بحث في المدونة من خلال جوجل

السبت، 4 مارس 2023

Textual description of firstImageUrl

ج31: رسالة الزواج والجماع والإنجاب بين الجن والإنس - هل قال الصحابي بن عباس أن المخنثون هم أولاد الجن - هل قال الصحابي عمر بن الخطاب عن ماء المخاض الأسود أنه لمة من الشيطان - هل اغتصاب امرأة في زمن عمر له علاقة بوجود حمل من الجن - هل قال الصحابي مرداس قصة الجارية التي أحاطت بها ظُلمة ووجدت حس رجل معها فحبلت منه غلام أغطف له أذني كلب - هل الصحابي علي بن أبي طالب قتل "مَخدَع اليد" "ذو الثُّديَّة" الذي هو أحد "ثلاثة أخوة من الجن" وأمه "قد جامعها ظلا أسودا فحبلت منه".

          بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

الزواج والجماع والإنجاب

بين الجن و الإنس

حقيقة شرعية أم خرافة تراثية

وتحقيق خرافة جماع الملائكة للإنس

 (الجزء الثالث من الرسالة)

(الفصل الحادي والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل الحادي والثلاثون :: عن مناقشة روايات عن الصحابة والتي استدل بها البعض في إثبات حدوث إنجاب بين الجن والإنس ::
1- س115: هل قال الصحابي بن عباس أن المخنثون هم أولاد الجن ؟
2- س116: هل قال الصحابي عمر بن الخطاب عن ماء المخاض الأسود أنه لمة من الشيطان ؟
3- س117: هل اغتصاب امرأة في زمن عمر له علاقة بوجود حمل من الجن ؟
4- س118: هل قال الصحابي مرداس قصة الجارية التي أحاطت بها ظُلمة ووجدت حس رجل معها فحبلت منه غلام أغطف له أذني كلب ؟
5- س119: هل الصحابي علي بن أبي طالب قتل "مَخدَع اليد" "ذو الثُّديَّة" الذي هو أحد "ثلاثة أخوة من الجن" وأمه "قد جامعها ظلا أسودا فحبلت منه" ؟
*********************
:: الفصل الحادي والثلاثون ::
:: عن مناقشة روايات عن الصحابة والتي استدل بها البعض في إثبات حدوث إنجاب بين الجن والإنس ::
*********************
 
..:: س115: هل قال الصحابي بن عباس أن المخنثون هم أولاد الجن ؟ ::..
 
- هناك من استدل برواية عن بن عباس للدلالة على وجود أولاد من الجن عن طريق الإنسيات .. وهؤلاء الأولاد هم المخنثون ..!!
 
#- قالوا جاء في الرواية عن بن عباس موقوفا:
- رواية بلا سند كأنها مكذوبة على بن عباس وقيل فيها: (جاء رجلا لابن عباس وقال: إن امرأتي استيقظت ، وكأن في فرجها شعلة نار .. قال : ذاك من وطء الجن .. قال: فمن أولادهم ؟ قال : هؤلاء المخنثون) رواه السمعاني في تفسيره بلا سند ..!!
 
- قوله (وطء الجن): أي جماع الجن .
- قوله (المخنثون): أي الذكور الذين غلب على مظهرهم طباع الإناث.
 
- رواية أخرى بلا سند: (وَقَالَ ابْن عَبَّاس إِذا أَتَى الرجل امْرَأَته وَهِي حَائِض سبقه الشَّيْطَان إِلَيْهَا فَحملت فَجَاءَت بالمخنث فالمؤنثون أَوْلَاد الْجِنّ) ذكرها الشبلي في آكام المرجان وقال: رواه الحافظ بن جرير ..

- قوله (المؤنثون): أي المخنثون الذي غلب عليهم مظاهر الأنوثة وإن كان في ظاهر شكل ذكر..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أولا: من حيث الإحتجاج بهذه الروايات ..
- هذه الرواية لا يصح الإحتجاج بها أصلا .. لأنها ليست وحي يوحي فليست  تشريع .. وإنما البعض يحلو له الإكثار من المرويات وذكر أسماء الصحابة والتابعين ليبهر الآخرين ويقنعهم أن هذا كلام الشريعة .. في حين أن من يفعل ذلك عليه أن يوضح أن هذه مجرد آراء وليس علم ديني .. هذا على افتراض لو صحت هذه الآراء .. فما بالنا لو كانت هذه الآراء بلغتنا عنهم بطرق مشوهة لم تصح ..!!
 
- ولكن للأسف البعض يعرض آراء الصحابة والتابعين وكأنها علم ديني واجب التسليم له وليست آراء قد تصح وقد لا تصح .. وهذا ما اعتبره خيانة في الأمانة العلمية الدينية ..!!
 
#- ثانيا: أما عن تحقيق سند الرواية ومتنها التي قيلت عن بن عباس ..
أ- أما عن السند: فهي رواية باطلة ومجهولة السند كاملا .. حيث أنها رواية بلا سند أصلا ولا نعرف من حدَّث بها .. وقد رواها الإمام السمعاني (المتوفى: 489هـ) في تفسيره .. !!
 
ب- أما عن سند الرواية الثانية: فهي رواية باطلة ومجهولة لأن بن جرير الطبري لم يروي أي رواية مشابهة لهذه الرواية .. فهذا وهم وغلط من الإمام الشبلي رحمه الله .
 
2- أما عن المتن: فمتن الرواية الأولى التي رواها السمعاني فهي غير معقولة لأي عاقل .. ليه ؟
أ- لأن ما علاقة إحساس المرأة كأن في فرجها شعلة نار "وهو كناية عن السخونة الشديدة" التي قد تحدث نتيجة التهابات حادة أو جماع مسبق من الزوج بصورة متكررة .. بكون هذا من وطء الجن ؟!!
 
ب- ثم كيف يعقل أن يكون من الجن أي أولاد أصلا من الإنس بسبب اختلاف الجنسية ؟!!
 
ج- وطالما من الجن فلماذا ليسوا أخفياء مثل الجن ؟!!

- وأما عن متن الرواية الثانية .. فهي فاسدة وباطلة وقد سبق توضيح ذلك في السؤال رقم (112) .. من الناحية العلمية والشرعية .. لأنه لا يمكن حدوث تبويض للمرأة وهي حائض فضلا عن مخالفة ذلك لنصوص شرعية أخرى ..

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب في روايات المخنثين وعلاقتها بأولاد الجن:
- نجد أن أحاديث المخنثين بأنهم أولاد الجن .. سواء حديث موقوف على رأي بن عباس أو ما جاء مرفوع إلى النبي كما ذكرنا ذلك في الفصل السابق .. فكلاهما باطل الإستدلال بهما .. لأنهما لم يصح منهما شيء .. فلا يصح أن نقول أن هذا الكلام منسوبا لابن عباس .. ولا يصح ننسبه للنبي .. فضلا عن أن كلام بن عباس لا حجة فيه حتى لو كان صحيحا لأنه غير مقبول عقلا ولا يمكن أن يقول به رضي الله عنه.
 
- بل ولا يصح الاستدلال بكلام موقوف على صحابي في بيان عقيدة غيبية ليس لها ما يؤيدها من الشرع أو إجماع من الصحابة .. فما بالك لو رواية باطلة لم تصح .. وقد تبين لك أن الأحاديث التي تتعلق بهذه المسألة هي روايات فاسدة جدا أو مجهولة لا أصل لها .. فضلا عن اللامعقول في نصوص هذه الروايات والمخالف للعلم الثابت أيضا ..!!
 
**********************
 
..:: س116: هل قال عمر بن الخطاب عن ماء المخاض الأسود أنه لمة من الشيطان ؟ ::..
 
- من الأدلة التي استدل بها البعض على الإنترنت .. بما ليس فيه دليل على شيء إلا محض الوهم في عقل من استدل بها.
 
#- فقال أن دليل الحمل من الجن هو هذه الرواية :
- (أثر باطل - ضعيف السند ومتن منكر) - عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْأَقْمَرِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: (بَلَغَ عُمَرَ، عَنِ امْرَأَةٍ أَنَّهَا حَامِلٌ .. فَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُحْرَسَ حَتَّى تَضَعَ .. فَوَضَعَتْ مَاءً أَسْوَدَ .. فَقَالَ عُمَرُ: «لَمَّةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ») رواه عبد الرزاق في مصنفه..
 
- قوله (فأمر بحبسها): أي حتى يتبين ما هو سبب حملها حيث أنه لم يكن لها زوج .. وهذا ما نفهمه من سياق الرواية.
 
- قوله (لمة من الشيطان): أي مسا من الشيطان أصابها فسبب لها ذلك .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة ):
- دعني أفاجئك اخي الحبيب بشيء مهم قبل التعليق على الرواية السابقة .. وهو أن الجهلاء الذين استدلوا بهذا الأثر .. لم يذكروا أن العلماء الذين كتبوا هذا الحديث قد كتبوه تحت عنوان (بَابٌ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ تُسْتَكْرَهَانِ) أي اللاتي يحدث لهن اغتصاب من الرجال .. سواء تم معرفة الجاني أم لا .. حيث قد يتم ضرب المرأة فتفقد وعيها أو تعميتها بعصابة على عينها ويتم اغتصابها فتحمل ..
 
- ولكن هؤلاء الذين نشروا مثل هذه الرواية - والرواية التي ستأتي في السؤال القادم إن شاء الله .. لم يذكروا ما سبب ذكر هذه الروايات في كتب الحديث حتى لا يفتضح أمرهم بأنهم خانوا الأمانة العلمية وكذبوا على الناس فيما ذكروا ونشروه لهم .. فانتبه وافهم أخي الحبيب جيدا هذا الكلام وكن بصيرا .
 
- فإذا علمت ما سبق أخي الحبيب وهو كافي لتفهم أن الاستدلال بهذه الروايات هو في غير محله .. فإليك بيان تحقيق الرواية ..
 
#- أولا: من حيث سند الرواية ..
1- لم أجد (إبراهيم) هذا المذكور في الرواية .. ولم أجد في مشايخ (علي بن الأقمر) أي شيخ اسمه إبراهيم .. فهو حينئذ مجهول ولا نعلمه ..
 
2- ولو أخذنا من طبقته ما نظنه أنه (إبراهيم النخعي) وإن كنت لا أظن ذلك .. فإن إبراهيم النخعي لم يدرك عمر .. فالأثر حينئذ منقطع .. ولا نعلم عمن أخذ إبراهيم هذه القصة الغامضة ..!!
 
#- وما سبق كافي جدا لبطلان هذه الرواية .. ولكن دعني أوضح لك ليه الرواية دي مزورة على عمر بن الخطاب ومكذوبة عليه ..
 
#- ثانيا: أما من حيث المتن ..
1- هذه الرواية باطلة ولا يمكن قبولها لأنها تحكي جهالة علمية .. كيف ذلك ؟
- فحينما أخبره الحراس أن المرأة بدأت في مرحلة الوضع .. وأن لون الماء النازل منها يرونه أسود .. فظن عمر أن لونه طالما أسود فهو نتيجة إصابة شيطانية .. !!
- وهذا فهم وظن خاطي من سيدنا عمر .. أو هذه الرواية مزورة ولم تحدث أصلا "وهذا ما أعتقده" ..  ليه ؟
 
- لأن سيدنا عمر لا يعلم نوعية الماء النازل (ماء المخاض) .. لأن هذا الماء الموصوف بهذا الوصف إنما يكون ماء مصحوبا ببراز الطفل .. مما يجعله ماء غامق يميل لون الأخضر الغامق أو الأسود .. وهذا أمر معروف طبيا .. ويسمى بالسائل السَّلَوي أو سائل الأَمْنيُوتِك .. ولونه الحقيقي سائل شفاف .. ولكنه لو نزل بلون غامق فهذا معناه أن الطفل قد تبرز ويجب الوصول للمستشفى فورا .. لأنه بذلك قد تخطى فترة الولادة المقررة له ..!!
 
- فأين لمة الشيطان .. من هذا المفهوم العلمي ..؟!!
 
2- معنى لمة الشيطان هو حدوث مس من الشيطان للإنسان قد يكون بالوسوسة وقد يكون بالصرع وقد يكون نتيجة سحر .. ولكنه بكل تأكيد ليس بمعنى أن الماء الأسود نتيجة جماع الشيطان للمرأة .. وإلا فلماذا لا يحدث ذلك لعموم الكرة الأرضية طالما الشيطان يجامع الزوجات حسب عقيدة هؤلاء الذين لا يتورعون عن هذا القول بل ويستبيحون نشره والترويج له ..!!
 
3- وهل قال عمر أن الماء الأسود معناه أن هذا الطفل هو ابن الجن أو بن الشيطان .. حتى يتم الاستدلال بهذا الأثر وهذه القصة ..؟!!
- فما هذا التلفيق والغش والتلاعب في الإستدلال بهذه الآثار ..!!

4- من الذي نقل هذه القصة عن عمر أصلا .. وهي رواية مرسلة ولا نعلم من نشرها ؟!!

5- على افتراض صحة الرواية (وهي ليست كذلك) .. فهي رواية لا يؤخذ بها شرعا كوحي واجب الاتباع .. بل هو كلام اجتهاد ظني من عمر وليس شرعا نؤمن ونقر به ..!!
 
- فضلا عن أن العقل لو أراد شرح لجزئية (لمة من الشيطان) .. سيقول بأن مقصد عمر أن الشيطان مس المرأة بأذى أو ضرر في جسمها فحدث لها ما حدث .. فهذا هو ما يستقيم للعقل من كلام عمر .. وليس معناه أن الشيطان جامع المرأة فحملت منه ..!!

#- خلاصة القول:
- هذه الرواية ضعيفة سندا ومنكرة متنا لمخالفتها العلم الثابت .. فلا تصح عقلا ولا شرعا ولا علما .. فضلا عن أنه لا حجة في هذه الرواية من أساسه لأن العقائد تؤخذ من القرآن والنبي المعصوم صلى الله عليه وسلم .. وخلاف ذلك فلا حجة فيه .
 
- والله أعلم .
 
**********************
..:: س117: هل اغتصاب امرأة في زمن عمر له علاقة بوجود حمل من الجن ؟ ::..
 
- ومن عجيب ما تجده من بعض هؤلاء المستدلين على أولاد الجن .. هو استدلالهم برواية لا تدل على أي شيء إلا على وجود اغتصاب .. فهل ظن هؤلاء أنه اغتصاب روحاني ؟!!
- لا أستبعد ذلك على عقولهم البليدة ..
- علما بأن العلماء الذين كتبوا هذا الحديث قد كتبوه تحت عنوان (بَابٌ الْبِكْرُ وَالثَّيِّبُ تُسْتَكْرَهَانِ) أي اللاتي يحدث لهن اغتصاب من الرجال ..
 
(أثر صحيح) ..عن طارق بن شهاب قال: (بَلَغَ عُمَرَ أَنَّ امْرَأَةً مُتَعَبِّدَةً حَمَلَتْ، فَقَالَ عُمَرُ: «أُرَاهَا قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ تُصَلِّي فَخَشَعَتْ فَسَجَدَتْ فَأتَاهَا غَاوٍ مِنَ الْغُوَاةِ فَتَحَشَّمَهَا، فَأَتَتْهُ فَحَدَّثَتْهُ بِذَلِكَ سَوَاءً فَخَلَّى سَبِيلَهَا») رواه عبد الرزاق في مصنفه.
 
#- من معاني الرواية السابقة:
- قوله (غاو من الغواة): أي يقصد به معتدي من المعتدين ممن انحرف عن طريق الحق ومال قلبه للباطل ..
 
- قوله (فتحشمها): أي اعتبرها من حشمه واستباحها كأنها خادمة من عبيده وملكا له وفعل بها فعلته أي اغتصبها .. والله أعلم .
 
- قوله (فحدثته بذلك سواء): أي أخبرته مثلما ظن وتصور عمر أن هذا ما حدث .. فتطابق كلامها مع ظن عمر .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة ):
1- يقال في هذه الرواية ما قيل في الرواية السابقة من حيث أن هذا رأي صحابي وفقهه وليس وحي سماوي لنعتقده ..
 
2- وكذلك هذه الرواية تتكلم عن حال المرأة التي يتم اغتصابها بالإكراه دون إرادتها من رجل من الإنس .. ولا علاقة له بالجن .. فما هذا الجهل ..؟!!
 
3- أين الجن في هذه الرواية من أساسه حتى يقال أن الرواية تشير إلى أن الجن جامعها فحملت منه ؟!!
 
4- ولو كان ظنهم أن هذا المعتدي هو من الجن .. فهذا إن دل فإنما يدل على مدى جهلهم وضآلة عقولهم .. لأنهم بذلك يجعلون كل معتدي على امرأة بالإغتصاب هو من الجن .. ولا يخفى مدي الحمق الذي يحمله هذا التصور فضلا عن عمق الكذب الذي وراء هذا القول لأنه لا واقع له ..!!
 
#- خلاصة القول:
1- أن الذين استدلوا بهذه الرواية إما أنهم جهلاء عن أن الرواية تتكلم عن الإغتصاب بالإكراه للنساء من رجال الإنس .. وإما أنهم يحرفون في الروايات عما هي عليه ليخدموا أهوائهم الخاصة ..!!
- وكلا الأمرين أمر من الآخر لأنه يدل على أحوال هؤلاء الذين استدلوا بمثل هذه الروايات ..!!
 
2- فكيف يصدق الناس مثل هؤلاء الذين استباحوا تزوير الحقائق عما هي عليه وحرفوا في معنى النص بغير ما هو عليه من مقاصد ..!!
- ويكفي أنك عرفت حالهم فلا تتبعهم يا مؤمن فتكون من الذين يفتنون الناس في دينهم .. فاحذرهم .
 
#- وبهذا يكون ختام الكلام على هذا الأثر .. وننتقل بعده لأثر أخر من آثار الصحابة .
 
************************
..:: س118: هل قال الصحابي مرداس قصة الجارية التي أحاطت بها ظُلمة ووجدت حس رجل معها فحبلت منه غلام أغطف له أذني كلب ؟ ::..
 
- مما استدل به البعض على شبكة الإنترنت على وجود أولاد من الجن .. هو ما رواه الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ - بِمِصْرَ - حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ قَيْسٍ السَّدُوسِيِّ قَالَ: (حَضَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْكِهَانَةُ وَمَا كَانَ مِنْ تَغْيِيرِهَا عِنْدَ مَخْرِجِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ عِنْدَنَا فِي ذَلِك شيء .. أَخْبِرُكَ أَنَّ جَارِيَةً مِنَّا يُقَالَ لَهَا الْخَلَصَةُ لم يعلم عَلَيْهَا إِلَّا خيرا .. إِذْ جَاءَتْنَا فَقَالَتْ: يَا مَعْشَرَ دَوْسٍ، الْعَجَبُ الْعَجَبُ لِمَا أَصَابَنِي .. هَلْ عَلِمْتُمْ إِلَّا خَيْرًا؟ قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَتْ: إِنِّي لَفِي غَنَمِي إِذْ غَشِيَتْنِي ظُلْمَةٌ وَوَجَدْتُ كَحِسِّ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فقد خشيت أَن أكون حَبِلْتُ.. حَتَّى إِذَا دَنَتْ وِلَادَتُهَا وَضَعَتْ غُلَامًا أَغْضَفَ لَهُ أُذُنَانِ كَأُذُنَيِ الْكَلْبِ) ذكره بن كثير في البداية والنهاية ج1 ص353 .
 
- قوله (أغطف): أي كثير الشعر في أجفانه وحواجبه .
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- حديث موضوع .. مكذوب سندا .. ومنكر متنا .. ليه ؟
 
#- أولا: من حيث السند ..
1- (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ) وهو وضاع وكذاب .. قال عنه الدارقطني هو وضاع .
2- (عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ) هو وضاع وكذاب .. قال عنه أبو الفتح الأزدي : يضع الحديث
3- (عيسى بن يزيد): ضعيف جدا .. أبو حاتم الرازي والبخاري: منكر الحديث ..، وقال ابن حجر العسقلاني : كان إخباريا علامة نسابة لكن حديثه واه ..، وقال الذهبي : علامة نسابة لكن حديثه واه.
4- شيخ (صالح بن كيسان): هو مجهول .. ولم يظهر لنا من هو الذي حدثه واكتفى بقول (عمن حدثه)..!!
5- (مِرْدَاسِ بْنِ قَيْسٍ الدُوسِيِّ): هو صحابي .. وفي رواية بن كثير جاء بلفظ (السدوسي) وهو غلط .. والله أعلم .
 
#- ثانيا: من حيث المتن ..
1- الذي كذب في كتابة القصة أراد للسامع أن يفهم موافقة النبي على هذه القصة بدليل أنه سمع القصة ولم يظهر له أي تعليق عليها .. فكان سكوته إقرارا بصحة هذه القصة المكذوبة .. !!
- سبحانك يا رب .. ما هذا البهتان والكذب في اختلاق القصص والكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..!!
 
2- وكأن قبيلة دوس جماعة من الحمقى لتصدق امرأة أتت تصرخ وتحكي أن ظلا جامعها وتخشى أن تكون قد حبلت منه ..!!
- فصدقتها القبيلة .. ووافقت على كلامها ..!!
- فأي عقل يصدق هذا الكلام ..!!
 
3- يبدو أنّ الجنّي الذي جامع "خَلصة" دون أن تدري أو تراه .. كان من  فصيلة الكلاب الجيرمن (الكلاب البوليسية) أو الكلاب الجولد الكثيفة الشعر ولها أذنان طوال ..!! وكأن هذا الغلام قد اكتسب من جينات هذا الجني الكلب .. !!
 
- وإذا كان يكفي أن الرواية مكذوبة وقد رواها جماعة من الكذابين .. ولكن من المهم أن تستخدم عقلك فيما تقرأه أو تسمعه .. ولا تقبله وكأنه شيء يتم التسليم له .. مهما كان قدر من كتب هذا الكلام .. لأن ليس كل ما هو مكتوب ومسموع هو حق .. خاصة في الأمور الروحانية .. فانتبه ..!!
 
********************
 
..:: س119: هل الصحابي علي بن أبي طالب قتل "مَخدَع اليد" "ذو الثُّديَّة" الذي هو أحد "ثلاثة أخوة من الجن" وأمه "قد جامعها ظلا أسودا فحبلت منه" ؟ ::..
 
- من الروايات التي استدل بها البعض على شبكة الإنترنت .. هي قصة سيدنا علي بن أبي طالب وقتاله مع الخوارج .. والتي قتل فيها الموصوف بأنه (ذو الثدية) والموصوف بأنه (مُخْدَجُ الْيَدِ) أي المنقوص اليد .. وأحيانا يكتب باسم (حرقوس) .. وقيل في رواية أنه (أحد ثلاثة أخوة من الجن) .. وقيل أن (أمه شعرت بأن ظلا أسود هجم عليها فحبلت من هذا الظل) ..!! واستدلوا بروايات منها:
 
1- (حديث ضعيف) .. ما جاء عن  مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَعْشَرٍ، حَدَّثَنَا أَفْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: (حَضَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ وَهُوَ يَقْسِمُ بَيْنَ النَّاسِ قِسْمَةً، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ فَقَالَ لَهُ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِبْتُ إِذًا وَخَسِرْتُ إِنْ لَمْ أَعْدِلْ، فَمَنْ يَعْدِلُ، وَيْحَكَ؟»، فَاسْتَأْذَنَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَتْلِهِ ..
- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنَا بِالَّذِي أَقْتُلُ أَصْحَابِي .. سَيَخْرُجُ نَاسٌ يَقُولُونَ مِثْلَ قَوْلِهِ .. يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ .. فَأَخَذَ سَهْمًا فَنَظَرَ إِلَى رِصَافِهِ فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا .. ثُمَّ نَظَرَ إِلَى نَصْلِهِ ـ يَعْنِي الْقِدْحَ ـ فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا .. ثُمَّ نَظَرَ إِلَى قُذَذِهِ فَلَمْ يَرَ فِيهِ شَيْئًا سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ .. عَلَامَتُهُمْ رَجُلٌ يَدُهُ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ كَالْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ فِيهَا شَعَرَاتٌ كَأَنَّهَا سَبْلَةُ سَبُعٍ» ..
- قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: وَحَضَرْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَحَضَرْتُ مَعَ عَلِيٍّ يَوْمَ قَتْلَهُمْ بِنَهْرَوَانَ .. قَالَ: فَالْتَمَسَهُ عَلِيٌّ فَلَمْ يَجِدْهُ، قَالَ: وَجَدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ تَحْتَ جِدَارٍ عَلَى هَذَا النَّعْتِ .. فَقَالَ عَلِيٌّ: أَيُّكُمْ يَعْرِفُ هَذَا؟ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: نَحْنُ نَعْرِفُهُ، هَذَا حُرْقُوسٌ وَأُمُّهُ هَاهُنَا .. قَالَ: فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَ لَهَا: مَنْ هَذَا؟ فَقَالَتْ: مَا أَدْرِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا أَنِّي كُنْتُ أَرْعَى غَنَمًا لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالرَّبَذَةِ، فَغَشِيَنِي شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَحَمَلْتُ مِنْهُ فَوَلَدْتُ هَذَا) رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده .. وقال محقق المسند الشيخ حسين سليم أسد: إسناده ضعيف..، وقال الهيثمي : فيه أبو معشر وهو ضعيف الحديث .. قلت (خالد صاحب الرسالة): وفي السند علة أخرى وهي (أفلح بن عبد الله بن المغيرة) .. وهو مجهول الحال.
 
#- والرواية ذكرها الإمام السيوطي بلفظ: (قال أبو سعيد الخدري: حضرت مع علي بن أبي طالب قتال الحرورية بالنهروان .. فالتمس علي .. ذا اليد .. فأخبروه أنه ذهب وهرب، فقال اطلبوه .. فوجدوه بعد ذلك .. فقال: من يعرف هذا ؟ فقال رجل من القوم: هذا قوص  وأمه هاهنا ، فأرسل "علي" إلى أمه .. فقال من أبو هذا ؟ قالت: ما أدري إلا أني كنت أرعى غنما لأهلي في الجاهلية بالمدينة .. فغشيني شيء كهيئة الظلمة فحملت منه فولدت هذا) ذكره السيوطي في لقط المرجان في أحكام الجان.
 
2- (حديث صحيح) .. وفي رواية أخرى عن يَزِيدُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّ أَبَا الْوَضِيءِ عَبَّادًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ قَالَ: (كُنَّا عَامِدِينَ إِلَى الْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا بَلَغْنَا مَسِيرَةَ لَيْلَتَيْنِ - أَوْ ثَلاثٍ - مِنْ حَرُورَاءَ، شَذَّ مِنَّا نَاسٌ كَثِيرٌ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِعَلِيٍّ، فَقَالَ: لَا يَهُولَنَّكُمْ أَمْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ سَيَرْجِعُونَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ - قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ: إِنَّ خَلِيلِي أَخْبَرَنِي: " أَنَّ قَائِدَ هَؤُلاءِ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ، عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِهِ شَعَرَاتٌ .. كَأَنَّهُنَّ ذَنَبُ الْيَرْبُوعِ فَالْتَمَسُوهُ " فَلَمْ يَجِدُوهُ، فَأَتَيْنَاهُ فَقُلْنَا: إِنَّا لَمْ نَجِدْهُ. فَقَالَ: الْتَمِسُوهُ، فَوَاللهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ ثَلَاثًا، فَقُلْنَا: لَمْ نَجِدْهُ، فَجَاءَ عَلِيٌّ بِنَفْسِهِ فَجَعَلَ يَقُولُ: " اقْلِبُوا ذَا اقْلِبُوا ذَا " حَتَّى جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْكُوفَةِ فَقَالَ: هُوَ ذَا، قَالَ عَلِيٌّ: اللهُ أَكْبَرُ، لَا يَأْتِيكُمِ أَحَدٌ يُخْبِرُكُمْ مَنْ أَبُوهُ؟، فَجَعَلَ النَّاسُ يَقُولُونَ هَذَا مَالِكٌ، هَذَا مَالِكٌ، يَقُولُ عَلِيٌّ: ابْنُ مَنْ هُوَ ؟) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده حسن.
 
- قوله (مُخْدَجُ الْيَدِ) : أي يده غير مكتملة في الخلقة .
- قوله (ذنب اليربوع): أي ذيل اليربوع واليربوع هو شبيه الفأر ..
 
3- (حديث صحيح السند وفيه نكارة وشذوذ في المتن لا تصح) .. في رواية عن يَزِيدُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، أَنَّ أَبَا الْوَضِيءِ عَبَّادًا حَدَّثَهُ، أَنَّهُ قَالَ: (كُنَّا عَامِدِينَ إِلَى الْكُوفَةِ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْمُخْدَجِ، قَالَ عَلِيٌّ: فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلا كُذِبْتُ ثَلاثًا، فَقَالَ عَلِيٌّ: أَمَا إِنَّ خَلِيلِي أَخْبَرَنِي: "ثَلاثَةَ إِخْوَةٍ مِنَ الجِنِّ، هَذَا أَكْبَرُهُمْ، وَالثَّانِي لَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَالثَّالِثُ فِيهِ ضَعْفٌ") رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح .. وقوله: "أما إن خليلي ... " لم يرد إلا في هذا الحديث ..!! ..، وقال بن كثير:: وهذا السياق فيه غرابة شديدة جدا .. !! قد يمكن أن يكون ذو الثدية من الجن بل هو من الشياطين .. إما شياطين الإنس أو شياطين الجن إن صح هذا السياق .. والله تعالى أعلم. (راجع البداية والنهاية ج10 ص607).
- ملحوظة: قد جاءت هذه الرواية عند الإمام الحاكم في المستدرك .. بنفس السند .. ولكن بصورة أكثر تفصيلا ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أما عن تحقيق الروايات ..
1- فالرواية الأولى .. والتي جاء فيها لفظ (فَغَشِيَنِي شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَحَمَلْتُ مِنْهُ فَوَلَدْتُ هَذَا) وأن اسمه حرقوس .. فهذه رواية ضعيفة ولم يظهر اسمه إلا في هذه الرواية ..
 
- وهذه الرواية بالرغم من ضعف سندها إلا أن فيه نكارة .. وهي جزئية (فَغَشِيَنِي شَيْءٌ كَهَيْئَةِ الظُّلَّةِ فَحَمَلْتُ مِنْهُ فَوَلَدْتُ هَذَا) لأنه لا يحبل أحد من الشياطين لاختلاف الجنسية ..!!
- وعموما الرواية لم تصح .
 
2- أما عن رواية (ثلاثة أخوة من الجن) التي رواها أحمد والحاكم .. فهي لم يتم ذكرها إلا بطريق واحد عن (يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضِيء) .. وهي زيادة منكرة وشاذة .. لم تأتي في أي طريق الأحاديث التي رواها الصحابة الآخرين .. والتي بلغت جملتها عشرة روايات ..!! ولذلك قال بن كثير: فيها غرابة شديدة جدا .
 
#- وسبب النكارة والشذوذ هو الآتي:
1- هذه الزيادة مخالفة لما في الصحيح الأعلى سندا حيث جاء في صحيح البخاري ومسلم:   
- من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قَالَ: (بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْسِمُ قِسْمًا ، أَتَاهُ ذُو الخُوَيْصِرَةِ ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْدِلْ ، فَقَالَ: ( وَيْلَكَ ، وَمَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ ، قَدْ خِبْتَ وَخَسِرْتَ إِنْ لَمْ أَكُنْ أَعْدِلُ) ،  فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ائْذَنْ لِي فِيهِ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ ؟ فَقَالَ: ( دَعْهُ ، فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلاَتَهُ مَعَ صَلاَتِهِمْ ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ ، يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، يُنْظَرُ إِلَى نَصْلِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى رِصَافِهِ فَمَا يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى نَضِيِّهِ ، - وَهُوَ قِدْحُهُ - ، فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ يُنْظَرُ إِلَى قُذَذِهِ فَلاَ يُوجَدُ فِيهِ شَيْءٌ ، قَدْ سَبَقَ الفَرْثَ وَالدَّمَ .
آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ ، إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ ، وَيَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ.
- قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَاتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ ، فَأَمَرَ بِذَلِكَ الرَّجُلِ فَالْتُمِسَ فَأُتِيَ بِهِ ، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهِ عَلَى نَعْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي نَعَتَهُ) صحيح البخاري ومسلم.
 
#- ولكن أين نكارة وشذوذ حديث (يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء) التي فيها لفظ (ثلاثة أخوة من الجن) ؟
- توجد في هذه الرواية نكارتين:
1- النكارة الأولى: في وصف مكان العلامة وهي (الثُّديَّة) .. في رواية للحاكم ورواية لأحمد والتي من طريق (يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء) .. قيل في الرواية أن العلامة (عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِهِ شَعَرَاتٌ .. كَأَنَّهُنَّ ذَنَبُ الْيَرْبُوعِ) ..!! 
 
#- ولكن في كل الروايات الصحيحة والتي تبلغ تقريبا عشرة روايات .. جاءت العلامة في اليد المعيبة الخلقة .. كما جاء في روايات صحيحة عديدة  منها:
- في صحيح البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري بلفظ: (إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ المَرْأَةِ، أَوْ مِثْلُ البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ) .. ومعنى "تدردر" أي تتحرك يمينا ويسار ..
- وفي رواية لمسلم عن زيد بن وهب الجُهني بلفظ: (وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا لَهُ عَضُدٌ، وَلَيْسَ لَهُ ذِرَاعٌ، عَلَى رَأْسِ عَضُدِهِ مِثْلُ حَلَمَةِ الثَّدْيِ، عَلَيْهِ شَعَرَاتٌ بِيضٌ) ..
- وفي رواية أخرى لمسلم عن عبيد الله بن أبي رافع بلفظ: (إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ) .. ومعنى "طبي شاة" أي ضرع شاة ..
- وفي رواية أبي داود عن أبي الوضيء بلفظ: (إحدى يَدَيه مثل ثَدي المرأة) ..
- وفي رواية النسائي في الكبرى عن طارق بن زياد بلفظ: (فَسِيمَاهُمْ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ فِي يَدِهِ شَعَرَاتٌ سُودٌ، إِنْ كَانَ هُوَ، فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ النَّاسِ) ..
- وفي رواية لأحمد عن أبي كثير ولكن بسند ضعيف قد أتت بلفظ: (آيَةَ ذَلِكَ أَنَّ فِيهِمْ رَجُلًا أَسْوَدَ مُخْدَجَ الْيَدِ، إِحْدَى يَدَيْهِ كَثَدْيِ الْمَرْأَةِ، لَهَا حَلَمَةٌ كَحَلَمَةِ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ) ..
- وفي رواية لأبي داود الطيالسي عن أبي مريم بلفظ: (ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ بَعْدُ فَبَشَّرَهُ قَالَ: وَجَدْنَاهُ فِي وَطْأَةٍ مِنَ الْأَرْضِ تَحْتَ رَجُلَيْنِ فَقَطَعَ يَدَيْهِ وَالثُّدِيَّةَ فَأَخَذَهَا وَنَصَبَهَا وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ قَالَهَا مِرَارًا) .. وفي رواية   !!
- وتوجد روايات أخرى عند الحاكم ومصنف عبد الرزاق .. وغيرهما وقد اكتفيت بما ذكرته لك ..
 
2- النكارة الثانية التي في رواية (يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء) التي رواها أحمد والحاكم .. هو إظهار أن (ذي الثدية) من الجن .. في حين أن كل روايات طرق الصحيح الأخرى والتي رواها عشرة من الصحابة أو أكثر لم يذكروا ذلك .. ولا يعقل أن يكون كل هؤلاء نسوا أن يذكروا ذلك ..!!
 
- بل والذي يؤكد لك قوله (أخوة من الجن) هي زيادة منكرة وباطلة .. هو أن الروايات الصحيحة جاء فيها .. أن النبي صلى الله عليه وسلم يصف أتباع (ذُو الخُوَيْصِرَةِ) واسمه هو (حرقوص بن زهير السعدي) .. بأن الخوارج من أصحابه حينما قال (له أصحابا) يعني جماعة من الإنس سيكونوا على مثل نفسيته .. والذي كان منهم (ذو الثدية) .. ثم قال النبي (آيَتُهُمْ رَجُلٌ أَسْوَدُ) .. ولم يقل رجلا من الجن .. ولو كان يقصد رجلا من الجن لكان أظهر ذلك بوضوح .. ؟!!
 
- في رواية لمسلم جاء فيها: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَفَ نَاسًا، إِنِّي لَأَعْرِفُ صِفَتَهُمْ فِي هَؤُلَاءِ، «يَقُولُونَ الْحَقَّ بِأَلْسِنَتِهِمْ لَا يَجُوزُ هَذَا، مِنْهُمْ، - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ .. مِنْ أَبْغَضِ خَلْقِ اللهِ إِلَيْهِ مِنْهُمْ أَسْوَدُ، إِحْدَى يَدَيْهِ طُبْيُ شَاةٍ أَوْ حَلَمَةُ ثَدْيٍ) .. ويظهر جليا من هذه الرواية قول النبي : (منهم) أي من هذه الجماعة ..
 
- وفي رواية النسائي قال: (إِنْ كَانَ هُوَ، فَقَدْ قَتَلْتُمْ شَرَّ النَّاسِ) ولفظ الناس لا يقال على الجن كما هو المشهور من قول العلماء في ذلك ..!!
 
- بالإضافة إلى أن (أبو الوضيء) تم الرواية عنه عند أبي داود بدون هذه الزيادة .. من طريق جميل بن زياد عن أبي الوضيء.. وليس من طريق يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء ..!!
- وكل ما سبق يؤكد أن هذه الزيادة في الرواية هي مفبركة أو موضوعة في الرواية .. ولم يذكرها إلا (يزيد بن أبي صالح) .. فانتبه .
 
#- ومن ناحية أخرى:
- الذي أحسبه من لفظ (أخوة من الجن) فالمقصد هو أنهم أخوة شياطين من الإنس .. لأنهم أبغض خلق الله إلى الله لقتالهم المؤمنين .. وإنما التفسير على ظاهر الرواية بأنهم جن فعلا .. فمستحيل يصح لمخالفته الروايات التي هي أصح منه .. بل ومن يقول أنهم من الجن .. فكيف كانوا ظاهرين لعالم الإنس وقتلهم الإنس ؟!!
 
- ولو قلت: لعله كان متجسدا في هيئة غير سوية كما هو ظاهر الروايات من حيث خلقته ..
 
- قلت لك: ولماذا ظل موجودا للمقاتلة في عالم المادة ولم يهرب ؟ ولماذا لم يخبرنا النبي بذلك واكتفى بقوله (رجل أسود) ولم يقل رجل من الجن ؟ ولماذا لم يقاتلوا مع الكفار من باب أولى في مواجهة النبي ؟! ولماذا أكثر من عشرة من الصحابة لم يخبرونا بذلك ؟ ولماذا عموم الروايات عن علي بن أبي طالب لم تنطق بذلك إلا طريق واحد من رواية ذُكر فيه ذلك ؟!!
 
- والله أعلم .
   
#- وخلاصة القول:
1- الرواية التي وصفت (ذو الثدية) بأن أمه قد جامعها ظلا أسودا فحملت منه .. هي رواية باطلة لم تصح .
 
2- كل الروايات التي تكلمت عن ذي الثدية يظهر منها بوضوح أنه من الناس الذين يقاتلون مع الخوارج .. كل هذه الروايات الصحيحة لم تذكر أن (ذي الثدية) كان من الجن .. وإنما يوجد رواية يتيمة قد انفرد بها (يزيد بن أبي صالح عن أبي الوضيء) وذكر فيها ذلك .. وهذا ما لا يدع أدنى شك ببطلان هذا الجزء من الرواية وأن فيها شذوذ غريب جدا عن كل الروايات .. فضلا عن وجود نكارة أخرى في تلك الرواية وهي رواية (يزيد) حيث تزعم الرواية أن العلامة كانت في حلمة صدر (ذي الثدية) .. وكل الروايات الصحيحة قالت في إحدى يديه نقص كأنه عيب خلقي فيها.
 
3- ولا يظن ظان بأن (ذو الثدية) هو من الجن فعلا وكان متجسدا .. لأن الروايات الصحيحة ليست كذلك .. هذا الإضافة إلى كونه لم يكن على هيئة بشرا سويا .. كما يتبين من وصفه في الرواية ..
 
4- لا يوجد أولاد للجن بموجب هذه الرواية التي استند إليها البعض في مسألة (ذي الثدية) .. سواء بأن الجن يجامع النساء أو يجعلهن حبالى .. فهذا من خرافات الناس .
- ولا يوجد أولاد للجن كانوا يقاتلون مع الخوارج .. وإلا كان من باب اولى قاتلوا مع الكفار في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم ..!!
 
#- تبقى أن اقول لك أخي الحبيب ملحوظة مهمة:
- الرجل الذي هو موصوف بكونه (مُخْدَجُ الْيَدِ) وكنيته هي (ذو الثدية) .. وهو من أولئك الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وسعوا في الأرض بالفساد وسفكوا الدم الحرام .. فهو أحد شياطين الإنس الذين أفسدوا في الأرض ..
 
- وقيل أنه كان رجلا أسود شديد السواد ذا ريح منتنة .. صغير اليد ناقصها ليس عن قطع فيها وإنما هي خلقته هكذا .. فله عضد وليس له ذراع .. يتدلى من عضده قطعة لحم تحرك يمينا ويسارا مثل ثدي المرأة أو ضرع الشاة التي يتم حلبها .. وقيل أن على حلمة ثديه شعرات بيضاء مثل ذيل اليربوع وهو حيوان شبيه الفأر ..!!
- والله أعلم .

*****************
يتبع إن شاء الله تعالى
*****************
والله أعلم
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم
هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .

هناك 8 تعليقات:

  1. لا حول ولا قوة الا بالله
    ربي يجازيك كل خير استاذنا الفاضل
    ويجعل ل كشفك للخيانة في تحقيق العلم .. ونداءك بالامانة العلمية في تحقيق العلم أذن صاغية وقلوب واعية .. يظهر بها الحق ويزهق الباطل .. مع التأييد والتمكين .. امين يارب العالمين

    ردحذف
  2. جزاك الله عنا كل خير أستاذنا الفاضل وزادك الله من فضله
    العلم نور >>>>> ينير للإنسان الطريق ويظهر الحق من الباطل وكل واحد وإختياره
    الأمانه إستقامة>>>>>> أن يتم عرض العلم بدون إخفاء الرأي الأخر وعم التدليس في العلم لأغراض شخصية
    العقل حكم>>>>>لا بد من إستخدام العقل لأن هذا ما ميزنا الله به عن سائر الحيونات وعدم التسليم لكل من يتكلم في الدين
    القلب طمأنينة>>>>> محل نظر الله وهو جهاز الإستقبال الإلهامات والخواطر وعلى قدر سعيك وطلبك للحق على قدر إلهامك و توجيهك للحق
    الحمد لله الذي هدنا إلى هذه المدونة الكريمه أدامها الله مناره للعلم الحق والأمانه في سرد العلم والعقل الحكيم والقلب السليم
    *****************
    اللهم صل على سيدنا محمدٍ النبي الأمي وعلى آله وسلم

    ردحذف
    الردود
    1. العلم = نور
      الأمانة = إستقامة
      العقل = حكم
      القلب = طمأنينة

      فاللهم أرزقنا العلم النافع،
      والاستقامة في والدين وفي طريقنا إليك لنصل من أقرب السبل،
      والعقل السليم الذي نفرق به بين الحق والباطل،
      والقلب النقي المطمئن...
      آمين يارب العالمين
      ☆▪☆▪☆▪☆▪☆

      وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي وآله

      حذف
  3. "فوالله ما قفلت بابَ فتنة عليك؛ إلا فتح اللهُ لك أبوابَ الرحمات، ولا أعرضت عن شيء فيه لذة ساعة وعذاب دهر؛ إلا أبدلك اللهُ بلذات من الإيمان تَتلذَّذ به إلى يومِ لقائه".

    -الشيخ/ الشنقيطي.

    ردحذف
    الردود
    1. اتفق والشنقيطي في قوله... ووالله لو خيرت بين مرادك ومراد الله واخترت مراد الله بمخالفة هواك... لأدهشك في عطائه لما تهوى وزيادة بما لم يخطر على بالك ولم يمر في ذهنك...
      سبحانك ربي ما أعظمك...
      والله أعلم
      ☆▪☆▪☆▪☆

      وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد النبي الأمي وآله

      حذف
  4. الله يستر ويلطف ويمد بالمدد

    ردحذف
  5. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    ردحذف
  6. " الدّنيا سجن المؤمن "
    وما بعدها فضاءٌ رحبٌ قريرٌ للعين..
    ذاك الذي فيه؛ ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت، ولا خطرَ على قلبِ بشر!
    إنّها الجنة..
    حيث اللقاءات الأبدية، النعيم السرمدي، ووجه الله!

    يا ولدي..
    تدهشنا الآيات التي تشوقنا إلى الجنة في القرآن..
    تشعر وكأنّ شيئاً من الأعماق يسكّن فؤادك، يروي شيئاً من ظمئك..
    يناديك: يا فتى..
    اصبر، فسلعة الله غالية.. والعوض آت
    اصبر، فالجنة حفّت بالمكاره..

    أحياناً..
    لا تملك من أمرك سوى أن تصبّر قلبك بالآخرة ومعانيها، بالجنة وما أعدّ الله للمؤمن فيها..

    تقرأ الآيات؛ فيذرف دمعك،،
    كيف بنا وقد وجدنا في الجنان متّكأً..
    ننسى عليه كل أوجاعنا، كل تعبٍ في سبيل الله.. فذاكَ حالُ أهلها وَاللهْ (متّكئين فيها)!

    يا فتى..
    كيف بنا وقد جاورنا النبي الأمين، فرأيناه وأخبرناه أننا ما بدّلنا حتى نلقاه على الحوض.. فسعِدَ بنا وسُرَّ وجهه واستنار بدراً.. وشربنا من كوثره شربة لا نظمأ بعدها أبداً..

    يا ولدي..
    إنها الجنة..
    حيث لا فراق يتعب قلوبنا، ولا تعب يرهق أجسادنا، ولا ظمأ يصيبنا ولا همّ يوجعنا..

    إنها الجنة..
    حيث الخلود والدعة، فالأشجار تظلّنا والولدان تطوف بنا والأنهار تجري من تحتنا..

    إنها الجنّة..
    وعدُ الله لعباده المؤمنين،، (إنَّهُ كانَ وعدُهُ مأتيّاً)

    يا ولدي..
    لا يجمع الله على عبدٍ خوفين..
    فطوبى لعبدٍ كانت خشية الله مطيّته في الدنيا، فحاز بذلك أمان الآخرة.. (وهُم من فزعٍ يومئذٍ آمنون)

    يا ولدي..
    طوبى لعبدٍ أقبل على الله من مقام المجاهدة.. فجاهد نفسه وخالف هواه..
    فكانت جنة الفردوس مأواه!
    وذاك وعد الله لعباده ( وأما من خافَ مقامَ ربِّه ونهى النفسَ عنِ الهوى*فإنّ الجنةَ هي المأوى).

    يا ولدي..
    إن في الجنّة درجات..
    أدناها..
    "رجلٌ يقال له أترضى أن يكون لك مثل ما كان لملكٍ من ملوك الدنيا؟ فيقول نعم أي ربِّ قد رضيتُ فيقال لهُ فإنَّ لَك مثلَ هذا ومثلَه ومثلَه فيقولُ رضيتُ أي ربِّ قال فيقالُ فإنَّ لَكَ مثلَ هذا وعشرةَ أمثالِه معَه قال فيقولُ رضيتُ أي ربِّ قال فيقالُ لهُ فإنَّ لَكَ معَ هذا ما اشتَهتْ نفسُكَ ولذَّت عينُكَ"

    وأما أعلاها..
    فإنّها والله غاية المنى..
    فاز وربّ الكعبة من نالها!!

    أعلاها..
    (للمقربين) الذين قال الله عنهم في الحديث الصحيح "أولئك الذينَ أردتُّ غرستُ كرامَتهم بيدي وختمتُ عليها؛ فلم ترَ عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر.. "!

    أولئك المتّقون..
    (إنَّ للمتقينَ مفازاً)
    ذاك الفوز العظيم!

    (إنّ للمتقينَ عندَ ربِّهِم جناتِ النَّعيم)
    يكفيهم أنّهم "عند ربّهم" قبل النعيم!

    (وإنّ للمتّقين لحُسنَ مآب)
    وذاك تمامُ الإحسان.. بأن لهم الدرجات العلى (مفتّحَةً لهمُ الأبواب)
    يوم يُساق المؤمنون والمؤمنات إلى الجنة زُمراً..
    ويكون هنالك من ينتظر قدومهم، ويرحّب بهم أن... (بشراكمُ اليَومَ جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهارُ خالدين فيها وذلك الفوزُ العظيم)

    يا ولدي..
    هاتِ إليّ يدك
    نمضي إلى العلياء نسلك نورها
    نمضي إلى الرحمن نبغي جنّةً
    نلقى الرسول فذاك ذاكَ نعيمها.

    #في_كل_منا_فارس

    ردحذف

ادارة الموقع - ا/ خالد ابوعوف