ج6: رسالة حقيقة الأولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والنجباء والأبدال - هل يوجد دليل على وجود الغوثية للقطب - مناقشة حديث ( يا عباد الله أغيثوا ) - هل يصح مناداة القطب الغوث وكيف تدعوه - ما الحكمة من معرفة وجود قطب للأولياء - هل القطب الغوث وسيلة إلى الله .

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

حقيقة الأولياء

وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والأبدال والنجباء 

 (الجزء السادس)

#- فهرس:

:: الفصل السادس :: تابع مناقشة أدلة وجود القطب الغوث ومسائل تتعلق بمناداة القطب الغوث واتخاذه وسيلة إلى الله ::
1- س22: هل يصح أن يكون دليل وجود القطب الغوث هو الكشف الروحاني ؟
2- س23: هل يوجد دليل على وجود الغوثية للقطب ؟

- مناقشة حديث: (يا عباد الله أغيثوا).

3- س24: هل يصح مناداة القطب الغوث وكيف تدعوه ؟!!
4- س25: ما الحكمة من معرفة وجود قطب للأولياء ؟
5- س26: هل القطب الغوث وسيلة إلى الله ؟

************************

 ..:: س22: هل يصح أن يكون دليل وجود القطب الغوث هو الكشف الروحاني ؟ ::..

 
#- التصوف نوعان أخي الحبيب ..
أ- نوعا منه يتعلق بتزكية النفس وطهارة القلب من خلال اتباع كلام الله ورسوله ..
ب- ونوعا آخر يتعلق بالكشف الروحاني ويتم كتابة هذه المكاشفات .. وهو يحدث لطائفة من أهل التصوف ..
 
- فحينما أكتب لك أخي الحبيب أنه قال أهل التصوف الكشفي .. فالمقصود بهم من بنوا عقائد بناء على الكشف الروحاني وكانوا ينتسبون لطائفة التصوف .. وهذه الأمور بدأت بالظهور في زمن متأخر بعد القرن الثاني الهجري تقريبا .. وزادت في القرن الرابع الهجري .. وانتشرت وازدهرت في القرن السابع الهجري ..  
 
#- والآن نأتي لسؤالنا ونقول:
- هل الكشف الروحاني دليلا وحجة .. لبيان أنه يوجد قطب غوث له تصرف في عالم الظاهر وهو القائد الأعلى في دولة الأولياء في عالم الباطن ؟!!  
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- من يجزم بوجود ذلك .. فليأتنا بعلم من عنده على ما يقول به .. وإذا اتخذ من الكشف الروحاني دليلا له على وجود ما يزعمه .. فالكشف الروحاني لا دليل عليه ولا اطمئنان له إلا بما ثبت من الوحي في المسائل الغيبية .. وليس بكلام مشايخ .. فنقول قال سيدي فلان وفلان .. !!
- وإلا فما فائدة كلام الله ورسوله حينئذ ؟!!
 
2- وحتى على افتراض صحة هذا الكشف .. فلماذا نظهر للناس ما فيه فتنة لهم وهم ليسوا في حاجة إليه ؟!! حيث أنه لو كان هذه حقيقة غيبية لكان النبي صلى الله عليه وسلم أظهر لنا ذلك ووضحه لنا وبلغنا عنه ذلك ..!!
 
- فلماذا البعض يثير فتنة بين المؤمنين .. بما لا حجة له فيه .. إلا بما يسميه الكشف ..!!

************************

..:: س23: هل يوجد دليل على وجود الغوثية للقطب ؟ ::..

 

 #- من غرائب البعض الذين يريدون إثبات وجود الغوثية للقطب .. هو استدلالهم بالآتي:

1- رواية عبد الله بن مسعود عن النبي قال: (إذا انفلتَتْ دابةُ أحدِكم بأرضٍ فلاةٍ فليُنادِ: يا عبادَ اللهِ احبِسوا ، يا عبادَ اللهِ احبِسوا .. فإنَّ للهِ عزَّ وجلَّ في الأرضِ حاضرًا سيحبِسونَها له) رواه أبو يعلى والطبراني .. (حديث ضعيف).

 

- وفي رواية بلفظ: (إِذا انفَلَتْتْ دابَّةُ أَحَدُكُم بِأرْضِ فَلَاةٍ ، فَلْيُنادِ: يا عبادَ اللهِ احبسوا عَلَي دابَّتِي .. فَإِنَّ للهِ فِي الأرضِ حاضرًا سَيَحْبِسُهُ علَيْكُمْ) ذكره المتقي الهندي في كنز العمال عن أبو يعلى والطبراني وبن السني.

 

- قوله (أرض فلاة) : الأرض الواسعة التي ليس فيها أي سبل للنجاة .. وتطلق على الأرض التي لا ماء بها ولا أنس .. وعلى الصحراء.

 

- قوله (سيحبسونها): أي سيقوم بمنعها من الهرب ويقوم بوقفها في مكانها .

 

2- رواية عتبة بن غزوان عن النبي قال: (إذا ضلَّ أحدُكُم أو أرادَ عونًا وهوَ بأرضٍ ليسَ بها إنسٌ فليَقُلْ يا عبادَ اللَّهِ أَعينوني ثلاثًا فإنَّ للَّهِ عبادًا لا يراهُم) رواه الطبراني .. وقال الهيثمي: رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم إلا أن يزيد بن علي لم يدرك عتبة‏‏..، وقال بن حجر في الفتوحات الربانية: سند منقطع .. (حديث ضعيف).

 

- وفي رواية بلفظ: (إذا ضَلَّ أحدُكم شيئًا، أو أراد أحدُكم غَوْثًا، وهو بأرضٍ ليس بها أنيسٌ فَلْيَقُلْ : يا عبادَ اللهِ أغيثوني، يا عبادَ اللهِ أَغِيثوني، فإن للهِ عبادًا لا نراهم) رواه الطبراني.

 

3- رواية عبد الله بن عباس: (إنَّ للهِ ملائكةً في الأرضِ سِوى الحَفَظةِ يكتُبون ما يسقُطُ مِن وَرِقِ الشَّجَرِ فإذا أصاب أحدُكم عَرْجةً بأرضٍ فَلاةٍ فليُنادِ أعينوا عبادَ اللهِ) رواه البزار .. وقال الهيثمي: رجاله ثقات .. وحسنه بن حجر والسخاوي وغيرهم باعتبار أنه حديث نبوي من قول النبي صلى الله عليه وسلم..

 

4- وحسنه الشيخ الألباني باعتبار أنه حديث موقوف على بن عباس وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم .. مستدلا برواية عند الإمام البيهقي التي جاءت بلفظ: (إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ سِوَى الْحَفَظَةِ يَكْتُبُونَ مَا يَسْقُطُ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِذَا أَصَابَ أَحَدَكُمْ عَرْجَةٌ (أي مشكلة أو إعاقة من أي نوع) فِي الْأَرْضِ .. لَا يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الْأَعْوَانِ فَلْيَصِحْ .. فَلْيَقُلْ: عِبَادَ اللهِ أَغِيثُونَا أَوْ أَعِينُونَا رَحِمَكُمُ اللهُ .. فَإِنَّهُ سَيُعَانُ) رواه البيهقي في شعب الإيمان.. .. (حديث حسن موقوف).

 

- وفي لفظ آخر للحديث الموقوف: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَكْتُبُونَ مَا يَقَعُ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ، فَإِنْ أَصَابَتْ أَحَدًا مِنْكُمْ عَرْجَةً أَوِ احْتَاجَ إِلَى عَوْنٍ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ فَلْيَقُلْ: أَعِينُوا عِبَادَ اللَّهِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ، فَإِنَّهُ يُعَانُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) رواه البيهقي في الآداب وقال: هذا موقوع على بن عباس .. مستعمل عند الصالحين من أهل العلم لوجود صدقه عندهم فيما جربوا. وبالله التوفيق. (انتهى كلام البيهقي).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الروايات السابقة:

1- الحديث المرفوع للنبي هو حديث حسن صحيح .. حتى لو الحديث موقوف فمثل هذا الحديث لا يقال بالرأي أبدا ..

 

2- قد ظن الشيخ الألباني بأن بن عباس قد يكون أخذ هذه المعلومة من أهل الكتاب الذين أسلموا .. وهذا لا يمكن أن يكون .. لأن هذا إنما يكون فيما يتعلق بقصص أهل الكتاب والأمم السابقة وبدء الخلق وأخبار الجن وما شابه ذلك .. وليس في الأمور الدينية التي يترتب عليها حكم وعقيدة .. !! فضلا عن أن للحديث شواهد تؤكد هذا الحديث .. فلم يوفق الشيخ الألباني في هذه الجزئية ولا عبرة فيه لكلامه حينئذ ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بالعودة إلى سؤالنا الذي استدل به البعض في إثبات الغوثية .. فهذه الروايات حجة عليه وليست حجة له .. ليه ؟

 

1- لأن الرواية تثبت أن لله عباد وليس عبد واحد يغيث .. !!

- إذن فالغوثية منتشرة في كل الأرض ومددها موصول لكل من صادف حاله مثل الحالة التي في الحديث وهي وجوده في الصحراء وضاعت حاجاته أو ضل عن طريقه وليس في المكان من يرشده ..

 

2- الرواية الصحيحة تدل على أن الذي يعين ويغيث هو الملائكة وليس غيرهم .. وإذا أخذت بباقي الروايات كشواهد فسيكون شاهدها يدل على الملائكة أيضا لأنه يوجد رواية صرحت بذلك .. فهي لا تتكلم عن جن ولا إنس .

 

3- الحديث يتكلم عن مكان مخصوص (وهو الصحراء أو أي أرض خالية من أي عمار) وبشرط (قد حدثت لك مشكلة أو إعاقة وليس معك فيها أنيس يعينك) .. فكيف تجعل من المخصص المقيد بشرط هو مطلق عام في كل أحوالك ؟!!

 

#- ومن ناحية أخرى ..

- فإن في نفسي شيئا من هذا الحديث يرفضه .. وذلك لمخالفته القرآن وكلام النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:

1- أما قوله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) النمل62.

 

2- وأما مخالفته لحديث النبي صلى الله عليه وسلم .. فقد جاء في الحديث الصحيح أن رجلا سأله هل أنت رسول الله فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: (أَنا رسولُ - اللَّهِ – الَّذي إذا أصابَكَ ضرٌّ فدَعوتَهُ كشفَهُ عنكَ ، وإن أصابَكَ عامُ سَنةٍ فدعوتَهُ ، أنبتَها لَكَ ، وإذا كنتَ بأرضٍ قَفراءَ أو فلاةٍ فضلَّت راحلتُكَ فدعوتَهُ ، ردَّها عليكَ) صحيح أبي داوود .

 

#- من معاني الحديث:

- معنى (قفراء): أي خالية من الماء والناس ولا معونة لك فيها .

- معنى (فلاة): أي صحراء.

- معنى (فضلت): أي تاهت أو غابت عنك ولم تجدها.

- معنى (راحلتك): أي ناقتك والمقصد وسيلة مواصلاتك التي تنتقل بها.

- معنى (فدعوته ردها إليك): أي دعوت الله أن يرد ناقتك إليك فهو القادر على أن يفعل لك ذلك .

 

#- حديث أبي داوود .. ومقارنته بالروايات السابقة:

1- لم أجد أحد قد انتبه إليه فيمن تكلموا على رواية (يا عباد الله أغيثوا وأعينوا) .. في حين أنه يحسم المسألة تماما في هذه الجزئية .. لأن هذا التوجيه النبوي هو الموافق لنص القرآن وموافق لما عليه الإيمان ..

 

2- ولو تأملت الحديثين .. حيث (يا عباد الله أغيثوا أو أعينوا) وحديث (وإذا كنتَ بأرضٍ قَفراءَ أو فلاةٍ فضلَّت راحلتُكَ فدعوتَهُ)  .. ستجد نفس المكان (الصحراء) ونفس الحادثة (ضياع الراحلة أو حدوث مشكلة لك) .. ولكن هناك تعارض بين الدليلين ومخالفة في التوجيه ..!!

 

3- أو لو حاولت التوفيق .. فقد تقول هناك أصل عام ومطلق وهو الدعاء إلى الله .. وهناك موقف خاص ومقيد يجوز فيه ما لا يجوز في غيره ..!!

 

4- وعموما في كل الأحوال لا يمكن أن يقال بأن مقولة (يا عباد الله أغيثوا أو أعينوا) هي تتعلق بمطلق الأحوال ومطلق الأماكن .. بل هي مخصوصة بحال معين ومكان معين .. ولكن الأصل العام هو ما جاء في الآية والحديث الذي رواه أبو داود .. وهو التوجه إلى الله .

- والله أعلم .

 

#- ملحوظة ختامية لهذا السؤال ..

- اعتقادك بأن فلان غوث بمعنى يعين ويساعد ويشفع للناس ويصلح بينهم ويدعو لهم .. فلا شيء في ذلك ..

 

- قال تعالى في قصة سيدنا موسى: (فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ) القصص15.

 

- وكذلك في المعونة التي هي فرع الإغاثة .. يقول تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) المائدة2.

 

- وكذلك في الحديث يوم القيامة .. جاء فيه (لا أُلْفِيَنَّ (أي لا أجد) أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ (الرغاء هو صوت البعير) يقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ) صحيح مسلم ..

- ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم لفظ الإغاثة بل هو من قاله ..

 

- إذن فوجود شخص يغيث أحد .. لا مشكلة فيها .. طالما يغيث بما له من عطاء وقدرة ممنوحة له من أسباب أعطاها له الله ..

 

#- أما عن الغوثية التي هي شرك .. فهي أن تجد أحد يقول لك أن فلان يغيث الخلق بقدرة مثل قدرة الله .. أو يفعل ما لا يقدر عليه إلا الله .. فهذا حينئذ مشرك بالله لأنه نسب لمخلوق ما هو حق للخالق فقط.

 

- فانتبه أخي الحبيب .. حتى لا تكفر أحد من المسلمين بالباطل .. ولا تتبع من لديه الجرأة في تكفير المسلمين وجعلهم مشركين بالباطل .. وذلك لوجود غل في باطنهم يحركهم ناحية بعض المسلمين ..!! فانتبه واحذر لأن الأنفاس قليلة ويوم القيامة قريب وسيسألك الله عما تجرأت به في تكفير المسلمين ..

- والله أعلم .

 

********************

 

..:: س24: هل يصح مناداة القطب الغوث وكيف تدعوه ؟!! ::..

 

- قد يصادفك البعض من جهلاء التصوف .. فتسأله ما فائدة هذا القطب .. فيخبرك ما ملخصه أنه يمكنك أن تنادي على القطب فتقول: (أيها القطب الغوث) .. واطلب منه أن يساعدك في قضاء طلبك من خلال ما منحه الله من كرامات .. والدليل على ذلك حيث (يا عباد الله أغيثوا) رواه الطبراني ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: مناقشة عقلية بسيطة لما سبق ..

1- المسألة إذن هي اعتقاد في القطب الغوث .. !!

- وبدلا من التوجه الغيبي إلى الله لقضاء حاجتي .. فأقول: يا رب أغثني ..

- فعند بعض الجهلاء .. أتوجه إلى القطب وأقول: (أيها القطب الغوث أغثني) .. !!

 

2- بمعنى آخر: تريد مني أن أتوجه غيبا إلى المخلوق الحي الذي يموت ولا حول له ولا قوة .. وأترك الخالق الحي الذي لا يموت وهو الذي له الحول والقوة والقدرة وقيوم السموات والأرض ..!!

 

3- وبمعنى آخر: ألهذه الدرجة قوي اعتقادك الغيبي بيقين في هذا القطب الغوث بأنه سيسمعك فيجيبك .. ولدرجة أنه انعدم في قلبك اليقين بأن الله يسمعك فيجيبك ؟!!

 

- حسنا .. فمتى في عقيدة هؤلاء ممكن أتوجه إلى الله ليقضي لي حاجتي ؟!! بل وما فائدة أن أدعو الله من أساسه حينئذ ؟!!

 

#- فهل ما سبق يقبله قلب مؤمن يرجو الله واليوم الآخر ..!!

- لا أعتقد ذلك .  

- ثانيا: المناداة على الأولياء بظهر الغيب .. هذا فعل مخالف لتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم .. ليه ؟

- إليك مثلا يوضح لك الأمر ..

- في قصة أويس القرني وهو من خير التابعين وصاحب الدعوة المستجابة والذي أخبرنا عن ذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم .. فلنتأمل بعضا من قصته وماذا قال النبي فيها:

 

- قال عمر بن الخطاب: (سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: يَأْتي علَيْكُم أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ مع أَمْدَادِ أَهْلِ اليَمَنِ، مِن مُرَادٍ (اسم قبيلة) ، ثُمَّ مِن قَرَنٍ (أي فرع من قبيلة مراد) .. كانَ به بَرَصٌ (أي به مرض يصيب الجلد بالبقع البيضاء) فَبَرَأَ منه إلَّا مَوْضِعَ دِرْهَمٍ .. له وَالِدَةٌ هو بهَا بَرٌّ .. لو أَقْسَمَ علَى اللهِ لَأَبَرَّهُ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لكَ فَافْعَلْ، فَاسْتَغْفِرْ لِي، فَاسْتَغْفَرَ له) صحيح مسلم.

 

- تأمل قول سيدنا عمر (سمعت) .. فهذا دليل أنه أصبح يعلم المعلومة .. وقول النبي (فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) .. فهذا فيه دليل على قبول دعوته وأنه من الأولياء الكبار الذين آمنوا وكانوا يتقون ..

#- وبالتالي أقول بناء على ما سبق:  

1- لماذا لم يطلب النبي صلى الله عليه وسلم من صحابته أن ينادوا على من هو مستجاب الدعوة بظهر الغيب ليدعو لهم بعد أن ينتقل النبي إلى مولاه ؟!!

2- لماذا لم ينادي عمر بن الخطاب روحانيا على أويس القرني ويقول له ادعو الله أن ليغفر لي ..؟!!

- وكلنا نعلم أن عمر بن الخطاب كان له وصل روحاني حتى وصل صوته إلى قائد جيشه سارية في بلاد فارس .. وعمر كان بالمدينة يخطب بالناس حينئذ ..!!

- وبالتالي لماذا لم ينادي عمر على أويس القرني بطريق روحاني .. بدلا من أن ينتظره ويبحث عنه ثم يذهب ليقابله ثم يطلب منه الدعاء ..؟!!

 

- فلو كانت المناداة على الأولياء بظهر الغيب هي أمر جائز لكان فعلها عمر بن الخطاب .. بدلا من الإنتظار فترة طويلة حتى أصبح خليفة المسلمين .. بل ولكان أرشده إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم .

#- ملحوظة هامة جدا:
- هناك من يستدل على عدم جواز مناداة الأولياء بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) فاطر13-14.

- وهذا الاستدلال لا يصح في هذه المسألة ولا علاقة له بهذه المسألة نهائيا .. ليه ؟
1- معنى الآيات من التفسير الميسر:
- والذين تعبدون من دون الله ما يملكون مِن قطمير، وهي القشرة الرقيقة البيضاء تكون على النَّواة.
- إن تدعوا - أيها الناس - هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم، ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم، ويوم القيامة يتبرؤون منكم، ولا أحد يخبرك -أيها الرسول- أصدق من الله العليم الخبير. (انتهى النقل من التفسير).
 
2- وبناء على ما سبق .. فالذي ينادي على الأولياء بظهر الغيب حتى ولو أخطأ في فعله .. فهو لا ينادي على آلهة ولا معبودات ولا يعتقد فيهم الألوهية .. كما زعم من استدل بهذه الآيات .. لأنه يعلم أنها قيلت فيمن يعبد غير الله ولم تقال في المؤمنين ..!!

- فالذي يستدل بمثل هذه الآيات في فتواه ويروج لها على شبكة الإنترنت أو في الكتب طاعنا بذلك في بعض المؤمنين .. فهذه جرأة في استخدام كلام الله في غير ما قاله الله .. وأخشى أن يكون من وراء ذلك تحريض العوام على  بعض المؤمنين ليتهموهم بالكفر .. فيترتب على ذلك حدوث فتنة لا يعلم مداها إلا الله ..!!

- فبمثل هذه الفتاوى التي لا تدل إلا على هوى في نفس قائلها .. تحدث التفرقة بين المسلمين وتحدث الفتنة .. ويظن هؤلاء المشايخ بأنهم لم يفعلوا شيئا .. فقط فعلوا تفرقة وفتنة بفتوى ..!!

#- ثالثا: أما عن جزئية (يا عباد الله أغيثوا) ..

- فقد سبق الإجابة عليها في سؤال سابق.. فارجع إليه .

 

***********************

 

..:: س25: ما الحكمة من معرفة وجود قطب للأولياء ؟ ::..

 

#- قد يخطر على بالك أخي الحبيب سؤال له عدة أوجه فتقول:

1- ما وجه الحكمة من معرفة وجود قطب للأولياء .. ونشر ذلك بين الناس .. ؟!! إذ أن الأولياء موجودون في كل زمان ومكان سواء عرفنا منهم أحد أم لم نعرف ؟!

 

2- أو قد تستغرب وتقول ما أفادتنا في وجود قطب للأولياء أو كبير للأولياء أو حتى زعيم للأولياء أو مهما كان الوصف الذي يدل على علو رتبة الأولياء بعضهم فوق بعض .. فما الذي يفيدنا من ذلك ؟ أي ما وجه الإفادة بإظهار وتسويق ونشر هذه المعلومة للناس بوجود قطب غوث وأن له قدرات بالتصرف في الكون وكأن الله أوكل إليه تنفيذ القدر من حجاب الغيب ..!!

 

3- أو تقول: لماذا الإصرار على فرض مسألة غيبية وترويجها بين الناس .. سواء كان يوجد قطب أم لا يوجد ؟

 

4- أو تقول: لماذا الترويج لمسألة غيبية وصبغها بصبغة دينية .. وهي لا دليل عليها من الشرع من أساسه .. ؟!!

 

5- وباختصار السؤال: وبعدين ؟ يعني بعد ما عرفنا أنه يوجد قطب الأولياء وله مكانة عند ربنا .. ماذا كسبنا من وراء ذلك ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- الذي يستحق الغرابة فعلا أخي الحبيب .. هو لماذا أهل التصوف الكشفي .. أظهروا للناس ما فيه فتنة لهم وهم ليسوا في حاجة إليه ؟!!

- حيث أنه لو كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يظهر ذلك ويوضحه لكان قال به وبلغنا عنه ..!!

- بل والأغرب مخالفتهم لكلام الإمام علي بن أبي طالب حيث قال: (حَدِّثُوا النَّاسَ بما يَعْرِفُونَ .. أتُحِبُّونَ أنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ ورَسولُهُ) صحيح البخاري.

- ومن المفترض عندهم هو الإلتزام بمحبة أهل البيت النبوي رضي الله عنهم وأرضاهم .. فهل المحبة عندهم تأتي بتجاهل وصية الإمام علي التي أخذها بكل تأكيد عن النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!

- أم أنه كانت في بعض النفوس رغبات أخرى حين نشر هذه المكاشفات التي لا دليل عليها من كلام الله ورسوله ؟!!

 

2- الذي ألاحظه من وراء الترويج لمكانة القطب بين الناس .. وتفخيم هذه الرتبة ونشرها بين العوام .. هو ليس الإعتقاد في وجوده فحسب لأن وجوده شيء غير ممتنع عقلا كما سبق وأوضحنا ذلك .. إذ أنه يجوز أن يكون من الأولياء من يعلو غيرهم  في الرتبة والدرجة ..

 

- وإنما المقصد من الترويج ونشر المعلومات عن هذا القطب – والله أعلم - هو الإعتقاد في قدرات هذا القطب وبالتالي البحث عنه ليغيثهم ويقضي حوائجهم .. لأنه لما لم يظهر معنى كلمة القطب في نفوس العوام .. فأضافوا إليه لفظ (الغوث) حتى تنتبه وتفهم وتعتقد فيه بأنهم يستطيعون أن يقضوا حاجتك ..!!

 

- أي جعلوه وسيلة إلى الله ..!!

 

- ثم وضع بعض أهل التصوف الكشفي امتيازات خاصة لهذا القطب الغوث .. ذو القدرات الخارقة حيث أنه مخصوص بعناية من الله .. فمنحه من الكرامات ما يجعله يتصرف في بعض الأمور في الكون .. وله سلطة على الأولياء وغير الاولياء وغير ذلك من وظائف وضعوها لهذا القطب .. !!

 

- لم أحب أن أنقل هنا بعض ما يقال عن هذا القطب .. لأنها أقوال تثير في النفس الغثيان .. لأن ما يتم منحه من قدرات خاصة لهذا القطب في معتقد بعض الصوفية لم أجده في نبي ولا رسول .. وأحسبها تفوق خيال وتصور الإنس والجن والملائكة مجتمعين .. وكان ينقص فقط أن يقولوا عن هذا القطب الغوث أنه ابن الله المتصرف في الكون نيابة عن الله ..!!

 

- وأشهد الله أن هذا ليس تصوف .. وإنما دعوة للإعتقاد في المشايخ ..!!

 

- علما بأن عقيدتي في القدرات الخاصة الممنوحة لكل ولي لله حتى الأنبياء والرسل فيما يتعلق بتأثيرهم في الآخرين .. إنما يكون من خلال الدعوة المستجابة والتي تكون بإذن من الله أيضا .. فيجعله الله مستجاب الدعاء فيهم .. ولذلك نجد في القرآن أن الله كان يوجه الأنبياء للدعاء .. وكان الأنبياء يدعون للناس .. فالله يقول لنبيه: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) التوبة103 .. وقوله (صل عليهم) أي وادعو لهم .. وسيدنا يعقوب قال لبنيه (قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي) يوسف98.. وغير ذلك كثير في القرآن .

 

- حتى أن قهر الظالمين .. يكون بالجهاد وبالدعاء ..

 

#- إما عن التصرفات الفردية لبعض الأولياء .. بالتأثير على الآخرين بطريق غيبي مثلما حدث مع الذي عنده علم من الكتاب .. وكما حدث للخضر عليه السلام مع سيدنا موسى .. وبغض النظر عن كونه ولي أو نبي ..

 

- فالسؤال هنا: هل فعل ما فعل عن نفسه أم عن ربه ؟ أكيد فعله عن ربه ..

 

- إذن فلا سلطة له على فعل شيء إلا بقدر ما يأذن له الله .. لأنه يتصرف بالله وليس عن نفسه ولا بمزاجه ولا برغبته .. وليس له سلطات ممنوحة بفعل ما يريد ليتصرف به في الكون وليس له سلطات على الأولياء وعلى الخلق في الكون .. وإلا كان من باب أولى كان للخضر عليه السلام سلطة على سيدنا موسى عليه السلام أو العكس ..!!

 

- فما ينسب لهذا القطب من وظائف خارقة يزعمها بعض أهل التصوف الكشفي .. فهي فوق حدود ما نطق به القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا يسمى فساد وتضليل للمؤمنين .. لأنه تحريض للمؤمنين للإيمان بما هو ليس بعقيدة في دينهم من أساسه ..!!

 

- إذا كان هذا القطب الغوث له ما له من القدرات الخارقة بالتصرف في الكون كما يزعم أهل التصوف الكشفي .. فلماذا حال المسلمين لازال كما هو في الحضيض ؟!!

- أين كرامات هذا الغوث في الأمة ؟!! أم أن تأثيره الكوني فقط لعقوبة بعض الأفراد ومنح البركات لبعض الأفراد ..؟!!

- أفلا تعقلون ؟!!

 

**************************

 

..:: س26: هل القطب الغوث وسيلة إلى الله ؟ ::..

 

- من الغرائب أيضا التي قد تسمعها .. أن هذا القطب هو وسيلة إلى الله .. ووسائل القرب إلى الله مسموح بها بدليل قوله تعالى: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ) المائدة35.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- قد يكون بعض الصالحين وسيلة إلى الله .. سواء بإرشاد الناس إلى الله .. أو بالدعاء لهم .. ولكن هل أنت قرأت الآية أم اكتفيت باجتزاء شيئا منها لترضي نفسك بما تفعله ؟

 

- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) المائدة35.

 

#- المعنى من التفسير الوسيط:

- يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، خافوا الله، وتَقَرَّبوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه، وجاهدوا في سبيله .. كي تفوزوا بجناته. (انتهى النقل من التفسير).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- انتبه لأمر مهم .. وهو أنه قبل طلب الوسيلة .. فإن الله قد قال:  (اتَّقُوا اللَّهَ) .. ونفهم من كده أنه حتى تنفعل الوسائل معك وتكون سببا في القرب إلى الله .. فلابد أن تتقي الله بأن تجتنب ما لا يرضي الله أو تبتعد عما نهاك عنه .. حتى يوفقك الله للوسيلة التي تقربك إليه بل وحتى تؤتي هذه الوسيلة ثمارها معك بما ترجوه منها .. سواء كانت هذه الوسيلة هي فعل نوعا من العبادة أو المعاملة تتقرب به إلى الله .. أو حتى التوفيق لمقابلة شيخ يقربك إلى الله أو يدعو لك.

 

- فمثلا .. التوفيق لملاقاة شيخ يتق الله فيك ليقربك إلى الله ويحببك فيه أو ليكون مقبول الدعاء فيك .. فهذا يستوجب أن تكون نويت أن تتغير وتتقي الله في نفسك .. ولكن إذا كانت عزيمتك هي الاستمرار على أخطاءك فماذا يفعل لك الشيخ مهما قام بتوجيهك أو بالدعاء لك إذا كنت أنت لازلت مُصر على ما تفعله من أخطأء ولا تريد أن تغير من نفسك ؟!!

 

2- ومع اجتهادك في محاولة تقوى الله وفعل ما يقربك إلى الله فهذا يكون أيضا مصحوبا بمجاهدة نفسك لتظهر أنك مستحق لمدد العناية الإلهية .. وإلا ما كان قد قال لك (َابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ..

 

- لكن يا أخي الحبيب .. أن تأتي وتأخذ من الآية الذي تهواه ويتفق مع مزاجك وتترك باقي الآية .. فهذا أسلوب منحرف في التعامل مع كلام الله .

 

- وخلاصة الكلام:

- هو أن وسائل القرب من الله يصاحبها التقوى منك قدر استطاعتك .. حتى ترى ثمار ونتيجة هذه الوسيلة معك .. وأيضا يصاحبها مجاهدة نفسك وشيطانك ..

#- ومن ناحية أخرى:

- كيف ستطلب من هذا القطب الغوث أن يدعو لك وأنت لا تعرفه ؟ فهل ستقف في غرفتك وتنادي عليه وتقول (أيها القطب الغوث) كما أوضحنا ذلك في سؤال سابق .. ؟!! والتالي فحضوره في قلبك بظهر بالغيب أقوى من وجود الله في قلبك .. وهذا خلل كبير في قلبك حينئذ ..!!

 

- أم ستتوسل به إلى الله .. وتقول (يارب بحق القطب الغوث) اعمل لي كذا وكذا .. ولكن لماذا لم تقل بحق الأولياء والأنبياء والصالحين والمتقين والمحبين والمحسنين .. أو بحق النبي الأمي .. ولكنك اقتصرت على القطب الغوث ..؟!!

- فهل هو له حق عند الله والأنبياء والرسل وغيرهم من المحسنين ليس لهم حق عند الله ..؟!! أم ان اعتقادك فيه أرجح من اعتقادك في غيره ..؟!!

- أهذا كلام يعقله عاقل ..

  *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .