ج11: رسالة الزواج والجماع والإنجاب بين الجن والإنس - كيف نتعامل مع بعض فتاوى المعاصرين في إباحة الزواج من الجن ؟ (فتوى الشيخ عطية صقر رحمه الله بإباحة الزواج من الجن مع الكراهة) - كيف نفهم فتوى تحليل زواج الإنسي من الجنية وتحريم زواج الإنسية من الجن - هل يصح زواج الجن من الإنس دفعا للضرر والأذى الذي يؤدي للهلاك والموت أو فقد حاسة من حواس الإنسان - ما الذي يترتب على نشر فتوى إباحة الزواج من الجن - مأذون الجن - وقصة حدثت معي.

         بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الزواج والجماع والإنجاب

بين الجن و الإنس

حقيقة شرعية أم خرافة تراثية

وتحقيق خرافة جماع الملائكة للإنس

 (الجزء الأول)

(الفصل الحادي عشر)

#- فهرس

:: الفصل الحادي عشر :: مناقشة بعض الفتاوى - وحالة زواج المكره من الجن على الزواج بهم ::

1- س33: كيف نتعامل مع بعض فتاوى المعاصرين في إباحة الزواج من الجن ؟ (فتوى الشيخ عطية صقر رحمه الله بإباحة الزواج من الجن مع الكراهة) ..!!

2- س34: كيف نفهم فتوى تحليل زواج الإنسي من الجنية وتحريم زواج الإنسية من الجن ؟

3- س35: هل يصح زواج الجن من الإنس دفعا للضرر والأذى الذي يؤدي للهلاك والموت أو فقد حاسة من حواس الإنسان ؟

4- س36: ما الذي يترتب على نشر فتوى إباحة الزواج من الجن ؟

- (مأذون الجن - وقصة حدثت معي).

*********************

:: الفصل الحادي عشر ::

:: مناقشة بعض الفتاوى - وحالة زواج المكره من الجن على الزواج بهم ::

**********************

..:: س33: كيف نتعامل مع بعض فتاوى المعاصرين في إباحة الزواج من الجن ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هناك فتاوى معاصرة نجد البعض على الإنترنت يستند إليها في إباحة الزواج من الجن .. وكأنه يريد أن يقنع نفسه أن الزواج مباح .. !!

 

#- فمن ذلك:

- ما جاء في فتوى لسيدي الشيح عطية صقر رحمه الله وهو من أكابر أهل الفتوى في مصر والعالم الإسلامي في زمنه .. وجاء فيها الآتي .. بتاريخ مايو 1997:

- السؤال: هل يمكن أن يحدث زواج بين الإنس والجن؟

- الجواب:

- الكلام في هذا الموضوع في مقامين .. الأول إمكان حدوثه والثاني مشروعيته. وقد فصل هذين المقامين المحدث الشبلي الحنفي المتوفى سنة 769 هـ في كتابه " آكام المرجان " كما تحدث عن ذلك الدميري في كتابه " حياة الحيوان الكبرى ".

#- أولا: إمكان التزاوج بين الإنس والجن، قد أثبته الجمهور مستدلين بقوله تعالى لإبليس (وشاركهم في الأموال والأولاد) الإسراء: 64 .. ويوضح هذه المشاركة ما ذكره ابن جرير في " تهذيب الآثار " أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جامع الرجل امرأته ولم يسم انطوى الشيطان إلى إحليله فيجامع معه).

- ويقول الشبلي: إن المنكرين لإمكان المناكحة اعترضوا بأن الجن خلقوا من نار، والإنس من العناصر الأربعة. وهذا يمنع وجود النطفة الإنسانية في رحم الجنية - ثم يرد عليهم بأن الجن وإن كانوا خلقوا من نار إلا أنهم لم يبقوا على عنصريتهم النارية، بل استحالوا عنها بالأكل والشرب والتوالد، كما استحال بنو آدم من عنصرهم الترابي بذلك.

- ويقول أيضا: إن الذى خلق من نار هو أبو الجن، كما خلق آدم أبو الإنس من تراب وأما ذرية كل منهما فليست مخلوقة مما خلق منه أبوهما، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنه وجد برد لسان الشيطان الذى عرض له في صلاته على يده لما خنقه. وفى رواية قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فما زلت أخنقه حتى برد لعابه) .. فبرد لسان الشيطان ولعابه دليل على أنه انتقل عن العنصر الناري.

- ثم يقول الشبلي أيضا في رده على المنكرين: لو سلمنا عدم إمكان العلوق -أي وجود نطفة الإنس في رحم الجنية - فلا يلزم منه عدم إمكان الوطء في نفس الأمر، كذلك لا يلزم من عدم إمكان العلوق عدم جواز النكاح شرعا، لان الصغيرة والآيسة والعقيم اللاتي لا يمكن العلوق معهن يجوز نكاحهن شرعا.

- هذه هي أدلته النظرية، ويورد أدلة واقعية فينقل أخبارا عمن يثق بهم، أن هذه المناكحات حدثت بالفعل.

 

- ثانيا: أما مشروعية النكاح بين الجنسين فيذكر الشبلي عنها أن للعلماء في ذلك رأيين:

- الرأي الأول: المنع، ونص عليه جماعة من أئمة الحنابلة. وينقل عن الفتاوى السراجية النهى عنه، واستدلوا بقوله تعالى: (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجا) النحل: 72، وقوله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) الروم: 21 .. موجهين استدلالهم باختلاف الجنسين، وتفسير المودة بالجماع، والرحمة بالولد. كما يستدلون بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه.

 

- والرأي الثاني: الجواز، ونقل عن الحسن البصرى وقتادة وغيرهما.

- وشهد الأعمش نكاحا للجن بجهة " كوثي " كما ذكره أبو بكر الخرائطي، وسيأتي ما نسب إلى مالك في ذلك.

 

#- وحجة هؤلاء في عدم المنع:

1- أن الأصل في التكليف أنه يعم الفريقين الإنس والجن، وليس هناك ما يخصص هذا التعميم بالنسبة للمناكحة بينهما.

2- كما قالوا: إن في أدلة المانعين نظرا، لأن الآيتين المذكورتين لا تنصان على التحريم. فاختلاف الجنس لا نص على منعه من النكاح .. والمودة والرحمة لا يتعين تفسيرهما بالجماع والولد.

3- وحديث النهى عنه مردود بأنه مرسل ومن طريق ابن لهيعة، وهو مطعون فيه .. وإن صح فيجوز حمله على الكراهة لا التحريم.

 

#- وأصحاب الرأي القائل بالجواز يكرهون هذا النكاح، لأنه لا يحدث به تمام المودة والرحمة، لاختلاف الجنس، ولعدم الاطمئنان على حل المشكلات التي تحدث بين الزوجين، من لعان وإيلاء وطلاق وتحصيل نفقة، وما إلى ذلك من الأمور التي ذكرها الفقهاء في هذا الصدد.

 

#- كما أن الإمام مالكا أورد وجهة نظر في الكراهة لها قيمتها، فقد قيل له: إن ها هنا رجلا من الجن يخطب إلينا جارية يزعم أنه يريد الحلال، فقال: ما أرى بذلك بأسا في الدين، ولكن أكره إذا وجدت امرأة حامل قيل لها: من زوجك؟ قالت: من الجن، فيكثر الفساد في الإسلام بذلك، يريد أن الزانية قد تبرر حملها بزواجها من جنى وقد أورد ذلك أبو عثمان سعيد بن العباس الرازي في كتاب " الإلهام والوسوسة" في باب نكاح الجن.

- وهذا في تزوج الجني من الإنسية، أما العكس فظاهر كلامه عدم الكراهة انتهى.

- بعد هذا أرى أن الأصل في نكاح الجن هو الحل، لعدم ورود ما يمنعه، ولكنه مكروه طبعا .. وفى الإنس متسع لمن يريد المودة والرحمة واستقرار الحياة الزوجية وخدمة المجتمع البشرى. "انظر الجزء الأول من موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام" . (فتاوى دار الإفتاء المصرية ج9 ص434).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لو تأملنا في هذه الفتوى .. سنجد فيها استدلالات لم تصح .. وبالتالي كانت نتيجة الفتوى غير صحيحة .. ليه قلت كده ؟

1- لأن قوله: "إمكان التزاوج بين الإنس والجن، قد أثبته الجمهور مستدلين بقوله تعالى لإبليس (وشاركهم في الأموال والأولاد) الإسراء: 64" ..

 

#- قلت خالد: هذا كلام خاطيء وليس هذا هو الإثبات الذي قال به الجمهور في إمكانية الزواج من الجن .. لأن المشاركة ليست بمعنى إمكانية الزواج من الجن ولا دليل عليه .. وهذا ليس كلام الجمهور .. فهذا وهم من الشيخ عطية صقر رحمه الله .

 

2- أما الدليل الذي أشار إليه بقوله : "ويوضح هذه المشاركة ما ذكره ابن جرير في "تهذيب الآثار" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جامع الرجل امرأته ولم يسم انطوى الشيطان إلى إحليله فيجامع معه)".

 

#- قلت خالد: وهذا ليس حديث نبوي على الإطلاق ولم يأتي ذكر في أي كتاب من كتب أهل العلم أنه حديث نبوي .. وإنما هو أثر مروي عن التابعي مجاهد بن جبر .. وروايته باطلة وضعيفة جدا ومنكرة .. وأرها مكذوبة عليه .. وسبق تحقيق هذه الرواية في رسائل أخرى .. وسيتم الكلام عليها بالتفصيل في الجزء الخاص بجماع الجن في هذه الرسالة ..

 

3- أما عن قوله: "ويقول الشبلي: إن المنكرين لإمكان المناكحة اعترضوا بأن الجن خلقوا من نار، والإنس من العناصر الأربعة ..." ..

 

#- قلت خالد: هذا كلام خاطيء .. ومردود عليه .. وقد سبق الرد عليه بما ملخصه : ليس مقصد الذين أنكروا إمكانية حدوث زواج لأن الجن عنصر ناري بمعنى أنه لازال ناري .. لا .. إنما هو لأن الجن جنس روحاني لطيف أي غير مرئي بحكم طبيعته النارية التي خلقه الله منها .. ونطفته تبعا لهذا التكوين .. فكيف يجتمع بالجنس المادي ويحدث تزاوج حينئذ أو تناسل ؟!!

- وراجع الإجابة تفصيليا على ذلك في الفصل الثاني سؤال: (س6: ما السبب وراء إنكار أو توقف بعض العلماء في الحكم على مسألة زواج الجن بالإنس بأنها حلال أم حرام ؟).

 

4- أما عن قوله: "والرأي الثاني: الجواز، ونقل عن الحسن البصرى وقتادة وغيرهما".

 

#- قلت خالد: وهذا كلام خاطيء .. لأن الحسن البصري وقتاده لم يجيزوا الزواج من الجن .. بل كرهوه كراهة منع وتحريم .. وقد سبق الإجابة على هذا الكلام تفصيليا .. في الفصل السادس (س20: هل أباح أحد من التابعين الزواج من الجن).

 

5- أما عن قوله : " وحجة هؤلاء في عدم المنع ....."

#- قلت خالد: قد تم الإجابة على الحجج الثلاثة التي قام بذكرها الشيخ عطية صقر في فتواه في عدم وجود ما يمنع من زواج الجن .. وأظهرنا بطلان هذه الحجج الثلاثة تفصيليا .. وذلك في الفصل الثامن سؤال رقم (23-24) ..

 

6- أما عن قوله: "كما أن الإمام مالكا أورد وجهة نظر في الكراهة لها قيمتها، فقد قيل له" ..

 

#- قلت خالد: والإستدلال بقصة الإمام مالك فهي باطلة أصلا ولم تصح .. وقد سبق توضيح ذلك .. راجع الفصل السادس (س21: هل قال الإمام مالك بن أنس من تابعي التابعين قد أجاز الزواج من الجن مع الكراهة).

 

7- أما عن قوله: "بعد هذا أرى أن الأصل في نكاح الجن هو الحل، لعدم ورود ما يمنعه".

 

#- قلت خالد: أن الأصل الذي بنى عليه الشيخ عطية صقر رحمه الله .. هو أصل باطل .. وما بني على باطل فهو باطل ..

- أما عن قوله: "لعدم ورود ما يمنعه" .. فهذا كلام فيه نظر أيضا لأن ظاهر النصوص الشرعية تمنعه .. وقد ناقشنا ذلك تفصيليا في الفصل الثامن والتاسع والعاشر .. فارجع إليهم . 

- والله أعلم.

 

#- خلاصة القول:

1- ليس المقصد هو الرد على الشيخ عطية صقر رحمه الله .. فهو عالم جليل وله اجره على اجتهاده .. ولكن المشكلة أنه اعتمد على كتاب الإمام الشبلي "آكام المرجان" في غالب فتواه .. وفيه نصوص غير صحيحة أو روايات غير محققه .. وهذا هو سبب البلوى .. أنه يتم الأخذ عن العلماء دون تحقيق لكلامهم ..

 

2- بل والمشكلة الأكبر .. أن عموم أهل الفتوى يأخذ من كتاب الإمام الشبلي "آكام المرجان في أحكام الجان" لأن الكتاب يكاد يكون الوحيد الذي جمع أحكام للجن متفرقة في كتاب واحد ولم يحققه العلماء .. حتى الإمام السيوطي حينما قام بتنقيحه وتلخيصه في كتاب "لقط المرجان" .. فلم يخالفه ولم يحققه وإنما اختصره ..!!

 

- فالأمور المتعلقة بالجن مصادرها لا تخرج عن كتاب "آكام المرجان" على الأرجح .. وهذا كتاب لم يحقق ما هو مكتوب فيه .. !!

 

- والحمد لله رب العالمين .. قد أكرمني الله بتحقيق الجزء الأكبر من كتاب آكام المرجان .. في عدة رسائل منها رسالة (التمثيل الروحاني) ورسالة (خطف الجن) .. وهذه الرسالة التي نتكلم فيها وهو رسال (زواج الجن من الإنس) ..

 

*********************

..:: س34: كيف نفهم فتوى تحليل زواج الإنسي من الجنية وتحريم زواج الإنسية من الجن ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- وسمعت في بعض الفتاوى .. أن بعض العلماء أجاز زواج الإنسي من الجنية .. ولكن حرموا زواج الإنسية من الجني .. وذلك من باب سد الذرائع ؟!!

 

#- فقلت تعليقا على ما سبق:

1- وهذا الذي قال بهذا الكلام قد استند للفتوى المنسوبة للإمام مالك .. والتي سبق بيان توضيح أنها قصة غير صحيحة وفتوى باطلة ولا يمكن أن يكون قالها الإمام مالك .. وراجع السؤال رقم (20) ..

 

2- ومن ناحية أخرى .. ولو كان هذا الكلام صحيحا .. فهذا معناه أن الحلال تم تحريمه وإباحته حسب الشوق والهوى .. ووفق ما يراه المشايخ وليس وفق ما سمح به الله ورسوله .. فأحلوا للذكور وحرموا للإناث .. وكأنني أسمع قوله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) النحل116.

 

3- والأخطر من ذلك .. هو أنهم منعوا زواج الإنسية من الجن تحت دعوى الخوف من أن تقول أنها أتت بحمل من الجن كما في الفتوى المنسوبة للإمام مالك .. وكأن الجن يتناسلون من الإنس ..!!

- وكيف يتناسل مختلفوا الفصيلة الجنسية يا عقلاء ؟!!

- فهل ينتج عن كلب وحمار يظهر مخلوق ثالث ؟!!

- أهذا كلام يقول به عاقل يا ناس .. حتى نظن أن الإمام مالك يكون قد قاله ؟!!

 

4- فلنواجه أنفسنا بالحقيقة المؤلمة التي أراها من وراء مثل هذه الآراء .. هو استباحة الاستمتاع لذكور الإنس بالجن .. وكأنها ذكورية فقهية .. بغض النظر عن أن مسألة الزواج بالجن لا تصح .. وإنما أتحدث عن المنطق من أساسه والذي تم بناءه على شيء غير معقول بحكم غير مقبول وبتحريم شيء لا وجود له في أصل التحريم بل هو مباح للإناث وهو الزواج ..!!

 

- قال إيه: يقول لك التحريم سدا للذرائع .. بالنسبة للإناث .. !! فما بال الرجال أليس فتنة لهم وفساد في الأرض ..؟!! فلماذا لم تمنعوه هو أيضا .. وتقولوا سدا للذرائع .. !!

- أليس هذا كلام أهواء .. ولا يليق بأن يكون كلام فقهاء ..!!

 

#- خلاصة القول:

- بغض النظر عن تفصيل هذه الفتوى الذي يغيظ بإباحته للذكور وتحريمه للإناث .. إلا أن صاحبها من جهة أخرى هو معذور أيضا .. لأنه بنى فتواه على فتوى الإمام مالك الغير صحيحة .. لأنه لا يعرف بطلانها .. نه هكذا وجدها في الكتب دون تحقيق لها فظن صحتها .. !!

 

- ولكن يتبقى السؤال دائما: لماذا البعض يحلو له الأخذ من كلام الفقهاء قبل الرجوع لكلام الله ورسوله .. خاصة وأن الفقهاء الآخرين استندوا لكلام الله في حكمهم بالتحريم ؟!!

 

**********************

 

..:: س35: هل يصح زواج الجن من الإنس دفعا للضرر والأذى الذي يؤدي للهلاك والموت أو فقد حاسة من حواس الإنسان ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هل يصح زواج الجن بالإكراه من الإنس .. بمعنى أن يتم إجبار الإنسي على الزواج من خلال تعمد الجني الأذى المتكرر الذي قد يؤدي أذاه وضرره إلى هلاك الإنسان أو تلف حاسة من حواسه كتلف العين مثلا ..

 

- أشار إلى إمكانية حدوث ذلك بعض العلماء .. بأنه قد يجوز في حالة القهر والغلبة .. من باب الإضطرار لغلبة الظن بأنه قد يحدث هلاك في نفسه كأنه سيفقد عقله أو ستصيبه عاهة مستديمة في جزء من جسده كأن يفقد بصره أو ما شابه ذلك مما لا يستطيع الإنسان تحمله في الغالب .. وإليك بعض من قال بذلك:

 

#- قال الإمام الشبلي (المتوفى:769هـ) حيث قال:

- والجن ليسوا من أنفسنا فلم يجعل منهم أزواج لنا .. فلا يكونون لنا أزواجا لفوات المقصود من حل النكاح من بني آدم وهو سكون أحد الزوجين إلى الآخر لأن الله تعالى أخبر أنه جعل لنا من أنفسنا أزواجا لنسكن إليها .. فالمانع الشرعي حينئذ من جواز النكاح بين الإنس والجن عدم سكون أحد الزوجين إلى الآخر .. إلا أن يكون عن عشق وهوى متبع من الجن للإنس فيكون إقدام الإنسي على نكاح الجنية للخوف على نفسه وكذلك العكس "أي نكاح الجن من الإنسية" .. إذ لو لم يقدموا على ذلك لآذوهم وربما أتلفوهم البتة .. ومع هذا فلا يزال الإنسي في قلق وعدم طمأنينة وهذا يعود على مقصود النكاح بالنقض .. وأخبر الله تعالى أنه جعل بين الزوجين مودة ورحمة وهذا منتف بين الإنس والجن. (آكام المرجان ص88).

 

- ومن المعاصرين من قال بذلك هو الدكتور عمر سليمان الأشقر حيث ذكر بحث ملخص عن زواج الجن بالإنس ثم قال في ختامه:

- وعلى كلٍّ فهذه مسألة يزعم بعض الناس وقوعها في الحاضر والماضي .. فإذا حدثت فهي شذوذ .. قلما يسأل فاعلها عن حكم الشرع فيها .. وقد يكون فاعلها مغلوباً على أمره لا يمكنه أن يتخلص من ذلك. (عالم الجن والشياطين س21).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- وهذا الذي ذكره الإمام الشبلي لابد أن يكون له قيود وعليك أن تنتبه لها ..

- أن هذا يكون بعد أن يحاول الشخص التخلص من هذا الكائن الروحاني قدر المستطاع ويجتهد في ذلك مستعينا بالله - ومستشيرا بأهل الخبرة في الإصابات الروحانية ..

- فإن عجز عن دفع هذا البلاء .. ولا مخرج حينئذ إلا الزواج قهرا وعن غلبه وعن طلب منهم .. ويكون بالشكل التالي:

 

1- حضور شهود لهذا الزواج ولا يصح شهود الإنس .. لأنه لا شهادة لهم في الحقيقة إذ كيف يشهدون على ما لا يرون ولا يسمعون ؟!! وإنما الشهود يكونوا غالبا من جماعة الجن في هيئة شاهدين وقاضي (مثل المأذون) .. والجميع يشهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله .. مع شرط إعلان العصمة من الأذى الروحاني بإتمام هذا الزواج .. وإلا فلا زواج.

 

- ملحوظة وتنبيه: لا ضمان لهذا الزواج في حقيقته أي لا يقين فيه أنهم مسلمين فعلا .. حتى ولو شهدوا بالشهادتين .. ولكنه الحكم هنا للظن والإحتمالية .. وإلا فالحق أنه لا يصح هذا الزواج لأن الشريعة لا تبني عقد الزواج على ما هو غيب .. ولذلك قلنا أن الحكم هنا بحدوث ذلك للظن والإحتمالية أي باعتبار إحتمالية أنه يوجد شاهدين من الجن فعلا وأنهما مسلمين حقا .. وظنا منا بصحة من يرى ذلك المشهد أي مشهد الزواج يحدث له كنوع من الكشف في اليقظة ..!!

 

2- ولا يتم المشهد السابق في المنام .. لا .. وإنما يتم في حالة اليقظة .. ولو تم في حالة المنام فهذا ليس زواج .. وإنما خداع بالوهم ليظن أنه تزوج من الجن .. وهذا لون من الكذب في عالم الخيال من خلال الرؤيا.

- فضلا عن أن الشريعة لا تعتمد أحكامها إلا على الواقع وليس على الخيال .. وعقد الزواج من عالم الواقع وليس عالم الخيال .. فيتم هذا العقد في حال اليقظة للإنسي .. ويرى مشهد الزواج أمام عينه ولو متخيلا أمامه فقط دون غيره ..!!

 

4- لا يحق للمرأة المتزوجة من جن أن تتزوج أي رجل إنسي .. إلا بتطليقها من ذلك الجن .. أما الرجل فيمكن الزواج له بإنسية لأن له التعدد ..

 

5- ولا قبول الزواج من الجن في حالة عرض زواج فقط دون وجود ضرر مترتب إذا لم يحدث هذا الزواج .. لأن هذا زواج في أصله هو زواج باطل ولا يصح كما عليه جمهور العلماء .. ولا ضرورة فيه حينئذ لتبيحه .

 

6- لا زواج من الجن لامرأة متزوجة من إنسي .. لأنه لا تعدد للمرأة .. إلا إذا طلقها الجني وتركها وانقضت عدتها ..

- ولو كانت المرأة متزوجة من إنسي .. فلا يطلقها زوجها لتتزوج من الجني .. وإنما يحاربه بكلام الله لأن من يقول بالزواج من امرأة وهو يعلم أنها متزوجة من إنسي فهو شيطان بن شيطان ..!!

- وتعامل معه على أنه ابتلاء عليك مواجهته والتعامل معه قدر استطاعتك ..

 

#- ملحوظة هامة جدا:

- أولا: ما قلته سابقا من رأي وجدته لبعض العلماء فهو من باب الضرورات تبيح المحظورات .. على افتراض أنه يوجد قهر للإنسي سيترتب عليه ضرر في النفس بهلاكها ..

 

- ثانيا: وإن كنت أرى أن الحق يا من يبتليه الله بأذى الجن .. أن تصبر وتجاهد وتحتسب أجرك عند الله وترجوه سبحانه في دفع هذا البلاء .. ولا تقبل بهذا الزواج .. لأن الصورة التي تكلم عنها الإمام الشبلي لا تصح شرعا للزواج .. ليه ؟

 

1- لأن زواج الجن من الإنس بسبب كثرة الأذى والضرر من الجن .. يعيبه شيئا .. وهو أن هذا يسمى نكاح المكره على الزواج .. وهذا النكاح هو شرعا لا يصح .. ويعتبر عقد الزواج فاسد ..

- ولذلك لا زواج في الحقيقة يحدث وإنما اغتصاب لحق إنسان .. !!

 

2- بل والظن بأنه يمكن الزواج تحت الإكراه .. تم بناءه على افتراض لا أظنه يحدث من أساسه في الواقع بصورته التي ذكرتها .. أي يحدث زواج بالإكراه مع حضور شهود وقاضي منهم .. فهذا يكاد يكون من المستحيل تحقيقه .. حسب معرفتي الروحانية الخاصة ..

 

- وإنما الذي يحدث كظن راجح مني هو وجود شهود وقاضي في حالة التراضي فقط بين الأطراف .. ولا يترتب عليه ضرر حين رفض الإنسي .. والله أعلم .

 

3- ولذلك أقول أن حالة الإكراه من الجن .. ليست زواجا وإنما اغتصابا ونوعا من الإبتلاء بالإنسان .. لأنه لا يكون فيها شهودا .. وحتى إن كان يوجد شهودا فكيف يصح زواج المكره ؟! سواء كانوا شهود من الإنس أو الجن ؟!!

 

- لكن ظني الراجح أنه لا شهود في زواج المكره من الجن .. وإنما يأتي الشهود في حالة التراضي فقط والتي لا يترتب عليها ضرر في حالة الرفض .. وهذا يقيني الخاص المبني على خبرتي الخاصة ..!!

 

- إنما الذي يؤذي ويزعم طلب الزواج .. فهو شيطان ونتحقق بذلك بعد التحريج عليه وإنذاره ثلاث مرات .. فإن بقى مؤذيا فهو شيطان ولا يصح أصلا الزواج بشيطان .. والله أعلم .

**********************

..:: س36: ما الذي يترتب على نشر فتوى إباحة الزواج من الجن ؟ ::..

(مأذون الجن - وقصة حدثت معي)

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لا أقول بأن الزواج من الجن يفتح باب أن كل امرأة تحمل من الخطيئة فتقول أنه من الجن .. لا .. فهذا مستحيل حدوثه ولن يحدث أصلا حتى أجعله سبب .. وإنما فتوى إباحة الزواج من الجن والتي اعتبر أن من قال بها وإن كانوا قلة فهم غير موفقين .. وهذه الفتوى يترتب عليها الآتي مما لا حظته .. 
1- إباحة الزواج من الجن .. يفتح باب الإستمتاع بالجن الذي هو محرم بنص القرآن .. حيث يقول تعالى: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ ) الأنعام:128.
 
2- إباحة الزواج من الجن .. يفتح أبواب لخدامين الجن والشيطان ممن يعظمون قدرات الجن لتطميع النفوس للتواصل مع الجن .. ومن ثم تنتشر الفتنة في الأرض ويصبح كل روحاني شرير وساحر فاسد يزعم أن عنده القدرة على تزويج الإنس من الجن ..  
 
3- إباحة الزواج من الجن .. يفتح باب لوصف جديد وهو (مأذون الجن) .. ويستغله الروحانيين والسحرة وأرباب الطاقة الروحانية الكونية وأشباههم .. ويروجون لذلك من باب أنه مباح .. ويصبح لدينا حينئذ اختيارات عند مأذون الجن .. فيقول لك:
أ- عاوز جن نوراني أم جن عادي ؟
ب- عاوز جن يتشكل في صور إنسيات من الفنانين والفنانات أم بيتشكل بصور حيوانات ؟
- وكل حالة ولها ثمنها الخاص ؟!!
 
4- بلغني أن بعض المغفلين ينادون على الجن ليحضروا لهم حتى يتزوجوهم ..!!
- فما أدراهم أن هذا العالم هو خير لهم وليس دمارا لنفسيتهم وحياتهم ؟
- ولماذا يستحضرون ما يكون سببا في التمكن منهم ويجعل منهم خادما لهم ..؟!!
- أمرهم غريب هؤلاء الناس ..!!
 
#- بل ومن الغرائب في زماننا مما حدث معي ..
- أن يأتيني بعض من هو ميسور الحال ويكلمني بأنه سيضع لي شيكا أضع فيه المبلغ الذي أرتضيه مقابل تزويجه من الجن .. وكأنني مأذون الجن والنائب عنهم في تزويج نسائهم لجماعة الإنس ؟!!
- بل ويشترط أنه أهم حاجة تأتيه كل يوم في شكل ممثلة من الممثلات .. وتأتي مرات في هيئتها الجِنِّيَّة .. ويهمس في أذني ويقول: أصلي نفسي أجربهم وأتذوق طعمهم ؟!!
- طيب بالله عليك يا مؤمن .. ده بني آدم يترد عليه تقول له إيه ؟!!
 
#- خلاصة الكلام:
- المسألة ليست مجرد فتوى إباحة الزواج من الجن .. وإنما ما يترتب عليها من فتح باب للشيطان وخدامين الشيطان لن يتوقف .. تحت مسمى هناك مشايخ قالت أنه مباح ..!!

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .