ج19: رسالة الزواج والجماع والإنجاب بين الجن والإنس - ما هي حقيقة رواية (إذا جامع الرجل أهله ولم يسم انطوى الجن على إحليله) والتي استند إليها بعض علماء التفسير عند تفسير قوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) - رواية (انطواء الجن على إحليل الرجل) ليست حديث نبوي وإنما هي مجرد أثر مقطوع على كلام "مجاهد بن جبر" التابعي تحقيق سند رواية (انطواء الجن على عضو الرجل حين جماع زوجته) وأحسبها رواية مكذوبة على الإمام مجاهد ولم يقل بها بل ملفقة له .. ليه - ما يدل على فساد متن رواية (الجن ينطوي على عضو الرجل حين جماع أهله) هو لأسباب - رواية (انطواء الجن على إحليل الرجل) هي رواية غير مقبولة عقلا لأسباب.

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الزواج والجماع والإنجاب

بين الجن و الإنس

حقيقة شرعية أم خرافة تراثية

وتحقيق خرافة جماع الملائكة للإنس

 (الجزء الثاني)

(الفصل التاسع عشر)

#- فهرس:

:: الفصل التاسع عشر :: عن مناقشة قوله تعالى (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) لمن فسره برواية (انطواء الجن على عضو الرجل وقت جماع زوجته) حتى يستدل بها في إثبات مسألة الجماع بين الجن والإنس ::

1- س65: ما هي حقيقة رواية (إذا جامع الرجل أهله ولم يسم انطوى الجن على إحليله) والتي استند إليها بعض علماء التفسير عند تفسير قوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) ؟

#- أولا: رواية (انطواء الجن على إحليل الرجل) ليست حديث نبوي وإنما هي مجرد أثر مقطوع على كلام "مجاهد بن جبر" التابعي ..

#- ثانيا: تحقيق سند رواية (انطواء الجن على عضو الرجل حين جماع زوجته) وأحسبها رواية مكذوبة على الإمام مجاهد ولم يقل بها بل ملفقة له .. ليه ؟

#- ثالثا: ما يدل على فساد متن رواية (الجن ينطوي على عضو الرجل حين جماع أهله) هو لأسباب ..

#- رابعا: رواية (انطواء الجن على إحليل الرجل) هي رواية غير مقبولة عقلا لأسباب ..

*************************

:: الفصل التاسع عشر ::

:: عن مناقشة قوله تعالى (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) لمن فسره برواية (انطواء الجن على عضو الرجل وقت جماع زوجته) حتى يستدل بها في إثبات مسألة الجماع بين الجن والإنس ::

**************************

..:: س65: ما هي حقيقة رواية (انطواء الجن على عضو الرجل حين جماعه لأهله) والتي استند إليها بعض علماء التفسير عند تفسير قوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- كنا سبق وناقشنا رواية التابعي الحسن البصري الذي اعتمد عليها البعض ف تفسير قوله تعالى (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) .. وقد أظهرنا فساد هذه الرواية بل وهذا الرأي التفسيري .. لأنه مخالف للعقل ولعدل الله أصلا .. لأنه رأي جحد حق الجنيات في الآخرة ..!!

 

- ولكن هنا نناقش رواية أخرى .. قيلت عن التابعي "مجاهد بن جبر" رحمه الله (ولد سنة 21 هـ ، وتوفي 104هـ) ..

 

- وبسبب هذه الرواية قد ظن بعض العلماء من خلالها إمكانية وطء الجن للإنسيات .. حيث جاء في هذه الرواية عن مجاهد بن جبر أنه قال: (إِذَا جَامَعَ الرجل أهله وَلَمْ يُسَمِّ انْطَوَى الْجَانُّ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَجَامَعَ مَعَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ "لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ") ذكره السيوطي في الدر المنثور واللفظ له .. نقلا عن الطبري في تفسيره والحكيم الترمذي في نوادر الأصول .. وقال الشيخ الألباني: وهذا إسناد مقطوع ضعيف مظلم .

 

- قوله (لم يسم): أي لم يقل قبل الجماع "بسم الله" ..

- قوله (انطوى): أي يلتف على عضو الزوج أثناء جماع ..

- قوله (إحليله): أي عضو الذكري ..

 

- وأظن أن أول من أثبت كلام مجاهد بن جبر في تفسيره .. هو الإمام أبو جعفر الطبري (المتوفى:310 هـ) .. حيث قال: "فإن قال قائل: وهل يجامع النساء الجنّ، فيقال: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) ؟ فإن مجاهدا روي عنه ......" ثم ذكر رواية مجاهد السابق ذكرها .. (راجع تفسير الطبري ج23 ص65).

 

- وكذلك قد وجدت بعض المفسرين يميل لجواز هذا الوطء من الجن بسبب هذه الرواية أيضا .. منهم القرطبي (المتوفى:671 هـ) حيث قال: " وأنه جائز أن تطأ "أي الجن" بنات آدم  .. وقد قال مُجَاهِدٌ: "إِذَا جَامَعَ الرَّجُلُ ....") إلى آخر رواية مجاهد .. (راجع تفسير القرطبي ج17 ص181).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- إذا كان من غير المعقول الظن بمعتقد غيبي وندخله في الدين من خلال كلام تابعي .. كما ظن الإمام القرطبي رحمه الله أو غيره .. !!

 

- فما بالنا لو علمنا أن الرواية مكذوبة على التابعي أو ملفقة له وتم دسها عليه .. !!  

 

- وليست المشكلة في وجود كلام أشبه بالخرافة ويتم كتابته .. من باب الإشارة إليه والتنبيه عليه والإحتراز منه .. فهذا شيء معروف ومنتشر في كثير من الكتب .. وإنما المشكلة في كتابة رواية مثل رواية مجاهد بن جبر دون نقد أو اتهام وكأنها حقيقة واقعية أو كأنه حديث نبوي .. ثم يتم تدوينها في التفاسير وكأنها دين ومعتقد إسلامي .. فهذه مصيبة .. ويكفي ما نعيشه لآن من تبعات هذه المعتقدات الباطلة المستمدة من روايات باطلة ..!!

 

#- وهذا أون الكلام على هذه الرواية ليتبين لك ما فيها من باطل ..

##################

#- أولا: رواية (انطواء الجن على إحليل الرجل) ليست حديث نبوي وإنما هي مجرد أثر مقطوع على كلام "مجاهد بن جبر" التابعي ..

 

- يعني هذه رواية قد انقطع الكلام فيها على من قاله فهو خاص به هو كرأيه الخاص أو وجهة نظرة .. أي هذه الرواية خاص بكلام التابعي "مجاهد بن جبر" .. يعني هذا ليس حديث نبوي ولا من كلام النبي .. فليس حجة لنأخذ به ونعتقد فيه أصلا حتى ولو كان صحيحا .. فما بالك وهي رواية تالفة السند وفاسدة المعنى ..!!

 

- ومن الخطأ أن يقال أن هذا حديث .. لأن العوام تفهم من لفظ الحديث أنه حديث نبوي .. وإنما هذا يسمى "أثر" أو "رأي" ..

##################

 

#- ثانيا: تحقيق سند رواية (انطواء الجن على عضو الرجل حين جماع زوجته) وأحسبها رواية مكذوبة على الإمام مجاهد ولم يقل بها بل ملفقة له .. ليه ؟

 

#- لوجود خلل وفساد كبير في سند الرواية:

- سند الرواية عن الإمام الطبري:

- (أثر مكذوب تالف السند- ومنكر المتن جدا) .. قال الطبري: مجاهدا روي عنه ما حدثني به محمد بن عمارة الأسدي، قال: ثنا سهل بن عامر، قال: ثنا يحيى بن يَعْلَى الأسلميّ عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد، قال: (إذا جامع الرجل ولم يسمّ، انطوى الجانّ على إحليله فجامع معه، فذلك قوله: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) رواه الطبري في تفسيره ..

 

- وفي رواية اخرى بلفظ: (إذا جامع الرجل أهله، ولم يسم....) رواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول.

#- الرواية فيها ثلاث علل في الإسناد:

1- الرواية في سندها (محمد بن عمارة الأسدى) .. وهو مجهول الحال .. 

- وقال الإمام أحمد شاكر في تحقيقه على تفسير الطبري: شيخ الطبري "محمد بن عمارة الأسدى" لم أجد له ترجمة ولا ذكرا، إلا في رواية الطبري عنه في التاريخ أيضًا مرارا . (راجع تفسير الطبري بتحقيق أحمد شاكر عند الخبر رقم 1511).

2- الرواية في سندها (سهل بن عامر البجلي):

- وقال عنه البخاري: هو منكر الحديث ولا يكتب حديثه .. (راجع التاريخ الصغير للبخاري ج2 ص336) ..

- قال عنه أبو حاتم الرازي: ضعيف الحديث، روى أحاديث بواطيل، أدركته بالكوفة وكان يفتعل الحديث.. (راجع ما قاله في الجرح والتعديل ج4 ص202) ..

- ولذلك قال عنه الإمام الذهبي: كذبه أبو حاتم (ميزان الإعتدال ترجمه رقم 3583).

 

#- وما سبق كاف جدا في ثبوت أن هذه الرواية مكذوبة على الإمام مجاهد .. وأنه لم يقل بها من أساسه .. وإذا كان هذا الراوي حاله اختلاق أسانيد للحديث كما شرح ذلك أبو حاتم في كيفية افتعاله للأحاديث حيث ذكر مثال لذلك أثناء كلامه عنه .. وكذلك يروي ما هو باطل ومنكر كما قال البخاري .. فكيف يكون مثل هذا إلا كذاب وماذا تنتظر من وراءه ؟!!

- ويكفي شهادة من حضره وجها لوجه .. وهو أبو حاتم الرازي رحمه الله .

 

- أما ما ينقله البعض عن أن بن حبان ذكره في الثقات .. فهذا كلام لا قيمة له ولا دليل عليه لتوثيقه .. فشهادة أبو حاتم كافية لأنه قابله وعاينه وحضره .. بالإضافة لشهادة البخاري .. وهذه شهادات كافية عند أهل الحديث لإسقاط هذا الراوي في مزابل الرواة ..!!

 

3- ويوجد راوي آخر معلول في سند الحديث وهو (يحيى بن يعلى الأسلمي وهو أبو زكريا القطواني):

- قال يحيى بْن مَعِين: ليس بشيءٍ.

- وقَال البُخارِيُّ: مضطرب الحَدِيث.

- وَقَال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ليس بالقوي.

- وَقَال أبو أحمد بْن عدي: كوفي من شيعتهم. (راجع هذه الأقوال في تهذيب الكمال ج32 ص52).

 

- وعن نفسي لا أشك أن هذه الرواية بهذا السند أنها قد تكون رواية مكذوبة على الإمام مجاهد ولم يقل بها بل تم نسبتها إليه وهو بريء منها ..، وعلى أحسن تقدير لهذه الرواية فهي ضعيفة جدا ..

 

- والمشكلة أن هذه الرواية منتشرة في كتب التفاسير بكثرة لشدة الثقة في التابعي "مجاهد بن جبير" .. بل وبنوا عليها تفسيرات لبعض الآيات .. مما يجعل القاريء لهذه الرواية وتكرارها في كتب التفاسير يظن أن هذه رواية صحيحة .. بل وظن البعض أنها حديث نبوي .. وفي الحقيقة هي رواية عن قول أحد التابعين وهي باطلة سندا ومتنا .. وأغلب ظني أنها منسوبة لمجاهد بن جبر بالكذب عليه .. يعني ملفقة له وتم دسها في كتب التفسير .

 

#- وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

- وهذا إسناد مقطوع ضعيف مظلم .

- وبعد أن أثبت فساد سند الحديث .. ثم قال رحمه الله: قد وجدت نفسي مضطراً لتخريجه والكشف عن وهائه ، لأنني رأيت بعض العلماء من المفسرين وغيرهم قد ساقوه مساق المسلمات؛ كالقرطبي في ((جامعه)) (10 / 289) ، والشوكاني في ((فتح القدير)) (3 / 233) ، والآلوس ي في ((روح المعاني)) (14 / 119) ! وفسروا به قوله تعالى لإبليس الرجيم في سورة الإسراء: (.. وشاركهم في الأموال والأولاد ) ..

 

* بل وكذلك الحافظ ابن حجر في ((الفتح)) (9 / 229) لما ذكر اختلاف العلماء في تفسير قوله - صلى الله عليه وسلم -:((لم يضره شيطان أبداً)) ؛ في دعاء إتيان الرجل أهله (اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا) ، فكان آخر ما ذكر منها قوله:((وقيل: لم يضره بمشاركة أبيه في جماع؛ أمه كما جاء عن مجاهد. . . (فذكره. وقال: ولعل هذا أقرب الأجوبة)) .!!

سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ج12 ص606-603 .. مختصرا ..

 

- ولذلك من وراء انتشار هذه الرواية الباطلة والغير صحيحة .. قد ترتب عليها معتقد لا وجود له أصلا .. والأغرب هو أن بعض العلماء يشير إليها وكأنها حقيقة تم التسليم لها .. وكأنه حديث نبوي ..!!

- فكيف يُعقل هذا الكلام في الدين يا مؤمنين ؟!!

 

- كيف يُعقل يأتي بعض العلماء بعقيدة غيبية غريبة جدا من كلام تابعي .. وغالبا لم يقل بهذه الرواية أصلا ومكذوبة عليه .. بل وليست هذه العقيدة الغيبية في كلام الله ولا كلام رسول الله ومعارضة للشريعة .. وجعلوا من هذا الكلام معتقد إسلامي .. أهذا يُعقل يا مؤمنين ؟!!

 

- وإذا بطل الدليل بطل الإستدلال به .. وكان ما بني على باطل فهو باطل بالتبعية ..!! (وإن كان هذا ليس أصلا بدليل ليستدل به لأنه ليس كلام من الوحي !!) ..

 

- وإذ قد تبين لك أخي الحبيب فساد الدليل الذي استندوا إليه وعلمت أنها رواية غالبا مكذوبة على قائلها .. فعقيدتهم الغيبية في الجن التي اعتقدوها حينئذ من حيث أن الجن يجامع الإنسيات من خلال انطواء والتفاف الجن على عضو الرجل .. هي عقيدة باطلة .. وذلك وفق ما استدلوا عليه ..

 

#- وإذا كان إفساد السند كافي لإسقاط هذه الرواية الخرافية .. ولكن من المهم أيضا أن نفضح نكارة المتن وأظهر فساده وبطلانه .. حتى يتبين لكل مسلم أن هذه رواية ذات معتقد خرافي .. وقد تم دسها في كتب التفسير وغالبا لم يقل بها من رُويت عنه .. ولعل هذا يكف مرتزقة الرقية من الإستدلال بهذه الرواية للترويج لهذا المعتقد الخرافي والمنحرف والمخالف للشريعة.. وهو معتقد التفاف الجن على عضو الرجل حين جماع أهل بيته إذا لم يسم الله.

 

- ولبيان مدى فساد وبطلان نص هذه الرواية ومخالفتها للشريعة الإسلامية أصلا .. وأنها رواية منكرة جدا .. فتابع معي الآتي ..

 

##################

 

#- ثالثا: ما يدل على فساد متن رواية (الجن ينطوي على عضو الرجل حين جماع أهله) هو الآتي:

 

1- مما يدل على فساد ونكارة المتن هو مخالفته لقوله تعالى: (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) الإسراء 74..

 

- فهل قال تعالى: "وشاركهم في الزوجات" ؟ لا .. لم يقل ذلك ..

 

- لأنه لا مشاركة للشيطان في الزوجات ولا غيرهن من الإناث .. وإلا كان القرآن أخبرنا بها في قوله (وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ) .. أو كان النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بها في حديث بلغنا بسند صحيح .. ولكن لم يحدث هذا ولا ذاك .. فمن أين أتت هذه الرواية الخرافية بما فيها من فعل شيطاني لا دليل عليها في القرآن ولا السنة ؟!!

 

2-  ومما يدل على خرافة وفساد ونكارة المتن لهذه الرواية .. لأنه بهذا النص (انطوى الجان على إحليله) قد خالف كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. ليه ؟

 

- لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (في بُضْعِ أَحَدِكُمْ (أي معاشرة زوجته) صَدَقَةٌ، قالوا: يا رَسولَ اللهِ، أَيَأتي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكونُ له فِيهَا أَجْرٌ؟ قالَ: أَرَأَيْتُمْ لو وَضَعَهَا في حَرَامٍ، أَكانَ عليه فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذلكَ إذَا وَضَعَهَا في الحَلَالِ كانَ له أَجْرٌ) صحيح مسلم .

 

- فكيف نظن أن الله قام بتسلط الشيطان على الزوج حتى جعل الشيطان يجامع زوجته معه .. وذلك في العلاقة الحلال والمباحة والتي قد أباحها الله للزوج أن يفعلها وهو آمن ومطمئن ؟!!

- كيف يعقل هذا أو يقبله قلب مؤمن ؟!!

 

3- رواية مجاهد تتعارض مع قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ما مِن مُسْلِمَينِ يلتَقيانِ فيتَصافحانِ إلَّا غُفِرَ اللَّهُ لَهُما قبلَ أن يفتَرِقا) رواه أحمد والترمذي وقال حديث حسن غريب .. وقال الشيخ الألباني في الصحيحة: الحديث بمجموع طرقه وشاهده صحيح أو على الأقل حسن كما قال الترمذي.. وقال محققو المسند: صحيح لغيره.

 

- وفي رواية أخرى بلفظ: (إن المؤمنَ إذا لَقِيَ المُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عليهِ ، و أَخَذَ بيدِهِ فَصافَحَهُ تَناثَرَتْ خَطَاياهُما كما يَتَناثَرُ ورَقُ الشجرِ) رواه الطبراني في الأوسط .. وذكره الألباني في الصحيحة وقواه بمجموع طرقه ..

 

- فإذا كان الغرباء حينما يلتقيان فيتصافحان .. يُغفر لهم .. ما بالكم بالأزواج الذين تتلاقى أجسادهم ..؟!! أيكون عقابهم بتسليط الشيطان عليهما ؟!! أهذا كلام يعقله عاقل يا مؤمنين ؟!!

 

- وإذا غُفرت الذنوب نتيجة تلاقي الأجساد .. فكيف يتسلط شيطان عليهما في هذه العلاقة الحميمية المباحة الحلال ..؟!!

- أليس في هذين الحديثين السابقين .. كفاية بيان بظهور كذب رواية مجاهد بن جبير وأنها مجرد خرافة تم دسها في كتب التفسير ؟!!

 

- ملحوظة: لم استدل بهذه الرواية لأنها لم تصح وهي: (إنَّ الرجلَ إذَا نَظَرَ إلى امرَأته وَنَظَرتْ إليه نَظَر اللَّهُ تعالى إليهما نَظْرَةَ رَحْمَة فَإذا أخَذَ بكفِّها تَسَاقَطت ذُنُوبُهما من خلال أصابعهما) رواه الرافعي في تاريخ قزوين عن أبي سعيد الخدري .. وقال الشيخ الغماري في المداوي بأنه باطل موضوع .. وكذلك قال الألباني في السلسلة الضعيفة هو موضوع.

 

4- وعلى افتراض جدلا أن الشيطان ينطوي على إحليل الرجل في العلاقة الشرعية الصحيحة المباحة والحلال (وهذا كلام غير معقول أصلا) .. ولكن على افتراض ذلك .. فقد تمت المساواة بين العلاقة الزوجية الحلال بالعلاقة الحرام .. حيث قد تسلط الشيطان على كلاهما .. لأن المفروض أن الشيطان يتسلط على من يفعل علاقات محرمة !!

 

- فما الفرق بين العلاقة الحلال والعلاقة الحرام حينئذ .. بعد أن تمت المساواة بين الجميع ؟!!

- كيف نعقل هذه المساواة الظالمة ؟!!

5- وما يثبت لك بطلان هذه الرواية التي لا تقل عن وصف أنها خرافة .. هو الإستدلال في الرواية بقوله تعالى (لم يطمثهن إنسٌ قبلهم ولا جانٌ) .. لأنه استدلال لا علاقة له بما قيل في هذه الرواية .. ليه ؟

 

أ- لأن هذه الآية تتكلم عن الآخرة وليس في الدنيا .. فكيف تزعم الرواية بفعل الجن مع الإنسيات في الدنيا في حين الآية تتكلم عن فعل الجن والإنس في الآخرة .. والمفهوم أن كل جنس يكون مع الجنس الذي يشابهه فالجن مع الجن والإنس مع الإنس .. ؟!!

 

ب- الآية تتحدث عن أحوال المؤمنين في الآخرة .. والرواية تتحدث عن جن شيطاني يشترك مع الزوج في الزنا بزوجته .. فما علاقة أصل الرواية بالآية حينئذ .. إلا إلحاد في كلام الله عن حقيقته وجرأة على كلام بما ليس فيه ؟!!

 

ج- الرواية في أولها تكلمت عن العلاقة الحميمة في الدنيا ماذا قد يحدث فيها من الشيطان .. فكيف يقال في رواية مجاهد (فذلك قوله تعالى: "لم يطمثهن .....") .. ؟!!

- إذ كيف يجعل من العلاقة الحميمة في الدنيا هي المقصودة من قوله تعالى (لم يطمثهن إنسٌ قبلهم ولا جانٌ) وهذه علاقة في الآخرة ؟!! فكيف يصح هذا القياس الفاسد ؟!!

 

د- ومن ناحية أخرى .. بداية الرواية تتكلم عن شيطان .. والآية تتكلم عن جن مؤمن .. فما علاقة هذا بذاك ؟!! أليس ذلك إلحاد أي تحريف واضح وصريح في تفسير كلام الله ؟!!

 

هـ- كيف تقبل هذه الرواية يا مؤمن .. وهي قد ساوت بين تسليط الشيطان "بقصد الضرر" .. وعطاء الله للمؤمن "متعة الآخرة" .. وقال: (فذلك هو ( لم يطمثهن ......)) .. بدليل استدلاله بهذه الآية ؟!

- فهل هذا يُعقل ..!!

 

و- فإذا كانت الرواية المزعومة تتكلم عن الشيطان في الحياة الزوجية الإنسية .. فهل الشيطان سيدخل الجنة ويجامع فيها .. حتى يقول: (فذلك قوله (لم يطمثهن ...)) .. ؟!!

- فما هذا القياس الفاسد ..!!

 

- لأنه على هذا الفهم السَّخيف والغير معقول .. فالجن سينطوى على إحليل الرجل الإنسي في الآخرة ويجامع معه أيضا .. حتى يستقيم معنى الرواية مع الآية ..!!

- لأنه من الواضح في عقلية هؤلاء أن الجن عاجز عن الجماع إلا بحضور الزوج ..!!

 

- كيف نعقل ذلك وكيف يتم تصديق ذلك ؟!! بل أن هذا دليل كافي على ظهور أكذوبة هذه الرواية وخرافتها ..

 

##################

 

#- رابعا: رواية (انطواء الجن على إحليل الرجل) هي رواية غير مقبولة عقلا لأسباب منها:

 

1- قد تبين لك من تخريج هذه الرواية أنها غير صحيحة بأي حال من الأحوال لفساد سند هذه الرواية .. فضلا عن فساد المتن .. فكيف يتم قبول روايات مثل هذه في الدين بل وكيف يمكن أن يقبلها العقل ..؟!!

 

2- كيف نقبل أن تكون مكافئة العلاقة الزوجية الحلال .. والتي فيها رحمات من الله قد ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم لنا .. أن تكون تسليط شيطان على هذه العلاقة .. وكأن الرجل وزوجته في حالة زنا ؟!!

- أليس في ذلك غرابة شديدة ؟! 

 

3- إذا كنا لا نستطيع أن نعقل كيف سمح الله في العلاقة الزوجية الحلال بأن يتم تدنيسها بمشاركة شيطانية .. فإنه توجد مصيبة أخرى وهي كيف تستقيم نفسية الإنسان في حياته حينما يشعر بأن زوجته قد وطأها شيطان .. بل وكيف تعيش الزوجة بهذا الإحساس بأن شيطان يجامعها مع زوجها ؟!!

- فهل الله يدمر نفسية الإنسان بعلاقة زوجية شرعية مباحة وفيها تتنزل رحمات من الله ؟!!

- كيف يكون هذا ظننا بالله ؟

 

4- لماذا يعاقبنا الله على ما هو ليس بفرض علينا من أساسه (وهو التسمية أثناء العلاقة) .. بل وكيف يعاقبنا بما لم نرتكب فيه معصية .. فيسلط علينا شيطان .. ؟!!

- فهذا ليس من العدل الإلهي كما علمنا من القرآن وكلام النبي.

 

5- ومن ناحية أخرى .. إذا كان التحريض على المشاركة في الزنا .. هو أقصى طموحات الشيطان معنا .. فلماذا نخترع له سلطان علينا بمشاركته معنا في زوجاتنا ..

- أهذا كلام يعقله عاقل ؟!!

 

6- كيف أكون محافظا على علاقتي بربي في كل شيء .. ثم قد اغفل عن التسمية أثناء العلاقة .. فيعاقبني الله بالشيطان ليجامع معي زوجتي ..!!

- كيف أستطيع قبول ذلك كمؤمن ؟!!

 

7- إذا كان الشيطان يتسلط على أولياؤه وأحزابه .. وهذا مفهوم .. فكيف يتسلط على أولياء الله المؤمنون به الذين أقاموا علاقة شرعية مباحة وحلال وتتنزل فيها رحمات .. حتى يفعل بهم هذا الفعل القبيح والمهين لكل إنسان ..!!

- حاشاه جل جلاله أن يفعل ذلك.

 

8- ونسأل المستدلين بهذه الرواية اعتقادا فيها: ما الفرق بين الزوج وبين الساحر والزاني .. في العلاقة الجنسية طالما على الجميع سيتسلط الشيطان ؟!!

 

9- طالما الجماع أمر سهل بالنسبة للجن الشيطاني .. أليس من السهل للجن أن يجامع الإنسيات بلا زوج .. فيفترس الضحية كيفما يحلو له ..؟!!

- فلماذا ينتظرها الشيطان لتتزوج حتى يجامع مع زوجها ..!!

- أي لماذا لم يأتي المرأة لما كانت بكرا .. ولماذا لا يأتي للمطلقة والأرملة .. ؟

- فهل الشيطان متخصص أزواج فقط .. كما يظهر من هذه الرواية ؟!!

- ام هل هذا شيطان مبتور العضو فاحتاج لعضو الزوج مساعد له ؟

- أم بأي منطق تفكرون ؟!!

- أين عقولكم يا سادة ؟!!

 

10- الذين يستدلون بهذه الرواية من الرقاة في زماننا هذا وينتصرون لها بعد معرفتهم ببطلانها .. فهم يشهدون على أنفسهم أن الشيطان جامع أمهاتهم .. إذ من الذي يأمن من الغفلة والنسيان .. ولذلك من الممكن أن ينسى أبيك أن يسمى قبل الجماع .. وبالتالي لو قال لك أحد: لعل الشيطان قد جامع أمك مع أبيك ..!!

- فلا حرج عليه حينئذ لاحتمالية حدوث ذلك حسب معتقدك .. مش كده ولا إيه ؟!!

 

- وإذا كان هذا ظنك بأمك وأبيك .. باحتمالية أن يكون الشيطان ثالثهما في حال جماعهما في الحلال .. فهذا سلوك منك يحتاج إلى تقويم ..!!

 

- ولكن هل أنت سعيد الآن وفرحان بمعتقدك أن الشيطان قد يكون جامع أمك مع أبيك .. ؟!!

- فهل غابت العقول أم على القلوب أقفال ؟!!

 

11- من عقائد المعالجين من الرقاة والروحانيين .. أن المرأة قد يتحرش بها الجن سواء متزوجة أو غير متزوجة .. ولكن رواية مجاهد بن جبير الخرافية .. تثبت أن جماع الشيطان إنما يكون أثناء العلاقة الزوجية .. فهذا معناه أن الجن من نفسه لا يستطيع أن يتحرش بأي امرأة إلا لو كانت متزوجة لأنه يحتاج إلى وسيط ليتسلط من خلاله وهو حينئذ يكون (عضو الزوج) .. وبالتالي المرأة الغير متزوجة لا يحدث لها شيء ..!!

 

- فهذه الرواية لو كانت صحيحة فهي حينئذ تكون حجة عليهم في إبطال ما يروجونه للناس من حكاوي تحرش الجن بالنساء .. إلا فقط لو كانت متزوجة وفي حالة جماع مع الزوج ولم يذكر اسم الله ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- رواية مجاهد بين جبير التي تتعلق بانطواء الشيطان على إحليل الرجل عند الجماع .. هذه رواية خرافية ولا يصح ذكرها إلا للتحذير منها والتنبيه على أنها رواية مكذوبة على التابعي مجاهد بن جبير .. وعلى أحسن ظن فهي ضعيفة جدا سندا ومنكرة جدا متنا لأنها باطلة ومخالفة للشريعة الإسلامية أصلا ..

 

2- من يريد أن يعتقد أن وطء الشيطان للمرأة يأتي نتيجة علاقة شرعية مباحة وحلال .. فليجعلها عقيدته في أمه وابنته وأخته من باب أولى .. دون أن يلصق ذلك ببنات وأمهات الخلق الإنساني لأنهن برآء من هذا المعتقد الخرافي الموجود في هذه الرواية من انطواء الجن على عضو الزوج وقت الجماع مع زوجته في الحلال إذا لم يسم الله ..!!

 

#- وبهذا يكون ختام المناقشة على هذه الرواية .. ونكون أوضحنا أن الاستدلال العام بقوله تعالى: (لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ) الرحمن56 .. ليس محلا للإستدل بها في إثبات أن الجن يمكن أن يجامع الإنسيات ..

 

#- وننقل بعد ذلك إلى الدليل الثالث الذي ذكره بعض العلماء من القرآن وهو آخر دليل قرآني أشاروا إليه في مسألة جماع الجن للإنس .. وقالوا على هذا الدليل أنه يدل على جماع الجن للإنس أو الإنس للجن .. وذلك من خلال قوله تعالى: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) الأنعام 128 .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .