ج7: رسالة الملاك والجن والشيطان وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان - ما هي بعض الأحاديث التي قد يستدل بها البعض على أن الجن والشيطان يتمثل متجسدا في صورة إنسان ومناقشة هذه الأدلة - قصة أبو هريرة مع الشيطان في رمضان - فتنة الدجال في تمثيل الشيطان في صورة الناس التي قد ماتت - قصة تمثيل الشيطان للناس في ختام الزمان بعد فتنة الدجال - قصة حضور بن مسعود مع النبي ليلة زيارة الجن - قصة الشيطانان الذين أتبعا رجل في سفره - قصة رؤية النبي لإنسان مسافر وحده فقال عنه شيطان - ما سبب توصيف النبي للمسافر وحده أو اثنين بوصف الشيطان - قصة مصارعة عمار بن ياسر مع الشيطان عند البئر - قصة الشيطان إبليس الذي يطوف بالأسواق ويتكلم بعلم الحديث - قصة خروج شياطين البحر التي حبسها سليمان عليه السلام ويتصورون في صورة إنسان ويقرأون القرآن على الناس - قصة أن الدجال هو رجل من الجن متمثلا في صورة إنسان - قصة الجني عُرفُطة الذي ظهر للنبي والصحابة - قصة برصيصا الراهب مع المرأة في الصومعة.

      بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الملاك والجن والشيطان

وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان

 (الفصل السابع)

#- فهرس:

:: الفصل السابع :: أدلة من الأحاديث النبوية قد تشير إلى وجود تمثيل للشيطان مُتجسدا في صورة إنسان - ومناقشة هذه الأدلة ::

1- س34: ما هي بعض الأحاديث التي قد يستدل بها البعض على أن الجن والشيطان يتمثل متجسدا في صورة إنسان ؟

#- قصة الصحابي أبو هريرة مع الشيطان في رمضان.

#- فتنة الدجال في تمثيل الشيطان في صورة الناس التي قد ماتت.

#- قصة أن الدجال هو رجل من الجن متمثلا في صورة إنسان.

#- قصة تمثيل الشيطان للناس في ختام الزمان بعد فتنة الدجال.

#- قصة حضور الصحابي بن مسعود مع النبي ليلة زيارة الجن.

#- قصة الشيطانان الذين أتبعا رجل في سفره .

#- قصة رؤية النبي لإنسان مسافر وحده فقال عنه شيطان.

#- ما سبب توصيف النبي للمسافر وحده أو اثنين بوصف الشيطان ؟!

#- قصة مصارعة الصحابي عمار بن ياسر مع الشيطان عند البئر.

#- قصة الشيطان إبليس الذي يطوف بالأسواق ويتكلم بعلم الحديث .

#- قصة خروج شياطين البحر التي حبسها سليمان عليه السلام ويتصورون في صورة إنسان ويقرأون القرآن على الناس.

#- قصة الجني عُرفُطة الذي ظهر للنبي والصحابة ..

#- قصة برصيصا الراهب مع المرأة في الصومعة .

 **************************

 ..:: س34: ما هي بعض الأحاديث التي قد يستدل بها البعض على أن الجن والشيطان يتمثل متجسدا في صورة إنسان ؟ ::..

 (مع مناقشة لهذه الأدلة)

- أخي الحبيب:

1- هناك بعض الروايات التي ذكرتها لك سابقا مع آيات القرآن .. وقد ذكرتها مع الآيات القرآنية لأن العلماء يربطونها بها .. فتم ذكرها في محلها المخصوص.. وهي ما ذكرناه في قصة تجسيد الشيطان في قصة الشيخ النجدي الذي اجتمع بالكفار في دار الندوة حين التخطيط لقتل النبي صلى الله عليه وسلم .. وقصة تجسيد الشيطان في صورة سراقة بن مالك يوم معركة بدر .. وكانت روايات ضعيفة لا حجة فيها لجزئية التمثيل بالجسد في صورة إنسان لعالم الجن .

 

2- من الملفت للنظر وعليك أن تنتبه لشيء أن كل ما سأذكره لك من روايات .. أنه لا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ما يشير صراحة ولا تلميحا إلى إمكانية تمثيل الجن في صورة إنسان سويا .. بل ولا يوجد في القرآن إثباتا للتمثيل في صورة إنسان سويا إلا للملائكة فقط .

 

3- عندما أذكر رواية فأقوم بتحقيقها بعد ذلك مباشرة .. حتى أترك مجال التعليق مباشرة على متن أو نص الرواية .. دون الكلام على تحقيق سندها .. 

 

4- جمعت لك أخي الحبيب قدر استطاعتي .. كل ما يمكن أن يكون ظهر فيه التمثيل الروحاني للشيطان ويشير من ظاهره أنه يدل على التجسيد الروحاني من الجن في صورة إنسان .. وهذا ما لا أعتقد جمعه أحد من قبل كما سأعرضه عليك .. ولذلك قد يطول معنا الروايات بعض الشيء .. ولكن حتى نكون جمعنا بإذن الله كل ما تفرق في مكان واحد .. وقد كان في ذلك صعوبة يسرها الله بفضل منه.

 

5- غالبا الروايات التي قد يستدل بها البعض في اثبات أن الجن يتمثل في صورة إنسان .. هو ما جاء في بعض الروايات التي ذكرتها لك سابقا مع الآيات القرآنية وهي التي يتم الإشارة إليها حين الإستدلال على التجسيد الشيطاني في صورة إنسان ..

- ولكن في هذا الفصل والذي يليه سأكمل لك إن شاء الله باقي الروايات التي لا تتعلق بنص قرآني .. والتي قد يظن البعض أنها تشير إلى مسألة تجسيد الجن في صورة إنسان .. وهي تحمل بين الروايات الصحيحة والضعيفة .. ولكن ليس بالضرورة أن تكون صحيحة وتشير لمسألة تجسيد الجن .. كما سيظهر لك في مناقشة هذه الروايات والتعليق عليها ..

- علما بأنه سيتم تأخير روايات تجسيد الشيطان وظهوره للأنبياء والمرسلين في فصل منفرد خاص .. حتى يكون الكلام فيه متصل ببعضه وخاص في فصل واحد ..

 

#- وإليك أخي الحبيب .. بعض المرويات التي قد يظن البعض منها أنها تشير إلى تجسد الشيطان في صورة إنسان ..

 

#- أولا: ما جاء في الروايات كحديث نبوي:

 

#- الرواية الأولى: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان ..

1- قصة الصحابي أبو هريرة مع الشيطان في رمضان .

 

- (حديث صحيح) .. وهو قصة أبو هريرة مع الشيطان الذي دخل بيته ليسرق من أموال الزكاة أو الصدقة .. فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: (وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو من الطَّعَام فَأَخَذته وَقلت وَالله لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ قَالَ فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَة مَا فعل أسيرك البارحة» . قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ» . فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ لِقَوْلِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ سيعود» . فَرَصَدْتُهُ فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ لَا أَعُودُ فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً وَعِيَالًا فَرَحِمْتُهُ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذبك وَسَيَعُودُ» . فرصدته الثَّالِثَة فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُول الله وَهَذَا آخِرُ ثَلَاثِ مَرَّاتٍ إِنَّكَ تَزْعُمُ لَا تَعُودُ ثُمَّ تَعُودُ قَالَ دَعْنِي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ ينفعك الله بهَا قلت مَا هُوَ قَالَ إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حَتَّى تَخْتِمَ الْآيَةَ فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ من الله حَافظ وَلَا يقربنك شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» قُلْتُ: زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَات يَنْفَعنِي الله بهَا فخليت سبيله قال النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: «أما إِنَّه قد صدقك وَهُوَ كذوب تعلم من تخاطب مُنْذُ ثَلَاث لَيَال» . يَا أَبَا هُرَيْرَة قَالَ لَا قَالَ: «ذَاك شَيْطَان») صحيح البخاري .. رواه البخاري معلقا بدون إسناد .. ولكن النسائي وصله بالإسناد كاملا من طريقين.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الرواية السابقة:

- هذه الرواية كثيرا ما أراها عند جماعة أهل الفتوى على الإنترنت .. وكأنها حقيقة عندهم أن هذا الشيطان الذي أمسكه أبو هريرة هو شيطان متمثل في صورة إنسان ..!! ولا ادري من أين أتوا بهذا المعتقد في الرواية إذا كانت الرواية نفسها تقول أنه جن ..!!

 

- ولعل هذا الخلط عندهم لأنهم ينظرون لرواية الإمام البخاري فقط دون الرواية الأصح منها عند الإمام النسائي .. بالرغم من أن رواية البخاري ليس فيها زعما بأن هذا الجني تصور في صورة إنسان ؟!!

 

- والذي يدل على بطلان ما زعموه أو توهموه ظنا منهم بذلك .. هو ثلاثة أمور:

- الأول: هو أن الرواية قالت: (فَأَتَانِي آتٍ) ولم تقل فآتاني إنسان أو رجل تصور بصورة إنسان .. والإبهام في اللفظ وحده يشير إلى أن هذا لم يكن إنسان ولا حتى شيء يشبه هيئة الإنسان ..!! وإلا فكيف لإنسان عاقل أن يعود للسرقة أكثر من مرة لنفس المكان ولمدة ثلاثة أيام متتالية ؟!! بل وفي عهد النبي وهو يعلم أنه سيطبق عليه الحد بقطع اليد ..!!

 

- الثاني: في الرواية الأصح سندا من رواية البخاري وهي عند الإمام النسائي .. قد جاء فيها: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَنَّهُ كَانَ عَلَى تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَوَجَدَ أَثَرَ كَفٍّ كَأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ مِنْهُ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «تُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَهُ؟» قُلْ: سُبْحَانَ مَنْ سَخَّرَكَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَقُلْتُ: «فَإِذَا جِنِّيٌّ قَائِمٌ بَيْنَ يَدَيَّ، فَأَخَذْتُهُ لِأَذْهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقَالَ: «إِنَّمَا أَخَذْتُهُ لِأَهْلِ بَيْتٍ فُقَرَاءَ مِنَ الْجِنِّ وَلَنْ أَعُودَ» قَالَ: «فَعَادَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقَالَ: «تُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَهُ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ: " قُلْ سُبْحَانَ مَن سَخَّرَكَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: «فَإِذَا أَنَا بِهِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَذْهَبَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَاهَدَنِي أَنْ لَا يَعُودَ فَتَرَكْتُهُ، ثُمَّ عَادَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقَالَ: «تُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَهُ؟» فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ: «قُلْ سُبْحَانَ مَن سَخَّرَكَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقُلْتُ: فَإِذَا أَنَا بِهِ فَقُلْتُ: «عَاهَدْتَنِي فَكَذَبْتَ وَعُدْتَ، لَأَذْهَبَنَّ بِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقَالَ: «خَلِّ عَنِّي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ لَمْ يَقْربْكَ ذَكَرٌ وَلَا أُنْثَى مِنَ الْجِنِّ» قُلْتُ: وَمَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ؟ قَالَ: «آيَةُ الْكُرْسِيِّ اقْرَأْهَا عِنْدَ كُلِّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «فَخَلَّيْتُ عَنْهُ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقَالَ لِي: «أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ كَذَلِكَ») رواه النسائي في الكبرى بسند صحيح .

 

#- فدلت الرواية السابقة أن هذا لم يكن جن متمثلا في صورة إنسان كما توهم البعض بل هو جن ويظهر بهيئة وشكل في عالم المادة يستطيع من خلالها الكلام والتحدث ..

 

#- ملحوظة: قوله (سخرك) أي جعلك خاضعا ومنقادا لأمره .. وجملة (سبحان من سخرك لمحمد) .. المقصد منها هو الإشارة إلى تمكين النبي صلى الله عليه وسلم من شيطانه (قرينه) حتى أسلم له وخضع وانقاد .. كما جاء في روايات الحديث .. والله أعلم.

 

#- ثالثا: أنه قد حدثت قصة أبي هريرة بصورة مشابهة مع ستة من الصحابة .. وهم: معَاذ بن جبل، وَأبي بن كَعْب، وَأبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ وَأبي أسيد الْأنْصَارِيّ، وَزيد بن ثَابت، وبريدة بن الحصيب الأسلمي .. رضي الله عنهم .. وقد ظهر في هذه الروايات أن الفاعل شيطان متجسد في صور غير هيئة البشر ولا تشبه هيئة البشر نهائيا ..!!

- وقد سبق عرض كل هذه الروايات تفصيليا فارجع إليها عند السؤال (س17: ما هي الأدلة الصحيحة على أن الجن يتمثل شكلا متجسدا بين الناس في هيئات مختلفة في غير صورة الإنسان ؟) .

 

*************************

2- الرواية الثانية: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

2- فتنة الدجال في تمثيل الشيطان في صورة الناس التي قد ماتت.

 

- (حديث ضعيف) .. جاء في رواية عن إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ السَّيْبَانِيِّ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ عن النبي .. جاء فيها: (وَإِنَّ مِنْ فِتْنَتِهِ أَنْ يَقُولَ لِأَعْرَابِيٍّ: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأُمَّكَ، أَتَشْهَدُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَتَمَثَّلُ لَهُ شَيْطَانَانِ فِي صُورَةِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، فَيَقُولَانِ: يَا بُنَيَّ، اتَّبِعْهُ فَإِنَّهُ رَبُّكَ ..) أخرجه بن ماجه .. وقال الأرنؤوط في تحقيقه ما ملخصه: إسناده ضعيف لانقطاعه فإن السَّيباني لم يسمع من أبي أمامه .. وإسماعيل بن رافع ضعيف الحديث .. وذكره الألباني في ضعيف بن ماجه .. قلت خالد صاحب الرسالة: الرواية فعلا ضعيفة للعلة التي ذكرها الأرنؤوط وقد ذكرها الألباني أيضا .. ولكن وجدت الحديث عند الألباني في تخريجه لصحيح الجامع بأنه صحيح وأنه ذكره في الصحيحة برقم 2457 .. ولكن لم أجد حديث للدجال تحت هذا الرقم في الصحيحة ..!! ولا أي التحقيقين له أسبق من الآخر ..!!

 

- وفي رواية بلفظ: (وإنَّ من فتنتِه أنَّ معه شياطينَ كذا تتمثلُ على صورةِ الناسِ) رواه بن أبي عاصم في السنة .. وقال الألباني في تحقيقه: إسناده ضعيف .. وكذلك ذكره الألباني في ضعيف الجامع .

 

- وفي رواية بلفظ: عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الأنصارية عن النبي .. وجاء فيه: (وإن من أشد فتنة أن يقول للأعرابي: أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ إِبِلَكَ ضِخَامًا، ضُرُوعُهَا عِظَامًا أَسْنِمَتُهَا أَتَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَتَمَثَّلُ لَهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى صُورَةٍ فَيَتَّبِعُهُ وَيَقُولُ: لِلرَّجُلِ أَرَأَيْتَ إِنْ بَعَثْتُ أَبَاكَ، وَابْنَكَ وَمَنْ تَعْرِفُ مِنْ أَهْلِكَ أَتَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ فَتَمْثُلُ لَهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى صُوَرِهِمْ فَيَتَّبِعُهُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: هذا إسناد ضعيف لضعف شَهْر بن حوشب، وبقية رجاله ثقات .. وقال الألباني في مشكاة المصابيح هو حديث ضعيف .

 

- وفي رواية بلفظ آخر: عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الأنصارية عن النبي .. وجاء فيه: (فَتُمَثِّلُ لَهُ الشَّيَاطِينُ نَحْوَ إِبِلِهِ كَأَحْسَنِ مَا تَكُونُ ضُرُوعُهَا وَأَعْظَمِهِ أَسْنِمَةً ". قَالَ: " وَيَأْتِي الرَّجُلُ قَدْ مَاتَ أَبُوهُ وَمَاتَ أَخُوهُ، فَيَقُولُ: أَرَأَيْتَ إِنْ أَحْيَيْتُ لَكَ أَبَاكَ وَأَحْيَيْتُ لَكَ أَخَاكَ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنِّي رَبُّكَ؟ فَيَقُولُ: بَلَى. فَتُمَثِّلُ لَهُ الشَّيَاطِينُ نَحْوَ أَبِيهِ وَنَحْوَ أَخِيهِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: هذا إسناد ضعيف لضعف شَهْر بن حوشب، وبقية رجاله ثقات .. وقال الألباني في مشكاة المصابيح هو حديث ضعيف .

 

- وفي رواية بلفظ: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ عن النبي وجاء فيه: (وَيَبْعَثُ اللهُ مَعَهُ شَيَاطِينَ تُكَلِّمُ النَّاسَ) رواه أحمد .. قلت خالد صاحب الرسالة: الرواية فيها ضعف بالرغم من صحة رجال السند .. لأن أبو الزبير قام بالتدليس في هذا الخبر ولم يصرح بالسماع من جابر بن عبد الله .. وقد أشار لذلك محققو المسند ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- الروايات التي أتى فيها التمثيل الشيطاني للناس في قصة الدجال .. هي روايات ضعيفة .. أقصد في جزئية التمثيل الشيطاني على وجه التحديد ولم يأتي لها نظير في أي حديث صحيح .. لنعتقد في هذه المسألة الغيبية .. وليس معنى هذا أن الروايات السابقة هي بالكامل يتم ردها .. لا .. لأن أجزاء من هذه الروايات قد أتى بعضها في الصحيح .. مثل أن الدجال ستكون له فتنة جنة ونار .. كما جاء في البخاري ومسلم بلفظ: (أَلاَ أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا عَنِ الدَّجَّالِ، مَا حَدَّثَ بِهِ نَبِيٌّ قَوْمَهُ: إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّهُ يَجِيءُ مَعَهُ بِمِثَالِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ النَّارُ) صحيح البخاري..، وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ مَعَ الدَّجَّالِ إِذَا خَرَجَ مَاءً وَنَارًا، فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ، وَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ فَنَارٌ تُحْرِقُ .. فَمَنْ أَدْرَكَ مِنْكُمْ فَلْيَقَعْ فِي الَّذِي يَرَى أَنَّهَا نَارٌ، فَإِنَّهُ عَذْبٌ بَارِدٌ) صحيح البخاري.

 

- وانتبه لقوله (بِمِثَالِ الجَنَّةِ وَالنَّارِ، فَالَّتِي يَقُولُ إِنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ النَّارُ) وقوله (فَأَمَّا الَّذِي يَرَى النَّاسُ أَنَّهَا النَّارُ فَمَاءٌ بَارِدٌ) .. فهذا فيه إشارة إلى أن هذا الدجال له علاقة بالسحر .. وأن التمثيل هو تخييل بالتضليل على حقيقة موجودة .. وإلا ما كان رأى الناس خلاف الواقع كما حدث مع سحرة فرعون حينما سحروا أعين الناس ..!!

 

2- على افتراض صحة الروايات السابقة - وهي غير صحيحة - فتمثيل الشياطين أيضا هو تمثيل تخيلي وليس عن تجسيد مادي .. وإلا لو كان يقدر المسيخ الدجال على ذلك لكان قال للناس سأُقوم بإحياء الموتى لكم وتتبعوني بأني إلهكم .. فهذا أولى بإظهار كرامته .. ولكنه لم يفعل ذلك بل هو يفعل ذلك منفردا في خلوة بهذا الشخص الذي يقول له هذا الكلام .. كالساحر الذي يرسل صورا على المسلط عليه في غرفته بصور آدمية وغير آدمية ليصيبه بالفزع .. وكل هذا من باب التخييل الروحاني ..

- ويشهد لذلك أيضا .. استخدامه طرق التخييل في عرض الجنة والنار ..

 

#- خلاصة القول فيما سبق ..

- أن تمثيل الدجال بأفعاله أمام الناس في الجزئية التي ذكرتها لك هو تمثيل تخييل وليس تمثيل تجسيد .. وأن جزئية التمثيل لم تصح في روايات الدجال .. والله أعلم ..

 

################
  
3- الرواية الثالثة: التي ظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:
 
3- قصة أن الدجال هو رجل من الجن متمثلا في صورة إنسان ..
 

#- حديث نبوي .. (حديث ضعيف ومتن منكر) ..عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي قال: (يخرجُ الدجالُ في خفْقَةٍ مِنَ الدينِ وإدْبَارٍ من العلمِ ولَهُ أربعونَ لَيْلَةً يَسيحُها في الأرضِ اليومُ منْها كالسنَةِ واليومُ منْهَا كالشَّهْرِ واليومُ منْهَا كالجمعَةِ ثم سائِرُ أيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ هذِهِ ولَهُ حِمَارٌ يركَبُهُ عُرْضُ ما بينَ أُذُنَيْهِ أربعونَ ذِرَاعًا .. فَيَقُولُ للناسِ أنا ربُّكُم وهو أَعْوَرُ وإنَّ ربَّكُمْ عزَّ وجلَّ ليس بأعْوَرَ مَكْتُوبٌ بينَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ مُهَجَّاةٌ يَقْرُؤُهُ كُلُّ مؤمِنٍ كاتِبٌ وغيرُ كاتِبٍ يردُ كلَّ ماءٍ ومَنْهَلٍ إلَّا المدينَةَ ومَكةَ حرمَهُمَا اللهُ عزَّ وجلَّ عليه وقامَتْ الملائِكَةُ بأبْوابِها مَعَهُ جِبَالٌ من خبزٍ والناسُ في جَهْدٍ إلَّا مَنِ اتَّبَعَهُ ومعَهُ نَهْرَانِ أَنَا أعلَمُ بِهِمَا مِنْهُ نَهْرٌ يقولُ الجنةُ ونهرٌ يقولُ النارُ فمن أُدْخِلَ الَّذِي يُسَمِّيهِ الجنَّةَ فهو النارُ ومن أُدْخِلَ الَّذِي يسميهِ النارَ فهو الجنةُ قال وتُبْعَثُ معه شياطينُ تُكَلِّمُ الناسَ ومعَهُ فتنةٌ عظيمةٌ يأمُرُ السماءَ فتمطِرْ فيما يَرَى الناسُ فيقولُ للناسِ أيُّها الناسُ هلْ يفعلُ مثلَ هذَا إلَّا الربُّ قال فيفِرُّ الناسُ إلى جبلِ الدخانِ في الشامِ فيُحَاصِرُهُمْ فيشتَدُّ حصارُهُم ويَجْهَدُهُمْ جَهْدًا شديدًا ثم ينزلُ عيسى عليه السلامُ فينادِي مِنَ السحرِ (أي وقت الليل) .. فيقولُ يا أيُّها الناسُ ما يَمْنَعُكُمْ أن تَخْرُجُوا إلى هَذَا الكذَّابِ الخبيثِ .. فيقولونَ هَذَا رجلٌ جِنِّيٌّ .. فينطلِقُونَ فإِذَا هم بِعِيسى عليه السلامُ فتقامُ الصلاةُ فيقالُ له تَقَدَّمْ يَا روحَ اللهِ فيقولُ لِيَتَقَدَّمْ إمامُكم فيُصَلِّي بِكُمْ فإِذَا صَلَّى صَلَاةَ الصبحِ خرجَ إليه قال فحينَ يَرَاهُ الكذَّابُ يَنْمَاثُ (أي يذوب) كَمَا يَنْمَاثُ الملْحُ في الماءِ فيمشي إليه فيقتُلُهُ حتى إِنَّ الشجرَ والحجرَ ينادي هذا يهوديٌّ فلا يَتْرُكُ مِمَّنْ كان يَتَّبِعُهُ أحدًا إلا قَتَلَهُ) رواه أحمد .. وأشار الهيثمي إلى أن الإسناد رجاله من رجال الصحيح .. وذكر الحاكم نفس الحديث بنفس السند ولكن مختصرا حتى قول الملائكة .. وقال حديث صحيح الإسناد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): بل هو حديث ضعيف وفيه نكارة وليس صحيح.

 

- وقد يظن البعض من خلال لفظ (رجلٌ جِنِّيٌّ) .. ان الجن ممكن يتشكل في صورة إنسان ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

- الحديث رواته ثقات ومن رجال الصحيح ولكنه حديث ضعيف .. لأن (أبو الزبير) قد دلس في الرواية ولم يصرح بالسماع أو التحديث عن جابر بن عبد الله .. ولو كان راوي الحديث عن أبي الزبير هو الليث بن سعد لقلنا بصحة الحديث لأن الليث بن سعد هو الوحيد الذي يعلم ما الذي تلقاه أبي الزبير من الاحاديث بصورة مباشرة عن جابر ..

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

1- قوله (ولَهُ حِمَارٌ يركَبُهُ عُرْضُ ما بينَ أُذُنَيْهِ أربعونَ ذِرَاعًا) هو قول منكر جدا ولم أجده إلا في هذا الإسناد عند أحمد وعند الحاكم .. ولا يمكن لعقل ان يصدق أنه يوجد حمار ما بين أذنيه أربعون ذراعا فتكون مساحة وجه الحمار أربعون ذراعا أي تقريبا عشرون مترا تقريبا .. فكيف يمكن قبول هذا الكلام الذي لا وجود له في الواقع إلا لو قلنا أن الدجال سيخلق لنفسه فصيلة جديدة من الحمير وهذا حينئذ كلام كفر إن ظننا ذلك ..!!

 

- وهذا الجزء من الرواية (ولَهُ حِمَارٌ يركَبُهُ عُرْضُ ما بينَ أُذُنَيْهِ أربعونَ ذِرَاعًا) قد ذكره الإمام الحاكم في رواية مختصرة وبنفس الإسناد .. وقال حديث صحيح الإسناد .. وقال الذهبي على شرط مسلم .

- وهذا التصحيح من الحاكم هو خطأ .. لأن الإسناد وإن كان من رجال مسلم إلا أنه يوجد في السند علة التدليس فيه بين الأبي الزبير وجابر بن عبد الله .. فالحديث ضعيف وقد سبق وشرحت ذلك منذ قليل فارجع إليه ..

 

2- قولهم (هذا رجل جني) .. ليس من قول النبي وإنما هو قول بعض من كلموا عيسى عليه السلام ..!!

- فهذا ليس حجة شرعية للإستدلال به ..

 

3- قولهم (هذا رجل جني) .. فليس المقصود به أنه جن متصور في هيئة رجل كما قد تظن .. وإنما ذلك يقولوه لسببين:

- الأول: لأن الرواية قالت (يبعث معه شياطين يكلمون الناس) .. ولو كان هو جن لكانت الرواية أظهرت ذلك بوضوح كما أظهرت وجود شياطين معه ..!!

- والثاني: ولأن أفعاله لغرابتها يقال عنها أنها أفعال جن ..!! وهذا وصف يقال لكل من يأتي بغرائب خارج قدرات البشر العادية .. كما يقال لمن يفعل الشر أنه شيطان .. وهذا ليس معناه أنه جن متشكل في صورة إنسان ..!!

- والله أعلم .

 

#- وخلاصة القول:

- هذه الرواية ليست حجة شرعية للإستدلال على إمكانية تجسيد الجن في صورة إنسان .. لأن الرواية غير صحيحة .. ولأن المقصد غير ما يظنه البعض أو يتوهمه.

 

###################

 

4- الرواية الرابعة: التي ظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

4- قصة تمثيل الشيطان للناس في ختام الزمان بعد فتنة الدجال ..

 

- (حديث صحيح السند ولكن منكر المتن) .. جاء في رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم في ختام الزمان بعد أن يقتل عيسى عليه السلام الدجال .. أن النبي قال: (ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ .. فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ. قَالَ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ .. ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) صحيح مسلم.

 

- قوله (خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ): أي مسرعين في تلبية رغباتهم وكأنهم يطيرون مسرعين إلى ما فيه رغبات نفسية سواء محمودة أو مذمومة ..  وفي عقولهم بلادة لا تحتمل إلا كل وحشية وهمجية وغضب ولا تفكير سليم فيهم إلا فقط من حيث تحقيق رغباتهم الجسدية .. والله أعلم .

 

- قوله (ينفخ في الصور): وهو النفخ في القرن الذي يشبه البوق .. وهذه نفخة الصعق والإماته التي يترتب عليها موت جميع الخلق .. والله اعلم .

 

- قوله (دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ): أي في رغد من العيش والرزق الوفير الذي لا ينقطع عنهم ..

 

- والذي ينظر لهذه الرواية يقول أن قوله (فيتمثل لهم الشيطان) دلالة على أنه يتصور في صورة إنسان لهم .. !!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: تعقيبا على متن الحديث:

- الذي أعتقده عن رأيي الخاص -ولست من أهل الحديث- أن هذا الجزء في الرواية (فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا ؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ) هو جزء منكر جدا في الرواية ولا يمكن قبوله .. ليه ؟

 

1- لأن الشيطان ليس في حاجة إلى التصوير بهيئة إنسان ليضل الناس .. لأنه فيما سبق من أزمان ماضية لم يتجسد في صورة إنسان ليرشد الناس إلى عبادة الأصنام ..!! مش كده ولا إيه ؟!!

 

2- إذا كان الناس في هذا الزمن الذي يتكلم عنه الحديث هو زمن شرار الناس ولا يوجد فيهم مؤمن واحد في قلبه ذرة إيمان .. إذن فالمتبقي هم شياطين الإنس .. فما حاجة الشيطان حينئذ إلى إضلال هؤلاء الناس إذا كانوا هم أصلا ضالين ولا يوجد في قلوبهم ذرة إيمان كما قال بذلك الحديث ؟!!

 

3- ما حاجة شرار الناس للإيمان والعبادة وهم أصلا حالهم (لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا) ؟!! فأي عيادة هذه التي سيقبلونها حينئذ لتقيد أنفسهم وشهواتهم حتى لو عبادة ضالة ؟!!

 

4- ما فائدة دعوة الشيطان لهم لعبادة الأصنام .. في حين يقول تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ) القصص50 .. فقد وصلوا لقمة الضلال باتباع أهوائهم (فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا) ...!!

 

5- معنى أن جميع من كان في قلبه ذرة إيمان قد مات .. فهذا معناه أن من بقي هو من ليس في قلبه قابلية لأي إيمان من أساسه سواء كان إيمان بالحق أو بالباطل .. لأنهم فقدوا مفهوم الإيمان للإله .. لأنه لا مجال لهذا المعتقد في أنفسهم من أساسه .. ولا يعبدون إلا ما ترغبه أنفسهم ..!!

 

- فلماذا يدعوهم هذا الشيطان المزعوم لعبادة الأصنام وهم أصلا فقدوا مفهوم العبودية .. ؟!! ولماذا يستجيبون له وهم قد فقدوا مفهوم الإيمان من أساسه ؟ فعلى أي أساس سيعبدون الأصنام ؟!! "شيء غريب هذا الجزء في الرواية" ..!!

 

#- هذا كان رأي في هذه الجزئية في متن الحديث .. لأنه غير معقول في سياق هذا الحديث ..!! إذ لا إضلال بعد ترك عبودية الله وإنكاره بالكلية وكأن الله ترك فقط النفوس الملحدة في الوجود وهي التي يقوم عليها الساعة ...

 

#- ثانيا: أما عن مناقشة مسألة التمثيل الشيطاني (على افتراض صحة هذه الجزئية التي لست مقتنعا بأنها جزء من الحديث) ولا ألزمك برأيي الخاص ...

- فهي ليست عن تجسيد في صورة إنسان .. ليه ؟

1- لأن قوله (فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ) مع قوله (فَمَا تَأْمُرُنَا) .. فهذا يدل على أنه شخص يعلمونه وله إمارة عليهم أي قائد لهم أو كبيرا لهم له سلطة عليهم .. وإلا فبالله عليك أخي الحبيب .. كيف لواحد غريب لا يعلمونه ولا يعرفونه يأمر ويرشد في هؤلاء الناس المملوءة قلوبهم بكل شر ؟!! إلا إن كان مثلهم وكبيرهم كالأب المرشد لهم .. وبالتالي فهذا كبيرهم في الشر والشيطان يستخدمه في نشر أفكاره .. فالشيطان يتمثل بأفكاره من خلال كبيرهم هذا .. فكان كبيرهم هذا موصوف بالشيطان لتنفيذه أوامر الشيطان .

 

2- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُبْعَثَ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ، قَرِيبًا مِنْ ثَلاَثِينَ، كُلُّهُمْ يَزْعُمُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ) صحيح البخاري.

- وفي رواية أخرى بلفظ: (لَيَكُونَنَّ قَبْلَ يَومِ القيامةِ المَسيحُ الدَّجَّالُ، وكَذَّابونَ ثَلاثونَ أو أَكثَرُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: صحيح لغيره .

 

- فلماذا لا يكون هذا الشيطان من الكذابون الذين يظهرون قبل يوم القيامة ؟!! والدجال هو الذي يقود جماعة بالباطل فيزين لهم الباطل في صورة حق تقبله نفوسهم ..

 

- فإذا كان الشيطان قام بدور المرشد لعبادة الأصنام .. فهو ختام الدجالين حينئذ في حياة الوجود .. والدجال ما هو إلا إنسان متشيطن بتفكير الشيطان ..!!

 

3- إذا كان في أمة النبي سيكون رجال قلوبهم قلوب شياطين كما قال صلى الله عليه وسلم: (رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ في جُثْمَانِ إنْسٍ) صحيح مسلم .. فما حاجة الشيطان حينئذ في أن يتجسد إذا كان مراسيله في الإنس ينفذون أوامره من خلال اتباع أهوائهم وتركهم منهج الله ..؟!!

- وليس معنى قوله (قلوب شياطين) أن قلوب الشياطين تجسدت في أنفسهم بدلا من قلوبهم الحقيقية ..!!

- كذلك الحال في قوله (فتمثل لهم الشيطان) أي ظهر لهم الشيطان بأوامره موسوسا في نفس من يتولى الإمارة عليهم ..

 

4- إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد وصف المسافر لوحده بأنه شيطان لعصيانه أمر النبي أو لفعله فعلا فيه شبهة شيطنه كما جاء في الحديث (الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالاثْنَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلاثَةُ ركب) أخرجه أبو داود والحاكم .. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

.. فكيف لا يتم وصف من هو أمير على شرار الخلق بأنه الشيطان ؟!! وبالتالي ما علاقة هذا بتجسيد الجن ..؟!!

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب ..

- بالرغم من عدم تقبلي لجزئية (فتمثل لهم الشيطان) في هذه الرواية .. إلا أنها لا تشير إلى تجسيد في صورة إنسان .. وإنما يتمثل لهم الشيطان بوسوسته في نفس أميرهم الذي يتولى شئونهم حينئذ .. بدلالة قولهم (فَمَا تَأْمُرُنَا) .. وسبق شرح لك ..

- والله أعلم . 

 

#################

 

5- الرواية الخامسة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

5- قصة حضور الصحابي بن مسعود مع النبي ليلة زيارة الجن ..

- (حديث ضعيف ومنكر المتن) .. عَنْ أبي فزارة عن عبد الله بن مسعود قال: (بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، وَهُوَ فِي نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، إِذْ قَالَ: " لِيَقُمْ مَعِي رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَلَا يَقُومَنَّ مَعِي رَجُلٌ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْغِشِّ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ "، قَالَ: فَقُمْتُ مَعَهُ، وَأَخَذْتُ إِدَاوَةً، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا مَاءً، فَخَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ رَأَيْتُ أَسْوِدَةً مُجْتَمِعَةً، قَالَ: فَخَطَّ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: " قُمْ (أي إلزم مكانك) هَاهُنَا حَتَّى آتِيَكَ " .. قَالَ: فَقُمْتُ (أي فبقيت في مكاني)، وَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ، فَرَأَيْتُهُمْ يَتَثَوَّرُونَ (أي يقومون إليه) إِلَيْهِ، قَالَ: فَسَمَرَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلًا طَوِيلًا، حَتَّى جَاءَنِي مَعَ الْفَجْرِ، فَقَالَ لِي: " مَا زِلْتَ قَائِمًا (أي لازلت في مكانك) يَا ابْنَ مَسْعُودٍ ؟ "، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوَلَمْ تَقُلْ لِي: " قُمْ (أي إلزم مكانك) حَتَّى آتِيَكَ؟ ..

-  قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِي: " هَلْ مَعَكَ مِنْ وَضُوءٍ؟ "، قَالَ: فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَفَتَحْتُ الْإِدَاوَةَ (أي جراي صغير من جلد يتم وضع الماء فيه) .. فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ (أي شراب حلو معمول من وضع التمر في الماء وليس بمعنى الخمرة) .. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ لَقَدْ أَخَذْتُ الْإِدَاوَةَ، وَلَا أَحْسَبُهَا إِلَّا مَاءً، فَإِذَا هُوَ نَبِيذٌ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ "، قَالَ: ثُمَّ تَوَضَّأَ مِنْهَا ..

- فَلَمَّا قَامَ يُصَلِّي أَدْرَكَهُ شَخْصَانِ مِنْهُمْ، قَالَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا نُحِبُّ أَنْ تَؤُمَّنَا فِي صَلَاتِنَا، قَالَ: فَصَفَّهُمَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَهُ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قُلْتُ لَهُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " هَؤُلَاءِ جِنُّ نَصِيبِينَ ... إلى آخر الرواية) رواه أحمد وعنه ذكره الشبلي في آكام المرجان .. وقال الإمام الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه "أَبُو زَيْدٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ" وهو مجهول ..، وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لجهالة "أبي زيد مولى عمرو بن حريث المخزومي" وقال محققو المسند في موضع آخر لرواية الحديث: إسناده ضعيف لجهالة أبي زيد مولى عمرو بن حريث، قال البخاري: لا يصح حديثه، وقال الترمذي: مجهول عند أهل الحديث لا يعرف له رواية غير هذا الحديث، وقال ابن عبد البر: اتفقوا على أن أبا زيد مجهول وحديثه منكر .. (انتهى نقل كلام محققو المسند) .. قلت خالد صاحب الرسالة: هذه رواية ضعيفة منكرة لنكارة المتن فيها لجزئية الوضوء بالنبيذ وهذا معارض للقرآن إما ماء أو صعيدا طاهرا .. فضلا عن معارضتها للحديث الصحيح بأن بن مسعود لم يخرج مع النبي ليلة الجن ..!! 

- وفي رواية بلفظ: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ  عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: (صَلَّى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْعِشَاءَ، ثُمَّ انْصَرَفَ، فَأَخَذَ بِيَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، حَتَّى خَرَجَ بِهِ إِلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ، فَأَجْلَسَهُ، ثُمَّ خَطَّ عَلَيْهِ خَطًّا، ثُمَّ قَالَ: لاَ تَبْرَحَنَّ خَطَّكَ، فَإِنَّهُ سَيَنْتَهِي إِلَيْكَ رِجَالٌ، فَلاَ تُكَلِّمْهُمْ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَلِّمُونَكَ، قَالَ: ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَيْثُ أَرَادَ، فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ فِي خَطِّي إِذْ أَتَانِي رِجَالٌ، كَأَنَّهُمُ الزُّطُّ، أَشْعَارُهُمْ وَأَجْسَامُهُمْ، لاَ أَرَى عَوْرَةً، وَلاَ أَرَى قِشْرًا، وَيَنْتَهُونَ إِلَيَّ (أي ويصلون إلي) .. لاَ يُجَاوِزُونَ الْخَطَّ .. ثُمَّ يَصْدُرُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ .. لَكِنْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ جَاءَنِي وَأَنَا جَالِسٌ، فَقَالَ: لَقَدْ أَرَانِي مُنْذُ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ فِي خَطِّي، فَتَوَسَّدَ فَخِذِي فَرَقَدَ (أي فنام) ...) رواه البزار والترمذي .. وقال الترمذي: حديث حسن غريب .. وضعف الحديث الإمام الصنعاني في كتاب (نزهة الألباب في قول الترمذي ج6 ص3423) ..، وحسنه الألباني في تخريج الترمذي .. قلت خالد صاحب الرسالة: وفي تحسين الترمذي والألباني نظر .. لأن في السند (جعفر بن ميمون) وقد ضعفه البخاري أحمد وابن معين والنسائي والعقيلي وغيرهم ..!!

#- من معاني الحديث:

- قوله (قِشراً) أراد بالقشر: الثوب، وذلك أنه قال: لا أرى عورة منكشفة منهم.

- ولعله يوجد تصحيف في اللفظ عند الترمذي .. فبدلا من (قشرا) هي (بشرا) كما في رواية الفاكهي .. وهي الأقرب للصواب .. والمقصد هو أنه رآئهم مثل الخيال أمامه حيث كانوا بدون ملابس ولم يظهر لهم عورة ولا بشرة مثل جلد الإنسان .. والله أعلم .

#- وبسبب هاتين الروايتين وأشباهها:

- فقد يقال أن في الرواية السابقة ما يدل على أن بن مسعود قد شاهد بنفسه شخصين مجسدين في صورة إنسان .. قد أتوا للنبي يطلبون منه ان يصلي بهم صلاة جماعة .. وفي الرواية الأخرى أنه رآهم في شكل رجال الزط (أصحاب البشرة السوداء كالحبشة والسودان) .. وهذا دليل على التجسيد ..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- الرواية الأولى ضعيفة ومنكرة .. وهذا يكفينا في إبطال الإستدلال بهذه الرواية على تجسيد الجن .. علما بأن جزئية تجسيد الجن وطلب الصلاة مع النبي صلاة جماعة .. لم تأتي إلا في روايات ضعيفة منكرة وهي التي جاء فيها إمكانية الوضوء بماء النبيذ أي الماء المنقوع فيه التمر فترة طويلة حتى خرج عن مفهوم أنه ماء..

2- في الرواية الثانية .. إن صح الإحتجاج بها فهي حجة على من قد يحتج بها في الاستدلال .. ليه ؟

أ- لأن الرواية تشير إلى .. أنه رآهم خيالا لا ملامح لهم إلا من حيث الهيئة فقط أي لهم قوام يشبه قوام الإنسان ولكن لا بشرة لهم ولا عورات وكأنه يرى خيالا أسودا فقط متجسد أمامه .. وهذا يرشدك بيقين إلى أنهم لا يتمثلون في هيئة بشرا سويا بكل يقين .. ولفظ الرجال يدل على نوعية جنس من حضر أي كانوا رجالا وليس فيهم نساء .

- وإذا أطلنا المناقشة فنقول: ولو كانوا متجسدين هل كانوا على صورة إنسان أم غير صورة الإنسان .. ولو على صورة إنسان هل إنسان سويا أم غير ذلك ..؟!! وفي ردك على ما سبق آتي بالدليل .

3- ومن ناحية أخرى .. فالرواية الثانية التي قال عنها الترمذي والألباني أنها رواية حسنة .. فهي رواية سيئة وليست حسنة .. فلا تفرح بتصحيح الروايات دون متابعة لها وتحقيق .. ليه ؟

أ- لأن الرواية ضعيفة لوجود أحد الضعفاء فيها وهو (جعفر بن محمد) .. فضلا عن أنها تخالف الروايات التي في الصحيح عن أن بن مسعود لم يخرج مع النبي ليلة الجن .. فالمسالة واضحة تماما ..

- ولا يمكن أن يقال أن القصة متعدد اللقاء .. فمرة ذهب بن مسعود مع النبي ومرة لم يذهب كما زعم البعض .. لأن هذا مستحيل تصوره لأن الرواية التي نفى فيها بن مسعود خروجه مع النبي فهو قد حكاها للتابعين أي بعد وفاة النبي بزمن .. ولو كان هناك تعدد للقصة مع بن مسعود قد حدث لكان أوضح ذلك للتابعي علقمه الذي أخبره وقال له: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم..،. وفي رواية أخرى عن علقمة "تابعي" قال: (قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال ما كان معه منا أحد) رواه أبو داود .. وصححه الألباني.

- فكلام الصحابي عبد الله بن مسعود واضح وصريح .. أنه لم يكن مع النبي ليلة الجن لا وقت خروجه معه ولا وقت قرائته للقرآن عليهم .. بل وتمنى أنه لو كان معه هذه الليلة ..

ب- ولأن الشيخ الألباني قال بنفسه في السلسلة الضعيفة عند تخريج رواية أخرى لابن مسعود قد قال في ختام تحقيقه (ويعارض هذا الحديث تصريحُ ابن مسعود أنه لم يشهد ليلة الجن .. فانظر (رقم 77) من " صحيح سنن المؤلف ". راجع السلسلة الضعيفة ج1 ص32 ..!!

- فنحن هنا بين أحد أمرين في كلام الشيخ الألباني .. إما أن الشيخ الألباني كلامه متناقض مع بعضه .. أو أنه رحمه قد تراجع عن تحسينه لحديث الترمذي كما تراجع عن تصحيحات أخرى لأحاديث أخرى .. وهذا هو الراجح عندي .. والله أعلم .

4- الرواية التي تم الإستدلال بها .. فيها مخالفة للحديث الصحيح الذي جاء فيه أن بن مسعود لم يذهب مع النبي في ليلة لقاء الجن من أساسه .. ولذلك هذا هو القول المعتمد والمشهور عند العلماء ..

#- أما عن ذهاب النبي لملاقاة الجن فهذه ثابته في أحاديث أخرى صحيحة وليس فيها أن بن مسعود رأى الجن ولا رآه الجن ولا حتى خرج مع النبي من أساسه في لية الجن .. وهذه الرواية الصحيحة هي أيضا التي رواها بن مسعود ولكنها أتت عن التابعي علقمة إذ قال: (سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ. قَالَ: فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ. قَالَ: فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ: «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ») صحيح مسلم.

 

#- وخلاصة القول في الروايات السابقة .. أنها غير قابلة للاستدلال بها في مسألة تجسيد الجن في صورة إنسان سويا بأي حال من الأحوال .. لأنها روايات غير صحيح ومعارضة للصحيح .. فضلا عن أنها ليس فيها ما يدل على تجسيد الجن بشرا سويا .. فانتبه .

- وعموما يوجد تحقيق مفصل لكل روايات لقاء النبي مع الجن وسماع الجن عنه القرآن في رسالة (ليلة الجن في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن) .. فارجع إليها ..

 

###################

 

6- الرواية السادسة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

6- قصة الشيطانان الذين أتبعا رجل في سفره .

 

- (حديث صحيح) .. جاء عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خَيْبَرَ، فَاتَّبَعَهُ رَجُلانِ وَآخَرُ يَتْلُوهُمَا، يَقُولُ: ارْجِعَا ارْجِعَا، حَتَّى رَدَّهُمَا، ثُمَّ لَحِقَ الْأَوَّلَ فَقَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ شَيْطَانَانِ، وَإِنِّي لَمْ أَزَلْ بِهِمَا حَتَّى رَدَدْتُهُمَا، فَإِذَا أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ فَأَقْرِئْهُ السَّلامَ، وَأَخْبِرْهُ أَنَّا هَاهُنَا فِي جَمْعِ صَدَقَاتِنَا، وَلَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ لَهُ لَبَعَثْنَا بِهَا إِلَيْهِ. قَالَ: فَلَمَّا قَدِمَ الرَّجُلُ الْمَدِينَةَ، أَخْبَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَلْوَةِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح.

 

- وفي رواية بلفظ: (خَرَجَ رَجُلٌ مِنْ خَيْبَرَ فَتَبِعَهُ رَجُلَانِ وَرَجُلٌ يَتْلُوهُمَا يَقُولُ: ارْجِعَا حَتَّى أَدْرَكَهُمَا فَرَدَّهُمَا .. ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَذَيْنِ شَيْطَانَانِ ....) رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري.

 

- ولعل بعض من استند لهذه الرواية لأنه يتم ذكرها في كتب الحديث تحت أفعال الجن .. وذلك لوجود لفظ (هذين شيطانان) .. فظن أنهما من الشياطين قد تمثلا في صورة رجلين .. وكذلك قوله في جمع الصدقة (لو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه) بأنها صدقة غير مرئية ولذلك لم يبعثوها إليه ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الرواية السابقة:

- أولا: المستدل بهذه الرواية إنما يستدل بها اعتمادا على كلام بعض العلماء وظنهم .. وليس لأن هذه الرواية تقول بهذا المعتقد الذي ظنه البعض أنه يوجد تمثيل للجن في صورة إنسان ..!!

 

- ثانيا: لم يحكي هذه القصة النبي صلى الله عليه وسلم .. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم أن هؤلاء جن متمثل في صورة إنسان ..!!

 

- ثالثا: على افتراض أن وصف الشيطانين هو الجن .. وكانوا على هيئة قوام الإنسان من حيث هيئة الجسم ولكن هل كانوا على شكله الإنسان في ملامح وجهه ..؟!! لا يمكن إثبات ذلك .. لأن أغلب المسافرين يكونوا ملثمين في سفرهم عبر الصحاري .. وهذا قد يكون منهم ملثما ولا بظهر منه إلا العين ومع ظلمة الليل فقد لا يظهر بصورة جيدة أيضا .. !!

 

- رابعا: وعلى افتراض أو وصف الشيطانين هو الجن .. وأن الذي ردهما وأرجعهما هما من الجن .. فالرجل الذي خرج للسفر لم يدري أن وراءه أحد .. بدليل أن الرواية قالت أن الجن الصالح (كما هو الظن) قال للإنسي (ثُمَّ لَحِقَ الْأَوَّلَ) .. فهذا دليل على أن الإنسي لم يدري أن وراءه أحد إلا من خلال إشارة هذا الموصوف بأنه جن صالح إلى شخصين قد رحلا وأدارا ظهرهما ورحلا ولم يتبين من رؤيتهما شيئا .. فالقائل بوجود شيطانين هو الجن وليس الإنسي ..!! ولا ندري أحقا شيطانين أم لا .. ؟!! ولا يتم تصديقه .. وإلا كان قال النبي لمن حكى القصة أن هذا الجني قد صدقك .. ولكن هذا لم يحدث ..!!

 

- ويتبقى هنا سؤالين:

- الأول: هل كان رجل الجن هذا على صورة إنسان أم متشكلا بصورة أخرى كالتي كان يتصور بها الغيلان للصحابة ويتكلمون ؟!! إذ لا دليل على ان هؤلاء الجن الثلاثة (الصالح والشيطانان) كانوا على صورة إنسان ..؟!!

 

- الثاني: ولماذا لم يقل الجني الصالح أنه من الجن ؟!!

 

- خامسا: ولماذا لا يقال أن هذا كان تمثيلا بالتخييل بأن هذين الشيطانان كانا سيؤذونه بما فيه ضررا له في عقله نتيجة تخييلهما لهذا الإنسي ..؟!! وكان أيضا ظهور هذا الجن الصالح تمثيلا تخيليا له وقد أخبره بذلك .. ولعل هذا الشخص ممن له أهلية الرؤيا الروحانية .. فيكون كل ما رآه هو تمثيلا روحانيا في نفسه ..  

 

#- وقد يقول قائل ان كلمة رجل تشير لتجسيد مادي في صورة رجل ؟

- أقول له: وهل قال في الرواية أن هذا الرجل في صورة إنسان ؟!! وهل كلمة رجل في الجن تعني شخص متجسد في صورة إنسان ؟!! كيف يعقل ذلك والله يقول: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) الجن6 ..  فكلمة رجل تقال للجن حتى في حالته الروحانية ولا علاقة لها بكونه متجسدا .. حتى يقول قائل ان لفظ رجل دليل التجسيد ..!!

 

- سادسا: لماذا لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الرجل الذي أتاه .. قد صدقك هذا الجني فيما أخبرك به ؟

- لم يعقب النبي على هذا الخبر بالإشارة لوجود جن أو شياطين جن كما حدث مع كثير من الصحابة .. وهذا في ذاته يثير الريبة في النفس بأن هذا الحديث لا يتكلم عن جن وشياطين وإنما يتكلم عن شياطين من الإنس ورجل صالح من الإنس قام بردهما وارجاعهما عما كانا ينويان فعله .. وهذا هو ما وقر في صدري من الوهلة الأولى لقراءة الحديث ..

 

- سابعا: الذي أؤمن وأقول به .. أن الظن في الرواية أنها تحمل وجود جن متمثل في صورة إنسان .. إنما هو ظن غير صحيح .. حتى لو كان بعض رجال الحديث وضعوه في أبواب أفعال الجن .. فهذا مجرد ظن منهم ولا يقين فيه ..

 

- لأن المقصود من وجهة نظري - والله أعلم - من الرواية بأن الشيطانان هما رجلين من قطاع الطرق الذين يقطعون الطريق على الناس ليسلبوهم أموالهم وأشيائهم وقد يقتلوهم .. فلفظ الشيطنة باعتبار أنهما من الأشقياء المجرمين المشهور عنهما فعل ذلك ..

 

- ولذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الخلوة في السفر أي السفر منفردا .. ولو كان المقصد هو وجود جن شيطاني متشكل لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أظهر ذلك وحذرنا منه لمنتهى الوضوح .. وأخبرنا كما أخبرنا في قصة الفتى الذي قتل ثعبانا في منزلة وأخبرنا النبي أن هذه الحية كانت من عالم الجن .. ولذلك كان في هذه القصة أولى أن يظهر لنا حقيقة هذا الشيطان المتشكل في الليل في شكل إنسان لما فيه من الخطورة ما فيه كما لا يخفى على عاقل .. ولا يمكن أن يتجاهل النبي صلى الله عليه وسلم أمرا خطيرا مثل هذا ويكتفي بالنهي عن السفر منفردا .. فهذا شيء لا يعقل أبدا هذا التجاهل لهذه الجزئية من النبي - وحاشاه صلى الله عليه وسلم .. !!

 

- أما عن قوله (لَوْ كَانَتْ تَصْلُحُ لَهُ لَبَعَثْنَا بِهَا إِلَيْهِ) .. فليس المقصد بالصلاح أنها لا تنفع للإرسال .. إذ لو كانت لا تنفع فلماذا يجمعوها حينئذ ؟!! .. وإنما المقصود أنه لم يتم إرسالها لأنه لم يكتمل نصابها المطلوب بدلالة قوله (أَنَّا هَاهُنَا فِي جَمْعِ صَدَقَاتِنَا) ..!! والله أعلم .

 

#- ثم وجدت في تفسير كلام أهل العلم ما يؤيد كلامي السابق .. كلاما متطابق مع ما ذكرته .. ففي تفسير مسند الإمام أحمد للشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي رحمه الله (المتوفى: 1378 هـ) يقول في تفسير الحديث:

- لحق به أي من شياطين الأنس .. وإطلاق الشيطان على الأنسان شائع ذائع قال تعالى (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ) الأنعام112..  وسبب إطلاقه عليهما أنهما فعلا فعل الشيطان لأنه يعمل دائمًا عللا إيذاء بنى آدم ..، والظاهر أن هذان الرجلان كانا من قطاع الطريق وسفاكي الدماء، وكانا يريدان الفتك بالرجل لأنه وحيد لا يقدر على مقاومتهما .. فعرفهم هذا الرجل واحتال في إرجاعهم عنه .. وكان هذا الرجل من عباد لله الصالحين المخلصين .. (وقوله لو كانت تصلح له) معناه أنه لو كان النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة اليها لبعثنا بها اليه، أو يكون عدم صلاحيتها لكونها لم تكمل فلا تستحق الأرسال إلا بعد التمام والله أعلم. (راجع بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني في شرح مسند الإمام احمد الشيباني ج5 ص63).

 

#- وخلاصة القول على هذه الرواية:

1- لو كان التمثيل للشياطين سهل جدا بهذه الطريقة فلماذا لم تتمثل الشياطين في كل الأوقات ليثيروا الفتنة بين المسلمين أو ليقتلوهم .. ؟!!

 

2- ولماذا لم يصل إلينا خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول بأن الشياطين تتمثل في صورة إنسان ؟!!

- فإذا لم يحدث ذلك .. فلماذا ينسبون معتقد في الشريعة لم يقل به الله ورسوله ؟!!

 

######################

 

7- الرواية السابعة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

7- قصة رؤية النبي لإنسان مسافر وحده فقال عنه شيطان.

- (حديث ضعيف) .. عَن أَبِي هُرَيْرَةَ قال: (أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى إِنْسَانًا فِي سَفَرٍ فَقَالَ شَيْطَانٌ ثُمَّ رَأَى اثْنَيْنِ فَقَالَ شَيْطَانَانِ ثُمَّ ثلاثة فقال أناس) رواه بن عدي في الضعفاء .. قلت خالد صاحب الرسالة: الحديث ضعيف وفيه "يَحْيى بْنُ يَزِيدَ بْنِ عَبد الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ" . وقال بن عدي: وهو ضعيف ووالده يزيد ضعيف .. (راجع الكامل في الضعفاء برقم 2147).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بالرغم من أن الرواية ضعيفة .. ولكن الذي استدل بها فهي حجة عليه وليست له .. لأن النبي حينئذ يكون وصف الإنسان البشري بأنه فعل في سفره ما يحمل الظن فيه بأنه شخص مؤذي وإلا ما كان سافر منفردا بمنتهى الجرأة دون سبب يستدعي ذلك .. والله أعلم .

 

- وعموما الرواية غير صحيحة ولكن أحببت توضيح جزئية معينة .. وهي أن بعض من يستدل بالروايات فهو يبحث فقط عن كلمة شيطان وجن وعفريت ليثبت قوله .. ولا يتحقق من شيء مما ينقله .. وهذا شيء سيسأل عنه أمام الله .. 

 

#- وفي الحديث الصحيح .. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الرَّاكِبُ شَيْطَانٌ، وَالاثْنَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلاثَةُ ركب) أخرجه أبو داود وأحمد والحاكم .. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم .. وقال محققو المسند: حديث حسن .. وحسنه الألباني في الصحيحة.

 

#- وفي الحديث الصحيح السابق قد تسأل فتقول: ما سبب توصيف النبي للمسافر وحده أو اثنين بوصف الشيطان ؟!

#- قلت (خلد صاحب الرسالة):

- قال بعض العلماء .. معناه أن السفر في الأرض منفردا أو زوجا أفعال الشياطين ..  

- وقال بعض العلماء .. أن عصيانه لأمر النبي بالسفر منفردا أو اثنين .. يجعل منه متبعا لشيطان نفسه ..

 

#- ولي ثلاثة آراء في فهم الشيطنة في هذا الحديث - والله أعلم:

1- أن يكون المقصود بأن الراكب شيطان يصاحبه .. أي يصاحبه شيطان يؤثر عليه فيضله ويغويه وكذلك الراكبان .. إذ قد يغوي الشيطان أحدهما على الآخر .. أما الجماعة من الصعب للشيطان أن يؤثر عليهم .. والله أعلم ..

 

2- وقد يكون وصف الشيطنة للمسافر وحده أو اثنين معا .. لأن هذا الفعل من الواحد والاثنين لمفارقة جماعة مسافرة فيه شبهة شيطنة في هذين الشخصين .. لأنه أو لأنهما يكونا أتبعا هوى أنفسهما ولهما من وراء ذلك شيء يبغيان فعله وفيه منكرا .. إذ ما الداعي لسفرهما منفردين عن جماعة السفر إلا لو كان في نيتهما شيء فيه أذى أو مخالفة شرعية .. كالتربص بأحد في الطريق ..!!

 

3- وبفهم آخر للحديث خطر ببالي أيضا: وهو لماذا لا يقال أن المعنى هو توصيف لحال بعض المسافرين أن ينتبهوا إلى أن المسافر وحده أو اثنين لا تأمن الغدر منهما .. بخلاف من هما أكثر من ذلك فيدل في الغالب أنهم جماعة مسافرة .. فيكون الحديث توصيف لأحوال المسافرين باعتبار من يراهم منفردا أو زوجا فيكون الكلام على سبيل الخبر للتحذير ممن قد تجده وحده أو تجدهما وحدهما في حالة السفر إذا لا تأمن منه ولا منهما الغدر .. وليس الحديث يتكلم عن السفر نهيا لنا باعتبار من هو يسافر منفردا أو زوجا .. والله أعلم ..

 

#- ومن ناحية أخرى لفهم المقصد من الحديث:

1- فإن هذا الحديث يشير للسفر الغير آمن عبر الصحاري والطرق الخالية من وجود ناس .. وليس كما هو الحال في المدن الآن .. إذ يوجد غالبا نجده قريبة من كل منطقة في السفر .. ولذلك يصح السفر منفردا والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه (أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ) ..!! فإذا كان الله محيطا لنا بعنايته فما الحاجة للأغيار ؟!!

 

2- وكذلك يجوز السفر منفردا في قضاء حاجة مهمة أو ضرورة ملحة .. فقد كان النبي يرسل رسله منفردين .. وخرج هو وأبو بكر وحدهما في وقت الهجرة .. وغير ذلك ..

 

3- فمسألة التوصيف بالشيطنة حين السفر منفردا يتعلق بضوابط تحكمه .. وليس على إطلاقها .. فهي تتعلق بالأمان في الطريق المسافر فيه .. وتتعلق بالحاجة المهمة والضرورة الملحة التي تستوجب خروج للسفر في ذلك الوقت .. والله أعلم .

 

# - ونقل الشوكاني رحمه الله (المتوفى: 1250هـ) في نيل الاوطار:

- قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: السَّيْرُ لِمَصْلَحَةِ الْحَرْبِ أَخَصُّ مِنْ السَّفَرِ، فَيَجُوزُ السَّفَرُ لِلْمُنْفَرِدِ لِلضَّرُورَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الَّتِي لَا تَنْتَظِمُ إلَّا بِالْإِفْرَادِ، كَإِرْسَالِ الْجَاسُوسِ وَالطَّلِيعَةِ، وَالْكَرَاهَةُ لِمَا عَدَا ذَلِكَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ حَالَةُ الْجَوَازِ مُقَيَّدَةٌ بِالْحَاجَةِ عِنْدَ الْأَمْنِ، وَحَالَةُ الْمَنْعِ مُقَيَّدَةٌ بِالْخَوْفِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ. (ذكره الشوكاني في نيل الأوطار ج7 ص280).

 

#- ومن ناحية أخيرة أشير لجزئية مهمة وهي أن هناك خلط عند تفسير الحديث السابق .. حيث يخلط كثير من العلماء في تفسيرهم بين الحكمة من النهي عن السفر منفردا أو اثنين .. وبين سبب توصيف المسافر لوحده بكونه شيطان ..!! فلا علاقة بين هذا وذاك .. إذ أن هذه مسألة وتلك مسألة أخرى ..!!

 

################

8- الرواية الثامنة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

8- قصة مصارعة الصحابي عمار بن ياسر مع الشيطان عند البئر.

- من القصص المنتشرة على الإنترنت بكثرة لهواة المصارعة الحرة مع الشيطان والجن .. هي قصة مصارعة عمار بن ياسر مع الشيطان .. وكذلك قصة عمر بن الخطاب مع الشيطان .. ولكن هنا سنذكر قصة عمار بن ياسر لأنها مصاحبة لحديث نبوي يتم الإحتجاج به .. وسأوضح لك ما الذي يفعله بعض المعالجين الرقاة من إهانات للإنسان باسم الدين والشريعة من وراء هذه القصة .. وجزاءه عند ربه لما يفعله بالناس ..!!
 
1- (حديث ضعيف) في قصة عمار بن ياسر .. عن الحسن البصري قال: (أنَّ عَمَّارَ بنَ يَاسِرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَاتَلْتُ مَعَ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الجِنَّ وَالإِنْسَ، فَسُئِلَ عَنْ قِتَالِ الجِنِّ؟ فَقَالَ: أَرْسَلَنِيْ رَسُوْلُ اللهُ - صلى الله عليه وسلم - إِلى بِئِرٍ أَسْتَقِيْ مِنْهَا، فَلَقِيْتُ الشَّيْطَانَ فِي صُوْرَتِهِ، فَصَارَعَنِيْ فَصَرَعْتُهُ، ثُمَّ جَعَلْتُ أُدْمِي أَنْفَهُ بفِهْرٍ كَانَ مَعِيْ أَوْ حَجَرٍ، فَقَالَ - صلى الله عليه وسلم - لِأصْحَابِهِ: «إِنَّ عَمَّارَاً لَقِيَ الشَّيْطَانَ عِنْدَ البِئْرِ فَقَاتَلَهُ ».
فَلَمَّا رَجَعْتُ، سَأَلَنِيْ فَأَخْبَرْتُهُ الأَمْرَ، فَكَانَ أَبُوْ هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَقُوْلُ: إِنَّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ رَسُوْلِهِ صلى الله عليه وسلم) رواه البيهقي في دلائل النبوية وبن عساكر وغيرهما .. قلت خالد صاحب الرسالة: قال العلماء أن هذا الحديث ضعيف لوجود انقطاع في اسناده بين الحسن البصري وعمار بن ياسر لأن الحسن لم يسمع من عمار بن ياسر .. فالحديث مرسل صحيح في إسناده ولكن يعيبه أن فيه انقطاع .. ولذلك هو حديث ضعيف ..
 
- وفي رواية بلفظ: عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: (وَاللَّهِ لَقَدْ قَاتَلَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ فَقُلْنَا هَذَا الْإِنْسُ قَدْ قَاتَلَ فَكَيْفَ الْجِنُّ؟ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ .. فَقَالَ لِعَمَّارٍ انْطَلِقْ فَاسْتَقِ لَنَا مِنَ الْمَاءِ (أي فأتنا بماء نشربه) .. فَانْطَلَقَ فَعَرَضَ لَهُ شَيْطَانٌ فِي صُورَةِ عَبْدٍ أَسْوَدَ .. فَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَاءِ قَاعِدًا (أي كان جالسا هذا العبد الأسود عند البئر) .. فَصَرَعَهُ عَمَّارٌ .. فَقَالَ لَهُ (أي العبد الأسود): دَعْنِي (أي اتركني) وَأُخَلِّي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَاءِ .. فَفَعَلَ (أي فتركه عمار) ثُمَّ أَبَى (أي منع عمار مرة أخرى من أخذ الماء) .. فَأَخَذَهُ عَمَّارٌ الثَّانِيَةَ فَصَرَعَهُ، فَقَالَ: دَعْنِي وَأُخَلِّي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَاءِ .. فَفَعَلَ .. ثُمَّ أَبَى فَأخَذَهُ عَمَّارٌ الثَّالِثَةَ فَصَرَعَهُ .. فَقَالَ: دَعْنِي وَأُخَلِّي بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمَاءِ .. فَتَرَكَهُ فَأَبَى فَصَرَعَهُ .. فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ فَتَرَكَهُ فَوَفَّى لَهُ (أي بعد هذه المرة الأخيرة ترك عمار يأخذ الماء من البئر) .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنَ عَمَّارٍ وَبَيْنَ الْمَاءِ فِي صُورَةِ عَبْدٍ أَسْوَدَ وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَظْفَرَ عَمَّارًا بِهِ» .. قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَتَلَقَّيْنَا عَمَّارًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نَقُولُ: ظَفِرَتْ يَدُكَ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَا وكَذَا، فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شَعَرْتُ أَنَّهُ شَيْطَانٌ لَقَتَلْتُهُ وَلَكِنْ كُنْتُ هَمَمْتُ أَنْ أَعَضَّ بِأَنْفِهِ لَوْلَا نَتَنُ رِيحِهِ) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة .. قلت خالد صاحب الرسالة: الرواية ضعيفة وفي السند (إسماعيل بن مسلم المكي) ضعيف الحديث متروك .. وفي السند من رمي بالتشيع (منصور بن أبي الأسود الليثي) و (مخول بن إبراهيم) ولكن هذا لا يعيب السند طالما هو صدوق في نفسه .. ولذلك علة السند هي (إسماعيل بن مسلم) .. والله أعلم .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الرواية السابقة:
1- الروايات ضعيفة ولا تقوم بها حجة .. وليس لها شاهد في الصحيح على صحة هذه القصة التي أظنها مختلقة والله أعلم .
 
2- أما الذي يتوهم ظنا منه أن هذه القصة يشهد لها ما رواه البخاري عن علقمة بن قيس النخعي الكوفي حينما جالس أبو الدرداء في مسجد بالشام فسأله أبو الدرداء: (أَوَ لَيْسَ فِيْكُمْ أَوْ مِنْكُمْ الَّذِيْ أَجَارَهُ اللهُ مِنَ الشَّيْطَانِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟ يَعْنِي: عَمَّارَاً، قُلْتُ: بَلَى) صحيح البخاري.
 
- فانتبه أخي الحبيب حيث أن رواية البخاري .. لا تشير ألفاظها بأن عمار بن ياسر دخل في صراع مع الشيطان كما صورته الروايات الأولى .. لأن رواية البخاري قالت أن عمار بن ياسر أجاره الله أي حفظه الله ببركة دعوة أجراها الله على لسان النبي صلى الله عليه وسلم له ولعلها دعوة بالثبات على الإيمان .. حيث من المعلوم أن عمار بن ياسر كان يعذبه الكفار بعد قتل أبيه وأمه أمام عينه .. وحاولوا أن يردوه للكفر لولا دعاء النبي له بالتثبيت .. والمقصد من الشيطان هنا هو وسوسة الشيطان له وقت نزول بلاء التعذيب به في مكة في بداية الدعوة ..
 
- ولا علاقة لحديث البخاري بقصة مصارعة الشيطان لعمار بن ياسر عند البئر .. لا من قريب ولا من بعيد .. بل أن كثير من شراح البخاري تورعوا عن ذكر هذه القصة .. واكتفوا بأن يتفهموا الحديث بأن عمار قد حفظه الله من الشيطان ببركة النبي وذلك بأحد أمرين إما بأنه كان موفقا في آراءه .. أو حفظه الله من كفار مكة فلم يكفر بالرغم من تعذيبهم .. والله أعلم ..
 
- وأضيف رأي خطر ببالي .. وهو أن الشيطان في رواية البخاري .. قد يقصد به شيطان الإنس والجن .. فلا شيطان الجن أثر عليه بان يجعله يعود للكفر بعد إيمانه .. ولا شيطان الإنس من كفار مكة استطاعوا قتله كما قتلوا أبواه .. والله أعلم .  
 
- ملحوظة: قد سبق مناقشة رواية البخاري بالتفصيل وشرح ألفاظها في السؤال رقم (18) .. فارجع إليها لو أحببت .
 

*************************

 

9- الرواية التاسعة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

9- قصة الشيطان إبليس الذي يطوف بالأسواق ويتكلم بعلم الحديث ..!!

 
#- حديث نبوي .. (حديث ضعيف جدا ويغلب على ظني أنه مكذوب) .. عن أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ، حَدَّثَنَا عِمْرَانُ ابن مُوسَى بْنِ مُجَاشِعٍ، حَدَّثَنَا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن يزيد المقري، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ النَّصْرِيِّ، عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَطُوفَ إِبْلِيسُ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ بِكَذَا وَكَذَا) رواه البيهقي في دلائل النبوة وبن عدي في الكامل ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة): الحديث باطل ولا يصح ومتنه منكر جدا .. وفيه علتان .. علة في السند وعلة في المتن ..
1- أما علة السند: الحديث في سنده (سويد بن سعيد بن سهل) قال البخاري: كان قد عمى فتلقن ما ليس من حديثه ..، وقال النسائي: ليس بثقة ولا مأمون، و أخبرني سليمان بن الأشعث قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سويد بن سعيد حلال الدم ..، وقال صالح بن محمد البغدادي: صدوق إلا أنه كان قد عمى فكان يلقن أحاديث ليس من حديثه ..، وقال عبد الله بن على ابن المديني: سئل أبى عن سويد الأنباري فحرك رأسه وقال: ليس بشيء .. (وراجع المزيد من الأقوال فيه في تهذب الكمال ترجمة رقم 2643).  
 
2- أما عن علة المتن: فلا يمكن أن نصدق أن الشيطان يتجسد ليفعل ذلك .. بل أن هذا الحديث من وضع الكذابين الذين يريدون هدم الحديث منذ زمن بعيد .. لأنه يقال حينئذ أن علم الحديث هو علم الشيطان الذي سيظهر به واضحا آخر الزمان .. وإذا كان الشيطان قادر على فعل ذلك وهذا من علومه .. فهذا معناه أنه فعل ذلك أيضا عند تدوين الحديث النبوي .. وبذلك يتم هدم الركن الثاني من التشريع الإسلامي .. فانتبه.
 
3- وإذا كان ممكن أو يحتمل أن يكون في الرواية من طريق آخر لا أعلمه وفيه شيء من الصحة فهذا معناه .. أن القصد منها هو مثل قوله تعالى: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ) الأنعام121 .. فالشيطان يحرك أحد أتباعه من شياطين الإنس ممن يفسدون في الأرض بوضع الحديث لينشر هذا الكذب على الله الرسول والفقهاء والمفسرين وغيرهم ليهدم في الدين .. وهذا يحدث في زماننا حيث يحاول البعض نشر الاكاذيب على الاحاديث النبوية لتشكيك الناس فيها حتى يهجروها .. وهذا واضح جدا مع الذين ينتشرون تحت وصف "القرآنيون" الذين قد غلب الكذب فيهم أقوالهم مداه .. وقد رددت عليهم في رسالة (الحق والنور في موجز علم تدوين الحديث الشريف وتبرئة البخاري ممن شهد عليه بالزور ومناقشات حول أحاديث الآحاد ومفهوم الظن الراجح).
 
#- حديث آخر:
- رواية تابعي .. (سند مكذوب ومتن منكر جدا) .. عن الْحَسَنُ بْنُ الطَّيِّبِ الْبَلْخِيُّ أَخْبَرنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيد أَخْبَرنا الرَّبِيعُ بْنُ بَدْرٍ عَنْ يَسَارٍ أَبِي الْمِنْهَالِ عَن أَبِي الْعَالِيَةِ قَال: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمْشِي إِبْلِيسُ فِي الطُّرُقِ وَالأَسْوَاقِ فَيَقُولُ: حَدَّثني فُلانٌ عَنْ فُلانٍ عَنْ فُلانٍ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ بكذا وكذا) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء وذكره السيوطي في آكام المرجان في أحكام الجان .. قلت خالد صاحب الرسالة: والحديث مكذوب والمتن مقطوع.. وفيه (الحسن بن الطيب) وهو كذاب (راجع ميزان الإعتدال ترجمة رقم1874) ..، وفي السند أيضا (الربيع بن بدر بن عمرو) هو متروك الحديث (راجع ميزان الإعتدال ترجمة برقم 2730) .. هذا الإضافة إلى أن المتن مقطوع عند أبو العالية ولم يذكر عمن نقل هذه المعلومة الغيبية ..!!
 
#- ومما سبق يتبين لك أخي الحبيب ..
- أن روايات هذا الحديث ليست حجة شرعية حتى يتم الإستدلال بها في شيء .. فانتبه.
 

#################

 

10- الرواية العاشرة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

10- قصة خروج شياطين البحر التي حبسها سليمان عليه السلام ويتصورون في صورة إنسان ويقرأون القرآن على الناس.

 
- سأنقل لك أخي الحبيب هنا أربعة روايات مكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم .. حتى تعلم هذه الروايات خاصة وأنها منتشرة على الإنترنت .. ويقومون بنقلها من كتاب لقط المرجان في أحكام الجان للسيوطي .. وإليك بيان هذه الاحاديث المكذوبة على النبي ..
 
1- الرواية الأولى: عن مُحَمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد الله الوَاسِطِيّ حَدَّثَنَا أبي عَن لَيْث "بن أبي سليم" عَن طَاوس عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَن رَسُول اللَّهِ قَالَ: (يُوشِكُ أَنْ يَظْهَرَ فِيكُمْ شَيَاطِينُ كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ أَوْثَقَهَا فِي الْبَحْرِ يُصَلُّونَ مَعَكُمْ فِي مَسَاجِدكُمْ ويقرأون مَعَكُمُ الْقُرْآنَ وَيُجَادِلُونكُمْ فِي الدِّينِ وَإِنَّهُمْ لَشَيَاطِينُ فِي صُوَرِ الإِنْسَ) رواه الطبراني والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه.. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه الطبراني في "الكبير"، وفيه محمد بن خالد الواسطي؛ نسبه ابن معين إلى الكذب ..
- قلت خالد صاحب الرسالة: الحديث فيه علتان .. الأولى هي (الليث بن أبي سليم) وهو ضعيف الحديث وحاله ظاهر الضعف .. والعلة الثانية: (محمَّد بْن خَالِد بْن عَبْد الله الوَاسِطِيّ) وهو متروك الحديث لكذبه .. قَال أبو حاتم: سألت يحيى بْن مَعِين عنه، فَقَالَ: ذاك رجل سوء كذاب (الجرح والتعديل برقم 1338) .. وسأل أبو زرعة عنه فقال هو رجل سوء ..، وقال بن عدي: أشد ما أنكر عليه يحيى بن مَعِين وأَحْمَد روايته عَن أبيه عن الأعمش، ثم له من الحديث الذي أنكر عليه غير ما ذكرت أحاديث...، وذكره ابنُ حِبَّان فِي كتاب "الثقات" وقال: يخطئ ويخالف. (تهذيب الكمال مختصرا تحت ترجمة برقم5178)  .
 
2- الرواية الثانية: بالإسناد السابق عن النبي بلفظ: (يُوشِكُ أَنْ يَظْهَرَ شَيَاطِينُ، كَانَ سُلَيْمَانُ أَوْثَقَهُمْ فِي الْبَحْرِ، يُصلون مَعَكُمْ فِي مساجدكم، ويقرؤُون مَعَكُمُ الْقُرْآنَ، وَيُجَادِلُونَكُمْ فِي الِّدِينِ، وَإِنَّهُمْ لَشَيَاطِينُ الإِنْسِ) رواه بن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- لاشك أن الرواية السابقة مكذوبة بكل طرقها في رفعها للنبي صلى الله عليه وسلم .. وعلى أحسن تقدير فهي ضعيفة جدا.
 
2- لو لاحظت أن في الرواية الثانية قالت بوضوح أن هؤلاء شياطين من الإنس كما قيل فيها: (وَإِنَّهُمْ لَشَيَاطِينُ الإِنْسِ) .. وهذه الرواية تعتبر حجة على من يستدل بها لأنها توضح أن الشياطين هم من الإنس .. ولكن في كل الأحوال لا أحتج بها لأنها رواية موضوع او مكذوبة ولا تصح وعلى أحسن تقدير فهي ضعيفة جدا ..
 
#- ملحوظة هامة: هذه الرواية التي تم نسبتها للنبي .. في حقيقتها هي رواية موقوفة على كلام الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص وهي رواية صحيحة في صحيح مسلم وأتت بلفظ: (إِنَّ فِي الْبَحْرِ شَيَاطِينَ مَسْجُونَةً، أَوْثَقَهَا سُلَيْمَانُ، يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ، فَتَقْرَأَ عَلَى النَّاسِ قُرْآنًا) صحيح مسلم.

- وسيتم مناقشة هذه الرواية في الفصل الخاص بمرويات الصحابة والتابعين إن شاء الله ..
- علما بأن الرواية الصحيحة من كلام عبد الله بن عمرو لم يذكر فيها لفظ (في صورة إنسان) .. فانتبه .
 
3- الرواية الثالثة: عن ابْن قُتَيْبَة حَدَّثَنَا كثير بْن عُبَيْد حَدَّثَنَا بَقِيَّة عَن الصَّباح بْن مجَالد عَن عَطِيَّة الْعَوْفِيّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعا: (إِذَا كَانَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ خَرَجَتْ شَيَاطِينُ كَانَ حَبَسَهُمْ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ فِي جَزَائِرِ الْبَحْرِ فَيَذْهَبُ مِنْهُمْ تِسْعَةُ أَعْشَارِهِمْ إِلَى الْعِرَاقِ يُجَادِلُونَهُمْ بِالْقُرْآنِ وَعَشْرٌ بِالشَّامِ) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء .. وقال الإمام بن حجر: "صباح بن مجالد" شيخ "لبقية" .. لا يدرى من هو .. والخبر باطل .. المتهم بوضعه صباح هذا .. قال بن عدي: هو عن مشايخ بقية الذي لا يروى عنهم غيره وليس بالمعروف .. وقال العقيلي شامي مجهول ولا يعرف ولا يتابع عليه ولا يعرف إلا به ولا أصل لهذا الحديث .. وأورده بن الجوزي في الموضوعات. (راجع لسان الميزان للذهبي ترجمة رقم727).. قلت خالد صاحب الرسالة: وفي الحديث (بقية بن الوليد) وهو يدلس كما في هذه الرواية ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- يتبين لك أخي الحبيب من تخريج الحديث أنه حديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم .. وبالتالي ليس بحجة في أي شيء .. وإذا كان السند تالف .. فالمتن أيضا منكر جدا لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يخبر عن توقيتات سنوية هجرية لأن التوقيتات ظهرت في عهد عمر بن الخطاب ..
 
4- الرواية الرابعة: قَالَ أبو إسحاق الشيرازي الفيروزآبادي فِي الألقاب: أَنْبَأنَا أَبُو الْحُسَيْن عَبْد الله بْن مُوسَى أَنْبَأنَا حَفْص بْن عُمَر الأردبيلي الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم حَدَّثَنَا سهل بْن دَاوُد حَدَّثَنَا الْحُسَيْن بْن عِيسَى بْن حمدَان حَدَّثَنَا سَلمَة بْن الْفضل بْن الأبرش عَن سُفْيَان الثَّوْريّ عَن لَيْث عَن طَاوس عَن زِيَاد سيمينكوش عَن عَبْد الله بْن عَمْرو أَن النَّبِي قَالَ: (إِن سُلَيْمَان بْن دَاوُد أوثق شياطين فِي الْبَحْر فَإِذا كَانَ سنة خمس وَثَلَاثِينَ خَرجُوا فِي صور النَّاس وأبشارهم فجالسوهم فِي الْمجَالِس والمساجد ونازعوهم الْقُرْآن الحَدِيث) رواه الشيرازي في الألقاب .. قلت خالد صاحب الرسالة: قال السيوطي  اللآلىء المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ج1 ص229 أن هذا الإسناد لا بأس به .. !! قلت خالد صاحب الرسالة: وكلام الإمام السيوطي غريب جدا وفيه نظر لأن الحديث مكذوب على النبي بكل تأكيد .. وإليك بيان الكذب فيه على النبي:
 
#- أولا من حيث السند:
- العلة الأولى: الحديث فيه (سلمة بن الفضل الأبرش) وتم كتابة اسمه خطأ في السند (بن الأبرش) ولكن هو (الفضل الأبرش) ..وفي حديثه نكارة ومختلف عليه بين العلماء .. وقال عنه البخاري عنده مناكير ، وقال أبو حاتم: محله الصدق وفي حديثه إنكار ولا يمكن أن أطلق لساني فيه بأكثر من هذا ويكتب حديثه و لا يحتج به .. ، وأشار أبو زرعة إلى لسانه يريد الكذب .. وضعفه النسائي وقال ليس بالقوي .. وغير ذلك من أقوال العلماء يمكنك مراجعتها في (تهذيب الكمال ترجمة برقم116).
 
- العلة الثانية: (ليث بن أبى سليم بن زنيم القرشى) وهو ضعيف الحديث .. قال ابن حبان : اختلط في آخر عمره فكان يقلب الأسانيد و يرفع المراسيل و يأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم ، تركه القطان و ابن مهدى و ابن معين ، و أحمد..، وقال بن أبى شبيبة : ليث صدوق ، و لكن ليس بحجة .. (راجع المزيد من الأقوال فيه في تهذيب الكمال ترجمه رقم2407)
 
- العلة الثالثة: مجهولية (الْحُسَيْن بْن عِيسَى بْن حمدَان) .. وليس هو (الحسين بن عيسى بن حمران) لأنه ليس في مشايخه ممن روى عنهم (سلمة بن الفضل الأبرش) ..!!
 
- العلة الرابعة: ليس في شيوخ الحافظ حفص بن عمر ممن روى عنهم (سهل بن داود) ..وليس فيمن رووا عن سهل بن داود يوجد (الحافظ حفص بن عمر) !!
 
- العلة الخامسة: فهي (زِيَاد سيمينكوش) فهو مختلف عليه .. فيذكره بن أبي شيبه في مصنفه هكذا (زِيَاد بن سِمِيْنْ كُوشْ الْيَمَانِيَّ) .. ولكن وجه الإختلاف عند العلماء هل هو (زياد بن سليم الأعجم) وهو مقبول الحديث.. أم هو (زياد سيمينكوش) فهذا مجهول لو كان بهذا الإسم ..!! الله أعلم .
- هذا وفي كل ما سبق .. لم يتبين لي ولم أعثر على ترجمة لشيخ الشيرازي الذي هو (أبو الحسين عبد الله بن موسى) ..!!
 
#- ثانيا: بخصوص متن أو نص الرواية ..
1- وكل ما سبق .. لا شيء مقارنة بهذا المتن الفاسد والمكذوب على النبي.. لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحدد سنوات محدده لظهور فتن .. لأن التقويم الهجري بدأ في عهد عمر بن الخطاب ..
 
2- بالإضافة إلى أننا لم يروى لنا أحد أن هناك شياطين خرجت بعد النبي بخمسة وثلاثون عاما .. وتحولت لصور بشرية وجالسوا الناس فِي الْمجَالِس والمساجد ونازعوهم الْقُرْآن الحَدِيث ..!!
- فكيف يمكن تصديق مثل هذه الروايات المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..!!
 
#- وخلاصة ما سبق بيانه .. أن هذا حديث موضوع وباطل ولا يحل روايته أصلا لما فيه من علل في إسناده .. وكذب واضح وصريح في متن الحديث يدركه من له المتأمل فيه .
 

************************
  
11- الرواية الحادية عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

11- قصة الجني عُرفُطة الذي ظهر للنبي والصحابة ..
 

- حديث نبوي .. (مكذوب تالف السند ومنكر المتن) ..حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: ثنا عمارة بن زيد، قال: حدثني أبو البَخْتَرَي وهب بن وهب، قال: حدثني محمد بن إسحاق، عن يحيى ابن عبد الله بن الحارث، عن أبيه، قال: حدثني سلمان الفارسي، قال: (كُنَّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسجده في يوم مطير، ذي سحائب ورياح، ونحن ملتفُّون حوله، فسمعنا صوتاً لا نرى شخصه، وهو يقول: السلامُ عليك يا رسول الله. فَرَّد عليك السلام، وقال: ردَّوا على أخيكم السلام قال: فرددنا عليه. فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلمَّ: من أنت؟ قال: أنا عُرفُطة ..

- أظهر لنا "رحمك الله" في صورتك ..

- قال سلمان: فظهر لنا شيخٌ أَزَبُّ أشعر، قد لبس وجهه شعر غليظ متكاثف قد واراه، وإذا عيناه مشقوقتان طولاً، وله فم في صدره، فيه أنياب بادية طوال، وإذا له في موضع الأظفار من يديه مخالب كمخالب السباع، فلما رأيناه اقشعرَّت جلودنا، ودنونا من النبيِّ صلّى الله عليه وسلَّم.

- فقال الشيخ: يا نبيّ الله. أبعث معي من يدعوا جماعة قومي إلى الإسلام، وأنا أردُّهُ إليك سالما إن شاء الله.

- فقال رسول الله، صلّى الله عليه وسلَّم لأصحابه، أيُّكم يقومُ فيبلِّغُ الجنَّ عنِّي وله عليَّ الجنَّة. فما قام أحد.

- وقال الثانية والثالثة، فما قام أحد.

- فقال عليٌّ كرم الله وجهه: أنا يا رسول الله .. إلى آخر الرواية الطويلة جدا) رواه الخرائطي في هواتف الجنان.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

 

#- أولا: من حيث السند ..

- الحديث موضوع .. يعني حديث مكذوب على النبي .. ليه؟

1- فيه (عبد الله بن محمد البلوي). متهم بالوضع.

2- فيه (عمارة بن زيد) .. متهم بالوضع.

3- فيه (أبو البَخْتَرَي وهب بن وهب) .. متهم بالوضع.

4- فيه (محمد بن إسحاق بن يسار المدني) .. مختلف على ضعفه وتحسين حديثه .. فضلا عن أنه دلس في الرواية ولم يسمع من عبد يحيى بن عبد الله ..!!

5- فيه (يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر) .. ضعيف.

6- فيه (عبد الله بن الحارث) .. مجهول الحال.

7- ويوجد انقطاع في السند بين (عبد الله بن الحارث) وبين (سلمان الفارس) لأن عبد الله لم يقابل ولم يسمع سلمان .. لأن عبد الله بن الحارث هذا هو أهل الطبقة السادسة .. وسلمان الفارسي من الطبقة الأولى .. !!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- لم أذكر الرواية هنا كاملة لأنها طويلة جدا .. ولكن المتن فيه نكارة واضحة لا تخفى على من له أدنى بصيرة .. وقد أظهرت لك ذلك في رسالة (الخرافة والبهتان في استحضار واستنطاق وحرق الجن بالقرآن) وستجد كل تفاصيل هذه الرواية .. وما فيها من أحداث .. والتي لا يمكن أن يقبلها مؤمن أو يصدقها عاقل ..!!

 

#- وخلاصة القول:

- أن هذه الرواية المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم .. لا تصلح للإستدلال بها كحجة شرعية في إثبات شيء ..

 

2- والغريب أن البعض يستدل بهذه الرواية على ظهور الجن في هيئة إنسان .. فأين ذلك في الرواية ؟!! بل كيف يستدل البعض بما لا وجود فيه أصلا لإثباته ؟!!

 

3- أم أن البعض يظن أن أي ظهور الجن بأي هيئة ويكون متكلما فهذا دليل بالنسبة له على أنه يجوز أن يتحول لإنسان أيضا .. ولا مانع من ذلك ..!!

- فلو كان هذا هو ظنهم .. فيقال لهم: وما المانع أن لا تكون أنت شيطان يقوم بالترويج والدعاية ونشر وتعظيم قدرة الشيطان بين الناس .. وأنت متمثلا في صورة إنسان ؟!!

 

######################

12- الرواية الثانية عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

12- قصة برصيصا الراهب مع المرأة في الصومعة.

 
- جاء في حديث نبوي .. (رواية مرسلة ضعيفة - سند مقطوع) .. عن عُبَيْدَ بْنَ رِفَاعَةَ يَبْلُغُ بِهِ (أي يرفعه للنبي): (أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَأَخَذَهَا الشَّيْطَانُ (أي أصابها بمس روحاني) ، فَأَلْقَى فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا أَنَّ دَوَاءَهَا عِنْدَ رَاهِبِ كَذَا وكذا ..
- وَكَانَ الرَّاهِبُ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَلَمْ يَزَالُوا يُكَلِّمُونَهُ حَتَّى قَبِلَهَا ..
- ثُمَّ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ حَتَّى وَقَعَ بِهَا فَأَحْبَلَهَا، ثُمَّ أَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ الْآنَ تَفْتَضِحُ فَاقْتُلْهَا وَادْفِنْهَا .. فَإِنْ أَتَوْكَ فَقُلْ: مَاتَتْ وَدَفَنْتُهَا ..
- قَالَ: فَقَتَلَهَا وَدَفَنَهَا، فَأَتَى أَهْلَهَا فَأَلْقَى فِي قُلُوبِهِمْ أَنَّهُ قَتَلَهَا وَدَفَنَهَا .. فَأَتَوْهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالَ: مَاتَتْ وَدَفَنْتُهَا ..
- فَأَتَاهُ الشَّيْطَانُ فَقَالَ: أَنَا الَّذِي أَخَذْتُهَا، وَأَنَا الَّذِي أَلْقَيْتُ فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا أَنَّ دَوَاءَهَا عِنْدَكَ، وَأَنَا الَّذِي وَسْوَسْتُ إِلَيْكَ حَتَّى قَتَلْتَهَا وَدَفَنْتَهَا .. وَأَنَا الَّذِي أَلْقَيْتُ فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا أَنَّكَ قَتَلْتَهَا وَدَفَنْتَهَا .. فَأَطِعْنِي لِتَنْجُوَ .. اسْجُدْ لِي سَجْدَتَيْنِ .. فَفَعَلَ فَهُوَ الَّذِي قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ} [الحشر: 16]) رواه البيهقي في شعب الإيمان .
 
- وفي رواية بلفظ: عن عُبَيْدَ بْنَ رِفَاعَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كَانَ رَاهِبٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَأَخَذَ الشَّيْطَانُ جَارِيَةً فَخَنَقَهَا (أي أصابها بصرع)، وَأَلْقَى فِي قُلُوبِ أَهْلِهَا أَنَّ دَوَاءَهَا عِنْدَ الرَّاهِبِ. ... إلى آخر الرواية كما رواها البيهقي) رواه بن أبي الدنيا في مكائد الشيطان.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: من حيث السند ..
1- السند فيه تبليغ (عُبَيْدَ بْنَ رِفَاعَةَ - التابعي) عن النبي .. فهو حديث وإن كان صحيح حتى (عبيد بن رفاعة التابعي) إلا أنه مرسل ضعيف لانقطاع السند بين (عبيدة) والنبي صلى الله عليه وسلم .. ولا نعرف الواسطة التي أخذ عنها عبيده هذه الرواية لأن هذه الواسطة مجهولة ..!!
 
- ثانيا: من حيث المتن ..
1- هي قصة فيها عظة وعبرة وفيها حكمة .. ولا تقال عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما يقال: روي في قصص بني إسرائيل أنه حدث كذا وكذا ..
2- القصة ليست حجة شرعية في إثبات تجسيد الشيطان في صورة إنسان .. لضعف الرواية .. بل الشاهد فيها أنها مأخوذة عن الإسرائيليات .. والله أعلم.
 
#- ملحوظة مهمة: يظهر في الرواية أن إتيان الشيطان للراهب في المرة التي طلب منه السجود فيها أنها لم تكن عن وسوسة خفية في النفس كما سبق ووسوس له باغتصاب الفتاة وقتلها .. وإنما هذه المرة عن سماع صوت واضح يلقنه ذلك كتلقين الكهان ويتحدثان معا في حوار مفهوم لكلاهما ..
- ويظهر ذلك في روايات أخرى موقوفة قيلت عن علي بن أبي طالب وبن عباس وبن مسعود وإن كان كل هذه الروايات لا تخلو من علة وضعف وليست سوى قصص مروية عن الإسرائليات .. وليست كلها حجة في إثبات شيء إلا أن فيها موعظة حسنة .. وقد قمت بتحقيق كافة مرويات قصة برصيصا الراهب في رسالة القصص القرآني.
 
#- وبهذا يكون ختام ما جاء في الأحاديث النبوية أو التي يظن البعض منها أنها أحاديث نبوية .. والتي قد يظن البعض منه أن يوجد تجسيد للجن والشيطان في صورة إنسان .. وقد ظهر لك فساد هذا الظن والوهم ..
- علما بأني لا أنكر حدوث تجسد للجن في صورة غير إنسانية سوية .. وإنما أنكر تجسيده في هيئة إنسانا سويا .. وسيأتيك بيان حجتي كاملة في الإنكار عقلا ونقلا في ختام البحث إن شاء الله تعالى .
 
#- وننتقل بعد ذلك لبعض الروايات الأخرى التي قد يظن البعض منها أن الشيطان يتجسد في صورة إنسانا .. ولكن هذه المرة سنناقش مسألة تعرض الشيطان للأنبياء والمرسلين في صورة مجسدة .. وسأحاول جمع كل ما يمكن جمعه في هذه المسألة بإذن الله تعالى من روايات أتت في صورة حديث نبوي أو خبر صحابي وتابعي .. حتى تكون ملما أخي الحبيب بمسألة تعرض الشيطان للأنبياء والمرسلين بصورة كاملة وواضحة ..

**********************

 يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .