ج8: رسالة ليلة الجن - كم عدد الزيارات التي وفد فيها الجن إلى النبي بعد الزيارة التي ذكرها القرآن ولم يراهم فيها ولم يقابلهم - ما هي الروايات التي أشارت لزيارة الجن للنبي في مكة ولم يراهم ولم يقابلهم ولم يقرا عليهم قرآن - ما هي الروايات التي أشارت لزيارة وفود الجن للنبي في مكة وقابلهم ورآهم وقرأ عليهم قرآن وخرج لمقابلتهم لوحده ولم يصاحبه أحد.

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة

ليلة الجن
في سماع الجن من النبي واجتماع النبي بالجن

(الجزء الثامن)

#- فهرس:

:: الفصل الثامن :: عن الروايات الصحيحة التي قيلت في زيارة الجن الأولى للنبي دون أن يراهم – والروايات الصحيحة عن الزيارة الثانية التي خرج وقابلهم فيها وقرأ عليهم قرآن ودعا لهم ببركة الطعام ولم يكن معه أحد أصحابه والتي سميت بليلة الجن ::

1- س45: كم عدد الزيارات التي وفد فيها الجن إلى النبي بعد الزيارة التي ذكرها القرآن ولم يراهم فيها ولم يقابلهم ؟
2- س46: ما هي الروايات التي أشارت لزيارة الجن للنبي في مكة ولم يراهم ولم يقابلهم ولم يقرا عليهم قرآن ؟
3- س47: ما هي الروايات التي أشارت لزيارة وفود الجن للنبي في مكة وقابلهم ورآهم وقرأ عليهم قرآن وخرج لمقابلتهم لوحده ولم يصاحبه أحد ؟

***************************

:: الفصل الثامن ::

:: عن الروايات الصحيحة التي قيلت في زيارة الجن الأولى للنبي دون أن يراهم – والروايات الصحيحة عن الزيارة الثانية التي خرج وقابلهم فيها وقرأ عليهم قرآن ودعا لهم ببركة الطعام ولم يكن معه أحد أصحابه والتي سيمت بليلة الجن ::

****************************

..:: س45: كم عدد الزيارات التي وفد فيها الجن إلى النبي بعد الزيارة التي ذكرها القرآن ولم يراهم فيها ولم يقابلهم ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- أشار العلماء إلى أن زيارات الجن تكررت إلى النبي صلى الله عليه وسلم .. وذلك بعد الزيارة الأولى التي أشار لها القرآن والغير متوقعة من النبي ولا حتى من الجن .. وهي الإرادة الإلهية التي جمعت بين الجن والنبي ولكن من وراء حجاب .. يعني كان بينهم وبين النبي حجاب فلم يراهم النبي صلى الله عليه وسلم .

 

- وبعد هذه الزيارة وإخبار الوحي للنبي بأن الجن قد رأوه وسمعوا منه كلام الله .. قد تكررت زيارة أو وفادة الجن للنبي .. وهي التي يسميها العلماء بوفود الجن .. لأنهم أتوه في صورة جماعات لمقابلته ..

 

2- وقد أشاروا لهذه الزيارات بأنها تكررت بسبب كثرة روايات الأحاديث التي أشارت لذلك .. فقالوا بعض هذه الزيارات حدث في مكة وبعضها حدث في المدينة .. وقد وصلت هذه الزيارات لحوالي ستة أو سبعة زيارات حسب الروايات المختلفة التي تكلمت عن ذلك .. ولكن من قال بعدد هذه الزيارات لم يتحقق من الصحيح والضعيف في هذه الروايات ..

 

3- ولكن بعض العلماء المتأخرين قالوا بأن زيارة الجن للنبي كانت ثلاثة زيارات .. منها الزيارة التي أشار إليها القرآن .. ومرة أخرى بمكة ومرة بالمدينة ..

- ولكن هذا الكلام فيه نظر ..!!

 

4- والذي أحسبه عن نفسي وبغض النظر عن أي روايات تكلمت عن ذلك .. فإن زيارات الجن قد تكررت للنبي بعد الزيارة التي حكاها القرآن .. سواء علمنا ذلك أو لم نعمله .. لأنه من بديهيات العقل أن يحدث حضور مع النبي ومقابلته والحديث معه للتعرف على الدين تفصيليا لمعرفة ما لهم وما عليهم .. وهذا لا سبيل للعقل لمخالفته .

 

- ولكن ما هي الزيارات التي أتى ذكرها في روايات الحديث .. وما هو الصحيح والضعيف فيها حتى مكون على بينة من ذلك .. ؟!!

- فهذا ما نحققه إن شاء الله في الأسئلة القادمة ..

 

**********************

..:: س46: ما هي الروايات الصحيحة التي أشارت لزيارة الجن للنبي في مكة ولم يراهم ولم يقابلهم ولم يقرأ عليهم قرآن ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الزيارة الأولى التي لم يعرف بها النبي أن الجن سمعوه وهو يقرأ القرآن ..

- وهي الزيارة التي أشار إليها القرآن في سورة الجن وقد تكون هي أيضا ما ورد في سورة الأحقاف ..

- وهذه الزيارة كانت بمنطقة وادي نخلة بعد مكة ثلاثين كيلو ..

- ولها هذه الروايات :

أ- (أثر صحيح رواه صحابي – ولكنه مرسلا) .. عن بن عباس قال: (كَانَ الْجِنُّ يَسْمَعُونَ الْوَحْيَ فَيَسْتَمِعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَزِيدُونَ فِيهَا عَشْرًا، فَيَكُونُ مَا سَمِعُوا حَقًّا، وَمَا زَادُوهُ بَاطِلًا، وَكَانَتِ النُّجُومُ لَا يُرْمَى بِهَا قَبْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ أَحَدُهُمْ لَا يَأْتِي مَقْعَدَهُ إِلا رُمِيَ بِشِهَابٍ يُحْرِقُ مَا أَصَابَ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى إِبْلِيسَ، فَقَالَ: مَا هَذَا إِلا مِنْ أَمْرٍ قَدْ حَدَثَ فَبَثَّ جُنُودَهُ، فَإِذَا هُمْ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُصَلِّي بَيْنَ جَبَلَيْ نَخْلَةَ .. فَأَتَوْهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ: هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْأَرْضِ) رواه أبو يعلى وأحمد والترمذي.

 

ب- (أثر صحيح رواه صحابي – ولكنه مرسلا) وفي رواية بلفظ آخر عن عبد الله بن عباس قال: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ .. انْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ. وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمُ الشُّهُبُ. فَرَجَعَتِ الشَّيَاطِينُ إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: مَا لَكُمْ. قَالُوا: حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ. قَالُوا: مَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ شَيْءٍ حَدَثَ. فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَانْظُرُوا مَا هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ..  فَانْطَلَقُوا يَضْرِبُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا. فَمَرَّ النَّفَرُ الَّذِينَ أَخَذُوا نَحْوَ تِهَامَةَ - وَهُوَ بِنَخْلٍ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ - فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ اسْتَمَعُوا لَهُ. وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ. فَقَالُوا: يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ) صحيح مسلم والبخاري .. وكذلك رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين... ولكن البخاري لم يذكر في الرواية جملة: (مَا قَرَأَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِنِّ وَمَا رَآهُمُ) ..

 

#- وقال الإمام القسطلاني رحمه الله في شرحه على البخاري (ج2-ص94):

- هذا الحديث مرسل صحابي لأن ابن عباس لم يرفعه ولا هو مدرك للقصة .. (انتهى النقل) .

 

- وقد سبق وشرحنا .. أن مرسل الصحابي مقبول عند كثير من العلماء باعتبار أنه أخذ المعلومة من صحابي آخر .. والصحابة لا يكذبون .. ولكن بعض العلماء لم يعتمد حديث الصحابي المرسل ..

 

- وهذه الرواية تم وصفها بأنها (أثر صحابي) لأنها ليست حديث نبوي وليست فيها كلام للنبي صلى اله عليه وسلم .. وإنما خبر أو حكاية يحكيها صحابي.

 

ج- (أثر صحابي صحيح) .. عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: (هَبَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ فَلَمَّا سَمِعُوهُ قَالُوا: أَنْصِتُوا. قَالُوا: صَهٍ . وَكَانُوا تِسْعَةً أَحَدُهُمْ زَوْبَعَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ، فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا} [الأحقاف: 29] الْآيَةُ إِلَى {ضَلَالٍ مُبِينٍ}) رواه الحاكم وقال: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .. وقال الذهبي: صحيح ..

 

- والاستدلال بهذه الرواية هنا .. على اعتبار أن بعض العلماء يجعلون من سورتي الأحقاف والجن هما لنفس الواقعة ..

 

- ملحوظة: رواية بن عباس تتفق مع رواية بن مسعود من حيث اجتماع الجن حول النبي في وادي نخلة واستماعهم له وهو يقرأ القرآن .

- ولكن في رواية بن مسعود لم يظهر لنا هل كان يقرأ القرآن وهو يصلي أم مجرد تلاوة بدون صلاة .. ولم يظهر هل كان معه أحد من أصحابه أم لا .. وقد ذكرت أن هذا الحدث هو ما أشار إليه سورة الأحقاف ولم يذكر سورة الجن ..!!

 

*************************

..:: س47: ما هي الروايات الصحيحة التي أشارت لزيارة وفود الجن للنبي في مكة وقابلهم ورآهم وقرأ عليهم قرآن وخرج لمقابلتهم لوحده ولم يصاحبه أحد ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- الزيارة الثانية وتوصف غالبا (بليلة الجن) .. وهي التي كان يعرف بها النبي وذهب لمقابلة الجن وأتاه وفد من الجن وقابلوه ورآهم وتكلموا معه وقرأ عليهم قرآن ..

- وخرج النبي لمقابلتهم لوحده ولم يصاحبه أحد ..

- وهذه الزيارة كانت بمنطقة حِراء وتبعد عن مكة بحوالي خمسة كيلو ..

 

#- من الروايات التي أشارت لهذه الزيارة ..

1- (حديث صحيح) .. عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: (هَلْ صَحِبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ مِنْكُمْ أَحَدٌ؟ قَالَ: فَقَالَ: مَا صَحِبَهُ مِنَّا أَحَدٌ، وَلَكِنَّا فَقَدْنَاهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِمَكَّةَ فَقُلْنَا اغْتِيلَ، اسْتُطِيرَ، فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ، فَلَمَّا كَانَ مِنَ السَّحَرِ - أَوْ قَالَ: الصُّبْحِ - إِذَا نَحْنُ بِهِ مِنْ قِبَلِ حِرَاءَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَكَرُوا الَّذِي كَانُوا فِيهِ، فَقَالَ: «إِنَّهُ أَتَانِي دَاعِيَ الْجِنِّ، فَأَتَيْتُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ»، فَانْطَلَقَ فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ) رواه أبو يعلى الموصلي .. وقال محققه حسين سليم أسد: إسناده صحيح.

 

- وفي رواية عن عَبْدُ الْأَعْلَى عَنْ دَاوُدَ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: (سَأَلْتُ عَلْقَمَةَ هَلْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: فَقَالَ عَلْقَمَةُ، أَنَا سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ: هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ؟ قَالَ: لَا ..

- وَلَكِنَّا كُنَّا "بعض الصحابة" مَعَ رَسُولِ اللهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ .. فَقُلْنَا: اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ.

- قَالَ "بن مسعود": فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ .. فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ.

- قَالَ "بن مسعود": فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ .. فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ.

- فَقَالَ "النبي": «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ».

- قَالَ " بن مسعود": فَانْطَلَقَ بِنَا "النبي" فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ ..

- وَسَأَلُوهُ الزَّادَ .. فَقَالَ "النبي للجن": لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا .. وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ..

- فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "للصحابة": فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ) رواه مسلم واللفظ له ورواه بن حبان والترمذي ..

 

- فتأمل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ) ..  فمن هذه الجزئية يتبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قابل الجن وقرأ عليهم القرآن ..

 

#- من شرح ألفاظ الحديث:

أ- قوله (استطير): قال بعض العلماء أن بعض الناس خطفوه وذهبوا به بعيدا ليؤذوه كما تخطف الطير ضحيتها وتنتقل به لعشها لتفترسه .. وبعض العلماء قال أن الجن خطفوه وطاروا به بعيدا .. (راجع رسالة خطف الجن للتوسع في معرفة هذا اللفظ وما قاله العلماء فيه سؤال رقم (6) حديث ليلة الجن).

ب- قوله (اغتيل): أي فعل الكفار له مكيدة واجتمعوا عليه في خفاء وسرية ولم ينتبه لهم فخرجوا عليه فأذوه في نفسه بمكروه وتركوه..

ج- قوله (بعرة): هي الروثة أو الرجيع أو البراز .. ويقصد به الذي نشف وجف وتحجر .

د- قوله (حراء): وهي منطقة فيها غار حراء وتبعد عن مكة تقريبا بخمسة كيلو متر ..

هـ- قوله (أتاني داعي الجن): أي جائني مندوب من الجن يدعوني للإجتماع بهم .

و- قوله (أثرهم وآثار نيرانهم): أي علامات وجودهم والنار التي كانوا يستدفئون بها .. (ولي رأي خاص): قد يكون للجن أثر نيران تظهر من حركاتهم .. والله أعلم .

هـ- قوله (فلا تستنجوا): أي لا تتطهروا بالعظم والروثة .. ولفظ الإستنجاء مأخوذ من نجوت الشجرة وأنجبتها أي قطعتها وكأن المقصد من الإستنجاء هو طلب قطع الأذى من البول والغائط عن جسم الإنسان ..

 

#- ملحوظة مهمة جدا:  في رواية مسلم .. يوجد زيادة ليست من قول بن مسعود .. وهي من بداية قوله (وسألوه الزاد .. إلى آخر الحديث) بل قال العلماء أنها من قول عامر الشعبي أحد رواة السند .. وهذه الجزئية من الحديث حينئذ تكون مرسلة.. ولكن مرسل الشعبي غالبا يكون صحيحا وموصولا من طرق أخرى .. ولكن فهي هذا الجزء المرسل يوجد ألفاظ لا يوجد شواهد عليها في الصحيح الموصول .. ولذلك الشيخ الألباني أضعف جزئية (ذكر اسم الله عليه) وجزئية (علف لدوابكم) .. فهما لم يردا في الأحاديث الصحيحة .. وأظن أن معه حق في ذلك .. وسيأتي كلام على هذه الرواية في أسئلة تالية ..

 

2- (أثر صحيح) .. وعَنْ عَلْقَمَةَ عن عبد الله بن مسعود قال: (لَمْ أَكُنْ لَيْلَةَ الْجِنِّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ مَعَهُ) صحيح مسلم.

 

- (أثر صحيح) بلفظ آخر .. عن علقمة قال: (قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال ما كان معه منا أحد) رواه أبو داود .. وصححه الألباني.

 

- وليلة الجن .. هي الليلة المشار إليها في حديث بن مسعود الذي ذكرناه سابقا .. الذي خرج فيها وقابل الجن .. وسبب ذكر هذه الرواية حتى تعلم ان بن مسعود لم يخرج هذه الليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم .

 

3- (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: (أَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِدَاوَةً لِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَتْبَعُهُ بِهَا، فَقَالَ: «مَنْ هَذَا؟» فَقَالَ: أَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ: «ابْغِنِي أَحْجَارًا أَسْتَنْفِضْ بِهَا، وَلاَ تَأْتِنِي بِعَظْمٍ وَلاَ بِرَوْثَةٍ». فَأَتَيْتُهُ بِأَحْجَارٍ أَحْمِلُهَا فِي طَرَفِ ثَوْبِي، حَتَّى وَضَعْتُهَا إِلَى جَنْبِهِ، ثُمَّ انْصَرَفْتُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مَشَيْتُ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ العَظْمِ وَالرَّوْثَةِ؟ قَالَ: «هُمَا مِنْ طَعَامِ الجِنِّ، وَإِنَّهُ أَتَانِي وَفْدُ جِنِّ نَصِيبِينَ، وَنِعْمَ الجِنُّ، فَسَأَلُونِي الزَّادَ، فَدَعَوْتُ اللَّهَ لَهُمْ أَنْ لاَ يَمُرُّوا بِعَظْمٍ، وَلاَ بِرَوْثَةٍ إِلَّا وَجَدُوا عَلَيْهَا طَعَامًا) صحيح البخاري.

 

- قوله (روثة): وهي رجيع البهائم أي فضلات البهائم .. والمقصد به هو الروث بعد أن يجف ويتحجر وليس وهو طري ..

 

#- انتبه أخي الحبيب لثلاثة أمور هنا في رواية البخاري:

- الأول: ما جاء في هذه الرواية إنما هو حكاية لما جاء في القصة التي حكاها بن مسعود في أول رواية ذكرناها في إجابة هذا السؤال .. ولكن النبي يحكيها لأبي هريرة لأنه لم يكن حاضرا هذه القصة ويبرر له بعض أنواع الحكمة في منع التطهر بالعظم والروثة .

 

- الثاني: انتبه أخي الحبيب إلى أن المقصد في الحديث هو أن العَظْم هو للجن ويتكون عليه لحما ليكون طعاما لهم كلما وجوده .. والروث يكون علفا هو لدواب الجن ..

 

- وهذا يظهر من رواية أخرى قالها النبي: (لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعْرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلَا تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ) رواه مسلم وبن حبان والترمذي .. ولكن هذا الجزء من الرواية هو حديث مرسل وعليه كلام سنذكره في سؤال خاص .. وفيها ألفاظ ضعيفة مثل (ذكر اسم الله عليه ) و (علف لدوابكم) .. كما قال الشيخ الألباني.

 

- الثالث: أن رواية البخاري قالت بأن النبي دعا للجن بأن يجدوا على كل عظم لحما وعلى كل روثة علفا .. في حين أن الجزء الأخير من رواية مسلم (الجزء المرسل) قال بأن لهم على كل عظم ذكر عليه اسم الله يكون لحما أو البعر فيكون علفا .. والفارق كبير بين الروايتين ..!!

4- في رواية أخيرة خاصة بنفس قصة بن مسعود:

- (حديث مختلف على ضعفه وصحته) .. يوجد رواية لأبي داود جاءت بلفظ عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (قَدِمَ وَفْدُ الْجِنِّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ: انْهَ أُمَّتَكَ أَنْ يَسْتَنْجُوا بِعَظْمٍ أَوْ رَوْثَةٍ أَوْ حُمَمَةٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَنَا فِيهَا رِزْقًا، قَالَ: فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ) رواه أبو داود والبيهقي والدارقطني .. وضعفه الدارقطني والبيهقي والنووي ومن المتأخرين شعيب الأرنؤوط .. ولكن الشيخ الألباني قال عنه صحيح في صحيح أبي داود ..!!

 

- قوله (الحممة): أي فحمة وهي الخشب المحترق .. ولعلهم يوقدون هذا الفحم يستدفئون به .. والله أعلم .

 

#- وخلاصة ما سبق:

- أن زيارة الجن الثانية التي قابل في النبي الجن بمكة وقرأ عليهم قرآن .. ولم يكن معه أحد من الصحابة .. وإنما كانت بمنطقة حراء كما يظهر من رواية مسلم وأبو يعلى وغيرهما .. وفي هذه المرة بعد أن قرأ عليهم القرآن وعند رحيلهم فقد سألوه الزاد أي الطعام .. عند عودتهم لديارهم ..

#- انتبه أخي الحبيب ..

- قبل أن ننتقل إلى ذكر روايات أخرى تتكلم عن زيارات الجن .. فيجب علينا أولا أن نستوضح ما جاء في الروايات التي ذكرناها هنا لأنها محاطة بإشكاليات وشبهات .. فمن ذلك:

1- الجزء الأخير من رواية الإمام مسلم .. وهو الجزء المرسل التي أشرنا إليه سابقا .. لأن فيه شبهة تعارض مع رواية البخاري الصحيحة جدا .

 

2- الرواية الأخيرة التي رواها أبو داود .. يظهر منها عدة إشكاليات سنناقشها في الأسئلة القادمة ..

 

3- مناقشة مسائل طالما خطرت على البال على هذه الروايات فيما يتعلق بالجزء الخاص بالعظم والروث .. ولم أجد من تطرق لها من أهل العلم.

 

4- يوجد شبهة على رواية البخاري بصفة خاصة .. وتحتاج للإنتباه إليها ..

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - ا/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .