِي أَحَقُّ " .. قَالَ وَاثِلَةُ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ قَالَ: " وَأَنْتَ مِنْ أَهْلِي " قَالَ وَاثِلَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: " إِنَّهَا لِمَنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو ") رواه البيهقي في السنن الكبرى وقال اسناده صحيح.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- والملاحظ فيما سبق أن القصة حدثت مرتين مرة في بيت أم سلمة ومرة في بيت فاطمة رضي الله عنهما .. ولعل ذلك تكرار فعل قد حدث مرتين .. والله أعلم .

- وسبب النزول مختلف عليه .. لأن بن عباس قال أن سبب نزول الآية إنما هو خاص بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم .. كما ذكر ذلك بعض العلماء ..

 

2- الآية القرآنية التي تم الإستدلال بها .. إنما نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بنص القرآن .. حيث يقول تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) الأحزاب33.

 

3- وقد يقال أن مجيء المذكر في الآية بقوله (عنكم) وقوله (يطهركم) هو دليل على أن المقصد هم أهل البيت (علي وفاطمة والحسن والحسين) لغلبة جماعة الذكور .. وليس زوجات النبي .. ولو كان للنساء خاصة لقال عنكن وليطهركن ..

 

- ولكن هذا الرأي مردود على قائله .. لأن التذكير باعتبار لفظ الأهل .. والقرآن نزل بلغة العرب .. والعرب لا ترجع الضمير في لفظ (أهل) إلا مذكرا .. كما جاء في قوله تعالى: (أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ) هود73 .. فجاء بلفظ (عليكم) مع أهل البيت ويقصد بها زوجته سارة .. ويقال جاء أهل بيت فلان .. والمقصد هو أن زوجة فلان قد جاءت .. ولا يقال جاءت أهل بيت فلان ..

 

- كما أنه قد يكون الخطاب باعتبار انتمائهن للنبي .. ولذلك اتي بلفظ المذكر باعتبار انتمائهن للنبي .. والله أعلم .

 

#- وخلاصة القول:

1- الذي أظنه أحسن الآراء ويجمع بين النصوص الشرعية .. هو قول من قال أن الآية تجمع زوجات النبي صلى الله عليه وسلم وتجمع السيدة فاطمة وسيدنا علي وسيدنا الحسن والحسين .. وهذا الرأي يكون قد جمع بين الآراء السابقة وهو ما رجحه بعض العلماء مثل بن كثير والقرطبي وغيرهما .. والله أعلم ..

 

- ولا أرى معنى للتعصب سواء للرأي الأول الخاص بأن الآية تتعلق بأهل العباءة فقط .. أم تتعلق بزوجات النبي فقط .. لأن النص الشرعي يحتمل كلاهما .. فلا داعي للخلاف وكلاهما قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ..

- إلا إذا كان لبعض النفوس من وراء التخصيص في الآية هدف آخر غير التأمل في النصوص الشرعية ..!!  

 

***************************

..:: س6: من هم أهل العباءة وأهل الكساء والعترة الطيبة ؟ ::..

 

1- جاء في الحديث عن عمر بن أبي سلمة قال: (نزلَت هذِهِ الآيةُ على النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا في بيتِ أمِّ سلَمةَ، فدعا النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فاطمَةَ وحَسنًا وحُسَيْنًا فجلَّلَهُم بِكِساءٍ وعليٌّ خَلفَ ظَهْرِهِ فجلَّلَهُ بِكِساءٍ ثمَّ قالَ: اللَّهمَّ هؤلاءِ أَهْلُ بيتي فأذهِب عنهمُ الرِّجسَ وطَهِّرهم تطهيرًا قالَت أمُّ سلمةَ: وأَنا معَهُم يا رسولَ اللَّهِ؟ قالَ: أنتِ على مَكانِكِ وأنتِ إلي خَيرٍ) صحيح الترمذي.

 

#- من معاني الحديث:

- قوله (فجللهم): أي غطاهم .

- قوله (كساء) أي عباءة .

 

- من هذا الحديث جاء تسمية أهل البيت ب (أهل العباءة) و (أهل الكساء).

 

- فَأَهْلُ العَبَاءَةِ: سيدنا علي رضي الله عنه ، والسيدة فاطمة رضي الله عنها .. وسيدنا الحسن والحسين رضي الله عنهما ..

 

2- وفي حديث: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ وعترتي أهل بيتِي) صحيح الترمذي.

 

#- من معاني الحديث:

- قوله (أخذتم به): أي اتبعتوهما ..

- قوله (عترتي): العترة يقصد بها نسل الرجل وعشيرته .. والمقصود هنا هو المقربون للنبي صلى الله عليه وسلم .. وقد يكون المقصد هو آل علي فقط وهم أهل العباءة .. وقد يكون المقصد بهم هم نساءه وآل علي وآل عقيل وآل العباس وآل جعفر .. والله أعلم .

- والتمسك بهم يقصد به اتباع سيرتهم التي اتبعوا فيها النبي صلى الله عليه وسلم .

 

#- قال الإمام التوربيشتي في الميسر في شرح المصابيح (ج4 ص1335):

- عترة الرجل: أهل بيته ورهطه الأدنون، ولاستعمالهم العترة على أنحاء كثيرة بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (أهل بيتي) ليعلم أنه أراد بذلك نسله وعصابته الأدنين وأزواجه. (انتهى النقل).

 

#- وقال الإمام نور الدين علي الهروي القاري رحمه الله في المرقاة (ج9 ص3974) :

- "وَالْمُرَادُ بِالْأَخْذِ بِهِمُ التَّمَسُّكُ بِمَحَبَّتِهِمْ وَمُحَافَظَةُ حُرْمَتِهِمْ وَالْعَمَلُ بِرِوَايَتِهِمْ وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَقَالَتِهِمْ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَخْذَ السُّنَّةِ مِنْ غَيْرِهِمْ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ) ..، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) النحل43 ..

- وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: التَّمَسُّكُ بِالْكِتَابِ الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ وَهُوَ الِائْتِمَارُ بِأَوَامِرِ اللَّهِ وَالِانْتِهَاءُ بِنَوَاهِيهِ، وَمَعْنَى التَّمَسُّكِ بِالْعِتْرَةِ مَحَبَّتُهُمْ وَالِاهْتِدَاءُ بِهَدْيِهِمْ وَسِيرَتِهِمْ. زَادَ السَّيِّدُ جَمَالُ الدِّينِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِلدِّينِ.

- قُلْتُ (أي الملا علي القاري): بِإِطْلَاقِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ يَكُونُ مِنْ عِتْرَتِهِ فِي الْحَقِيقَةِ لَا يَكُونُ هَدْيُهُ سِيرَتُهُ إِلَّا مُطَابِقًا لِلشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ." (انتهى النقل).

 

3- وفي حديث: (إني تاركٌ فيكم ما إن تمسكتم به لن تضِلوا بعدِي – أحدُهما أعظمُ من الآخرِ – كتابُ اللهِ حبلٌ ممدودٌ من السماءِ إلى الأرضِ وعِترتي أهلُ بيتِي ولن يتفرَّقا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ فانظروا كيف تخلفونَنِي فيهما) صحيح الترمذي.

 

#- ومن هذا الحديث والذي قبله .. جاء وصف أهل البيت .. بأنهم العترة الطيبة.

 

- قال الإمام نور الدين علي الهروي القاري رحمه الله في المرقاة  (ج9 ص3975):

- (أَهْلَ الْبَيْتِ): غَالِبًا يَكُونُونَ أَعْرَفَ بِصَاحِبِ الْبَيْتِ وَأَحْوَالِهِ، فَالْمُرَادُ بِهِمْ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْهُمُ الْمُطَّلِعُونَ عَلَى سِيرَتِهِ، الْوَاقِفُونَ عَلَى طَرِيقَتِهِ، الْعَارِفُونَ بِحُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وَلِهَذَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونُوا مُقَابِلًا لِكِتَابِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ كَمَا قَالَ: (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) البقرة129 .. (انتهى النقل).

 

#- وقال الإمام نور الدين علي الهروي القاري رحمه الله في المرقاة (ج9 ص3975):

"قَوْلِهِ: (كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ): فِيهِ تَلْوِيحٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) الأعراف176 .. كَأَنَّ النَّاسَ وَاقِعُونَ فِي مَهْوَاةِ طَبِيعَتِهِمْ مُشْتَغِلُونَ بِشَهْوَتِهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُرِيدُ بِلُطْفِهِ رَفَعَهُمْ فَأَدْنَى حَبْلَ الْقُرْآنِ إِلَيْهِمْ لِيُخَلِّصَهُمْ. مِنْ تِلْكَ الْوَرْطَةِ، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ نَجَا، وَمَنْ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ هَلَكَ.

- وَمَعْنَى كَوْنِ (أَحَدِهِمَا أَعْظَمَ مِنَ الْآخَرِ) أَنَّ الْقُرْآنَ هُوَ أُسْوَةٌ لِلْعِتْرَةِ وَعَلَيْهِمُ الِاقْتِدَاءُ بِهِ، وَهُمْ أَوْلَى النَّاسِ بِالْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، وَلَعَلَّ السِّرَّ فِي هَذِهِ التَّوْصِيَةِ وَاقْتِرَانِ الْعِتْرَةِ بِالْقُرْآنِ أَنَّ إِيجَابَ مَحَبَّتِهِمْ لَائِحٌ مِنْ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) الشورى23 ..، فَإِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ شُكْرَ إِنْعَامِهِ وَإِحْسَانِهِ بِالْقُرْآنِ مَنُوطًا بِمَحَبَّتِهِمْ عَلَى سَبِيلِ الْحَصْرِ، فَكَأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوصِي الْأُمَّةَ بِقِيَامِ الشُّكْرِ، وَقَيَّدَ تِلْكَ النِّعْمَةَ بِهِ، وَيُحَذِّرُهُمْ عَنِ الْكُفْرَانِ، فَمَنْ أَقَامَ بِالْوَصِيَّةِ. وَشَكَرَ تِلْكَ الصَّنِيعَةَ بِحُسْنِ الْخِلَافَةِ فِيهِمَا

- (لَنْ يَفْتَرِقَا): فَلَا يُفَارِقَانِهِ فِي مَوَاطِنِ الْقِيَامَةِ وَمَشَاهِدِهَا حَتَّى يَرِدَ الْحَوْضَ، فَشَكَرَ صَنِيعَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَحِينَئِذٍ هُوَ بِنَفْسِهِ يُكَافِئُهُ وَاللَّهُ تَعَالَى يُجَازِيهِ بِالْجَزَاءِ الْأَوْفَى، وَمَنْ أَضَاعَ الْوَصِيَّةَ وَكَفَرَ النِّعْمَةَ فَحُكْمُهُ عَلَى الْعَكْسِ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ حَسُنَ مَوْقِعُ قَوْلِهِ: (فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا) وَالنَّظَرُ بِمَعْنَى التَّأَمُّلِ وَالتَّفَكُّرِ أَيْ: تَأَمَّلُوا وَاسْتَعْمِلُوا الرَّوِيَّةَ فِي اسْتِخْلَافِي إِيَّاكُمْ هَلْ تَكُونُونَ خَلَفَ صِدْقٍ أَوْ خَلَفَ سُوءٍ". (انتهى النقل).

 

#- قلت (خالد صاحب الموضوع) .. لي رأي مغاير لما فسره العلماء .. في معنى قوله (لن يفترقا) – وقوله: (تخلفوني فيهما):

- قوله (ولن يتفرَّقا حتى يرِدَا عليَّ الحوضَ) .. وفي رواية (لن يفترقا):

1- قوله (وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الْحَوْضِ): أي لن يفترقا عن الحق ولن يتفرق الحق عنهما حتى يكونا سببا في الإتيان بالذي عمل بحقهما إليَّ عند الحوض .. فأسقيه من يداي وأشفع له.. (هذا رأيي الخاص في تفسير لفظ الحديث – حيث لم استسيغ ما كتب في شرح هذه الجزئية فيما بلغني وتوافر عندي من شروحات أهل العلم – والله أعلم).

 

2- وقال (على الحوض) ولم يقل (إلى الحوض): للدلالة على أن المتبع لوصيته بهما سيكون متمكنا من الشرب من حوض الكوثر .. وما في ذلك من سقاية النبي بيده الشريفة له .. والله أعلم .

 

- وفي هذا اللفظ من الدلالة .. على أن أهل بيته المقصودين بذلك هم العاملين بالقرآن وسنته .. لأن الحق هو الجامع بينهما فلا يتفرقا .. والله أعلم .

 

3- قوله (تخلفوني فيهما): أي كيف ستكونوا خلفاء لي في معاملتكم لهم .. أخير أم شر ..؟

- وكأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقول: بقدر عملكم بالقرآن ومحبتكم لأهل بيتي .. بقدر ما يكون مقامكم عندي .. فإن كانت كرامة منكم لأهل بيتي فكرامة مني إليكم .. وإن سوء منكم فحجاب بيني وبينكم .. فاختاروا .

- والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم.

- وبهذا يكون ختام ما جال بخاطري للكلام فيه حول مفهوم آل محمد - آل البيت – أهل البيت – أهل العباءة – أهل الكساء – العترة الطيبة ..

 

- عسى أن يكون ما ذكرته لك أخي الحبيب .. سببا في معرفة شيئا يتعلق بقرابة النبي صلى الله عليه وسلم .. ويزيدك قربا منه .. وأرجو من الله القبول .. والحمد لله رب العالمين .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .