ج1: رسالة ليلة الجن في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن - ما هي ليلة الجن وسبب تسميتها بذلك - متى حدثت ليلة الجن في تاريخ البعثة النبوية - هل تكررت زيارة الجن للنبي أم كانت مرة واحدة وهي التي ذكرها القرآن - ما سبب مجيء الجن لاستماع القرآن من النبي وتكرار زيارتهم.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

ليلة الجن
في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن

(المقدمة - والجزء الأول)

#- فهرس:

:: الفصل الأول :: عن التعريف بليلة الجن وسبب مجيء الجن وعدد تكرار زيارتهم ::

1- س1: ما هي ليلة الجن وسبب تسميتها بذلك ؟

2- س2: متى حدثت ليلة الجن في تاريخ البعثة النبوية ؟

3- س3: هل تكررت زيارة الجن للنبي أم كانت مرة واحدة وهي التي ذكرها القرآن ؟

4- س4: ما سبب مجيء الجن لاستماع القرآن من النبي وتكرار زيارتهم ؟

*********************

..:: مقدمة الرسالة ::..

 

- بسم الله – اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم ..

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

- هذه رسالة نناقش فيها بإذن الله مسألة ليلة الجن التي جاء ذكرها في القرآن وروايات الحديث المختلفة .. مع تحقيق بعض الروايات المختلفة التي جاء بهذا الشأن حتى نعلم الصحيح من الضعيف فيها ..

 

#- والذي أقصده بليلة الجن هو ليلتين:

- الليلة الأولى: ليلة أن استمع الجن للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم .. وأخبره الله بما حدث له .. وجاء ذكر هذه الليلة في القرآن .

 

- الليلة الثانية: ليلة أن اجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن وقابلهم وقرأ عليهم القرآن وكلموه ودعا الله لهم بشيء من متاع الحياة وكان يتعلق بالطعام..

- وقيل أن هذا الإجتماع قد تكرر في عدة مرات .. وهذا سنناقشه إن شاء الله ..

 

#- منهجي في هذه الرسالة:

1- مراجعة الآيات القرآنية بهذا الشأن وشرحها وبيان معانيها قدر المستطاع .

2- توضيح الروايات الحديثية المختلفة في كل ليلة .. وتوضيح الغامض من المعاني فيها .. وتوضيح بعض الإشكاليات المتعلقة بالروايات الصحيحة .

3- توضيح بعض الإشارات المستنبطة من بعض الروايات .

4- طريقة ترتيب الرسالة في هيئة أسئلة وأجوبة كما هي العادة في أسلوب كتابتي .

5- وضعت فواصل بين كل فصل مع فهرسة لكل فصل ووضع بوست خاص بهذا الفصل كنوع من الحافز عند قراءة كل فصل وكأنه موضوع جديد بمسائل جديدة لتشجيعك على القراءة.

 

#- الغرض من هذه الرسالة:

1- هذه الرسالة وإن كانت قصيرة في محتواها إلا أنها جليلة القدر في تحقيق مسائلها .. وتكسبك معرفة جديدة عن الجن من منظور إسلامي من خلال القرآن والحديث النبوي.

2- هذه الرسالة تجمع لك الروايات المتاحة في كتب الأحاديث والسيرة حول ليلة الجن .. وتجعل من جزئية ليلة أو زيارة الجن محتوى واحد متكامل المعلومة .. ولكن مع بيان وتحقيق وتتبع للروايات لبيان الصحيح والضعيف .. ولرفع الإشكاليات حول بعض الروايات الصحيحة .

 

#- رجاء من الله:

- أرجو من الله التوفيق إلى ما يحبه ويرضاه .. وأن يجعله عملا مقبولا .. وأن تكون هذه الرسالة رسالة جيدة وخطوة في تعليم العلم الروحاني الإسلامي بصورة شرعية صحيحة خالية من التناقضات والأوهام التي ينشرها البعض على الإنترنت على وجه الخصوص ..

- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

 

*************************

:: الفصل الأول ::

:: عن التعريف بليلة الجن وسبب مجيء الجن وعدد تكرار زيارتهم ::

*************************

..:: س1: ما هي ليلة الجن وسبب تسميتها بذلك ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

#- أولا: ليلة الجن .. هي الليلة التي قام الجن فيها بزيارة النبي صلى الله عليه وسلم .. واستمعوا فيها للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم.

- والسبب في تسميتها بليلة الجن .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قابل الجن في وقت من الليل .

 

#- ثانيا: ليلة الجن ليست مخصوصة بليلة محددة .. وإنما المقصد منها الليلة التي زار فيها الجن النبي صلى الله عليه وسلم ..

- وهما ليلتان .. مرة استمعوا للنبي دون أن يعلم النبي بوجودهم .. ومرة قابلهم النبي صلى الله عليه وسلم بموعد محدد معهم .. والمرتين كانتا بمكة.

- فالقرآن ذكر الليلة الأولى .. وروايات الحديث أشارت إلى الليلة الأولى والليلة الثانية .

 

- فالتابعين حينما كانوا يسألون الصحابي عبد الله بن مسعود عن ليلة الجن .. فهم يسألونه عن الليلة الثانية التي اجتمع بها النبي مع الجن بموعد محدد .. وهي الليلة التي أتى فيها الجن للنبي وطلبوا لقاءه ليتعرفوا على الإسلام ..

 

#- ثالثا: في كتب أهل العلم يتكلمون على هذه المسألة في بابين من أبواب العلم ..

- الأول: تحت عنوان .. ما جاء في سورة الأحقاف والجن من أخبار .

- الثاني: تحت عنوان .. وفادة الجن إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

- ويقصدون بالوفادة أي إتيان أشراف الجن في صورة وفد أي جماعة خاصة من الجن من الأشراف فيهم .. لمقابلة النبي صلى الله عليه وسلم ..

*********************

 ..:: س2: متى حدثت ليلة الجن في تاريخ البعثة النبوية ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لم يظهر لنا تحديد متى حدثت ليلة الجن .. وإنما غالب الظن أنها كانت في السنة العاشرة من البعثة وقبل الهجرة بسنتين أو ثلاثة .. وقت نزول سورة الجن .. التي يظن أنها نزلت في السنة العاشرة من البعثة تقريبا .. وظن العلماء أن حدوث ليلة الجن هي عودة النبي من رحلة الطائف في السنة العاشرة من البعثة .. وساعد على هذا الفهم الرواية التالية ..

 

- (أثر تابعي ضعيف) .. عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: (ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ رَاجِعًا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى مَكَّةَ حِينَ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةَ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَمَرَّ بِهِ النَّفَرُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ، وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ لِي سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِيمَا بَلَغَنِي: حَسًا، وَمَسًا، وَشَاصِرَةُ، وَنَاصِرَةُ، وَابْنا الْأَرَبِ، وَأَبْيَنُ، وَأَخْضَمُ، فَاسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا إِلَى مَا سَمِعُوا فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ خَبَرَهُمْ فِي الْقُرْآنِ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31] وَقَالَ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1] إِلَى آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ) رواه أبو نعيم في دلائل النبوة ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الرواية السابقة:

- السند صحيح حتى (بن اسحاق) .. ولكن الرواية ضعيفة لانقطاعها بين بن اسحاق والنبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

- ولعل هناك أثر آخر قد ساعد على هذا الفهم .. وهو الآتي:

- (أثر عن تابعي التابعين - ضعيف جدا) .. مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ: (غَابَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالطَّائِفِ إِلَى أَنْ رَجَعَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً وَقَدِمَ مَكَّةَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ لِثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ وَكَانَ قَدْ خَرَجَ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ شَوَّالٍ وَقَدِمَ عَلَيْهِ الْجِنُّ الْحَجُونَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ إِحْدَى عَشْرَةَ مِنَ النُّبُوَّةِ) رواه أبو نعيم في دلائل النبوة عن الواقدي.. وعنهما ذكره السيوطي في الدر المنثور .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الرواية السابقة:

- في السند (محمد بن عمر الواقدي) وهو راوي الحديث ضعيف جدا والبعض اتهمه بالكذب والبعض ترك حديثه والبعض أيضا وثقه ..

- وفي السند (أبو بكر بن أبي سبرة القرشي) وهو متهم بالوضع ومتروك الحديث ..

- وفيه (إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) وهو مجهول الحال ..

- هذا بخلاف الانقطاع بين إسحاق والنبي صلى الله عليه وسلم.

 

#- ولكن الروايات الصحيحة قد أظهرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حدثت له ليلة الجن الأولى في منطقة وادي نخلة وهي بعد الطائف .. ودون تخصيص بزمن معين ..

- فعن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ. فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ..  فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ - وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ - فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ. وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) صحيح مسلم .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.

 

#- من معاني المفردات:

- قوله (فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ): أي أولئك الشياطين ..

- قوله (وهو بنخلة): هو مكان بين الطائف ومكة ويبعد عن مكة بنحو ثلاثين كيلو متر تقريبا ..

- قوله (سوق عكاظ): هو مكان يتجمع فيه العرب للتجارة وكان يقام في شهر رمضان .. وقيل هو سوق للتباهي بالشعر بين العرب .. وقد يكون هذا السوق يجمع بين التجارة والمفاخرة والتباهي بالشعر .. والله أعلم .

 

- وعَنْ زِر بن حبيش عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصِتُوا. قَالُوا: صَهٍ . وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} [الأحقاف: 29] الْآيَةُ إِلَى {ضَلَالٍ مُبِينٍ}) رواه الحاكم وقال: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .. وقال الذهبي: صحيح ..

#- من معاني المفردات:

- قوله (ببطن نخلة): أي وادي نخلة وهو مكان بين الطائف ومكة ويبعد عن مكة بنحو ثلاثين كيلو متر تقريبا ..

 

- قوله (صَهٍ): أي اسكتوا حتى تنصتوا جيدا لما يتم تلاوته ..

 

- قوله (تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ): أي أن النفر من الجن الذين استمعوا لقراءة النبي كان عددهم (تسعة) وكان اسم أحد هؤلاء التسعة كان اسمه (زَوْبَعَةُ).

 

#- ولو تأملنا الروايات الصحيحة .. سنجد أنها لم تحدد وقت حدوث ليلة الجن المشار إليها في القرآن .. وإن كان يغلب على ظن بعض العلماء أنها قبل الهجرة أي قبل سنة 13 من البعثة النبوية وتحديدا في العام العاشر من البعثة تقريبا أو قبل ذلك .. (وإن كان في تحديد هذا الوقت يوجد وجهة نظر سأذكرها في السؤال رقم 21) ..

 

#- خلاصة القول:

1- لا يوجد دليل يقيني على أن ليلة الجن المذكورة في القرآن قد حدثت عند عودته من رحلة الطائف المشهورة والتي أذاه فيها المشركون والتي كانت في العام العاشر من البعثة .. لأن الروايات التي أشارت وصرحت بأن هذا حدث عند عودته من الطائف بعد أن أذاه المشركون وكان ذلك في العام العاشر من البعثة .. إنما هي روايات لم تصح .. مثل رواية بن اسحاق والواقدي.

 

2- من الممكن أن يقال بأن رواية بن اسحاق ورواية الواقدي قد يعضد بعضهما البعض .. مما يجعل من الروايات مقبولة من حيث كونها محتملة الحدوث في ذلك التاريخ وهو العام العاشر للبعثة .. خاصة رواية بن اسحاق لأن سند الرواية حتى عنده هو صحيح .. ولكن تظل الرواية لا تروى على سبيل الحجة واليقين.

- والله أعلم .

 

**************************

 ..:: س3: هل تكررت زيارة الجن للنبي أم كانت مرة واحدة وهي التي ذكرها القرآن ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: الراجح عند العلماء هما زيارتين .. وإن كان لا يمتنع تكرار الزيارة بما لا نعلمه .. وليس فيه فائدة لنا من وراء معرفة ذلك .

 

1- الزيارة الأولى: هي التي ذكرها القرآن .. وذلك حينما استمع الجن للقرآن من النبي وهو يصلي الفجر بوادي نخلة .

- ولم يعرف النبي بأن الجن كان يسمعه إلا بعد نزول الوحي بذلك ..

- وقد جاءت هذه القصة في موضعين بالقرآن.

أ- عند قوله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) الجن:1.

 

ب- وعند يقول تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) الأحقاف29.

 

2- والزيارة الثانية: وهي التي قابل فيها الجن عن قصد ومعرفة بوجودهم وانتظارهم لمقابلته .. وتلا عليهم القرآن وسألوه أن يدعو الله لهم بشيء من طعام الإنس .

 

- وهذه الزيارة هي المشار إليها من حديث بن مسعود الذي جاء فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: (أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن) صحيح مسلم.

 

#- ملحوظة هامة:

- البعض قد يستدل برواية للدلالة على أن الزيارة للجن كانت مرتين .. وهي الآتي:

- (أثر صحابي ضعيف) - جاء في رواية عن عكرمة عن بن عباس قال: (صُرِفَتِ الْجِنُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ، وَكَانَ أَشْرَافُ الْجِنِّ بِنَصِيبِينَ) رواه الطبراني في الأوسط.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الرواية السابقة:

- ولكن في الرواية يوجد (عُفَيْرُ بْنُ مَعْدَانَ) وقد ضعفه علماء الحديث.. وقال عنه الهيثمي في المجمع: متروك.

 

#- فالرواية السابقة عن بن عباس ليست حجة في إثبات مجيء الجن مرتين .. وإنما القرآن الكريم أثبت مرة والروايات الصحيحة أثبتت مرة ثانية .. وهذا ما سنوضحه في فصل قادم إن شاء الله تعالى .

 

#- ثانيا: بعض العلماء أوصل هذه الوفادة أو زيارة الجن للنبي إلى ستة مرات ..

- وذكروا أن بعضها حدث بمكة وبعضها حدث بالمدينة .. والزيارة الوحيدة التي لم يشعر النبي بوجودهم كانت هي المرة التي ذكرها القرآن .. وأن بعض الزيارات علم بها بعض أصحابه وبعضها لم يعلم بها أصحابه ..

 

#- ونستطيع تلخيص هذه الزيارات (غير ما جاء بالقرآن) والتي بلغت ستة زيارات بمحموع الروايات (سواء صحيحة أو ضعيفة):

1- فمنها أربعة زيارات بمكة ..

- مرة لم يعرف الصحابة بها والتي بحثوا فيها عن النبي حتى ظنوا أنه أغتيل أو استطير .. أي تم قتله أو أسره من كفار مكه.

- وثلاث مرات قد حضرها الصحابي عبد الله بن مسعود.

2- ومنها زيارة خارج المدينة وقد حضرها الصحابي الزبير بن العوام.

3- ومنها زيارة في بعض سفرياته وحضرها الصحابي بلال بن الحارث.

 

#- وسيتم مناقشة هذه الزيارات بالتفصيل وتحقيقها في فصل قادم لنعلم ما هو الصحيح والضعيف في الروايات التي نقلت خبر هذه الزيارة ..

- وكذلك لنعرف هل كان فعلا يوجد أحد من الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن أم كان وحده.

 

***********************

 ..:: س4: ما سبب مجيء الجن لاستماع القرآن من النبي وتكرار زيارتهم ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- هناك سبب لمجيء الجن إلى النبي واستماعهم للقرآن .. وهناك سبب آخر لتكرار هذه الزيارة للنبي ..

 

- أولا: أما عن سبب مجيء الجن في البداية للنبي حين سمعوا منه القرآن:

- فذلك لأنهم قد تم منعهم من الاستماع لخبر السماء ومعرفة الغيبيات وما ترتب على ذلك من الرجم بالشهب.. فعلموا أنه يوجد سبب قد حدث في الأرض ترتب عليه هذا المنع والرجم .. فبحثوا في الأرض فوجدوا النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي الفجر ويقرأ القرآن .

 

- ودليل ذلك:

1- قوله تعالى حكاية عن الجن أنهم قالوا: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن:8-9.

 

#- المعنى من التفسير الميسر:

- وأنَّا -معشر الجن- طلبنا بلوغ السماء؛ لاستماع كلام أهلها، فوجدناها مُلئت بالملائكة الكثيرين الذين يحرسونها، وبالشهب المحرقة التي يُرمى بها مَن يقترب منها.

- وأنا كنا قبل ذلك نتخذ من السماء مواضع لنستمع إلى أخبارها، فمن يحاول الآن استراق السمع يجد له شهابًا بالمرصاد، يُحرقه ويهلكه. وفي هاتين الآيتين إبطال مزاعم السحرة والمشعوذين، الذين يدَّعون علم الغيب، ويغررون بضعفة العقول بكذبهم وافترائهم. (انتهى النقل من التفسير).

 

2- عن سعيد بن حبير عن بن عباس قال: (كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا، وَمَا زَادُوهُ بَاطِلًا، وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقُ مَا أَصَابَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَبَثَّ جُنُودَهُ، فَإِذَا هُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ، فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ) رواه أبو يعلى وأحمد .. وقال محقق مسند أبو يعلى: رجاله ثقات .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

 

- قوله (جبلي نخلة): ونخلة هو مكان بين الطائف ومكة ويبعد عن مكة بنحو ثلاثين كيلو متر تقريبا ..

 

- ثانيا: أما عن سبب تكرار زيارة الجن للنبي:

- وهذه المرة .. هي التي جاءوا فيها ليتعرفوا على الإسلام ولعلهم في هذه المرة استمعوا لسورة الرحمن.

 

- وهذه الزيارة هي المشار إليها من حديث بن مسعود الذي جاء فيه حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قال: (أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن) صحيح مسلم.

 

#- خلاصة القول:

1- أن سبب مجيئهم للنبي في أول مرة .. ليتعرفوا على سبب الرجم بالشهب ومنعهم من الاستماع لخبر السماء ومعرفة الغيبيات.

 

2- وأن سبب تكرار زيارتهم للنبي ثاني مرة .. ليتعرفوا على الإسلام وفي تلك المرة قابلهم وقرأ عليهم القرآن مباشرة .

 

3- ملحوظة هامة:

- لا يمنع أن يكون الجن قد تكررت زيارتهم أكثر من مرتين .. ولكن نتحدث عما بلغنا بسند صحيح ونثق به .. والله أعلم .

*********************

 تبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .