ج17: رسالة الملاك والجن والشيطان وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان - ما هي الروايات التي قالها التابعين والصالحين وقد تدل على ظهور الجن والشيطان في صورة إنسان - قصة التابعي مجاهد بن جبر يقتل الشيطان بسكينا .. (ومناقشة مسألة روحانية خطيرة جدا - طعن الصور الروحانية) - قصة الشيطان الذي اعترض الصحابي حنظلة غسيل الملائكة - قصة الجني الأسود الذي أرشد بعض الحجيج إلى الماء ليشربوه - قصة الجني الذي يحضر مجلس علم الحسن البصري التابعي. ويصاحب وهب بن منبه التابعي - قصة العفريت والشيطان الذي يجلس يفتي في المسجد بين الناس - قصة الشيخ الشيطان الذي يروي الحديث - حكاية شعبة بن الحجاج في قوله "لعله شيطان قد يتصور في صورته" - قصة الشيخ عيسى مع آية الكرسي والشيطان الذي جلس خلفه يكرر سند الحديث بالغلط - قصة اجتماع الشيطان مع أتباعه لقتل التابعي عروة بن المغيرة - قصة شيطانه تتجسد في صورة امرأة وتأكل كبد رجل - قصة جني البئر الذي يتحول لشاب يقرأ يقرآن ثم يتحول لثعبان - قصة إبراهيم الخواص مع الشيطان في الصحراء - قصة إبراهيم الخواص مع الجن في الأرض الخضراء.

             بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الملاك والجن والشيطان

وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان

 (الفصل السابع عشر)

#- فهرس:

:: الفصل السابع عشر :: روايات عن التابعين والصالحين قد تشير إلى وجود تمثيل للجن مُتجسدا في صورة إنسان - ومناقشة هذه الروايات ::
1- س63: ما هي الروايات التي قالها التابعين والصالحين وقد تدل على ظهور الجن والشيطان في صورة إنسان ؟
#- قصة التابعي مجاهد بن جبر يقتل الشيطان بسكينا .. (ومناقشة مسألة روحانية مهمة جدا - تجاهل الصور الروحانية - وطعن الصور الروحانية).
#- قصة الشيطان الذي اعترض الصحابي حنظلة غسيل الملائكة.
#- قصة الجني الأسود الذي أرشد بعض الحجيج إلى الماء ليشربوه.
#- قصة الجني الذي يحضر مجلس علم الحسن البصري التابعي. ويصاحب وهب بن منبه التابعي.
#- قصة العفريت والشيطان الذي يجلس يفتي في المسجد بين الناس.
#- قصة الشيخ الشيطان الذي يروي الحديث.
#- حكاية شعبة بن الحجاج في قوله "لعله شيطان قد يتصور في صورته".
#- قصة الشيخ عيسى مع آية الكرسي والشيطان الذي جلس خلفه يكرر سند الحديث بالغلط.
#- قصة اجتماع الشيطان مع أتباعه لقتل التابعي عروة بن المغيرة.
#- قصة شيطانه تتجسد في صورة امرأة وتأكل كبد رجل.
#- قصة جني البئر الذي يتحول لشاب يقرأ يقرآن ثم يتحول لثعبان .
#- قصة إبراهيم الخواص مع الشيطان في الصحراء.
#- قصة إبراهيم الخواص مع الجن في الأرض الخضراء.
#- قصة الدَّباغ مع المرأة الجنِّيَّة ذات الثياب المعصفرة والقناديل المنورة .. وكرامة سورة يس.

#- قصة الشيخ الخِلعي قاضي الإنس والجن مع الجني .. الذي كان يأتيه ويحفظه القرآن وكان يرحل على حصان يطير به.

#- قصة سعيد بن المسيب وحكايته مع الجني في المسجد.

#- قصة حمزة بن حبيب الزيات مع العفريتين في الخرابة.

#- قصة الإمام الحسن بن جعفر مع جن نصيبين.

#- قصة إمام الأزهر مع تحفيظ الجن للقرآن.

#- قصة الإمام الشوكاني في علاقته مع الجن. 

*************************

:: الفصل السابع عشر ::

:: روايات عن التابعين والصالحين قد تشير إلى وجود تمثيل للجن مُتجسدا في صورة إنسان - ومناقشة هذه الأحاديث ::

***************************

 ..:: س63: ما هي الروايات التي قالها التابعين والصالحين وقد تدل على ظهور الجن والشيطان في صورة إنسان ؟ ::..

 

- هناك روايات عبارة عن قصص وحكايات جمعتها قدر استطاعتي مما وجدته في كتب أهل العلم .. وأشار بها البعض إلى مسألة تجسيد الشيطان في صورة إنسان .. وإذ كنا تكلمنا في الفصل السابق عن قصص مع الصحابة .. فهذه المرة روايات عن بعض التابعين وتابعي التابعين والصالحين ..

  

#- الرواية الأولى: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

1- التابعي مجاهد بن جبر يقاتل الشيطان بسكينا ..

(ومناقشة مسألة روحانية مهمة جدا)

(تجاهل الصور الروحانية - وطعن الصور الروحانية)

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وجدت روايتين عن مجاهد بن جبر التابعي .. وأذكرهما لك بتحقيقهما .. والله الموفق .

1- الرواية الأولى:
- (أثر صحابي وتابعي - وهو ضعيف) .. حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْهَيْثَمُ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ قَالَ: حُدِّثْتُ، عَنْ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (أَيُّمَا رَجُلٍ مِنْكُمْ تَخَيَّلَ لَهُ الشَّيْطَانُ حَتَّى يَرَاهُ، فَلَا يَصُدَّنَّ عَنْهُ وَلْيَمْضِ قُدُمًا فَإِنَّهُمْ مِنْكُمْ أَشَدُّ فَرَقًا مِنْكُمْ مِنْهُمْ، فَإِنَّهُ إِنْ صَدَّ عَنْهُ رَكِبَهُ وَإِنْ مَضَى هَرَبَ مِنْهُ) .. قَالَ مُجَاهِدٌ: (أَنَا ابْتُلِيتُ بِهِ حَتَّى رَأَيْتُهُ فَذَكَرْتُ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَمَضَيْتُ قُدُمًا فَهَرَبَ مِنِّي) رواه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة.
 
#- من معاني الرواية:
- قوله (فلا يصدن عنه): أي لا يعرض عنه هروبا منه .. أي لا يخاف منه فيهرب .
- قوله (ركبه): أي أصابه بمس يصل لحد الصرع.
- قوله (مضى): أي تجاهل ما رآه وأكمل طريقه أو أكمل ما كان يفعله قبل أن يرى هذه الصورة الشيطانية ..

#- والرواية فيها ضعيف وسبب ذلك:
1- أن (أبي عَبْد الله الهَيْثَم بن مُحَمَّد بن مامويه) .. هكذا ذكره صاحب كتاب بلوغ الأماني بتراجم شيوخ أبي الشيخ الأصبهاني - في ترجمة مشايخ الوليد بن أبان ..
- ولم أجد  " لأبي عَبْد الله الهَيْثَم " أي ترجمة .. وأحسبه مجهول .. والله أعلم .
 
2- يوجد انقطاع في السند بين (إسماعيل بن عياش) وبين (مخرمة بن نوفل) ..

#- وخلاصة القول في سند الرواية:
1- سند الرواية إلى بن عباس .. معلول بمجهول وانقطاع في السند ..
2- ولكن سند الرواية إلى مجاهد بن جبر .. معلول بمجهولية حال (أبي عبد الله الهيثم) فقط .. والله أعلم .

#- ومن حيث المتن ..
- لا يوجد في الرواية إلا مجرد تخييل من الشيطان قد يحدث للإنسان .. فإن حدث فلا يلتفت إلى ذلك ويتجاهل ما يرى .. ولا يخاف أو يجبن .

#- ملحوظة: الرواية وإن كانت ضعيفة إلا أن الإرشاد فيها صحيح روحانيا فعلا .. لأن العالم الروحاني يخافك أكثر مما أنت تخافه .. والتجاهل لما تراه دائما من أمور روحانية هو سر نجاحك في التفوق دائما على هذا العالم .
 
2- الرواية الثانية :
#- أثر تابعي .. (أثر ضعيف) .. قَالَ أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان الباغندي حَدثنَا أَحْمد ابْن بكار بن أبي مَيْمُونَة حَدثنَا غياث عَن خصيف عَن مُجَاهِد قَالَ: (كَانَ الشَّيْطَان لَا يزَال يتزين لي إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة فِي صُورَة ابْن عَبَّاس .. قَالَ: فَتذكرت قَول ابْن عَبَّاس .. فَجعلت عِنْدِي سكينا فتزين لي فَحملت عَلَيْهِ (أي هاجمته) فطعنته .. فَوَقع وَله وجبة .. فَلم أره بعد ذَلِك) ذكره الشبلي في آكام المرجان .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- ملاحظات في سياق الرواية وعنها ..
أ- يوجد في السند تحريف (غياث) وأصله (عتاب) وهو (عتاب بن بشير الجزرى) ..
 
ب- ولعل يوجد تحريف في بعض ألفاظ الرواية .. في لفظ (وجبة) وأصلها (جلبة) أي صوت .. لأن لفظ (وجبة) لا معنى له في الرواية .. ولو كانت (جُبَّة) بمعنى عباية .. فلا معنى لذلك في الرواية أيضا .. بل وكيف طعن الجسم ولا وجود له وبقيت العباية ؟!!.
 
ج- لم أجد المصدر الذي نقل عنه الإمام الشبلي هذه الرواية عن مجاهد بن جبر ..!!
 
#- ونعود الآن إلى تحقيق الرواية ..

#- أولا: من حيث السند ..

1- في السند (خصيف بن عبد الرحمن الجزري) .. فيه ضعف .. وهو مختلف عليه عند العلماء بين الضعف والقبول .. وإن كان صدوق في نفسه إلا أنه سيء الحفظ وقد اختلط بآخر عمره .. ولعل ما قاله فيه بن حبان هو الصواب إذ قال كما في (تهذيب التهذيب 3 / 144): تركه جماعة من أئمتنا ، و احتج به آخرون ، و كان شيخا صالحا فقيها عابدا إلا أنه كان يخطىء كثيرا فيما يروى ، و ينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه ، و هو صدوق في روايته إلا أن الإنصاف فيه قبول ما وافق الثقات في الروايات و ترك ما لم يتابع عليه ، و هو ممن استخير الله تعالى فيه. (انتهى النقل)

 

2- وفيه (عتاب بن بشير الجزري) .. وإن كان صدوق وحسن الحديث إلا أنه يضعف في روايته عن (خصيف بن عبد الرحمن) .. كما أشار لذلك الإمام أحمد بقوله: روى بآخرة أحاديث منكرة ، و ما أرى أنها إلا من قبل خصيف (راجع تهذيب الكمال ترجمة 3763) .. وقال مصنفو تحرير تهذيب التهذيب: صدوق حسن الحديث، ويضعف في روايته عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري. (انتهى النقل).

 

- إذن الرواية غير صحيحة وفيها ضعف .. فضلا عن أن هذا (إن صح) فهو فعل تابعي وليس حجة شرعية .. فانتبه ..!! 

 

#- ثانيا: من حيث المتن ..

1- المتن لم يظهر فيه ما قاله بن عباس لمجاهد بن جبر ..!! ولعل قوله هو إن تزين الشيطان لأحد في الصلاة فليطعنه بسكينا ..!!

- وهذا كلام لم أجده لابن عباس في أي مصدر متاح عندي .. وإن كان هذا الكلام سليم من الناحية الروحانية فعلا ..

 

2- ما ظهر لمجاهد هو صورة تتزين له وليس بجسد حقيقي .. لأنه لو كان جسد حقيقي لكان هجم عليه مجاهد وصارعه .. ولم يسأل شيخه بن عباس ماذا يفعل ؟!!

 

- بل ولو كان جسدا لكان وجد مجاهد هذا الجسم ممددا أمامه جثة هامدة حينما طعنه .. وإنما الشيطان ظهر له بصورة شيخه بن عباس .. فهكذا قد خُيِّل إلى نظر مجاهد بن جبر .. فهو طعن الصورة التي رأها أمامه أو متزينة أمامه .. ثم سمع صوتا (جلْبِة) ولكنه لم يرى جثة أمامه .. وكل ما سبق على افتراض لو كانت هذه القصة حدثت بالفعل .. أو قد تكون حدثت ودخل فيها تحريف .. وهذا ما أظنه أن القصة فيها تحريف .. ليه ؟

 

#- لأن هذا الأمر (وهو الطعن على الصورة الروحانية) يحدث فعلا روحانيا وله تأثير كبير على العالم الروحاني .. وهو حينما ترى صورة روحانية .. فأنت تشير إليها بسكينا كأنك تطعنه ولا يتكرر هذا المشهد مرة أخرى ..

 

#- أحذر وانتبه بشدة :

- هذا الفعل (أي طعن الصور الروحانية) لا يتم فعله أو السماح به مع الذين لديهم تفعيل روحاني (أي رؤية مستمرة للخيالات الروحانية) .. فالأسلم هو تجاهل هذه الصور وكأنك لا ترى شيئا وتستعذ بالله .. لأن مقاتلة العالم الروحاني لمن لديهم تفعيل روحاني يترتب عليها مشاكل روحانية أخرى من تسليطات قد لا تنتهي .. ولذلك مسألة الطعن تتطلب إذن من شيخ له علم بهذه الأمور ليتحمل هو تبعات إذنه بذلك ..

  

#- خلاصة القول في الرواية الثانية السابق ذكرها:

- هو أن الرواية مرتبطة قصة حكاها تابعي عن نفسه .. والله أعلم بصحتها .. فهل هو قالها فعلا أم مكذوبة عليه أم تم تحريفها .. وليست حجة شرعية في إثبات تجسيد الشياطين في صورة إنسان .. لأنها ليست حديث نبوي ولا قرآن .. وإنما أثر تابعي .. وفيه فائدة روحانية للتعامل مع الصور الروحانية ولكن لمن ليس لديهم تفعيل روحاني ..!!

- والله أعلم .

####################

 

#- الرواية الثانية: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

2- قصة الشيطان الذي اعترض الصحابي حنظلة غسيل الملائكة.

 

- أثر تابعي .. (رواية ضعيفة السند جدا ومنكرة المتن جدا) .. قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَشْرَمِيُّ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَوْطٍ وَكَانَ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنَّهُ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ قَالَ:(يَتَحَدَّثُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ الْغَسِيلِ لَقِيَهُ الشَّيْطَانُ، وَهُوَ خَارِجٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ:

تَعْرِفُنِي يَا بْنَ حَنْظَلَةَ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.

فَقَالَ: مَنْ أَنَا؟ قَالَ: أَنْتَ الشَّيْطَانُ.

قَالَ: فكيف علمت ذاك؟ قال: خرجت وأنا أَذْكُرُ اللَّهَ فَلَمَّا بَدَأْتُ أَنْظُرُ إِلَيْكَ فَشَغَلَنِي النَّظَرُ إِلَيْكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، فَعَلِمْتُ أَنَّكَ الشيطان.

قال: صدقت يا بن حَنْظَلَةَ فَاحْفَظْ عَنِّي شَيْئًا أُعَلِّمُكَهُ قَالَ: لا حَاجَةَ لِي بِه.

قَالَ: تَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ خيرا قبلت، وإن كان شرا رددت، يا بن حَنْظَلَةَ لا تَسْأَلْ أَحَدًا غَيْرَ اللَّهِ سُؤَالَ رَغْبَةٍ، وَانْظُرْ كَيْفَ تَكُونُ إِذَا غَضِبْتَ) رواه بن أبي الدنيا في مكائد الشيطان وعنه الشبلي في آكام المرجان .

 

- ملحوظة: في كتاب آكام المرجان جاء السند مكتوب (محمد بن حفص) وهو خطأ .. لأن الصح هو (محمد بن حوط) ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- ملحوظة: المعلومة الوحيدة الصحيحة في الرواية السابقة .. هي أن الصحابي حنظلة بن أبي عامر قد غسلته الملائكة بعد أن استشهد يوم أُحد ..

 

- إنما باقي القصة فهي باطلة .. ليه ؟

 

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (محمد بن حوط) وهو مجهول جهالة تامة .. ولم أجده في مشايخ (قدامة بن مُحَمَّد بن قدامة بن خشرم) .. ولم أجد فيمن روى عن (صفوان بن سليم) أي شخص اسمه (محمد بن حفص) ..!!

- ولو كان السند بلفظ (محمد بن حفص الحجازي) فهو أيضا مجهول الحال .. وليس في مشايخ قدامه وليس فيمن روى عن صفوان بن سليم ..!!

 

2- سياق لفظ السند يدل من كتابته على أن (محمد بن حوط أو حفص) لم يسمع من صفوان بن سليم .. وإنما بلغه عنه هذا الكلام .. فتكون الرواية فيها انقطاع ..!!

 

3- مجهولية من أهل المدينة الذين يتكلمون في نقل هذه القصة .. وهم الذين نقل عنهم صفان بن سليم .!!

 

4- الرواية مرسلة لأن صفوان بن سليم لم يقابل حنظلة بن أبي عامر .. !!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- المتن فيه نكارة شديدة .. ليه ؟

1- إذ انه ليس كل ما يشغل الإنسان يكون شيطان ..!! ورؤية الأشياء التي تمنعنا عن الذكر ليست شيطان ..!!

 

2- كيف نعقل أن الشيطان تعب نفسه وتجسد وظهر للصحابي الجليل حنظلة .. ليقول له: أتعرفني يا بن حنظلة ؟!!

 

3- كيف نفهم أن الشيطان الذي أتاه ليشغله عن ذكر هو الذي ينصحه بصدق التوجه إلى الله ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- هذه قصة تالفة .. وليست حجة في إثبات شيء .. وبالتالي ليس حجة في إثبات تجسد الشيطان في صورة إنسان ..!!

 

2- وكيف تؤخذ قصه من مجاهيل لا يعرف حالهم ..!! بالإضافة إلى المجاهيل الذين أصلا رووا هذه الرواية ..!!

 

######################

 #- الرواية الثالثة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

3- قصة الجني الأسود الذي أرشد بعض الحجيج إلى الماء ليشربوه .

 

- أثر تابعي .. (رواية مكذوبة) .. وَقَالَ أَبُو بكر بن مُحَمَّد حَدثنِي أبي حَدثنَا عبد الْعَزِيز الْقرشِي أَنا اسرائيل "بن يونس" عَن "إسماعيل بن عبد الرحمن" السّديّ عَن مولى عبد الرَّحْمَن بن بشر قَالَ: (خَرَجَ قَوْمٌ حُجَّاجًا فِي إِمْرَةِ عُثْمَانَ فَأَصَابَهُمْ عَطَشٌ فَانْتَهَوْا إِلَى مَاءٍ مَالِحٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ تَقَدَّمْتُمْ فَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يُهْلِكَنَا هَذَا الْمَاءُ .. فَإِنَّ أَمَامَكُمُ الْمَاءَ فَسَارُوا حَتَّى أَمْسَوْا فَلَمْ يُصِيبُوا الْمَاءَ .. فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى الْمَاءِ الْمَالِحِ .. فَأَدْلَجُوا (أي ساروا ليلا) حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى شُجَيْرَاتِ سَمُرٍ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ شَدِيدُ السَّوَادِ جَسِيمٌ ..

- فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرَّكْبِ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُحِبَّ لِلْمُسْلِمِينَ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ وَيَكْرَهْ لِلْمُسْلِمِينَ مَا يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ" .. فَسِيرُوا حَتَّى تَنْتَهُوا إِلَى أَكَمَةٍ (أي مكان مرتفع) فَخُذُوا عَنْ يَسَارِهَا فَإِذَا الْمَاءُ ثَمَّ (أي هناك) .. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَاللَّهِ إِنَّا لَنَرَى أَنَّهُ شَيْطَانٌ .. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَمَا كَانَ الشَّيْطَانُ لَيَتَكَلَّمَ بِمِثْلِ مَا تِكَلَّمَ بِهِ .. فَسَارُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي وَصَفْ لَهُمْ فَوَجَدُوا الْمَاءَ ثَمَّ (أي هناك كما وصف)) رواه بن أبي الدنيا في الهواتف .. وعنه ذكره الشبلي في آكام المرجان.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (عبد العزيز بن أبان بن محمد القرشي) .. وهو متروك الحديث يروى الأباطيل وكذبه بن معين.

2- فيه (محمد بن عبيد القرشي) والد بن أبي الدنيا .. مجهول الحال .. وقد ذكره الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد برقم 1194 .. ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .. إلا أنه قال أن ابنه يروي عنه أحاديث مستقيمة.

3- فيه (مولى عبد الرحمن بن بشر) .. مجهول الحال .

4- فيه (جماعة الحُّجَاج) الذين لا نعرفهم ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- لا نشك في أن المتن مكذوب .. لأن في السند راوي كذاب يروي الأباطيل بخلاف جهالة أحوال بعض الرواة ..

 

#- خلاصة القول فيما سبق:

- هو أن الرواية موقوفة على قصة حكاها تابعي عن ناس لا نعرفهم .. وهي رواية مكذوبة .. وليست حجة شرعية في إثبات تجسيد الشياطين في صورة إنسان .. فهي مجرد قصة عن ناس لم يقابلوا أصلا عمن رووها عنهم  ..!!

- والله أعلم .

 

######################

#- الرواية الرابعة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

4- قصة الجني الذي يحضر مجلس علم الحسن البصري التابعي .. ويصاحب وهب بن منبه التابعي.

 

#- أثر تابعي .. (سند تالف جدا) .. قَالَ أَبُو بكر الْقرشِي حَدثنِي عِيسَى بن عبيد الله التَّمِيمِي حَدثنَا أَبُو ادريس حَدثنِي أبي عَن وهب بن مُنَبّه قَالَ : (كَانَ يلتقي هُوَ وَالْحسن الْبَصْرِيّ فِي الْمَوْسِم كل عَام فِي مَسْجِد الْخيف إِذا هدأت الرجل ونامت الْعين ومعهما جلاس لَهما يتحدثون فَبينا هما ذَات لَيْلَة يتحدثان مَعَ جلسائهما إِذْ أقبل طَائِر لَهُ حفيف (أي سمع صوت جناحي طائر بجواره ولم يراه) .. حَتَّى وَقع إِلَى جَانب وهب (أي جلس بجواره) فِي الْحلقَة (أي في مجلس العلم) فَسلم (أي على وهب بن منبه) فَرد وهب عَلَيْهِ السَّلَام .. وَعلم أَنه من الْجِنّ .. ثمَّ أقبل عَلَيْهِ يحدثه .

- فَقَالَ وهب: من الرجل ؟ قَالَ رجل من الْجِنّ من مسلميهم .

- قَالَ وهب فَمَا حَاجَتك ؟ قَالَ أَو يُنكر علينا أَن نجالسكم ونحمل عَنْكُم الْعلم إِن لكم فِينَا رُوَاة كَثِيرَة وَأَنا لنحضركم فِي اشياء كَثِيرَة من صَلَاة وَجِهَاد وعيادة مَرِيض وَشَهَادَة جَنَازَة وَحج وَعمرَة وَغير ذَلِك ونحمل عَنْكُم الْعلم ونسمع مِنْكُم الْقُرْآن.

- قَالَ لَهُ وهب فَأَي رُوَاة الْجِنّ عنْدكُمْ أفضل قَالَ رُوَاة هَذَا الشَّيْخ واشار إِلَى الْحسن ..

- فَلَمَّا رأى الْحسن وهبا وَقد شغل عَنهُ قَالَ يَا أَبَا عبد الله من تحدث ؟ قَالَ بعض جلسائنا ..

- فَلَمَّا قاما من مجلسهما سَأَلَ الْحسن وهبا .. فَأخْبرهُ وهب خبر الجني وَكَيف فضل رُوَاة الْحسن على غَيره .. قَالَ الْحسن يَا وهب أَقْسَمت عَلَيْك أَن لَا تذكر هَذَا الحَدِيث لأحد فَإِنِّي لَا آمن أَن ينزله النَّاس على غير مَا جَاءَ .. قَالَ وهب فَكنت ألْقى ذَلِك الجني فِي المواسم فِي كل عَام فيسألني فَأخْبرهُ .. وَلَقَد لَقيته عَاما فِي الطّواف فَلَمَّا قضينا طوافنا قعدت أَنا وَهُوَ فِي نَاحيَة الْمَسْجِد ..

- فَقلت لَهُ ناولني يدك .. فَمد يَده إِلَيّ فَإِذا هِيَ مثل برثن الهر .. وَإِذا عَلَيْهَا وبر ثمَّ مددت يَدي حَتَّى بلغت مَنْكِبه .. فَإِذا مرجع جنَاح .. قَالَ فأغمز يَده غمزة ..

- ثمَّ تحدثنا سَاعَة .. ثمَّ قَالَ لي يَا أَبَا عبد الله ناولني يدك كَمَا ناولتك يَدي .. قَالَ فأقسم بِاللَّه لقد غمز يَدي غمزة حِين ناولتها إِيَّاه حَتَّى كَاد يصيحني (أي يجعلني أصرخ) وَضحك .. قَالَ وهب: وَكنت ألْقى ذَلِك الجني فِي كل عَام فِي المواسم ثمَّ فقدته .. فَظَنَنْت أَنه مَاتَ أَو قتل قَالَ وَسَأَلَ وهب الجني أَي جهادكم كَمَا أفضل قَالَ جِهَاد بَعْضنَا بَعْضًا) ذكره الشبلي في آكام المرجان.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (إدريس بن سنان اليمانى) .. ضعيف الحديث.

2- فيه (عبد المنعم بن إدريس اليماني) .. متروك الحديث يكذب .. قال أحمد بن حنبل: أنه يكذب على وهب بن منبه .. وقال البخاري: هو ذاهب الحديث .. وقال بن حبان: كان يضع الحديث على أبيه .. وكذبه بن معين.

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- والرواية لا دليل فيها على تجسيد الجن في صورة إنسان .. بل تشير إلى حضور جن في صورة طائر وكان غير مرئي بدليل أن الحسن البصري لم يراه وسأل وهب من الذي تكلمه ؟!! ثم أتى مرة أخرى ليقابل وهب بن منبه في صورة غريبة يداه مثل القطة وأعلى ذراعة مخرج لجناح .. !!

- فما علاقة هذه الرواية أصلا بتجسيد الجن في صورة إنسان ؟!!

- لا حول ولا قوة إلا بالله ..

 

#- خلاصة القول فيما سبق:

- هو أن الرواية موقوفة على قصة حكاها شخص كذاب وهو عبد المنعم بن أخت وهب بن منبه .. وهي رواية مكذوبة .. وليست حجة شرعية في إثبات تجسيد الشياطين في صورة إنسان ..

 

###################

 #- الرواية الخامسة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

5- قصة العفريت والشيطان الذي يجلس يفتي في المسجد بين الناس ..

 

- أثر عن مجهول .. (سند فاسد ومتن منكر) .. قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن بن شكر حَدثنَا مُحَمَّد بن عِيسَى الجندي حَدثنَا صَامت بن معاد عَن عبد الرَّحْمَن بن يحيى عَن أَبِيه يحيى بن ثَابت قَالَ: (كنت مَعَ حَفْص الطَّائِفِي بمنى .. فَإِذا شيخ أَبيض الرَّأْس واللحية يُفْتى النَّاس .. فَقَالَ لي حَفْص يَا أَبَا أيوب أَتَرَى هَذَا الشَّيْخ الَّذِي يُفْتى النَّاس .. هُوَ عفريت .. قَالَ فَدَنَا مِنْهُ حَفْص وَأَنا مَعَه فَلَمَّا نظرت إِلَى حَفْص وضع يَده على نَعْلَيْه ثمَّ اشْتَدَّ وَتَبعهُ الْقَوْم وَجعل يَقُول يَا أَيهَا النَّاس إِنَّه عفريت) ذكره الشبلي في آكام المرجان.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (أبو عبد الرحمن بن شكر) .. مجهول .. وليس هو (عبد الرحمن بن أحمد بن عمر بن أبي بكر بن شكر) .

2- فيه (محمد بن عيسى الجندي) .. مجهول ..!!

3- فيه (صامت بن معاذ الجندي) .. صدوق له أوهام .. وليس في مشايخه شخص اسمه (عبد الرحمن بن يحيى) ..!!

4- فيه (عبد الرحمن بن يحيى) .. مجهول ..

5- فيه (يحيى بن ثابت) .. مجهول ..

6- فيه (حفص الطائفي) .. مجهول .. ذكره البخاري في التاريخ الكبير برقم (2768) .. ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديل ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

1- (حفص الطائفي) هذا واضح أنه متخصص رؤية العفاريت والشياطين والجن .. حتى أن البخاري ذكره في التاريخ الكبير فقال: رَوى عَنْهُ الثَّوريّ، قَالَ: رأَيتُ شيطانا يَقُصُّ أو نحوه. في الترجمة رقم (2768) ..!!

- ويقصد بقوله (يقص) أي يجلس بين الناس يحكي قصصا أو يفتي .

 

- ومن الواضح أنه شخص قد يكون ممسوس من الشيطان ويزين له اتهام الناس بالباطل ..!! إذ كيف يعلم أنه شيطان أو عفريت يجلس بين الناس ؟!!

 

- والذي يثبت لك أن حفص الطائفي هذا به مس من الجن أو الشيطان .. هو تتبع السعي وراء هذا المفتي واتهامه له بأنه عفريت .. ولم يرد عليه هذا المفتي ولا أحد من الناس لعلمهم بأنه يوجد شيئا ما في عقله ..!!

- وكل ما سبق .. هذا على افتراض صحة الرواية .. فما بالك والرواية غير صحيحة السند ..!!

 

- بل وهناك روايات وجدتها تشير لهذه القصة السابقة .. وهي التي أشار إليها البخاري على هذا الشخص (حفص الطائفي) .. تؤكد ما قلته سابقا .. فإليك بعض هذه الروايات التي لم تصرح باسم هذا الشخص ولكنها تشير إليه من خلال الرواية السابقة التي تكلمنا عنها .. واقرأ الآتي:

 

أ- عن ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: (حَدَّثَنَا مَنْ رَأَى قَاصًّا يَقُصُّ فِي "مَسْجِدِ الْخَيْفِ" أَوْ نَحْوِهِ .. قَالَ: فَطَلَبْتُهُ (أي فذهب لمجالسته) فَإِذَا هُوَ شَيْطَانُ) رواه البيهقي في دلائل النبوة.

- قوله (فطلبته): أي أن هذا الذي رأى شخصا يحكي بين الناس قد ذهب إليه ليجلس معه فاكتشف أنه شيطان ..!!

 

ب- عن سُفْيَانَ الثَّوْريّ يقول: (أَخْبَرَنِي رَجُلٌ كَانَ يَرَى الْجِنَّ .. أَنَّهُ رَأَى الشَّيْطَانَ فِي "مَسْجِدِ مِنًى" (أي في مكة) .. يُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسُ يَكْتُبُونَ) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء.

- قوله (كان يرى الجن): فهذا دليل واضح وصريح أنه شخص يعتمد في حكمه على الناس بقدر ما يكشفه له الجن ..!!

- فهل هذا شخص يتم تصديقه .. وهل الحكم على الناس يتم أخذه بالكشف الروحاني ..!!

- ثم منذ متى والشيطان يعلم الناس سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟!!

 

ج- عن ابْنُ الْمُبَارَكِ: (أَخْبَرَنِي مَنْ رَأَى شَيْطَانًا يفتي في مسجد منى) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء.

- قوله (أخبرني من رأى): أعتقد يوجد لفظ سقط في الرواية وهو (أخبرني من يرى .. أنه رأى .....)

 

#- والروايات الثلاثة السابقة صحيحة السند حتى سفيان الثوري وبن المبارك .. ولكن مجهولية من أخبرهم تفسد السند لأن إظهاره يدل على فساد القصة وهذا الذي أخبرهم به هو ما قد تكون أشارت إليه الرواية الأولى وهو (حفص الطائفي) الذي ظهر في أول رواية تكلمنا عنها وقد أشار البخاري لذلك في الكلام عنه ..

 

#- ولكن الغريب في الإمامين سفيان الثوري وبن المبارك .. هو أنهما حكيا القصة عن شخص به مس من الجن وليس شيخا لهما .. فهل قيلت هذه القصة على سبيل الإستغراب أم على سبيل الموافقة ؟!!

 

- فلو كانت على سبيل الموافقة .. فهذا كلام غير مقبول .. ليه ؟

 

- لأن اتهام إنسان بالظن فيه أنه شيطان .. هذه خطيئة .. فلا يوصف الإنسان إلا بوصف يناسب أخلاقه وأفعاله .. فقد يوصف بكونه شيطان لفساد أعماله وظهوره بذلك الفساد جهرا بين الناس ..

- ولا نحكم على الناس لأن شخصا من به مسا من الجن والشيطان .. قد حكم بذلك على الناس فهو كذلك فعلا ونصدقه ..!!

 

- ولذلك أعتقد - والله أعلم- أن سفيان وبن المبارك قد ذكرا القصة استغرابا منهما وليس موافقة له .. حتى أنهما لم يظهرا اسم هذا الرجل كشيخ لهم تلقوا عنه .. ولذلك ذكروا القصة على أنها مجرد حكاية مستغربة وليست تلقين عن شيخ أمين يثقون فيه .

 

#- خلاصة القول:

1- القصة في ذاتها ليست حجة في إثبات أن الشيطان يتجسد في صورة الإنسان .. لأنها قصة منقولة ومروية عن شخص غالبا لديه مشكلة في عقله أو به مس من الشيطان ..!!

 

2- فيا أيها العاقل .. هل تقبل أن تؤمن بمعتقد غيبي تأخذه من شخص مجهول يغلب عليه فساد العقل ومس الشيطان والجن .. بل ويحكم على الناس بما يراه بسوء الظن فيهم .. ويكون هذا هو دليلك ومرجعيتك في الإستدلال بأن الشيطان يتجسد ؟!!

- فهذا حينئذ ليس منك باستدلال بل هو شاهد على عقلك بالهبل والخبال .. والغباء الذي ليس بعده غباء .. !!

- ثم عليك أن تقبل بعد ذلك أن يصفك الناس بأنهم يرونك شيطان متجسد في صورة إنسان .. فلا حرج عليهم حينئذ .. طالما هذا هو معتقدك الباطل الذي تعيش به .. فاقبل ما يترتب عليه ..

 

####################

 #- الرواية السادسة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

6- قصة الشيخ الشيطان الذي يروي الحديث ..!!

 

- أثر تابعي .. (ضعيف) .. عن مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، أَخْبَرنا الأَغْضَفُ عَمْرو بْنُ الْوَلِيدِ، قالَ: قُلتُ لِعَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ: (مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَدَّ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ حَدِيثَهُ فِي الْقَدَرِ؟ فَقَالَ: حَدَّثني بِهِ رَجُلٌ لا أَعْرِفُهُ قَال: فَأَنَا أَعْرِفُهُ قَال: مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ: الشَّيْطَانُ) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (الأَغْضَفُ عَمْرو بْنُ الْوَلِيدِ) .. وهو لين الحديث. (راجع ميزان الاعتدال ترجمة برقم 6469 ولسان الميزان ترجمة برقم 5848) .

 

2- فيه (عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ) .. وهو ضعيف الحديث. (راجع ميزان الإعتدال ترجمه برقم 4141 ..، وتاريخ الإسلام ترجمه برقم 121-4).

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- ويقصد (عمرو بن الوليد الأغطف) بكلمة شيطان .. أي أن الذي أخبرك بهذا الحديث الكذب شخص كان الشيطان يتحدث على لسانه .. وليس أنه شيطان أتى يكلمه متجسدا في صورة إنسان ..!!

- فلو كان الأمر كذلك كما توهم من استدل بذلك .. فلماذا لم ينشر هذا الشيطان كل علم فاسد بين الناس وليس بين أفراد .. وتكون غنيمته في الإضلال أكبر ..!!

 

#- وخلاصة القول:

1- هذه القصة تالفة السند بمعنى أن رواتها ليسوا أهل ثقة للأخذ عنهم ما قاموا بحكايته .. ولا دليل فيها عن تجسيد الإنسان في صورة إنسان ..

 

2- قبل أن تستدل بقصة فرجاء حاول ان تستعمل عقلك وتفكر فيما تستدل به .. لأنه يوجد لديك عقل للتمييز وستسأل عنه أمام الله ..!! 

 

#################

 

#- الرواية السابعة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

7- حكاية شعبة بن الحجاج في قوله "لعله شيطان قد يتصور في صورته" ..

 

#- أثر تابعي .. (سند صحيح - ومتن منكر) .. حَدَّثَنَا مُحَمد بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُكْرَمٍ، حَدَّثَنا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمد "الدوري"، قَالَ: سَمِعْتُ قُرَّادًا " وهو عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح" يَقُولُ: سَمعتُ شُعْبَة يَقُولُ: (إِذَا حَدَّثَ الْمُحَدِّثُ وَلَمْ تَرَ وَجْهَهُ فَلا تُصَدِّقْهُ، لَعَلَّهُ شَيْطَانٌ قَدْ يَتَصَوَّرُ فِي صُورَتِهِ يَقُولُ: حَدَّثَنا وَأَخْبَرَنَا) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء... وما بين علامات التنصيص هو زيادة من خالد صاحب الرسالة للتوضيح .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

- هو أثر صحيح حتى شعبة بن الحجاج .. وهو مجرد رأي يراه في شروط قبول الحديث من الراوي .

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

1- يقصد بقوله هنا (يتصور في صورته) .. فلفظ التصور هنا يشير به إلى التمثيل الصوتي .. أي يتمثل في هيئة صوته فيقول كذا وكذا .. ولعل كلمة (صورته) تم كتابتها بالغلط والأصل هو (صوته) فتم تحريف اللفظ وهذا هو الأصوب .. والله أعلم .

 

#- ولا يمكن أن يكون مقصده بالتصور هو التصور الشكلي .. لأنه لا ينكر على الذي يروي الأحاديث ويظهر بشكله أمام العيون ليتعرفوا عليه .. بل ينكر على الذي يحدثك وهو يخفي وجهه .. فكيف حينئذ يكون مقصده بالشيخ المرئي أنه شيطان إذا كان شرطه هو رؤية الشيخ ؟!! أي كيف تجمع بين قوله (وَلَمْ تَرَ وَجْهَهُ فَلا تُصَدِّقْهُ) وبين قوله (لَعَلَّهُ شَيْطَانٌ قَدْ يَتَصَوَّرُ فِي صُورَتِهِ) ؟!!

 

2- من أين أتى الإمام شعبة بأن الشيطان يتمثل بالصوت المادي المسموع في أذن الحاضرين ويتواصل معهم ويكلمهم بصورة طبيعية وكأنه إنسان مثلهم ؟!!

- إذ لو كان له القدرة على ذلك .. فما فائدة الوسوسة حينئذ طالما يستطيع الإغواء بطريق مباشر وأيسر بل ودون أن يكشفه أحد ..؟!!

 

2- وعموما رأي الإمام الشعبي هذا .. هو رأي لا يمكن قبوله .. وإلا كان الاعمى ليس من حقه تلقي العلم .. بل ولقلنا أن كل صوت هو صوت شيطان .. وأن الشيطان يستطيع أن يكلمنا وقتما شاء في أي مكان باي طريقة .. وهذا كلام لا يمكن أن يقبله عقل ..!!

 

#- ملحوظة: كلام الإمام تؤثرالشعبي يتعلق بقبول رواية الحديث جمعا بين الرؤية والسماع ..

- ولكن هذه الروايات أذكرها لمن يحلو له الإحتجاج بأقوال العلماء خاصة في جزئية إمكانية تجسيد الشيطان في صورة إنسان .. ولذلك أذكر هذه الروايات وأقوم بالرد على من استدل بها .

- ولا أدري كيف يحتج شخص بما لا حجة فيه .. إلا لمجرد انه رأى لفظ (شيطان) مكتوب في الرواية .. دون تحقيق وبصيرة فيما يكتبه وينقله ..!!

- سامحهم الله ..

 

###################

 

#- الرواية الثامنة : التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

8- قصة الشيخ عيسى مع آية الكرسي والشيطان الذي جلس خلفه يكرر سند الحديث بالغلط ..

 

#- أثر تابع التابعين .. (أثر ضعيف) .. وأَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ السَّرَّاجُ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ أَبِي فَاطِمَةَ الْفَزَارِيُّ يَقُولُ: (كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ شَيْخٍ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ أَكْتُبُ عَنْهُ ..

- فَقَالَ الشَّيْخُ: "حدثنا" الشَّيْبَانِيُّ .

- فَقَالَ رَجُلٌ: حَدَّثَنِي الشَّيْبَانِيُّ .

- فَقَالَ "الشَّيْخُ": عَنِ الشَّعْبِيِّ .

- فَقَالَ "الرجل": حَدَّثَنِي الشَّعْبِيُّ .

- فَقَالَ "الشَّيْخُ": عَنِ الْحَارِثِ .

- فَقَالَ "الرجل": قَدْ وَاللهِ رَأَيْتُ الْحَارِثَ .

- "فَقَالَ الشَّيْخُ": وَسَمِعْتُ مِنْهُ قَالَ عَنْ عَلِيٍّ .

- "فَقَالَ الرجل": قَدْ وَاللهِ رَأَيْتُ عَلِيًّا وَشَهِدْتُ مَعَهُ صِفِّينَ .

- (يقول الراوي أبو فاطمة): فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ قَرَأْتُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ فَلَمَّا قُلْتُ "وَلَا يؤوده حِفْظُهُمَا" .. الْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا) رواه البيهقي في دلائل النبوة.. وعنه ذكره الشبلي في آكام المرجان في أحكام الجان .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من حيث السند ..

- فيه (محمد بن يوسف السراج - الجرجاني) وهو مجهول الحال .. !!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- الراوي (عيسى بن صبيح - بن أبي فاطمه) .. يخبرنا أنه جلس في مجلس علم يسمع من شيخ .. ولما بدأ الشيخ في قرآءة إسناد حديث يرويه لطلابه .. فسمع (صوت رجل) يكرر الإسناد بصوت قريب منه يسمعه جيدا .. وهذا الصوت يكرر ألفاظ الشيخ ولكنه يزيد فيها وكأنه يلخبط راوي الحديث (عيسى) ويريده أن يزيد على الألفاظ التي ينطقها شيخه .. وهنا الراوي (عيسى) قد شعر بأن هذا شيطان يجلس خلفه يريد أن يفسد عليه علمه .. فقرأ آية الكرسي .. ثم (التفت) وهذا يدل على أنه لم يكن يبصره بل يظن جالسا خلفه .. فلم يجد صوت الرجل بعد أن قرأ آية الكرسي .. والتفت فلم يجد أحد ..

 

- فأين تجسيد الشيطان وظهوره بصورة إنسان في هذه القصة ؟!!

- فين ؟!!

 

- ألهذه الدرجة المستدل بهذه الرواية لم يدرك أن هذا وسواس بصوت رجل أتى ليفسد على هذا الطالب علمه الذي يتلقاه عن شيخه ؟!!

 

- يارب ارحمنا برحمتك من هذه العقول ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- لا يوجد في القصة ما يشير إلى تجسيد الشيطان في صورة إنسان .. وإنما يوجد شاهد من الرواية لمن يستدل بها على أنه لا يفهم ما يستدل به ..!!

 

2- فضلا عن أن الرواية تالفة السند وضعيفة .. والله أعلم هل حدثت هذه القصة أم لا ..!!

 

######################

 

#- الرواية التاسعة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

9- قصة اجتماع الشيطان مع أتباعه لقتل التابعي عروة بن المغيرة.

 

- أثر عن مجهول .. (سند تالف ومتن منكر) .. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَرَفَةُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي الْأَشْيَمِ الْعَبْدِيِّ وَلَقِيتُهُ بِالْمَوْصِلِ قَالَ: (خَرَجَ رَجُلٌ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ إِلَى ظَهْرِ الْكُوفَةِ فَإِذَا هُوَ بِشَيْءٍ كَهَيْئَةِ الْعَرْشِ وَإِذَا حَوْلَهُ جَمْعٌ قَدْ أَحْدَقُوا بِهِ قَالَ: فَكَأنَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ .. إِذْ جَاءَ شَيْءٌ حَتَّى جَلَسَ عَلَى ذَلِكَ الْعَرْشِ ..

- ثُمَّ قَالَ (الرجل الذي جلس على العرش) وَالرَّجُلُ (الذي يراقب) يَسْمَعُ: كَيْفَ لِي بِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ؟

- فَقَامَ شَخْصٌ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْعِ فَقَالَ: أَنَا لَكُ بِهِ فَقَالَ: عَلَيَّ بِهِ السَّاعَةَ .. قَالَ: فَتَوَجَّهَ نَحْوَ الْمَدِينَةِ فَمَكَثَ مَلِيًّا ثُمَّ جَاءَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ: لَيْسَ لِي بِعُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ سَبِيلٌ فَقَالَ الَّذِي عَلَى الْعَرْشِ: وَلِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ يَقُولُ كَلَامًا حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي فَلَيْسَ لِي إِلَيْهِ سَبِيلٌ ..

- قَالَ: فَتَفَرَّقَ ذَلِكَ الْجَمْعُ وَانْصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى مَنْزِلِهِ ..

- فَلَمَّا أَصْبَحَ (الرجل الذي كان يراقب) غَدَا إِلَى الْكُنَاسَةِ .. فَاشْتَرَى جَمَلًا .. ثُمَّ مَضَى حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ وَلَقِيَ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ ..

- فَسَأَلَهُ عَنِ الْكَلَامِ الَّذِي يَقُولُهُ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي وَقَصَّ عَلَيْهِ الرَّجُلُ الْقِصَّةَ قَالَ: فَإِنِّي أَقُولُ حِينَ أُصْبِحُ وَحِينَ أُمْسِي: "آمَنْتُ بِاللَّهِ وَكَفَرْتُ بِالْجِبِتِ وَالطَّاغُوتِ وَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ الْوثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" .. ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) رواه بن أبي الدنيا في الهواتف.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- ملحوظة: يوجد تحريف في كتابة الإسناد في كتاب لقط المرجان وكتاب آكام المرجان .. حيث تم كتابته هكذا (الْحسن بن عُرْوَة حَدثنِي ابي عُرْوَة بن زيد) والصواب هو كما موجود في كتاب الهواتف: (الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي عَرَفَةُ بْنُ يَزِيدَ) .. فلزم التنويه.

 

- ويوجد تحريف في لفظ (الكُناسة) وحقيقته هو (الكِناس) .. والكناسة هي موضع إلقاء الزبالة .. ولكن الكِناس هو مأوى يجلس فيه الحيوانات .!!

 

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (عرفة بن يزيد العبدى) والد الحسن .. وهو مجهول الحال .. وذكره الذهبي وقال: مَا روى عَنهُ سوى وَلَده الْحسن فَذكر خَبرا مُنْكرا (المغني في الضعفاء ترجمة 4090).

2- فيه (أبو الأشيم العبدي) .. وهو مجهول الحال ..

3- فيه (الرجل الذي راقب هذه القصة) .. مجهول ولا نعرفه ..!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

1- هل ضاق العالم الروحاني بالشياطين .. حتى ظهروا في عالم الإنس مجتمعين ليناقشوا كيفية التخلص من التابعي عروة بن المغيرة ..؟!!

- أهذا كلام يعقله بشر ..!!

 

2- من ناحية أخرى .. لا مانع من قول الدعاء الذي جاء في القصة .. فليس فيه مخالفة شرعية ..

 

#- خلاصة القول:

- القصة ليست حجة في إثبات أن الشيطان يتجسد في صورة الإنسان .. فالقصة كلها رواية مجهول عن مجهول عن مجهول ..!! ويكفي أنها قصة لم تحدث عمن يرونها وإنما عن مجاهيل لم يقابلوهم يوما في حياتهم ..!!

 

###################

#- الرواية العاشرة: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

10- قصة شيطانه تتجسد في صورة امرأة وتأكل كبد رجل ..

 

- (قصة يرويها أحد تابعي التابعين - سند ضعيف ومتن منكر) .... عن الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْجَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: (قَدِمَ رَجُلانِ مِنْ أَشْجَعَ إِلَى عَرُوسٍ لَهُمَا، حَتَّى إِذَا كَانَا مِنْ نَاحِيَةِ كَذَا بِمَوْضِعٍ ذكره .. إذا امرأة قَالَتْ: مَا تُرِيدَانِ؟ قَالا: عَرُوسًا لَنَا نُجَهِّزُهَا، قَالَتْ: إِنَّ لِي بِأَمْرِهَا كُلِّهِ عِلْمًا .. فَإِذَا فَرَغْتُمَا فَمُرَّا عَلَيَّ.

- فَلَمَّا فَرَغَا مَرَّا عَلَيْهَا.

قالت: فإني متبعتكما فحملاها على أحد بعيرهما، وَجَعَلا يَتَعَاقَبَانِ الآخَرَ حَتَّى أَتَوْا كَثِيبًا مِنَ الرَّمْلِ.

فَقَالَتْ: إِنَّ لِي حَاجَةً فَأَنَاخَا بِهَا فَانْتَظَرَاهَا سَاعَةً فَأَبْطَأَتْ فَذَهَبَ أَحَدُهُمَا فِي أَثَرِهَا فَأَبْطَأَ.

قَالَ: فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا أَنَا بِهَا عَلَى بَطْنِهِ تَأْكُلُ كَبِدَهُ.

فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ رَجَعْتُ فَرَكِبْتُ وَأَخَذْتُ طَرِيقًا وَأَسْرَعْتُ فَاعَتَرَضَتْ لِي.

فَقَالَتْ: لَقَدْ أَسْرَعْتَ.

قُلْتُ: رَأَيْتُكَ أَبْطَأْتِ فَارْكَبِي فرأتني أزفر.

فقالت: مالك؟ قُلْتُ: إِنَّ بَيْنَ أَيْدِينَا سُلْطَانًا ظَالِمًا جَائِرًا.

قَالَتْ: أَفَلا أُخْبِرُكَ بِدُعَاءٍ إِنْ دَعَوْتَ بِهِ عَلَيْهِ أَهْلَكْتَهُ وَأَخَذَ لَكَ حَقَّكَ مِنْهُ؟ قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَتْ: قُلِ اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَمَا أَظَلَّتْ، وَرَبَّ الأَرْضِينَ وَمَا أَقَلَّتْ، وَرَبَّ الرِّيَاحِ وَمَا أَذْرَتْ، وَرَبَّ الشَّيَاطِينِ وَمَا أَضَلَّتْ، أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ، تَأْخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنَ الظَّالِمِ حَقَّهُ، فَخُذْ لِي حَقِّي مِنْ فُلانٍ فَإِنَّهُ ظَلَمَنِي.

قُلْتُ: فَرَدِّدِيهَا عَلَيَّ فَجَعَلَتْ تُرَدِّدُهَا عَلَيَّ حَتَّى إِذَا أَحْصَاهَا دَعَا بِهَا عَلَيْهَا.

قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهَا ظَلَمَتْنِي، وَأَكَلَتْ أَخِي.

قَالَ: فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنَ السماء في سوأتها فَشَقَّتْهَا اثْنَتَيْنِ، فَوَقَعَتْ شِقَّةٌ هَهُنَا وَشِقَّةٌ هَهُنَا.

قَالَ: وَهِيَ السَّعلي تَأْكُلُ النَّاسَ .. وَأَمَّا الْغُولُ فمن الجن تبطل (أي تسحر) وتلعب بالناس .. وتضرط لا تزيد على ذلك) رواه بن أبي الدنيا في مكائد الشيطان .. ورواه أبو الشيخ في العظمة وكلاهما عن عبد الرحمن بن زيد .. وعنهما ذكره الشبلي في آكام المرجان.

 

#- وجاء في ختام رواية أبو الشيخ الأصبهاني: (هِيَ السَّعَلَا مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ يَأَكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ) ..

 

- أولا: من حيث السند ..

1- فيه (عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ) .. ضعيف الحديث .

2- فيه (جهالة الرجلين أصحاب القصة) ..!!

3- فيه (جهالة الذي حكى هذه القصة لعبد الرحمن بن زيد) ؟!!

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

1- منذ متى والشيطان يعلم المظلوم دعاء لينتصر به من الظالم ؟!! ثم كيف تعلمه دعاء مثل ذلك وهي تعلم أنه ممكن أن يستخدمه ضدها وقد أكلت كبد أخيه أو صاحبه ؟!!

2- ثم كيف يعقل أن تتركه "الجنية السعلاة" يدعو عليها وهي صامته لا تفعل شيئا .. في حين هي تردد الدعاء وهو كان يردد ورائها ؟!!

3- أما عن مسألة الجنية السعلاة .. فهي عند العرب جنية ساحرة الجن ومن جنس الغيلان تظهر في صورة حسناء تضلل المسافرين في الصحراء وتقتلهم وتاكلهم .. وقد نفى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الخرافة وقال: (لا غول) صحيح مسلم.

#- خلاصة القول:

- القصة ليست حجة في إثبات أن الشيطان يتجسد في صورة الإنسان .. ويكفي أنها قصة لم تحدث لمن يرويها .. وإنما عن مجاهيل لم يقابلوهم يوما في حياتهم .. فضلا عن أن السعالى جاء وصفهم في الأخبار والقصص أن رجليها كرجلي الحمار فما علاقة ذلك بتجسيدها في صورة  إنسانا سويا ..!! 

 

#####################

#- الرواية الحادية عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

11- قصة جني البئر الذي يتحول لشاب يقرأ يقرآن ثم يتحول لثعبان.

 

- أثر عن بعض الصالحين (من القرن السابع الهجري) .. (سند تالف ومتن منكر جدا وغير معقول) .. حكى ابْن عقيل فِي الْفُنُون قَالَ: (كَانَ عِنْدَنَا بِالظَّفَرِيَة دارٌ، كلَمَّا سكنهَا ناسٌ أَصْبَحُوا مَوْتَى .. فَجَاءَ مرَّة رجلٌ مُقْرِئ، فَاكترَاهَا (أي قام بتأجيرها) .. وَارتضَى بِهَا، فَبَاتَ بِهَا وَأَصْبَح سَالِماً، فَعجبَ الجيرَانُ .. وَأَقَامَ مُدَّةً، ثُمَّ انْتقل .. فَسُئِلَ فَقَالَ: لَمَّا بِتُّ بِهَا، صَلَّيْتُ العشَاء، وَقَرَأْتُ شَيْئاً، وَإِذَا شَابّ قَدْ صَعِدَ مِنَ البِئْر، فَسَلَّمَ عليَّ .. فَبُهِتُّ (أي فخفت) .. فَقَالَ: لاَ بَأْسَ عَلَيْك .. عَلِّمنِي شَيْئاً مِنَ القُرْآن .. فَشرعتُ أُعَلِّمُه .

- ثُمَّ قُلْتُ: هَذِهِ الدَّار، كَيْفَ حَدِيْثُهَا؟

- قَالَ: نَحْنُ جِنٌّ مُسْلِمُوْنَ، نَقرَأُ وَنُصلِي، وَهَذِهِ الدَّار مَا يَكترِيهَا إلَّا الفُسَّاقُ، فَيَجْتَمِعُوْنَ عَلَى الخَمْر، فَنخنقهُم.

- قُلْتُ: فَفِي اللَّيْلِ أَخَافُك (أي أخاف ظهورك بالليل لي) .. فَجِئ نَهَاراً .. قَالَ: نَعَمْ.

- فَكَانَ يَصْعَدُ مِنَ البِئْر فِي النَّهَار، وَأَلِفْتُه، فَبَيْنَمَا هُوَ يَقرَأُ .. إِذَا بِمعزم فِي الدَّرب يَقُوْلُ: المُرقِي مِنَ الدَّبِيْب (أي الزواحف)، وَمِنَ العَينِ، وَمِنَ الجِنِّ ..

- فَقَالَ (الجني): أيشٍ هَذَا؟

- قُلْتُ: مُعَزِّم ..

- قَالَ: اطلبْه، فَقُمْتُ وَأَدَخَلتُهُ .. فَإِذَا بِالجنِّي قَدْ صَارَ ثُعبَاناً فِي السَّقف ..

- فَعزَّمَ الرَّجُل، فَمَا زَالَ الثُّعبَانُ يَتدلَى حَتَّى سقط فِي وَسط المَنْدَل (دائرة يرسمها على الأرض) ، فَقَامَ لِيَأْخذه وَيَضعَه فِي الزِّنْبِيل (أي جراب أو شوال)، فَمنعتُهُ، فَقَالَ: أَتَمنَعُنِي مِنْ صيدي ؟ فَأَعْطيتُهُ دِيْنَاراً وَرَاح ..

- فَانْتفض الثُّعبَان، وَخَرَجَ الجِنِّي، وَقَدْ ضَعُفَ وَاصْفَرَّ وَذَاب، فَقُلْتُ: مَا لَكَ؟

- قَالَ: قتلنِي هَذَا بِهَذِهِ الأَسَامِي .. وَمَا أَظننِي أُفْلِحُ، فاجعل بالك الليلة .. متى سمعت من البِئْر صُرَاخاً فَانْهَزِمْ (أي فارحل).. قَالَ: فَسَمِعْتُ تِلْكَ اللَّيْلَةَ النّعِيَّ، فَانْهَزَمتُ (أي فرحلت). قَالَ ابْنُ عَقِيْلٍ: وَامْتَنَعَ أَحَدٌ أن يسكن تلك الدار بعدها) ذكره الشبلي في آكام المرجان.. والذهبي في سير أعلام النبلاء ..

 

- أولا: من حيث السند ..

1- لا يوجد سند .. لأن هذه القصة يقال أن الإمام بن عقيل الحنبلي يحكيها بنفسه .. ولا نعلم تفاصيلها الحقيقية لأن كتاب الفنون مفقود وقد اختصرها الإمام الذهبي .. وكتاب الفنون قيل عنه أنه (800) مجلد والبعض قال (400) مجلد .. ويقال أنه أكبر موسوعة تم كتابتها في تاريخ الإسلام .. ولكنها مفقودة حاليا .. والمطبوع منها والموجود حاليا حسب علمي هما جزئين فقط ..!!

 

2- الشخص المروي عنه هذه القصة وهو مستأجر السكن .. مجهول ولا نعرفه .. بل ولم يقابله بن عقيل ليسمع منه بنفسه .. وإنما هذه القصة قيلت له ..

 

- ثانيا: من حيث المتن ..

- هذه القصة لعل الإمام الشبلي أخذها من كتاب الفنون المفقود لابن عقيل .. وقد ذكرها الإمام الذهبي في ترجمة بن عقيل في كتابه (سير أعلام النبلاء ترجمة برقم 4682) وقد أخذها نقلا عن أبو المظفر سبط بن الجوزي .. وقد وجدت في تحقيق كتاب "سير اعلام النبلاء" أن الإمام الذهبي اختصرها من كتاب مرآة الزمان .. وبحثت عنها ولكني لم أجدها في النسخة المتوفرة عندي ..!!  

 

#- عموما .. إليك نقدي لهذه القصة المتاحة لدينا والتي لا أشك في كونها قصة مختلقة ومزورة بكل تأكيد .. وغير معقولة لأي عاقل .. ليه ؟!!

1- كيف لهذا الجن المسلم أن يقتل الناس دون وجه حق حتى ولو كانوا عصاة ثم يزعم أنه متبع للقرآن ؟!!

 

2- لو كان الجن عنده المقدرة على التمثيل في هيئات مختلفة متكلمة .. فهذا إنما يكون بالليل لأنه أجمع لقواهم وأسرع لحركتهم .. وإلا ما كانوا قابلوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلا .. وما كانوا ظهروا للصحابة ليلا حينما جاؤوا للسرقة منهم .!!

 

3- وطالما هو كجن يتأثر بالعزائم .. فكيف يطلب من أساسه أن يأتي هذا المعزم للبيت ليعزم عليه ؟!!

- أهذا كلام يصدقه عاقل ؟!!

 

4- ولماذا تحول من الهيئة الإنسية من كونه شاب للهيئة الثعبانية حينما أتى المعزم ؟!! ثم يتحول لهيئة الشاب مرة أخرى بعد ذهاب المعزم ..!!

 

5- وهذا الجني لو كان مسلم ويصلي ويقرأ قرآن .. كيف تؤثر فيه الأسماء (التي لا نعرف ما هي) طالما هو جن غير معتدي ؟!!

 

6- ولماذا يرحل الرجل مستأجر الدار طالما ساكني البئر مسلمون وساكن الدار قاريء للقرآن ؟!!

- ما هذه السخافة التي في هذه القصة ؟!!

 

#- خلاصة القول:

1- القصة ليست حجة في إثبات أن الشيطان يتجسد في صورة الإنسان .. لأنها قصة ما فيها يثبت بطلانها وأنها مزورة ومختلقة كالقصص التي ترويها العجائز ..!!

 

2- فضلا عن أن من تمت رواية القصة عنه وهو مستأجر السكن فهو شخص مجهول تماما .. ولم يقابله بن عقيل ليسمع منه بنفسه .. وإنما قيلت له ..!!

- ولا أدرى كيف تقبل العقول بمثل هذا الحكايات .. وكيف يرتضونها في أنفسهم ..!!

- ولا حول ولا قوة إلا بالله .

 

######################

 #- الرواية الثانية عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

12- قصة إبراهيم الخواص مع الشيطان في الصحراء.

 

#- أثر عن تابعي التابعين .. (قصة منقطعة السند) .. حكى السلمي عن إبراهيم الخواص قال: (كنتُ بالبادية (خيمة بالصحراء) فنمتُ على حجر، وإذا بشيطان قد رَفَسَني (أي ضربني) برجله وهي مثل الحربة (أي مثل الرمح) ، فقال: أَنْتَ وليّ الله ..فمن أَنْتَ؟ قلت: إبراهيم الخوَّاص، قال: صدقت، ما ضرَّتْك رجلي وقد يَبِست (أي أوجعتني حينما رفستك).. ثمَّ قال: معي حلال وحرام؛ أمَّا الحلال فرُمَّان الجبل المباح، وأمَّا الحرام فمَرَرْتُ على صيَّادَين يصيدان السمك، فتخاونا (أي وضعوه على الخوان وهو مثل مائدة طعام) .. فأخذتُ التي تخاونا فيها، فكُلْ أَنْتَ الحلال ودع الحرام لي) ذكره بن عقيل في مرآة الزمان .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- القصة لا يمكن تصديقها .. لأن أبو عبد الرحمن السلمي ميلاده (سنة 325 هجرية) .. ووفاة إبراهيم الخواص (سنة 291 هجرية) .. فكيف روى هذه القصة السلمي عن الخواص وبينهما أكثر من ربع قرن ؟!!

 

2- والمقصد هو انقطاع سند هذه الرواية التي لا نعرف عمن أخذها السلمي ورواها لنا عن إبراهيم الخواص ..!! وهذا طبعا على افتراض أن الذي رواها هو السلمي كما ذكر ذلك بن عقيل .. !! وإن كنت أشك في ذلك لأنني لم أجد هذه القصة في كتاب طبقات السلمي عند حكايته عن إبراهيم الخواص ..!!!

 

3- ولا يخفى أن الشيطان الذي ظهر في القصة لم يكن على شكل إنسان بدليل أن رجله مثل الحربة ..!!

 

######################

 

#- الرواية الثالثة عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

13- قصة إبراهيم الخواص مع الجن في الأرض الخضراء.

 

#- أثر عن تابعي التابعين .. (منقطعة السند ومكذوبة) .. حكى ابن خَميس في "المناقب" عن إبراهيم، قال: (حججتُ مرَّة مع أصحابي، فعارَضَني عارضٌ من سرِّي: خذ في غير الجادَّة (أي انتقل لناحية أخرى من الطريق) .. ففعلتُ، ومشيتُ ثلاثة أيام بلياليها في بَرّيَّة خضراء، فيها من كل الرَّياحين والثّمار، وفي وسطها بُحيرةٌ ماؤها أطيبُ ماء وأعذبُه، فوقفتُ مفكِّرًا في حُسنها، وإذا بنَفَرٍ (أي جماعة) قد حفُّوا بي .. وعليهم المُرَقَّعاتُ الحِسان (أي الملابس الجميلة) ، فسلَّموا عليَّ، وسيماهم سيما الآدميين، ووقع لي أنَّهم من الجنّ .. فقلت: مَن أنتم؟ فقالوا: نحن من الجنّ الذين سمعوا من محمَّد - صلى الله عليه وسلم - القرآنَ ليلة الجنّ، فسَلَبَتْنَا نَغمةُ كلام الله جميعَ أمور الدُّنيا .. وقد قيَّض الله لنا هذه البريَّة؛ نسيح بها، ونشرب من ماء هذه البحيرة، ونأكل من هذه الثمار.

قلت: فكم بيني وبين المكان الذي فارقتُ فيه أصحابي؟ فتبسَّم بعضُهم، وقال: يَا أَبا إسحاق، لله أسرار وعجائبُ، إنَّ هذا المكان الذي أَنْتَ فيه لم يَحضره آدميٌّ قبلك إلَّا شابٌّ من أصحابكم السيَّاحين، وصل إلى ها هنا فتوفِّي، وذاك قبرُه على شاطئ البحيرة وحوله رياحين) ذكره بن عقيل في مرآة الزمان عن بن خميس .. وأعتقد عنه أخذها اليافعي في حكايات الصالحين .. وعن اليافعي كتبها السيوطي في لقط المرجان في أحكام الجان .

 

 #- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- القصة لا يمكن تصديقها .. لأن  الحسين بن نصر بن خميس ميلاده في سنة 422 هجرية .. ووفاة إبراهيم الخواص (سنة 291 هجرية) .. فكيف روى هذه القصة بن خميس عن الخواص وبينهما أكثر من قرن ؟!!

 

2- والمقصد هو انقطاع سند هذه الرواية التي لا نعرف عمن أخذها بن خميس ورواها لنا عن إبراهيم الخواص ..!!

 

3- ولا يخفى أن الرواية أصلا منكرة وباطلة ومكذوبة .. لأن الجن الذين سمعوا رسول الله لم يعتزلوا الحياة .. وإنما ذهبوا إلى قومهم منذرين يدعون إلى الله .. كما أخبرنا القرآن ..!!

 

4- ولا يخفى أنها ليست دليل على إثبات تجسيد الجن بصور آدمية لأن الرواية كلها باطلة ..!!

 

5- ولا أدري كيف يحكي شخص عن شخص آخر قصة كاملة التفاصيل وبينهما أكثر من مائة عام .. فكيف عرف هذه التفاصيل وصاحب القصة أصلا ليس له كتاب قد كتبه في حياته وحكى فيه ذلك ..!!

- والأغرب أن يتناقلها العلماء في كتبهم دون أن ينقدوها ..!!

 

#- ملاحظة هامة جدا:

- تبقى أن أقول لك أن سيدي إبراهيم الخواص هو من خير القرون الثلاثة الأولى وهو من كبار أولياء الله الصالحين الذين أخلصوا لله وشهد له العلماء .. وكان مما غلب عليه حال الزهد والتصوف في زمنه (تصوف صحيح وليس تصوف موالد) .. ولكن بعض ما يقال عنه وعن غيره من القصص فأكثرها كذب وباطل .. وإنما ورد عنهم أقوال فيها حكمة قد تناقلها العلماء فيها من الجمال ما فيها ..

  

- وهكذا يظل الناس يظنون الخرافات حول أولياء الله وهم برآء منها .. ولكن للبعض رغبة في الترويج لهذه القصص لسبب ما في نفوسهم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..

 

- ونصيحة لله يا مؤمن .. إذا قرأت في كتب الأولياء ووجدت قصص تخالف العقل أو الشرع .. فتأكد يقينا أنها قصص مكذوبة عليهم .. دون أدنى شك في ذلك .. فكن بصيرا .

    *****************

 #- الرواية الرابعة عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

14- قصة الدَّباغ مع المرأة الجنِّيَّة ذات الثياب المعصفرة والقناديل المنورة .. وكرامة سورة يس.

 
- (جاء في قصة باطلة مجهول أبطالها) .. حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْمُقْرِئُ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّبَّاغُ، عَنْ أَبِيهِ: (أَنَّهُ سَلَكَ طَرِيقًا فِيهِ غُولٌ وَقَدْ كَانَ نُهِيَ أَنْ يَسْلُكَ ذَلِكَ الطَّرِيقَ قَالَ: " فَسَلَكْتُهَا فَإِذَا امْرَأَةٌ عَلَيْهَا ثِيَابٌ مُعَصْفَرَةٌ عَلَى سَرِيرٍ وَقَنَادِيلَ وَهِيَ تَدْعُونِي، فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَخَذْتُ فِي قِرَاءَةِ يس فَطُفِئَتْ قَنَادِيلُهَا وَهِيَ تَقُولُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ، مَا صَنَعْتَ بِي؟ فَسَلِمْتُ مِنْهَا، قَالَ الْمُقْرِئُ: «فَلَا يُصِيبُكُمْ شَيْءٌ مِنْ خَوْفٍ أَوْ مُطَالَبَةٍ مِنْ سُلْطَانٍ أَوْ عَدُوٍّ إِلَّا قَرَأْتُمْ يس فَإِنَّهُ يُدْفَعُ عَنْكُمْ بِهَا) رواه أبو الشيخ في العظمة .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- والرواية السابقة مكذوبة بكل تأكيد .. ليه ؟
- في السند (أَبُو سَعِيدِ بْنُ يَحْيَى) .. مجهول .. ولم أجده في مشايخ أبو الشيخ غير في هذا الحديث ..!!
- في السند (مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ الْمُقْرِئُ) .. مجهول .. وهذا غير (محمد بن سهل الفسوي المقريء) فهذا إمام ثقة .
- في السند (أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الدَّبَّاغُ) وكذلك (أبيه) .. كلاهما مجهولان ولا وجود لهما في كتب أهل العلم.

- فمن تبقى في القصة لنعرفه ؟!! ألا يدل ذلك على بطلانها وكذبها ؟!!

#- أبمثل هذه القصص المختلقة التي يخترعها البعض وينشرها بين الناس يكون الإحتجاج بها لتثبيت معتقد في نفوس المؤمنين ؟

- أهذا يعقل يا مؤمن ؟!!

- ولا يخفى عليك أخي الحبيب .. أن مثل هذه القصص لا يحتج بها أصلا لاثبات شيء في الدين .. فكيف للبعض يستدل بها في إمكانية تجسيد الجن في صورة إنسان . 

 ************************

#- الرواية الخامسة عشر: التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 15- قصة الشيخ الخِلعي قاضي الإنس والجن مع الجني الذي كان يأتيه ويحفظه القرآن وكان يرحل على حصان يطير به.

 
1- قال أبو الميمون بن وردان: حدثنا أَبُو الفَضْلِ، حَدَّثَنَا بَعْضُ المَشَايِخ، عَنْ أَبِي الفَضْلِ الجَوْهَرِيّ الوَاعِظ، قَالَ: (كُنْتُ أَتردَّدُ إِلَى الخِلَعِي، فَقُمْت فِي ليلةٍ مقمرةٍ ظَنَنْتُ الصُّبْحَ، فَإِذَا عَلَى بَاب مسجِدِهِ (أي الذي يتعبد فيه) فرسٌ حَسَنَة، فَصعدتُ، فَوَجَدْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَابّاً لَمْ أَرَ أَحْسَن مِنْهُ يَقْرَأُ القُرْآنَ، فَجلَسْتُ أَسْمَعُ إِلَى أَنْ قَرَأَ جُزْءاً .. ثُمَّ قَالَ (أي الشاب) لِلشيخ: آجَرَكَ اللهُ (أي أثابك الله وجزاك خيرا). قَالَ (أي الخِلعي قال للشاب): نَفعك اللهُ .. ثُمَّ نَزَل (أي الشاب) .. فَنَزَلتُ خَلفه .. فَلَمَّا اسْتوَى عَلَى الفَرس .. طَارت بِهِ .. فَغُشِيَ عَلَيَّ (أي حدث لي إغماء وسقطت عجبا مما رأيت) .. وَالقَاضِي (الخِلعي) يَصيحُ بِي: اصْعَدْ يَا أَبَا الفَضْل، فَصَعِدْتُ .. فَقَالَ: هَذَا مِنْ مُؤْمِنِي الجِنِّ .. يَأْتِي فِي الأُسْبُوْع مَرَّةً يَقرَأَ جُزْءاً وَيَمضِي) رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء ج14 ص136.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: الخبر ليس بحجة لنحتج به .. فما بالنا وفي الخبر يوجد مجهولية هؤلاء المشايخ الذين روى عنهم أبو الفضل ..!!
 
- ثانيا: إذا كان أبو الميمون بن وردان وهو عبد الوهاب بن عتيق المتوفى سنة 626 هجرية .. وشيخه أبو الفضل المصري المقريء وهو جعفر بن محمد المتوفى 615 هجرية .. وبين أبو الفضل المقريء وبين أبو الفضل الجوهري الواعظ وهو عبد الله بن الحسين المتوفى سنة 480 هجرية .. يوجد بينهما حوالي مائة وخمسة وثلاثون سنة .. وبينهما المشايخ المجهولين الذي تناقلوا القصة .. ألا يرشدك عقلك بأن هذه القصة قد تم التلاعب فيها على مر الزمن وتم فيها الزيادة والنقصان بكل تأكيد ..؟!! أكيد لازم يحدث ذلك ..
 
- ثالثا: منذ متى والجن يظهر بهذه البساطة أمام الناس ويجالسهم ثم يكون له حصان طائر ؟!! فهذا لم نسمعه إلا زمن سليمان عليه السلام .
 
- رابعا: القصة وإن كانت فيها تحريف قد حدث بكل تأكيد ويقين .. ولكنها عموما ليست حجة شرعية في الدين ليحتج بها أحد على إمكانية تشكل الجن في صورة إنسان ..
 
#- ملحوظة: الإمام الخِلعي المذكور في القصة هو (أبو الحسين علي بن الحسن بن الحسن بن محمد القاضي) وكان مشهور بكونه قاضي للجن والإنس .. وهو من القضاة المشهود لهم بالصلاح .. وتوفى سنة 492 هجرية.
 

**************************

 

#- الرواية السادسة عشر : التي قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

16- قصة سعيد بن المسيب وحكايته مع الجني في المسجد .

 
- سعيد بن الْمسيب التابعي وحكايته مع الجني في المسجد ..
- (خبر ضعيف) .. رُوِيَ أَن سعيد بن الْمسيب: (دخل يَوْمًا مَسْجِد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَجعل يلْتَفت فِي أَرْكَان الْمَسْجِد يتفكر فِيمَن أدْرك من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ بَكَى وَجعل يَقُول
(أَلا ذهب الحماة واسلموني ... فوا اسفا على فقد الحماة)
(توَلّوا للقبور فاسقموني ... فوا اسفا على فقد الثقاة)
- فَأَجَابَهُ هَاتِف من ركن الْمَسْجِد بِصَوْت محزون من كبد مشجون وَهُوَ يَقُول
(فدع عَنْك الثقاة فقد توَلّوا ... ونفسك فابكها حِين الْمَمَات)
(فَكل جمَاعَة لَا بُد يَوْمًا ... يفرق بَينهم وَقع الشتات)
- فَقَالَ سعيد من أَنْت فقد زدتني حزنا ؟ فَقَالَ: أَنا من مؤمني الْجِنّ .. كُنَّا فِي هَذَا الْمَسْجِد سبعين رجلا فَأتى الْمَوْت على جماعتنا كَمَا أَتَى على جماعتك وَلم يبْق مِنْهُم غَيْرِي كَمَا لم يبْق من الْإِنْس غَيْرك وَإِنَّا بهم لاحقون فَإنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون.
وأنشدوا
(جرت الرِّيَاح على جَمِيع دِيَارهمْ ... فَكَأَنَّمَا كَانُوا على ميعاد)
(فَأرى النَّعيم وكل مَا يلهى بِهِ ... يَوْمًا يصير إِلَى بلَى ونفاد) (بستان الواعظين ورياض السامعين ص155 لابن الجوزي).
 
- وهذه القصة بالرغم من ضعف الخبر .. حيث حكاها بن الجوزي بصيغة (رُوي) التي تدل على وجود ضعف في سند روايتها .. والقصة تشير إلى فقط سماع الجن بظهر الغيب دون رؤية لهم ..!!
- فما علاقة هذه القصة بتجسيد الجن في صورة إنسان ؟!!
 

***************************

 

#- (الرواية السابعة عشر): قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

17- قصة حمزة بن حبيب الزيات مع العفريتين في الخرابة.

 
- (خبر مجهول أحوال سنده) .. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ شَبِيبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الْقَاسِمِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ جَدِّي يَقُولُ: قَالَ حَمْزَةُ الزَّيَّاتُ: (خَرَجْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ أُرِيدُ الْكُوفَةَ فَآوَانِي اللَّيْلُ إِلَى خَرِبَةٍ، فَدَخَلْتُهَا فَبَيْنَا أَنَا فِيهَا إِذْ دَخَلَ عَلَيَّ عِفْرِيتَانِ مِنَ الْجِنِّ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: هَذَا حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ الَّذِي غَرَّ النَّاسَ بِالْكُوفَةِ قَالَ: نَعَمْ وَاللَّهِ لَأَقْتُلَنَّهُ فَلَمَّا أَزْمَعَ عَلَى قَتْلِي، قُلْتُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} {وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} [الأنبياء: 56] ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ: دُونَكَ الْآنَ فَاحْفَظْهُ رَاغِمًا إِلَى الصَّبَاحِ) رواه أبو الشيخ في العظمة .
 
#- أولا: وفي سند هذه القصة المروية عن حمزة الزيات التابعي .. يوجد (على بن احمد بن القاسم) وأبيه وجده .. لم أعرفهم ولم اجد احد في مشايخ (محمد بن عبد الرحيم) اسمه (على بن أحمد) .. وبثت عن (علي بن احمد بن القاسم) ولم أجده أو أبيه أو جده في تراجم أهل أصبهان أو غيرهم .. وحالهم عندي هو أنهم مجهولين .. والله أعلم .
 
#- ثانيا: أما عن القصة نفسها حتى ولو كانت صحيحة .. فهي حينئذ تؤكد ما أقوله دائما من أنه لا تجسيد للجن في صورة إنسان سويا .. ليه ؟
- لأن الملاحظ في القصة شيء مهم وهو أن الإمام (حمزة الزيات) أدرك يقينا أنهما عفريتين .. ولم يخطر بباله أنهما إنسين اقتربا منه .. فأين في القصة ما يدل على أن العفريت قد تجسد في صورة إنسان سويا إذا كان صاحب القصة يقول أنهما عفريتين ؟!!
 
#- وأنبهك أخي الحبيب إلى أن هذه مجرد قصة وليست حجة شرعية في الدين ليحتج بها أحد على إمكانية تشكل الجن في صورة إنسان ..
 

**********************

#- (ثلاث قصص صحيحة): قد يظن البعض أنها تشير إلى الجن أو الشيطان يمكن أن يتمثل تجسيدا في صورة إنسان:

 

18- قصة الإمام الحسن بن جعفر مع جن نصيبين.

19- قصة إمام الأزهر مع تحفيظ الجن للقرآن.

20- قصة الإمام الشوكاني في علاقته مع الجن.

 
18- القصة الأولى: في (خبر جيد السند) .. حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ (أبو الشيخ الأصبهاني) ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ (أبو محمد السلمي الأصبهاني) ، ثنا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا الْقَوَارِيرِيُّ (عُبَيْد اللَّه بْن عُمَرَ بْن مَيْسَرة) ، ثنا أَبُو عِمْرَانَ التَّمَّارُ (موسى بن مروان) قَالَ: (غَدَوْتُ يَوْمًا قَبْلَ الْفَجْرِ إِلَى مَسْجِدِ الْحَفَرِيِّ فَإِذَا بَابُ الْمَسْجِدِ مُغْلَقٌ وَإِذَا حَسَنٌ جَالِسٌ يَدْعُو .. وَإِذَا ضَجَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ وَجَمَاعَةٌ يُؤَمِّنُونَ عَلَى دُعَائِهِ وَالْحَسَنُ يَدْعُو .. قَالَ: فَجَلَسْتُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ فَقَامَ فَأَذَّنَ وَفَتَحَ بَابَ الْمَسْجِدِ فَدَخَلْتُ فَلَمْ أَرَ فِي الْمَسْجِدِ أَحَدًا فَلَمَّا أَصْبَحَ وَتَفَرَّقَ عَنْهُ النَّاسُ قُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، إِنِّي وَاللَّهِ رَأَيْتُ عَجَبًا قَالَ: وَمَا رَأَيْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ وَسَمِعْتَ، فَقَالَ: أُولَئِكَ جِنٌّ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ يَجِيئُونَ فَيَشْهَدُونَ مَعِي خَتْمَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ ثُمَّ يَنْصَرِفُونَ) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء.. بسند جيد.
 
- والرواية تشير إلى تواجد حضور وتواجد جن مع الحسن بن جعفر الحفري .. وذلك ليلة الجمعة وأثناء تواجده في المسجد الذي أتى إليه فيه موسى بن مروان وهو أبو عمران التمار .. ورأي أبو عمران أن الحسن جالس يدعو (لعله رآه من نافذة كانت بجدار المسجد مفتوحة قليلا) .. ولكنه سمع صوت لجماعة في المسجد وصوت ناس يؤمنون على دعائه ولم يراهم بدليل قوله (وَإِذَا ضَجَّةٌ فِي الْمَسْجِدِ) وهذا يشير إلى أنه تفاجأ بوجود صوت لأنه لو كان رأى أحد ما كان استغرب .. ولعله رأى مثل خيالات لأن الوقت ظلام ولم يكن يوجد كهرباء .. ولعله يقصد بقوله (فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي رَأَيْتُ وَسَمِعْتَ) أي حينما فتحت باب المسجد قد رأيت المسجد فارغا ولا يوجد به أحد في حين كنت أسمع صوت جماعة معك ..!!
- المهم أن "أبو عمران التمار" لما وجد هذا حال "الحسن" في حالة عبادة .. فجلس على باب المسجد منتظرا انتهاء الحسن من دعاءه .. حتى كان وقت الفجر فرفع الأذان وفتح باب المسجد .. ودخل أبو عمران التمار ولم يرى أحد .. وحينما استعلم عما رآه من دعاء الحسن يدعو وسماعه لجماعة لا يراها ويقولون آمين على دعاءه .. فأخبره الحسن أن هؤلاء من جن نصيبين يأتون لختم القرآن كل ليلة جمعة ثم ينصرفون ..
 
- ملحوظة: الحسن بن جعفر الحفري (أبو سعيد) توفى سنة 167 هجرية..، وقد رآه القواريري وهو يزور جده .. وكان القواريري حينئذ عمره ستة سنوات (راجع ترجمة القواريري) .. ولكن القواريري سمع القصة من موسى بن عمران وهو أبو عمران التمار.
 
19- القصة الثانية: في (خبر صحيح) .. في ترجمة عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الفخر البلبيسي ثم القاهري المقرئ ويعرف بالفخر إمام الأزهر المتوفى (804 هجرية) .. قال الإمام السخاوي رحمه الله يصف (عثمان) فقال عنه: قال شيخنا في معجمه .. (هو) إمام الجامع الأزهر ، رأس القراءات ، فصار غالب طلبة البلد ممن قرأ عليه ، بل ذكر لي أن الجن كانوا يقرءون عليه من حيث لا يراهم، سمعت ذلك منه في سنة سبع وتسعين) الضوء اللامع - (الضوء اللامع ج5 ص130)
 
20- القصة الثالثة: في (خبر صحيح) .. وذكر الإمام الشوكاني (المتوفى: 1255 هجرية) عن نفسه شخصيا ما حدث له في "رسالة بحث في وجود الجن": أنه قد سمع كلامهم غير مرة .. وطال بينه وبينهم الخطاب .. وبعضهم آخذ يدي وقبَّلها .. وكانت كفه كأكبر ما يكون من أيدي الإنس مع قصر في أصابعها . (راجع الفتح الرباني ج1 ص470 آخر سطرين في رسالة بحث في وجود الجن داخل كتاب الفتح الرباني).
 
- والقصص السابقة لو انتبهت لها ففيها حضور للجن ويظهر منهم كلاما دون رؤية لهم .. وقد تستشعر أو تتصور شكل بعض أجسادهم لو لامسوك كما فعلوا مع الإمام الشوكاني .. وهي صور غير متجسدة في صورة إنسية .. حتى لا تتوهم أنهم كانوا يتجسدون في صور إنسية ..، ومن كلام الإمام الشوكاني يكفي أن نفهم أنهم لم يكونوا على صورة إنسية .. فضلا عن أنه لم يرى سوى كف أيديهم أو استشعر بأن هذا وصفها من ملامستهم ..!!
 
- وبالتالي فهذه القصص والحكايات تدل على إمكانية كلام الجن معنا .. ولكن لا علاقة لها بتجسيد الجن في صورة إنسان سويا حتى تظن أنهم يجالسون الناس بأجساد بشر سويا .. وأيضا لا مانع من ظهورهم بصور مادية ولكن ليس بصورة بشرا سويا يمكن لمسه ..!!
 
- وأكرر أن هذه القصص ما هي إلا قصص .. وليست حجة شرعية للإستدلال والإحتجاج بها .. وإنما حققت كل ما سبق لبيان حقيقة ما في هذه الروايات.
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على القصص والحكايات التي وجدتها يتم تداولها في بعض كتب أهل العلم عن التابعين والصالحين .. والتي قد يستدل بها البعض في إثبات مسألة تجسيد الشيطان في صورة إنسان .. وكل هذا ما هو إلا وهم كما سبق وأثبته لك .. إذ أنهم أتوا بما لا حجة فيه وجعلوا منه حجة .. وهذا شيء لا يمكن أن يقبله مؤمن ولا عاقل .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
 
#- وننتقل إن شاء الله للفصل القادم .. وهو يتكلم عن القصص والحكايات التي يستدل بها البعض في مسألة تجسيد الجن .. وهي قصص متنوعة رويت عن بني إسرائيل وبعض أهل الزهد .. فتركتها للقسم الأخير من القصص .. والله ولي التوفيق .
 
- ولذلك مراجعة أسانيد هذه القصص مهمة جدا .. وما ليس له سند فيه مخالفة للشرع .. فألقها في الزبالة لأنها قصة مكذوبة على هذا الولي .. وما فيه حكمة وعبرة وعظة .. فلا مانع من قبوله .

************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .