ج4: رسالة خطف الجن للإنسان بين الحقيقة والخرافة والبُطلان - ما هي القصص التي تم ذكرها في كتب التراث عن خطف الجن للإنس في زمن التابعين ومن أتى بعدهم - قصة خطف الجن للأطفال الصغيرة والتلاعب بهم - قصة الفتاة المخطوفة بالجن من عند غدير الماء .. وحكاية الجن الطبيب المعالج - قصة الفارس والجن الخاطف والحسناء - قصة سيدي عبد القادر الجيلاني ومحكمة الجن لاسترجاع فتاة خطفها الجن.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

خطف الجن للإنسان

بين الحقيقة والخرافة والبُطلان

(الفصل الرابع)

#- فهرس:
:: الفصل الرابع :: عن قصص خطف الجن للإنسان التي قيلت في بعض الكتب في زمن التابعين ومن بعدهم ::
1- س9: ما هي القصص التي تم ذكرها في كتب التراث عن خطف الجن للإنس في زمن التابعين ومن أتى بعدهم ؟
#- أولا: ما جاء في قصص قيلت عن التابعين:
أ- قصة خطف الجن للأطفال الصغيرة والتلاعب بهم.
ب- قصة الفتاة المخطوفة بالجن من عند غدير الماء .. وحكاية الجن الطبيب المعالج .
#- ثانيا: ما جاء في قصص غرائب وعجائب المخلوقات والعشاق والمحبين:
ج- قصة الفارس والجن الخاطف والحسناء ..
#- ثالثا: ما جاء في فضائل الصالحين والعارفين بالله:
د- قصة سيدي عبد القادر الجيلاني ومحكمة الجن لاسترجاع فتاة خطفها الجن.

**********************

:: الفصل الرابع ::

:: عن قصص خطف الجن للإنسان التي قيلت في بعض الكتب في زمن التابعين ومن بعدهم ::

************************

..:: س9: ما هي القصص التي تم ذكرها في كتب التراث عن خطف الجن للإنس في زمن التابعين ومن أتى بعدهم ؟ ::..

 

#- أولا: ما جاء في قصص قيلت عن التابعين:

1- قصة خطف الجن للأطفال الصغيرة والتلاعب بهم.

 
- (أثر تابعي - رواية ضعيفة) عن إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْوَابِلِيِّ (التابعي) قَالَ: (خَرَجْتُ وَافِدًا إِلَى عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَعِي أَهْلِي فَنَزَلْنَا مَنْزِلا، وَأَهْلِي خَلْفِي فَسَمِعْتُ أَصْوَاتَ الْغِلْمَانِ، وَجَلَبَتَهُمْ (أي صياحهم)، فَرَفَعْتُ صَوْتِي بِالْقُرْآنِ فَسَمِعْتُ وَجْبَةَ (أي صوت) شَيْءٍ طُرِحَ (أي وقع على الأرض) .. فَسَأَلْتُهُمْ فَقَالُوا: أَخَذَتْنَا الشَّيَاطِينُ فَلَعِبَتْ بِنَا .. فَلَمَّا رَفَعْتَ صَوْتَكَ بِالْقُرْآنِ أَلْقَوْنَا وَذَهَبُوا) رواه بن أبي الدنيا في مكائد الشيطان.. وعنه ذكره الشبلي في آكام المرجان..
 
- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- من حيث سند القصة:
- سند ضعيف .. وعلته هي أن الأعمش دلس في الرواية وانفرد بهذه الرواية عنه عبد الله بن نمير .. والله أعلم .
- ومن ناحية أخرى .. فالقصة مجرد أثر تابعي وليس حجة شرعية للإعتماد عليها في معتقد خطف الجن للإنس ..!!

#- أما عن متن الرواية ..
- فيظهر من القصة أن "أبو خالد الوابلي" في المكان الذي توقفوا فيه للراحة قد ذهب يصلي في ركن خاص بجوار أهل بيته إلا أن ظهره كان لهم حسب اتجاه القبلة حينئذ .. ولم يخرج من الصلاة حينما سمع صياح الغلمان .. وذلك ظنا منه بأنهم يلعبون بصوت عالي .. فاكتفى بتعلية الصوت كأنه يقول لهم اسكتوا فصوتكم عالي ..
 
#- ولنا استغراب على هذا المتن ..
1- إذا كانت الشياطين لهم القدرة على التلاعب بالأولاد .. فلماذا من البداية لم يطيروا بهم بعيدا دون أن ينتبه أباهم .. طالما أمسكوهم فعلا ورفعوهم لأعلى كما نفهم من الرواية ..!!
 
2- والأغرب هنا أن القرآن حينما كان يقرأه بصوت منخفض لم يكن الشيطان تخاف .. ولما قرأه بصوت مرتفع فالشياطين خافت ..!!
- أليس في كلا الحالتين هو قرآن .. وقاريء القرآن هو نفس الشخص .. يعني سيكون له نفس المدد الموصول بأنفاسه سواء خفض صوته أو رفعه ..!!
- فكيف أصدق حينئذ مثل هذه الرواية حتى لو صح سندها ؟!!
- والله أعلم .

######################

 

#- تابع من قصص قيلت عن التابعين ..

2- قصة الفتاة المخطوفة بالجن من عند غدير الماء .. وحكاية الجن الطبيب المعالج .

 
#- (أثر تابعي - رواية ضعيفة جدا أو مكذوبة ومتن منكر) .. حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ السَّكَنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ الْكَلْبِيُّ، حَدَّثَنَا، الْعَلَاءُ بْنُ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنِ الْفَضْلِ بْنِ حَبِيبٍ السَّرَّاجِ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيِّ، قَالَ: «إِنَّا كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِلَى جَانِبِنَا غَدِيرٌ فَأَرْسَلْتُ ابْنَتِي بِصَحْفَةٍ لِتَأْتِيَنِي بِمَاءٍ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا فَطَلَبْنَاهَا فَأَعْيَتْنَا .. فَسَلَوْنَا عَنْهَا .. قَالَ: فَوَاللَّهِ إِنِّي ذَاتَ لَيْلَةٍ جَالِسٌ بِفِنَاءِ مَطَلَّتِي إِذْ طَلَعَ عَلَيَّ شَبَحٌ فَلَمَّا دَنَا مِنِّي .. إِذَا ابْنَتِي، قُلْتُ: ابْنَتِي؟ .. قَالَتِ: ابْنَتُكَ .. قُلْتُ: أَيْنَ كُنْتِ أَيْ بُنَيَّةُ؟ .. قَالَتْ: أَرَأَيْتَ لَيْلَةَ بَعَثْتَنِي إِلَى الْغَدِيرِ؟ إِنَّ جَنِيًّا اسْتَطَارَ بِي (أي خطفني وطار بي) .. فَلَمْ أَزَلْ عِنْدَهُ حَتَّى وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرِيقَيْنِ مِنَ الْجِنِّ حَرْبٌ .. فَأَعْطَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَهْدًا إِنْ ظَفِرَ بِهِمْ أَنْ يَرُدَّنِي عَلَيْكَ فَظَفِرَ بِهِمْ فَرَدَّنِي عَلَيْكَ .. وَإِذَا هِيَ قَدْ شَحِبَ لَوْنُهَا وَتَمَرَّطَ شَعْرُهَا وَذَهَبَ لَحْمُهَا فَأَقَامَتْ عِنْدَنَا .. فَصَلُحَتْ فَخَطَبَهَا بَنُو عَمِّهَا فَزَوَّجْنَاهَا .. وَقَدْ كَانَ الْجِنِّيُّ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمَارَةً إِذَا رَابَهَا رَيْبٌ أَنْ تُدَخِّنَ لَهُ .. وَإِنَّ ابْنَ عَمِّهَا ذَلِكَ عَيَّبَ عَلَيْهَا فَقَالَ: جِنِّيَّةٌ شَيْطَانَةٌ مَا أَنْتِ بِإِنْسِيَّةٍ فَدَخَّنَتْ .. فَنَادَاهُ مُنَادٍ: مَا لَكَ وَلِهَذِهِ؟ .. لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ لَفَقَأْتُ عَيْنَيْكَ، رَعَيْتُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي وَفِي الْإِسْلَامِ بِدِينِي .. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَلَا تَظْهَرُ حَتَّى نَرَاكَ؟ قَالَ: لَيْسَ ذَاكَ لَنَا إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ لَنَا ثَلَاثًا أَنْ نَرَى وَلَا نُرَى وَأَنْ نَكُونَ بَيْنَ أَطْبَاقِ الثَّرَى وَأَنْ يُعَمَّرَ أَحَدُنَا حَتَّى تَبْلُغَ رُكْبَتَاهُ حَنَكَهُ ثُمَّ يَعُودَ فَتًى .. قَالَ: فَقَالَ: يَا هَذَا أَلَا تَصِفُ لَنَا دَوَاءَ حُمَّى الرِّبْعِ؟ قَالَ: بَلَى .. قَالَ: أَمَا رَأَيْتَ تِلْكَ الدُّوَيْبَةَ عَلَى الْمَاءِ كَأَنَّهَا عَنْكَبُوَتٌ؟ قَالَ: بَلَى .. قَالَ: خُذْهَا ثُمَّ اشْدُدْ عَلَى بَعْضِ قَوَائِمِهَا خَيْطًا مِنْ عِهْنٍ فَشُدَّهُ عَلَى عَضُدِكَ الْيُسْرَى فَفَعَلْ فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ .. قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا هَذَا أَلَا تَصِفُ لَنَا مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ مَا تُرِيدُ النِّسَاءَ؟ قَالَ: هَلْ أَلَمَّتْ بِهِ الرِّجَالُ؟ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: لَوْ لَمْ يَفْعَلْ لَوَصَفْتُ لَكَ) رواه بن أبي الدنيا في هواتف الجنان.. وعنه ذكره الشبلي في كتاب آكام المرجان في أحكام الجان.
 
- قوله (تَصِفُ لَنَا مِنْ رَجُلٍ يُرِيدُ مَا تُرِيدُ النِّسَاءَ): أي رجل يريد أن يلوط به الرجال .
- قوله (أَلَمَّتْ بِهِ الرِّجَالُ): أي هل مارس معه الرجال من قبل فعل اللواط ؟
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وفي السند (الْعَلَاءُ بْنُ بُرْدِ بْنِ سِنَانٍ) وهو ضعيف الحديث.
- وفيه (مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ زَبَّارٍ الْكَلْبِيُّ) وهو ضعيف الحديث.
- وفيه (مجالد بن سعيد الهمداني) وهو ضعيف الحديث.
- وفيه (النَّضْرِ بْنِ عَمْرٍو الْحَارِثِيِّ) مجهول العين .. لم أجد له أثر في كتب التراجم.
 
- (رواية ضعيفة جدا ومتن منكر) .. وفي رواية بلفظ آخر: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَكَمِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنِي الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوبَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الثَّقَفِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ، قَالَ: (كُنَّا فِي غَدِيرٍ لَنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَعَنَا رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ يُقَالُ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَالِكٍ وَمَعَهُ ابْنَةٌ لَهُ شَابَّةٌ رَوَادٌ (أي تقوم على راحته وتقضي حاجاته)، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ خُذِي هَذِهِ الصَّحْفَةَ فَأْتِي الْغَدِيرَ فَأْتِينِي مِنْ مَائِهِ فَوَافَاهَا عَلَيْهِ جَانٌّ .. فَاخْتَطَفَهَا فَذَهَبَ بِهَا ..
- فَفَقَدَهَا أَبُوهَا فَنَادَى فِي الْحَيِّ فَخَرَجْنَا عَلَى كُلِّ صَعْبٍ وَذَلُولٍ (أي في الصحاري والجبال والمرتفعات) .. وَسَلَكْنَا كُلَّ شِعْبٍ وَنَقْبٍ وَطَرِيقٍ فَلَمْ نَجِدْ لَهَا أَثَرًا ..
- فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .. إِذَا هِيَ قَدْ جَاءَتْ .. قَدْ عَفَا (أي طال بشدة) شَعْرُهَا وَأَظْفَارُهَا فَقَامَ إِلَيْهَا أَبُوهَا يَلْثُمُهَا وَيَقُولُ: أَيْ بُنَيَّةُ، أَيْنَ كُنْتِ؟ وَأَيْنَ نَبَتْ بِكِ الْأَرْضُ؟
- قَالَتْ: أَتَذْكُرُ لَيْلَةَ الْغَدِيرِ؟
- قَالَ: نَعَمْ .
- قَالَتْ: وَافَانِي عَلَيْهِ جَانٌّ فَاخْتَطَفَنِي فَذَهَبَ بِي فَلَمْ أَزَلْ فِيهِمْ .. وَاللَّهِ مَا نَالَ مِنِّي مُحَرَّمًا حَتَّى إِذَا جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ .. غَزْوًا قَوْمًا مُشْرِكِينَ فِيهِمْ أَوْ غَزَاهُمْ قَوْمٌ مُشْرِكُونَ مِنْهُمْ فَجَعَلَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ إِنْ هُوَ ظَفِرَ وَأَصْحَابُهُ أَنْ يَرُدَّنِي عَلَى أَهْلِي .. فَظَفِرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ .. فَحَمَلَنِي فَأَصْبَحْتُ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ وَجَعَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَمَارَةً .. إِذَا أَنَا احْتَجْتُ إِلَيْهِ أَنْ أُوَلْوِلَ بِصَوْتِي ..
- فَأَخَذُوا مِنْ شَعْرِهَا وَأَظْفَارِهَا (أي قام جماعة من النساء بتجميلها) .. ثُمَّ زَوَّجَهَا أَبُوهَا شَابًّا مِنَ الْحَيِّ ..
- فَوَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَا يَقَعُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَزَوْجَتِهِ (أي قامت خناقة بينهما) فَقَالَ (لها): يَا مَجْنُونَةُ، إِنَّمَا نَشَأْتِ فِي الْجِنِّ .. فَوَلْوَلَتْ (أي صوتت وصرخت) بِصَوْتِهَا ..
- فَإِذَا هَاتِفٌ يَهْتِفُ: بَنِي الْحَارِثِ اجْتَمِعُوا وَكُونُوا أَحِبَّاءَ كِرَامًا ..
- قُلْنَا: يَا هَذَا نَسْمَعُ صَوْتًا وَلَا نَرَى شَيْئًا ..
- فَقَالَ: أَنَا رَبُّ فُلَانَةَ (أي راعيها) رَعَيْتَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِحُبِّي وَحَفِظْتُهَا فِي الْإِسْلَامِ بِدِينِي وَاللَّهِ مَا نِلْتُ مِنْهَا مُحَرَّمًا قَطُّ .. إِنِّي كُنْتُ فِي أَرْضِ بَنِي فُلَانٍ فَسَمِعْتُ نَبْأَةً مِنْ صَوْتِهَا فَتَرَكْتُ مَا كُنْتُ فِيهِ ثُمَّ أَقْبَلْتُ ..
- فَسَأَلْتُهَا فَقَالَتْ: عَيَّرَنِي صَاحِبِي (أي زوجي) أَنِّي كُنْتُ فِيكُمْ (أي في عالم الجن) ..
- قَالَ: وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْهِ (أي لزوجها) لَفَقَأْتُ عَيْنَيْهِ ..
- فَتَقَدَّمُوا إِلَيْهِ: أَيْ فُلُ (أي يا هذا وهي اختصار كلمة فلان) .. اظْهَرْ لَنَا نُكَافِئْكَ فَلَكَ عِنْدَنَا الْجَزَاءُ وَالْمُكَافَأَةُ ..
- فَقَالَ: إِنَّ أَبَانَا سَأَلَ أَنْ نَرَى وَلَا نُرَى وَأَنْ لَا نَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ الثَّرَى وَأَنْ يَعُودَ شَيْخُنَا فَتًى ..
- فَقَالَتْ لَهُ عَجُوزٌ مِنَ الْحَيِّ: أَيْ فُلُ .. بُنَيَّةٌ لِي عُرَيِّسٌ أَصَابَتْهَا حُمَّى الرِّبْعِ (وهي حمى تظهر نتيجة الملاريا من خلال عضة بعوضة) فَهَلْ لَهَا عِنْدَكَ دَوَاءٌ؟ .. قَالَ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطَتِ (أي لقد سألتي خبير) .. انْظُرِي إِلَى ذُبَابِ الْمَاءِ الطَّوِيلِ الْقَوَائِمِ الَّذِي يَكُونُ عَلَى أَفْوَاهِ الْأَنْهَارِ .. فَخِذِي سَبْعَةَ (خيوط) أَلْوَانِ عِهْنٍ (صوف) مِنْ أَصْفَرِهِ وَأَحْمَرِهِ وَأَخْضَرِهِ وَأَسْوَدِهِ فَاجْعَلِيهِ فِي وَسَطِ ذَلِكَ (أي فاجعلي الذباب هذا في وسط خيوط الصوف) .. ثُمَّ افْتُلِيهِ (أي الخيوط أبرميها واجدليها) بَيْنَ إِصْبَعَيْكِ ثُمَّ اعْقِدِيهِ عَلَى عَضُدِهَا الْيُسْرَى .. فَفَعَلَتْ فَكَأَنَّمَا أُنْشِطَتْ مِنْ عِقَالٍ) رواه بن أبي الدنيا في هواتف الجنان.. وعنه ذكره الشبلي في كتاب آكام المرجان في أحكام الجان.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- وفي السند (إسحاق بن إِبْرَاهِيم الثقفي) وهو ضعيف الحديث.
2- وفيه (الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيِّ) .. وهو متهم بالكذب ومتروك الحديث.
 
#- (أثر ضعيف جدا ومتن منكر) .. وفي رواية بلفظ: عن أحمد بن عبيد بن ناصح قال: حدثنا الأصمعي عن أبي عوانه عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني الشعبي أن زياد بن النضر الحارثي حدثه قال: (كنا عند غدير لنا في الجاهلية ومعنا رجل من الحي يقال له عمرو ابن مالك معه بنيّة له شابة على ظهرها ذؤابة (أي ضفيرة شعرها منسدلة على ظهرها)..
- فقال لها أبوها: خذي هذه الصحفة وأتي الغدير (مكان ينزل منه الماء) فجيئينا بشيء من مائه ..
- فانطلقت .. فوافقها عليه جان فاختطفها، فذهب بها، فلما فقدناها نادى أبوها في الحي .. فخرجنا على كل صعب وذلول وقصدنا كل شعب ونقب .. فلم نجد لها أثرا ..
- ومضت على ذلك السنون حتى كان زمن عمر بن الخطاب فاذا هي قد جاءت وقد عفا شعرها وأظفارها وتغيرت حالها .. فقال لها أبوها: أي بنية أين كنت؟ وقام اليها يقبلها ويشم ريحها، فقالت: يا أبي أتذكر ليلة الغدير؟
- قال: نعم .
- قالت فانه: واقعني عليه جان فاختطفني فذهب بي ..
- إلى آخر القصة السابقة والتي في آخرها علاج حمي الربع .. مع اختلاف بسيط وهو:
- فقامت اليه عجوز من الحي .. فقالت: أسألك عن شيء؟
- قال: سلي..
- قالت: إن لي بنية عروسا أصابها حصبة فتمزق رأسها .. وقد أخذتها حمى الربع فهل لها من دواء؟
- قال: نعم اعمدي الى ذبان الماء الطويل القوائم، الذي يكون على أفواه الأنهار، فخذي منها واحدة فاجعليه في سبعة ألوان عهن (الصوف) أصفرها وأحمرها وأخضرها وأسودها وأحمرها وأبيضها وأكحلها وأزرقها .. ثم افتلي ذلك الصوف بأطراف أصابعك، ثم اعقديه على عضدها اليسرى، ففعلت أمها ذلك، فكأنما نشطت من عقال) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق وعنه رواه بن العديم في بغية الطلب في تاريخ حلب..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- وفي السند (أحمد بن عبيد بن ناصح) .. ضعيف الحديث .. قال أبو أحمد بن عدى: يحدث عن الأصمعى و محمد بن مصعب بمناكير ..، وقال الحاكم أبو أحمد: لا يتابع في جل حديثه .
2- وفيه (أبو عوانة) وهو (الحكم بن عوانة بن عياض) .. مجهول الحال .
3- وفي السند انقطاع بين أبو عوانة وعبد الملك بن عمير .. لأن أبو عوانة لم يسمع من عبد الملك وإنما الذي سمع من عبد الملك هو ابنه عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض .. فسقط ابن أبو عوانة من الإسناد .
 
#- خلاصة القول أخي الحبيب:
- القصة كلها باطلة ولا يصح منها شيئا .. والظاهر أنها من خيال محبي قصص الجن ونشرها بين الناس..
                                                       

##################

 

#- ثانيا: ما جاء في قصص غرائب وعجائب المخلوقات والعشاق والمحبين:

3- قصة الفارس والجن الخاطف والحسناء ..

 
#- قيل أنه قد رُوي في كتاب عجائب المخلوقات:
- (أنه جاء ذكر الجن في مجلس عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه .. قام رجل من بني الحارث يحكي فقال: خرجت عاشر عشرة .. أريد الشام .. فتأخرت عن أصحابي حتى اختلط الظلام .. فرفعت لي نار فقصدتها .. فإذا أنا بخيمة أمامها جارية جميلة ..
- فقلت لها: ما تصنعين في هذا المكان ؟
- فقالت: أنا جارية من فزارة .. اختطفني عفريت من الجن .. وهو يغيب بالليل ويأتيني بالنهار ..
- فقلت لها: امضي معي .. فقالت: إني أخاف على نفسي الهلاك .. فألححت عليها فأركبتها ناقتي .. وجعلت أمشي .. فسرنا حتى طلع القمر .. فالتفت فإذا ظليم عظيم عليه راكب (والظليم هو ذكر النعام) ..
- فقالت: ها هو قد أتى .. فما تريد تصنع ؟
- فنزلت وأنخت راحلتي .. وخططت حولها خطا .. وقرأت آية من القرآن وتعوذت بالله .. فتقدم إلي وأنشأ يقول:
- يا ذا الذي للحين يدعوه القدر خلّ عن الحسـناء رسلا ثم سر .. " إني امرؤ مالك حَين فاصطبر".
- فأجبته قائلا:
يا ذا الذي للحين يدعوه الحمق خل عن الحسناء رسلا وانطلق .. فلست في الجن بأوَّلِ من عشق.
- فبرز إليّ في صورة أسد .. فتصارعنا .. فلم يغلب أحدنا صاحبه ..
- فقال لي: هل لك في خصال ثلاث ؟؟
- فقلت: ما هي ؟؟
- قال: تجزّ ناصيتي وتعرض عن الجارية ..
- قلت: ناصيتك أهون شيء عليّ ..
- قال: فتأخذ ما تشاء من الإبل ..
- قلت: لا أبيع ديني بعرض الدنيا ..
- قال: فأخدمك أيام حياتي ..
- قلت: ما لي إلى خدمتك حاجة ..
- فأنشأ يقول: بُلِيَ جسدي والحُبُّ يَبْلَى جديدُهُ .. ولم يَبْلَ منِّي إذ بُلِي جسدي وَجْـدِي
- عليكِ سلامُ اللهِ يا دعدُ ما جَرَتْ .. رياح الصَّبا في الغَوْرِ يَوماً وفي النَّجْدِ
- فسرت بهـا إلى أهلها .. فزوجنيها أهلها ولي منها أولاد) قصة مذكورة على الإنترنت يقال عنها أنها منقولة من كتاب عجائب المخلوقات .. في حين لم اجدها في هذا المذكور ..!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- القصة تم روايتها بدون الإشارة لأي سند عمن قالها .. وفي ذلك دلالة كافية على بطلان هذه الرواية التي لا شاهد عليها بحدوثها أصلا ..!!
 
2- إنما هي من اختراع القصاص ومحبي قصص الجن .. وغالبا أن من اخترع القصة .. هو شخص محب عاشق .. ويريد أن يظهر أن الحب يجعلك تقاتل المجهول (الجن) .. وما هو قد يسبب هلاكك (الأسد) .. فلا تبالي بأي شيء وانتصر لحبك ..!!
 
3- هذه قصة الغير معقولة أصلا .. إذ أن قصة مثل هذه كان علم بها بعض الصحابة والتابعين .. طالما قيلت في مجلس عمر بن الخطاب ..
 
4- وعموما لا يصدق مثل هذه القصص إلا شخص بليد في عقله .. إذا كيف يقبل ما لا دليل له ولا شاهد عليه ..!!
 
#- ملحوظة ملفتة للنظر أخي الحبيب:
- سنجد في هذه القصة السابقة .. أن قصة خطف الجن للحسناء التي أنقذها الفارس تم روايتها في مجلس عمر بن الخطاب .. وفي القصة التي قبل ذلك (قصة فتاة الغدير) سنجد أن مسألة خطف الجن تم ذكرها أيضا في زمن عمر بن الخطاب بل في مجلسه .. وقبل هذه القصص كانت قصة الذي اختطفه الجن في زمن عمر بن الخطاب وحكاها لعمر ..!!
- وكأن زمن عمر بن الخطاب أصبح فجأة .. هو زمن عودة المخطوفين من الإنس الذين خطفهم الجن ..!!
 
- وهنا يأتي سؤال مهم: لماذا رواة هذه القصص من الكذابين أو المجهولين أو الضعفاء في نقل العلم ..!!
- للجواب على ذلك: حتى نعلم أن رواة هذه القصص كذابين ولا نصدقهم إذا كنا عقلاء ..
 

**********************

 

#- ثالثا: ما جاء في فضائل الصالحين والعارفين بالله:

4- قصة سيدي عبد القادر الجيلاني ومحكمة الجن لاسترجاع فتاة خطفها الجن.

 
- قيل أنه جاء في كتاب مناقب الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره،: (أنه جاءه بعض أهل بغداد، وذكر أن له بنتا اختطفت من سطح داره، وهي بكر. فقال له الشيخ: اذهب هذه الليلة إلى خراب الكرخ .. واجلس عند التل الخامس وخط عليك دائرة في الأرض، وقل وأنت تخطها:
بسم الله على نية عبد القادر، فإذا كانت فحمة العشاء (أي ظلمة الليل).. مرت بك طوائف من الجن، على صور شتى، فلا يروعك منظرهم .. فإذا كان السَّحَر مر بك ملكهم في محفل منهم .. فيسألك عن حاجتك فقل: قد بعثني إليك عبد القادر واذكر له شأن ابنتك .. قال: فذهبت وفعلت ما أمرني به الشيخ ..
- فمر بي صور مزعجة المنظر ولم يقدر أحد منهم على الدنو من الدائرة التي أنا فيها، وما زالوا يمرون زمرا زمرا إلى أن جاء ملكهم .. راكبا فرسا، وبين يديه أمم منهم، فوقف بازاء الدائرة ..
- وقال: يا إنسي ما حاجتك ؟
- قلت: قد بعثني إليك الشيخ عبد القادر، فنزل عن فرسه وقُبَّل الأرض .. وجلس خارج الدائرة، وجلس من معه ..
- ثم قال لي: ما شأنك؟
- فذكرت له قصة ابنتي..
- فقال لمن حوله: علي بمن فعل هذا فأتى بمارد ومعه ابنتي.
- فقيل له: إن هذا مارد من مردة الصين.
- فقال له: ما حملك على أن اختطفت من تحت ركاب القطب؟ فقال: إنها وقعت في نفسي (أي عشقتها) .. فأمر به فضربت عنقه .. وأعطاني ابنتي ..
- فقلت: ما رأيت كالليلة في امتثالك أمر الشيخ عبد القادر ..
- قال: نعم. إنه لينظر من داره إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فينفرون من هيبته .. وأن الله تعالى إذا أقام قطبا مكنه من الجن والإنس) ذكر هذه القصة الدميري في كتاب حياة الحيوان.
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لا يمكن لإنسان عاقل إلا أن يرفض هذه القصة .. حتى وإن كان فيها شيئا من الصحة إلا أن هذه القصة بتركيبتها المذكورة هي نوع من الباطل والمخالف للقرآن من أساسه .. ليه ؟
 
1- وجود الإنسان في خرابة .. هو دليل على حضور شياطين .. وما كان للشيخ عبد القادر أن يطلب من مؤمن أو غير مؤمن أن يذهب لخرابة لاستحضار الجن ..!!
 
2- أما عن الزعم بمرور طوائف من الجن على الرجل الذي جلس في وسط دائرة .. فهذا من الوهم الذي لا يقبله الواقع .. إلا لو قيل أن هذا خيالا قد خُيل إليه ذلك وليس واقعا .. ولكن هذا لم يظهر في الرواية .. بل الظاهر كأنه حقيقة مرئية ..!!
 
3- أما عن قوله في أن ملك الجن لما سمع اسم عبد القادر الجيلاني (فنزل عن فرسه وقُبَّل الأرض) .. فهذا ما لم يحدث لنبي ولا لرسول .. حتى يقال أنه حدث لولي ..!! وفي ذلك من الغلو ما لا يمكن أن يقبله مؤمن ولا عاقل ..!!
 
4- أما عن زعم ملك الجن في سؤاله للمارد الصيني بأنه كيف يخطف فتاة من تحت إشراف القطب (يقصد الشيخ الجيلاني) .. فهذا أيضا من السخافة الغير مقبولة .. وكأن الشيخ عبد القادر ولي أمر المؤمنين وخليفتهم ..!!
 
5- أما آخر ما يمكن أن نذكره .. فهو قول ملك الجن في القصة عن عبد القادر الجيلاني: (إنه لينظر من داره إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فينفرون من هيبته) .. وهنا نقول إذا كان هذا هو حال الشيخ عبد القادر الجيلاني .. فماذا تبقى لسليمان عليه السلام .. ولماذا لم يحدث هذا الفعل مع النبي صلى الله عليه وسلم حينما اعترضه الشيطان في صلاته ؟!!
 
#- ملحوظة: لم أجد هذه القصة في مناقب القطب الجيلاني في كتاب بهجة الأسرار لأبي الحسن الشطنوفي .. وهو أوسع من كتب في مناقب الشيخ الجيلاني .. والكتاب الأشهر في مناقبه ..!!
 
#- ولكن كما قال الدميري أنه أخذ هذه القصة من كتاب (مناقب الشيخ عبد القادر الجيلاني) وأعتقد أنه يقصد كتاب (الشرف الباهر في مناقب الشيخ عبد القادر) الذي كتبه الشيخ موسى اليونيني البعلبكي .. ولكني لم أقف على هذا الكتاب .!!
 
- إلا أنه يكفي فساد ما جاء في القصة بدلالة نصها .. ولسنا في حاجة للبحث عن سندها الذي سيكون بكل تأكيد إما بلا سند أو سند فيه كذابين .. والقصة كلها من الغلو الفاسد في الكلام على الأولياء الذين هم برآء من هذا الغلو .. والله أعلم.
 
- وبهذا يكون ختام الكلام على القصص التي وجدتها وصادفتها قد تكلمت على مسألة خطف الجن للإنس .. وبعد ذلك إن شاء الله ننتقل إلى المناقشة العقلية والنصية لمسألة خطف الجن للإنس لنتبين هل هذه المسألة يمكن أن تحدث عقلا أم لا .. وهل يوجد من النصوص ما يمنع ذلك أم لا .. والله ولي التوفيق.
 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .