ج2: رسالة الملاك والجن والشيطان وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان - ما هي الأدلة على أن الملائكة تتمثل متجسدة في صورة إنسان وتظهر للناس بصور آدمية - لماذا لم تأكل الملائكة من طعام سيدنا إبراهيم - ما فائدة التوصيف الدقيق لتمثيل سيدنا جبريل بكونه "بَشَرًا سَوِيًّا" - هل الملائكة تتشكل في هيئة حيوان أو طير أو جماد - هل تتمثل الملائكة كخيال غير متجسد للإنسان - هل تتمثل الملائكة بالصوت فيعرف الإنسان إنها ملائكة - ما الذي أفاده قوله (فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ) حينما فعل جبريل عليه السلام هذا الفعل مع النبي .. وكذلك ما فعله الملك مع الأعمى والأبرص والأقرع - هل كان مشاهدة آدم للملائكة في الملأ الاعلى حينما سجدوا له كان عن تمثيلا للملائكة أم بشكلها - هل التلقين القرآني كان يحدث في الحالتين (الروحانية والتمثيلية) - هل رؤية النبي في المنام تكون عن رؤية تمثيلية من الملائكة بهذه الصورة النبوية.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الملاك والجن والشيطان

وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان

 (الفصل الثاني)

#- فهرس:
:: الفصل الثاني :: الأدلة على وجود تمثيل روحاني في اليقظة والمنام لعالم الملائكة ::
1- س6: ما هي الأدلة على أن الملائكة تتمثل متجسدة في صورة إنسان وتظهر للناس بصور آدمية ؟
2- س7: لماذا لم تأكل الملائكة من طعام سيدنا إبراهيم ؟
3- س8: ما فائدة التوصيف الدقيق لتمثيل سيدنا جبريل بكونه "بَشَرًا سَوِيًّا" ؟
4- س9: ما الذي أفاده قوله (فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ) حينما فعل جبريل عليه السلام هذا الفعل مع النبي .. وكذلك ما فعله الملك مع الأعمى والأبرص والأقرع ؟
5- س10: هل التلقين القرآني كان يحدث في الحالتين (الروحانية والتمثيلية) ؟!!
6- س11: هل الملائكة تتشكل في هيئة حيوان أو طير أو جماد ؟
7- س12: هل تتمثل الملائكة كخيال غير متجسد للإنسان ؟
8- س13: هل رؤية النبي في المنام تكون عن رؤية تمثيلية من الملائكة بهذه الصورة النبوية ؟ 
9- س14: هل تتمثل الملائكة بالصوت فيعرف الإنسان إنها ملائكة ؟
10- س15: هل كان مشاهدة آدم للملائكة في الملأ الأعلى حينما سجدوا له كان عن تمثيلا للملائكة أم بشكلها ؟

*************************

:: الفصل الثاني ::

:: الأدلة على وجود تمثيل روحاني في اليقظة والمنام لعالم الملائكة ::

********************

..:: س6: ما هي الأدلة على أن الملائكة تتمثل متجسدة في صورة إنسان وتظهر للناس بصور آدمية ؟ ::..

 
- تعرفنا قبل قليل على أنه يوجد تمثيل روحاني مرئي وملموس أي متجسد في عالم الواقع من عالم الملائكة في صورة إنسان .. ولكن ما الدليل على ذلك ؟
 
#- أولا: الأدلة من القرآن ..
1- يقول تعالى في قصة سيدنا إبراهيم: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (24) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (25) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (26) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ (27) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ) الذاريات24-28.
 
- وطبعا ضيوف سيدنا إبراهيم كانوا ملائكة مرسلة من الله ..
 
#- والمعنى من التفسير الميسر:
- هل أتاك -أيها الرسول- حديث ضيف إبراهيم الذين أكرمهم -وكانوا من الملائكة الكرام- حين دخلوا عليه في بيته، فحيَّوه قائلين له: سلامًا، فردَّ عليهم التحية قائلا سلام عليكم، أنتم قوم غرباء لا نعرفكم.
- فعَدَلَ ومال خفية إلى أهله، فعمد إلى عجل سمين فذبحه، وشواه بالنار، ثم وضعه أمامهم، وتلَّطف في دعوتهم إلى الطعام قائلا ألا تأكلون؟ فلما رآهم لا يأكلون أحسَّ في نفسه خوفًا منهم، قالوا له: لا تَخَفْ إنا رسل الله، وبشروه بأن زوجته «سَارَةَ» ستلد له ولدًا، سيكون من أهل العلم بالله وبدينه، وهو إسحاق عليه السلام. (انتهى النقل من التفسير).
 
2- ومن الأدلة في ذلك أيضا .. هو قوله تعالى عن سيدنا جبريل حينما ظهر للسيدة مريم عليها السلام: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) مريم17 ..
 
- والمقصد بالروح هنا هو سيدنا جبريل عليه السلام .. والتمثيل هو الظهور بهيئة إنسان .. وكونه سويا أي تام الخلق في الهيئة البشرية دون أي خلل فيه أو اختلاف عن الهيئة البشرية ..
 
#- ثانيا: الدليل من الأحاديث على تمثيل الملائكة في صورة إنسان:

1- عن السيدة عائشة قالت: (أن الحارِثَ بنَ هِشامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه سَأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحْيانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهو أشَدُّهُ عَلَيَّ، فيُفْصَمُ عَنِّي (أي ينصرف عني) وقدْ وعَيْتُ عنْه ما قالَ .. وأَحْيانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فيُكَلِّمُنِي فأعِي ما يقولُ) صحيح البخاري.

- قوله (أشَدُّهُ عَلَيَّ): أي يكون مثل الحمل الثقيل .. وهذا فيه دليل على حدوث ما نصفه بالتحميل الروحاني .. وهذا يحدث وقت تلقين شيئا ما من العالم الروحاني للإنسان حتى ولو مجرد خبر أو معلومة .. فيشعر الإنسان بحمل شديد عليه وقد يغيب لحظيا عن الواقع ..

- وهذا يحدث لضعف البناء الجسدي في أن يتحمل طاقة هذا الحضور الروحاني فترة طويلة ..  

 

- قوله (فيفصم عني): أي فينفصل عني .. أي يتوقف عن التلقين.

 

2- عن عُمَر بْن الْخَطَّابِ قَالَ: (بيْنَما نَحْنُ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذاتَ يَومٍ، إذْ طَلَعَ عليْنا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيابِ، شَدِيدُ سَوادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أثَرُ السَّفَرِ، ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أحَدٌ، حتَّى جَلَسَ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ. وَقالَ: يا مُحَمَّدُ أخْبِرْنِي عَنِ الإسْلامِ، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: الإسْلامُ أنْ تَشْهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤْتِيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضانَ، وتَحُجَّ البَيْتَ إنِ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فَعَجِبْنا له يَسْأَلُهُ، ويُصَدِّقُهُ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإيمانِ، قالَ: أنْ تُؤْمِنَ باللَّهِ، ومَلائِكَتِهِ، وكُتُبِهِ، ورُسُلِهِ، والْيَومِ الآخِرِ، وتُؤْمِنَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ، قالَ: صَدَقْتَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ الإحْسانِ، قالَ: أنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأنَّكَ تَراهُ، فإنْ لَمْ تَكُنْ تَراهُ فإنَّه يَراكَ، قالَ: فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ، قالَ: ما المَسْؤُولُ عَنْها بأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ قالَ: فأخْبِرْنِي عن أمارَتِها، قالَ: أنْ تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطاوَلُونَ في البُنْيانِ، قالَ: ثُمَّ انْطَلَقَ فَلَبِثْتُ مَلِيًّا، ثُمَّ قالَ لِي: يا عُمَرُ أتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّه جِبْرِيلُ أتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ) صحيح مسلم..

 

#- من شرح ألفاظ الحديث:

- قوله (فأخْبِرْنِي عَنِ السَّاعَةِ): أي متى يوم القيامة .

- قوله (أماراتها): أي أخبرني عن شيء من علاماتها التي ستظهر للناس وتدل على اقتراب موعد يوم القيامة .

- قوله (تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها): إنه كناية عن كثرة العقوق حتى يصير الولد لقلة بره بأمه كأنه مولاها .. (وهذا أجمل توصيف قيل في شرح هذه الجزئية).

- قوله (الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ): ترى تبدل حال من كان حافي القدمين عاري الجسد المعدم بالفقر بين الناس ممن يغلب عليهم رعاية المواشي لأسيادهم .. فجأة يتطاولون في الظهور بمظاهر الغني والفخر .. والمقصد هو كل من كان شبيه بهؤلاء تجدهم أكابر القوم وأغنيائهم ..!!

 

3- وفي الحديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنَّ رَجُلًا زارَ أخًا له في قَرْيَةٍ أُخْرَى، فأرْصَدَ اللَّهُ له علَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أتَى عليه، قالَ: أيْنَ تُرِيدُ؟ قالَ: أُرِيدُ أخًا لي في هذِه القَرْيَةِ، قالَ: هلْ لكَ عليه مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها؟ قالَ: لا، غيرَ أنِّي أحْبَبْتُهُ في اللهِ عزَّ وجلَّ، قالَ: فإنِّي رَسولُ اللهِ إلَيْكَ بأنَّ اللَّهَ قدْ أحَبَّكَ كما أحْبَبْتَهُ فِيهِ) صحيح مسلم.

 

#- من معاني ألفاظ الحديث:

- قوله (فأرْصَدَ اللَّهُ له علَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا): أي أجلس وأقعد الله ملكا من الملائكة على طريق هذا الإنسان.

- قوله (هلْ لكَ عليه مِن نِعْمَةٍ تَرُبُّها): أي زيارتك من أجل مصلحة تجدها عنده فتنتفع من وراء هذه الزيارة ..

- قوله (الله قد أحبك): أي ادخلك الله في معية محبته الجامعة لكرمه ورضاه وعفوه وغفرانه ورحمته.

 

4- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: (عَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا دَنَا مِنْ مَنْزِلِهِ سَمِعَهُ يَتَكَلَّمُ فِي الدَّاخِلِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عَلَيْهِ دَخَلَ فَلَمْ يَرَ أَحَدًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم: سَمِعْتُكَ تُكَلِّمُ غَيْرَكَ فَقَالَ: يَا رَسولَ اللهِ لَقَدْ دَخَلْتُ الدَّاخِلَ اغْتِمَامًا بِكَلامِ النَّاسِ مِمَّا بِي مِنَ الْحُمَّى فَدَخَلَ عَلَيَّ رَجُلٌ مَا رَأَيْتُ رَجُلا قَطُّ بَعْدَكَ أَكْرَمَ مَجْلِسًا، ولاَ أَحْسَنَ حَدِيثًا قَالَ: ذَاكَ جِبْرِيلُ، وَإن مِنْكُمْ لَرِجَالٌ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ لأَبَرَّهُ) رواه البزار والطبراني .. وقال الهيثمي: إسناده حسن..، وذكره الألباني في الصحيحة بأن إسناده حسن .

 

#- من معاني الحديث:

- معنى (دخلت الداخل): أي دخلت إلى داخل حجرتي .. بسبب ما وجدته من غم في كلام الناس عن الحمى التي أصابتني ..، ولعل هذا الصحابي قد غمه الناس بأن سمع من البعض أن هذه الحمى قد تكون مرض الموت أو طالبوه بالابتعاد عن الوقوف في الطريق نتيجة أنه كان به كحة خاف الناس على أثرها أن ينتقل منها العدوى إليهم .. أو ما شابه ذلك .. والله أعلم ..

 

- معنى (فدخل عليَّ رجل):  أي وحينما اغتممت من الناس ودخلت حجرتي .. جائني زائر حسن الحديث ومجالسته تطيب لها النفس لما فيها من كرم الأخلاق والتلطف في القول ..

 

- معنى (رجال): أي صدقوا ما عاهدوا الله عليه بالطاعة وتجنب المعاصي إلا الصغائر ..

 

- معنى (لأبره): أي لاستجاب له الله تعالى .. أي أن الذي هو من الرجال فهو مجاب الدعاء.

 

#- وفي الحديث دلالة وإشارة .. على أنه هذا الصحابي رأى جبريل متمثلا في صورة رجل .. بل ولم يره غيره .. بدليل أن النبي حينما دخل عليه لم يجد أحد .. وقال (سمعتك تكلم غيرك) .. !! ثم عرف بعد ذلك أنه جبريل وأخبر الصحابي بذلك ..

 

5- عن يزيد بن هارون عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ: (خَرَجْتُ مِنْ أَهْلِي أُرِيدُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا أَنَا بِهِ قَائِمٌ، وَرَجُلٌ مَعَهُ مُقْبِلٌ عَلَيْهِ، فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُمَا حَاجَةً، قَالَ: فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: وَاللهِ لَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ (أي الوقوف مع هذا الرجل) .. فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَقَدْ قَامَ بِكَ الرَّجُلُ حَتَّى جَعَلْتُ أَرْثِي لَكَ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، قَالَ: " وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ "، قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: " أَتَدْرِي مَنْ هُوَ؟ " قُلْتُ: لَا، قَالَ: " ذَاكَ جِبْرِيلُ مَا زَالَ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ "، ثُمَّ قَالَ: " أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَلَّمْتَ عَلَيْهِ رَدَّ عَلَيْكَ السَّلَامَ) رواه أحمد .. وقال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح ..، وقال محققو المسند: إسناده صحيح رجاله ثقات ..، وقال الألباني في إرواء الغليل: وإسناده صحيح.. وذكره في صحيح الترغيب.

6- قصة الأعمى والأبرص والأكمة .. عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ ثَلاثَةً في بَنِي إسْرائِيلَ: أبْرَصَ، وأَقْرَعَ، وأَعْمَى، فأرادَ اللَّهُ أنْ يَبْتَلِيَهُمْ، فَبَعَثَ إليهِم مَلَكًا ..

- فأتَى الأبْرَصَ، فقالَ: أيُّ شيءٍ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: لَوْنٌ حَسَنٌ، وجِلْدٌ حَسَنٌ، ويَذْهَبُ عَنِّي الذي قدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عنْه قَذَرُهُ، وأُعْطِيَ لَوْنًا حَسَنًا وجِلْدًا حَسَنًا، قالَ: فأيُّ المالِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: الإبِلُ، أوْ قالَ البَقَرُ، "شَكَّ إسْحاقُ، إلَّا أنَّ الأبْرَصَ، أوِ الأقْرَعَ، قالَ أحَدُهُما: الإبِلُ، وقالَ الآخَرُ: البَقَرُ" ، قالَ: فَأُعْطِيَ ناقَةً عُشَراءَ، فقالَ: بارَكَ اللَّهُ لكَ فيها ..

- قالَ: فأتَى الأقْرَعَ، فقالَ: أيُّ شيءٍ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: شَعَرٌ حَسَنٌ ويَذْهَبُ عَنِّي هذا الذي قدْ قَذِرَنِي النَّاسُ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَذَهَبَ عنْه، وأُعْطِيَ شَعَرًا حَسَنًا، قالَ: فأيُّ المالِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: البَقَرُ، فَأُعْطِيَ بَقَرَةً حامِلًا، فقالَ: بارَكَ اللَّهُ لكَ فيها ..

- قالَ: فأتَى الأعْمَى، فقالَ: أيُّ شيءٍ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: أنْ يَرُدَّ اللَّهُ إلَيَّ بَصَرِي، فَأُبْصِرَ به النَّاسَ، قالَ: فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إلَيْهِ بَصَرَهُ، قالَ: فأيُّ المالِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: الغَنَمُ، فَأُعْطِيَ شاةً والِدًا، فَأُنْتِجَ هذانِ ووَلَّدَ هذا، قالَ: فَكانَ لِهذا وادٍ مِنَ الإبِلِ، ولِهذا وادٍ مِنَ البَقَرِ، ولِهذا وادٍ مِنَ الغَنَمِ ..

- قالَ: ثُمَّ إنَّه أتَى الأبْرَصَ في صُورَتِهِ وهَيْئَتِهِ، فقالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ، قَدِ انْقَطَعَتْ بيَ الحِبالُ في سَفَرِي، فلا بَلاغَ لي اليومَ إلَّا باللَّهِ ثُمَّ بكَ، أسْأَلُكَ بالَّذِي أعْطاكَ اللَّوْنَ الحَسَنَ، والْجِلْدَ الحَسَنَ، والْمالَ بَعِيرًا، أتَبَلَّغُ عليه في سَفَرِي، فقالَ: الحُقُوقُ كَثِيرَةٌ .. فقالَ له: كَأَنِّي أعْرِفُكَ، ألَمْ تَكُنْ أبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ؟ فقِيرًا فأعْطاكَ اللَّهُ؟ .. فقالَ: إنَّما ورِثْتُ هذا المالَ كابِرًا عن كابِرٍ، فقالَ: إنْ كُنْتَ كاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ.

- قالَ: وأَتَى الأقْرَعَ في صُورَتِهِ، فقالَ له مِثْلَ ما قالَ لِهذا، ورَدَّ عليه مِثْلَ ما رَدَّ علَى هذا، فقالَ: إنْ كُنْتَ كاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إلى ما كُنْتَ ..

- قالَ: وأَتَى الأعْمَى في صُورَتِهِ وهَيْئَتِهِ، فقالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وابنُ سَبِيلٍ، انْقَطَعَتْ بيَ الحِبالُ في سَفَرِي، فلا بَلاغَ لي اليومَ إلَّا باللَّهِ، ثُمَّ بكَ، أسْأَلُكَ بالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شاةً أتَبَلَّغُ بها في سَفَرِي، فقالَ: قدْ كُنْتُ أعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إلَيَّ بَصَرِي، فَخُذْ ما شِئْتَ، ودَعْ ما شِئْتَ .. فَواللَّهِ لا أجْهَدُكَ اليومَ شيئًا أخَذْتَهُ لِلَّهِ .. فقالَ: أمْسِكْ مالَكَ، فإنَّما ابْتُلِيتُمْ، فقَدْ رُضِيَ عَنْكَ وسُخِطَ علَى صاحِبَيْكَ) صحيح البخاري.

#- من معاني الحديث:

- قوله (شك إسحاق): أي أحد رواة الحديث لم يتذكر جيدا من الذي طلب الإبل ومن الذي طلب البقر ..

 

- قوله (اتاه في صورته وهيئته): أي أن الملك حينما عاد إليهم بعد فتره .. فأتى لكل واحد بنفس الشكل الذي كان عليه قبل أن يمسحه الملك ويرزقه كرامة الله ..

 

- قوله (إنَّ الحُقُوقَ كَثِيرَةٌ): أي مطالب الحياة كثيرة واحتاج لهذه الاموال لقضاء حاجتي .. كأنه يقول له اذهب وابحث في طلبك بعيد عني ..

 

- قوله (كأني أعرفك): أي أشبه عليك أنني كنت أعرفك يا هذا .. ألم تكن من قبل وصفك كذا وكذا ..

 

#- والملاحظ في القصة .. أنه بالرغم من مجيء الملك مرتين لكل شخص .. إلا أنهم لم يعرفوا أنه ملك من الملائكة ..

 

- والملاحظ ايضا أن الملك مسح بيده على هؤلاء الثلاثة ودعا لهم .. وهذا دليل على التواصل الملائكي في صورة آدمية يمكن أن يتم بالتلامس .. ولا يجعلك تشعر أبدا أنهم ملائكة لأنهم أسوياء في الخلقة البشرية الظاهرة ..

 

#- وخلاصة القول:

1- أن الملائكة لها القدرة أن تتمثل متجسدة بإذن الله في صورة الإنسان بكامل هيئته وملامحه حتى أنك لن تشك ولو للحظة أنه من الملائكة .. حتى إبراهيم عليه السلام لم يعرفهم في باديء الأمر ..

 

2- وأن الملائكة يمكنها ملامسة الإنسان بصورة طبيعية .. دون أن يمس الإنسان أي سوء ودون أن يشعر بأي شيء غريب ..

 

3- الملائكة ليسوا في حاجة للظهور بأجنحتهم للتواصل مع الإنسان .. بل بإمكانهم التواصل مع الإنسان بصورة بشرية عادية جدا .. دون إظهار منهم بأنهم ملائكة ..

 

4- الملاحظ في ظهور الملائكة .. أنه لا يحدث إلا بإذن الله .. لأنها تأتي في مهمة محددة من الله ..   

 

******************

 

..:: س7: لماذا لم تأكل الملائكة من طعام سيدنا إبراهيم ؟ ::..

 

- قد يلفت النظر من خلال الأدلة السابقة في قصة سيدنا إبراهيم .. سؤال مهم .. وهو لماذا لم تأكل الملائكة من طعام سيدنا إبراهيم الذي قدمه لهم ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لأن الملائكة وإن كانت بهيئة إنسان سويا .. إلا أنها لازالت بطبيعتها الروحية من حيث كونها لا تأكل ولا تشرب ولا تنكح .. أي بلا شهوات .. وهذه إشارة قوية في الآية ..

 

- ولعل ما سبق يعود بك إلى السؤال رقم (س5: هل التمثيل الروحاني معناه تغيير للطبيعة الأصلية الشكلية للعالم الروحاني) .. وهذا السؤال الذي تكلمنا فيه عن أن العالم الروحاني وإن كان يتغير شكلة الظاهري إلا أن حقيقته الروحانية لازلت تغلب عليه ..

- فانتبه لهذه الجزئية جيدا ولا تنساها .

 

***********************

 

..:: س8: ما فائدة التوصيف الدقيق لتمثيل سيدنا جبريل بكونه "بَشَرًا سَوِيًّا" ؟ ::..

 

- من خلال الأدلة السابقة .. كان قصة تمثيل سيدنا جبريل عليه السلام في هيئة بشرية سوية حيث قال تعالى: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) مريم17 .. وهذا اللفظ استوقفني كثيرا متسائلا ما الإشارة التي ترمز وراء هذا التوصيف الدقيق جدا حيث كان يكفي أن يقول تعالى "فتمثل لها إنسانا" ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: قوله (بَشَرًا) .. للدلالة على أمرين:

1- على أنه حسن الهيئة .. لأن لفظ البشر أتى من الاستبشار بالشيء ويقصد به مع الإنسان حسن الهيئة بما ليس في غيره من المخلوقات .. ومنها تم وصف الجلد بأنه بَشْرِة الإنسان لأنها من زينته .

 

2- وللدلالة على أنه ظاهر للعين ويمكن لمسه .. أي كائن متجسد فعلا.

 

- ثانيا: وقوله (سَوِيًّا) .. للدلالة على أمر هام:

- وهو أنه تام الخلقة في الهيئة الإنسية .. فليس مثلا جسد إنسان وله ذيل .. أو له وجه له قرون .. أو له رجل ماعز .. أو له يد قرد .. لا .. بل إنسان حسن الهيئة تام الخلقة بلا أي نقص فيه للهيئة الإنسانية ..  

 

#- ولذلك مما سبق يمكنني التماس إشارتين في سبب التوصيف الدقيق لتمثيل سيدنا جبريل عليه السلام بوصف (بَشَرًا سَوِيًّا) ..

1- الإشارة الأولى: إلى أن التمثيل الملكي في صورة الإنسان إنما يكون توصيفا كاملا وشاملا للمظهر والهيئة الخارجية كلها .. بل وفي ذلك إثبات خصوصية تمثيل خاصة بالملائكة وهي الكمال في التمثيل بالهيئة والصورة الإنسانية بما ليس لغيره من المخلوقات من القدرة على ذلك .. والله أعلم .

 

2- والإشارة الثانية: قد يكون في قوله (بَشَرًا سَوِيًّا) إشارة أن عالم الجن الروحاني لا يمكنه التمثيل بهيئة بشرية سوية بخلاف عالم الملائكة التي لها هذه الخصوصية فقط دون غيرها  .. والله أعلم .

 

- انتبه لهذه الإشارات السابقة ولا تنساها ..

 

********************

 

..:: س9: ما الذي أفاده قوله (فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ) حينما فعل جبريل عليه السلام هذا الفعل مع النبي .. وكذلك ما فعله الملك مع الأعمى والأبرص والأقرع ؟ ::..

 

#- ذكرنا منذ قليل قصتين .. الأولى وهو حضور جبريل عليه السلام أمام الصحابة في صورة آدمية .. والثانية هي حضور أحد الملائكة في صورة إنسان ومقابلة الأقرع والأبرص والأعمى .. وفي هاتين القصتين يوجد إشارة ..

 

#- أولا: في الحديث النبوي السابق ذكره عن حضور جبريل عليه السلام في سؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان وشروط الساعة .. قد أتى في بداية الرواية جزئية مهمة جدا لفعل فعله سيدنا جبريل عليه السلام وهو ما أشارت إليه الرواية بلفظ:

- قوله (فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ، ووَضَعَ كَفَّيْهِ علَى فَخِذَيْهِ) . وهذا مؤشر إلى عدة أمور منها:

1- تمثيل سيدنا جبريل متجسدا في صورة إنسان وليس فقط مجرد صور متخيله للذهن ..

2- بل وأن التمثيل الروحاني الملائكي لا مشكلة على الإطلاق من تلامسه مع الإنسان .. حيث يكون هيئة بشرية كاملة تحمل المواصفات الخارجية البشرية من حيث الشكل والتصور.

- يعني لا يشعر بكهرباء عند الملامسة ولا يحدث صرع ولا يحدث أي تغير في الطبيعة الإنسية التي لامست الملك المتجسد .. ولم يشعر بغرابه في نفسه من هذا الملك المتجسد .. ولم يظهر في نفسه شكا من ناحيته .. ولم يظهر عليه انفعال غير طبيعي من حضوره ..

- (انتبه لما ذكرته لك جيدا ولا تنساه) . 

- ملحوظة: المقصد أن جبريل وضع كفيه على فخذي النبي وليس على فخذيه هو .. بدلالة الرواية الاخرى :(حتى وضع يدَه على ركبتي رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم) صحيح النسائي .. والله أعلم . 

 
#- ثانيا: وكذلك في قصة الاعمى والأبرص والأقرع ..
- نجد أن المَلك مسح بيده على هؤلاء الثلاثة ودعا لهم .. وهذا دليل على التواصل الملائكي في صورة آدمية يمكن أن يتم بالتلامس .. ولا يجعلك تشعر أبدا أنك تتعامل مع كائن غريب عنك أو حتى يثير في نفسك شيئا من الحيرة والشك في أنه قد يكون شيئا آخر غير أنه إنسان .. وأيضا في لمس الملك لهم كان فيه بركة وخير ولم يحدث لهم أي أذى أو خوف ..
 
- انتبه جيدا لما لفت نظرك إليه في هذه القصص ..

********************

..:: س10: هل التلقين القرآني كان يحدث في الحالتين (الروحانية والتمثيلية) ؟!! ::..

 - في حديث سابق ذكرناه عن السيدة عائشة قالت: (أن الحارِثَ بنَ هِشامٍ رَضِيَ اللَّهُ عنْه سَأَلَ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ يَأْتِيكَ الوَحْيُ؟ فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أحْيانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الجَرَسِ، وهو أشَدُّهُ عَلَيَّ، فيُفْصَمُ عَنِّي (أي ينصرف عني) وقدْ وعَيْتُ عنْه ما قالَ .. وأَحْيانًا يَتَمَثَّلُ لِيَ المَلَكُ رَجُلًا فيُكَلِّمُنِي فأعِي ما يقولُ) صحيح البخاري.
 
#- قد أتاني عليه سؤال من أحد المتابعين فقال: هل يمكن أن يحدث تلقين للقرآن حينما تتمثل الملائكة في صورة إنسان أم فقط في حالة التلقين الروحاني ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- التلقين القرآني - والله أعلم - يكون عن تلقين روحاني وليس عن تجسيد في صورة آدمية .. وذلك لأسباب:
- الأول: لأن التلقين في صورة جسدية قد يثير في النفوس أنه يتعلم من بشر وهذه مسألة قد نفاها القرآن .. كما قال تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) النحل103.
 
- الثاني: ولأن التلقين القرآني في قصص السيرة كان دائما يأتي دائما بهذه الصورة الروحانية ..
 
- الثالث: ولعل السبب في تلقين القرآن بصورة روحانية وليس بصورة تمثيلية بذلك هو قوله تعالى: (وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ (210) وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (211) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ) الشعراء210-212 ..
- فالقنوات الروحانية النورانية في تبليغ الوحي محجوبة عن الشياطين تماما .. وكأنها قنوات مشفرة .. ولا يعرفون متى يتم التلقين القرآني للنبي ولا يعرفون ما هو إلا بعد أن يظهره للمؤمنين .. وقد سبق وناقشنا ذلك في رسالة الغيب بالتفصيل فارجع إليها تحت سؤال (س84: هل كان الجن والشياطين يستمعون للوحي القرآني من السماء أثناء البعثة النبوية؟) .
 
#- أما عن الإتيان التمثيلي للملائكة في صورة إنسان إلى النبي .. فهذا قد يكون كوحي تفسيري لشيء أو تفهيم لشيء وليس لتلقين القرآن .. والله أعلم .

 **************************

 

..:: س11: هل الملائكة تتشكل في هيئة حيوان أو طير أو جماد ؟ ::..

 
#- قد يخطر على البال سؤال فتقول:
- إذا كنا تكلمنا عن إمكانية تمثيل الملائكة متجسدة للصور الآدمية .. فهل الملائكة ممكن أن تتمثل في صور أخرى غير بشرية في الوجود .. مثلا تتصور في شكل حيوانات أو طيور أو جمادات ؟!!
- وإذا كان هذا السؤال لم يصادفني في كتب أهل العلم .. ولكن أحببت أن اذكره وأجيب عليه بما يسر الله لي ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- الملائكة عليها السلام .. لا تتصور إلا في صورة مكرمة .. لأنهم جنس مكرم عند الله .. فلا يليق بهم أن يتشكلوا بأشكال ليس فيها تكريم لهم يتوافق مع مكانتهم .. ولما كان الإنسان من أكرم الخلق عند الله .. فكان تشكلهم بالإنسان فيه تكريم لهم .. ودلالة تكريم الإنسان هي قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا) الإسراء70 .. 
- ولدلالة قوله صلى الله عليه وسلم: (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ) صحيح البخاري.

- ولفظ (صورته): هذه إضافة تكريم وتشريف .. وليس تشبيه وتشكيل .. لأن الله ليس كمثله شيء .. !!
 
- ومعنى (على صورته): وهذا اللفظ لا نعرف حقيقته إلا أنه يشير إلى أن الإنسان خلقه الله في هيئة قد تجلى عليها بشيء من صفاته جل شانه فجعل له عقل وسمع وبصر وتكلم وعلم وقدرة وإرادة وغير ذلك .. فكانت كأنوار ظهرت آثارها على تكوين آدم ..
 
2- إذا كانت الملائكة لا تدخل البيوت التي فيها كلب ولا صور مجسمة على هيئة حيوانات أو إنسان أو طيور .. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ وَلَا صُورَةٌ) صحيح مسلم.
 
- فهل تتوقع أنه يمكن أن تتمثل الملائكة في صورة حيوانات أو جمادات حينئذ ؟!!
- بكل تأكيد .. لا
- فثبت مما سبق أن الملائكة إذا تشكلت أو تمثلت في شكل .. فإنما هي تتمثل في شكل وهيئة الإنسان فقط .. وهذا ما جاء في النصوص الشرعية .
- والله أعلم .
 
#- ملحوظة على الحديث السابق: المقصود بالصورة هو التماثيل التي تكون مجسمه ويظهر فيها تفاصي الشكل الإنساني أو الحيواني .. وليس المقصود بها الصور الفوتوغرافية أو الرسومات الزيتية أو المطبوعة .. لأنها مجرد انعكاس لما هو واقع فعلا كما نرى أنفسنا في المرآة ..
 
#- خلاصة القول:
- أن الملائكة إن تمثلت بهيئة خلاف هيئتها الملائكية النورانية .. فهي تتمثل في هيئة إنسان فقط مع الإحتفاظ بطبيعتها كملاك حيث لا يكون لهم شهوة حين تمثلهم في هيئة إنسان .. وقد سبق وأوضحت عدم ظهور الشهوة فيهم أثناء تمثلهم في شكل الإنسان وذلك في سؤال سابق .
- والله أعلم .
 

************************

 

  ..:: س12: هل تتمثل الملائكة كخيال غير متجسد للإنسان ؟ ::..

 
- إذا كنا قد تكلمنا عن إمكانية تمثيل الملائكة متجسدة في صور آدمية .. وقد ذكرنا عن أن التمثيل جزء منه في عالم الخيال أيضا .. فهل الملائكة لها دور في عالم التمثيل الخيالي ؟!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الذي يظنه العقل من خلال النصوص الشرعية .. هو أن الملائكة لها تداخل في عالم الإنسان بالخيال أيضا وليس تجسيدا فقط وذلك من خلال عالم المنام .. ودليل ذلك:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الرؤيا ثلاثٌ: فالرؤيا الصالحةُ بشرى من اللهِ، والرؤيا تحزينٌ من الشيطانِ، ورؤيا مما يحدِّثُ به المرءُ نفسَه، فإذا رأى أحدُكم ما يكره فلْيقمْ فلْيصلِّ ولا يحدِّثُ بها الناسَ) صحيح البخاري.
 
- فالرؤيا الصالحة ما هي إلا تمثيل رمزي أو كشف حقيقي لواقع سيحدث وفيه بشارة أو إنذار أو تحذير .. وتظهرها الملائكة كرسالة من الله إلى بعض الناس في المنام .. والمنام هو عالم خيال .. ولذلك قلت أن التمثيل من الملائكة قد يحدث في عالم الخيال ..
 
- أما عن ظهور الملائكة في عالم المنام .. فلا يمتنع للإنسان أيضا أن يرى الملائكة تكلمه في عالم المنام سواء بهيئة بشرية أو بهيئة ملائكية ذات أجنحة .. لأن المنام هو عالم الإدراك بالروح الإنساني .. وما يحدث بالروح لا يجوز حدوثه بالجسم ..
- والله أعلم .
 
#- ملحوظة هامة جدا:
- انتبه في مسألة المنام .. لأنه يختلط فيها الخير بالشر .. وتختلط الصور الحقيقية بالمزيفة .. لأن عالم الخيال هو مرتع لعالم الشيطان على وجه الخصوص .. فلا تأمن أن يكون ما تراه هو رؤية حقيقة .. فلا تجزم في رؤيا ما بأنها يقين .. ولكن إن رأيت خيرا فاستبشر به .. وإن رأيت خلاف ذلك فاستعذ بالله .. فهكذا علمنا النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: (إذا رَأَى أحَدُكُمْ رُؤْيا يُحِبُّها، فإنَّما هي مِنَ اللَّهِ .. فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عليها ولْيُحَدِّثْ بها .. وإذا رَأَى غيرَ ذلكَ ممَّا يَكْرَهُ فإنَّما هي مِنَ الشَّيْطانِ .. فَلْيَسْتَعِذْ مِن شَرِّها ولا يَذْكُرْها لأحَدٍ، فإنَّها لا تَضُرُّهُ) صحيح البخاري.
 
#- ملاحظة أخيرة ..
- هل تأتي الملائكة بصورة متخيلة في حال اليقظة ..؟
- قلت لك: لا يمتنع حدوث ذلك .. ولكن إن حدث فهو يحدث في صورة آدمية فقط تتخيلها أمامك .. ولكن لا تأمن حينئذ هل هذه الصورة ملائكية أم شيطانية .. لأن للشيطان قدرة بالتلاعب في الخيال الذي يظهر للإنسان .. بخلاف حال التجسيد .. والله أعلم .
 
- ولذلك عند ظهور الصور الروحانية أمامنا نقرأ قوله تعالى: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا) مريم15 .. أو نقرأ قوله تعالى (وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) الإسراء81 .. ونكرر كثيرا (إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) .. أو نكرر (الله أكبر) كثيرا بصوت مسموع .
 

*************************

..:: س13: هل رؤية النبي في المنام تكون عن رؤية تمثيلية من الملائكة بهذه الصورة النبوية ؟ ::..

 
- قد يخطر ببالك سؤال فتقول .. هل الصورة التي يراها المؤمن في المنام عن النبي صلى الله عليه وسلم .. تكون عن تمثيل الملائكة بهذه الصورة النبوية الشريفة ؟!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الذي أحسبه وأظنه بدرجة تصل لليقين والله أعلم .. أن الصورة التي يراها المؤمن عن النبي صلى الله عليه وسلم .. إنما الذي يعكسها هو أحد الملائكة المكلفة بذلك .. ودليلي في ذلك هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن رآني في المَنامِ فقد رآني .. فإنَّ الشيطانَ لا يتمثَّلُ في صورَتيِ) صحيح البخاري.
 
#- فتأمل قول النبي: (فإنَّ الشيطانَ لا يتمثَّلُ في صورَتيِ) .. فهذا الوصف فيه إشارتين:
- الأولى: هو إذا كان الشيطان لا يتمثل بصورته فإن المَلك هو الذي يمكن أن يتمثل بصورته .
 
- الثاني: أن الشيطان يمكن أن يتمثل في صور آدمية في المنام .. ما عدا صورة النبي صلى الله عليه وسلم
- والله أعلم .

************************

 

..:: س14: هل تتمثل الملائكة بالصوت فيعرف الإنسان إنها ملائكة ؟ ::..

 
- قبل ختام الكلام عن جزئية تمثيل الملائكة .. فخطر على بالي سؤال وهو: هل يمكن أن تتمثل الملائكة للإنسان بالصوت المسموع للأذن دون الظهور له .. ويعرف أنها ملائكة ؟
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- نعم يمكن ذلك .. ودليل ذلك هو الآتي:
1- قوله تعالى: (فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ) آل عمران39.
 #- والمعنى من التفسير الميسر:
- فنادته الملائكة وهو واقف بين يدي الله في مكان صلاته يدعوه: أن الله يخبرك بخبر يسرُّك، وهو أنك سترزق بولد اسمه يحيى، يُصَدِّق بكلمة من الله -وهو عيسى بن مريم عليه السلام-، ويكون يحيى سيدًا في قومه، له المكانة والمنزلة العالية، وحصورًا لا يأتي الذنوب والشهوات الضارة، ويكون نبيّاً من الصالحين الذين بلغوا في الصَّلاح ذروته. (انتهى النقل من التفسير).
 
2- وقد جاء في روايات الحديث عن مُطَرِّفُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ الشِّخِّيْرِ قال: (قال لي عمران بن حصين قَدْ كانَ يُسَلَّمُ عَلَيَّ) صحيح مسلم .
- أي كانت الملائكة تسلم عليه .
- وهل التسليم عن سماع ورؤية أم سماع فقط .. وهل لو كان يوجد رؤية فهل رؤية تخيلية أم متجسدة .. ؟!! الله أعلم ..
- ولكن أغلب الظن أنه كان يسمع سلامها دون رؤيتها وهذا ما قاله عمران بنفسه حيث لم يذكر الرؤية .. فكان يعلم أنها ملائكة تسلم عليه وذلك بيقين سكن في قلبه أيقن به ذلك .. وهذا اليقين رزق خاص يمنحه الله في قلب المؤمن ليدرك به ذلك دون أن يشك هل هذا من الملائكة أم تلاعب من الشياطين .
 
- وفي رواية بلفظ (عنْ عِمْرانَ بنِ حُصَينٍ، أنَّه قالَ: اعْلَمْ يَا مُطَرِّفُ، أَنَّهُ كَانَتْ تُسَلِّمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيَّ عِنْدَ رَأْسِي، وَعِنْدَ الْبَيْتِ، وَعِنْدَ بَابِ الْحِجْرِ (عند طوافه بالكعبة) ، فَلَمَّا اكْتَوَيْتُ (أي للعلاج من داء البواسير) ذَهَبَ ذَلِكَ (أي لم اعد أسمع السلام علي من الملائكة) .. فَلَمَّا بَرِئَ (أي انتهى مفعول الكي ولم يكرره) .. كَلَّمَهُ (أي كلم عمران مطرف وأخبره) قَالَ: «اعْلَمْ يَا مُطَرِّفُ أَنَّهُ عَادَ إِلَيَّ الَّذِي كُنْتُ أَفْقِدُ .. اكْتُمْ عَلَيَّ (أي أخفي حالي من تسليم الملائكة علي) يَا مُطَرِّفُ حَتَّى أَمُوتَ) رواه الحاكم .. قلت خالد صاحب الرسالة: وفي الرواية ضعف لوجود (روح بن أسلم) وهو ضعيف الحديث وإن كان وثقه البزار .. وعموما يشهد لرواية الحاكم رواية مسلم السابقة .. والله أعلم .
 
#- بل ويكفي شاهدا لقصة عمران .. قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فصلت30 ..
 

- الآية فيها نزول الملك على غير الأنبياء في الدنيا وتكليمهم إياه .. ولم يقل أحد من العلماء إن ذلك يستدعي النبوة .. ولا يوجد في الآية ما يدل على أن هذا نزول عند سحب الروح كما ظن بعض المفسرين لأنه لا دليل على ما ذهبوا إليه فضلا عن أن سياق الآية لا يدل عليه .. وليس هذا مجال مناقشة قول من زعم أنها تتعلق بحال الموت.. وقد سبق مناقشة ذلك في رسائل أخرى مثل رسالة التعريف بطريق الإيمان .. فارجع إليها عند الجزء الثاني والعشرون .. تحت عنوان (ما الدليل على إمكانية حدوث تواصل مع الملائكة وحدوث كشف ومشاهدة للعالم الغيبي؟ - كشف عام -).

3- وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (بَيْنا رَجُلٌ بفَلاةٍ مِنَ الأرْضِ (أي بأرض لا زرع فيها ولا ماء) ، فَسَمِعَ صَوْتًا في سَحابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ (أي أنزل مطرا من هذا السحاب في حديقة فلان) .. فَتَنَحَّى ذلكَ السَّحابُ .. فأفْرَغَ ماءَهُ في حَرَّةٍ (أي في مكان يغلب فيه الحجارة السوداء كأرض صلبه) .. فإذا شَرْجَةٌ مِن تِلكَ الشِّراجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذلكَ الماءَ كُلَّهُ (أي مكان يشبه الحوض على هذه الأرض وفيه فتحة قد اجتمعت فيه المياه وأخذت تسيل تجاه الحديقة) .. فَتَتَبَّعَ الماءَ، فإذا رَجُلٌ قائِمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بمِسْحاتِهِ (أي أداة مثل الجاروف الكبير يحول بها الماء) .. فقالَ له: يا عَبْدَ اللهِ، ما اسْمُكَ ؟ قالَ:  فُلانٌ .. لِلاِسْمِ الذي سَمِعَ في السَّحابَةِ (أي هو نفس الإسم الذي سمع الملائكة تقوله في السحاب) ، فقالَ له: يا عَبْدَ اللهِ، لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فقالَ: إنِّي سَمِعْتُ صَوْتًا في السَّحابِ -الَّذي هذا ماؤُهُ- يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ لاِسْمِكَ (أي ونطقوا باسمك) .. فَما تَصْنَعُ فيها ؟ قالَ: أمَّا إذْ قُلْتَ هذا .. فإنِّي أنْظُرُ إلى ما يَخْرُجُ مِنْها، فأتَصَدَّقُ بثُلُثِهِ .. وآكُلُ أنا وعِيالِي ثُلُثًا .. وأَرُدُّ فيها ثُلُثَهُ (أي والثلث الاخير اعيد به استصلاح وزراعة الحديقة مرة أخرى).. [وفي رواية]: وَأَجْعَلُ ثُلُثَهُ في المَساكِينِ، والسَّائِلِينَ، وابْنِ السَّبِيلِ) صحيح مسلم.
 
- وهذا الصوت الذي في السحاب كان مسموع للرجل الذي سمعه .. ولا يشك احد ان هذا كان صوت من الملائكة انكشف لرجل وسمعه بأذنه .. بل وذهب ليتحقق مما سمعه ووجده صحيحا ..

4- وفي رواية عن بن عباس رضي الله عنه قال في غزوة بدر الكبرى: (بَيْنَمَا رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَئِذٍ يَشْتَدُّ فِي أَثَرِ رَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَمَامَهُ .. إِذْ سَمِعَ ضَرْبَةً بِالسَّوْطِ فَوْقَهُ وَصَوْتَ الْفَارِسِ (أي يسمع صوتا ولا يرى) يَقُولُ أَقْدِمْ حَيْزُومُ (أي هذا اسم فرس الملك). فَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِ أَمَامَهُ فَخَرَّ مُسْتَلْقِيًا .. فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَإِذَا هُوَ قَدْ خُطِمَ أَنْفُهُ (أي قطع أنفه) وَشُقَّ وَجْهُهُ (أي تشوه الوجه) كَضَرْبَةِ السَّوْطِ (أي كأن أحد ضربه بالسوط فعلا) .. فَاخْضَرَّ ذَلِكَ أَجْمَعُ (أي فتشوه وجهه كاملا وهو مغطى بالدم) .. فَجَاءَ الأَنْصَارِىُّ فَحَدَّثَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « صَدَقْتَ ذَلِكَ مِنْ مَدَدِ السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ ») رواه مسلم بسند صحيح ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة): هذا الحديث من مراسيل الصحابة حيث أن بن عباس لم يحضر هذه المعركة حيث كان عمره آنذاك تقريبا خمسة سنوات .. وبالتالي فهو سمعها من أحد ولا نعرف سمعها من أي شخص هل من صحابي أم من شخص سمعها من صحابي أم ماذا ؟!!
- وإذا كانت الرواية من وجهة نظري ليست بحجة قوية ما لم يكن متابعة من طرق أخرى تقويها ولكن لا أعلمها .. إلا أنني أشرت إليها كدليل على جواز سماع الملائكة من وراء حجاب الغيب .. والله أعلم . 

*************************

..:: س15: هل كان مشاهدة آدم للملائكة في الملأ الاعلى حينما سجدوا له كان عن تمثيلا للملائكة أم بشكلها ؟ ::..

 
- من الأسئلة التي تم إرسالها لي .. هل الأمر الإلهي للملائكة بالسجود لآدم كان عن تمثيل للملائكة وكذلك إبليس ؟
- وهو بذلك يشير لبعض قوله تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى) طه116.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- في حضرة الله الأزلية .. وبوجود آدم والملائكة وإبليس .. لم يكن يوجد تمثيلا للملائكة ولا لإبليس وإنما بهيئاتهم الطبيعية .. لأن هذه حضرة ملكوتيه أي سماوية علوية .. وفيها يظهر عالم الأرواح بهيئته المخلوق بها ..
- هذا والله أعلم .
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام عن التمثيل الملائكي لعالم الإنس سواء يقظة بالتجسيد .. أو مناما بالرؤيا أو صورة آدمية متخيلة في اليقظة .. أو سماعا لمن قدر الله له ذلك .

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .