ج12: رسالة ليلة الجن - هل قال الصحابي بن مسعود أنه حضر ليلة الجن مع النبي - كيف حاول بعض العلماء التوفيق بين روايات ليلة الجن التي نفت خروج بن مسعود مع النبي ليلة الجن وبين روايات أخرى قالت بأن ابن مسعود خرج مع النبي ليلة الجن.

         بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

ليلة الجن

في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن

(الجزء الثاني عشر)

#- فهرس:

:: الفصل الثاني عشر :: عن مناقشة وتحقيق مسألة خروج الصحابي بن مسعود مع النبي في ليلة الجن وتوضيح هل هو قال بنفسه أنه خرج مع النبي أم لم يقل بذلك ؟ ::

1- س67: هل قال الصحابي بن مسعود أنه حضر ليلة الجن مع النبي ؟

- أين نجد الدليل على أن الصحابي بن مسعود قد نفى وجوده أو وجود أحد مع النبي في ليلة الجن ؟

- متى قال الصحابي عبد الله بن مسعود أنه لم يكن مع النبي في ليلة الجن ؟

2- س68: كيف حاول بعض العلماء التوفيق بين روايات ليلة الجن التي نفت خروج بن مسعود مع النبي ليلة الجن وبين روايات أخرى قالت بأن ابن مسعود خرج مع النبي ليلة الجن ؟

#- رأي أول: قيل يحتمل أن يكون قوله (فما صحبه منا أحد) أي صاحبوه إلى مكان محدد وقفوا عنده .. ثم أكمل النبي مشواره للقاء الجن ..

#- الرأي الثاني: قيل يحتمل أن يكون سقط من السند لفظ (غيري) فيكون الحديث أصله هكذا (ما كان معه منا أحد "غيري").

#- الرأي الثالث: قيل يحتمل أن بن مسعود ذهب مع النبي فجلس في مكان مخصص له .. ولكن لم يحضر قراءة القرآن على الجن ..

#- الرأي الرابع: قيل يحتمل تعدد وفود الجن .. ولعل بن مسعود حضر واحدة منها وهي الثانية فكان النفي عن الليلة الأولى وليس عن الليلة الثانية ..

***************************

:: الفصل الثاني عشر ::

:: عن مناقشة وتحقيق مسألة خروج الصحابي بن مسعود مع النبي في ليلة الجن وتوضيح هل هو قال بنفسه أنه خرج مع النبي أم لم يقل بذلك ؟ ::

**************************

..:: س67: هل قال الصحابي بن مسعود أنه حضر ليلة الجن مع النبي ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: من المهم أن تعرف أخي الحبيب ..

- أن الصحابي عبد الله بن مسعود .. قد أعلن بكل وضوح لتلامذته من التابعين بأنه لم يكن حاضرا ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخرج معه .. بل ولا أي أحد من الصحابة .. وإذا كان بن مسعود قال بذلك .. فعليك أن تعلم أخي الحبيب أن بن مسعود من أول أربعون شخصا أسلموا لله ورسوله .. أي حضر الدعوة من أولها ..

 

- ثانيا:  أين نجد الدليل على أن الصحابي بن مسعود قد نفى وجوده أو وجود أحد مع النبي في ليلة الجن ؟

1- عَنْ عَامِر " بن شَرَاحيل الشَّعْبيّ التابعي" قَالَ: (سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ "بن قيس بن عبد الله النخعيّ التابعي" هَلْ كَانَ "عبد الله" ابْنُ مَسْعُودٍ .. شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ..

- وَلَكِنَّا كُنَّا "بعض الصحابة" مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ .. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ.

- قَالَ "بن مسعود": فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ .. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.

- قَالَ "بن مسعود": فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ .. فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.

- فَقَالَ "النبي": «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ».

- قَالَ " بن مسعود": فَانْطَلَقَ بِنَا "النبي" فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ) صحيح مسلم .. وما بين علامات التنصيص ("") هو زيادة مني لبيان المتكلم في الرواية.. وهذا الحديث رواه أيضا الترمذي وبن حبان وأبو يعلى الموصلي وغيرهم .

 

2- وعن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود قال: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم.

 

3- عن علقمة قال: (قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال ما كان معه منا أحد) رواه أبو داود .. وصححه الألباني.

4- وأبو عبيدة عامر بن عبد الله بن مسعود ينفي خروج أبيه مع النبي في ليلة الجن .. فعن سليمان بن حرب عن شُعْبَةُ بن الحجاج ، عَنْ عَمْرِو بن مُرَّةَ، قَالَ: (سَأَلْتُ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ: أَكَانَ أَبُوكَ مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ) - زَادَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ فِي حَدِيثِهِ، قَالَ: (وَسَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَيْتَ صَاحِبَنَا كَانَ ذَاكَ) رواه البيهقي في الخلافيات وأشار لصحته ..، وكذلك رواه بسنده الفسوي في المعرفة والتاريخ.

- وإبراهيم هذا هو التابعي (إبراهيم النخعي) .. وإذا كان يظهر في الرواية السابقة أن روايته مرسله عن بن مسعود .. فقد رواه في مكان آخر موصولا .. حيث روى الطبراني عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ (وهو زياد بن كليب) ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ (النخعي) ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: (لَمْ أَكُنْ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ، وَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) الطبراني في الكبير.. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث صحيح ورجاله ثقات .

- ثالثا: متى قال الصحابي عبد الله بن مسعود أنه لم يكن مع النبي في ليلة الجن ؟

- قال ذلك بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بسنوات .. وكان ذلك حينما سأله أحد تلامذته المقربين منه من التابعين الذين كانوا يأخذون منه العلم وهو علقمة بن قيس التابعي .. فقال له التابعي هل كان أحد منكم مع النبي ليلة الجن .. فقال بن مسعود: لا .

 

- إذن فالكلام واضح وصريح وقاطع ولا غموض فيه ..

 

- وانتبه أخي الحبيب أن هذا الكلام يقوله بن مسعود بعد وفاة النبي بسنوات .. وهو من يحكيه بنفسه وليس منقولا عنه .. وينفي نفيا قاطعا بأن ليلة الجن لم يخرج فيها أحد مع النبي وخاصة بن مسعود .

 

- يعني بن مسعود يقول لنا: أنه حتى وفاة النبي لم يخرج في ليلة الجن مع النبي أي أحد .. لا هو بنفسه حيث قال: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ) .. ولا أحد من الصحابة حيث قال: (ما كان معه منا أحد) ..

****************************

 

..:: س68: كيف حاول بعض العلماء التوفيق بين روايات ليلة الجن التي نفت خروج بن مسعود مع النبي ليلة الجن وبين روايات أخرى قالت بأن ابن مسعود خرج مع النبي ليلة الجن ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- في غرابة شديدة جدا من بعض أهل العلم .. أنه حاول التوفيق بين الروايات التي نفت تماما خروج بن مسعود مع النبي ليلة الجن .. وبين الروايات التي قالت بأنه خرج مع النبي ليلة الجن ..!!

 

- ووجه الغرابة .. هو لاستحالة التوفيق بين الروايات .. ليه ؟

- لأن كلام بن مسعود الصحابي في النفي القاطع لخروجه مع النبي .. قد قاله بعد وفاة النبي بسنوات .. يعني لم تتكرر واقعة أخرى حدثت وكان هو فيها .. وإلا كان ذكرها لتلميذه التابعي علقمة بن قيس .. ولكنه نفى نفيا قاطعا بأنه لم يكن مع النبي بل كان يود لو كان حدث ذلك .. بل ولا احد غيره من الصحابة خرج مع النبي ..

 

- فكيف يقال أن بن مسعود خرج مع النبي وهو القائل بنفسه بعد سنوات من وفاة النبي بأنه لم يخرج مع النبي ولا احد من الصحابة ؟!! كيف يعقل ذلك ؟!!

 

- وإليك ما قاله بعض أهل العلم في محاولة التوفيق فيما يخالف المستحيل عقلا .. ونناقشه حتى يتبين لك عدم توفيق من حاولوا الجمع بين الروايات ..

 

#- أولا: قيل يحتمل أن يكون قوله (فما صحبه منا أحد) أي في حال ذهاب النبي لقراءة القرآن على الجن وليس في عدم مصاحبته .. بل صاحبوه إلى مكان محدد وقفوا عنده .. ثم أكمل النبي مشواره للقاء الجن ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرأي السابق:

- ولكن هذا القول فاسد ولا يمكن قبوله .. لأن قوله في الصحيح (أنهم فقدوه) وهذا يدل على أنهم لم يعلموا بخروجه أصلا للقاء الجن .. (وتعليقي هذا مستفاد من تعليق الإمام البيهقي رحمه الله في سننه) ..

 

#- ثانيا: وقيل أن حديث صحيح مسلم وأبي داود الذي نفى فيه بن مسعود أنه ذهب مع النبي ليلة الجن .. قد سقط منه لفظ (غيري) .. يعني أحد الرواة أسقط كلمة (غيري) من متن الحديث .. أي أن الحديث المفروض يكون هكذا : (ما كان معه منا أحد "غيري") .. مثل قول بن مسعود في رواية ليلة الجن (فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي) كما في رواية الحاكم ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرأي السابق:

1- ولكن هذا القول يفسده ما جاء في رواية مسلم بصورة صريحة اللفظ (وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) ..

 

2- علما بأن الزعم بإضافة لفظ لحديث في الصحيح أو أنقاص لفظ منه دون مطابقته بمثله في الصحة .. فهذا يفتح بابا من التشكيك في الرواة والتلاعب والتزوير في النصوص بمحض الشوق والهوى .. ولا يخفي فساد من يزعم هذا القول على أي عاقل ..!! فهذا تلاعب واضح بالنصوص ..!!

 

3- أما الرواية التي أشاروا إليها .. فهي ما جاء عن أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ، وَكَانَ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، يَقُولُ: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: «مَنْ أَحَبُّ مِنْكُمْ أَنْ يَحْضُرَ اللَّيْلَةَ أَمْرَ الْجِنِّ فَلْيَفْعَلْ» ، فَلَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرِي فَانْطَلَقْنَا حَتَّى إِذَا كُنَّا بِأَعْلَى مَكَّةَ خَطَّ لِي بِرِجْلِهِ خَطًّا، ثُمَّ أَمَرَنِي أَنْ أَجْلِسَ فِيهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى قَامَ فَافْتَتَحَ الْقُرْآنَ فَغَشِيَتْهُ أَسْوِدَةٌ كَثِيرَةٌ حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ حَتَّى مَا أَسْمَعُ صَوْتَهُ، ثُمَّ انْطَلِقُوا وَطَفِقُوا يَنْقَطِعُونَ مِثْلَ قِطَعِ السَّحَابِ ذَاهِبِينَ ..) رواه الحاكم . وقال الذهبي: صححه جماعة ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على الحديث السابق:

أ- قول الذهبي أنه صححه جماعة .. فهذا معناه أنه لا يراه صحيح إذ لو كان يراه صحيح لكان قال بصحته صراحة ..

 

ب- والرواية فيها (أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ) وهو مجهول .. ولو كان الإمام الحاكم يعرفه ما كان قال (رجل من أهل الشام) .. بل والإمام الحاكم بنفسه قال: وقد روي حديث تداوله الأئمة الثقات عن رجل مجهول، عن عبد الله بن مسعود أنه شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن (راجع المستدرك عند ختام الرواية رقم3857) ..

- وأبو عثمان لم يرو عنه أحد غير الزهري.. وإذا كان الحافظ بن حجر قال عنه مقبول فهذا باعتبار ان يكون له متابع .. ولا متابعة عليه هنا إلا متابعة ضعيفة قد رواها البيهقي في الدلائل عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن بن مسعود .. والرواية فيها انقطاع حيث أن علي بن موسى لم يسمع من عبد الله بن مسعود كذا قال الدارقطني والبيهقي .. (راجع تحقيق مفصل وموسع لرسالة على النت منشورة بعنوان (الجن المسلم دراسة توثيقية تحليلية) للدكتور نافذ حماد وزكريا سيف الدين ص107 -108) ..

- وهذا الحديث رواه أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة وفيه (سلامة بن روح) وهو ضعيف الحديث إلا لو توبع .. وليس له هنا متابعة .. وفيه أيضا " أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ " وسبق الكلام عنه.

- ورواه الفاكهي في أخبار مكة .. وفيه (هَارُونُ بْنُ مُوسَى بْنِ طَرِيفٍ) وهو مجهول الحال .. وفيه أيضا " أَبُو عُثْمَانَ بْنُ سَنَّةَ الْخُزَاعِيُّ " وسبق الكلام عنه.

 

ج- والأهم من كل ما سبق هو أن المتن كله منكر ومردود لكونه غير معقول .. لمخالفته الرواية الصحيحة عن بن مسعود وهي: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم.

 

- فلماذا التخليط وتلبيس الروايات وتركيبها بما ليس فيها لمحاولة إثبات شيء غير معقول أصلا ؟!!

 

#- ثالثا: وقيل أن بن مسعود ذهب مع النبي فجلس في مكان مخصص له .. ولكن لم يحضر قراءة القرآن على الجن .. فالمنفي هو تواجده أثناء قراءة القرآن على الجن وليس ذهابه مع النبي في ليلة الجن ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرأي السابق:

1- وهذا الرأي يفسده أيضا ما رواه علقمة بن قيس التابعي حيث قال: (سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ ؟ قَالَ: لَا .. وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ) صحيح مسلم.

 

- فالرواية صريحة جدا في أن لا بن مسعود ولا غيره قد علموا من أساسه أنه خرج للقاء الجن .. بل والرواية تقول أنهم ذهبوا يبحوا عنه .. وهذا يدل على أنهم كانوا جماعة من الصحابة وليس بن مسعود منفردا ..!!

 

- فقوله (فقدناه) فهذا معناه أنه لم يكن معه .. ولا أي من أصحابه .. والكلام واضح جدا وصريح ..!!

 

2- ولكن هذا الرأي يفسده حديث مسلم في الصحيح حيث قال بن مسعود: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم.

 

- فابن مسعود يصرح بوضوح تام .. أنه لم يكن معه لا أثناء القراءة ولا أثناء ذهابه .. وإلا كان قال بذلك .. أنه خرج مع النبي فجلس في مكان ما .. والرواية السابقة واضحة في أنهم (فقدوه) أي لم يكن معه أحد وخافوا عليه من أن يكون قد أصابه مكروه .

 

#- رابعا: رأي يقول بتعدد وفود الجن .. ولعل بن مسعود حضر واحدة منها وهي الثانية فكان النفي عن الليلة الأولى وليس عن الليلة الثانية ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) .. تعقيبا على الرأي السابق:

1- الرواية الصحيحة تنفي ذلك نفيا مطلقا وهو قول بن مسعود لتابعي ملازم له ومجالسا معه كظله .. إذ لو كان نفى في مرة عدم ذهابه .. لكان أثبت المرة الثانية وأوضح ذلك للتابعي الملازم له .. ولكن هذا لم يحدث ..!!

 

2- يفسد هذا الرأي أيضا أن كل الروايات المروية عن بن مسعود في خروجه مع النبي فيها علل تضعف روايتها .. فكيف يقال أنه ممكن أو نقبل أن يكون ذهب في واحدة من هذه الليالي ؟!!

 

3- يا أخي الحبيب .. ويا جماعة العقلاء .. انتبهوا:

- الأحاديث التي تنفي جاءت متأخرة بعد زمن النبي صلى الله عليه وسلم .. وفيها أن التابعي علقمة يسأل الصحابي ابن مسعود فينفي .. فيستحيل الجمع بتعدد الواقعة .. يستحيل .. لأن الروايات التي تنفي متأخرة لأن راويها قد حكاها لتابعي بعد زمن النبي .. فلا يمكن أبدا الجمع بين الروايات ..!!

- ولهذا قال النووي في (شرح مسلم ج4 ص169) بعد أن ذكر روايات الباب: هذا صريح في إبطال الحديث المروي، في سنن أبي داود وغيره..!! (انتهى النقل) .

- أي يقصد الروايات التي تشير إلى خروج بن مسعود مع النبي ليلة الجن ..

 

#- ملحوظة: لا ننكر أنه قد تتعدد وفود الجن على النبي .. ولكن الذي ننكره أن يكون بن مسعود أو احد الصحابة كان مع النبي في أي واحدة من هذه الوفود .. لأنه لا يوجد نص صحيح يقول بذلك .. والله أعلم .

 

#- وخلاصة القول:

1- يتبين لك أخي الحبيب بجلاء ووضوح تام .. أن عبد الله بن مسعود الصحابي لم يخرج هو أو أي صحابي آخر مع النبي في ليلة الجن ..

 

2- وأن كل الآراء التي حاولت التوفيق بين النفي والإثبات .. إنما هي آراء غير مقبولة ومردودة لمخالفتها الروايات الصحيحة وبالتالي هذه الآراء تخالف المعقول أصلا لأنه محال الجمع بين النفي والإثبات ..!! خاصة وأن كلام بن مسعود بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ..

- فأبصر يا مؤمن الحقائق حتى تغنم بصحيح العلم ..

- والله أعلم بالصواب.

 

#- إذا علمت ما سبق أخي الحبيب ..

- فقد تسأل عن الروايات التي قالت بخروج بن مسعود الصحابي مع النبي في ليلة الجن .. والتي قال بعض العلماء بتحسينها .. كيف نتعامل معها حيث أنها حينئذ تكون متضاربة مع الذي في الروايات الصحيحة .. وهذا يسبب لخبطة كبيرة في التعامل مع الأحاديث وتسبب شكا ؟!!

 

- ولكن المسألة بسيطة ولا تقلق .. لأن من قال بتحسين الحديث قد فاته أكثر مما حققه ولذلك لم يوفق .. وعموما هذا أوان مناقشة الروايات والقصص التي تم حكايتها تحت مسمى ليلة الجن .. وهي قصص وروايات كثيرة .. سأحاول أن أجمعها لك حتى تكون على علم ودراية بها .. خاصة وأنه سأستدل بروايات صحيحة في تعدد وفادة الجن إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. من روايات أخرى ليست صريحة في ظهور ذلك .. والله ولي التوفيق.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .