بحث في المدونة من خلال جوجل

الجمعة، 24 مارس 2023

Textual description of firstImageUrl

ج3: رسالة ليلة الجن - ما هي الآيات التي أشارت إلى سماع الجن للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم - توضيح الفرق بين ترتيب نزول القرآن وترتيب تلاوة القرآن - هل سورتي الأحقاف والجن تحكي قصتين أم قصة واحدة في حضور الجن واستماعه للقرآن من النبي - كيف فسر أصحاب الرأي الأول قوله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) من سورة الأحقاف حتى يظنوا منها أنها تشير لنفس القصة التي تم ذكرها في سورة الجن - كيف فسر أصحاب الرأي الثاني قوله (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) حتى يظنوا منها أنها تشير إلى قصة أخرى - هل كان النبي يعلم أم لا يعلم بحضور الجن من حوله لاستماعهم للقرآن منه كما أخبرنا القرآن في سورتي الأحقاف والجن - ما هي السورة التي استمع لها الجن حينما كان النبي يصلي ويجهر بالقرآن في وادي نخلة أو حينما أتاه داعي الجن فقابلهم وقرأ عليهم.

  بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

ليلة الجن
في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن


(الجزء الثالث)

#- فهرس:
:: الفصل الثالث :: عن الآيات القرآنية التي تكلمت عن زيارة الجن للنبي وسماعهم للقرآن منه ::
1- س11: ما هي الآيات التي أشارت إلى سماع الجن للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ (مع توضيح الفرق بين ترتيب نزول القرآن وترتيب تلاوة القرآن).
2- س12: هل سورتي الأحقاف والجن تحكي قصتين أم قصة واحدة في حضور الجن واستماعه للقرآن من النبي ؟
3- س13: كيف فسر أصحاب الرأي الأول قوله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) من سورة الأحقاف حتى يظنوا منها أنها تشير لنفس القصة التي تم ذكرها في سورة الجن ؟
4- س14: كيف فسر أصحاب الرأي الثاني قوله (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) حتى يظنوا منها أنها تشير إلى قصة أخرى ؟
5- س15: هل كان النبي يعلم أم لا يعلم بحضور الجن من حوله لاستماعهم للقرآن منه كما أخبرنا القرآن في سورتي الأحقاف والجن ؟
6- س16: ما هي السورة التي استمع لها الجن حينما كان النبي يصلي ويجهر بالقرآن في وادي نخلة أو حينما أتاه داعي الجن فقابلهم وقرأ عليهم ؟ 
 **********************
:: الفصل الثالث ::
:: عن الآيات القرآنية التي تكلمت عن زيارة الجن للنبي وسماعهم للقرآن منه ::
*************************
..:: س11: ما هي الآيات التي أشارت إلى سماع الجن للقرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ::..
(مع توضيح الفرق بين ترتيب نزول القرآن وترتيب تلاوة القرآن)
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- في القرآن يوجد موضعين أتى فيهما ذكر حضور الجن لاستماع القرآن .. فموضع فيهما أتى في سورة الجن .. والموضع الآخر في سورة الأحقاف ..
 
#- أولا: الموضع الأول .. من سورة الجن ..
- يقول تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2) وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا (3)) الجن1-5.
 
#- المعنى من تفسير المنتخب:
- قل يا - محمد - لأمتك: أوحى الله إلىَّ أن جماعة من الجن قد استمعوا إلى قراءتي للقرآن، فقالوا لقومهم: إنا سمعنا قرآناً بديعاً لم نسمع مثله من قبل، يدعو إلى الهدى والصواب، فآمنا - بالقرآن الذى سمعناه - ولن نشرك مع ربنا - الذى خلقنا وربانا - أحداً في عبادته .. وأنه تعالى قدر ربنا وعظمته، ما اتخذ زوجة ولا ولداً. (انتهى النقل من التفسير).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من معاني المفردات:
1- معنى (أُوحِيَ): أي تم تعريفي وتلقيني وتبليغي من الله من خلال الوحي الإلهي .. والوحي هو تلقين الأنبياء والمرسلين بطريق خفي فيه سرعة ويحمل يقينا .. وإلقاء الوحي له عدة طرق ذكرها القرآن إذ يقول تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى:51.
 
#- فإلقاء الوحي له عدة طرق:
أ- إما بالإلقاء في القلب إلهاماً بيقين أو مناما بيقين أنه من الله ..
ب- أو من خلال إسماع الكلام الإلهي دون أن يرى السامع من يكلمه متحققا بكل يقين أن هذا كلام الله ..
ج- أو بإرسال ملك يرى صورته ويسمع صوته .. ليوحى بإذن الله ما يشاء.
 
2- معنى (اسْتَمَعَ): اجتهدوا في تحقيق الإستماع .. والقصد هو الإنصات بقوة .
 
3- معنى (نَفَرٌ): العدد القليل هو يكون من الثلاثة إلى العشرة.. وقيل إلى العشرين وهو رأي غريب ..!!
 
4- معنى (الجن): هو  عالم من خلق الله لا نراه بأعيننا لأنه عالم غيبي وخفي .. ولكنهم يروننا .. وهم مكلفون مثلنا بالإيمان .. ويثابون عليه إن آمنوا ويعاقبون لو كفروا.
 
5- معنى (عَجَبًا): أي فيه جذبة عجيبة لما يحمله من أمور تخالف ما كانوا يعتقدونه ويعلمونه عن الله ..
 
6- معنى (تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا):  أي تعاظم جلال ربنا ذي الجلال والإكرام من له الكمال المطلق.. ما في احتياج لزوجة أو ولد .
 
#- ثانيا: الموضع الثاني .. من سورة الأحقاف ..
- يقول تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) الأحقاف29-32.
 
#- المعنى من تفسير المنتخب:
- واذكر - يا محمد - إذ وجهنا إليك جماعة من الجن يستمعون القرآن، فلما حضروا تلاوته قال بعضهم لبعض: أنصتوا - فلما تمت تلاوته رجعوا مسرعين إلى قومهم، محذرين من الكفر داعين إلى الإيمان.
- قالوا: يا قومنا إنا سمعنا كتاباً عظيم الشأن، أنزل من بعد موسى، مصدقاً لما تقدمه من الكتب الإلهية، يرشد إلى الحق في الاعتقاد، وإلى شريعة قويمة في العمل.
- يا قومنا: أجيبوا داعى الله الذى يهدى إلى الحق وإلى طريق مستقيم، وصدقوا بالله يغفر لكم ما سلف من ذنوبكم، ويمنعكم من عذاب شديد الألم.
- ومن لا يجب داعى الله فليس بمستطيع أن يعجز الله عن أخذه وإن هرب في الأرض كل مهرب. وليس له من دون الله نصراء يمنعونه من عذابه. أولئك الذين يعرضون عن إجابة الداعي إلى الله في حيرة وبُعد واضح عن الحق. (انتهى النقل من التفسير).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من معاني المفردات:
1- معنى (صرفنا): أي وجِّهنا .. وذلك من خلال الإلهام والقذف في قلوبهم بالذهاب إلى هذا المكان ..
 
2- معنى (قُضي): أي تم الفراغ والإنتهاء من قراءة القرآن .
 
3- معنى (يستمعون القرآن): أي أن الحضور من أجل الإستماع .
 
4- معنى (فلما حضروه): أي حضروا مجلس القرآن وهو يتم تلاوته أي حضروا استماعه .
 
5- معنى (ولوا إلى قومهم منذرين): رجعوا إلى قومهم .
 
6- معنى (داعي الله): طالما قالوا لقومهم أجيبوا داعي الله .. فهذا معناه أن النبي قد دعاهم إلى الله أولا .. وإلا فكيف يطلبون من قومهم ما لم يفعلوه ..؟!!
 
#- واعلم أخي الحبيب:
1- أن السورتين التي ظهر فيهما حضور الجن لاستماع القرآن .. العلماء اختلفوا في كونهما تتحدثان عن قصتين أم قصة واحدة .. وهذا سنناقشه بعد قليل إن شاء الله .
 
2- أن السورتين مكيتان أي نزلتا بمكة وقبل الهجرة أي قبل السنة الثالثة عشر من البعثة النبوية .. وأن سورة الجن نزلت قبل سورة الأحقاف .. ولكن في ترتيب المصحف يظهر أن سورة الأحقاف قبل سورة الجن .. وهذا يسمى ترتيب تلاوة ..
 
#- معلومة على السريع:
1- ترتيب التلاوة .. وهو ترتيب المصحف الحالي الذي تقرأ منه .. وهذا ترتيب بأمر من الله للنبي في أن يجعل ترتيب السور والآيات هكذا ..
 
2- وترتيب النزول .. هو ترتيب للسور التي نزلت أولا على النبي فالتي تليها من بداية البعثة النبوية حتى انتقال النبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا الترتيب خلاف ما هو موجود في المصحف الحالي .. وترتيب النزول هو ترتيب لبعض العلماء حسب ما جاء في كتب التفاسير لمعرفة ما كان ينزل من ترتيب السور والآيات .. وهذا الترتيب يتم معرفته من خلال التفاسير .. ولم يذكره النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما جاء في أخبار عن بعض الصحابة والتابعين ..
 
#- خلاصة القول فيما سبق:
- أن القرآن يحكي لنا أن الجن حضروا لاستماع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم .. أما عن كون قصة حضور الجن في القرآن هي قصتان أم قصة واحدة .. فهذا ما نناقشه في سؤال قادم إن شاء الله تعالى ..
 
*************************
..:: س12: هل سورتي الأحقاف والجن تحكي قصتين أم قصة واحدة في حضور الجن واستماعه للقرآن من النبي ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- سبق وذكرت لك أخي الحبيب أن سورة الأحقاف وسورة الجن اللتين ظهرا فيهما حضور الجن لاستماع القرآن .. قد اختلف العلماء في كون هذه الآيات تشير إلى قصة واحد أم قصتين .. والسبب في ذلك هو وجود روايات في السيرة النبوية هي التي أدت إلى هذا الإختلاف في الرأي .. وكل ذلك سنناقشه إن شاء الله تعالى ..
 
#- وقبل أن أسرد لك آراء العلماء في تفسير الآيات أريدك أن تعلم أخي الحبيب الآتي:
1- أن ترتيب آراء العلماء .. إنما هو ترتيب اجتهادي مني من خلال فهمي لتتبع كلام العلماء .. وليس هو ترتيب يتم تداوله في كتب التفسير .. وغالبا علماء التفسير يذكرون رأيين فقط وهما أول رأيان سيتم ذكرهما هنا ..  
 
 2- أن الأدلة التي أؤيد بها كل رأي أو اعترض بها على رأي .. فإنما هي أيضا محل اجتهاد مني وظن في تصور ما قد يؤيد أصحاب كل رأي به أنفسهم من أدلة وما قد يعترض به أصحاب رأي على الرأي الآخر .. وقد وضعت ذلك في صورة مرتبة ليتضح لماذا كل رأي ذهب إلى ما ذهب إليه .. والله ولي التوفيق.
 

#- الرأي الأول: الذي يقول بأن الآيات تتحدث عن قصة واحدة:

- في رأي بعض العلماء أن الآيات تتكلم عن قصة واحدة .. فما في سورة الأحقاف هو إجمال للقصة .. وما في سورة الجن هو تفصيل للقصة ..

- ولكن ما في روايات السيرة النبوة هي قصة أخرى .
 
#- ولهم أن يستدلوا بالآتي:
- أولا: عَنْ عاصم عن زِر بن حبيش عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصِتُوا. قَالُوا: صَهٍ . وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} [الأحقاف: 29] الْآيَةُ إِلَى {ضَلَالٍ مُبِينٍ}) رواه الحاكم وقال: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .. وقال الذهبي: صحيح ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الرواية السابقة:
- وهذه الرواية يتم اعتبارها مع الرواية التالية لابن عباس هما قصة واحدة .. وتكون الآيات في سورة الجن والأحقاف تتعلق بقصة واحدة ..
 
- ثانيا: عن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ. فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ..  فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ - وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ - فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ. وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) صحيح مسلم .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.
 
- وفي رواية البخاري بلفظ: (قالوا: ما حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إلَّا شيءٌ حَدَثَ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الأرْضِ ومَغَارِبَهَا، فَانْظُرُوا ما هذا الذي حَالَ بيْنَكُمْ وبيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ، فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ .. وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ، فَلَمَّا سَمِعُوا القُرْآنَ اسْتَمَعُوا له .....) صحيح البخاري ..
 
#- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله في شرحه على البخاري (ج2-ص94):
- هذا الحديث مرسل صحابي لأن ابن عباس لم يرفعه ولا هو مدرك للقصة .. (انتهى النقل) .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) هنا ملاحظات على الروايتين السابقتين:
1- حديث بن مسعود وبن عباس السابق ذكرهما .. كلاهما مجرد رواية عن حدث تم حكايته في السيرة النبوية .. وليست أحاديث قد قالها النبي صلى الله عليه وسلم أي ليست أحاديث نبوية .. فانتبه .. لأنه يجوز الخطأ أو الخلط في الروايات القصصية أي الإخبارية ..  
 
2- رواية بن عباس تتفق مع رواية بن مسعود من حيث اجتماع الجن حول النبي في وادي نخلة واستماعهم له وهو يقرأ القرآن .
- ولكن في رواية بن مسعود لم يظهر لنا هل كان يقرأ القرآن وهو يصلي أم مجرد تلاوة بدون صلاة .. ولم يظهر هل كان معه أحد من أصحابه أم لا .. !!
 
3- ويظهر من رواية بن عباس وجود علة في إسنادها .. وهي أن بن عباس لم يذكر لنا عمن روى عنه هذا الحديث .. لأنه وقت حدوث هذه القصة كان عمره تقريبا (ثلاث سنوات) ..!!
- وهذا يسمى بمراسيل الصحابة .. وبعض العلماء (وليس جميعهم) يقبلون مراسيل الصحابة لكونها مظنة النقل من صحابة آخرين حضروا هذه الواقعة .. والصحابة كلهم أهل عدل ولا يكذبون ..
- قلت (خالد) تعقيبا: نعم هم أهل عدل ولا يكذبون .. ولكن قد يخطئون وينسون .. وقد يخبرونا بشيء من الخبر وليس كل الأخبار لأنهم لم يكونوا حاضرين كل الأوقات مع النبي ليعرفوا كل الأخبار ..
 
- وإذا كنا قد نقبل بمراسيل الصحابة على رأي بعض العلماء .. فهذا على افتراض أن هذه الرواية لم تتعارض مع نص قرآني أو مع حديث أوثق منه وأعلى منه في الصحة .. ونجد أن رواية بن عباس تتفق مع رواية بن مسعود فقط من حيث اجتماع الجن حول النبي في وادي نخلة واستماعهم له وهو يقرأ القرآن ..
 
#- علما بأن هناك رواية أخرى لابن عباس تشير لما قاله في الرواية السابقة ويظهر ذلك من ختام سورة الجن .. وهي عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (قَالَ فِي قَوْلِ الْجِنِّ: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} [الجن: 19] ، قَالَ: " لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، وَيُصَلُّونَ بِصَلاتِهِ، وَيَرْكَعُونَ بِرُكُوعِهِ، وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ، تَعَجَّبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ، قَالُوا: إِنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: صحيح، مؤمل بن إسماعيل -وإن كان في حفظه شيء- قد تُوبِعَ.
 
- ثالثا: وفي رواية (أثر تابعي ضعيف) .. عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: (ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ رَاجِعًا مِنَ الطَّائِفِ إِلَى مَكَّةَ حِينَ يَئِسَ مِنْ خَيْرِ ثَقِيفٍ حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةَ قَامَ مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يُصَلِّي فَمَرَّ بِهِ النَّفَرُ مِنَ الْجِنِّ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ، وَهُمْ فِيمَا ذُكِرَ لِي سَبْعَةُ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِ نَصِيبِينَ أَسْمَاؤُهُمْ فِيمَا بَلَغَنِي: حَسًا، وَمَسًا، وَشَاصِرَةُ، وَنَاصِرَةُ، وَابْنا الْأَرَبِ، وَأَبْيَنُ، وَأَخْضَمُ، فَاسْتَمَعُوا لَهُ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ قَدْ آمَنُوا وَأَجَابُوا إِلَى مَا سَمِعُوا .. فَقَصَّ اللَّهُ عَلَيْهِ خَبَرَهُمْ فِي الْقُرْآنِ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} [الأحقاف: 29] إِلَى قَوْلِهِ: {وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأحقاف: 31] وَقَالَ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} [الجن: 1] إِلَى آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ) رواه أبو نعيم في دلائل النبوة ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الرواية السابقة:
- السند صحيح حتى (بن اسحاق) .. ولكن الرواية ضعيفة لانقطاعها بين بن اسحاق والنبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

#- الرأي الثاني: الذي يقول بأن الآيات تتحدث عن قصتين:
- في رأي بعض العلماء أن الآيات تتكلم عن قصتين .. فما في سورة الأحقاف هو ما تشير إليه بعض الروايات كالتي رواها عبد الله بن مسعود .. وما في سورة الجن تشير إلى روايات أخرى بواقعة أخرى مع الجن كالتي رواها بن عباس.
 
#- وأصحاب هذا الرأي قد يستدلوا بالآتي:
1- القصة الأولى .. هي التي في رواية بن عباس السابق ذكرها عند أصحاب الرأي الأول .. وهي القصة التي رواها البخاري ومسلم.
 
2- والقصة الثانية .. هي ما جاء عن عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: (سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ..
- وَلَكِنَّا كُنَّا "بعض الصحابة" مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ .. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ.
- قَالَ "بن مسعود": فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ .. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.
- قَالَ "بن مسعود": فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ .. فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.
- فَقَالَ "النبي": «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ».
- قَالَ " بن مسعود": فَانْطَلَقَ بِنَا "النبي" فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ .. فَقَالَ "النبي للجن": لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا .. وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ..
- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "للصحابة": فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ) صحيح مسلم .. وما بين علامات التنصيص ("") هو زيادة مني لبيان المتكلم في الرواية.
 
#- ولأصحاب هذا الرأي الثاني حق الإعتراض على رواية بن مسعود التي استدل بها أهل الرأي الأول وهي – عن أبو أحمد الزبيري ثنا سفيان عنْ عاصم عن زِر بن حبيش عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصِتُوا. قَالُوا: صَهٍ . وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} [الأحقاف: 29] الْآيَةُ إِلَى {ضَلَالٍ مُبِينٍ}) رواه الحاكم وقال: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .. وقال الذهبي: صحيح ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) لو تفكرنا في وجه الإعتراض فيقال:
- في تصحيح الحاكم والذهبي نظر .. لأنهما وإن كانا صححا السند وهو كذلك فعلا .. إلا أن وصل السند لابن مسعود هو فيه نكارة وشذوذ .. لأن أبو أحمد الزبيري وإن كان ثقة، إلا أنه متكلم في روايته عن الثوري .. وقد خالف الثقات في روايتهم لهذه الرواية التي قطعوها على قول زر بن حبيش أي جعلوها رواية مرسلة من قول زر بن حبيش .. وراجع هذا التفصيل لهذه الجزئية المهمة في كتاب (أحاديث معلة ظاهرها الصحة للوادعي رحمه الله حديث برقم 311) حتى قال الوادعي ما لفظه: فرواية الوصل تعتبر شاذة أو منكرة .. (راجع الكتاب السابق ص286) ..
 
- ولكن قد يقال ردا على هذا الإعتراض: سواء كان رواية بن مسعود فيها علة أم صحيحة .. فلازال القول عند أصحاب الرأي الأول محتمل أن تكون السورتين قالتا في نفس القصة مرة بالإجمال ومرة بالتفصيل .. بغض النظر عن الروايات كلها ..
 
- فيقال حينئذ من أصحاب الرأي الثاني: كلام صحيح أن تكون السورتين تشيرا لقصة واحدة .. ولكن أيضا محتمل أن تكون ألفاظ آيات الأحقاف تشير لقصة أخرى غير القصة المذكورة في سورة الجن .. ويكون حينئذ اللفظ القرآني مقدم على أي رواية .. والله أعلم .
 
- الرأي الثالث:
- أن الآيات والروايات كلها تشير إلى قصة واحدة ..
 
- وهذا الرأي الثالث بعيد جدا عن الصواب .. ليه ؟
- لأن في سورة الجن قال تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) الجن:1 .
- والآية واضحة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم بوجودهم وإلا ما كان الله قال له: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) ..
- في حين أن رواية عبد الله بن مسعود التي جاءت في الصحيح .. جاء فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ) صحيح مسلم ..  فمن هذه الجزئية يتبين أنه كان على علم بحضورهم ..
 
- وبالتالي لا يمكن للعقل أن يجمع بين حدثين مختلفين بين الجهالة والإثبات .. إلا بافتراض تكرار حضور الجن .. مرة بعدم علم النبي صلى الله عليه وسلم .. ومرة بعلم النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- إذن فالرأي الثالث القائل بأن سورة الأحقاف وسورة الجن تتكلما عن نفس القصة التي أتت في روايات السيرة النبوية .. هو كلام غير صحيح بل وغير معقول تصور ذلك لو جمعنا الروايات مع الآيات .
- والله أعلم .
 
#- خلاصة القول فيما سبق:
1- أن رأي بعض العلماء (وهو رأي محتمل لأن يكون صحيحا) .. في الآيات التي تشير إلى حضور الجن لسماع القرآن من النبي أنها تشير لقصة واحدة .. وقالوا أن ما في سورة الأحقاف هو إجمال للقصة .. وما في سورة الجن هو تفصيل للقصة .. ولكن ما في روايات السيرة النبوة هي قصة أخرى .
 
- وفي رأي ثاني لبعض العلماء (وهو رأي محتمل لأن يكون صحيحا) .. أن الآيات تتكلم عن قصتين .. والذي فهمته من كلامهم أن ما في سورة الأحقاف هو ما تشير إليه بعض الروايات كالتي رواها عبد الله بن مسعود .. وما في سورة الجن تشير إلى روايات أخرى بواقعة أخرى مع الجن كالتي رواها بن عباس.
 
- وفي رأي ثالث (وهو رأي لا أراه مقبولا) .. يقول بأن الآيات والروايات كلها تشير إلى قصة واحدة .. وهذا رأي لا يمكن قبوله .. لأن الذي يجمع بين القرآن والروايات لابد أن يقول بكونها قصتين وليستا قصة واحدة .. وقد سبق بيان ذلك ..
 
2- والذي أميل إليه بالنسبة لي ولكن دون ترجيح .. هو أن القرآن تحدث عن قصتين .. وليس قصة واحدة .. فما في سورة الأحقاف قصة مختلفة عن القصة التي في سورة الجن .. 
 
#- واعلم أخي الحبيب أن علماء التفسير حينما يذكرون الآراء لا يرجحون بينها في الغالب .. لاحتمالية الصواب في كل رأي ..
 
- فضلا عن أن المسألة لديهم (هكذا أظن) ليست ذات أهمية قصوى للإنتصار لرأي دون آخر لأنها مجرد قصة .. والأصل هو أن هناك قصة حدثت مع النبي وهي أنه استمع له الجن .. سواء كانت قصة أو قصتين أو حتى عشرة قصص .. لأن القصة في ذاتها ثبت عالمية الدعوة النبوية للإنس والجن .. وهذا هو المهم .
 
********************
..:: س13: كيف فسر أصحاب الرأي الأول قوله تعالى (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) من سورة الأحقاف حتى يظنوا منها أنها تشير لنفس القصة التي تم ذكرها في سورة الجن ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- إذا كان أصحاب الرأي الأول في رأيهم أن سورة الأحقاف والجن تشير إلى قصة واحدة .. فذلك لأنهم وجدوا الآتي حسب ما أظن ..
1- أن آيات سورة الأحقاف قالت (نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ) .. وسورة الجن قالت (اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) ..
 
2- إذا كان مفهوم الصرف هو ردّ الشيء من حالة إِلى حالة أَو إِبداله بغيره .. فمفهوم الصرف في قوله (صَرَفْنَا) .. هو أنه تم تحويل طريقهم وتوجيههم من خلال ردهم من الإستماع إلى خبر السماء ليبحثوا عن سبب هذا المنع حتى وجدوا النبي يصلي فاستمعوا لقرائته .
 
- فالصرف عند هؤلاء هو صرف مكاني .. بمعنى ردهم من مكان إلى مكان .. أي ردهم من مجالسة السماء للإستماع لخبر السماء إلى مجالسة النبي صلى الله عليه وسلم في الأرض لاستماع القرآن منه.
 
3- قوله (صَرَفْنَا إِلَيْك) .. لفظ (إليك) فيه دلالة على أن الجن هم الذين ذهبوا إليه وليس هو من ذهب إليهم ..
- وبالتالي فهذه القصة لا علاقة لها بالقصة التي تقول بأن النبي ذهب للقاء الجن وكلامهم .. بل هي قصة مطابقة لما في سورة الجن .. ولكن ما في سورة الأحقاف قيل بصورة مجملة وما في سورة الجن قيل بصورة مفصلة ..
 
- وهذا ما جال بخاطري فيما قد يحتج به أصحاب الرأي الأول لإثبات وجهة نظرهم .. بخلاف الروايات التي استندوا إليها وقد ذكرناها في السؤال السابق .. الله أعلم .
 
********************
 
..:: س14: كيف فسر أصحاب الرأي الثاني قوله (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) حتى يظنوا منها أنها تشير إلى قصة أخرى ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- إذا كان أصحاب الرأي الثاني في التفسير قالوا بأن سورة الأحقاف هي قصة أخرى بخلاف قصة سورة الجن .. فكيف فسروا ألفاظ الآية في سورة الأحقاف وبخاصة لفظ (صرفنا) ولفظ (يستمعون) من قوله تعالى: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا) الأحقاف:29.
 
1- قالوا في لفظ قوله تعالى (صرفنا):
- إذا كان مفهوم الصرف هو ردّ الشيء من حالة إِلى حالة أَو إِبداله بغيره .. فمعنى الصرف عند أصحاب الرأي الثاني هو أن الله تعالى أمر رسوله أن ينذر الجن ويدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن .. بعد أن صرف الله عن قلوبهم الكفر وأبدلها بالإيمان فأتوا إليه ليستمعوا القرآن وينذروا قومهم ..
 
- والصرف عند أصحاب هذا الرأي يكون بمعنى إبدال الحال القلبي من الكفر للإيمان .. وهذا الصرف للقلوب كما في قوله تعالى في حق المنافقون: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) التوبة 12 .
 
#- الإمام أبو الحسن الواحدي رحمه الله (المتوفى: 468هـ) .. بعد أن ذكر الرأي الأول بأن آيات سورة الأحقاف هي نفس قصة آيات سورة الجن .. فقال:
- وقال آخرون: بل أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ينذر الجِنَّة ويدعوهم إلى الله ويقرأ عليهم القرآن، فصرف إليه نفر من الجن ليستمعوا منه وينذروا قومهم .. وهذا معنى قول قتادة. (التفسير البسيط ج20 ص199).. وانظر أيضا (زاد المسير لابن الجوزي ج4 ص112) .
 
#- والإمام القاضي بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ) .. بعد أن ذكر الآراء المختلفة قال::
- والتحرير في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه جن دون أن يعرف بهم، وهم المتفرقون من أجل الرجم، وهذا هو قوله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ) الجن:1 .. ثم بعد ذلك وفد عليه وفد .. وهو المذكور صرفه في هذه الآية. (تفسير بن عطيه  والمسمى بالمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج5 ص104).
 
#- والشيخ طنطاوي رحمه الله (المتوفى:1431 هـ) بعد أن ذكر بعض الروايات فقال:
- ويبدو لنا من مجموع هذه الروايات أن لقاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجن قد تعدد، وأن هذه الآيات تحكى لقاء معينا، وسورة الجن تحكى لقاء آخر. (الوسيط ج13 ص205) وراجع أيضا (تفسير المراغي ج26 ص36).
 
2- وفي لفظ قوله تعالى (يستمعون):
#- قال الإمام  أبو الحسن الواحدي رحمه الله (المتوفى: 468هـ):
- وقوله: (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) من صفة النكرة .. وهذا يدل على أنهم أتوا لاستماع القرآن .. لأن المعنى: نفرًا مستمعين القرآن، أي طالبين سماعه، فهذا يدل على صحة القول الثاني. (التفسير البسيط ج20 ص199).
 
- معنى قول الواحدي (صفة النكرة): النكرة هي كلمة (نفرا) وقوله (يستمعون القرآن) هي صفة لهذه النكرة التي هي لفظ (نفرا) .. ولذلك قال بعدها يشرحها كاملة بأنها "نفرا مستمعين القرآن" ..  والله أعلم .
 
- والواحدي يقصد من كلامه .. كأن الاستماع من الجن هو استماع عن قصد وليس عن مصادفة وكأنهم أتوا طالبين لذلك .. ولذلك قال بأن هذه الآية تشير للرأي الثاني بأن هذه كان قصة أخرى أو واقعة أخرى للجن مع النبي خلاف ما في سورة الجن .. والله أعلم .
 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) أنه قد يقال بما يؤكد قوة هذا الرأي هو الآتي بما جال بخاطري:
- أولا: قوله (صَرَفْنَا إِلَيْكَ) فهي بمعنى صرف القلوب عن الكفر ليأتوا النبي مؤمنين .. وقوله (إليك) إذا كانت تفيد أنهم من ذهبوا إليه .. فهذا ليس معناه أنه لم يذهب لمقابلتهم ليقرأ عليهم القرآن .. بخلاف ما قد يقوله أصحاب الرأي الأول ..!!
 
- ثانيا: قوله (يستمعون القرآن) .. إذا كانت الآيات قد أظهرت استماع الجن للقرآن .. فالآيات لم تنفي عدم اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم .. بل دلائل الإثبات في تلقينهم من النبي ظاهرة من خلال ألفاظ الآيات كما سبق وأظهرنا ذلك .. فمثلا قوله (يستمعون) فيه دلالة حال على أنهم أتوا لهذا الفعل مخصوصا لذلك .. وقوله (قُضي) بأن فرغ من قراءة القرآن .. يحتمل أنه قد يكون بعد أن انتهى من قراءة القرآن المقدر له قرائته وليست الآيات تشير إلى أنه كان يصلي أم لا يصلي .. وسواء هذا أو ذاك أوكلاهما .. فهؤلاء النفر لم ينصرفوا إلا بعد انتهاء مجلس قراءة القرآن الذي كان يقرأه النبي  .. فلما انتهى من مجلسه معهم ولوا إلى قومهم منذرين .. وهذا معناه أنه جالسهم وتكلم معهم وآمنوا به ورجعوا لقومهم ينذرونهم ..
 
- ثالثا: قوله (ولوا إلى قومهم منذرين): فيه دلالة على أنهم قد آمنوا بالقرآن ورسول الله .. وشهدوا له بالإيمان وبايعوه وأخذ عليهم العهد وعاهدوه كما فعل مع مؤمني الإنس .. وإلا فكيف ينذرون قوما بما لا يفقون ولا يعرفون ولم يحيطوا به علما ؟!!
- إذ أن الإنذار إنما يكون من خلال حمل رسالة لتبليغها .. وطالما آمنوا وشهدوا له بالإيمان .. فقد أوصاهم بتبليغ قومهم .. ثم ولوا إلى قومهم منذرين ..
 
- وهذا هو الحال الطبيعي الذي حدث مع سفراء الصحابة لبلادهم .. سمعوا النبي وآمنوا به ثم ذهبوا إلى قومهم منذرين ..
 
- بل ويقال أنه من المعقول أنه حينما يسمع إنسان كلاما مهما كان عجيبا فهو يتحقق من مصدره ومن قائله .. فهذا من بديهيات العقل ..!!
 
- رابعا: قوله (يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) الأحقاف:31 .. فهذا معناه أمور:
أ- طالما قالوا لقومهم أجيبوا داعي الله وهو رسول الله .. فهذا معناه أنهم جالسوا النبي ودعاهم إلى الله فأجابوه .. وإلا فكيف يطلبون من قومهم ما لم يفعلوه ..؟!!
 
ب- معرفة الأحكام الغيبية مثل غفران الذنوب والأمان من العذاب الأليم .. لابد من أي يكون قد حدث ذلك بتلقين من النبي صلى الله عليه وسلم .. إذ أن العقل لا يتصور الغفران بمنتهى السهولة بعد سنوات من الجحود والكفر .. فلابد من واسطة من الله وهي النبي لتخبرنا بهذه الحقيقة ..
 
- خامسا: لم يظهر في سورة الجن أن هؤلاء النفر من الجن ذهبوا لقومهم منذرين .. وإنما أثبتوا لأنفسهم الإيمان بما سمعوه من القرآن .. ولم يظهر أنهم كانوا لقومهم منذرين ..
 
- سادسا: سورة الأحقاف لم تظهر لنا أن النبي عرف استماع الجن للقرآن من خلال الوحي .. كما يظهر ذلك بوضوح في سورة الجن ..
 
#- خلاصة القول:
1- أن اصحاب الرأي الثاني من التفسير والذي قالوا بان آيات سورة الاحقاف قد تشير إلى قصة ثانية .. لهم وجهة نظر .. وهي عودة أولائك النفر إلى النبي لملاقاته والكلام معه والاستماع منه للقرآن والإيمان به ومبايعته على السمع والطاعة .. كما كان حال الإنس ..  
 
2- إذا كنت قد أشرت لبعض النقاط التي قد تؤيد قوة الرأي الثاني .. فهذا ليس معناه باني أنتصر له .. وإنما هي محاولة فقط للتفكر فيما قد يحمله اللفظ القرآني ويشير إلى رأي ظنه بعض المفسرين ..
 
#- بل وأنه يمكن الرد على ما تفكرت فيه منذ قليل برد بسيط يكون فيه رجوع لأصحاب الرأي الأول فيمكن أن يقال:
- أنه لا مانع أن يكون الجن استمعوا للقرآن وذهبوا منذرين لقومهم بظهور نبي يدعو إلى الله وإلى غفران الذنوب حين الإيمان .. فهذا كان الإنذار العام بنشر خبر ظهور نبي يدعو إلى الله مع إلان إيمانهم الخاص بهذا النبي .. ثم رجعوا إلى النبي بعد ذلك مع أشراف قومهم ليجالسوه ليستمعوا لهذا القرآن .. وهذا كان في اللقاء الثاني .. والله أعلم.
 
3- وعموما لا أنتصر لأي رأي .. لأن المسألة محل اجتهاد في فهم كلام الله .. وقد أميل إلى أن السورتين (الأحقاف والجن) يشيرا لقصة واحدة .. مع وجود احتمالية أن تكون سورة الأحقاف تشير لقصة أخرى .. والله أعلم .
 
#- أخي الحبيب:
- بعد مناقشة مسألة زيارة الجن للنبي .. قد اختلف العلماء على مسألة أخرى وهي:
- هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم بوجود الجن أم لا يعلم ؟!!
 

***************************

 
..:: س15: هل كان النبي يعلم أم لا يعلم بحضور الجن من حوله لاستماعهم للقرآن منه كما أخبرنا القرآن في سورتي الأحقاف والجن ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- اختلف العلماء على رأيين:
#- أولا: الرأي الأول.. وهو الرأي القائل بأن آيات سورة الحقاف وسورة الجن تشير إلى قصة واحدة فقط ..
- فقالوا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بحضور الجن له واستماعهم للقرآن حينما كان يقرأ القرآن .. وأن هذا المشهد قد حدث أثناء عودته من الطائف في السنة العاشرة من البعثة وقبل الهجرة بسنتين أو ثلاثة .. وقابل بعض أصحابه في طريق عودته ثم دخل عليهم وقت الفجر فصلوا جماعة وأثناء الصلاة استمع الجن لقرائته .. ولعل ما يشهد لهذا الرأي الآتي:
 
1- هو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد تم إخباره بهذه القصة من خلال الوحي ..
- كما يظهر ذلك من قوله تعالى في سورة الجن (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) الجن:1 .
 
2- ويشهد أيضا لذلك الرأي بعض الروايات الصحيحة ..
- عن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ. فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ..  فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ - وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ - فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ. وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) صحيح مسلم .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين.
 
#- ثانيا: الرأي الثاني .. وهو الذي يقول بأن النبي لم يعلم مرة وهي التي في سورة الجن .. ومرة كان يعلم وهي المرة التي في سورة الأحقاف ..
- فالمرة التي كان يعلم فيها هي المرة التي صرف إليه النفر من الجن ليبلغهم الدعوة ويسمعهم كلام الله وقد ذهب للقائهم .. والذي يشهد لهذا الرأي هو وجود روايات قد قالها الصحابة نقلا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قابل الجن واجتمع بهم وقرأ عليهم القرآن ودعا لهم ..
- فمن ذلك ما جاء عن عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: (سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ..
- وَلَكِنَّا كُنَّا "بعض الصحابة" مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ .. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ.
- قَالَ "بن مسعود": فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ .. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.
- قَالَ "بن مسعود": فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ .. فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.
- فَقَالَ "النبي": «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ».
- قَالَ " بن مسعود": فَانْطَلَقَ بِنَا "النبي" فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ .. فَقَالَ "النبي للجن": لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا .. وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ..
- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "للصحابة": فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ) صحيح مسلم .. وما بين علامات التنصيص ("") هو زيادة مني لبيان المتكلم في الرواية.
 
- فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ) ..  فمن هذه الجزئية يتبين أنه كان على علم بحضورهم ..
 
#- خلاصة القول:
- أن العلماء اختلفوا في مسألة معلومية النبي بحضور الجن واستماعهم للقرآن ..
1- فمن العلماء من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بحضورهم .. وحملوا النصوص القرآنية في سورة الأحقاف والجن على أنها كانت زيارة واحدة ..
- ولكن هؤلاء العلماء لم ينكروا .. أنه قد حدث حضور للجن مع النبي واجتمعوا به وتكلم معهم في أوقات أخرى .. ولكن ليس من خلال الآيات وإنما من خلال روايات وأحاديث قالت بذلك ..
 
2- ومن العلماء من قال بأن النبي صلى الله عليه وسلم مرة كان لا يعلم ومرة كان يعلم بحضورهم .. وهؤلاء العلماء قد ظنوا أن آيات سورة الأحقاف تدل على ما ذهبوا إليه .. بخلاف آيات سورة الجن التي كانت صريحة بأنها وحي من الله إلى نبيه بحضورهم .. وهذا لا كلام فيه بأنه كان لا يعلم بحضورهم ..
 
3- إذن سبب الخلاف بين العلماء في معرفة النبي بحضور الجن إنما هو في الآيات القرآنية .. ولكن أصحاب الرأيين أحسب من كلامهم أنهم متفقون على أنه كانت يوجد زيارة للجن علم فيها الجن بحضورهم وتكلم معهم من خلال روايات الحديث .. ولكن هذا الإتفاق ليس من خلال الآيات القرآنية ..
- والله أعلم .
 
*************************

 ..:: س16: ما هي السورة التي استمع لها الجن حينما كان النبي يصلي ويجهر بالقرآن في وادي نخلة أو حينما أتاه داعي الجن فقابلهم وقرأ عليهم ؟ ::..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أولا: ما قيل في السورة التي سمعها الجن من النبي وهو يقرأ القرآن في صلاة الفجر أو بالليل ..
1- لا يوجد دليل واحد صحيح .. يخبرنا عن السورة التي كان يقرأها النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي في الفجر أو في الليل .. والتي كان يستمع لها الجن .. كما جاء ذلك في قوله تعالى: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) الجن:1.
 
2- وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأ في صلاته سورة العلق .. فقد ذكر القرطبي أن عكرمة "التابعي" قال: (وَالسُّورَةُ الَّتِي كَانَ يَقْرَؤُهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق: 1]) (ذكره القرطبي في تفسير ج19 ص3)..
- وهذه رواية لا سند لها .. ولم أجد لها أي سند في أي مرجع متاح عندي .. وحتى لو لها سند فالرواية منقطعة لأنها مرسلة ولا نعلم عمن أخذ هذه الرواية .. وقد تكون عن ظنه الخاص .. وقد تكون ليست رواية له من أساسه وهذا هو غالب ظني أي منسوبة له بالخطأ .. والله أعلم .
 
3- قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قرأ سورة الدخان .. وهذا مجرد كلام ولا دليل عليه ..
                                                              

#- ثانيا: أما عن السور التي استمعها الجن من النبي حينما ذهب للقائهم وهو يعلم بوجودهم:

1- لا يوجد دليل واحد صحيح .. يخبرنا عن السورة التي كان قرأها النبي صلى الله عليه وسلم على الجن يوم أن ذهب للقائهم .. يوم أن قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أتاني داعي الجن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن) صحيح مسلم.
 
- ويحتمل أن تكون هذه المرة .. هي المذكورة في سورة الاحقاف ويحتمل أن تكون قد قرأ عليهم سورة الرحمن ..
 
- ولكن جاء في (رواية محتملة للتحسين) .. عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: لقد قرأتها - يعني سورة الرحمن- على الجن ليلة الجن .. فكانوا أحسن مردودًا منكم كنت كلما أتيت على قوله {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} قالوا: ولا بشيءٍ من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد) ر رواه الترمذي وقال حديث غريب.. وحسنه الشيخ الألباني .. وفي تحسينه نظر ..!!
 
- وهذه الرواية يظهر لنا من معناها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد اجتمع بالجن ورآهم وتكلم معهم ..
 

#- تعليق على رواية جابر بن عبد الله:

- ليست حجة قوية في الإستدلال بها على تفسير آيات القرآن الخاصة باستماع الجن .. ليه ؟

1- لأن جميع طرق الرواية فيها ضعف .. وقد رويت عن صحابي آخر وهو عبد الله بن عمر وأيضا بأسانيد ضعيفة .. والشيخ الألباني وإن كان قال بأن الحديث حسن .. فإنما قال ذلك باعتبار تعدد طرق وشواهد والقصة وليس لأن أسانيد القصة صحيحة .. فانتبه .

2- وسورة الرحمن مختلف على نزولها في كونها نزلت بمكة أم بالمدينة .. والظاهر من رأي بعض العلماء أنها نزلت بمكة .. وإن كان توصيفها في المصحف بأنه مدنية فهذا باعتبار الرأي الآخر .. والمسألة محل اجتهاد لا أكثر .. ولكن ما يهمنا هنا أنه لو كانت سورة الرحمن مدنية فيستحيل أن يكون هي من القرآن الذي قرأه النبي على الجن حينما قابلهم لأن المقابلة كانت في مكة قبل الهجرة .. ولو كانت سورة الرحمن مكية فهنا نقول يحتمل أن يكون فعلا قرأها عليهم .. والله أعلم .

- ورواية جابر بن عبد الله السابقة تحتمل أن تكون لها واقعة خاصة بها .. والله أعلم .

 
- أخي الحبيب:
- إذا كنا تكلمنا عند هذا الحد على زيارة الجن التي أتت للنبي فاستمعوا إليه وهو يقرأ القرآن سواء في الصلاة أو خارج الصلاة .. وقبل أن ننتقل إلى الروايات التي تكلمت عن زيارة الجن للنبي في روايات مختلفة .. فيجب أن نناقش بعض المسائل التي قد يسألها العقل أو قد تخطر على البال .. سواء فيما يتعلق بالروايات كرواية بن عباس التي حكى فيها حضور الجن في صلاة الفجر .. ومدى توافقها مع آيات القرآن .. حيث يوجد في رواية بن عباس اعتراضات كثيرة قيلت فيها .. منها ما أجده فيه تعارض ظاهري مع نص القرآن نفسه .. إذ أن الرواية تتكلم عن شياطين .. ولكن ظاهر القرآن يقول بأنهم كانوا أهل كتاب ويغلب عليهم اليهودية كما في ظاهر ألفاظ آيات سورة الأحقاف .. !!
- ثم ننظر في بعض المسائل التي قد تخطر على البال حين قراءة آيات سورة الأحقاف أو سورة الجن .. والله ولي التوفيق.

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 16 تعليقًا:

  1. ربنا يقويك ويمدك بكل خير

    هل
    نستفيد من سماع الجن للقرآن من فم النبي. أن الجن قد يستمعون القرآن من أتباع النبي من الإنس؟
    قصدي
    الإنس يعلمون الجن قرأة القرآن والتجويد؟

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الحبيب مجد ..
      1- ما حدث مع النبي صلى الله عليه وسلم هو خصوصية نبوية في الأصل .. وليست سنة نبوية لنتبعها ..!!

      2- وقد يحضر الجن مجالس العلم وقد يقيمون الصلاة في الليل مع بعض أهل الله فيشعر الإنسان بوجود حركة وحضور وقت الصلاة ثم صمت يكاد ينعدم معه السماع أثناء قراءة القرآن ..

      3- أما عن قراءة القرآن وتعليمه للجن كتلقين مباشر عن رؤية لهم .. فلا أظن ذلك ولا اعتقده .. ولكنهم حدث كثيرا كما بلغنا عن قصص الصالحين أنهم يجالسون اهل العلم في مجالسهم ويسمعونهم ويتعلمون منهم في مجالسهم دون أن يراهم أحد .

      - والله أعلم
      ******************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
    2. ربنا يكرمك ياأستاذ خالد

      حذف
  2. رب زدنا علما وفهما للقرآن واجعله ربيع قلوبنا
    وجزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
    امين يارب العالمين

    ردحذف
  3. جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل وزادك الله من فضله
    (( إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ))
    من سورة هود- آية (88)
    اللهم إستخدمنا فيما تحب وترضى و إجعلنا من الصالحين المصلحين المخلصين المحبين لله ورسوله
    (( رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ))
    من سورة المؤمنون- آية (118)
    اللهم إغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات في كل زمان ومكان يارب العالمين
    *************************************
    اللهم صل على سيدنا محمدٍ النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  4. طيب
    أستاذ خالد / الفاضل الخبير المختص بالمجال الروحي والروحاني

    في شبهات بخصوص رمضان وهي:

    1- ليه الإنسان المسلم = يرى أحلام مفزعة في رمضان ؟
    2- ليه الإنسان المسلم = قد يُصاب بالسحر برمضان ؟
    3- ليه الإنسان المسلم المسحور = قد يُصاب بالصرع برمضان ؟
    4- نحن عندنا برمضان قبل موعد الأفطار بساعة تقريبا = تكثُر الخناقات العركات المشاجرات المضاربة القتال بالشوارع بين الناس = البعض بيئول: بسبب الصيام يجعل الانسان متوتر بسبب نقص السكر بالجسم وقلة الأكل = بيحدث التعصب وعدم تحمل الأخر فيحدث الشجار والنزاع بين الناس.

    ردحذف
    الردود
    1. أخي الحبيب مجد ..
      1- رؤية الاحلام المفزعة في رمضان .. مثلها مثل أي شهر من شهور السنة .. فرمضان ليس شهر العصمة من الأحلام المفزعة ..!! سواء النفسية أو الشيطانية ..

      2- الانسان قد يصاب بالسحر .. وهذا شيء طبيعي وعادي جدا .. فشهر رمضان ليس شهر عصمة من تسلط الشياطين بواسطة إنسان (ساحر) ..!!

      3- الانساب قد يصاب بالصرع .. وليس بالضرورة بسبب سحر لأن السحر غالبا لا يسبب صرع .. وإنما لو حدث فإنما هو لأحد أمرين إما اختبار لإيمانه .. أو بسبب استمرار عصيانه لربه بانتهاك حرمات الغير بالغيبة وما شابه ذلك .. فلا حرمة له حينئذ .

      4- الشجار والعراك قبل الإفطار .. هو سعي من الشيطان لزرع الوسوسة بين الناس ليفسد عليهم صيامهم .. فهناك من يستجيب وهناك من لا يستجيب .. وشهر رمضان ليس في عصمة لشيطان الوسوسة .. فهو لازال يؤدي مهمته .. يقول تعال: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) الإسراء:53.

      #- أما عن تصفيد الشياطين ومفهوم ذلك .. فستجده في قسم فقه العارفين - باب الصيام .

      - والله أعلم.
      ********************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم.

      حذف
    2. طيب
      أستاذ خالد / الفاضل المختص بالمجال الروحي والروحاني

      هل
      1-الجن الذين سمعوا القرأن من سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام ، هل مازالوا عايشين بيننا الآن ؟
      2- هل الجن الذين سمعوا القرأن من سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام = يكونوا صحابة لرسول الله ؟

      حذف
    3. طيب
      أستاذ خالد / الفاضل المختص بالمجال الروحي والروحاني
      لقد قرأت بالنت أن قرين النبي عليه الصلاة والسلام = مازال حي وهو موجود بالمدينة المنور = يعلم الجن المسلم الفقه والعقيدة ، فهل ما قرأته صح أو مش صح ؟

      تلميذك مجد

      حذف
    4. 1- الجن الذين استمعوا للقرآن من النبي .. لا أحسبهم موجودين حتى الآن .. وإن كان غير ممتنع وجود أحدهم .. والله اعلم ..
      وساء موجودين أم غير موجودين .. بماذا يفيد ذلك ؟!!

      2- الجن الذي قابلوا النبي صلى الله عليه وسلم يعتبرهم بعض العلماء من الصحابة كالإمام بن حجر العسقلاني وغيره .

      3- قرين النبي صلى الله عليه وسلم .. سواء كان حي أم ميت .. وسواء كان حيا يعلم الفقة والعقيدة أم لا يعلم .. فما علاقة هذا بالإنس ؟!! فهل سمعت يوما أحد من العارفين قال أنه تلقى العلم من قرين النبي ؟!!
      - لم اجد ذلك في كتب أهل العلم ولم اسمعه من عالم ذو عقل رشيد .. !!
      - وإنما هذا كلام تم كتابته نقلا عن جني قد كلمه أحد الناس في جلسه علاجية وأخبره بهذه المعلومة .. وصدقه الإنسي ونشرها بين الناس .. في كتاب تم نشره على ما أذكر في أواخر فترة التسعينات

      - والله أعلم.
      ****************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

      حذف
    5. ملحوظة اخيرة يا مجد ..
      - من فضلك يكفي كلامك أن تقول: أستاذ خالد :
      - أما ما بعده من كلام فمن فضلك لا داعي له ..
      وشكرا لك وجزاك الله خيرا على حسن ظنك
      *****************************
      اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى ىله وسلم

      حذف
    6. ربنا يكرمك ويمدك بكل خير
      حاضر
      أستاذ خالد

      حذف
  5. جزاك الله كل خير أستاذنا ووالدنا الفاضل وزادك الله نورا ومددا وفهما ونفعنا بك يارب
    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمات الأحياء منهم والأموات من الثقلين في كل زمان ومكان يارب العالمين

    ردحذف
  6. أختنا الفاضلة مريم..
    الإجابة على هذا سؤالك موجودة في السؤال رقم (س7: ماذا كانت ديانة الذين استمعوا للقرآن من النبي ؟ ) من الفصل الثاني للرسالة ..

    - ملحوظة : محو الأسماء في التعليقات تحت مسمى (غير معروف أو unknown) .. لا يكون لها حق الرد ولا النشر ..
    ************************************
    اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
  7. قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) الجن

    قلت (خالد صاحب الرسالة)
    من معاني المفردات:
    قل ( أوحي): أي تم تعريفي وتلقيني وتبليغي من الله من خلال الوحي الإلهي ... والوحي هو تلقين الأنبياء والمرسلين بطريق خفي فيه سرعة ويحمل يقينا ..وإلقاء الوحي له  عدة طرق ذكرها الله تعالى:
    " وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" (51) الشورى

    فإلقاء الوحي له عدة طرق:
    أ- إما بالإلقاء في القلب إلهام بيقين أو مناما بيقين أنه من الله...
    ب- أو من خلال إسماع الكلام الإلهي دون أن يرى السامع من يكلمه محققا بكل يقين أن هذا كلام الله...
    ج- أو بإرسال ملك يرى صورته ويسمع صوته... ليوحي بإذن الله ما يشاء...

    ردحذف
  8. قلتم يا سيدي:
    واعلم أخي الحبيب أن علماء التفسير حينما يذكرون الآراء لا يرجحون بينها في الغالب... لإحتمالية الصواب في كل رأي...
    فضلا على أن المسألة لديهم ( هكذا أظن)
    ليست ذات أهمية قصوى للإنتصار لرأي دون آخر لأنها مجرد قصة...

    وشخصيا عند بداية قراءتي لهذه الرسالة ملت لهذا الرأي أنه لا توجد أهمية في الفصل بين الاثنين ولم أكن أرى أهمية في تناول الموضوع من أصله... وما مواصلتي القراءة إلا لعلمي أني سوف أجد الحكمة مما تناولتم في الأثناء...
    لكن لما رأيت تسلسلك في طرح الرأيين وتتبعك دليل كل رأي ...عرفت انك محق فيما ذهبت إليه لأنه يغلق باب شبهة أو مكان تؤكل منه الكتف للطعن في الدين...
    بمعنى اجتهادكم لم يكن عبثي...
    والله أعلم...
    ☆▪☆▪☆▪☆

    وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي وآله

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف