ج8: رسالة حقيقة الأولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والنجباء والأبدال - هل يوجد دليل في الشريعة على وجود مقام الإمامين الذي يتكلم عنه أصحاب التصوف الكشفي - هل يوجد دليل في الشريعة لمقام الأوتاد الذي يتكلم عنه أصحاب التصوف الكشفي.

       بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

حقيقة الأولياء

وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والأبدال والنجباء 

 (الجزء الثامن)

#- فهرس:

:: الفصل الثامن :: عن مقام الإمامين والأوتاد الأربعة ::
1- س33: هل يوجد دليل في الشريعة على وجود مقام الإمامين الذي يتكلم عنه أصحاب التصوف الكشفي ؟
2- س34: هل يوجد دليل في الشريعة لمقام الأوتاد الذي يتكلم عنه أصحاب التصوف الكشفي ؟

************************

 

..:: س33: هل يوجد دليل في الشريعة على وجود مقام الإمامين الذي يتكلم عنه أصحاب التصوف الكشفي ؟ ::..

 
- قال بعض أهل التصوف الكشفي .. أنه يوجد مقام في الولاية أقل من رتبه القطب (الذي لا دليل عليه في الشريعة من أساسه) .. وهذا المقام هو ما أسموه بالإمامين .. وهما شخصين يكونا تحت سلطة القطب ..
 
- فهما وزيري القطب .. أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره .. وذلك حسب هيكل سلطة الولاية التي تكلموا عنها أهل التصوف الكشفي .. ويتم وصفها بأنها الحكومة الباطنية أو دولة الأولياء التي تبدأ من القطب وتنتهي بالنجباء والرفقاء .. وقد نتكلم عن هذه الحكومة الباطنية في آخر الرسالة إن شاء الله .
 
- وحين البحث عن وجود مقام الإمامين .. لم أجد أي نص شرعي يشير إلى هذا المقام .. لا نص صحيح ولا ضعيف ولا حتى مكذوب ..!!
 
- ولكن دليل بعض أهل التصوف الكشفي في ذلك هو كشفهم الروحاني .. !!
 
- وهذا الكشف لا قيمة له في شيء .. ولا يعتد به .. ولا ينظر إليه .. ولا نعتقد فيه ..
 

*********************

 

..:: س34: هل يوجد دليل في الشريعة لمقام الأوتاد الذي يتكلم عنه أصحاب التصوف الكشفي ؟ ::..

 
- في بعض الروايات قد جاء لفظ الأوتاد أو ما يدل عليه .. وكلها روايات ليس فيها حديث نبوي .. وكلها روايات لم يصح منها شيئا .. !!
- فالروايات هما روايتين لأحاديث موقوفة على صحابيين .. وهما علي بن أبي طالب وأبو الدرداء .. ثم مجموعة أثار من أقوال يتم تداولها في الكتب .. وقد تم أخذ هذه المرويات من رسالة (الخبر الدال للسيوطي) .. ولكن رجعت إلى أماكن وجود هذه المرويات لمعرفة سندها والتحقق منها .. وإليك بيان الحكم على هذه المرويات ..
 
#- أولا: حديث موقوف (موضوع) ..
- عن سعيد بن الوليد الهجري عن أبيه قال: قال علي: (إن الأوتاد من أبناء الكوفة وفي مصر من الأمصار .. وفي أهل الشام أبدال) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- حديث موضوع أو ضعيف جدا مسلسل بالمجاهيل .. وعلته (محمد بن علي بن الحسن الحسني) مجهول الحال .. وفيه (محمد بن الحسين بن غزال) مجهول الحال .. وفيه (سعيد بن الوليد الهجري) مجهول الحال .. وفيه (حسن بن حسين وهو "حسن بن القاسم بن الحسين البجلي") مجهول الحال .. والله أعلم.
 
#- ثانيا: حديث موقوف (موضوع) ..
- عن أبي الدرداء قال: (الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام كَانُوا أوتاد الأَرْض .. فَلَمَّا انْقَطَعت النُّبُوَّة أبدل الله تَعَالَى مكانهم قوما من أمة أَحْمد يُقَال لَهُم الآبدال .. لم يفضلوا النَّاس بِكَثْرَة صَوْم وَلَا صَلَاة وَلَا تَسْبِيح وَلَكِن بِحسن الْخلق وبصدق الْوَرع وَحسن النِّيَّة وسلامة قُلُوبهم لجَمِيع الْمُسلمين والنصيحة لله تَعَالَى ابْتِغَاء مرضاته بصبر وحلم ولب وتواضع فِي غير مذلة .. فهم خلفاء من الْأَنْبِيَاء قوم اصطفاهم الله تَعَالَى لنَفسِهِ واستخلصهم بِعِلْمِهِ لنَفسِهِ .. وهم أَرْبَعُونَ صديقا مِنْهُم ثَلَاثُونَ رجلا على مثل يَقِين إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن .. بهم تدفع المكاره عَن أهل الأَرْض والبلايا عَن النَّاس وبهم يمطرون وبهم يرْزقُونَ لَا يَمُوت الرجل مِنْهُم أبدا حَتَّى يكون الله تَعَالَى قد أنشأ من يخلفه وَلَا يعلنون شَيْئا وَلَا يُؤْذونَ من تَحْتهم وَلَا يتطاولون عَلَيْهِم وَلَا يحقرونهم وَلَا يحسدون من فَوْقهم وَلَا يحرصون على الدُّنْيَا لَيْسُوا بمتماوتين وَلَا متكبرين وَلَا متخشعين أطيب النَّاس خَبرا وأورعهم أنفسا طبيعتهم السخاء وصفتهم السَّلامَة من دَعْوَى النَّاس قبلهم لَا تتفرق صفتهمْ لَيْسُوا الْيَوْم فِي حَال خشيَة وَغدا فِي حَال غَفلَة وَلَكِن مداومين على حَالهم .. وهم فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم لَا تدركهم الرّيح العاصف وَلَا الْخَيل المجراة .. قُلُوبهم تصعد فِي السَّمَاء ارتياحا إِلَى الله تَعَالَى واشتياقا إِلَيْهِ قدما فِي اشتياق الْخيرَات {أُولَئِكَ حزب الله أَلا إِن حزب الله هم المفلحون}.
- قلت يَا أَبَا الدَّرْدَاء: مَا شَيْء أثقل عَليّ من هَذِه الصّفة الَّتِي وصفتها فَكيف لي بِأَن أدْركهَا ؟ قَالَ لَيْسَ بَيْنك وَبَين أَن تكون فِي أَوسط ذَلِك إِلَّا أَن تبغض الدُّنْيَا فَإِذا أبغضت الدُّنْيَا أقبل عَلَيْك حب الْآخِرَة وبقدر مَا تزهد فِي الدُّنْيَا تحب الْآخِرَة .. وبقدر مَا تحب الْآخِرَة تبصر مَا ينفعك وَمَا يَضرك .. فَإِذا علم الله صدق الطّلب من عَبده .. أفرغ عَلَيْهِ السداد واكتنفه بعصمته .. وتصديق ذَلِك فِي كتاب الله الْعَزِيز {إِن الله مَعَ الَّذين اتَّقوا وَالَّذين هم محسنون}.
- فَنَظَرْنَا فِي ذَلِك فَمَا تلذذ المتلذذون بِشَيْء أفضل من حب الله تَعَالَى وَطلب مرضاته) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على هذه الرواية:
- الحديث موضوع .. وعلته الآتي:
- (عبد الرحمن بن حبيب) متروك الحديث .. قال أبو حاتم: يضع الحديث على الثقات .. وقال الذهبي: ليس بثقة .. وقال أبو نعيم الأصبهان: روى عن بن عيينه وبقية الموضوعات .
- (داود بن محبر) وضاع للحديث .. وهو داود بن المحبر بن قحذم بن سليمان بن ذكوان
- (ميسرة بن عبد ربه الفارسي) كذاب يضع الحديث.
- (أبو عبد الله الشامي) لم أعرفه .. !!
 - والله أعلم.
 
#- ثالثا: (حديث مقطوع ضعيف) .. جاء عن أبي الزناد "تابعي" المتوفى (130هـ):
- قال أبو الزناد: (لما ذهبت النبوة - وكانوا أوتاد الأرض - أخلف الله مكانهم أربعين رجلا من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يقال لهم الأبدال .. لا يموت الرجل منهم حتى ينشئ الله مكانه آخر يخلفه .. وهم أوتاد الأرض .. قلوب ثلاثين منهم على مثل يقين إبراهيم، لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا بكثرة الصيام ولا بحسن التخشع ولا بحسن الحلية ولكن بصدق الورع وحسن النية وسلامة القلوب والنصيحة لجميع المسلمين ابتغاء مرضاة الله بصبر حليم ولب رحيم، وتواضع في غير مذلة .. لا يلعنون أحدا ولا يؤذون أحدا .. ولا يتطاولون على أحد تحتهم ولا يحقرونه .. ولا يحسدون أحدا فوقهم .. ليسوا بمتخشعين ولا متماوتين ولا معجبين .. لا يحبون لدنيا ولا يحبون الدنيا، ليسوا اليوم في وحشة ولا غدا في غفلة) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق..
 
#- من معاني الرواية السابقة:
- قوله (متخشعين): يتصنعون أنهم أهل خشوع .
- قوله (المتماوتين): أي الذي يظهر بمظهر الضعف والتعب أمام الناس نتيجة كثرة العبادة والزهد والصوم .. وهذا دليل الرياء ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على هذه الرواية:
1- هذا الخبر لا حجة فيه شرعا .. لانقطاع معرفة مصدر هذا الخبر الذي رواه التابعي وهو هنا أبو الزناد واسمه الحقيقي "عبد الله بن ذكوان" ..!!
 
2- وهذا الخبر في سنده يوجد علة تضعفه .. وهي "الحسن بن محمد بن يوسف بن يوه الأصبهاني" وهو مجهول الحال ..
 
- والله أعلم .
 
#- رابعا: جاء في الأثر (عن رجال القرن الرابع الهجري):
- عن عَبْد العزيز بْن أَبِي الْحَسَن القرميسيني، حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن جهضم الهمذاني بمكة، حَدَّثَنَا عُبَيْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد العيشي قَالَ: سمعت الكتّانيّ يقول: (النقباء ثلاثمائة، والنجباء سبعون، والبدلاء أربعون، والأخيار سبعة، والعمد أربعة، والغوث واحد .. فمسكن النقباء المغرب، ومسكن النجباء مصر، ومسكن الأبدال الشام، والأخيار سياحون في الأرض، والعمد في زوايا الأرض، ومسكن الغوث مكة، فإذا عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيها النقباء، ثم النجباء، ثم الأبدال، ثم الأخيار، ثم العمد، ثم أجيبوا وإلا ابتهل الغوث؛ فلا يتم مسألته حتى تجاب دعوته) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على هذه الرواية:
- إذا كان هذا الأثر في نفسه ليس حجة شرعية .. فهذا الأثر أصلا مكذوب من أساسه على الإمام أبو بكر الكتاني ..!!
- فحينما راجعت سند هذه الرواية .. وجدتها رواية مكذوبة على أبو بكر الكتاني رحمه الله (المتوفى 322هـ) .. ولا يصح تداولها كمعلومة صحيحة وإنما يتم تداولها لبيان كذبها ..
 
- فقد وجدت في هذه الرواية السابقة علتين:
أ- العلة الأولى: وجدت فيها (عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن جهضم الهمذاني) وقال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (18/276): ليس بثقة بل متهم بالوضع ويأتي بمصائب ..
 
ب- العلة الثانية: وهي (عَبْد العزيز بْن أَبِي الْحَسَن القرميسيني) وهو مجهول الحال ..
- والله أعلم .
 
#- خامسا: جاء في الأثر (عن رجال القرن الرابع الهجري):
- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ .. ثنا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عِمْرَانَ مُوسَى بْنَ عِيسَى يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: (قَالَ أَبُو يَزِيدَ أَوْ سُئِلَ مَا عَلَامَةُ الْعَارِفِ؟ فَقَالَ: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا} [النمل: 34] الْآيَةَ وَقَالَ: عَجِبْتُ لِمَنْ عَرَفَ اللَّهَ كَيْفَ لَا يَعْبُدَهُ، وَقِيلَ لَهُ: إِنَّكَ مِنَ الْأَبْدَالِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ هُمْ أَوْتَادُ الْأَرْضِ، فَقَالَ: أَنَا كُلُّ السَّبْعَةِ، وَسُئِلَ: مَتَى يَبْلُغُ الرَّجُلُ حَدَّ الرِّجَالِ فِي هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: إِذَا عَرَفَ عُيُوبَ نَفْسِهِ فَحِينَئِذٍ يَبْلُغُ مَبْلَغَ الرِّجَالِ وَقَالَ: إِنَّ لِلَّهِ عِبَادًا لَوْ حُجِبُوا عَنْهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ ثُمَّ أُعْطُوا الْجِنَّانَ كُلَّهَا مَا كَانَ لَهُمْ إِلَيْهَا حَاجَةٌ وَكَيْفَ يَرْكَنُونَ إِلَى الدُّنْيَا وَزِينَتِهَا وَهُمْ خَصَائِصُ الْرَّحْمَنِ) رواه أبو نعيم في الحلية.. وقد ذكر هذا الأثر أيضا الإمام السيوطي في (الخبر الدال).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على هذا الأثر:
- إذا كان هذا الأثر في نفسه ليس حجة شرعية .. فهذا الأثر أصلا في سنده من هو متهم بالكذب .. والمروي عنه متروك الحديث ..!!
 
1- في سنده: (مَنْصُورَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - وكنيته  أَبُو عَلِيٍّ الذُّهْلِيُّ الخَالديُّ الهَرَوِيُّ) وهو متهم بالكذب .. قال عنه الذهبي أنه غير ثقة .. وقَالَ أَبُو سَعْدٍ الإِدْرِيْسِيّ: كذَّاب لاَ يُعْتَمَد عَلَيْهِ. (راجع سير أعلام النبلاء ج12 ص545 برقم 3699) وكذلك راجع (راجع تاريخ بغداد ج13 ص85 برقم 7063) ..
 
2- والمروي عنه .. وهو أبو يزيد البسطامي .. هو متروك الحديث ..
 
#- سادسا: جاء في الأثر (عن رجال القرن الرابع الهجري):
- أخرج القشيري في (الرسالة القشيرية) بسنده فقال: سمعت محمد بن الحسين رحمه الله، يقول: سمعت محمد بن عبد الله الرازي يقول: سمعت بلال الخواص قال: (كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني فعجبت، فألهمت أنه الخضر - عليه السلام - فقلت له: بحق الحق من أنت؟ قال: أخوك الخضر، قلت: أريد أن أسألك، قال: سل، قلت: ما تقول في الشافعي؟ قال: هو من الأوتاد، قلت: وما تقول في أحمد بن حنبل؟ قال: رجل صدِّيق، قلت: ما تقول في بشر الحافي؟ قال: لم يخلق بعده مثله .. قلت: بأي وسيلة رأيتك؟ قال: ببركة أمك) رواه القشيري في رسالته.. وهذا الأثر ذكره أيضا الإمام السيوطي في رسالته (الخبر الدال) .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على هذا الأثر:
1- إذا كان هذا الأثر في نفسه ليس حجة شرعية .. فهذا الأثر أصلا في سنده ضعف ..!!
 
- وعلة هذا السند هي (مُحَمَّدُ بنُ الحُسَيْنِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ موسى بن خَالِد بن سَالِم – وكنيته أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّيْسَابُوْرِيُّ الصُّوْفِيُّ) هو ضعيف الحديث .. وقال عنه الذهبي في مجمل حكمه عليه: في تصانيفه أحاديث وحكايات موضوعة، وفي حقائق تفسيره: أشياء لا تسوغ أصلا .. (راجع سير أعلام النبلاء ج13 ص43 برقم 3777) ..
 
2- وبِلَالٌ الْخَوَّاصُ مجهول الحال وهو من رجال القرن الرابع الهجري .. لا يوجد من جرحه بل ويزكيه أنه يروى عنه الثقات .. مثل محمد بن عبد الله الرازي ، أبو جعفر محمد بن صالح ابن ذريح.
- وبِلَالٌ الْخَوَّاصُ قد ذكره الإمام السلمي في تاريخ الصوفية بأنه من مشايخ الصوفية المتأخرين ببيت المقدس .. (راجع الوافي بالوفيات ج10 ص177).
 
#- سابعا: جاء في أقوال بعض العارفين (رجال القرن السابع الهجري):
- قال السيوطي في رسالته الخبر الدال:
- وفي كفاية المعتقد لليافعي - نفعنا الله تعالى ببركته - قال بعض العارفين: (الصالحون كثير مخالطون للعوام لصلاح الناس في دينهم ودنياهم، والنجباء في العدد أقل منهم، والنقباء في العدد أقل منهم، وهم مخالطون الخواص، والأبدال في العدد أقل منهم نازلون في الأمصار العظام لا يكون في المصر منهم إلا الواحد بعد الواحد، فطوبى لأهل بلدة كان فيها اثنان منهم .. والأوتاد واحد باليمن وواحد بالشام وواحد في المشرق وواحد في المغرب .. والله سبحانه يدير القطب في الآفاق الأربعة من أركان الدنيا كدوران الفلك في أفق السماء، وقد سترت أحوال القطب - وهو الغوث - عن العامة والخاصة غيرة من الحق عليه) ذكره السيوطي في الحاوي ورسالته الخبر الدال .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على هذا الأثر:
- إذا كان هذا الأثر في نفسه ليس حجة شرعية .. فهذا الكلام الذي نقله الإمام اليافعي رحمه الله (المتوفى 768 هـ) .. عن أحد العارفين فهو كلام مجهول المصدر ولا نعرف عمن نقل هذا الكلام ولا مصدره ..!!
 
#- خلاصة القول في كل ما سبق:
1- لم يصح رواية واحدة عن الأوتاد .. بل ولم نجد مفهوم الأوتاد الذي تكلم عنه أهل الكشف الصوفي في هذه الروايات .. وهذه نقطة تستحق الملاحظة جدا .. !! إلا ما ذكره الإمام اليافعي عن بعض العارفين وذلك في القرن السابع الهجري .
 
- وإجمالا تستطيع أن تقول بأن مفهوم الأوتاد الذي يروج له أهل التصوف الكشفي .. هو شيء لا وجود له في الشريعة .. لا من قريب ولا من بعيد .. فلا توجد في سند صحيح ولا ضعيف ولا حتى سند مكذوب .. لأن حتى الروايات الضعيفة والمكذوبة لها مفهوم آخر عن الأوتاد بمعنى الأبدال .. وليس بالمعنى الذي قاله أهل التصوف الكشفي .. فانتبه ..!!
 
2- بغض النظر عن كذب الروايات المروية عن الصحابيين علي وأبو الدرداء .. وضعف بعضها عن التابعين وتابعيهم .. إلا أنني أريدك أن تنتبه لشيء مهم في مستوى المرويات ..
 
- حيث أن الروايات التي تم ذكرها .. اختلف فيها مفهوم الأوتاد على مرحلتين:
- الأولى: عن أهل التصوف قبل القرن الرابع الهجري حيث كان مفهوم الأوتاد عندهم فيه إشارة إلى الأنبياء ثم انتقل المفهوم للفظ الأبدال ..
 
- الثانية: أما مفهوم الأوتاد عند أهل التصوف الكشفي والذي بدأ في الانتشار من بعد القرن الرابع الهجري تقريبا .. فهو يقصد به عندهم وجود أربعة نواب للقطب في دولة الأولياء الباطنية !!
 
#- خد بالك المعلومة السابقة دي مهمة جدا .. وانتبه لها .. لأنها قد تفيدنا عند كلامنا على الأبدال فيما بعد .. إن شاء الله تعالى.
 
#- ختاما لما سبق .. قد تستغرب أخي الحبيب .. فتسأل:
- لماذا قمت بتحقيق روايات الأثر بالرغم من أنها ليست حجة شرعية أصلا ؟
- والجواب على ذلك:
1- حتى أنبهك إلى أنك تكن منتبها لما تقرأه أو يقال لك عن أقوال الصالحين أو القصص المروية عنهم .. فلا تأخذ شيئا وكأنه معلومة صحيحة .. لا .. فطالما يوجد فيما سمعته ما لا تطمئن له فحاول أن ترجع لسند هذا القول .. فإن لم تجد له سند .. فتعامل معه كأنه لم يكن !!
 
- فبعض الأقوال يتم ذكرها في الكتب وكأنها حقائق يتم التسليم لها .. في حين أن هذه الروايات لم يقل بها أصحابها المروية عنهم .. فيوجد كذب تم وضعه على بعض أهل التصوف وعلى التابعين وعلى الصحابة بل وعلى النبي نفسه .. ولولا الرجوع إلى بيان السند ما عرفنا هذا الكذب .
 
2- كثير من القصص الصوفية هي نسيج من كذب بعض القصاصين للقصص ويقومون بنسبتها للعارفين حتى يجد لها قبولا بين الناس .. أو قد يأخذها عنهم بعض أهل العلم دون تحقيق لها ومن باب حسن الظن بقائلها .. كما في قصة بلال الخواص .. فمن نشر القصة هو عالم من الحفاظ ولكنه غير محقق للمرويات التي يذكرها ولذلك ضعفه العلماء في روايته للاحاديث والقصص التي يذكرها ..!!
 
#- صدقني أخي الحبيب:
- دون تحقيق لهذه المرويات .. سيتم تداول المعلومة الخاطئة في الكتب ونشرها .. وهذا خطأ كبير في نشر العلم الديني .. لأنه قد يترتب عليه معتقدات لا وجود لها .
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على مقام الإمامين والأوتاد حسب ما زعم أهل الكشف الصوفي .. ولم نجد لهما دليل في الشريعة يتوافق مع المعتقد لبعض لأهل التصوف الكشفي ..!!
- وبعد ذلك نتكلم إن شاء الله عن مقامات جديدة حسب المعتقد الصوفي في الترتيب لمقامات الولاية .. والآتي هو مقام الأبدال إن شاء الله تعالى ..  

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .