ج20: رسالة الزواج والجماع والإنجاب بين الجن والإنس - هل في آية (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) يوجد دلالة على إمكانية وطء وجماع الجن للإنس أو جماع الإنس للجنيات - من يحتج بآية الاستمتاع في وجود علاقة جنسية بين الجن والإنسيات أو بين الإنس والجنيات .. فعليه أن يثبت أمر ويلتزم بأمر.

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الزواج والجماع والإنجاب

بين الجن و الإنس

حقيقة شرعية أم خرافة تراثية

وتحقيق خرافة جماع الملائكة للإنس

 (الجزء الثاني)

(الفصل العشرون)

#- فهرس:

:: الفصل العشرون :: عن مناقشة الاستدلال بآية (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) لمن قال أنه دليل على جماع الجن للإنس والعكس ::

1- س67: هل في آية (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) يوجد دلالة على إمكانية وطء وجماع الجن للإنس أو العكس ؟

#- أولا: من يحتج بآية الاستمتاع في وجود علاقة جنسية بين الجن والإنسيات أو بين الإنس والجنيات .. فعليه أن يثبت أمر.

#- ثانيا: من يحتج بآية الاستمتاع في وجود علاقة جنسية بين الجن والإنسيات أو بين الإنس والجنيات .. فعليه أن يلتزم بما أقرته الآية .

********************

:: الفصل العشرون ::

:: عن مناقشة الاستدلال بآية (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) لمن قال أنه دليل على جماع الجن للإنس والعكس ::

**************************

..:: س67: هل في آية (رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ) يوجد دلالة على إمكانية وطء وجماع الجن للإنس أو العكس ؟ ::..

 

- من الآيات التي أشار إليها البعض بأنها تدل على جماع الجن للإنس والإنس للجن .. هو ما جاء في قوله تعالى: (وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ. وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) الأنعام 128 - 129.

 

- ثم قالوا بما معناه: الاستمتاع في الآية عام ولا تخصيص فيه لمتعة دون متعة .. وهذا يدل على أن هذه المتعة تشمل العلاقة الحميمة بين الطرفين .. وبالتالي هذا دليل على أن الجن يمكن أن يطأ ويجامع الإنس والعكس أيضا .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- بالرغم من وجهة نظر من استدلوا بهذه الآية .. وقد يكون ما أشاروا إليه هو صحيح في ظاهره .. إلا أن كلامهم هذا فيه نظر لو أخذناه على إطلاقه .. ليه ؟

 

- الاستمتاع هو طلب المتعة .. والاستمتاع المثبت في الآية هو من الطرفين وليس من طرف واحد .. أي أن هناك منفعة متبادلة بين الطرفين وموافقة حاصلة من الطرفين .. حتى يقال أنه يوجد استمتاع ..

 

- وبالتالي إذا كان الذي يحتج بهذه الآية لوجود إمكانية حدوث جماع من الجن للإنس أو العكس .. على أساس أن العلاقة الجنسية جزء من هذا الإستمتاع .. فهو هنا عليه أن يثبت أمر .. ويلتزم بأمر ..

 

###################

 

#- أولا: من يحتج بآية الاستمتاع في وجود علاقة جنسية بين الجن والإنسيات أو بين الإنس والجنيات .. فعليه أن يثبت الآتي:

1- يثبت أن الإستمتاع في الآية يندرج فيه الاستمتاع بالعلاقة الجنسية .. وهذا الإثبات لهذه العلاقة الجنسية بين العالمين يحتاج لدليل شرعي يؤكد به ما ذهب إليه في آية الاستمتاع .. وقد بحثنا في ذلك سابقا في الجزء الأول من الرسالة .. ولم نجد عليها دليل من كلام الله ولا كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وإنما هي مجرد ظنون واحتمالات ..!!

 

- يعني بمعنى أبسط .. اثبت بدليل شرعي أن الاستمتاع بين الجن والإنس يندرج فيه الإستمتاع بالعلاقة الجنسية ؟!!

 

#- مع ملاحظة أن كتب التفسير لا تدرج هذه العلاقة الجنسية ضمن حدود الإستمتاع .. وذلك في حدود ما قرأته ..!!

 

- حتى أنك تلاحظ أن الفريقين الذين قالا بتحليل الزواج أو تحريمه وقد سبق الكلام عنهما .. فلم يحتج كلاهما بهذه الآية .. لأن باب الإستمتاع لابد له شرط التوافق والتراضي باستحلال كل شيء بين الطرفين وهذا الشيء هو منكر عند الله وممنوع فعله ..

 

2- ثم أن المستدل بهذه الآية عليه أن يثبت .. أنه يمكن إقامة علاقة جنسية بين الإنس والجن حتى يجعلها جزء من هذا الإستمتاع ..

 

- يعني بمعنى أبسط .. عليه أن يثبت كيفية حدوث هذه العلاقة وهو في حالة روحانية والإنسي في حالة مادية ؟!! إلا إن قلت أن الإنسي إما أصبح كيان روحاني أو الجني أصبح كيان مادي ؟!!

 

- فلو عجزت عن تحقيق معرفة ذلك .. فلا يحق لك أن تزعم بوجود شيء وأنت عاجز عن إثباته .. ثم تفرضه على الناس .. فهذا في حد ذاته اتهام بالنقص في معرفتك وشبهة في كلامك .. !!

 

- ولا يصح لك أن تفعل كما يفعل البعض فيقول: أن الكيفية غير معلومة وإنما نقر بذلك .. !!

- لا .. فهذا كلام عبيط ولا يقبله إلا عبيط .. ليه ؟

- لأن هذه ليس عقيدة دينية غيبية لأقبلها وأصدقها دون استعمال العقل فيها .. وعليك أن تجيب على ما سبق من أسئلة ..

 

###################

 

#- ثانيا: ومن يحتج بآية الاستمتاع في وجود علاقة جنسية بين الجن والإنسيات أو العكس .. فعليه أن يلتزم بما أقرته الآية:

1- عليك تلتزم بأن هذا الوطء لا يحدث إلا في حالة واحدة فقط دون غيرها .. وهي حين حدوث طلب متبادل بين الطرفين بهذا الإستمتاع .. لأن هذا نص الآية ..

 

2- ولا يحق لك أن تثبت إمكانية وطء وجماع للجن مع الإنس في غير هذه الحالة .. لأن هذه الحالة هي التي أثبتها القرآن فقط وهو الاستمتاع في علاقة تبادلية بين طرفين وهما الجن والإنس .. وعليك أن تلتزم بالنص وتقر بما فيه .. (هذا على افتراض أن العلاقة الجنسية جزء من الاستمتاع بين الجن والإنس) ..!!

 

- وبالتالي لو افترضنا أن لفظ الإستمتاع يحتمل فيه الاستمتاع الجنسي .. فيكون حدود الإستمتاع الجنسي في الآية مرهونة ومرتبطة بموافقة الإنس .. حسب نص الآية .. أي محدودة ومخصوصة بحدوث شرط التوافق والترضي ..

 

#- وما سبق يترتب عليه الآتي:

أ- لو أتى شخص وقال أن الجن يجامعه يقظة .. فهذا نفهم منه أنه كان في علاقة رضى من قبل مع هذا العالم الروحاني وإلا ما كان قدر على هذا الوطء .. لأن هذا شرط حدوث الاستمتاع .. فما الذي فعله هذا الشخص حتى تحدث معه هذه العلاقة الجنسية الكاملة يقظة ؟!!

 

- والذي يقول لم يفعل شيئا والجن يجامعه يقظة .. فهذا يكون مشكوك في كلامه .. ولعله نسى ما قد فعله .. أو لعله فعل ما لم يكن يظن أنه سيترتب عليه استمتاع من الجن به بهذه الصورة ولكنه كان يعلم أن سيترتب عليه منفعة من فعله وإن لم يكن يعلم أن الجن هو الوسيط في ذلك .. لكن لابد أن يكون الإنسي فعل شيئا ترتب عليه حدوث هذا الإستمتاع الجنسي الكامل ..

 

ب- أما من يقول أن الجن يجامعه في المنام .. فهذا خيال .. والخيال لا حكم فيه ..!!

 

#- خلاصة القول:

1- ليس لك أن تقول أن الجن له القدرة على أن يطأ الإنسيات ويجامعهن أو الإنسي له القدرة على جماع الجنيات .. بدلالة آية الإستمتاع .. ثم تسكت .. لا .. لأن لو فعلت ذلك تكون قد أخطأت ونسبت للنص القرآني ما ليس فيه .. وذلك لأن الآية تكلمت عن حالة فريدة فقط يتم من خلالها حدوث هذا الإستمتاع وهي الموافقة بين الطرفين على هذا الفعل .. هذا على افتراض أن الإستمتاع الجنسي يدخل في مفهوم الإستمتاع في الآية .. وعلى افتراض إمكانية حدوث جماع بين الجن والإنس أصلا .

 

2- وما عدا ذلك فلا دليل عليه في الآية .. ولا يصح حينئذ القول أن يقول أحد بحدوث جماع جنسي كامل يقظة بدون اتفاق أو تراضي أو معرفة مسبقة .

 

3- ويمكنك بمنتهى البساطة لو أردت الإستدلال بالآية .. فعليك أن تقول: أنك تظن ظنا من الآية السابقة أن لفظ الاستمتاع فيها قد يشير إلى وجود متعة جنسية محتملة بين الطرفين ولا يقين في ذلك .. لأننا لم نرى الجن وهو يطأ الإنسيات .. أو الإنسي وهو يطأ الجنية حتى نحكم بإمكانية حدوث هذه العلاقة الجنسية أصلا .. فالمسألة كلها مجرد ظن ..!!

 

4- أو تقول أن هذا هو ظنك الخاص دون استدلال بأي دليل شرعي .. لأن وطء وجماع الجن للإنس أو العكس .. في الأصل ليس مسألة شرعية لتثبت لها نص ..!!

 

- ويكفي أن يقال أن وجود علاقة وصال بالجن بإرادة من الإنسي ويترتب عليها علاقة متعة متبادلة بين الجن والإنس .. فهي علاقة آثمة ..

 

- وبالتالي فإن أي علاقة وصال مع الجن بدون إرادة استحضار من الإنسي وليس فيها متعة متبادلة بين الجن والإنس فهي لا تندرج تحت آية الإستمتاع ..!! - والله أعلم ..

 

5- ومما سبق لك أخي الحبيب .. يتبين لك مدى صعوبة الإستدلال بآية الإستمتاع للدلالة على جماع ووطء الجن للإنس أو العكس بين الإنس والجنيات .. إلا إذا أثبت ما طلبنا والتزمت بما أقرته الآية.  

 

#- وبهذا يكون ختام مناقشة آية الإستمتاع لمن استدل بها في إمكانية جماع الجن للإنس أو العكس .. ويكون بذلك ختام الأدلة القرآنية التي ظن البعض منها أنها قد تكون إشارة أو دليل على جماع الجن للإنس أو العكس ..

 

- وبعد ذلك ننتقل إن شاء الله .. لمناقشة بعض الأحاديث والروايات التي استدل بها البعض في إمكانية جماع الجن للإنس أو العكس .. والله ولي التوفيق ..

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .