ج5: رسالة ليلة الجن - ما الذي علينا معرفته عن رواية بن عباس التي قالها في سبب حضور الجن لاستماع القرآن من النبي قبل مناقشة الإشكاليات التي قيلت حولها - هل كان الجن يعلم بوجود القرآن وبعثة النبي منذ اللحظة الأولى للبعثة النبوية - ماذا لو اعتقدنا أن رواية بن عباس لا تتكلم عن رحلة الطائف وتتكلم عن بداية البعثة النبوية فعلا - لماذا قالت رواية بن عباس في صحيح البخاري ومسلم بأن الجن الذين وجدوا النبي يصلي هم جماعة من الشياطين في حين القرآن وصفهم بأنهم جن وقد يكونوا يهودا أو نصارى ولكن انحرفوا - هل يمكن للشياطين أن تؤمن كما يظهر ذلك من رواية بن عباس التي في البخاري ومسلم والترمذي - كيف اجتمعت الشياطين حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم - كيف وجد الجن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين لم يكن معه جماعة أصحاب في رحلة الطائف وإنما كان معه فقط زيد بن ثابت - كيف وجد الشياطين النبي وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين أن الصلاة لم تفرض حينئذ - ما هي نوعية الجن الذي آمن بالنبي في مكة ونزلت فيه سورة الجن - هل قول بن عباس (مَا قَرَأَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ) ينفي اجتماع النبي بالجن في أي زمن - (شبهة عن الإمام البخاري وصحيح البخاري) .

    بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

ليلة الجن
في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن

(الجزء الخامس)

#- فهرس:
:: الفصل الخامس:: عن إجابة الإشكاليات التي تم ذكرتها حول رواية بن عباس والخاصة بمسألة سبب سماع الجن للقرآن من النبي دون أن يعلم ::
1- س19: ما الذي علينا معرفته عن رواية بن عباس التي قالها في سبب حضور الجن لاستماع القرآن من النبي قبل مناقشة الإشكاليات التي قيلت حولها ؟
2- س20: هل كان الجن يعلم بوجود القرآن وبعثة النبي منذ اللحظة الأولى للبعثة النبوية ؟
3- س21: ماذا لو اعتقدنا أن رواية بن عباس لا تتكلم عن رحلة الطائف وتتكلم عن بداية البعثة النبوية فعلا ؟
4- س22: لماذا قالت رواية بن عباس في صحيح البخاري ومسلم بأن الجن الذين وجدوا النبي يصلي هم جماعة من الشياطين في حين القرآن وصفهم بأنهم جن وقد يكونوا يهودا أو نصارى ولكن انحرفوا ؟
5- س23: هل يمكن للشياطين أن تؤمن كما يظهر ذلك من رواية بن عباس التي في البخاري ومسلم والترمذي ؟
6- س24: كيف اجتمعت الشياطين حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم ؟
7- س25: كيف وجد الجن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين لم يكن معه جماعة أصحاب في رحلة الطائف وإنما كان معه فقط زيد بن ثابت ؟  
8- س26: كيف وجد الشياطين النبي وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين أن الصلاة لم تفرض حينئذ ؟

9- س27: هل قول بن عباس (مَا قَرَأَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ) ينفي اجتماع النبي بالجن في أي زمن ؟ 
- (شبهة عن الإمام البخاري وصحيح البخاري) 

10- س28: ما هي نوعية الجن الذي آمن بالنبي في مكة ونزلت فيه سورة الجن ؟

 ***************************
:: الفصل الخامس ::
:: عن إجابة الإشكاليات التي تم ذكرها حول رواية بن عباس والخاصة بمسألة سبب سماع الجن للقرآن من النبي دون أن يعلم ::

****************************

..:: س19: ما الذي علينا معرفته عن رواية بن عباس التي قالها في سبب حضور الجن لاستماع القرآن من النبي قبل مناقشة الإشكاليات التي قيلت حولها ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- جاء في الأثر: عن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ. فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ..  فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ - وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ - فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ. وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) صحيح مسلم والبخاري .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين... ولكن البخاري لم يذكر في الرواية جملة: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) ..
 
#- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله في شرحه على البخاري (ج2-ص94):
- هذا الحديث مرسل صحابي لأن ابن عباس لم يرفعه ولا هو مدرك للقصة .. (انتهى النقل) .
 
#- وجاء في رواية بلفظ على ما سبق في صحيح البخاري والمسلم: (قَوْلُ الجِنِّ لِقَوْمِهِمْ: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا} قَالَ: لَمَّا رَأَوْهُ يُصَلِّي وَأَصْحَابُهُ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ وَيَسْجُدُونَ بِسُجُودِهِ، قَالَ: تَعَجَّبُوا مِنْ طَوَاعِيَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ: {لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا}") رواه الترمذي وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
 
#- عليك أخي الحبيب أن تعرف الآتي قبل مناقشة رواية بن عباس ..
1- هذه الرواية لم يأت فيها ذكر عن رحلة الطائف التي تم فيها اذية النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الطائف ..
 
2- هذه الرواية التي نتكلم عنها هي مجرد قصص من السيرة النبوية بل وتحمل اجتهادات تفسيرية لبعض النصوص القرآنية .. تحتمل الصواب والخطأ .. وليست أحاديث نبوية قالها النبي صلى الله عليه وسلم .. وإنما هي مجرد رواية يحكيها الصحابي بن عباس ولم يحضرها لأن عمره كان حينئذ حوالي ثلاث سنوات ..
 
- وبالتالي فإنه يجوز الخطأ أو الخلط في الروايات القصصية أي الإخبارية .. بالزيادة والنقصان عمن يحكيها فضلا عن وجود فهم خاص قد ذكره حينما ذكر الرواية ظنا منه أن ما فهمه كان صوابا ..!!  
 
2- وعموما هذه الرواية مرسلة .. يعني بن عباس لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم كما سبق وذكرنا ما قاله الإمام القسطلاني منذ قليل .. ولم يظهر لنا عمن أخذ هذه القصة من الصحابة ..
 
- ولذلك هذه الرواية في حكم بعض العلماء تعتبر رواية ضعيفة لأن بعض العلماء لا يقبلون مراسيل الصحابة .. منهم الإمام بن حزم الاندلسي كما يظهر ذلك من كتابه إحكام الإحكام .. والإمام أبو اسحاق الأسفاريني وقد ذكر ذلك بن كثير عنه ..
 
3- ولكن على صعيد آخر .. فعموم العلماء يقبل مراسيل الصحابة .. ليه ؟
 
- ذلك لكونها مظنة النقل من صحابة آخرين حضروا هذه الواقعة .. والصحابة كلهم أهل عدل ولا يكذبون ..
 
- قلت (خالد) تعقيبا: نعم هم أهل عدل ولا يكذبون .. ولكن قد يخطئون وينسون .. وقد يخبرونا بشيء من الخبر وليس كل الأخبار لأنهم لم يكونوا حاضرين كل الأوقات مع النبي ليعرفوا كل الأخبار ..
 
- وإذا كنا قد نقبل بمراسيل الصحابة على رأي بعض العلماء .. فهذا على افتراض أن هذه الرواية لم تتعارض مع نص قرآني أو مع حديث أوثق منه وأعلى منه في الصحة ..
- والله أعلم .
 

****************************

 

..:: س20: هل كان الجن يعلم بوجود القرآن وبعثة النبي منذ اللحظة الأولى للبعثة النبوية ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الجن كان يعلم ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم .. كما يعلم الإنس .. وكانوا يعلمون بوجود القرآن كما يعلم الإنس .. ودليل ذلك قوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) الحج:52.
 
#- والمعنى من تفسير الإمام محمد عبده رحمه الله:
- لم يرسل الله رسولا نبيا إلى قوم إلا وتمنى أن يتبعه قومه وأن يستجيبوا لما يدعوهم إليه. ولكن ما تمنى نبي ولا رسول هذه الأمنية السامية إلا ألقى الشيطان في سبيله العوائق وأثار الشكوك ووسوس في صدور الناس، لسلبهم القدرة على الانتفاع بما وهبوه من قوة العقل، وسلامة الفكر، فثاروا في وجه النبي وصدوه عن غايته. فإذا ظهرووا في بادئ الأمر ظنوا أنهم على الحق، ولكن كلمة الله ستكون دائما هي العليا، وكلمة الشيطان وأعوانه هي السفلى دائما. (نقلا من تفسير أيسر التفاسير للشيخ أسعد حومد).
 
- بل ودليل ذلك من العقل هو أن الشيطان طالما كان يكيد للإنسان ليفسد عليه إيمانه .. وبالتالي يجب أن يكون الشيطان وأتباعه قد عرفوا بوجود النبي ووجود القرآن .. وحاولوا إفساد هذه الدعوة النبوية من خلال الوسوسة في صدور الناس وتشكيكهم فيها ..
 
- إذن الجن عموما والشياطين خصوصا .. كانوا يعلمون ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم ..
 

************************

 

..:: س21: ماذا لو اعتقدنا أن رواية بن عباس لا تتكلم عن رحلة الطائف وتتكلم عن بداية البعثة النبوية فعلا ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أعلم اخي الحبيب أن ما سأذكره لك هنا الآن .. هو شيء مخالف لما هو متعارف عليه عند بعض العلماء وما هو متداول في كتب بعض أهل العلم .. ولكن ما سأذكره هنا هو ما أميل إليه قلبيا وأعتقده ظنا بل ويقينا .. وذلك فيما يتعلق برواية بن عباس التي رواها البخاري ومسلم والترمذي بسند صحيح ..
 
- وهذا الذي أعتقده وأخالف فيه بعض العلماء هو أن هذه الرواية تتعلق ببداية البعثة النبوية وليس بالعام العاشر للبعثة النبوية .. أي أن هذه الرواية لا تتعلق برحلة الطائف التي تكلم عنه العلماء حينما رجع النبي من الطائف متألما من أذيتهم نفسيا وجسديا .. وبالتالي فأظن أيضا أن تكون سورة الجن قد نزلت في أوائل البعثة النبوية وليس في العام العاشر للبعثة .
 
#- ولكن ما هي أسبابي في ذلك ؟
 
1- السبب الأول: هذه الرواية لا تتعلق برحلة الطائف .. حيث لم يتم ذكر فيها أنها تتعلق برحلة الطائف .. لا من قريب ولا من بعيد .. اللهم إلا ذكر مكان وادي نخلة وهو الذي بين مكة والطائف .. وهذا لا دليل فيه على أن هذا حدث ليلة رحلة الطائف ..
 
2- السبب الثاني: أن هذه الرواية في بدايتها قالت: (انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ) في حين أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما ذهب إلى الطائف كان معه فقط زيد بن حارثة ..!!
 
3- السبب الثالث:  الذي يؤكد لك أن رواية بن عباس التي رواها البخاري ومسلم والترمذي .. تتكلم عن أول البعثة ولا تتكلم عن رحلة الطائف .. هو ما جاء في الرواية التالية .. عن سعيد بن حبير عن بن عباس قال: (كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا، وَمَا زَادُوهُ بَاطِلًا، وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقُ مَا أَصَابَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَبَثَّ جُنُودَهُ، فَإِذَا هُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ .. فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ) رواه أبو يعلى وأحمد والترمذي .. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح .. وقال محقق مسند أبو يعلى: رجاله ثقات .. وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين.. وقال الألباني: صحيح .
 
- قوله (جبلي نخلة): ونخلة هو مكان بين الطائف ومكة ويبعد عن مكة بنحو ثلاثين كيلو متر تقريبا .. والمسافة بين مكة والطائف حوالي مائة وعشر كيلو تقريبا ..
 
- ولو تأملنا الفرق بين هذه الرواية التي رواها أحمد وأبو يعلى لابن عباس .. والرواية الأخرى التي رواها البخاري ومسلم والترمذي لابن عباس .. سنجد أن بن عباس قال لفظ (الجن) وهو اللفظ المناسب للقرآن .. وسنجد أن بن عباس يقول (فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ) أي في بداية البعثة .. وأن الذي أرسل الجن هو إبليس .. وليس قوم الجن كما جاء في رواية البخاري ومسلم (وهذه ليست مشكلة فلعلها تصرف من الرواة) .. بل ولم تظهر الرواية أنه كان يصلي معه أحد (ولكنها لم تنفي أيضا وجود أحد معه) .. بل وأثبتت مجهولية إبليس والجن بوجود نبي قد بعثه الله إذ قالت الرواية (هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ) .. وهذا لا يمكن ان يقال بعد عشرة سنوات من البعثة النبوية .. !!
 
- والراوي في الحالتين هو شخص واحد .. بن عباس .. فكيف نفهم حينئذ أن الراوي في الحالتين هو واحد .. ما لم نقول بأن الروايتين تتحدثان عن واقعة واحدة وهي عند ظهور النبي فعلا من أول البعثة وليس بعد عشرة سنوات من البعثة ..!!
 
- الرواية التي ذكرها أحمد وأبو يعلى لم يأت فيها نزول سورة الجن .. بل الرواية قد انقطعت على وصول الخبر لإبليس بظهور نبي يقرأ القرآن .. ولكن قد يقال ان هذه زيادة عند البخاري ومسلم والترمذي .. ولكن يقال حينئذ أن سورة الجن نزلت أول الدعوة .. وليس بعد عشرة سنوات من الدعوة .
 
4- السبب الرابع: أن من عجيب الأمر نجد أن البخاري ومسلم والترمذي وأبو يعلى وأحمد .. لم يذكروا هذه الأحاديث في رحلة الطائف لا من قريب ولا من بعيد .. بل ذكروها في أبواب تفسير سورة الجن وفي الجهر بقراءة القرآن وقت الفجر ..!!
- فهؤلاء الرواة الذين ذكروا لنا هذه الروايات كأنهم يعلمون أنها لا تشير إلا فقط لبداية الدعوة ..!!
- بل والذي يزيدك تأكيدا من كلامي هو أن الترمذي قد ذكر الروايتين السابق ذكرهما لابن عباس .. في حديثين متتاليين برقمي (3323-3324) .. وكأنه يقول أنهما حادثة واحدة ولكن رويت مرة هكذا ومرة هكذا ..   
 
5- السبب الخامس: معقولية أن تكون هذه الحادثة في بداية الدعوة .. هو الأليق مع سياق الرواية .. بل والأثبت لمعجزة النبي حينئذ .. وعلى هذا يتفق حينئذ ما قاله العلماء من حجب السماء عن الجن كمعجزة للنبي في بداية الدعوة بسبب ظهور النبي ونزول القرآن .. وليس بعد عشر سنوات ..!!
 
- بل ومن المعقول أيضا .. أن يكون إيمان الجن في بداية البعثة تثبيتا لقلب أصحابه الذين كانوا قلة حيئنذ أقل من أربعون رجلا .. فيحكي لهم أنه قد حدث كذا وكذا .. وفي ذلك تثبيت للقلوب لا يخفى على ذوي العقول ..
 
- بل ومن المعقول أيضا .. أن تكون سورة الجن في بداية الدعوة لأن ألفاظها تشير إلى ما كان الجن يفعله مع الإنس وما كانوا يفعلونه من أخطاء في اتباع من وصفوه بالسفيه .. وفي ختام السورة فيها ما يشير إلى التعريف بحقيقة الدعوة وكيف كان يدعو النبي إلى الله وكيف كان الله يعلمه ما يقول ..
 
6- السبب السادس: قولنا أن رواية بن عباس في صحيح البخاري ومسلم والترمذي تتكلم عن رحلة الطائف التي حدثت مع النبي وأن هؤلاء الجن قد أتوه بعدما حدث معه ما حدث من أذية أهل الطائف .. فهذا يدخلنا في متاهات وإشكاليات نحن في غني عنها تماما ..
 
- وأصعب هذه الإشكاليات هو كيف تم منع الجن من السماء في السنة العاشرة من البعثة .. في حين أن بن عباس قال بنفسه ما لفظه (فلما بعث النبي) أي في بداية البعثة ..
- بل وكيف لم يعلم الجن والشيطان بأن سبب منعهم من السماء هو وجود هذا النبي المرسل طالما يعلمون بوجوده إذ أن معلوما لديهم أن وجود نبي مرسل فهذا معناه حجب السماء عن التجسس ..
- وكيف كان الشيطان يكيد للنبي وأصحابه ..وكيف كان يؤيد الكفار ويحرضهم إذا كان لا يعلم بخبر النبي والقرآن .. ؟!! وكيف لم يدركوا حجاب القرأن إذا كان هو طارد للشيطان ؟!!
- ثم يقال طوال عشرة سنوات لم ينتبه إلى أن السماء قد تم منعها من الجن ؟!!
 
- وسابقا قد أجبت على هذا السؤال في رسالة (الغيب) وقلت باحتمال أن يكون التجسس على خبر السماء كل عشرة سنوات – ظنا مني ذلك حيث لم أجد مخرج للفهم سوى ذلك في حينها – ولكن هذا الظن لم أعد أميل إليه بعد أزددت يقينا بالرواية الثانية لابن عباس التي رواها أحمد وأبو يعلى والترمذي .. والتي رويت بسند قوي جدا .. والتي تثبت أن هذه الحادثة كانت في بداية البعثة النبوية وليس في السنة العاشرة للبعثة .
 
7- السبب السابع: نجد أن إبليس حينما عرف هو وجنوده وأعوانه بأنه قد ظهر نبي آخر الزمان .. بل وآمن به بعض الجن .. فلذلك أرسل جنوده ليكيدوا للنبي صلى الله عليه وسلم .. في محاولة لأذيته .. كما جاء في الحديث التالي الذي حدث بمكة:
- (حديث حسن): عن أبي التَّيَّاحِ قال: قُلتُ لعبدِ الرَّحمنِ بنِ خَنْبَشٍ التَّميميِّ -وكان كَبيرًا-: (أدرَكتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قال: نعمْ. قال: قُلتُ: كيف صنَعَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لَيلةَ كادتْه الشَّياطينُ (أي احتالوا لإيذائه)؟ فقال: إنَّ الشَّياطينَ تَحدَّرَتْ (أي نزلت بسرعه) تلك اللَّيلةَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن الأَوديةِ والشِّعابِ، وفيهم شَيطانٌ بيَدِه شُعلةُ نارٍ يُريدُ أنْ يَحرِقَ بها وَجهَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فهبَطَ إليه جِبريلُ عليه السَّلامُ، فقال: يا محمَّدُ، قُلْ. قال: ما أقولُ؟ قال: قُلْ: أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التَّامَّةِ مِن شَرِّ ما خلَقَ، وذرَأَ وبرَأَ، ومِن شَرِّ ما يَنزِلُ مِن السَّماءِ، ومِن شَرِّ ما يَعرُجُ فيها، ومِن شَرِّ فِتنِ اللَّيلِ والنَّهارِ، ومِن شَرِّ كلِّ طارقٍ، إلَّا طارقًا يَطرُقُ بخيرٍ يا رَحمنُ. قال: فطُفِئَتْ نارُهم، وهزَمَهم اللهُ تَبارَكَ وتَعالى) رواه أحمد وبن أبي شيبه والبزار .. وذكره الألباني في الصحيحة بأن إسناده صحيح برقم 840 .. وحسنه العراقي والوادعي والمنذري وغيرهم .. قلت خالد صاحب الرسالة: من غريب تحقيق الحديث أن محققو المسند ومنهم شعيب الأرنؤوط قالوا: إسناده ضعيف .. في حين أن شعيب الأرنؤوط قال عن نفس الرواية أنها حديث صحيح في تخريج سير أعلام النبلاء حينما حقق حديث شكوى خالد بن الوليد للنبي بأن الجن يكيده في نومه .. !!
 
8- السبب الثامن: إذا كان الجن يداوم على الاستماع لخبر السماء .. أليس هذا يدل على أنهم عرفوا من اللحظة الأولى للبعثة النبوية بأن السماء قد تم حجبها عنهم .. وبالتالي كيف يكون ذلك حدث في العام العاشر من البعثة النبوية ؟!! 
 
9- السبب التاسع: الرواية قالت في بدايتها (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) .. وهذا هو الأليق بمقام بداية البعثة النبوية .. والله أعلم .
 
10- السبب العاشر: أن الروايات التي أشارت لحدوث هذه الواقعة في رحلة الطائف في السنة العاشرة أو الحادية عشر من البعثة هي روايات قيلت في السيرة النبوية وليست في صحيح الأحاديث .. وقيلت بأسانيد ضعيفة أو ضعيفة جدا ولم تصح .. وسبق وقد ذكرتها وهي رواية بن اسحاق ورواية الواقدي .. وقد تم ذكر فيها وادي نخلة وهبوط الجن على النبي فيها وهو يصلي بعد عودته من رحلة الطائف .. ولعل العلماء ظنوا صحة هذه الروايات وخلطوها في التفسير بروايات البخاري ومسلم وجعلوا منها سبب نزول سورة الجن في العام العاشر الهجري لأن رحلة الطائف كانت في العام العاشر الهجري ..!!

- ولكن رواية بن اسحاق والواقدي .. لا تشفع ولا تنفع ولا تؤكد أي شيء سوى أنها روايات مغلوطة .. والله أعلم .
 
#- أخي الحبيب:
- خلاصة بحثي في هذه المسألة هو أن رواية بن عباس التي ذكرها البخاري ومسلم والترمذي تتكلم عن بداية البعثة النبوية .. وأن سورة الجن تتكلم نزلت في بداية البعثة النبوية .. وان ما قاله بعض العلماء من أن رواية بن عباس قيلت في رحلة الطائف إنما أظنه خطأ .. وسبب الخطأ هو ما ظنوا صحته من رواه بن اسحاق والواقدي في روايات السيرة النبوية وقد تبين لك أنها روايات ضعيفة أو ضعيفة جدا .. والله أعلم .

- وبناء على ما سبق .. فلا داعي للرد على بعض الإشكالية الثانية التي سبق وذكرتها في الفصل السابق لأنها إشكالية في غير محلها حينئذ .. لأنها كلها مرتبطة بالفارق الزمني من بداية البعثة إلى مرور عشرة سنوات على البعثة .. وإذا قد تبين حسب ما أظن أن الرواية قيلت في بداية البعثة فلا حاجة للرد على هذه الإشكالية حينئذ .. والله أعلم .

#- ملحوظة مهمة جدا: في رسالتي (رسالة الغيب والعرافين والمنجمين) كنت قد أشرت إلى توجيه آخر في فهم الحديث لو كان على افتراض أنه يشير إلى العام العاشر الهجري .. وهذا كان لي رأي وقت كتابة هذه الرسالة .. والذي كتبته هنا رأي آخر إضافي أظنه أصوب مما كتبته هناك لعدة اشكاليات ستظل موجودة كالتي ذكرتها هنا في السبب السادس .. والله أعلم بالصواب ..

 

- ونستكمل باقي الإشكاليات التي سبق وذكرناها في الفصل السابق .. في الأسئلة التالية .. 

 *********************

 

..:: س22: لماذا قالت رواية بن عباس في صحيح البخاري ومسلم بأن الجن الذين وجدوا النبي يصلي هم جماعة من الشياطين في حين القرآن وصفهم بأنهم جن وظاهرهم قد يكونوا يهودا أو نصارى ولكن انحرفوا ؟ ::..

 

- جاء في الأثر: عن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ.) صحيح مسلم والبخاري والترمذي .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ... ولكن البخاري لم يذكر في الرواية جملة: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) ..

 

#- هذه الرواية هي الرواية الوحيدة الصحيحة التي أتت عن صحابي بهذا الوصف للجن بأنهم كانوا شياطين ...!!

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: انتبه للآتي جيدا ..
1- إذا كانت رواية البخاري ومسلم والترمذي وصفت الجن بلفظ (الشياطين) وجاء ذلك عن بن عباس .. فهناك رواية أخرى منسوبة لابن عباس وصفهم فيها بأنهم (جن) .. وهي الرواية التي ذكرها الترمذي أيضا وأبو يعلى وأحمد .. وهي (كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا، وَمَا زَادُوهُ بَاطِلًا، وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقُ مَا أَصَابَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَبَثَّ جُنُودَهُ، فَإِذَا هُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ .. فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ) رواه أبو يعلى وأحمد والترمذي.
 
- وهذا نخلص منه إلى أن وصف (الشياطين) و (الجن) أحدهما هو فقط اللفظ الذي نطق به بن عباس .. وأحسب أنه نطق بلفظ (الجن) ولم ينطق بلفظ (الشياطين) .. ولكن لفظ (الشياطين) هو من تصرف بعض الرواة الذين نقلوا ذلك عن بن عباس .. وقد يكون تكرر منه بن عباس هذين اللفظين في مجلسين مختلفين .. الله أعلم ..
 
2- مع التحفظ أن لفظ (الشياطين) ليس لفظ نبوي حتى نبحث فيه خاصة وأن هناك روايات اخرى لهذا الأثر تقول بأنه قال (جن) .. !!
 
3- ومهما كان الذي قال لفظ (الشياطين) في الرواية .. فهو لفظ تفسيري منه ولذلك كل الرواية تفسيرية لأن في الرواية قال (فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ) وكأنه يشير إلى سورة الأحقاف التي جاء فيها لفظ (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) الاحقاف:29-30. ..
 
4- ثم يقال عن الجن الذي آمن بالنبي .. هل كانوا شياطين بمعنى كونهم من ذرية إبليس أم شياطين بمعنى كونهم اتبعوا خطوات الشياطين وكانوا يحملون إيمانا كحال اليهود والنصارى اليوم ؟
- فالذي أحسبه وأظنه أنهم كانوا يحملون إيمانا (كانوا أهل كتاب) لقولهم: (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) الأحقاف:30 .. ولكن اختلط عليهم فيه بسبب ما نشره الشيطان من عقائد خاطئة عن الله كما فعل مع الإنس فأضل اليهود والنصارى ..
 
#- ثانيا: أما عن سبب تفسير لفظ الجن بالشياطين .. فإليك سبب وصفهم بكونهم شياطين :
1- لعل المقصد هو باعتبار ما ظهر من ألفاظهم حيث قالوا مرة (فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا) الجن:2 .. وهذه ألفاظ قد تشير إلى أنهم كانوا على خلاف الإيمان الحق .. بل ولعل القول بلفظ الشياطين بسبب فعلهم قبل الإيمان حيث كانوا يتجسسون على أخبار السماء .. وهذا فعل الشياطين .. لأن المستمع لأخبار السماء شيطان كما في قوله تعالى:  (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر:16-18 ... ولقوله تعالى: (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ) الصافات:6-9 .. حيث أن الآيات أثبتت للمتسمع تجسسا على خبر السماء صفة الشيطانية ..
 
- فلا حرج أن يتم وصف الجن بأنه شيطان طالما متبع لمنهجية الشيطان .. ومثال ذلك: (كَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا) الأنعام:112..، وكقوله تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) الإسراء:27.
 
- إذن لفظ الشيطنة يقال لكل من اتبع منهجية الشيطان وغلبت عليه .. سواء كان من الإنس أو الجن ..
 
2- وبالرجوع لرواية (بن عباس) سنجد لفظ (شياطين) .. فهذا باعتبار أنهم كانوا يتجسسون على خبر السماء .. وهذا من فعل الشياطين.. فيكون راوي الحديث أو الأثر سواء بن عباس أو عمن روى عنه قد ذكرهم بلفظ (شياطين) باعتبار أفعالهم .. والقرآن قال لفظ (الجن) باعتبار طبيعتهم وجنسهم وأصلهم.
 
3- وإذا كان اتباعهم لمنهجية الشيطان .. فهذا إنما كان عن تضليل حدث لهم في إيمانهم وهذا الظاهر من كلامهم ولذلك اعتذروا فقالوا: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً) الجن:5 .. وهذا يدل على أنهم كانوا مقلدين لغيرهم حتى سمعوا الحق .. إذ أن كلامهم يوحي بأنهم كانوا أهل كتاب سواء كانوا يهود أو نصارى إذ قال تعالى (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) الأحقاف:30   .. (وهذا على افتراض الرأي التفسيري الأول الذي قال أن سورة الجن والاحقاف هما زيارة واحدة) ..
 
- ملحوظة: قولهم (مِنْ بَعْدِ مُوسَى) لأن عيسى يهودي ومتبع لموسى والإنجيل متمم للتوراة وليس كتابا مستقلا عنه .. ولذلك الكتاب المقدس عند النصارى هو التوراة والإنجيل معا .. فالجن ذكر التوراة باعتبار الأصل .. ولذلك يحتمل انهم كانوا يهود او نصارى وإن كان يغلب على ظني أنهم كانوا نصارى وليس يهودا بدلالة أنهم نفوا عن الله الزوجة والولد واليهود لا يقولون ذلك على الله .. والله أعلم .

 
#- خلاصة القول:
1- أن سبب وصف بن عباس للجن في الرواية بأنهم شياطين .. هو تفسير لحالهم حينئذ بسبب فعلهم باستماعهم لأخبار السماء التي هي من فعل الشياطين .. وسبب تسمية القرآن لهم بلفظ (الجن) فهذا باعتبار طبيعتهم وجنسهم .. والله أعلم .
 
2- مع التحفظ على أن القرآن قال: (جن) ولم يقل شياطين .. لأنه لا اجتهاد مع نص .. والنص القرآني قال (جن) وكان من الأولى الوقوف مع اللفظ القرآني ويقول (نفر من الجن) .. وهذا هو ما ذكرته الرواية الثانية عن بن عباس .. خاصة وأنهم لم يصرحوا بأنهم كانوا على كفر وإنما كانوا كالذي تم تضليله وهذا هو الظاهر من كلامهم بدليل أنه لما عرف الحق فقد آمن به .. والله أعلم .

**************************

 

..:: س23: هل يمكن للشياطين أن تؤمن كما يظهر ذلك من رواية بن عباس التي في البخاري ومسلم والترمذي ؟ ::..

 

- إذا كانت رواية بن عباس التي رواها البخاري ومسلم قد قالت بأن هؤلاء الجن كانوا شياطين .. ثم يظهر بعد ذلك إيمانهم .. فهل هذا معناه أن الشياطين يمكن أن تؤمن وتنقلب على إبليس نفسه ؟!!

- لأنه لو صح ذلك فيكون كلام بعض العلماء في أن الشياطين لا تؤمن هو كلام غلط وغير صحيح ..!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- إذا ناقشنا هذه المسألة .. سنجد أن الرواية يجب القول فيها دائما أن لفظ (الشياطين) هو لفظ تفسيري من صحابي أو عمن رواه بالمعنى عن الصحابي .. وليس لفظ نبوي حتى نبحث فيه ونقول لماذا قال هذا ولم يقل ذاك .. بالرغم من أنه قد أوضحت في أسئلة سابقة سبب قول لفظ (الشياطين) في الرواية .. من باب التفكر في سبب تفسير الصحابي لهذا اللفظ القرآني (الجن) وتحويله إلى لفظ (شياطين) ..

 

- فالرواية لا دلالة فيها على إمكانية إيمان الشياطين .. لأنهم ليسوا أبالسه .. بل والرواية ليس نص نبوي لنحتج به في عقيدة وإنما هو ظن صحابي أو تفسير منه أو لعله أحد الرواة فهم هذا من كلام بن عباس فذكره بهذا اللفظ (شياطين) في حين هو قال (جن) كما جاء ذلك في رواية أخرى .. !!

 

2- ومن ناحية أخرى .. قال بعض العلماء أن الشياطين لا تؤمن .. لأنها طبع عليها الكفر فكيف يدخله الإيمان .. ؟!! وهناك آيات تشير إلى عداوة الشيطان وذريته للإنسان مثل قوله تعالى: (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) يوسف:5 .. وقوله: (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ) الكهف:50.

 

3- ولكن بعض العلماء قالوا بإمكانية ذلك واستدلوا في ذلك بأن قرين النبي صلى الله عليه وسلم قد أسلم ..

- ولكن كثير من العلماء قالوا بأن إسلام قرين النبي بمعنى الاستسلام له وليس بمعنى الإيمان بالنبي والقرآن .. بدلالة أنه لم يعد يرشده إلا إلى الخير .. ولو كان آمن بالنبي لكان قال النبي أنه أعلن إيمانه وليس إسلامه .. وبالتالي فلا حجة في حديث إسلام قرين النبي .. وقد ناقشنا هذه المسألة في رسالة الغيب والعرافة والمنجمين .. فارجع إلى الفصل العشرون من رسالة الغيب للسؤال (رقم 106) .

 

- والله أعلم .

 

4- وعن نفسي أقول: إذا كانت ذرية الشيطان لا يرجى منها الإيمان ولم يبلغنا في الشريعة دليل إثبات على إيمان شيطان من الجن .. إلا أنه ليس مستحيلا .. لأن كل من هو مخلوق عاقل صح له حمل التكليف حتى ولو كان من جنس الشياطين .. فهو حينئذ له اختيار الإيمان أو الجحود .. إلا إبليس فقد اختار الجحود والعصيان حينما اختار أن يرفض اختيار الله له بالسجود لأدم .. بل وتحدى الله في اختياره لآدم لخلافة الأرض بأنه سيغويه ليثبت لله أن اختياره كان خطأ .. ولذلك إبليس رد أمر السجود على الله ظنا منه أنه يعلم ما هو الخير أفضل من مولاه وأن مولاه كان على خطأ حينما اختار وفضل آدم عليه في خلافة الأرض .

 

#- ملحوظة: رواية بن عباس ليست دليلا على إيمان الشياطين لأنها قول صحابي وليس قول نبي .. فضلا عن اضطراب هذا اللفظ في القصة الذي أتى مرة بلفظ شياطين ومرة بلفظ جن ... وكذلك قصة حفيد إبليس الذي أسلم وآمن بالأنبياء وهو "الهيم بن الهيثم" .. هي قصة غير صحيحة .. وذلك حتى لا يحتج بها أحد على أن الشريعة قالت بأن حفيد إبليس قد آمن .. وسيأتي تحقيق هذه القصة في فصل زيارات الجن للنبي صلى الله عليه وسلم ..!!

 

- ويمكننا النظر لمسألة إيمان شياطين الجن قياسا على شياطين الإنس .. فإذا كان شياطين الإنس جاز لهم الإيمان والولاية (مثل سحرة فرعون) .. فلا مانع أن يجوز هذا لشياطين الجن .. والله يختص برحمته من يشاء ..

 

- ولكن هل هذا يدعونا لندعو لشياطين الجن ؟

- لا .. لأن الله طلب منا الاستعاذة منهم وليس الدعاء لهم ..

- ولمزيد من التوضيح ارجع إلى الفصل العشرون من رسالة الغيب للسؤال (رقم 106) .

- والله أعلم .

 

***************************

 

..:: س24: كيف اجتمعت الجن حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم ؟ ::..

 

- قد ذكرنا في الإشكال الرابع في الفصل السابق على رواية بن عباس الذي وصف الجن بأنهم شياطين .. فقلنا أنه كيف اجتمعت الشياطين حول النبي يستمعون القرآن بإنصات وهو يقرأ القرآن .. ولم يحجبهم القرآن عنه صلى الله عليه وسلم ؟ إذ أن المعلوم أن قراءة القرآن تحجب الكافر كما يقول تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) الإسراء45.. والشياطين ممن هو كافر فكيف لم يظهر لهم حجاب يمنعهم عن النبي ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: هم ليسوا شياطين .. وإنما وصفهم القرآن بأنهم (جن) . بل والرواية الثانية لابن عباس التي رواها أحمد والترمذي قالت أنهم جن .. فلا يصح وصفهم بأنهم شياطين ونلتزم بأنهم جن .. ثم يمكن القول أنهم كانت لهم عقائد أو أفعال فيها مخالفة لمنهج الله ..

- فضلا عن أنهم لم يكونوا كافرين كما ذكرنا في السؤال بل الظاهر عليهم أنهم كانوا أهل كتاب وانحرفوا وتم تضليلهم ..

- فكيف يكون الذين أتوا للنبي من الجن هم من الشياطين إذا كان الله قد أثبت لهم قولا يدل على أنهم كانوا أهل كتاب على اليهودية إذ قال تعالى (إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى) الأحقاف:30 ؟.

 

- ثانيا: حجاب القرآن ليس معناه أنه يمحو الشر من حولك .. وإنما معناه أنه يجعل بينك وبينه حجاب من نور فلا يصل إليك بأذى أو ضرر ..

 

فالقرآن يحجب فقط من يأتي بالضر والأذى وليس من يأتي مسالما أراد أن يسمع كلام الله أو حتى يجالس رسول الله .. طالما لا نية فيه بالضر والاذى .. 

 

- أما عن قوله تعالى: (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا) الإسراء45 .. فالمقصد به هو حجاب لمن لا يؤمن بالآخرة كارها للإيمان ومعارضا له ومحبا لمعاداة الله ورسوله والمؤمنين .. بدلالة الآية التي بعدها وهي قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا) الإسراء:46.

 

- ثالثا: من وسائل حجاب القرآن .. أنه لم يجعل هؤلاء الجن يتخطون حدودهم بالإقتراب الذي قد يترتب عليه أذى للنبي من حضورهم .. بل ومنع حجاب الرؤية لحضورهم فلم يعرف النبي بوجودهم حتى لا ينشغل عن الله بهذا الحضور الروحاني .. وإنما أخبره بذلك الوحي ..

#- إشارة وتنبيه لأولي الألباب:

1- من يريد أن يكرمه الله بنعمة الحجاب عن العالم الروحاني فلا يصلوا إليه بسوء فعليه بالقرآن .

2- وإذا حدث حضور روحاني من عالم الجن الغير مؤذي فهم يحضرون ولا أذى يظهر منهم ..

3- وإذا حضر العالم الروحاني وكنت أنت في معية الله مخلصا له .. فانت لا تلتفت إليهم ولا هم يفتنوك بهم .. فأبصر .

 

***********************

..:: س25: كيف وجد الجن النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين لم يكن معه جماعة أصحاب في رحلة الطائف وإنما كان معه فقط زيد بن ثابت ؟ ::..

 

- جاء في رواية بن عباس: (فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ .. إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ .. عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ ...) صحيح البخاري.

 

- فكيف يصلي بأصحابه وهو كان معه زيد بن حارثة فقط في رحلة الطائف ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: الذي يؤكد أن هذه الرواية لم تكن في رحلة الطائف .. هو أن الرواية تقول أن النبي كان مع أصحابه في سوق عكاظ .. وصلى بأصحابه الفجر .. فما علاقة هذا برحلة الطائف التي كان معه فيها فقط زيد بن حارثة ؟!!

 

- ثانيا: ولكن على افتراض أن المقصد بها رحلة الطائف .. فقد قيلت تأويلات حينئذ للرواية لفض هذا الإشكال بين كونهم كيف كانوا صحابة وكان مع النبي زيد بن حارثة فقط  .. فقيل:

1- لعل بن عباس يقصد بكلمة (أصحابه) هو زيد بن حارثة .. على اعتبار حذف مضاف .. أي كان يصلي ببعض أصحابه صلاة الفجر ..

 

2- وقد يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قابل بعض أصحابه في رجوعه من الطائف في سوق عكاظ حينئذ ولما دخل عليهم الليل صلى بهم الفجر .. والله أعلم ..

- والله أعلم .

 

******************************

..:: س26: كيف وجد الشياطين النبي وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر في حين أن الصلاة لم تفرض حينئذ ؟ ::..

 

- - جاء في رواية بن عباس: (فَانْصَرَفَ أُولَئِكَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ .. إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو بنَخْلَةَ .. عَامِدِينَ إلى سُوقِ عُكَاظٍ، وهو يُصَلِّي بأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الفَجْرِ ...) صحيح البخاري.

 

- كيف وجد الشياطين النبي وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر .. والصلاة لم تفرض حينئذ ..؟ لأن الصلاة تم فرضها بعد رحلة الإسراء والمعراج تقريبا في العام الثالث عشر للبعثة النبوية .. فكيف يقال حينئذ أن الشياطين رأته يصلي الفجر بأصحابه في العام العاشر من البعثة النبوية ؟!!

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- فيما يتعلق بصلاة الفجر .. فقال بعض العلماء أن المقصود منها هو صلاة ركعتين كان يصليهما ليلا .. وكانت هذه الصلاة نافلة وليست فرضا .. حيث قال بعض العلماء أن للنبي صلاة قبل صلاة الفرض .. وإليك توضيح ذلك:

أ- بعض العلماء قال: أنه كان يصلي بالليل ما شاء الله له أن يصلي  .. وقد يكون فعل ذلك معه المسلمون حينئذ قدر استطاعتهم اتباعا له .. ويظهر ذلك من قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا) سورة المزمل1-4 ..

 

ب- وبعض العلماء قالوا: كان النبي والمسلمون يصلون صلاة ركعتين صباحا ومساءا .. وأشارا في ذلك إلى قوله تعالى (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) ق39..، وإلى قوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ) غافر55.

 

ج- وما يدل على وجود الصلاة قبل فرضها .. ما جاء في الرواية حينما سأل هرقل أبا سفيان عن حال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ قُلتُ: يقولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وحْدَهُ ولَا تُشْرِكُوا به شيئًا، واتْرُكُوا ما يقولُ آبَاؤُكُمْ، ويَأْمُرُنَا بالصَّلَاةِ والزَّكَاةِ والصِّدْقِ والعَفَافِ والصِّلَةِ) صحيح البخاري .

- فقوله (يأمرنا بالصلاة) فيه دلالة على أن الصلاة كانت موجودة قبل أن تكون مفروضة بعدد خمسة صلوات ..

 

د- وما يدل على وجود الصلاة قبل فرضها .. هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد صلي في بيت المقدس ركعتين في ليلة الإسراء .. كما جاء في الرواية : (حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ به الأنْبِياءُ، قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فيه رَكْعَتَيْنِ ...) صحيح مسلم .

 

هـ - وهناك رواية تقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من بداية الوحي .. ودليل ذلك ما جاء عن زيد بن حارثة عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَام أَتَاهُ فِي أَوَّلِ مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ فَعَلَّمَهُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: في إسناده ابن لهيعة وهو سيئ الحفظ، وقد اضطرِب في إسناده ومتنه كما سيأتي بيان ذلك في التخريج. قال ابن أبي حاتم في "علله" 1/46. قال أبي: هذا حديث كذبٌ باطل. (انتهى النقل من كلام محققي المسند من تخريج المسند (ص29/ ج25) ..، وكذلك ضعفه الألباني في الصحيحة لنفس العلة وهي وجود بن لهيعة في السند .. وأثبت متابعة ضعيفة أيضا لهذه الرواية .. ومع ذلك من وجهة نظره بهذه المتابعة جعله في كتاب السلسلة الصحيحة للأحاديث ..!!

 

- والحق مع محققي المسند .. في أن الرواية ضعيفة ومتابعتها ضعيفة ولا يصح لها تحسين .. ولا أدري على أي أساس علمي ذكرها الألباني في الأحاديث الصحيحة ..!! والله أعلم ..

 

#- وخلاصة القول:

- بالنسبة للصلاة .. فهي صلاة ليلية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في وقت الفجر مع من صلى بهم جماعة .. أو كان المسلمون يصلون ركعتين صباحا ومساءا قبل فرض الصلوات الخمسة .. ولكنها لم تكن صلاة الصبح التي تم فرضها حينئذ من جملة الصلوات الخمسة .. حيث أن هذه الصلوات تم فرضها ليلة الإسراء ..

 

- وبإجابة هذا السؤال نكون قد انتهينا من الإجابة على الإشكاليات التي ذكرناها في الفصل السابق والمتعلقة برواية بن عباس التي رواها البخاري ومسلم والترمذي .

 

**********************

 ..:: س27: هل قول بن عباس (مَا قَرَأَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَلَا رَآهُمْ) ينفي اجتماع النبي بالجن في أي زمن ؟ ::..

(شبهة عن الإمام البخاري وصحيح البخاري) 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- جاء في الأثر: عن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ.) صحيح مسلم والبخاري والترمذي .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ... ولكن البخاري لم يذكر في الرواية جملة: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) ..
 
#- وهنا سؤال: كيف قال بن عباس: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) في حين أنه قد ثبت عن عبد الله بن مسعود عن النبي أنه قال: (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ) صحيح مسلم.

- علما بأن بن مسعود هو صحابي كان موجودا مع النبي من بدايات أوائل آحاد المسلمين الذي آمنوا وكان في الثلاثينيات من عمره أي له إدراك وصحبة قوية بالنبي .. في حين أن بن عباس وقت نزول الوحي لم يكن له وجود في الحياة أصلا .. وغالبا تم ولادته في العام السابع للبعثة النبوية ..!!
 
#- وهذه رواية بن مسعود كاملة وقد جاء فيها: عن عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِر " بن شَرَاحيل الشَّعْبيّ التابعي" قَالَ: (سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ "بن قيس بن عبد الله النخعيّ التابعي" هَلْ كَانَ "عبد الله" ابْنُ مَسْعُودٍ .. شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ..
- وَلَكِنَّا كُنَّا "بعض الصحابة" مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ .. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ.
- قَالَ "بن مسعود": فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ .. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.
- قَالَ "بن مسعود": فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ .. فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.
- فَقَالَ "النبي": «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ».
- قَالَ " بن مسعود": فَانْطَلَقَ بِنَا "النبي" فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ .. فَقَالَ "النبي للجن": لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا .. وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ..
- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "للصحابة": فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ) صحيح مسلم .. وما بين علامات التنصيص ("") هو زيادة مني لبيان المتكلم في الرواية.
 
- فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ) ..  فمن هذه الجزئية يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قابل الجن وقرأ عليهم القرآن ..
 
#- كيف نحل هذا الإشكال بين ما نفاه بن عباس وبين ما أثبته بن مسعود ؟!!
 
- والحقيقة لا يوجد إشكال .. ليه ؟
1- لأن ما تكلم عنه بن عباس إنما هو في مجلس مختلف عن المجلس الآخر الذي تكلم عنه بن مسعود .. فهذا في وقت وذاك في وقت آخر .. فالمجلس الذي تكلم عنه بن عباس هو الذي أشار إليه القرآن في سورة الجن حينما أراد الجن أن يتعرفوا عن سبب منعهم من الإستماع لخبر السماء ورميهم بالشهب .. ولكن المجلس الذي تكلم عنه بن مسعود فهو مجلس تعليم الإسلام للجن وإجابة على أسئلتهم وهذا المجلس إما المجلس الذي تم ذكره في سورة الأحقاف كما سبق وتكلمنا على ذلك .. أو كان مجلس آخر .. وعموما كلا المجلسين سواء الذي تكلم عنه بن عباس أو بن مسعود كانا في مكة .
 
2- الملاحظ في قوله (أتاني داعي الجن) .. فهذا معناه أنه أصبح هناك داعي للجن يدعو قومهم .. وهذا يتطلب معرفة العلم والبيان من صاحب الشريعة بعد أن دعوا قومهم فظهرت لهم مسائل فرجعوا للنبي صلى الله عليه وسلم فسألوه بل وكان معهم قوما غيرهم .. ولا يمكن أن يكون هذه القصة هي ليلة الجن بوادي نخلة ..
  
- وهذا بالضبط مشابهة لما حدث مع الصحابة الذين أسلموا .. وذهبوا لقومهم يدعونهم إلى الله ثم أتوا بعد ذلك ومعهم بعض من قومهم أرادوا ملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
3- وعلى افتراض أن سورة الجن والأحقاف تشيرا إلى مجلس واحد أو حادثة واحدة .. فهذا ليس معناه ان الجن لم يأتوا مرة تانية .. إذ أن المقصد في القرآن بإظهار مقابلة الجن .. وسماعهم للقرآن .. ليس تعداد مرات لقائه بهم .. لكن الغرض هو إظهار أنه حدث لقاء مع الجن .. للدلالة على عالمية الدين الإسلامي للإنس والجن .. وأن النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين .
 
- أما عن تكرار ما يحدث بعد ذلك .. فهذا ليس بالضرورة ذكره .. لأن الأصل هو إظهار إيمان الجن وتواصلهم مع النبي صلى الله عليه وسلم .. فإذا ثبت ذلك .. فلا يوجد عاقل على وجه الأرض يمنع لقاءه بهم مرارا وتكرارا .. لأن هذا اللقاء سيحدث ببداهة العقل .. وإلا فكيف سيتعلمون منه أمور دينهم ويستفتونه فيها ؟!!
 
#- ملحوظة هامة جدا:
- هذا الجزء من كلام بن عباس وهو: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) .. قد حذفه البخاري من رواية بن عباس عمدا كما قال بعض العلماء .. وذلك لأنه رأى أنه كلام متعارض مع كلام الصحابي بن مسعود في الحديث الآخر ..
 
- ذكرت لك ذلك اخي الحبيب .. حتى لا تظن أن حذف البخاري عن هوى في نفسه .. وإنما هو عن علم بلغه من حديث آخر ففهم أنه يتناقض معه .. وهذا ليس حديث نبوي ليكتبه كما هو .. وإنما مجرد خبر يرويه صحابي ولم يكن موجودا فيه .. بخلاف بن مسعود الذي كان حاضرا مع النبي صلى الله عليه وسلم ..
 
- فالمسألة ليست أهواء ورغبة من البخاري .. وإنما مسألة تحقيق علمي وفهم خاص بالبخاري فيما بلغه من كلام بن عباس وكلام بن مسعود ..
- فافهم وانتبه ولا تجعل أحد يوهمك بأن البخاري كان يتلاعب في الأحاديث بمزاجه وهواه .. وتذكر أن رواية بن عباس ليست حديث نبوي وأن بن عباس لم يكن حاضرا لهذه الحادثة أصلا التي يرويها وإنما نقلها عمن لا نعرفه وغالب الظن سمعها من صحابي آخر .. أو لعله أخذها من تابعي كما كان يفعل ذلك أحيانا كثيرة في نقل الأخبار .. والله أعلم ..!!

#- ملحوظة أخيرة مهمه وتنبيه:
- وجدت في بعض كتب التفسير من يذكر هذه الأثر أو هذه الرواية عن سعيدِ بنِ جُبـير (التابعي)ٍ: (ما قرأَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم على الجِنِّ ولا رآهُم وإنَّما كان يتلُو في صلاتِه فمرُّوا به فوقفُوا مستمعينَ وهو لا يشعرُ بهم فأنبأهُ الله تعالَى باستماعِه).

- وهذا قول لم أجد له أي سند في كتب أهل العلم .. وأحسبه هو قول مغلوط ممن كتبه في تفسيره وحدث له وهم في ذلك .. إذ كان يقصد قال بن عباس لأن هذا قول بن عباس .. فوهم بالخطأ وكتب: قال سعيد بن جبير .. فلزم التنبيه .. والله أعلم . 

  

****************************

..:: س28: ما هي نوعية الجن الذي آمن بالنبي في مكة ونزلت فيه سورة الجن ؟ ::..

 

- من الأسئلة التي قد تخطر بالبال فيقال: ما هي نوعية الجن الذي آمن بمكة والذي نزلت فيه سورة الجن ؟

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: الذي أظنه هو جن من النوع الذي له أجنحة ويطير في الهواء بدلالة أنهم كانوا يستمعون لخبر السماء .. لأنهم قالوا عن أنفسهم في سورة الجن (فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا) الجن:1 .. ثم قالوا: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) الجن:8-9 ..

- إذن فالذين ذهبوا للقاء النبي صلى الله عليه وسلم كانوا جن من الصنف الذي يطير في الهواء .

 

- وهذا الصنف الذي يطير من الجن قد أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديث حيث قال: (الجِنُّ ثلاثةُ أصنافٍ؛ فصنفٌ لهم أجنحةٌ يطيرون بها في الهواءِ، وصِنفٌ حيَّاتٌ و كلابٌ، و صِنفٌ يحِلُّون و يظْعَنون) رواه بن حبان والحاكم .. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ووافقه الذهبي .. وقال الأرنؤوط في تخريج شرح السنة: إسناده قوي .. وذكره الألباني في صحيح الجامع.

 

- ومعنى (يحلون): أي ينزلون في مكان للإقامة المؤقتة ..

- ومعنى (يظعنون): أي يرحلون ..

- والمقصود - والله أعلم - أنهم صنف مثل الرَّحَّالة لا مكان ثابت لهم .. ولهم القدرة على التفكر والبناء ..

#- ملحوظة مهمة:

- إذا كان الجن الذي أسلم بمكة هو من النوع الذي يطير .. فالجن الذي أسلم بالمدينة فالظاهر عليهم أنهم كانوا من الصنف الذي يغلب عليه شكل الحيات .. وهذا سيأتي بيانه في زيارات الجن التي جاء ذكرها في الروايات المختلفة أو التي قد أجد فيها إشارة تدل على زيارة الجن للنبي .. وهذا موضوع سيتم تناوله وذكره سنذكرها في فصل منفرد إن شاء الله تعالى.

 

- وننتقل إلى فصل آخر نناقش فيه بعض المسائل التي تكلم فيها العلماء عن سورة الاحقاف في بعض الآيات ..  وذلك قبل الإنتقال لمناقشة روايات الأحاديث التي تتعلق بزيارات الجن المختلفة .. والله ولي التوفيق.

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .