بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة
الملاك والجن والشيطان
وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان
(الفصل الثالث عشر)
#- فهرس:
:: الفصل الثالث عشر :: أحاديث تشير إلى وجود تمثيل للجن مُتجسدا في
صورة إنسان أمام بعض الأنبياء والمرسلين (أيوب عليه
السلام) - ومناقشة هذه الأحاديث ::
1- س54: هل تعرض وظهر الشيطان لسيدنا أيوب عليه السلام وكان متجسدا في صورة
إنسان ؟
أ-
قيل في حق نبي الله أيوب عليه السلام بالكذب أنه تم إلقاءه في مزبلة بني إسرائيل سبعة
سنوات وعدة أشهر ..
ب- وقيل في حق زوجة نبي الله أيوب عليه السلام بالكذب أنها باعت
ضفائر شعرها ووافقت على عرض الشيطان بعبادته ..
#- سبحانك يا رب هذا بهتان عظيم ..
*************************
:: الفصل الثالث عشر ::
:: أحاديث تشير
إلى وجود تمثيل للجن مُتجسدا في صورة إنسان أمام الأنبياء والمرسلين (أيوب -عليه
السلام) - ومناقشة هذه الأحاديث ::
***************************
..:: س54: هل تعرض وظهر الشيطان لسيدنا أيوب
عليه السلام وكان متجسدا في صورة إنسان ؟ ::..
#- ملحوظة هامة
جدا عليك ان تنتبه لها:
-
غالب الروايات التي سأذكرها لك أخي الحبيب هي روايات (تالف السند أو منكر
المتن أو كلاهما) .. وأقصد بنكارة المتن هو أن الرواية المكتوبة فيها مخالفات
للعقل والقرآن .. ولم اجد من قام بتحقيق هذه الروايات لأن البعض اكتفى أن يقول
أنها روايات غير صحيحة التي قيلت في مرض أيوب عليه السلام .. ولذلك قمت بتحقيقها
على قلة علمي بهذا الشأن .. ويعذرني بعض أهل العلم على تخريج هذه الروايات بألفاظ
يفهمها البسطاء ولم ألتزم فيه بمصطلحات أهل الحديث في الغالب وإن كان ليس دائما ..
-
وظني أن هذه روايات غالبا
هي في الأصل مكذوبة على الصحابي أو التابعي .. وليس هو من قالها وهو بريء
منها .. وإنما هي أسانيد تم تلفيقها على روايات مزورة حتى يقبلها الناس ويتم نشرها
.. لأن العقل لا يقبل أن يكون الصحابي سمع هذا الكلام ونقله وهو يقبله في حين هو
مخالف للعقل والقرآن .. اللهم
إلا أن يقال أنه تم روايتها كمعلومة عرفها وليس كتفسير أو رأي يعتقده .. والله
أعلم .
- بل والذي يقوي هذا الظن عندي "بتلفيق الروايات" هو
قول بن عباس رضي الله عنه إذ يقول: (يَا مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كيفَ تَسْأَلُونَ أهْلَ الكِتَابِ
عن شيءٍ، وكِتَابُكُمُ الذي أنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
أحْدَثُ الأخْبَارِ باللَّهِ (أي قريب
النزول إليكم)، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ (أي لم يتغير
بتحريف ولا تبديل) .. وقدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أنَّ أهْلَ الكِتَابِ قدْ بَدَّلُوا
مِن كُتُبِ اللَّهِ وغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ .. قالوا: هو مِن عِندِ
اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بذلكَ ثَمَنًا قَلِيلًا .. أوَلَا يَنْهَاكُمْ ما جَاءَكُمْ مِنَ
العِلْمِ عن مَسْأَلَتِهِمْ ؟ فلا واللَّهِ .. ما رَأَيْنَا رَجُلًا منهمْ يَسْأَلُكُمْ
عَنِ الذي أُنْزِلَ علَيْكُم) صحيح البخاري .
-
فكيف نعقل بعد ما سبق أن نقل بن عباس روايات مخالفة للقرآن والعقل مثل الروايات التي سنذكرها في
قصة أيوب عليه السلام .. من انتهاك حرمات النبي أيوب عليه السلام ..!!
- والغرض الذي ألاحظه من هذه القصص
سواء عن النبي أيوب أو غيره .. هو تعمد إظهار الشيطان في صورة مجسدة وأنه يأتي
بالغواية بهذه الصورة .. والملاحظ أيضا أن هذه
الروايات مكذوبة في الغالب أو ضعيفة لا يصح سندها لوجود علة فيه .. والرابط بينها
هو الرغبة في إظهار أن للشيطان قدرة في أن يظهر بصورة إنسان ..!! وهذه ملاحظة سنناقشها
في ختام الرسالة إن شاء الله تعالى.
-
عموما انتبه أخي الحبيب لما ذكرته لك سابقا حتى لا تتهم أحد من
الصحابة أو التابعين في نشرهم لهذه الروايات التي أحسبها ملفقة إليهم وما
قالوها .. لأن الروايات الصحيحة مثل كلام بن عباس السابق .. تنكر أن يصدر ذلك عنهم
.. فانتبه .
#- ملحوظة هامة جدا: لا تنخدع أخي الحبيب بمسألة أن
تجد أن السند صحيح أو السند قوي .. خاصة فيما تقرأه من قصص وأخبار وحكايات تتعلق
ببني إسرائيل .. لا .. ففرق
بين الإسناد الصحيح والحديث الصحيح .. فالإسناد يتعلق بجزء من الرواية وهو
الجزء الخاص بمجموعة رواة الحديث .. ولكن الحديث الصحيح أو الرواية الصحيحة إنما هو
يكون بمجموع صحة السند والمتن معا.
#- أخبرتك بهذه الملحوظة المهمة .. لأنه سيصادفنا هنا روايات صحيحة السند عن بعض
التابعين .. ولكنها ليست روايات صحيحة المتن أو النص .. لأن المتن منكر جدا فهو
مكذوب ومزور وملفق بالكذب على سيدنا أيوب عليه السلام وعلى زوجته .. كما سيأتيك
بيان ذلك في مناقشة المتن .
#- ملحوظة أخرى هامة جدا: جعلت الرواية المقطوعة وهي المنقولة عن تابعي
في جزء تحقيق السند .. بالرغم
من أنه يجب وضعه في المتن لأن المقطوع من أحكام المتن .. وذلك حتى ينتبه
القاريء في تحقيق نص المتن فقط .. فلزم التنويه على ذلك.
#- من الروايات التي قيلت في تعرض
الشيطان لأيوب عليه السلام ..
#- الرواية الأولى:
-
رواية صحابي .. (رواية باطلة ومكذوبة - تالفة السند ومنكرة المتن جدا) .. قَالَ ابْن أبي حَاتِم فِي
تَفْسِيره حَدثنَا أبي حَدثنَا مُوسَى ابْن إِسْمَاعِيل حَدثنَا حَمَّاد أَنبأَنَا
عَليّ بن زيد عَن يُوسُف بن مهْرَان عَن ابْن عَبَّاس قال: (إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ قَالَ:
يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى
أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ .. قَالَ اللَّهُ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى
مَالِهِ وَوَلَدِهِ، وَلَمْ أُسَلِّطْكَ عَلَى جَسَدِهِ .. فَنَزَلَ فَجَمَعَ
جُنُودَهُ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ سُلِّطْتُ عَلَى أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ،
فَأَرُونِي سُلْطَانَكُمْ، فَصَارُوا نِيرَانًا، ثُمَّ صَارُوا مَاءً، فَبَيْنَمَا
هُمْ بِالْمَشْرِقِ إِذَا هُمْ بِالْمَغْرِبِ، وَبَيْنَمَا هُمْ بِالْمَغْرِبِ
إِذَا هُمْ بِالْمَشْرِقِ .. فَأَرْسَلَ طَائِفَةً مِنْهُمْ إِلَى زَرْعِهِ ..
وَطَائِفَةً إِلَى أَهْلِهِ .. وَطَائِفَةً إِلَى بَقَرِهِ .. وَطَائِفَةً إِلَى
غَنَمِهِ .. وَقَالَ: إِنَّهُ لَا يَعْتَصِمُ مِنْكُمْ إِلا بِالْمَعْرُوفِ.
-
فَأْتُوهُ بِالْمَصَائِبِ بَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ .. فَجَاءَ صَاحِبُ الزَّرْعِ
فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ أَرْسَلَ عَلَى زَرْعِكَ
عَدُوًّا فَذَهَبَ بِهِ وَجَاءَ صَاحِبُ الْإِبِلِ فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ
تَرَ إِلَى رَبِّكَ أرسل على بقرك عدوا، فذهب بها؟ وتفرد هو ببنيه جمعهم فِي
بَيْتِ أَكْبَرِهِمْ.
-
فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ فَأَخَذَتْ
بِأَرْكَانِ الْبَيْتِ، فَأَلْقَتْهُ عَلَيْهِمْ فَجَاءَ الشَّيْطَانُ إِلَى أَيُّوبَ بِصُورَةِ غُلامٍ
فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ جَمَعَ بَنِيكَ فِي بَيْتِ
أَكْبَرِهِمْ؟ فَبَيْنَمَا هُمْ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ إِذْ هَبَّتْ رِيحٌ
فَأَخَذَتْ بِأَرْكَانِ الْبَيْتِ فَأَلْقَتْهُ عَلَيْهِمْ، فَلَو رَأَيْتَهُمْ
حِينَ اخْتَلَطَتْ دِمَاؤُهُمْ وَلُحُومُهُمْ بِطَعَامِهِمْ وَشَرَابِهِمْ .. فقال لَهُ أَيُّوبُ: أَنْتَ الشَّيْطَانُ، ثُمَّ
قَالَ لَهُ: أَنَا الْيَوْمَ كَيُومِ وَلَدَتْنِي أُمِّي، فَقَامَ فَحَلَقَ
رَأْسَهُ وَقَامَ يُصَلِّي، فَرَنَّ إِبْلِيسُ رَنَّةً سَمِعَ بِهَا أَهْلُ
السَّمَاءِ، وَأَهْلُ الْأَرْضِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ .. فقال: أي رب إنه
قَدِ اعْتَصَمَ فَسَلِّطْنِي عَلَيْهِ، فَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُهُ إِلا
بِسُلْطَانِكَ قَالَ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى جَسَدِهِ، وَلَمْ أُسَلِّطْكَ عَلَى
قَلْبِهِ..
-
فَنَزَلَ فَنَفَخَ تَحْتَ قدمه نَفْخَةً قَرَحَ مَا بَيْنَ قَدَمَيْهِ إِلَى
قَرْنِهِ (أي رأسه) فَصَارَ قَرْحَةً
وَاحِدَةً، وَأُلْقِيَ عَلَى الرَّمَادِ حَتَّى بَدَا حِجَابُ قَلْبِهِ فَكَانَتِ
امْرَأَتُهُ تَسْعَى إِلَيْهِ حَتَّى قَالَتْ لَهُ: أَمَا تَرَى يَا أَيُّوبُ؟
نَزَلَ بِي وَاللَّهِ مِنَ الْجَهْدِ وَالْفَاقَةِ مَا إِنْ بِعَتُ قُرُونِي (ضفائر شعري) بِرَغِيفٍ
فَأُطْعِمُكَ .. فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَشْفِيَكَ وَيُرِيحَكَ قَالَ:
وَيْحَكَ.. كُنَّا فِي النَّعِيمِ سَبْعِينَ عَامًا فَاصْبِرِي حَتَّى نَكُونَ فِي
الضُّرِّ سَبْعِينَ عَامًا، فَكَانَ فِي الْبَلاءِ سَبْعَ سِنِينَ وَدَعَا.
فَجَاءَ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ يَوْمًا فَأَخَذَ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ: قُمْ
فَقَامَ فَنَحَّاهُ عَنْ مَكَانِهِ وَقَالَ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ
بَارِدٌ وَشَرَابٌ فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ فَقَالَ: اغْتَسِلْ
مِنْهَا ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا فَقَالَ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ
أُخْرَى فَقَالَ لَهُ: اشْرَبْ مِنْهَا وَهُوَ قَوْلُهُ: ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا
مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ وَأَلْبَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى حُلَّةً مِنَ
الْجَنَّة، فَتَنَحَّى أَيْوبَ فَجَلَسَ فِي نَاحِيةٍ وَجَاءَتُ امْرَأَتُهُ
فَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقَالَتْ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَيْنَ الْمُبْتَلَى الّذِي
كَانَ هَاهُنَا لَعَلَّ الْكِلابَ ذَهَبَتْ بِهِ وَالذِّئَابَ؟ ..
-
وَجَعَلَتْ تُكَلِمُهُ سَاعَةً .. فَقَالَ لها: وَيْحَكِ.. أَنَا أَيُّوبُ
قَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ جَسَدِي، وَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ مَالَهُ وَوَلَدَهُ
عَيَانًا وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ وَأَمْطَرَ عَلَيْهِمْ جَرَادًا مِنْ ذَهَبٍ
فَجَعَلَ يَأْخُذُ الْجَرَادَ بِيَدِهِ ثُمَّ يَجْعَلُهُ فِي ثَوْبِهِ وَيَنْشُرُ
كِسَاءَهُ فَيُجَعَلُ فِيهِ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ يَا أَيُّوبُ، أَمَا
شَبِعْتَ؟ قَالَ: يَا رَبِّ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْبَعُ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ) رواه أبو حاتم في تفسيره
والسيوطي في الدر المنثور ورواه أحمد في الزهد .. وذكره الشبلي في آكام المرجان في
أحكام الجان ..
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1-
وفيه (على بن زيد بن جدعان) .. وهو ضعيف الحديث .. (راجع تهذيب الكمال ترجمة برقم 4070).
2- والسند موقوف على بن عباس وهو مرسل ضعيف .. فلم يذكر عمن أخذ
هذه القصة الغيبية الباطلة والمنكرة التي غالبا قد يكون سمعها من أهل الكتاب
اليهود الذين أسلموا فهي من الإسرائيليات .. وقد تكون هذه الرواية ملفقة لابن عباس بالكذب عليه ..
وسيأتي بيان ذلك في الكلام على المتن ..
- ثانيا: أما عن المتن ..
- فالمتن فيه
أكاذيب ..
1-
منها أن جعلوا
من الشيطان عزيزا بسلطان الله له على أيوب .. وجعلوا من أيوب ذليلا مهانا هو وأهل بيته بالرغم من قربهما
من الله ..!!
- فكيف يعقل ذلك ؟!!
2-
ومنها ان جعلوا (الشَّيْطَانَ عَرَجَ إِلَى
السَّمَاءِ) .. فكيف يصعد للسماء ويطلب من الله اي طلب وقد قال الله له: (قَالَ
فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) الحجر34 .. فكيف يعود المطرود من ملكوت الله ملعونا حتى يوم القيامة ؟!!
فهل رجع الله في كلامه وقام بتغييره من أجل إبليس ؟ حاشاه جل جلاله .. بل هذا حديث
منكر وملعون ..!!
- وكذلك قال تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا
لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ
اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر16-17 .. فإذا كانت السماء محفوظة من الشياطين جميعا من أن يستمعوا لشيء من القدر .. فكيف
تكون مهيأة للطلب من الله والرجاء منه ؟!!
3-
لو كان الشيطان تسلط على أيوب فأصابه في ماله وزرعه وجسده حتى منعه عن دعوته لعبودية
الله .. لكان هذا مخالفا في تأمين الأنبياء من تسليط الشيطان عليهم في دعوتهم للناس
.. حيث المعلوم من القرآن أن الشيطان يتسلط على الأنبياء من خلال وسوسته في نفوس
من يعرض عليهم الدعوة .. فيقول تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ
إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ
ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي
الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ
وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ
وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الحج52-54.
#- والمعنى من
التفسير الميسر:
-
وما أرسلنا من قبلك - أيها الرسول - من رسول ولا نبي إلا إذا قرأ كتاب الله
ألقى الشيطان في قراءته الوساوس والشبهات؛ ليصدَّ الناس عن اتباع ما يقرأه ويتلوه،
لكن الله يبطل كيد الشيطان، فيزيل وساوسه، ويثبت آياته الواضحات. والله عليم بما
كان ويكون، لا تخفى عليه خافية، حكيم في تقديره وأمره.
-
وما كان هذا الفعل مِنَ الشيطان إلا ليجعله الله اختبارًا للذين في قلوبهم شك ونفاق،
ولقساة القلوب من المشركين الذين لا يؤثِّرُ فيهم زجر. وإن الظالمين مِن هؤلاء وأولئك
في عداوة شديدة لله ورسوله وخلافٍ للحق بعيد عن الصواب.
-
وليعلم أهل العلم الذين يفرقون بعلمهم بين الحق والباطل أن القرآن الكريم هو
الحق النازل من عند الله عليك أيها الرسول، لا شبهة فيه، ولا سبيل للشيطان إليه،
فيزداد به إيمانهم، وتخضع له قلوبهم. وإن الله لهادي الذين آمنوا به وبرسوله إلى
طريق الحق الواضح، وهو الإسلام ينقذهم به من الضلال. (انتهى النقل من التفسير).
4-
جاء في الرواية (يَا رَبِّ سَلِّطْنِي عَلَى
أَيُّوبَ عَلَيْهِ) فهذا باطل بدلالة قوله تعالى: (إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغَاوِينَ) الحجر42 .. ولقوله تعالى: (إِنَّهُ
لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ
(99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ
مُشْرِكُونَ) النحل99-100.
- والذي في الرواية هنا سلطان
تمكين وليس مجرد تسليط ابتلاء كما تصوره الرواية .. لأن الشيطان حجبه تماما عن
أداء دعوته ورسالته مع الناس .. وهذا لا يمكن حدوثه مع الأنبياء والمرسلين .. لأن هذا يخل بمقام النبوة
والرسالة ويمنعه من التواصل مع العباد في نشر رسالة الله .. فما فائدة كونه
نبي يوحى إليه حينئذ ؟!!
5-
أما عما جاء في الرواية من أن زوجة أيوب باعت ضفائر شعرها لتشتري رغيفا لأيوب .. فهذا فيه قلة أدب وسفالة وكلام
وقح للكلام على أعراض الأنبياء وفضح عوراتهم ..!! لأنه يقال كما يتصور بعض
الملحدين أنه إذا كانت باعت ضفائر شعرها لتأتي برغيف عيش .. فماذا باعت أيضا طوال
السبع سنوات ابتلاء .. ؟!!
-
أريتم وقاحة وسفالة وانحطاط وسب وإهانة يمكن أن يقال مثل ما سبق في حق
نبي كريم وزوجته العفيفة الطاهرة ؟!!
- بل وستأتي معنا رواية سيظهروا
فيها أن زوجة أيوب كانت تتسول على الطرقات ..!!
-
والله يا رب هذه رواية بهتان وكذب وضلال ..!!
-
ولا يمكن أن يكون قد نطق بها ونشرها إلا قتلة الأنبياء وحفدة الخنازير ..
6-
أما عن ظن زوجة أيوب (كما تقول الرواية) بأن الكلاب والذئاب تكون أخذته من شدة مرضه حين
قالت: (أَيْنَ الْمُبْتَلَى الّذِي كَانَ هَاهُنَا لَعَلَّ
الْكِلابَ ذَهَبَتْ بِهِ وَالذِّئَابَ) .. !!
- هل يصدق مؤمن
عاقل في نبي من أنبياء الله أن هذا ممكن أن يحدث أن يكون مصيره في حضن الكلاب
والذئاب ؟!!
-
بكل تأكيد .. لا .. وإنما يظن ذلك من ملأ الغل والحقد قلبه على أنبياء الله
.. فذهب يتشفى فيهم بالكذب عليهم والشهادة الزور في حقهم ..
7- أما عن بيان أن المتن ملفق
ومكذوب على بن عباس نفسه .. هو ما قاله بن عباس نفسه في
البخاري حيث قال: (يَا
مَعْشَرَ المُسْلِمِينَ، كيفَ تَسْأَلُونَ أهْلَ الكِتَابِ عن شيءٍ، وكِتَابُكُمُ الذي
أنْزَلَ اللَّهُ علَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحْدَثُ الأخْبَارِ باللَّهِ
(أي قريب النزول إليكم)، مَحْضًا لَمْ يُشَبْ (أي لم يتغير بتحريف ولا تبديل) .. وقدْ حَدَّثَكُمُ اللَّهُ: أنَّ أهْلَ الكِتَابِ قدْ بَدَّلُوا
مِن كُتُبِ اللَّهِ وغَيَّرُوا، فَكَتَبُوا بأَيْدِيهِمُ الكُتُبَ، قالوا: هو مِن عِندِ
اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بذلكَ ثَمَنًا قَلِيلًا، أوَلَا يَنْهَاكُمْ ما جَاءَكُمْ مِنَ
العِلْمِ عن مَسْأَلَتِهِمْ؟ فلا واللَّهِ، ما رَأَيْنَا رَجُلًا منهمْ يَسْأَلُكُمْ
عَنِ الذي أُنْزِلَ علَيْكُم) صحيح البخاري .
-
فكيف يعقل أن ينكر الرواية عن أهل الكتاب ثم هو يروى عنهم مثل هذا الكذب الفاضح
المخالف للعقل والقرآن ..؟!!
- فهذه الرواية عن أيوب التي تم روايتها
عن بن عباس .. هي أصلا رواية مكذوبة على بن عباس دون أدنى شك في ذلك .. فانتبه ..
8- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- الرواية الثانية:
-
رواية صحابي .. (رواية باطلة تالفة السند والمتن) .. عن سعيد بن مرتجل حدثنا
سليمان يعني بن حرب عن حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس
قال: (اتخذ إبليس تابوتا (أي معه صندوق من خشب فيه علاجات) فجلس في الطريق وجعل يداوي المرضى .. قال: فمرت به امرأة أيوب فقالت له:
هل لك أن تداوي هذا المبتلى .. قال نعم بشرط إن أنا شفيته أن يقول: "أنت
شفيتني" .. ولا أريد منه أجرا غيره .. قال فأتت أيوب فذكرت ذلك له .. قال
ويحك ذاك الشيطان لله .. علي إن عافاني لأجلدنك مائة جلدة قال فلما عوفي قال الله
له "خذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث" قال فاتخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضربها به ضربة واحدة) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق.
-
وفي رواية بلفظ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
قَالَ: (إِنَّ إِبْلِيسَ قَعَدَ عَلَى الطَّرِيقِ فَاتَّخَذَ تَابُوتًا (هيكل خشبي صغير يجلس فيه) يُدَاوِي
النَّاسَ فَقَالَتِ امْرَأَةُ أَيُّوبَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنَّ هَاهُنَا
مُبْتَلًى، مِنْ أَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا.. فَهَلْ لَكَ أَنْ تُدَاوِيَهُ؟ قَالَ:
نَعَمْ. بِشَرْطِ إِنْ أَنَا شَفَيْتُهُ أَنْ يَقُولَ: "أَنْتَ شَفَيْتَنِي"
لَا أُرِيدُ مِنْهُ أَجْرًا غَيْرَهُ. فَأَتَتْ أَيُّوبَ عَلَيْهِ السَّلامُ
فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ: وَيْحَكِ !! ذَاكَ الشَّيْطَانُ، لِلَّهِ عَلَيَّ
إِنْ شَفَانِي اللَّهُ تَعَالَى أَنْ أَجْلِدَكَ مِائَةَ جَلْدَةٍ فَلَمَّا شَفَاهُ
اللَّهُ تَعَالَى أَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ ضغثا فأخذ عِذْقًا فِيهِ مَائَةُ
شِمْرَاخٍ، فَضَرَبَ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً)
رواه أبو حاتم في تفسيره بدون سند.
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1-
رواية بن عساكر .. فيها (سعيد بن مرتجل) مجهول .. وفيها (على بن
زيد بن جدعان) .. وهو ضعيف الحديث .. (راجع تهذيب الكمال ترجمة برقم 4070).. 2- الرواية موقوفة على (بن عباس) فهي مرسلة ضعيفة .. ولا نعلم عمن أخذها وهي قصة غيبية لا يتم معرفتها إلا بوحي .. ويقال أنه قد أخذها من أهل الكتاب الذين أسلموا .. ولكن يقال أنه رواها كمعلومة سمعها وليس كتفسير يعتقده .. هذا ما لم يكن الرواية ملفقة له رضي الله عنه ..!!
2-
رواية أبو حاتم .. لا يوجد سند في الحديث من أساسه .. بل مجرد قول منسوب
لابن عباس .. وكما سبق وذكرنا أن بن عباس كان ينكر الرواية عن أهل الكتاب .. فلعل مثل هذه الروايات تكون مكذوبة على بن عباس نفسه .. فانتبه .
- ثانيا: من حيث المتن:
1-
كيف يعقل أن نصدق أن زوجة أيوب عليه السلام رضيت بأن تنسب الشفاء لمخلوق من دون الله ؟!!
فهل هي زوجة نبي أم زوجة عابد صنم ؟!!
- ما هذا الكذب الوقح على زوجة أيوب
عليه السلام ..!!
2-
غالبا القصة مكذوبة وتم تلفيقها على بن عباس وهو بريء من روايتها .. وقد أثبتنا قول بن عباس بكل وضوح فيمن ينقل
عن أهل الكتاب ويأخذ عنهم .. فكيف هو ينقل عنهم حينئذ مثل هذا الكلام الوقح في حق
الأنبياء ؟!! اللهم إلا أن يقال أنه ينقله كمعلومة وليس كتفسير يعتقده ويصدقه .. والله أعلم .
3- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- الرواية الثالثة:
-
رواية تابعي .. (رواية باطلة تالفة السند ومنكرة المتن) - عن الْقَاسِمُ قَالَ: ثنا الْحُسَيْنُ، قَالَ: ثنا مَخْلَدُ
بْنُ حُسَيْنٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ - (وبطريق
آخر للسند) وعن حَجَّاجٍ، عَنْ مُبَارَكٍ، عَنِ
الْحَسَنِ: زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ: (إِنَّ أَيُّوبَ آتَاهُ
اللَّهُ مَالًا وَأَوْسَعَ عَلَيْهِ، وَلَهُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَقَرِ
وَالْغَنَمِ وَالْإِبِلِ .. وَإِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ قِيلَ لَهُ: هَلْ
تَقْدِرُ أَنْ تَفْتِنَ أَيُّوبَ؟ قَالَ: رَبِّ إِنَّ أَيُّوبَ أَصْبَحَ فِي
دُنْيَا مِنْ مَالٍ وَوَلَدٍ، وَلَا يَسْتَطِيعُ أَنْ لَا يَشْكُرَكَ، وَلَكِنْ
سَلِّطْنِي عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ
فَسَتَرَى كَيْفَ يُطِيعُنِي وَيَعْصِيكَ قَالَ: فَسَلَّطَهُ عَلَى مَالِهِ
وَوَلَدِهِ. قَالَ: فَكَانَ يَأْتِي بِالْمَاشِيَةِ مِنْ مَالِهِ مِنَ الْغَنَمِ
فَيَحْرِقُهَا بِالنِّيرَانِ، ثُمَّ يَأْتِي أَيُّوبَ وَهُوَ يُصَلِّي مُتَشَبِّهًا بِرَاعِي الْغَنَمِ،
فَيَقُولُ: يَا أَيُّوبُ تُصَلِّي لِرَبِّكَ مَا تَرَكَ اللَّهُ لَكَ مِنْ
مَاشِيَتِكَ شَيْئًا مِنَ الْغَنَمِ إِلَّا أَحْرَقَهَا بِالنِّيرَانِ، وَكُنْتُ
نَاحِيَةً فَجِئْتُ لِأُخْبِرَكَ .. قَالَ: فَيَقُولُ أَيُّوبُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ
أَعْطَيْتَ وَأَنْتَ أَخَذْتَ، مَهْمَا تُبْقِي نَفْسِي أَحْمَدْكَ عَلَى حُسْنِ
بَلَائِكَ .. فَلَا يَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا يُرِيدُ ثُمَّ يَأْتِي
مَاشِيَتَهُ مِنَ الْبَقَرِ فَيَحْرِقُهَا بِالنِّيرَانِ .. ثُمَّ يَأْتِي
أَيُّوبَ فَيَقُولُ لَهُ ذَلِكَ، وَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَيُّوبُ مِثْلَ ذَلِكَ ..
قَالَ: وَكَذَلِكَ فَعَلَ بِالْإِبِلِ حَتَّى مَا تَرَكَ لَهُ مِنْ مَاشِيَةٍ
حَتَّى هَدَمَ الْبَيْتَ عَلَى وَلَدِهِ .. فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ أَرْسَلَ
اللَّهُ عَلَى وَلَدِكَ مَنْ هَدَمَ عَلَيْهِمُ الْبُيُوتَ حَتَّى هَلَكُوا
فَيَقُولُ أَيُّوبُ مِثْلَ ذَلِكَ .. قَالَ: رَبِّ هَذَا حِينَ أَحْسَنْتَ إِلَيَّ
الْإِحْسَانَ كُلَّهُ .. قَدْ
كُنْتُ قَبْلَ الْيَوْمِ يَشْغَلُنِي حُبُّ الْمَالِ بِالنَّهَارِ وَيَشْغَلُنِي
حُبُّ الْوَلَدِ بِاللَّيْلِ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ .. فَالْآنَ أُفَرِّغُ
سَمْعِي وَبَصَرِي وَلَيْلِي وَنَهَارِي بِالذِّكْرِ وَالْحَمْدِ وَالتَّقْدِيسِ
وَالتَّهْلِيلِ .. فَيَنْصَرِفُ عَدُوُّ اللَّهِ مِنْ عِنْدِهِ لَمْ يُصِبْ مِنْهُ
شَيْئًا مِمَّا يُرِيدُ..
-
قَالَ: ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: كَيْفَ رَأَيْتَ أَيُّوبَ؟
-
قَالَ إِبْلِيسُ: يَا أَيُّوبُ قَدْ عَلِمَ أَنَّكَ
سَتَرُدُّ عَلَيْهِ مَالَهُ وَوَلَدَهُ وَلَكِنْ سَلِّطْنِي عَلَى جَسَدِهِ،
فَإِنْ أَصَابَهُ الضُّرُّ فِيهِ أَطَاعَنِي وَعَصَاكَ قَالَ: فَسُلِّطَ عَلَى
جَسَدِهِ، فَأَتَاهُ فَنَفَخَ فِيهِ نَفْخَةً قَرِحَ مِنْ لَدُنْ قَرْنِهِ (أي رأسه) إِلَى
قَدَمِهِ. قَالَ: فَأَصَابَهُ الْبَلَاءُ بَعْدَ الْبَلَاءِ، حَتَّى حُمِلَ
فَوُضِعَ عَلَى مَزْبَلَةِ
كُنَاسَةٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ. فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ وَلَا وَلَدٌ
وَلَا صَدِيقٌ وَلَا أَحَدٌ يَقْرَبُهُ غَيْرُ زَوْجَتِهِ، صَبَرَتْ مَعَهُ
بِصِدْقٍ، وَكَانَتْ تَأْتِيهِ بِطَعَامٍ، وَتَحْمَدُ اللَّهَ مَعَهُ إِذَا
حَمِدَ، وَأَيُّوبُ عَلَى ذَلِكَ لَا يَفْتُرُ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ،
وَالتَّحْمِيدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى اللَّهِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا ابْتَلَاهُ اللَّهُ.
-
قَالَ
الْحَسَنُ: فَصَرَخَ إِبْلِيسُ عَدُوُّ اللَّهِ صَرْخَةً
جَمَعَ فِيهَا جُنُودَهُ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ جَزَعًا مِنْ صَبْرِ أَيُّوبَ
فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ وَقَالُوا لَهُ: جَمَعْتَنَا، مَا خَبَرُكَ؟ مَا
أَعْيَاكَ؟ قَالَ: أَعْيَانِي هَذَا الْعَبْدُ الَّذِي سَأَلْتُ رَبِّيَ أَنْ
يُسَلِّطَنِي عَلَى مَالِهِ وَوَلَدِهِ ، فَلَمْ أَدَعْ لَهُ مَالًا وَلَا
وَلَدًا، فَلَمْ يَزْدَدْ بِذَلِكَ إِلَّا صَبْرًا وَثَنَاءً عَلَى اللَّهِ
وَتَحْمِيدًا لَهُ، ثُمَّ سُلِّطْتُ عَلَى جَسَدِهِ فَتَرَكْتُهُ قُرْحَةً مُلْقَاةً عَلَى
كُنَاسَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لَا يَقْرَبُهُ إِلَّا امْرَأَتُهُ ..
فَقَدِ افْتُضِحْتُ بِرَبِّي، فَاسْتَعَنْتُ بِكُمْ، فَأَعِينُونِي عَلَيْهِ
قَالَ: فَقَالُوا لَهُ: أَيْنَ مَكْرُكَ؟ أَيْنَ عِلْمُكَ الَّذِي أَهْلَكْتَ بِهِ
مَنْ مَضَى؟ قَالَ: بَطُلَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَيُّوبَ، فَأَشِيرُوا عَلَيَّ
قَالُوا: نُشِيرُ عَلَيْكَ، أَرَأَيْتَ آدَمَ حِينَ أَخْرَجْتَهُ مِنَ الْجَنَّةِ، مِنْ أَيْنَ
أَتَيْتَهُ؟ قَالَ: مِنْ
قِبَلِ امْرَأَتِهِ، قَالُوا: فَشَأْنَكَ بِأَيُّوبَ مِنْ قِبَلِ
امْرَأَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعْصِيَهَا .. وَلَيْسَ أَحَدٌ
يَقْرَبُهُ غَيْرُهَا. قَالَ: أَصَبْتُمْ.
-
فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ تَصَدَّقُ ( أي تطلب
الصدقة) ، فَتَمَثَّلَ لَهَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ، فَقَالَ: أَيْنَ بَعْلُكِ يَا
أَمَةَ اللَّهِ؟ قَالَتْ: هُوَ ذَاكَ يَحُكُّ قُرُوحَهُ وَيَتَرَدَّدُ الدَّوَابُّ فِي جَسَدِهِ.
فَلَمَّا سَمِعَهَا طَمِعَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةَ جَزَعٍ، فَوَقَعَ فِي صَدْرِهَا
فَوَسْوَسَ إِلَيْهَا .. فَذَكَّرَهَا مَا كَانَتْ فِيهِ مِنَ النِّعَمِ ..
وَالْمَالِ وَالدَّوَابِّ، وَذَكَّرَهَا جَمَالَ أَيُّوبَ وَشَبَابَهُ، وَمَا هُوَ
فِيهِ مِنَ الضُّرِّ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُمْ أَبَدًا "
-
قَالَ
الْحَسَنُ: " فَصَرَخَتْ .. فَلَمَّا صَرَخَتْ ..
عَلِمَ أَنْ قَدْ صَرَخَتْ وَجَزِعَتْ، أَتَاهَا بِسَخْلَةٍ (خروف صغير جدا) فَقَالَ: لِيُذْبَحْ هَذَا إِلَيَّ
أَيُّوبَ وَيَبْرَأُ .. قَالَ: فَجَاءَتْ تَصْرُخُ: يَا أَيُّوبُ، يَا
أَيُّوبُ، حَتَّى مَتَى يُعَذِّبُكَ رَبُّكَ، أَلَا يَرْحَمُكَ؟ أَيْنَ
الْمَاشِيَةُ؟ أَيْنَ الْمَالُ؟ أَيْنَ الْوَلَدُ؟ أَيْنَ الصَّدِيقُ؟ أَيْنَ
لَوْنُكَ الْحَسَنُ .. قَدْ تَغَيَّرَ وَصَارَ مِثْلَ الرَّمَادِ؟ أَيْنَ جِسْمُكَ
الْحَسَنُ الَّذِي قَدْ بَلِيَ وَتَرَدَّدَ فِيهِ الدَّوَابُّ؟ اذْبَحْ هَذِهِ
السَّخْلَةَ وَاسْتَرِحْ .. قَالَ أَيُّوبُ: أَتَاكَ عَدُوُّ اللَّهِ فَنَفَخَ
فِيكِ .. فَوَجَدَ فِيكِ رِفْقًا .. وَأَجَبْتِهِ ؟!! وَيْلَكَ أَرَأَيْتِ مَا
تَبْكِينَ عَلَيْهِ مِمَّا تَذْكُرِينَ مَا كُنَّا فِيهِ مِنَ الْمَالِ
وَالْوَلَدِ وَالصِّحَّةِ وَالشَّبَابِ؟ مَنْ أَعْطَانِيهِ؟ قَالَتِ: اللَّهُ.
قَالَ: فَكَمْ مُتِّعْنَا بِهِ؟ قَالَتْ: ثَمَانِينَ سَنَةً. قَالَ: فَمُذْ كَمِ
ابْتَلَانَا اللَّهُ بِهَذَا الْبَلَاءِ الَّذِي ابْتَلَانا بِهِ؟ قَالَتْ: مُنْذُ
سَبْعِ سِنِينَ وَأَشْهُرٍ. قَالَ: وَيْلَكَ وَاللَّهِ مَا عَدَلْتِ وَلَا
أَنْصَفْتِ رَبَّكِ أَلَا صَبَرْتِ حَتَّى نَكُونَ فِي هَذَا الْبَلَاءِ الَّذِي
ابْتَلَانَا رَبُّنَا بِهِ ثَمَانِينَ سَنَةً كَمَا كُنَّا فِي الرَّخَاءِ
ثَمَانِينَ سَنَةً؟ .. وَاللَّهِ لَئِنْ شَفَانِي اللَّهُ لَأَجْلِدَنَّكِ مِائَةَ
جَلْدَةٍ .. هِيهِ (لفظ يقال بمعنى ابتعد عني) .. أَمَرْتِينِي
أَنْ أَذْبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ .. طَعَامُكِ وَشَرَابُكِ الَّذِي تَأْتِيَنِي
بِهِ عَلَيَّ حَرَامٌ وَلنْ أَذُوقَ مَا تَأْتِيَنِي بِهِ بَعْدُ إِذْ قُلْتِ لِي
هَذَا .. فَاغْرُبِي عَنِّي فَلَا أَرَاكِ .. فَطَرَدَهَا .. فَذَهَبَتْ ..
-
فَقَالَ الشَّيْطَانُ (حينئذ): هَذَا قَدْ وَطَّنَ نَفْسَهُ ثَمَانِينَ سَنَةً عَلَى هَذَا
الْبَلَاءِ الَّذِي هُوَ فِيهِ فَبَاءَ بِالْغَلَبَةِ وَرَفَضَهُ. وَنَظَرَ
أَيُّوبُ إِلَى امْرَأَتِهِ وَقَدْ طَرَدَهَا، وَلَيْسَ عِنْدَهُ طَعَامٌ وَلَا
شَرَابٌ وَلَا صَدِيقٌ " ..
-
قَالَ الْحَسَنُ: " وَمَرَّ بِهِ رَجُلَانِ
وَهُوَ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، وَلَا وَاللَّهِ مَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ
يَوْمَئِذٍ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَيُّوبَ، فَقَالَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ
لِصَاحِبِهِ: لَوْ كَانَ لِلَّهِ فِي هَذَا حَاجَةٌ، مَا بَلَغَ بِهِ هَذَا فَلَمْ
يَسْمَعْ أَيُّوبُ شَيْئًا كَانَ أَشَدَّ عَلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ) رواه الطبري في تفسيره.
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- وفيه (القاسم
بن الحسن) شيخ الطبري .. وهو مجهول ولا يوجد له ترجمة .. وهو الذي روى عن (الحسين بن داود المصيصي) .. قال عنه الشيخ أكرم الأثري:
القاسم بن الحسن، من الحادية عشرة، لم أعرفه، ولم أجد له ترجمة، ولم يعرفه الشيخ
شاكر قبلي وتردد فيه واضطرب وتمنى أن يجد له من الروايات ما يدله على ترجمته، ولم
يتعرض الشيخ التركي في تحقيقه " لتفسير الطبري " (1/ 122) لترجمته بشيء،
وقد صحح اسم أبيه من الحسين إلى الحسن.. روى عن: الحسين
بن داود المصيصي - الملقب (سنيد). (راجع معجم شيوخ الطبري
ترجمة برقم 242 - مختصرا في كلامه) ..
-
وقال الشيخ أكرم في صفحة أخرى: عامة الأسانيد التي وردت من طريقه ففيها
علل، وعلى رأسها الحسين بن داود المصيصي (سنيد) الذي كان يلقن شيخه فضعفا لأجل
ذلك، وأما هذه الألوف المؤلفة من هذه الآثار الواردة من طريقه، فهي عبارة عن كتاب
مروي (راجع معجم شيوخ
الطبري ص416 - مختصرا في كلامه)
2- وفيه (الحسين بن داود المصيصي) وهو ضعيف الحديث .. قال عنه
ذلك الشيخ أكرم الأثري: (راجع
معجم شيوخ الطبري ص417 - مختصرا في كلامه)
3-
وفي السند الآخر - (حَجَّاجٍ، عَنْ مُبَارَكٍ،
عَنِ الْحَسَنِ) .. يضاف على ما سبق من علل .. نجد في هذا السند (مبارك بن حسان السلمى) ..
وهو ضعيف لين الحديث .. وإن كان البعض وثقه وجعله مقبول الرواية .. (راجع
تهذيب الكمال ترجمة برقم 5762).
4-
وفي كلا الطريقين .. الرواية مقطوعة على الحسن البصري التابعي .. ولا نعلم
عمن أخذها ..!! ما لم يكن الرواية كلها ملفقة السند والمتن وهذا هو المتوقع
والطبيعي والمقبول عقلا ..
- ثانيا:
من حيث المتن:
- فظاهر
الكذب والتلفيق فيه واضح جدا ..
1-
فيها قول: (وَإِنَّ عَدُوَّ
اللَّهِ إِبْلِيسَ قِيلَ لَهُ: هَلْ تَقْدِرُ أَنْ تَفْتِنَ أَيُّوبَ؟) .. فهل رب العالمين يستحضر الشيطان ويتحداه
في فتنة نبي من أنبياءه ؟!! ألهذا الحد يتواضع الله للشيطان ويتحدث معه بل ويتحداه
؟!!
-
فهل التصور الساذج والخيال المريض وصل في هذه القصة بأن يتصور أن الله ترك تدبير ملكه واستدعى الشيطان
ليناقشه في فتنة أيوب .. وكأنهما يلعبان الشطرنج مع بعضهما البعض ويشربان الشاي ..
ويتحدى كلا منهما الآخر ..!!
- فهل
الشيطان ندا لله حتى يتحداه الله ؟!!
- أهذا كلام
يقول به عاقل يا مؤمن ؟!!
- سبحانك يا
رب إن هذا بهتان عظيم ..!!
2-
كيف لعاقل أن يصدق أن أيوب نبي الله يقول هذا الكلام (قَدْ كُنْتُ قَبْلَ
الْيَوْمِ يَشْغَلُنِي حُبُّ الْمَالِ بِالنَّهَارِ وَيَشْغَلُنِي حُبُّ الْوَلَدِ
بِاللَّيْلِ شَفَقَةً عَلَيْهِمْ) ..!!
- فإذا كان
هذا حال النبي أيوب.. فما هو حال المؤمن المعيوب ..!!
- فهل غابت
العقول .. أم ما لكم كيف تحكمون ؟!!
3-
كيف لمؤمن عاقل يصدق أن نبي الله تم إلقاءه في المزبلة مع الزبالة لمدة سبعة سنوات
وبعض الأشهر كما جاء في بعض الروايات ؟!!
-
كيف يمكن أن نعقل ذلك أو نتصوره أو يقبله قلب مؤمن ؟!! كيف ؟!!
- فهل كان يعبد الله في المزبلة
؟!!
-
أهذا كلام يقول به مؤمن أو عاقل ؟!!
-
ولا أدري كيف أصلا تم كتابة هذه الرواية من أساسه ..!!
-
ألهذه الدرجة كان سيدنا أيوب في نفسية مختلق هذه الرواية قد بلغ به الأمر من
الحقارة والإهانة لأيوب حتى
وصفه بأنه تم إلقاءه في المزبلة مع زبالة فضلات الناس ..!!
- بل وفي الرواية جعلوا الدود والحشرات
تأكل في جسده وهو في المزبلة .. حيث قالت الرواية (هُوَ ذَاكَ يَحُكُّ قُرُوحَهُ وَيَتَرَدَّدُ الدَّوَابُّ فِي جَسَدِهِ) ..!!
-
يا ناس يا عقلاء .. كيف نصدق أن هذا حدث مع نبي الله ؟!!
4-
وفيها أن الرواية مخالفة للقرآن .. حيث يقول تعالى: (إِنَّ
عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ
الْغَاوِينَ) الحجر42 .. فالله قد حكم عليه قهرا له بأنه لا سبيل له على
المؤمنين .. وليس استحضر الشيطان ليتحداه في فتنة أيوب ؟!!
- فما هذا
الكذب الذي تنطق به الرواية ..!!
- سبحانك يا رب إن هذا بهتان عظيم ..!!
5-
لا يمكن حدوث أو تصور أن الشيطان قد بلغ به الحد من منع أيوب في تبليغ دعوته
ورسالته حتى وصل به الحال بأنه أصبح ملقى في المزابل والشيطان ينظر إليه ..!! فهذا
حينئذ تسليط تمكين حينئذ حتى أفقده العمل مع الله .. وهذا مخالف لقوله تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل99-100.
-
بل ومخالف في تأمين الأنبياء من تسليط الشيطان عليهم في دعوتهم .. حيث المعلوم من القرآن أن الشيطان يتسلط
على الأنبياء من خلال وسوسته في نفوس من يعرض عليهم الدعوة .. فيقول تعالى: (وَمَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى
الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ
آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (52) لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً
لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (53) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ أَنَّهُ الْحَقُّ
مِنْ رَبِّكَ فَيُؤْمِنُوا بِهِ فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ
الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) الحج52-54..
- وقد سبق شرح الآيات في رواية سابقة ..
6- أما عن قول الرواية (فَانْطَلَقَ حَتَّى أَتَى
امْرَأَتَهُ وَهِيَ
تَصَدَّقُ) .. فما أقبح هذا القول الملعون .. فجعلوا من زوجة النبي
تجلس على الطريق وتشحت مما في أيدي الناس حتى تطعم زوجها النبي .. !!
- فهذا محض كذب صريح ..
لأن
الأنبياء من أواسط الناس وخيرهم وأكرمهم .. وما كان الله ليترك زوجة أيوب تتسول من
أجله .. وتبيع شيئا من أعضائها (ضفيرة شعرها) لتأكل بها ..
- سبحانك
يارب .. فهذا بهتان عظيم ..
7-
أما عن التوهم بأن الشيطان قال لزوجة أيوب: (لِيُذْبَحْ هَذَا إِلَيَّ أَيُّوبَ وَيَبْرَأُ) .. فهذا كلام لو قرأ على الحمار لنهق الحمار استنكارا
مما سمعه وظنا منه أن قارئة شيطان .. فكيف هذا كلام يصدقه إنسان عاقل حينئذ ..!!
-
إذ كيف لزوجة نبي وهي من أشرف القوم .. أن تقبل لزوجها أن يذبح للشيطان ؟!! وكيف
يُعقل من أساسه أن تقبل فكرة الشيطان بالذبح له؟ بل وكيف يُعقل أن تذهب إلى نبي
الله وتقول له تعبَّد للشيطان بالذبح له تعظيما لقدره ليمنحك الشفاء؟!!
-
فهذا كلام منحط جدا .. ولا يقول به إلا عابد صنم أو عدوا لله ..!!
- سبحانك يا رب إن هذا بهتان عظيم ..!!
8- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- الرواية الرابعة:
- رواية تابعي .. (رواية باطلة صحيحة السند ومنكرة المتن جدا) .. عن عبد الرحمن بن جبير رضي
الله عنه قال: (لَمَّا ابْتُلِيَ أَيُّوبُ النَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَسَدِهِ طُرِحَ فِي
الْمَزْبَلَةِ .. جَعَلَتِ امْرَأَتُهُ تَخْرُجُ تَكَسَّبُ عَلَيْهِ مَا
تُطْعِمُهُ، فَحَسَدَهُ الشَّيْطَانُ ذَلِكَ، وَكَانَ يَأْتِي أَصْحَابَ الْخُبْزِ وَالشِّوَاءِ؛
الَّذِينَ كَانُوا يَتَصَدَّقُونَ عَلَيْهَا، فَيَقُولُ: اطْرُدُوا هَذِهِ
الْمَرْأَةَ الَّتِي تَغْشَاكُمْ؛ فَإِنَّهَا تُعَالِجُ صَاحِبَهَا، وَتَلْمَسُهُ
بِيَدِهَا، فَالنَّاسُ يَقْتَذِرُونَ طَعَامَكُمْ مِنْ أَجْلِهَا؛ إِنَّهَا
تَأْتِيكُمْ، وَتَغْشَاكُمْ فَجَعَلُوا لَا يُدْنُونَهَا مِنْهُمْ؛ وَيَقُولُونَ:
تَبَاعَدِي عَنَا، وَنَحْنُ نُطْعِمُكِ، وَلَا تَقْرَبِينَا، فَأَخْبَرَتْ
أَيُّوبَ بِذَلِكَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى ذَلِكَ) رواه أحمد في الزهد.
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
- السند سليم ..إلا أن الرواية مقطوعة السند على عبد
الرحمن بن جبير التابعي .. فهو من كلامه هو .. ولا نعلم عمن أخذ هذه القصة الغيبية .. والتي لا يمكن تصديقها أبدا في حق نبي كريم .. !!
- ثانيا: من حيث المتن ..
1- كيف لمؤمن عاقل يصدق أن نبي
الله تم إلقاءه في المزبلة مع الزبالة ؟!! كيف يمكن أن نعقل ذلك أو
نتصوره أو يقبله قلب مؤمن ؟!! كيف ؟!!
- ولا أدري كيف أصلا تم كتابة
هذه الرواية من أساسه ..!!
- ألهذه الدرجة كان سيدنا أيوب مهانا
حتى تم إلقاءه في المزبلة مع زبالة فضلات الناس ..!!
- يا ناس يا عقلاء .. كيف نصدق
أن هذا حدث مع نبي الله ؟!!
2- كيف يمكن أن نقبل أن يتم
طرد زوجة نبي من أنبياء الله بهذه الوقاحة والسفالة المذكورة في القصة
؟!!
- فالرواية تعاملت مع أيوب عليه
السلام وأهل بيته .. وكأنهما أحقر خلق الله في الوجود ..!!
- ولا يصدق هذا الكلام في نبي
الله وأهل بيته "بعد ما جاءه الحق" .. إلا من كان حاقدا على أنبياء الله
..!!
3- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- الرواية الخامسة:
- رواية تابعي .. (رواية باطلة صحيحة السند ومتنها منكر جدا) .. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ:
حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ،
حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنَيُّ عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ: (أَنَّ الشَّيْطَانَ الَّذِي عَرَّجَ فِي أَيُّوبَ
كَانَ يُقَالُ لَهُ مسوط .. قَالَ (أي الراوي): وَكَانَتِ امْرَأَةُ أَيُّوبَ تَقُولُ: ادْعُ اللَّهَ
فَيَشْفِيَكَ، فَجَعَلَ لَا يَدْعُو حَتَّى مَرَّ بِهِ نَفَرٌ مِنْ بَنِي
إِسْرَائِيلَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا أَصَابَهُ إِلَّا بِذَنْبٍ
عَظِيمٍ أَصَابَهُ، فَعِنْدَ ذلك قال: نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ
وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) ذكره بن كثير
في تفسيره.. نقلا عن تفسير أبو حاتم .. وذكره السيوطي في الدر المنثور.
- وفي رواية بلفظ آخر عن
"نوف البكالي": (رواية باطلة تالفة السند
والمتن) .. عن عَبْدُ الرَّحْمَنِ "بن حمدان الهمداني" ، قَالَ: نا
إِبْرَاهِيمُ "بن الحسين الهمذاني" ، قَالَ: نا آدَمُ "بن أبي إياس"،
قَالَ: نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ الْجَوْنِيِّ، عَنْ نَوْفٍ
الْبِكَالِيِّ، قَالَ: (كَانَ الشَّيْطَانُ الَّذِي سُلِّطَ عَلَى أَيُّوبَ، اسْمُهُ مَسُوطٌ)
من تفسير مجاهد.
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- الرواية الأولى .. السند صحيح حتى (نوف بن
فضالة البكائي) التابعي (المتوفي: بعد سنة 90هـ).. وإن كان يغلب على نوف أنه مستور
الحال .. ولكن سنفترضه مقبول الرواية .. إلا أنه الرواية مقطوعة على نوف البكائي ولا نعرف عمن أخذ هذه الرواية لهذه القصة الغيبية التي لا يتم معرفتها إلا بالوحي ..!!
2- الرواية الثانية .. فيها (عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني - أبو القاسم) .. وهو
متهم بالكذب لأنه لم يسمع من "إبراهيم بن الحسين الهمذاني" .. (راجع
تاريخ بغداد ترجمة برقم 5428) و (راجع تاريخ الإسلام ترجمة رقم 57 من وفيات القرن
الرابع الهجري) .
- ثانيا: من حيث المتن ..
1- قوله في الرواية عن ذكر اسم
الشيطان أنه: (كان يقال) .. فهذا معناه أن هذا خبر قد سمعه الراوي " نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ" ولا يعلم مصدره عمن قال هذا القول من أساسه ..!!
-
فكيف نصدق أو نعتقد مثل هذا الكلام حينئذ ؟!!
2- ويتبقى السؤال المهم دائما: عمن أخذ هذه القصة الغيبية في حق نبي الله
أيوب .. التي لا دليل عليها من كلام الله ولا كلام رسول الله ؟!!
3- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- "من روايات وهب بن منبه":
#- الروايات التالية ستكون نقلا
عن التابعي "وهب بن منبه" ..
- قال عنه الإمام الذهبي: وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائليات ومن
صحائف أهل الكتاب. (راجع سير أعلام النبلاء برقم
219 ج4 ص454).
#-
الرواية السادسة "من روايات
وهب بن منبه":
- رواية تابعي .. (رواية باطلة تالفة السند ومنكرة المتن) .. عن إسحاق بن بشر عن إدريس
بن بنت وهب بن منبه عن وهب بن منبه: (إن إبليس طار في المردة فأتى
مشارق الأرض ومغاربها لينظر هل يجد عبدا لله عز وجل مخلصا يثني على ربه فيغويه ..
قال فأتاه نداء يا لعين:
أتعلم أن أيوب عليه السلام عبد صالح مخلص لله عز وجل لا تستطيع أن تغويه .. قال يا
رب إن أيوب قد أعطيته من المال والولد والسعة وقرة العين في الدنيا إذا نظر إليه
فلا يستطيع أحد أن يغويه ولكن سلطني على ماله وولده "وكان له ثلاثة عشر ولدا ذكورا كلهم وكانوا من
رحمة بنت منشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام" .. فقال سلطني عليهم فترى أيوب كيف يطيعني ويعصيك ويؤمن
بي ويكفر بك فقال اذهب فقد سلطتك على ماله وولده قال فرجع إبليس إلى مجلسه وجمع
شياطينه ومردته فقالوا سيدنا لم حشرتنا وجمعتنا ودعوتنا .. قال ألا ترون هذا العبد
الذي أثنى عليه ربه ومدحه وزعم
أني لا أستطيع أن أغويه .. وقد سلطني على ماله وولده فقالوا جميعا نحن عونك
عليه .. قال فما عندكم ؟ .. فقامت طائفة منهم مثل الجيش العظيم معهم عواصف الريح
وقام قوم منهم صاحوا صيحة خرجت لأفواههم كلهب النيران .. وقام قوم منهم صاحوا صيحة
رجفت الأرض منها .. فقال للذين جاؤوا بعواصف الريح انطلقوا إلى دواب أيوب وغنمه
ورعاته فاحتملوها حتى تقذفوها في البحر وأنا منطلق إليه في صورة قيِّمه بشأنهم (القيِّم
هو الشخص القائم بالإشراف على إدارة مكان) فأغويه قال
فانطلقوا فجاؤوا بالرياح من أركان الأرض فعصفتهم ثم احتملتهم حتى قذفتهم في البحر
فغرقتهم فجاء إبليس في صورة
قيِّمه إلى أيوب وهو قائم يصلي فقال يا أيوب ألا أراك قائما تصلي وقد أقبلت
ريح عاصف فاحتملت دوابك برعائها فعصفتها فقذفتها في البحر فغرقتها وأنت قائم تصلي ؟
.. قال فلم يرد عليه شيئا حتى فرغ من صلاته فقال الحمد لله الذي رزقنيه ثم قبله
مني كالقربان النقي يقربه صاحبه وميزك منهم كما يميز الزوان من القمح (الزُّؤَان هو عشبة تظهر بين اعواد القمح لها حبة سوداء وصفراء) .. قال فانصرف خاليا فدعا الذين يخرج من
أفوههم كلهب النيران فقال انطلقوا إلى جنان أيوب وزرعه فاحرقوها حتى اذهب أنا إليه
في صورة قيمه فأغويه فانطلقوا فصاحوا صيحة فوهجت نارا من أفواههم كأنها لهب النار
فأتت على جنانه ومزارعه ومعائشه فصارت كالرميم .. وجاء إبليس في صورة قيِّمه فسلم وأيوب قائم يصلي
فقال يا أيوب ألا أراك قائما تصلي وقد جاء الحريق فأتى على جنانك ومزارعك ومعايشك
كلها فصارت كالرميم .. فلم يرد عليه شيئا حتى فرغ من صلاته فقال الحمد لله الذي
رزقنيه ثم قبضه مني كالقربان النقي يقربه صاحبه وميزك منه كما يميز الزوان من
القمح .. ولو كان فيك خير لقبضك معهم ثم أقبل على صلاته .. فرجع إبليس فدعا هؤلاء
الذين يزيلون الأرض بصيحتهم فقال اذهبوا إلى منازل أيوب حتى تزلزلوا بهم وترمسوا
فيها ولده وخدمه قال فانطلقوا فصاحوا صيحة عظيمة جعلوا دكة واحدة ثم جاء إبليس إلى
أيوب في صورة حاضن ولده
فقال يا أيوب إنه قد جاءت صيحة فطارت منازلك دكة واحدة فما بقي لك ولد ولا خادم
إلا رمس تحته وأنت قائم تصلي .. قال فانصرف فقال الحمد لله الذي هو رزقنيهم وقبضهم
مني كالقربان النقي وميزك من بينهم كما يميز الزوان من القمح ولو كان فيك خير
لقبضك معهم .. فانصرف إبليس عدو الله خائبا منكسرا .. فأتاه نداء كيف رأيت عبدي
أيوب قال يا رب إن أيوب قد علم أنك ستعوضه بكل واحد اثنتين .. ولكن سلطني على جسده
فسوف ترى كيف يطيعني ويعصيك ويؤمن بي ويكفر بك .. قال اذهب فقد سلطتك على جسده من غير
أن أسلطك على روحه .. فجاء فنفخ في إبهام قدميه قال فاشتعل فيه مثل النار"أي شعر بجسده فيه سخونة وحمى رهيبة جدا") رواه بن عساكر في
تاريخ دمشق.
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- فيه (إدريس ابن وهب بن منبه) .. هو مجهول ..
2- الحديث مقطوع على وهب بن منبه التابعي
(المتوفى:110هـ) .. فلا نعلم
مصدر الرواية عمن أخذها .. وإن كان غالبا أخذها من كتب أهل الكتاب .. وسيأتي
روايات بعد قليل ..سأوضح فيها أنه ينقل بالتفصيل من التوراة ..
- والتابعي "وهب بن
منبه" على جلالة قدره .. إلا أن غالب علمه مأخوذ من الفضول في قراءة كتب السابقين
..
- قال عنه الإمام الذهبي: وروايته للمسند قليلة، وإنما غزارة علمه في الإسرائليات ومن
صحائف أهل الكتاب. (راجع سير أعلام النبلاء برقم
219 ج4 ص454)..
- ويقصد الإمام الذهبي بقوله ( روايته للمسند) أي المروي عن
النبي صلى الله عليه وسلم .. لأن غالب مرويات وهب فهي عن الأخبار والقصص .
- ثانيا: أما عن المتن ..
- فالمتن كله كذب ..
1- كيف يتصور مؤمن أن الشيطان نجح في
أن يستفز الله ويستدرجه حتى كلمه الله ليتحداه .. وتظهر الرواية وكأن الله جل شأنه قد جعل
من الحقير إبليس ندا له ؟!! وحاشاه جل شأنه ..!!
2- أما عن الإنحطاط والوقاحة
والسفالة الذي تنفرد به هذه الرواية .. في سياق الرواية الذي جاء فيه عن كلام إبليس
مع جنده على الله فقال: (وزعم أني لا أستطيع أن أغويه) فهذا
إبليس يتكلم عن ربه وكأنه شيطان يعمل عنده ويتحداه ..!!
3- فضلا عن أن سياق الرواية كله مختلق وظاهر عليه الكذب جدا.. وقد سبق الرد عليه في الروايات
السابقة ..
4- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- الرواية
السابعة "من روايات
وهب بن منبه":
- رواية تابعي .. (رواية باطلة تالفة السند ومنكرة المتن جدا) .. عن أَبُو بكر بن عَيَّاش
عَن ابْن وهب بن مُنَبّه عَن أَبِيه قَالَ: (قَالَ إِبْلِيس لامْرَأَة أَيُّوب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِمَا
أَصَابَكُم مَا أَصَابَكُم .. قَالَت بِقدر الله تَعَالَى .. قَالَ فاتبعيني .. فَأَتْبَعته
فأراها جَمِيع مَا ذهب مِنْهُم فِي وَاد .. فَقَالَ اسجدي لي وأرده عَلَيْكُم .. فَقَالَت
إِن لي زوجا أستأمره .. فأخبرت أَيُّوب فَقَالَ أما آن لَك أَن تعلمي ذَاك
الشَّيْطَان ؟!! لَئِن بَرِئت لأضربنك مائَة جلدَة) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق
.. وذكره الشبلي في آكام المرجان في أحكام الجان ..
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- فيه (ابن وهب بن منبه) واسمه (إدريس بن وهب بن منبه ) وهو الذي روى عنه أبو بكر بن عياش ..
و"بن وهب" هو "إدريس" وهذا مجهول الحال .. وليس هو (عبد الله بن وهب) ..
فانتبه .
2- الحديث مقطوع على وهب بن منبه التابعي
(المتوفى:110هـ) .. فلا نعلم
مصدر الرواية عمن أخذها .. إلا أنه معلوم عنه يأخذ عن أهل الكتاب أخبار السابقين
..
- ثانيا: من حيث المتن:
1- كيف يعقل أن
نصدق أن زوجة أيوب عليه السلام قبلت العرض الذي عرضه عليها إبليس ولكنها فقط أرادت
أن تطلب رأي أيوب ..!! (فَقَالَ اسجدي لي وأرده عَلَيْكُم .. فَقَالَت
إِن لي زوجا أستأمره) ..!!
- فهل هذا كلام يعقله عاقل بأن نصدق أن زوجة
نبي تقبل السجود لغير الله مقابل متاع الحياة ؟!!
- فإذا لم يكن هذا هو الكذب
على أهل بيت الأنبياء .. فكيف يكون الكذب حينئذ ؟!!
2- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#-
الرواية الثامنه"من روايات
وهب بن منبه":
- رواية تابعي .. (رواية باطلة فالسند ضعيف جدا والمتن منكر جدا) .. عن ابن حميد، قال: ثنا
سلمه، قال: فحدثني محمد بن إسحاق، قال: وكان وهب بن منبه يقول: (لَبِثَ فِي ذَلِكَ الْبَلَاءِ
ثَلَاثَ سِنِينَ لَمْ يَزِدْ يَوْمًا وَاحِدًا .. فَلَمَّا غَلَبَهُ أَيُّوبُ (أي غلب أيوب الشيطان)
فَلَمْ يَسْتَطِعْ مِنْهُ شَيْئًا .. اعْتَرَضَ لِامْرَأَتِهِ فِي هَيْئَةٍ لَيْسَتْ كَهَيْئَةِ بَنِي آدَمَ
فِي الْعَظْمِ وَالْجِسْمِ وَالطُّولِ .. عَلَى مَرْكَبٍ لَيْسَ مِنْ مَرَاكِبِ
النَّاسِ .. لَهُ عِظَمٌ وَبَهَاءٌ وَجَمَالٌ لَيْسَ لَهَا ..
- فَقَالَ لَهَا (الشيطان): أَنْتِ صَاحِبَةُ أَيُّوبَ
هَذَا الرَّجُلِ الْمُبْتَلَى؟
- قَالَتْ نَعَمْ.
- قَالَ: هَلْ تَعْرِفِينَنِي؟
- قَالَتْ لَا.
- قَالَ (الشيطان): فَأَنَا إِلَهُ الْأَرْضِ ..
وَأَنَا الَّذِي صَنَعْتُ بِصَاحِبِكَ مَا صَنَعْتُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ عَبَدَ
إِلَهَ السَّمَاءِ وَتَرَكَنِي فَأَغْضَبَنِي .. وَلَوْ سَجَدَ لِي سَجْدَةً
وَاحِدَةً رَدَدْتُ عَلَيْهِ وَعَلَيْكِ كُلَّ مَا كَانَ لَكُمَا مِنْ مَالٍ
وَوَلَدٍ، فَإِنَّهُ عِنْدِي .. ثُمَّ أَرَاهَا إِيَّاهُمْ فِيمَا تَرَى بِبَطْنِ الْوَادِي الَّذِي
لَقِيَهَا فِيهِ.
- قَالَ (الرواي وهب بن منبه): وَقَدْ سَمِعْتُ أَنَّهُ
إِنَّمَا قَالَ (أي الشيطان): لَوْ أَنَّ صَاحِبَكِ أَكَلَ
طَعَامًا وَلَمْ يُسَمِّ عَلَيْهِ لَعُوفِيَ مِمَّا بِهِ مِنَ الْبَلَاءِ،
وَاللَّهُ أَعْلَمُ..!!
- وَأَرَادَ عَدُوُّ اللَّهِ أَنْ
يَأْتِيَهُ مِنْ قِبَلِهَا (أي يفتنه من ناحية زوجته).. فَرَجَعَتْ إِلَى أَيُّوبَ
فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا قَالَ لَهَا وَمَا أَرَاهَا ..
- قَالَ (أيوب): أَوَ قَدْ أَتَاكِ عَدُوُّ
اللَّهِ لِيَفْتِنَكِ عَنْ دِينِكِ؟ ثُمَّ أَقْسَمَ إِنِ اللَّهُ عَافَاهُ
لَيَضْرِبَهَا مِائَةَ ضَرْبَةٍ ..
- فَلَمَّا طَالَ عَلَيْهِ
الْبَلَاءُ، جَاءَهُ أُولَئِكَ النَّفْرُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ قَدْ آمَنُوا
بِهِ وَصَدَّقُوهُ .. ومَعَهُمْ فَتًى حَدِيثُ السِّنِّ قَدْ كَانَ آمَنَ بِهِ
وَصَدَّقَهُ .. فَجَلَسُوا إِلَى أَيُّوبَ .. وَنَظَرُوا إِلَى مَا بِهِ مِنَ
الْبَلَاءِ، فَأَعْظَمُوا ذَلِكَ وَفَظِعُوا بِهِ ..
- وَبَلَغَ مِنْ أَيُّوبَ
صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ مَجْهُودَهُ، وَذَلِكَ حِينَ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ
يُفَرِّجَ عَنْهُ مَا بِهِ ..
- فَلَمَّا رَأَى أَيُّوبُ مَا
أَعْظَمُوا مَا أَصَابَهُ قَالَ: أَيْ رَبِّ .. لِأَيِّ شَيْءٍ خَلَقْتَنِي ..
وَلَوْ كُنْتَ إِذْ
قَضَيْتَ عَلَيَّ الْبَلَاءَ تَرَكْتِنِي فَلَمْ تَخْلُقْنِي ؟ لَيْتَنِي
كُنْتُ دَمًا أَلْقَتْنِي أُمِّي) رواه الطبري في تفسيره.
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- فيه (محمد بن حميد)
شيخ الطبري وهو متروك الحديث لا يحتج به لأنه ضعيف جدا والبعض اتهمه بالكذب ..
2-
وفيه
(ابن اسحاق) لم يسمع الرواية من وهب بن منبه ..
لوجود انقطاع بينه وبين وهب بن منبه .. ولذلك لم يصرح بالسماع ..!!
3- الرواية مقطوعة على (وهب
بن منبه) .. ولا نعلم عمن أخذ هذه القصة الغيبية في حكاية أيوب عليه السلام
.. والتي غالبا أخذها عن كتب أهل الكتاب .
- ثانيا: من حيث المتن ..
1- الكذب ظاهر جدا في الرواية
.. حيث لا يمكن لمؤمن عاقل أن يصدق أن زوجة أيوب عليه
السلام قد صدقت الشيطان في أنه إله الأرض .. وإلا كانت كافرة بالله ..!! وحاشاها
رضي الله عنها ..
2- أن يظن عاقل أن الشيطان
يستطيع أن يمنح أو يعطي من جود الوجود لأي موجود .. فهذا إنسان غير عاقل ولا يمكن أن
يكون مؤمن بالله من أساسه ..!! وما يريه الشيطان من كنوز ما هو إلا محض كذب وتلاعب
بالخيال ..!!
3- أما عن أعلى كذبة قيلت في
الروايات كلها عن أيوب عليه السلام فهو ما جاء في ختام هذه الرواية .. حيث أظهرت الرواية بكل سفالة
ووقاحة وانحطاط .. أن أيوب عليه السلام اعترض على الله وعاتبه عما فعله به .. وتمنى
لو لم يكن موجودا ..!!
- وحقيقة لو عرض هذا الكلام على
الحمار لنهق استنكارا واعتراضا عليه ..!! فلا أدري كيف يقبل هذا الكلام
إنسان عاقل يقال في حق نبي كريم ؟!!
- إذا لو كان أيوب قال: (وَلَوْ كُنْتَ إِذْ قَضَيْتَ عَلَيَّ الْبَلَاءَ تَرَكْتِنِي فَلَمْ
تَخْلُقْنِي ؟) .. فهذا معناه أن أيوب اتهم الله وقال له: يا ظالم يا
مفتري يا من قضيت علي بالقضاء والقدر ظلما لي وعدوانا عليَّ ..!! فأنت لست الإله
العادل لأنك ظلمتني ..!!
- فهل تعتقد يا مؤمن أن أيوب
عليه السلام وهو نبي الله سيقول ذلك ؟!!
- سبحانك يا رب فهذه الرواية
بهتان عظيم على أيوب وزوجته عليهما السلام .
4-
ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة شرعية في إثبات شيء ..!!
-
بالإضافة إلى أن هذه الرواية تثبت أن الشيطان لم يتجسد في شكل إنسان وإنما بشكل
آخر ظاهره يشبه جسم الإنسان وليس صورته ..!!
#- ملحوظة مهمة جدا:
- قوله (وَلَوْ كُنْتَ إِذْ قَضَيْتَ عَلَيَّ الْبَلَاءَ
تَرَكْتِنِي فَلَمْ تَخْلُقْنِي ؟) .. هذه
في الأصل مقولة الشيطان في كل زمان ومكان حتى يظهر نفسه انه مغلوب ومقهور على امره
وأن الله قد ظلمه في القضاء والقدر .. فيلقي بالتهمة على الله ليبرأ نفسه من كل
شيء .. !!
- ولكن المؤمن الصادق يقول: ماض فيَّ حكمك وعدل فيَّ قضاؤك .. وسبحان
من قضاءه عدل وله فيه حكمة .
#- الرواية التاسعة:
"من روايات وهب بن منبه":
-
رواية تابعي وبعض ممن أسموا من أهل الكتاب .. (رواية باطلة تالفة السند ومنكرة المتن جدا) .. عن ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ: ثنا سَلمَةُ قَالَ: ثني مُحَمَّدُ بْنُ
إِسْحَاقَ، عَمَّنْ لَا يَتَّهِمُ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ الْيَمَانِيِّ .. وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
الْأَوَّلِ: (أَنَّهُ كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا
مِنَ الرُّومِ، وَكَانَ اللَّهُ قَدِ اصْطَفَاهُ وَنَبَّأَهُ، وَابْتَلَاهُ فِي
الْغِنَى بِكَثْرَةِ الْوَلَدِ وَالْمَالِ، وَبَسَطَ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا
فَوَسَّعَ عَلَيْهِ فِي الرِّزْقِ. وَكَانَتْ لَهُ الْبَثَنِيَّةُ مِنْ أَرْضِ
الشَّأْمِ، أَعْلَاهَا وَأَسْفَلُهَا ، وَسَهْلُهَا وَجَبَلُهَا. وَكَانَ لَهُ
فِيهَا مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ كُلِّهِ، مِنَ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ
وَالْخَيْلِ وَالْحَمِيرِ مَا لَا يَكُونُ لِلرَّجُلِ أَفْضَلُ مِنْهُ فِي
الْعِدَّةِ وَالْكَثْرَةِ. وَكَانَ اللَّهُ قَدْ أَعْطَاهُ أَهْلًا وَوَلَدًا مِنْ
رِجَالٍ وَنِسَاءٍ. وَكَانَ بَرًّا تَقِيًّا رَحِيمًا بِالْمَسَاكِينِ، يُطْعِمُ
الْمَسَاكِينَ ، وَيَحْمِلُ الْأَرَامِلَ ، وَيَكْفُلُ الْأَيْتَامَ ، وَيُكْرِمُ
الضَّيْفَ ، وَيُبَلِّغُ ابْنَ السَّبِيلِ. وَكَانَ شَاكِرًا لِأَنْعُمِ اللَّهِ
عَلَيْهِ ، مُؤَدِّيًا لَحَقِّ اللَّهِ فِي الْغِنَى ، قَدِ امْتَنَعَ مِنْ
عَدُوِّ اللَّهِ إِبْلِيسَ أَنْ يُصِيبَ مِنْهُ مَا أَصَابَ مِنْ أَهْلِ الْغِنَى
مِنَ الْعِزَّةِ وَالْغَفْلَةِ ، وَالسَّهْوِ ، وَالتَّشَاغُلِ عَنْ أَمْرِ
اللَّهِ بِمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الدُّنْيَا.
- وَكَانَ مَعَهُ ثَلَاثَةٌ قَدْ
آمَنُوا بِهِ وَصَدَّقُوهُ .. وَعَرَفُوا فَضْلَ مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ
عَلَى مَنْ سِوَاهُ، مِنْهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ:
أَلِيفَزُ، وَرَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ بِلَادِهِ يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا: صَوْفَرُ،
وَلِلْآخَرِ: بِلْدَدُ، وَكَانُوا مِنْ بِلَادِهِ كُهُولًا.
- وَكَانَ لِإِبْلِيسَ عَدُوِّ
اللَّهِ مَنْزِلٌ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ ، يَقَعُ بِهِ كُلَّ سَنَةٍ
مَوْقِعًا يَسْأَلُ فِيهِ ، فَصَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ
الَّذِي كَانَ يَصْعَدُ فِيهِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ أَوْ قِيلَ لَهُ عَنِ
اللَّهِ: هَلْ قَدَرْتَ مِنْ أَيُّوبَ عَبْدِي عَلَى شَيْءٍ؟ قَالَ: أَيْ رَبِّ ،
وَكَيْفَ أَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ؟ أَوْ إِنَّمَا ابْتَلَيْتَهُ بِالرَّخَاءِ
وَالنِّعْمَةِ وَالسَّعَةِ وَالْعَافِيَةِ، وَأَعْطَيْتَهُ الْأَهْلَ وَالْمَالَ
وَالْوَلَدَ وَالْغِنَى وَالْعَافِيَةَ فِي جَسَدِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَمَا
لَهُ لَا يَشْكُرُكَ ، ويَعَبُدُكَ ، وَيُطِيعُكَ ، وَقَدْ صَنَعْتَ ذَلِكَ بِهِ؟ لَوِ ابْتَلَيْتَهُ بِنَزْعِ مَا
أَعْطَيْتَهُ لِحَالَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شُكْرِكَ ، وَلَتَرَكَ
عِبَادَتَكَ، وَلَخَرَجَ
مِنْ طَاعَتِكَ إِلَى غَيْرِهَا أَوْ كَمَا قَالَ عَدُوُّ اللَّهِ.
فَقَالَ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَكَانَ اللَّهُ هُوَ
أَعْلَمُ بِهِ، وَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِ إِلَّا رَحْمَةً ، لَيَعْظُمَ لَهُ
الثَّوَابُ بِالَّذِي يُصِيبُهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَلِيَجْعَلَهُ عِبْرَةً
لِلصَّابِرِينَ ، وَذِكْرِي لِلْعَابِدِينَ فِي كُلِّ بَلَاءٍ نَزَلَ بِهِمْ،
لِيَتَأَسُّوا بِهِ، وَلِيَرْجُوا مِنْ عَاقِبَةِ الصَّبْرِ فِي عَرَضِ الدُّنْيَا
ثَوَابَ الْآخِرَةِ وَمَا صَنَعُ اللَّهُ بِأَيُّوبَ.
- فَانْحَطَّ عَدُوُّ اللَّهِ
سَرِيعًا، فَجَمَعَ عَفَارِيتَ الْجِنِّ وَمَرَدَةَ الشَّيَاطِينِ مِنْ جُنُودِهِ، فَقَالَ: إِنِّي قَدْ سُلِّطْتُ
عَلَى أَهْلِ أَيُّوبَ وَمَالِهِ، فَمَاذَا عَلَيْكُمْ؟ فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ:
أَكُونُ إِعْصَارًا فِيهِ نَارٌ، فَلَا أَمُرُّ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ إِلَّا
أَهْلَكْتُهُ ، قَالَ: أَنْتَ وَذَاكَ.
-
فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى إِبِلَهُ، فَأَحْرَقَهَا وَرُعَاتَهَا جَمِيعًا.
-
ثُمَّ جَاءَ عَدُوُّ اللَّهِ إِلَى أَيُّوبَ فِي صُورَةِ قَيِّمِهِ عَلَيْهَا وَهُوَ فِي مُصَلًّى ،
فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ ، أَقْبَلَتْ نَارٌ حَتَّى غَشِيَتْ إِبِلَكَ
فَأَحْرَقَتْهَا وَمَنْ فِيهَا غَيْرِي، فَجِئْتُكَ أُخْبِرُكَ بِذَلِكَ.
-
فَعَرَفَهُ أَيُّوبُ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَعْطَاهَا ،
وَهُوَ أَخَذَهَا ، الَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْهَا كَمَا يَخْرُجُ الزُّوَانُ مِنَ
الْحَبِّ النَّقِيِّ. ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُ، فَجَعَلَ يُصِيبُ مَالَهُ مَالًا
مَالًا ، حَتَّى مَرَّ عَلَى آخِرِهِ ..
-
كُلَّمَا انْتَهَى إِلَيْهِ هَلَاكُ مَالٍ مِنْ مَالِهِ حَمِدَ اللَّهَ ،
وَأَحْسَنَ عَلَيْهِ الثَّنَاءَ ، وَرَضِيَ بِالْقَضَاءِ، وَوَطَّنَ نَفْسَهُ
بِالصَّبِرِ عَلَى الْبَلَاءِ.
- حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ
مَالٌ أَتَى أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ، وَهُمْ فِي قَصْرٍ لَهُمْ
مَعَهُمْ حَظْيَانُهُمْ ، وَخُدَّامُهُمْ، فَتَمَثَّلَ رِيحًا عَاصِفًا،
فَاحْتَمَلَ الْقَصْرَ مِنْ نَوَاحِيهِ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ،
فَشَدَخَهُمْ تَحْتَهُ. ثُمَّ أَتَاهُ فِي صُورَةِ قَهْرَمَانِهِ عَلَيْهِمْ (أي القائم على رعايتهم وخدمتهم) ، قَدْ شُدِخَ وَجْهُهُ.
-
فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ قَدْ أَتَتْ رِيحٌ عَاصِفٌ، فَاحْتَمَلَتِ الْقَصْرَ مِنْ
نَوَاحِيهِ ثُمَّ أَلْقَتْهُ عَلَى أَهْلِكَ وَوَلَدِكَ ، فَشَدَخَتْهُمْ غَيْرِي،
فَجِئْتُكَ أُخْبِرُكَ ذَلِكَ.
-
فَلَمْ يَجْزَعْ عَلَى شَيْءٍ أَصَابَهُ كجَزَعَهُ عَلَى أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ .. وَأَخَذَ تُرَابًا فَوَضَعَهُ
عَلَى رَأْسِهِ، ثُمَّ
قَالَ: لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي ، وَلَمْ أَكُ شَيْئًا .. وَسُرَّ
بِهَا عَدُوُّ اللَّهِ مِنْهُ ، فَأُصْعِدَ إِلَى السَّمَاءِ جَذِلًا.
-
وَرَاجَعَ أَيُّوبُ التَّوْبَةَ مِمَّا قَالَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، فَسَبَقَتْ
تَوْبَتُهُ عَدُوَّ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ ..
-
فَلَمَّا جَاءَ وَذَكَرَ مَا صَنَعَ، قِيلَ لَهُ: قَدْ سَبَقَتْكَ تَوْبَتُهُ
إِلَى اللَّهِ وَمُرَاجَعَتُهُ. قَالَ: أَيْ رَبِّ ، فَسَلِّطْنِي عَلَى جَسَدِهِ
قَالَ: قَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى جَسَدِهِ إِلَّا عَلَى لِسَانِهِ وَقَلْبِهِ
وَنَفْسِهِ وَسَمْعِهِ وَبَصَرِهِ.
-
فَأَقْبَلَ إِلَيْهِ عَدُوُّ اللَّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَنَفَخَ فِي جَسَدِهِ
نَفْخَةً أَشْعَلَ مَا بَيْنَ قَرْنِهِ إِلَى قَدَمِهِ كَحَرِيقِ النَّارِ .. ثُمَّ خَرَجَ فِي جَسَدِهِ
ثَآلِيلُ كَأَلْيَاتِ الْغَنَمِ .. فَحَكَّ بِأَظْفَارِهِ حَتَّى ذَهَبَتْ، ثُمَّ
بِالْفَخَّارِ وَالْحِجَارَةِ حَتَّى تَسَاقَطَ لَحْمُهُ، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُ
إِلَّا الْعُرُوقُ وَالْعَصَبُ وَالْعِظَامُ، عَيْنَاهُ تَجُولَانِ فِي رَأْسِهِ
لِلنَّظَرِ ، وَقَبْلَهُ لِلْعَقْلِ، وَلَمْ يَخْلُصْ إِلَى شَيْءٍ مِنْ حَشْوِ
الْبَطْنِ، لِأَنَّهُ لَا بَقَاءَ لِلنَّفَسِ إِلَّا بِهَا، فَهُوَ يَأْكُلُ
وَيَشْرَبُ عَلَى الْتِوَاءٍ مِنْ حَشْوَتِهِ، فَمَكَثَ كَذَلِكَ مَا شَاءَ
اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ) رواه بن جرير الطبري في تفسيره ..
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- فيه (محمد بن حميد)
شيخ الطبري وهو متروك الحديث لا يحتج به لأنه ضعيف جدا والبعض اتهمه بالكذب ..
2-
وفيه
(ابن اسحاق) لم يسمع الرواية من وهب بن منبه ..
لوجود انقطاع بينه وبين وهب بن منبه .. ولذلك لم يصرح بالسماع ..!!
3- وفيه من روى عنهم بن اسحاق (من لا يُتهم) .. جماعة مشايخ مجاهيل لا نعرف منهم أحد ..!!
4- وفيه (وهب بن منبه) التابعي .. رواية مقطوعة عليه وقد أخذ الرواية مثله ومثل
غيره عن أهل الكتاب الذين أسلموا ..
- ثانيا: من حيث المتن ..
1- الكذب ظاهر جدا في الرواية .. منها ما ليس موجود في الروايات السابقة
وهو أن إبليس كان له سكن ملكوت الله في السماء السابعة ..!!
2- ومنها أن أيوب عند نزول
مصيبة فقد المال والولد .. أخذ يعفر التراب على رأسه معترضا على قدر الله ..
3- تسليط الشيطان على أيوب بأن
يتمكن من أذية جسده بالنفخ فيه كما تظهر بعض الروايات ذلك .. وبالتالي منعه من دعوته للناس .. فهذا
تسليط تمكين حينئذ ليس تسليط ابتلاء وهذا لا يمكن حدوثه في حق الأنبياء .. وهو معارض
لقوله تعالى: (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ
آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ
يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) النحل99-100.
- وأيوب عليه السلام ليس ممن
غلبته المعصية في نفسه وليس ممن كفر وأشرك بالله ..!!
3- ولا يخفى أن هذه القصة ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
4- انتبه أخي الحبيب لما سأذكره لك الآن:
- الرواية السابقة التي رواها وهب بن منبه .. موجودة بالتفصيل في توراة اليهود في سفر أيوب
إذا يقول هذا السفر من أول كلام فيه: (كَانَ رَجُلٌ فِي
أَرْضِ عَوْصَ اسْمُهُ أَيُّوبُ. وَكَانَ هذَا الرَّجُلُ كَامِلاً وَمُسْتَقِيمًا،
يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ. 2وَوُلِدَ لَهُ سَبْعَةُ بَنِينَ
وَثَلاَثُ بَنَاتٍ. 3وَكَانَتْ مَوَاشِيهِ سَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ الْغَنَمِ،
وَثَلاَثَةَ آلاَفِ جَمَل، وَخَمْسَ مِئَةِ فَدَّانِ بَقَرٍ، وَخَمْسَ مِئَةِ
أَتَانٍ، وَخَدَمُهُ كَثِيرِينَ جِدًّا. فَكَانَ هذَا الرَّجُلُ أَعْظَمَ كُلِّ
بَنِي الْمَشْرِقِ ..) " سفر أيوب الإصحاح
الاول: 1-4).
-
ثم يقول سفر أيوب: (وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو اللهِ (أي الملائكة) لِيَمْثُلُوا
أَمَامَ الرَّبِّ، وَجَاءَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «مِنَ أَيْنَ جِئْتَ؟».
فَأَجَابَ الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «مِنْ الْجَوَلاَنِ فِي الأَرْضِ،
وَمِنَ التَّمَشِّي فِيهَا». 8فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هَلْ جَعَلْتَ
قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ. رَجُلٌ
كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي اللهَ وَيَحِيدُ عَنِ الشَّرِّ». 9فَأَجَابَ
الشَّيْطَانُ الرَّبَّ وَقَالَ: «هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ اللهَ؟
10أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ
مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَانْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي
الأَرْضِ. 11وَلكِنِ ابْسِطْ يَدَكَ الآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي
وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ». 12فَقَالَ الرَّبُّ لِلشَّيْطَانِ: «هُوَ ذَا كُلُّ
مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لاَ تَمُدَّ يَدَكَ». ثمَّ خَرَجَ
الشَّيْطَانُ مِنْ أَمَامِ وَجْهِ الرَّبِّ)
"سفر أيوب الإصحاح الاول: 6-13".
- ثم يقول سفر أيوب: (وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ
وَأَبْنَاؤُهُ وَبَنَاتُهُ يَأْكُلُونَ
وَيَشْرَبُونَ خَمْرًا فِي بَيْتِ أَخِيهِمِ الأَكْبَرِ، 14أَنَّ رَسُولاً جَاءَ
إِلَى أَيُّوبَ وَقَالَ: «الْبَقَرُ كَانَتْ تَحْرُثُ، وَالأُتُنُ تَرْعَى بِجَانِبِهَا،
15فَسَقَطَ عَلَيْهَا السَّبَئِيُّونَ وَأَخَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْغِلْمَانَ بِحَدِّ
السَّيْفِ، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». 16وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ
إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «نَارُ اللهِ سَقَطَتْ مِنَ السَّمَاءِ فَأَحْرَقَتِ الْغَنَمَ
وَالْغِلْمَانَ وَأَكَلَتْهُمْ، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». 17وَبَيْنَمَا
هُوَ يَتَكَلَّمُ إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «الْكَلْدَانِيُّونَ عَيَّنُوا ثَلاَثَ
فِرَق، فَهَجَمُوا عَلَى الْجِمَالِ وَأَخَذُوهَا، وَضَرَبُوا الْغِلْمَانَ بِحَدِّ
السَّيْفِ، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». 18وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ
إِذْ جَاءَ آخَرُ وَقَالَ: «بَنُوكَ وَبَنَاتُكَ كَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ
خَمْرًا فِي بَيْتِ أَخِيهِمِ الأَكْبَرِ، 19وَإِذَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ جَاءَتْ مِنْ
عَبْرِ الْقَفْرِ وَصَدَمَتْ زَوَايَا الْبَيْتِ الأَرْبَعَ، فَسَقَطَ عَلَى الْغِلْمَانِ
فَمَاتُوا، وَنَجَوْتُ أَنَا وَحْدِي لأُخْبِرَكَ». 20فَقَامَ أَيُّوبُ وَمَزَّقَ جُبَّتَهُ، وَجَزَّ شَعْرَ
رَأْسِهِ، وَخَرَّ عَلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ، 21وَقَالَ: «عُرْيَانًا خَرَجْتُ
مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ
أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكًا») "سفر
أيوب الإصحاح الاول: 13-22".
#-
الرواية العاشرة "من روايات
وهب بن منبه":
-
رواية تابعي .. (رواية باطلة صحيحة السند ومتن ملفق بكذب مخالف للقرآن ومنقول من التوراة) .. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ
الْبُخَارِيُّ، قَالَ: ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ أبو هِشَامٍ،
قَالَ: ثني عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ
يَقُولُ: (كَانَ
بَدْءُ أَمْرِ أَيُّوبَ الصِّدِّيقِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ، أَنَّهُ كَانَ
صَابِرًا ، نِعْمَ الْعَبْدُ قَالَ وَهْبٌ: إِنَّ لِجِبْرِيلَ بَيْنَ يَدَيِ
اللَّهِ مَقَامًا لَيْسَ لِأَحَدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي الْقُرْبَةِ مِنَ
اللَّهِ ، وَالْفَضِيلَةِ عِنْدَهُ، وَإِنَّ جِبْرِيلَ هُوَ الَّذِي يَتَلَقَّى
الْكَلَامَ، فَإِذَا ذَكَرَ اللَّهُ عَبْدًا بِخَيْرٍ تَلَقَّاهُ جِبْرَائِيلُ
مِنْهُ ، ثُمَّ تَلَقَّاهُ مِيكَائِيلُ، وَحَوْلَهُ الْمَلَائِكَةُ
الْمُقَرَّبُونَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ. وَشَاعَ ذَلِكَ فِي
الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، صَارَتِ الصَّلَاةُ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ مِنْ
أَهْلِ السَّمَاوَاتِ، فَإِذَا صَلَّتْ عَلَيْهِ مَلَائِكَةُ السَّمَاوَاتِ،
هَبَطَتْ عَلَيْهِ بِالصَّلَاةِ إِلَى مَلَائِكَةِ الْأَرْضِ. وَكَانَ إِبْلِيسُ لَا يُحْجَبُ
بِشَيْءٍ مِنَ السَّمَاوَاتِ، وَكَانَ يَقِفُ فِيهِنَّ حَيْثُ شَاءَ مَا
أَرَادُوا، وَمِنْ هُنَالِكَ وَصَلَ إِلَى آدَمَ حِينَ أَخْرَجَهُ مِنَ
الْجَنَّةِ. فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ يَصْعَدُ فِي السَّمَاوَاتِ،
حَتَّى رَفَعَ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ، فَحُجِبَ مِنْ أَرْبَعٍ، وَكَانَ
يَصْعَدُ فِي ثَلَاثٍ. فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، حُجِبَ مِنَ الثَّلَاثِ الْبَاقِيَةِ، فَهُوَ مَحْجُوبٌ هُوَ وَجَمِيعُ
جُنُودِهِ مِنْ جَمِيعِ السَّمَاوَاتِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ {إِلَّا مَنِ
اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحجر: 18] ، وَلِذَلِكَ
أَنْكَرْتِ الْجِنُّ مَا كَانَتْ تَعْرِفُ حِينَ قَالَتْ: {وَأَنَّا لَمَسْنَا
السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا} [الجن: 8] . إِلَى
قَوْلِهِ: {شِهَابًا رَصَدًا} [الجن: 9] .
-
قَالَ وَهْبٌ: فَلَمْ يَرُعْ (أي يضايق) إِبْلِيسَ
إِلَّا تَجَاوُبُ مَلَائِكَتِهَا بِالصَّلَاةِ عَلَى أَيُّوبَ، وَذَلِكَ حِينَ
ذَكَرَهُ اللَّهُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ. فَلَمَّا سَمِعَ إِبْلِيسُ صَلَاةَ
الْمَلَائِكَةِ، أَدْرَكَهُ الْبَغْي وَالْحَسَدُ، وَصَعِدَ سَرِيعًا حَتَّى وَقَفَ مِنَ اللَّهِ مَكَانًا
كَانَ يَقِفُهُ، فَقَالَ: يَا إِلَهِي، نَظَرْتُ فِي أَمْرِ عَبْدِكَ
أَيُّوبَ، فَوَجَدْتُهُ عَبْدًا أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ فَشَكَرَكَ، وَعَافَيْتَهُ
فَحَمِدَكَ، ثُمَّ لَمْ تُجَرِّبْهُ (أي تختبره)
بِشِدَّةٍ ، وَلَمْ تُجَرِّبْهُ بِبَلَاءٍ، وَأَنَا لَكَ زَعِيمٌ (أي أزعم
لك) لَئِنْ ضَرَبْتَهُ بِالْبَلَاءِ لَيَكْفُرَنَّ بِكَ
وَلَيَنْسَيَنَّكَ وَلَيَعْبُدَنَّ غَيْرَكَ .. قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى
لَهُ: انْطَلِقْ، فَقَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى مَالِهِ، فَإِنَّهُ الْأَمْرُ الَّذِي
تَزْعُمُ أَنَّهُ مِنْ أَجْلِهِ يَشْكُرُنِي، لَيْسَ لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى
جَسَدِهِ وَلَا عَلَى عَقْلِهِ فَانْقَضَّ عَدُوُّ اللَّهِ، حَتَّى وَقَعَ عَلَى
الْأَرْضِ.
-
ثُمَّ جَمَعَ عَفَارِيتَ الشَّيَاطِينِ وَعُظَمَاءَهُمْ، وَكَانَ لِأَيُّوبَ
الْبَثَنِيَّةُ مِنَ الشَّامِ كُلِّهَا، بِمَا فِيهَا مِنْ شَرْقِهَا وَغَرْبِهَا،
وَكَانَ لَهُ بِهَا أَلْفُ شَاةٍ بِرُعَاتِهَا، وَخَمْسُ مِائَةِ فَدَّانٍ
يَتْبَعُهَا خَمْسُ مِائَةِ عَبْدٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ امْرَأَةٌ ، وَوَلَدٌ وَمَالٌ،
وَحِمْلُ آلَةِ كُلِّ فَدَّانٍ أَتَانٌ، لِكُلِّ أَتَانٍ وَلَدٌ مِنَ اثْنَيْنِ
وَثَلَاثَةٍ ، وَأَرْبَعَةٍ ، وَخَمْسَةٍ ، وَفَوْقَ ذَلِكَ. فَلَمَّا جَمَعَ
إِبْلِيسُ الشَّيَاطِينَ قَالَ لَهُمْ: مَاذَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْقُوَّةِ
وَالْمَعْرِفَةِ؟ فَإِنِّي قَدْ سُلِّطْتُ عَلَى مَالِ أَيُّوبَ، فَهِيَ
الْمُصِيبَةُ الْفَادِحَةُ، وَالْفِتْنَةُ الَّتِي لَا يَصْبِرُ عَلَيْهَا
الرِّجَالُ.
-
قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الشَّيَاطِينِ: أُعْطِيتُ مِنَ الْقُوَّةِ مَا إِذَا شِئْتُ
تَحَوَّلْتُ إِعْصَارًا مِنْ نَارٍ ، فَأَحْرَقْتُ كُلَّ شَيْءٍ آتِي عَلَيْهِ.
-
فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: فَأْتِ الْإِبِلَ وَرُعَاتَهَا. فَانْطَلَقَ يَؤُمُّ
الْإِبِلَ، وَذَلِكَ حِينَ وَضَعَتْ رُءُوسَهَا ، وَثَبَتَتْ فِي مَرَاعِيهَا،
فَلَمْ تَشْعُرِ النَّاسُ حَتَّى ثَارَ مِنْ تَحْتِ الْأَرْضِ إِعْصَارٌ مِنْ
نَارٍ تَنْفُخُ مِنْهَا أَرْوَاحُ السَّمُومِ، لَا يَدْنُو مِنْهَا أَحَدٌ إِلَّا
احْتَرَقَ، فَلَمْ يَزَلْ يَحْرِقُهَا وَرُعَاتَهَا حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِهَا ..
-
فَلَمَّا فَرَغَ مِنْهَا تَمَثَّلَ
إِبْلِيسُ عَلَى قَعُودٍ مِنْهَا بِرَاعِيهَا (أي تمثل بصورة راعي الإبل والغنم)، ثُمَّ انْطَلَقَ يَؤُمُّ أَيُّوبَ، حَتَّى وَجَدَهُ
قَائِمًا يُصَلِّي، فَقَالَ: يَا أَيُّوبُ قَالَ: لَبَّيْكَ قَالَ: هَلْ تَدْرِي
مَا الَّذِي صَنَعَ رَبُّكَ الَّذِي اخْتَرْتَ ، وعَبْدتَ ، وَوَحَّدْتَ
بِإِبِلِكَ وَرُعَاتِهَا؟ قَالَ أَيُّوبُ: إِنَّهَا مَالُهُ أَعَارَنِيهِ وَهُوَ
أَوْلَى بِهِ إِذَا شَاءَ نَزْعَهُ، وَقَدِيمًا مَا وَطَّنْتُ نَفْسِي وَمَالِي
عَلَى الْفِنَاءِ. قَالَ إِبْلِيسُ: وَإِنَّ رَبَّكَ أَرْسَلَ عَلَيْهَا نَارًا
مِنَ السَّمَاءِ فَاحْتَرَقَتْ وَرُعَاتُهَا، حَتَّى أَتَى عَلَى آخِرِ شَيْءٍ
مِنْهَا وَمِنْ رُعَاتِهَا ..
-
فَتَرَكَتِ النَّاسَ مَبْهُوتِينَ، وَهُمْ وُقُوفٌ عَلَيْهَا يَتَعَجَّبُونَ،
مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: مَا كَانَ أَيُّوبُ يَعْبُدُ شَيْئًا ، وَمَا كَانَ إِلَّا
فِي غُرُورٍ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: لَوْ كَانَ إِلَهُ أَيُّوبَ يَقْدِرُ
عَلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا لَمَنَعَ وَلِيَّهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ
يَقُولُ: بَلْ هُوَ فَعَلَ الَّذِي فَعَلَ لِيُشْمِتَ بِهِ عَدُوَّهُ ،
وَلِيُفْجِعَ بِهِ صَدِيقَهُ. قَالَ أَيُّوبُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حِينَ أَعْطَانِي
، وَحِينَ نَزَعَ مِنِّي، عُرْيَانًا خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي، وَعُرْيَانًا
أَعُودُ فِي التُّرَابِ، وَعُرْيَانًا أُحْشَرُ إِلَى اللَّهِ، لَيْسَ يَنْبَغِي
لَكَ أَنْ تَفْرَحَ حِينَ أَعَارَكَ اللَّهُ ، وَتَجْزَعَ حِينَ قَبَضَ عَارِيَتَهُ،
اللَّهُ أَوْلَى بِكَ وَبِمَا أَعْطَاكَ، وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيكَ أَيُّهَا
الْعَبْدُ خَيْرًا لَنَقَلَ رُوحَكَ مَعَ مَلَكِ الْأَرْوَاحِ، فَآجَرَنِي فِيكَ ،
وَصِرْتَ شَهِيدًا، وَلَكِنَّهُ عَلِمَ مِنْكَ شَرًّا ، فَأَخَّرَكَ مِنْ أَجَلِهِ
، فَعَرَّاكَ اللَّهُ مِنَ الْمُصِيبَةِ ، وَخَلَّصَكَ مِنَ الْبَلَاءِ ، كَمَا
يَخْلُصُ الزُّوَانُ مِنَ الْقَمْحِ الْخَلَاصِ.
-
ثُمَّ رَجَعَ إِبْلِيسُ إِلَى أَصْحَابِهِ خَاسِئًا ذَلِيلًا، فَقَالَ لَهُمْ:
مَاذَا عِنْدَكُمْ مِنَ الْقُوَّةِ، فَإِنِّي لَمْ أَكْلِمْ قَلْبَهُ؟ قَالَ
عِفْرِيتٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ: عِنْدِي مِنَ الْقُوَّةِ مَا إِذَا شِئْتَ صِحْتُ
صَوْتًا لَا يَسْمَعْهُ ذُو رُوحٍ إِلَّا خَرَجَتْ مُهْجَةُ نَفْسِهِ.
-
قَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: فَأْتِ الْغَنَمَ وَرُعَاتَهَا فَانْطَلَقَ يَؤُمُّ
الْغَنَمَ وَرُعَاتَهَا، حَتَّى إِذَا وَسَطَهَا صَاحَ صَوْتًا جَثَمَتْ
أَمْوَاتًا مِنْ عِنْدِ آخِرِهَا وَرِعَاؤُهَا. ثُمَّ خَرَجَ إِبْلِيسُ
مُتَمَثِّلًا بِقَهْرَمَانِ الرِّعَاءِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ أَيُّوبَ وَجَدَهُ
وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ لَهُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ، وَرَدَّ عَلَيْهِ
أَيُّوبُ الرَّدَّ الْأَوَّلَ.
-
ثُمَّ إِنَّ إِبْلِيسَ رَجَعَ إِلَى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَاذَا
عِنْدَكُمْ مِنَ الْقُوَّةِ، فَإِنِّي لَمْ أَكْلِمْ قَلْبَ أَيُّوبَ؟
-
فَقَالَ عِفْرِيتٌ مِنْ عُظَمَائِهِمْ: عِنْدِي مِنَ الْقُوَّةِ إِذَا شِئْتُ
تَحَوَّلْتُ رِيحًا عَاصِفًا تَنْسِفُ كُلَّ شَيْءٍ تَأْتِي عَلَيْهِ حَتَّى لَا
أُبْقِيَ شَيْئًا. قَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: فَأْتِ الْفَدَّادِينَ وَالْحَرْثَ
فَانْطَلَقَ يَؤُمُّهُمْ، وَذَلِكَ حِينَ قَرَّبُوا الْفَدَّادِينَ ، وَأَنْشَئُوا
فِي الْحَرْثِ، وَالْأُتُنَ وَأَوْلَادُهَا رُتُوعٌ، فَلَمْ يَشْعُرُوا حَتَّى
هَبَّتْ رِيحٌ عَاصِفٌ تَنْسِفُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى كَأَنَّهُ لَمْ
يَكُنْ.
-
ثُمَّ خَرَجَ إِبْلِيسُ
مُتَمَثِّلًا بِقَهْرَمَانِ الْحَرْثِ (أي القائم على خدمة الحرث)، حَتَّى جَاءَ أَيُّوبَ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَقَالَ
لَهُ مِثْلَ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، وَرَدَّ عَلَيْهِ أَيُّوبُ مِثْلَ رَدِّهِ
الْأَوَّلِ فَلَمَّا رَأَى إِبْلِيسُ أَنَّهُ قَدْ أَفْنَى مَالَهُ ، وَلَمْ
يَنْجَحْ مِنْهُ ..
- صَعِدَ سَرِيعًا، حَتَّى وَقَفَ
مِنَ اللَّهِ الْمَوْقِفَ الَّذِي كَانَ يَقِفُهُ .. فَقَالَ: يَا إِلَهِي، إِنَّ
أَيُّوبَ يَرَى أَنَّكَ مَا مَتَّعْتَهُ بِنَفْسِهِ وَوَلَدِهِ، فَأَنْتَ
مُعْطِيهِ الْمَالَ، فَهَلْ أَنْتَ مُسَلِّطِي عَلَى وَلَدِهِ؟ فَإِنَّهَا
الْفِتْنَةُ الْمُضِلَّةُ، وَالْمُصِيبُةُ الَّتِي لَا تَقُومُ لَهَا قُلُوبُ
الرِّجَالِ، وَلَا يَقْوَى عَلَيْهَا صَبْرُهُمْ.
-
فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ: انْطَلَقَ، فَقَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى وَلَدِهِ،
وَلَا سُلْطَانَ لَكَ عَلَى قَلْبِهِ وَلَا جَسَدِهِ ، وَلَا عَلَى عَقْلِهِ
فَانْقَضَّ عَدُوُّ اللَّهِ جَوَادًا، حَتَّى جَاءَ بَنِي أَيُّوبَ وَهُمْ فِي
قَصْرِهِمْ، فَلَمْ يَزَلْ يُزَلْزِلُ بِهِمْ حَتَّى تَدَاعَى مِنْ قَوَاعِدِهِ،
ثُمَّ جَعَلَ يُنَاطِحُ الْجُدُرَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَيَرْمِيهِمْ بِالْخَشَبِ
وَالْجَنْدَلِ، حَتَّى إِذَا مَثَّلَ بِهِمْ كُلَّ مُثْلَةٍ، رَفَعَ بِهِمُ
الْقَصْرَ، حَتَّى إِذَا أَقَلَّهُ بِهِمْ ، فَصَارُوا فِيهِ مُنَكَّسِينَ، انْطَلَقَ إِلَى أَيُّوبَ
مُتَمَثِّلًا بِالْمُعَلِّمِ الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُهُمُ الْحِكْمَةَ،
وَهُوَ جَرِيحٌ، مَشْدُوخُ الْوَجْهِ يَسِيلُ دَمُهُ ، وَدِمَاغُهُ مُتَغَيِّرٌ
لَا يَكَادُ يُعْرَفُ مِنْ شِدَّةِ التَّغَيُّرِ وَالْمُثْلَةِ الَّتِي جَاءَ
مُتَمَثِّلًا فِيهَا. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ أَيُّوبُ هَالَهُ وَحَزِنَ ،
وَدَمِعَتْ عَيْنَاهُ، وَقَالَ لَهُ: يَا أَيُّوبُ، لَوْ رَأَيْتَ كَيْفَ
أَفْلَتُّ مِنْ حَيْثُ أَفْلَتُّ ، وَالَّذِي رَمَانَا بِهِ مِنْ فَوْقِنَا وَمِنْ
تَحْتِنَا، وَلَوْ رَأَيْتَ بَنِيكَ كَيْفَ عُذِّبُوا ، وَكَيْفَ مُثِّلَ بِهِمْ ،
وَكَيْفَ قُلِبُوا فَكَانُوا مُنَكَّسِينَ عَلَى رُءُسِهِمْ ، تَسِيلُ دِمَاؤُهُمْ
، وَدِمَاغُهُمْ مِنْ أُنُوفِهِمْ وَأَجْوَافِهِمْ ، وَتَقْطُرُ مِنْ
أَشْفَارِهِمْ، وَلَوْ رَأَيْتَ كَيْفَ شُقَّتْ بُطُونُهُمْ ، فَتَنَاثَرَتْ
أَمْعَاؤُهُمْ، وَلَوْ رَأَيْتَ كَيْفَ قُذِفُوا بِالْخَشَبِ ، وَالْجَنْدَلُ
يَشْدَخُ دِمَاغَهُمْ، وَكَيْفَ دَقَّ الْخَشَبُ عِظَامَهُمْ ، وَخَرَقَ
جُلُودَهُمْ ، وَقَطَعَ عَصَبَهُمْ، وَلَوْ رَأَيْتُ الْعَصْبِ عُرْيَانًا، وَلَوْ
رَأَيْتُ الْعِظَامَ مُتَهَشِّمَةً فِي الْأَجْوَافِ، وَلَوْ رَأَيْتَ الْوُجُوهَ
مَشْدُوخَةً، وَلَوْ رَأَيْتَ الْجُدُرَ تَنَاطَحُ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ رَأَيْتَ
مَا رَأَيْتَ، قُطِّعَ قَلْبُكَ فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ هَذَا وَنَحْوَهُ، وَلَمْ
يَزَلْ يُرَقِّقُهُ حَتَّى رَقَّ أَيُّوبُ فَبَكَى .. وَقَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابٍ فَوَضَعَهَا عَلَى
رَأْسِهِ، فَاغْتَنَمَ إِبْلِيسُ الْفُرْصَةَ مِنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ،
فَصَعِدَ سَرِيعًا بِالَّذِي كَانَ مِنْ جَزَعِ أَيُّوبَ مَسْرُورًا بِهِ.
-
ثُمَّ لَمْ يَلْبَثْ أَيُّوبُ أَنْ فَاءَ وَأَبْصَرَ، فَاسْتَغْفَرَ، وَصَعِدَ
قُرَنَاؤُهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ بِتَوْبَةٍ مِنْهُ، فَبَدَرُوا إِبْلِيسَ إِلَى
اللَّهِ، فَوَجَدُوهُ قَدْ عَلِمَ بِالَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ مِنْ تَوْبَةِ أَيُّوبَ
..
-
فَوَقَفَ إِبْلِيسُ خَازِيًا ذَلِيلًا، فَقَالَ: يَا إِلَهِي، إِنَّمَا هَوَّنَ
عَلَى أَيُّوبَ خَطَرَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّكَ مَا
مَتَّعْتَهُ بِنَفْسِهِ ، فَأَنْتَ تُعِيدُ لَهُ الْمَالَ وَالْوَلَدَ، فَهَلْ
أَنْتَ مُسَلِّطِي عَلَى جَسَدِهِ؟ فَأَنَا لَكَ زَعِيمٌ لَئِنْ ابْتَلَيْتَهُ فِي
جَسَدِهِ لَيَنْسَيَنَّكَ، وَلَيَكْفُرَنَّ بِكَ، وَلَيَجْحَدَنَّكَ نِعْمَتَكَ
قَالَ اللَّهُ: انْطَلِقْ فَقَدْ سَلَّطْتُكَ عَلَى جَسَدِهِ، وَلَكِنْ لَيْسَ
لَكَ سُلْطَانٌ عَلَى لِسَانِهِ ، وَلَا عَلَى قَلْبِهِ ، وَلَا عَلَى عَقْلِهِ.
فَانْقَضَّ عَدُوُّ اللَّهِ جَوَادًا، فَوَجَدَ أَيُّوبَ سَاجِدًا، فَعَجِلَ
قَبْلَ أَنْ يَرْفَعَ رَأْسَهُ، فَأَتَاهُ مِنْ قِبَلِ الْأَرْضِ فِي مَوْضِعِ
وَجْهِهِ، فَنَفَخَ فِي مَنْخَرِهِ نَفْخَةً اشْتَعَلَ مِنْهَا جَسَدُهُ، فَتَرَهَّلَ،
وَنَبَتَتْ بِهِ ثَآلِيلُ مِثْلُ أَلْيَاتِ الْغَنَمِ، وَوَقَعَتْ فِيهِ حِكَّةٌ
لَا يَمْلِكُهَا، فَحَكَّ بِأَظْفَارِهِ حَتَّى سَقَطَتْ كُلُّهَا، ثُمَّ حَكَّ
بِالْعِظَامِ، وَحَكَّ بِالْحِجَارَةِ الْخَشِنَةِ ، وَبِقِطَعِ الْمُسُوحِ
الْخَشِنَةِ، فَلَمْ يَزَلْ يَحُكُّهُ حَتَّى نَفِدَ لَحْمُهُ ، وَتَقَطَّعَ.
وَلَمَّا نَغِلَ جِلْدُ أَيُّوبَ وَتَغَيَّرَ وَأَنْتَنَ، أَخْرَجَهُ أَهْلُ
الْقَرْيَةِ، فَجَعَلُوهُ عَلَى تَلٍّ ، وَجَعَلُوا لَهُ عَرِيشًا. وَرَفَضَهُ
خَلْقُ اللَّهِ غَيْرَ امْرَأَتِهِ، فَكَانَتْ تَخْتَلِفُ إِلَيْهِ بِمَا
يُصْلِحُهُ وَيَلْزَمُهُ.
-
وَكَانَ ثَلَاثَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ اتَّبَعُوهُ عَلَى دِينِهِ ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا
ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِهِ رَفَضُوهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتْرُكُوا دِينَهُ
وَاتَّهَمُوهُ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمْ: بَلْدَدُ، وَأَلِيفَزُ، وَصَافِرٌ. قَالَ: فَانْطَلَقَ إِلَيْهِ
الثَّلَاثَةُ وَهُوَ فِي بَلَائِهِ، فَبَكَّتُوهُ ، فَلَمَّا سَمِعَ مِنْهُمْ
أَقْبَلَ عَلَى رَبِّهِ، فَقَالَ أَيُّوبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: رَبِّ لِأَيِّ شَيْءٍ
خَلَقْتَنِي؟ لَوْ كُنْتَ إِذْ كَرِهْتَنِي فِي الْخَيْرِ تَرَكْتِنِي فَلَمْ
تَخْلُقْنِي يَا لَيْتَنِي كُنْتُ حَيْضَةً أَلْقَتْنِي أُمِّي وَيَا
لَيْتَنِي مِتُّ فِي بَطْنِهَا ، فَلَمْ أَعْرِفْ شَيْئًا وَلَمْ تَعْرِفْنِي مَا الذَّنْبُ الَّذِي أَذْنَبْتُ
لَمْ يُذْنِبْهُ أَحَدٌ غَيْرِي؟ وَمَا الْعَمَلُ الَّذِي عَمِلْتُ
فَصَرَفْتَ وَجْهَكَ الْكَرِيمَ عَنِّي؟ لَوْ كُنْتَ أَمَتَّنِي فَأَلْحَقْتَنِي
بِآبَائِي ، فَالْمَوْتُ
كَانَ أَجْمَلَ بِي .....) رواه الطبري في تفسيره ...
- وهذه الرواية السابقة منقولة
بالتفصيل من روية التوراة (من سفر أيوب بالكامل مع اختلاف في الألفاظ)
.. وذلك النقل بدأ من بداية قوله (وَصَعِدَ سَرِيعًا حَتَّى وَقَفَ مِنَ اللَّهِ مَكَانًا كَانَ يَقِفُهُ ...) .. واستمر في نقل الرواية في أكثر من عشرة صفحات طوال فيها
حوار أيوب مع تلامذته الثلاثة المذكورين في الرواية .. وقد اكتفيت من الرواية بما
سبق .. حتى إذا قرأتها في أي كتاب إسلامي .. فتعلم حينئذ أنك تقرأ من التوراة
"سفر أيوب" بالكامل .. وليس حديث إسلامي كما تظن وتتوهم بسبب أن الذي
نقله كان مسلم..!! فانتبه ..
#- قلت (خالد صاحب
الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
- السند
صحيح حتى وهب بن منبه .. إلا
أن الرواية مقطوعة على (وهب
بن منبه) .. وقد أخذ غالبها يقينا من نصوص (سفر أيوب) المكتوب في التوراة والتي
سبق وذكرت لكم البعض منه في الرواية السابقة .. وفي كل الأحوال فهذه الرواية
الطويلة جدا والمنقول غالبها من سفر أيوب الموجود بالتوراة .. فيه مخالفات كثيرة
تتعارض مع القرآن .. !!
- ثانيا: أما عن متن الرواية ..
1- أما عن متن الرواية
ففيه مخالفات شرعية منها .. ويكفي اعتراض أيوب عليه السلام على ربه .. وأنه
لم يصبر وأخذ يتكلم بكلام المعترضين على قضاء الله .. وكل هذا يخالف كلام الله (إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ
أَوَّابٌ) ص44 .. وكلمة أواب تعني أنه كان دائم
الوصال مع الله راضيا بحكمه وشاكرا لأنعمه ..
2-
ولا يخفى عن مخالفة الرواية للقرآن في صعود إبليس للسماء وكلامه مع
الله .. وهذا سبق وناقشناه في روايات أخرى ..
3-
ولا يخفى عن مخالفة الرواية للقرآن في أن أيوب أخذ التراب وعفر به
على رأسه عند مصيبة الموت .. وهذا لا يفعله مؤمن فضلا عن نبي كريم ..!!
4- ولا يخفى أن الرواية ليست حجة
شرعية في إثبات شيء ..!!
#- وخلاصة القول
في كل الروايات السابقة:
1-
أن هذه الروايات ليست دليل أو حجة شرعية في إثبات تجسيد الشيطان في صورة إنسان
..!! فكلها روايات تالفة ولا يصدقها من ارتضى بمخالفة القرآن والطعن في سيدنا
ايوب عليه السلام وفي زوجة الطاهرة العفيفة ..!!
2-
كل ما ورد عن سبب مرض أيوب من تسلط الشيطان عليه إنما هو منقول من (سفر أيوب) المكتوب في التوراة .. بنفس التفاصيل المذكورة في الروايات
السابقة .. ولا علاقة لها بالدين الإسلامي في أي شيء .. ولذلك لا نجد حديث واحد
منسوب للنبي صلى الله عليه وسلم يشرح هذا التسليط الشيطاني الذي ذكرته التوراة أو
ما نقله بعض الصحابة والتابعين عن التوراة أو عن اليهود الذين أسلموا فنقلوا ذلك
منهم ..
#- ملحوظة هامة
جدا:
-
لم أذكر كل الروايات التي قيلت عن أيوب عليه السلام .. لأنها لا علاقة لها ببحثنا هنا .. وإنما
سيكون لها بحث آخر في رسالة اخرى إن شاء الله .. نجمع فيه كل ما جاء عن سيدنا أيوب
عليه السلام .. وفيها نناقش كل الأسانيد والمتون .. ونبحث فيها عما يمكن ان يكون
حق ونبصر ما فيها من باطل .. ونناقش الآيات التي قيلت عن سيدنا أيوب عليه السلام
.. ومفهوم "مس الشيطان" لأيوب عليه السلام عند علماء المسلمين وماذا
قالوا في ذلك .. لأن هذا ليس بحثنا في هذه الجزئية ..
#- وبهذا يكون ختام الكلام في
روايات تعرض الشيطان لأيوب عليه السلام .. وبعدها ننتقل إن شاء الله للروايات التي
تكلمت عن تعرض الشيطان لسليمان عليه السلام وكيف أظهرت الروايات الكاذبة أن
الشيطان اغتصب ملك سليمان وطرده من قصره واعتدى على زوجاته ..!!
*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام - ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .
على سيدنا ايوب السلام وعلى جميع الانبياء والمرسلين
ردحذفامدك الله بمدده استاذنا الفاضل وزادك صحة وعافية
وجعل لك القبول في الارض والسما
ورضي عنك وارضاك امين امين امين
ا****اللهم ارنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
ردحذف-****اللهم علمنا العلم النافع ونفعنا بما علمتنا يا عليم يا حكيم بحقيقة قولك الحق " ويعلمكم الله"
-*****واجز عنا يارب أصحاب الحقوق والفضل علينا بما انت اهله وارزقهم الرضوان ياكريم
******اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وآدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى وجميع الانبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم و ذريتهم و ازواجهم ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين الاحياء منهم والاموات آميييين يارب العالمييين
جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل
ردحذفأكثر ما يحزن ويثير الغضب في النفس في هذه الروايات المكذوبة أنهم إتفقو على أن يعظمو من مكانة الشيطان ويبحون له أن يطلع الي السماء وقتما شاء ويكون في مكانه قريبه من الله وأنه يستطع أن يتجرأ على الله وكأنه إله يتكلم مع الله ويفعل مايشاء وقتما شاء وكأنه ليس إبليس الملعون المغضوب علية من الله إلى يوم القيامة ........ والجزء الأخر من هذه الروايات إتفقو على أن ينتهكو عورات نبي الله أيوب وأهل بيته عليهم السلام وأن يحقرو من مكانة....... وأنا أقرأ هذه الروايات جال في خاطري ما كان يحدث مع السيده مريم كلما دخل عليها سيدنا زكريا المحراب وهي كانت صديقه وكان يرعها الله ويكفيها عن سؤال الناس أو الحاجه إليهم(( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْـمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)) من سورة آل عمران- آية (37) أليس نبي الله أيوب عليه السلام أعلى مكان من الصالحين والصديقين..... يعني بالعقل كده ربنا بيكفي الصالحين عن سؤال الناس والحوجه إليهم فهيقوم ربنا يذل نبيه أيوب وزوجته ويخليها تسأل الناس وتشحت وتبيع أعضأها علشان يكلو.... كلام سخيف ولا يخرج إلا من قلب لا يوجد به ذرة من إيمان ويملأه الغل والحقد لنبي الله أيوب عليه السلام ..... ده ربنا عز وجل لما وصف فقراء المسلمين قال(( لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ)) من سورة البقرة- آية (273)
يعني الفقير المؤمن مبتهونش عليه نفسه أنه يشحت ولا يتحوج لحد وبيسأل الله من فضله وبيكتفي بالله عن الحاجه الناس ما بالك بنبي الله وزجته.... نفوس مريضة و قلوب سوداء وعقول ضلت عن الحق..... حسبنا الله ونعم والوكيل في كل من أسأ لأنبياء الله ورسوله
***********************************
اللهم صل على سيدنا محمدٍ النبي الأمي وعلى آله وسلم
هو معاد مجلس الذكر امتي لو سمحتو
ردحذفأخي الحبيب عبد الله ..
حذف- مجلس الذكر - والدرس والأسئلة من الاعضاء .. يكون دائما بإذن الله ليلة الخميس ويبدأ من الساعة التاسعة بتوقيت القاهرة .. ويكون على برنامج التليجرام
وللإشتراك في جروب التليجرام .. يمكنك الضغط على الصورة الموجودة اعلى الصفحة على اليمين ومكتوب عليها (تليجرام) .. وسهم لونه أزرق سماوي ... ثم تتبع الخطوات بعد ذلك .. وهي خطوة واحدة بعد ذلك وهي أن يكون لديك برنامج التليجرام على موبايلك ..
- سعداء بنشريفك معنا .. ومشاركتك
*********************************
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
السلام عليكم ياستاذنا انا بيظهرلي جروب عليه صوتيات مسجله لحضرتك فهل ده هو الجروب ولا لا ولو مش هو ياريت لينك مباشر للجروب افتحه منه
ردحذفوعليكم السلام اخ عبد الله يسعدنا انظمامك لنا هذا هو رابط قناة:
حذفhttps ://t.me/+vyhSiTHrrCk5NTQ0
حذفكيفية الانضمام للجروب
اذهب للإنضمام لجروب التليجرام بالضغط هنا
بعد الضغط على الرابط .. سيتم نقلك إلى صفحة التليجرام الرئيسية .. وستجد فيها مربع أخضر مكتوب فيه (انضم الآن) أو (join now) .. فاضغط على هذا المربع الأخضر .. وستدخل الجروب مباشرة .. ولكن الكتابة في الجروب للأعضاء تكون ليلة الأثنين والخميس من الساعة 9:00 م بتوقيت القاهرة ..
********************************
اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم
هل تعلم ما هي الألفاظ الإهتزازية في القرآن الكريم ؟
ردحذف- عندما أخبرنا الله جلّ وعلا عن الأرض ؛
• { إذا زلزلت الأرض زلزالها }
تأمل لفظة ( زل زل ) فهي تكرار حرفين !
- وعندما يغضب الله تعالى على قوم صالح الذين عصوا أمر الله ورسوله وعقروا الناقة تأتي لفظة ؛
• { فدم دم عليهم ربهم }
فتأمل دم دم !
- وعندما تنكشف الحقيقة وبقوة عن ظلامة يوسف الصديق لعشر سنوات يقبع فيها في السجن ظلما من قبل زليخا تأتي لفظة ؛
• { الآن حص حص الحق }
فتأمل حص حص !
- وعندما يتحدث القرآن عن حدث مهم تقشعر له الأبدان يوم القيامة تأتي لفظة
• { إذا دكت الأرض دكا دكا * وجاء ربك والملك صفا صفا }
تأمل !
- وعندما يتحدث القرآن عما أعدّ ﻷهل الجنة من نعيم تأتي لفظة ؛
• { متكئين على رف رف خضر وعبقري حسان }
فتأمل !
- وعندما يتحدث عن شدة ظلمة الليل تأتي لفظة
• { والليل إذا عس عس }
كذلك تأمل !
فتتجلى الروعة القرآنية من هذه الكلمات المؤثرة ...
وهذا يسمى في روائع بلاغة القرآن الكريم :-
( الألفاظ الاهتزازية )
وهي ألفاظ تشعرك بشدتها وقوتها واهتزازها من خلال تكرار حرفين متتاليين أو تكرار كلمة كاملة قوية اهتزازية لبيان أحداث في غاية الأهمية
فسبحانك ربنا ما قدرناك حق قدرك ...
لا تتوهم أن الدين هو أن تصلي، وتصوم، وتقرأ القرآن، وتزكي، وتحج، وتنطق الشهادة، وانتهى الأمر ؟ لا ..!!
ردحذفهذه العبادات (عبادات شعائرية) وهي فرائض ستحاسب عليها، لكنك لن تقطف ثمارها ولن تحقق أهدافها إلا إذا صحَّت (عبادتك التعاملية) لن تصح اذا ظلمت، وقصرت، وأذيت وكذبت وشتمت..
انتمائك الشكلي إلى الدين هو بينك وبين الله،
تضع صورة للكعبة بصدر بيتك لا يكفي،
مصحف في سيارتك لا يكفي،
آية قرآنية على حائط محلك لا يكفي،
مسبحة في يدك لا يكفي،
تذهب للعمرة ثلاثين مرة لا يكفي!
تقف على سجادة الصلاة ٧٠ ألف مرة لا يكفي !!
الدين هو: ( إستقامتك )
الدين هو : ( معاملتك )
الدين هو: رحمتك
الدين هو: صدقك
الدين هو: إلتزامك
الدين هو: عدلك
الدين هو: تربيتك لأولادك
الدين هو: برك لوالديك
الدين هو: إحسانك لزوجك/تك
الدين هو: حفظك للسانك
الدين هو: غض بصرك
الدين هو: عملك
الدين هو: سعيك
الدين هو: نظافتك
الدين هو: مافي جوفك
الدين هو : لينك مع الآخرين
الدين هو : لسانك
الدين خُلُق
قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا."
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الأخيار وزد وسلم تسليما كثيرا ..
" يا جابر! ما لي أراك منكسرا"؟
ردحذفهكذا كان يتفقد النبي ﷺ أحبابه..
تفقدوا أحبتكم متى لحظتم انطفاء سعيهم، وتغيّر حالهم، واستديموا صفاء ودهم بكلمة تبعث في نفوسهم الحياة!
-
ردحذفونحن نعرفُ يا الله بأننا لم نكن عبادًا صالحين،
نعرفُ أن هناك صلوات كثيرة فاتتنا في وقتها،
نمنا في كثيرٍ من الأيام دون أن نقرأ وِردنا،
عاهدنا أنفسنا وعاهدناك ألا نعود وعُدنا،
قررنا مئات المرات ألا نضعف وضعفنا
حاولنا ألا تغيرنا هذه الحياة يا الله لكنها غيرتنا،
لم يكن بمقدورنا أن نقاوم هذا كله بروحٍ واحدة…
لكننا يا الله لا زلنا نبكي حين نسمعُ آية،
ونشعر بأنها تخاطبنا نحاسب أنفسنا ونجلدها
وتشهدُ قلوبنا علينا أننا نحبك كثيرًا،
ونحاول أن نكون عبادًا صالحين يستحقون جنتك
ونعترف بأننا نبكي في بدايات النهايات كثيرًا
لأننا نجهل حكمتك،
ونعرف أخيرًا أنك ما آلمتنا إلا كي نُدرك..
ولا نحفظ الأدعية المأثورة كٌلها ؛ لكننا نبكي حين نسجد لك 💭
اللهم صل و سلم و بارك على سيدنا محمد و اغفرلى 💝
الا من وجدنا متاعنا عنده...
ردحذف☆☆☆☆☆
أنظروا أدب القرآن: لم يقل سيدنا يوسف إلا من سرق لأنه يعلم عليه السلام أن أخوه ليس بسارق...
قال عز القائل:
( قال معاذ الله أن نأخذ إلا من وجدنا متاعنا عنده إنا إذا لظالمون ( 79 )
ومع ذلك فهناك من السرقات مالا يعاقب عليه بقطع اليد وهي سرقة القلوب...
فاسرقوا ما شئتم من القلوب بطيب كلامكم الصادق...
قالت زهراء: الدين هو:
- استقامتك
- رحمتك
- معاملتك
- صدقك
- التزامك
- عدلك
- تربيتك لأولادك
- برك لوالديك
- احسانك لزوجك/تك
- حفظك للسانك
- غض بصرك
- عملك
- سعيك
- نظافتك
- ما في جوفك
- لينك مع الآخرين
- خلقك... الخ
وعندي اصدق مع نفسك ومع الناس ومع الله يتبعك كل ما سبق من صفات كعياسيب النحل...
والله أعلم
☆☆☆☆☆
وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي و آله...