ج14: رسالة حقيقة الأولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والنجباء والأبدال - هل يجوز مناداة أحد بظهر الغيب من الأحياء أو الأموات ليدعو لك وأنت لا تراه - ما هو معنى طلب المدد والمقصود منه - ختام الرسالة

             بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

حقيقة الأولياء

وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والأبدال والنجباء 

 (الجزء الرابع عشر)

#- فهرس:

:: الفصل الرابع عشر :: عن مفهوم المدد ومناداة الأشخاص أحياء وأمواتا وختام الرسالة ::

1- س48: هل يجوز مناداة أحد بظهر الغيب من الأحياء أو الأموات ليدعو لك وأنت لا تراه ؟

- فتوى: لا يجوز طلب ما لا قدرة للإنسان عليه ..!!

- فتوى: مناداة العالم الغيبي يستوجب علم بالغيب الذي هو من علم الله .. وبالتالي فهو مشرك لأنه يكون قد علم الغيب ..!!

- فتوى: هي مسألة مناداة الأموات وليس الأحياء .. هل يجوز أم لا ؟

2- س49: ما هو معنى طلب المدد والمقصود منه ؟

3- ختام الرسالة.

************************

..:: س48: هل يجوز مناداة أحد بظهر الغيب من الأحياء أو الأموات ليدعو لك وأنت لا تراه ؟ ::..

- بالرغم من أنه تمت الإجابة على هذا السؤال بطريقة أخرى .. عند السؤال (س24: هل يصح مناداة القطب الغوث وكيف تدعوه ؟!!) .. وأوضحت رأيي هناك .. بأن هذه المناداة مرفوضة لأنها مخالفة لما هو أولى فعله وهو اللجوء إلى الله بالدعاء ..

 

- ولكن هنا أريد أن أعرض عليك بعض الأفكارالتي يروج لها البعض في فتواه .. حتى تبصر كيف تصدر الفتوى عند بعض الطوائف بما هو رأي خاص من أصحابها وليس عن حكم شرعي صحيح له نص يؤيده .. وإنما مجرد آراء تقوم على تكفير بعض المؤمنين وتجعل منهم مشركين لأنهم أرادوا ذلك انتصارا لمذهبهم وليس لأن الشريعة تقول بذلك ..!!

 

#- وإليك أمثلة لبعض هذه الفتاوى:

- قال بعض من يرتدي عباءة المشيخة ويصفونه بصاحب الفضيلة: أن من ينادي على عالم الأحياء طلبا للدعاء منهم فهو مشرك بالله ؟!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: حاولت أن أفهم لماذا قال صاحب هذا الفتوى بتشريك المؤمنين أي جعلهم مشركين بالله .. فلم أجد إلا أنه افترض أن المناداة إنما تكون لطلب ما هو ليس في قدرة البشر .. ثم يستدل ببعض آيات كقوله (وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) فاطر13-14.. !!

 

- فصاحب هذه الفتوى قد افترض افتراضا ليس له وجود في السؤال من أساسه .. ولم يجيب على السؤال الأصلي وهو: ما حكم النداء على أحد من الأحياء بظهر الغيب ليدعو له الله ؟!! فيقول مثلا يا أهل الله ادعو لي الله أن يفرج عني كربي ..

 

- ثم نقول له: لماذا افترضت أن بعض المسلمين يطلب من مخلوق قدرة إلهية ؟!! فهل وقفت بجوارهم وهم يعلنون الشرك بالله ويطلبون من مخلوق أن يرزقه أو يحي له الموتى أو ينزل له الغيث أو يخبره بغيب السموات والأرض أو ما شابه ذلك مما هو في قدرة الله فقط ..؟!!

 

- بكل تأكيد .. لا يوجد من يطلب ذلك من مخلوق .. وعلى افتراض لو حدث ذلك فهو بكل تأكيد عن سوء في القول نتيجة قلة ثقافته وجهله أو خطأه في قوله وليس لأنه أراد أن يجعل له شريكا لله ..!! وهذا كما هو حال من جاء وصفه في الحديث: (لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ) صحيح مسلم.

- فكون الإنسان يخطأ في اللفظ مع الله .. فالله أعلم بإيمان الناس وما تحمله قلوبهم .. وبدلا من تكفير الناس وتشريكهم فالأفضل توجيههم وإلتماس العذر لهم .. !! 

 

- أما عن الآية التي استدل بها فهي لا علاقة لها بالمسألة من أساسه .. ويمكنك الرجوع للسؤال رقم (24) وستجد مناقشة ذلك هناك .

*******************

 

- ثانيا: ثم يعود صاحب الفتوى ويعلن سبب الشرك بالله فيقول قولا لا يقول به عاقل في عالم العقلاء .. فيقول ما ملخصه: أن مناداة العالم الغيبي يستوجب أن يكون من تناديه عالما بالغيب .. وبالتالي أنت مشرك لو اعتقدت في أحد معرفة الغيب غير الله ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- على هذا المنطق الذي قال به هذا المفتي .. فعمر بن الخطاب من المشركين في منطق هذا المفتي .. لأنه نادى على سارية قائد جيشه وكان في العراق بينما كان عمر بالمدينة حينئذ .. وبالتالي فإن سارية كان يعلم الغيب ولذلك عمر ناداه .. كما في زعم ذلك المفتي الذي لم يتقي الله في فتواه ..!!

- ولا أدري ماذا يسمي هذا المفتي هذه المناداة حينئذ وما هو حكمه على عمر بن الخطاب ؟

 

2- ومن ناحية أخرى .. ما علاقة مناداة أحد بظهر الغيب بكونه المنادى عليه يعلم الغيب أم لا يعلمه .. إذ أن علم الغيب هو معرفة أقدار الله التي لم يحيط بها أحد .. فما علاقة هذا بمن ينادي أحد بظهر الغيب .. ؟!! أليس في ذلك جهل عميق من هذا المفتي ..!!

- فهل هذا كلام يعقله عاقل يا ناس .. بأن مناداة أحد غيبا  يستوجب معرفة المنادى عليه بعلم الغيب الذي هو أقدار الله ..!!

 

3- وماذا يقول المفتي في جواز النداء "يا عباد الله أعينوا" في حال المتاهة في الصحراء .. فهل هذا التوجيه حينئذ فيه نسبة بأن من ننادي عليه هو يعلم الغيب وبالتالي فنحن مشركون .. ويكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى الشرك بالله ..!!

أهذا كلام يقول به عاقل أو دارس في الشريعة ..!!

- ملحوظة: تم مناقشة هذه الرواية "يا عباد الله أغيثوا" في السؤال رقم (23) .

 

4- أما عن استلزام معرفة الغيب لمن ننادي عليه .. فهذا كلام لا يقول به عاقل ولا مؤمن صحيح الإيمان لأننا بمنطق هذا المفتي .. حينما نسلم على النبي فنحن بذلك نكون قد اعتقدنا فيه أنه يعلم الغيب وأصبحنا مشركين بالله بسلامنا على النبي صلى الله عليه وسلم .. !!

- فما هذا المنطق الفاسد الذي يتكلم به هذا المفتي ؟!!

 

#- وما سبق فقط جزء من مناقشة بعض الفتاوى التي تجدها على شبكة الإنترنت .. وتدل على مدى عمق الفساد في الفتوى وما تحمله من جهالة وبلادة عقلية وشرعية .. بل ويتم ترويج هذه الآراء على أنها فتاوى شرعية وعلم ديني صحيح .. والمصيبة الأكبر هو جرأة من يكتبون هذه الفتاوى على تكفير المؤمنين .. وهو يستبيح ذلك بمنتهى الأريحية .. لأن من حوله يطبلون له بوصف صاحب الفضيلة .. ولعل هذا أوجد في نفسه الحق في التطاول على المؤمنين بتكفيرهم .. !!

 

*******************

 

- ثالثا: من الفتاوى المشهورة على الإنترنت أيضا .. هي مسألة مناداة الأموات وليس الأحياء .. هل يجوز أم لا ؟

 

- فيقول المفتي ما ملخصه: أن مناداة الأموات تكون مثل مناداة الأصنام الذين لا يعقلون شيئا ولا يستجيبون لأحد ..، ثم كيف يتم مناداة الأموات وهم لا حيلة لهم وقد فقدوا الحول والقوة وعالم الأسباب ؟!! فلا يطلب ذلك من الأموات إلا من هو مشرك ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- صاحب الفتوى أخذ في الإتهام المباشر وتكفير الخلق .. ولم يميز بين كذا حالة في إجابة سؤاله هذا بين الآتي:

- الحالة المادية والحالة الروحانية للشخص ..

- وهل الموتى يسمعون الأحياء أم لا ؟

- وهل يمكن للموتى الدعاء للأحياء أم لا ..

 

1- أما عن الفرق بين الحالة المادية والروحانية للإنسان ..

أ- فهي أمر معلوم لكل العقلاء في كل زمان ومكان .. ولا ينكرها إلا من هو أعمى القلب وبليد العقل .. إذ أن الحالة الروحانية تحدث لكل إنسان مهما كانت عقيدته أو ديانته .. وهي كحالة النوم .. وفيها يكون التلاقي للأرواح ولا علاقة لعالم الأجساد بها .. وبالتالي فحكم المشاهدة الروحانية هو حكم النائم .. وحكم النائم لا إنكار فيه على أحد لو قال أنه رأى فلان وفلان وفلان وتكلم معهم وكلموه وأخبروه بكذا وكذا .. فهذا لم ينكره أحد عاقل .. ولم ينكره مؤمن أو غير مؤمن ..!!

 

ب- وبالتالي حينما يحدث تواصل مع احد الموتى فإنما يكون عن حالة روحانية خاصة جدا .. ولابد أن يكون فيها إذن من الله بذلك لحدوث هذا التواصل الروحاني .. لأن الموتى لا حيلة لهم في هذا التواصل إلا بقدر ما يأذن لهم الله في ذلك التواصل .. وكذلك ليس كل الاحياء لهم الإذن في حدوث تواصل روحاني منهم مع هؤلاء الموتى .. فالمسألة كلها محكومة بالإذن الإلهي وليس بمزاج عالم الإنس سواء أحياء أو أموات ..!!

- وإلا لو كانت المسألة بالمزاج والرغبة .. لكان كل واحد أراد رؤية النبي لكان رآه .. ولكن هذا لا يحدث .

 

ج- إذن فمناداة الأموات وطلب الدعاء منهم أو الاستفسار منهم عن شيء .. وأنت في حالة روحانية أنت تدركها وتبصرها بعين روحك وكأنك تشاهده ويكلمك فهذه حالة لا غبار عليها .. لأنها حالة روحانية بحته.

 

د- أما كون ما تراه هو حقيقة أم غير حقيقة فهذا لا علاقة له بمسألتنا .. لأننا نناقش هل يجوز الملاقاة روحانيا وطلب الدعاء أو سؤال الميت عن شيء أم لا ؟ طبعا يجوز ويصح ذلك .

 

هـ- بل ويصح أن يحدث هذا الحضور الروحاني بين اثنين لا يعرفون بعضهما .. فالشخص الحي قد يسمع الميت يكلمه ويخبره بأمور خاصة به مثل توصيل رسالة لآخرين من أهل بيته .. وهذا يحدث كثيرا للبعض خاصة من لديهم تفعيل روحاني ..

 

- وللمزيد عن معرفة هذه الحالات مع الصحابة والتابعين فيمكنك الذهاب إلى كتاب الروح للإمام بن القيم رحمه الله .

 

2- أما عن مسألة هل الأموات يسمعون الأحياء أم لا .. ثم المقارنة بين أحوال المؤمنين البرزخية بحال الكفار والأصنام ..

 

أ- فعجبا لمثل هذه الفتاوى .. كيف للموتى لا يسمعون الأحياء إذ أن السلام عليهم جاز شرعا .. فكيف نسلم حينئذ على من لم نسمعه ولا يعقل منا هذا السلام ؟!!

- فإذا كان الكافر الميت يسمع الكلام من حوله إلا أنه لا يستطيع الرد .. فكيف تنكرون ذلك على المؤمنين الأموات ؟!!

 

ب- أما عن مساواة المؤمنين بالكافرين في الحكم البرزخي فهذا أصلا مخالف للشريعة لأن الشريعة فرقت بين حال المؤمن وحال الكافر في البرزخ .. وإن دل كلامكم عن شيء فإنما يدل على جهل عميق منكم إذ كيف تخلطون حكم الكافر المحارب لله ورسوله بحكم المؤمن بالله ورسوله ؟!! فكيف ساويتم المؤمنين بالكافرين في الأحوال البرزخية .. ما لكم كيف تحكمون ؟!!

 

ج- بل والأعجب منك انكم ساويتم المؤمنين بالأصنام .. وجعلتم المناداة للمؤمن كالمناداة على الصنم وتأتون بآيات من القرآن لا تقال إلا في الأصنام وما يشابهها في الحكم ولا علاقة لها بأهل الإيمان .. فساويتم في الحكم بين من فيه من روح الله بمن هو حجر أصم .. أليس هذا انحراف عقلي واضح في القياس الفاسد الذي تنتهجوه ؟!!

 

- فهل الأصنام لها حياة في القبور وعذاب كما هو للإنسان عموما ؟!! بكل تأكيد .. لا .. فلماذا ساويتم بين حال المؤمن بالصنم ؟!!

- فما هذا الخلط الواضح والفاضح في تلفيق مثل هذه الفتاوى بمحض الهوى وبما فيها من مخالفة شرعية واضحة لما تستدلون به ..!!

- ماذا تقصدون من وراء ذلك ؟!!

 

3- أما عن إمكانية دعاء الموتى للأحياء .. فما هو المانع شرعا في ذلك ؟

-  يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن أعمالَكم تُعرَضُ على أقاربِكم وعشائرِكم من الأمواتِ، فإن كان خيرًا استبشَروا به، وإن كان غيرَ ذلك قالوا: اللهم لا تُمِتْهُم حتى تهديَهم كما هديتَنا) رواه أحمد .. وحسنه الألباني في الصحيحة برقم 2758 .. علما بان الألباني في أول الأمر قال بضعف الحديث في السلسلة الضعيفة وضعيف الجامع .. إلا أنه تراجع عن تضعيفه للحديث وحسنه بشواهده ..، وضعفه محققو المسند لنفس العلة التي ضعها الألباني به في البداية إلا أنهم لم يذكروا الشواهد التي حسن بها الألباني هذا الحديث فيما بعد .

- أعود فأقول: ما المانع شرعا بأن يدعو الأموات من المؤمنين للأحياء .. وما وجه التحريم في ذلك ؟!! لا يوجد ..

 

#- خلاصة القول فيما سبق من الفتاوى:

1- لماذا البعض يصنع فتاوى لا يزيد بها إلا فتنة وفرقة بين المسلمين وقد تؤدي لصراع دموي ونشر الغل في النفوس بين المسلمين .. ؟!!

 

2- لماذا لا يكون التوجيه إلى أحسن الطرق بالقول والموعظة الحسنة بدلا من أساليب التكفير والتشريك والتبديع والتحقير والسخرية ونشر الغل في النفوس ؟!!

 

3- لماذا يظن البعض من هؤلاء المشايخ أنهم على الحق وحدهم وغيرهم كالجهلاء الحمقى الذي لا يعلمون ؟!! في حين أن الجهل يكون تاجا على رؤوسهم لمن يبصر كلامهم ويتتبعه ..!!

 

#- أخي الحبيب:

1- ليس كل فتوى تقرأها هي صواب أو صحيحة .. ولكنها قد تحمل وجها من الصحة ووجها من الخطأ .. وإياك وأن تنجرف وراء الفتاوى التي يقوم أصحابها بتكفير خلق ربنا من المؤمنين .. لأنها غالبا تحمل من الجهل ما تحمله .. ولا تزيد من الغل في نفوس المؤمنين وتساعد على نشر التفرقة بينهم .. وتظن أن تحسن صنعا .. بل ادعوا إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .. فلعل كلمة طيبة يكن لها وقع في النفوس فتغير من حياة الآخرين .

 

2- واعلم أخي الحبيب .. أنني لا أقول بمناداة الأموات ولا الأحياء بظهر الغيب .. إلا عن حالة روحية معينة وسبق شرحها .. وقد سبق وأوضحت رأيي كاملا وواضحا في السؤال رقم (23-24) .. وناقشت بعض الأدلة التي استدل بها البعض هناك .. وهنا في هذا السؤال رقم (47) ناقشت بعض الأدلة التي يقول بها الطرف الآخر .. فلا هذا الحق الكامل ولا ذاك .. فكل طائفة تحمل وجها من الصواب وتحمل أيضا وجها من الخطأ ..!!

 

- فكن بصيرا ولا تفرق بين المسلمين .. وأظهر الخطأ دون تحقير أحد ولا تسفيهه ولا التجريح فيه .. وبقدر ما تنشر من خير يكن لك نصيبا منه في نفسك وذريتك ويبارك الله لك في دعوتك ..!!

 

******************

..:: س49: ما هو معنى طلب المدد والمقصود منه ؟ ::..

 

- البعض يفهم معنى كلمة المدد بمفهوم غريب وكأنه شرك بالله .. في حين أن المدد لفظ موجود في القرآن والأحاديث ويقصد به غالبا طلب المعونة والمساعدة ..

 

- واختصارا للكلام أن طلب المدد يقصد به طلب الدعاء من الآخر .. فيكون هذا الدعاء مددا كسبب ومعونة ومساعدة عسى أن تكون شفاعة لمن طلب هذا الدعاء .. مثلما طلب عمر بن الخطاب من أويس القرني أن يدعو له بالمغفرة .. ومثلما طلب الصحابة من البراء بن مالك وهو أخو أنس بن مالك .. أن يقسم على الله لينصرهم على الكافرين فحدث ذلك وانتصر المسلمين ببركة دعوته ..

 

- والدعاء في كل زمان ومكان هو مدد للمؤمن .. سواء طلبه المؤمن مباشرة من الله .. أو سأل من يحسبه على خير أن يدعو له فيكون هذا مدد بطريق غير مباشر ..

- يقول تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ) الأنفال9.

- ويقول تعالى في قصة موسى عليه السلام: (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُواْ يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ . فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ) الأعراف 134-135.
 
- فالدعاء فيه مدد معونة ومساعدة .. قد تكون باللجوء إلى الله مباشرة .. وقد تكون بالطلب ممن ترى فيه صلاحا وتحسبه على خير ..

- أما الذي يعتقد في كلمة المدد .. أنها طلب حاجات من مخلوق لا يقدر عليها إلا الله وحده .. فهذا بالتأكيد شخص مخرف أو جاهل .. لأنه لم أجد أحد في أمة النبي صلى الله عليه وسلم قال بمثل هذا التخريف ..!!   

 

- ولكن مدد الله يكون مدد مطلق فيما يتعلق بقانون الأسباب وفوق قانون الأسباب .. أما مدد العبد فهو مدد مقيد يكون فيما يقدر عليه الإنسان من الأسباب الميسرة له من الله .

 

#- وخلاصة القول:

- فإن طلب المدد بمعنى الدعاء .. هو أمر مشروع وجائز .. وطلب المدد من شخص بمعنى المساعدة في أسباب الحياة التي في قدرة الإنسان هي أيضا أمر جائز .. ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو مخرف.

 

#- ونصيحة أخيرة لمن يهتمون بالأولياء وينادون عليهم:

1- لا اولياء تنفع و لا تشفع .. إلا بقدر صلاح حالك مع الله وحتى يأذن الله بذلك .. لأنهم في النهاية هم ينطقون بالحق .. والحق الذي ينطقون به إنما يكون عما يلهمهم به الله في أنفسهم لينطقوا به ..

- فاجتهد أنت مع الله بعبادتك .. والله سيسخر لك الأسباب التي يكون من ورائها ما ترجوه من الله ..

 

2- خليك ماشي ورا النبي أحسن ..

- من الذي كان يستغيث به النبي صلى الله عليه وسلم في محنته وشدته ؟ أليس الله .

- ومن الذي كان يلجأ إليه النبي فيما عجز عنه ؟ أليس الله .

- والله يقول: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) الأحزاب21.

- فخليك مع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعه .. وقول: يا رب قد ضاقت حيلتي وعجزت قدرتي فاغثني يا ألله وافرجها يا رب .

 

#- وبهذا يكون ختام هذه الرسالة .. وأرجو الله العلي القدير أن يتقبلها قبولا حسنا وتكون سببا في غفران ذنوبي وأسأله مزيد من فضله .. آمين يا رب العالمين .

 

***************************

- اللهم اغفر لوالدي وارحمهما واعفو عنهما واجعلهما نورا .. واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات ..  في كل زمان ومكان .. آمين يا رب العالمين . 

 

اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

اللهم عفوك ورضاك

وأسألك القبول

ولا حول ولا قوة إلا بالله

 

- وبهذا يكون ختام "رسالة حقيقة الأولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والأبدال والنجباء" بتاريخ 10/8/2022 .. وقد تم بداية رفعها على مدونة الروحانيات في الإسلام بتاريخ 16/7/2022 .. والحمد لله على ما أكرمني به من كتابة .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

****************************

 

- ( سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ . وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ .  وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) الصافات 180-182 ..

- سبحان الله وبحمده – سبحانك اللهم وبحمدك – أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك .. والحمد لله رب العالمين .

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وأبلغه مني السلام .. السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته .. والحمد لله رب العالمين

اللهم كما أعنتني .. فتقبل مني يا أرحم الراحمين

آمين يا رب العالمين

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .