ج11: معتقدات موروثة - هل يصح أن من يموت لها الأولاد لازم أن تذهب عند ضريح أحد الأولياء أو شيخ أو فقيه أو راقي ليقطع أثر التابعة المتسلطة على الذرية - هل فعلا الذبح عند ضريح الولي يدفع أذى السحر والحسد والجن ويحافظ على الأموال - هل زيارة الأولياء والتمسح بالضريح يجلب الرزق والبركة ويستجاب عنده الدعاء - هل صناديق النذور في أضرحة الأولياء لجلب المدد من الولي وتيسير الأمور - كيف تم تحريف مسألة مناجاة النبي لتصبح صناديق النذور للولي .

         بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج وغير ذلك

(الفصل الحادي عشر)

#- فهرس:
:: الفصل الحادي عشر :: معتقدات عند أضرحة الأولياء وعلاقة ذلك بطلب الإنجاب وطرد التابعة وإبطال السحر ووقف تلف الأموال وجلب الرزق والبركة واستجابة الدعاء والمدد العالي من الولي ::
1- س43: هل يصح أن من يموت لها الأولاد لازم أن تذهب عند ضريح أحد الأولياء أو شيخ أو فقيه أو راقي ليقطع أثر التابعة المتسلطة على الذرية ؟
2- س44: هل فعلا الذبح عند ضريح الولي يدفع أذى السحر والحسد والجن ويحافظ على الأموال ؟
3- س45: هل زيارة الأولياء والتمسح بالضريح يجلب الرزق والبركة ويستجاب عنده الدعاء ؟
4- س46: هل صناديق النذور في أضرحة الأولياء لجلب المدد من الولي وتيسير الأمور ؟

#- كيف تم تحريف مسألة مناجاة النبي لتصبح صناديق النذور للولي ؟

***************************

:: الفصل الحادي عشر ::

:: معتقدات عند أضرحة الأولياء وعلاقة ذلك بطلب الإنجاب وطرد التابعة وإبطال السحر ووقف تلف الأموال وجلب الرزق والبركة واستجابة الدعاء والمدد العالي من الولي  ::

**************************

 

..:: س43: هل يصح أن من يموت لها الأولاد لازم أن تذهب عند ضريح أحد الأولياء أو شيخ أو فقيه أو راقي ليقطع أثر التابعة المتسلطة على الذرية ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أولا: وجود مس أو تابع كما يسميه البعض أو وجود سحر .. فهذا كلام يحتاج لدليل وبرهان .. حتى يقال أن سبب نزول الحمل أو عدم اكتماله ليس له سبب عضوي .. وأن سبب منع الحمل هو سببه سحر أو مس يمنع ذلك .. ؟!! وهيهات أن تعرف ذلك إلا برؤيا صادقة جدا .. ونصيحة لا تصدق من يخبرك من خلال الكشف الروحاني بأي شيء ..!!
 
- عموما إن تبين وجود سبب عضوي .. فاجتهد في العلاج العضوي والأخذ بالأسباب .. مع الدعاء إلى الله .. ولا مانع من الاستماع إلى القرآن كرقية طيبة لنفسك ..
 
- ثانيا: من ناحية أخرى .. إن تبين أن كل شيء طبيعي طبيا ولا يوجد سبب مانع للحمل أو لسقوط الجنين من الناحية الطبية .. فهنا نتجه للرقية والدعاء إلى الله .. وإذا احتاج الإنسان لمساعدة خارجية من راقي مثلا فلا يتم ذهاب امرأة لوحدها إلى أي مكان يوجد فيه من يصف نفسه بأنه راقي أو ولي أو فقيه أو حتى عالم دين .. وبالطبع لا تذهب إلى أضرحة .. ولتتقي الله ربها في نفسها وتستمع للرقية أو يرافقها أبيها أو زوجها أو أخيها في حالة كانت حالتها تستوجب رقية نتيجة صرع يظهر عليها نتيجة مس روحاني .. وما عدا ذلك .. فالمرأة لا تأمن الخيانة من ممن يتسترون وراء قناع الرقية الشرعية .. فإن البعض منهم كلاب في طلب الجنس وقلة الأدب والسفالة ..
 
- واعلم أخي الحبيب أن الله يقول: (لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) الشورى:49-50 ..
- فلا علاقة للجن والشيطان ولا التابعة ولا العالم الروحاني أجمع بمنع الذرية أو جلب ذرية .. إلا لو كان سحر وقد أذن الله يسري مفعوله بالضر لمنع وصول نطفة الرجل لتلقيح البويضة .. وهذا شيء نادر جدااا .. ولكن يتبين هذا من خلال الكشف والتحاليل .. وهل يظهر وجود سبب عضوي أم لا .. ؟!!
 
#- من انحرافات النساء الغافلات:
- كان مما حكاه البعض من أحبابنا عن قصة كانت تحدث عند ضريح أحد الأولياء المشهورين .. بأنه كان مشهور عن هذا المكان أن من يذهب إلى زيارة هذا الولي .. فكانت المرأة تصبح حامل بعد فترة ..!!
- ثم تبين أنه كان يسكن هذا الضريح نصاب زاني حقير .. يخفي نفسه بجوار الضريح أسفل العباءة التي تكون أعلى الضريح .. وكانوا يقنعون المرأة أن تعطي ظهرها للضريح ويخبرونها بأن الولي سيمنحها من بركاته .. وكانت المرأة تأتي في موعد التبويض إلى الضريح ظنا منها أن الولي سيمنحها من بركاته .. وفي الحقيقة كانت يجامعها شخص من خلف ملاءة الضريح على أنه الولي هو من يفعل ذلك .. حتى قامت بفضيحته أحد النساء التي لم ترضى بهذا الذل ..!! 
 
#- ولكن يتبقى السؤال: لماذا من البداية لم نقول يا رب ارزقني الذرية ؟!! أو لماذا لا يذهب البعض للطبيب المختص ؟!!
- الجواب ببساطة: لأنه لا يوجد إيمان بالله في القلوب بأنه الرزاق .. وإنما جعلوا من ضريح الولي هو الرزاق .. !!
- ولا أدري أي جريمة أكبر هل الزنا الذي حدث في الضريح .. أم الكفر الذي عقدت القلوب عليه بأن نسبوا لولي يسكن الضريح أنه رزاق ؟!!
 
#- اللهم استرنا وذرياتنا وكل المؤمنين فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك .. ومن يهتك الأعراض دون توبة فاهتك عرضه فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليك .. آمين يا رب العالمين .
 

***************************

 

..:: س44: هل فعلا الذبح عند ضريح الولي يدفع أذى السحر والحسد والجن ويحافظ على الأموال ؟ ::..

 
- راسلني البعض وقال لي: أنه يوجد معتقد خاص بالفلاحين أصحاب المواشي حيث كل سنة يقدم خروفا لإحدى الأولياء على أساس تخليص ماشيته من كل أذى كعين أو سحر اي أذى روحاني وأن لم يفعل تتعرض ماشيته للهلال أو الفناء على أساس أنه خالف العهد .. فمع من تعاهد الله أعلم ؟؟
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1- تقديم الأضحية تقربا وطلبا للرضا من الولي الصالح الذي له ضريح .. أو ليقضي صاحب الضريح حاجته أو ليشفي ابنه أو ليدفع عنه شر الشيطان أو ليمنحه رزقا أو ليرفع عنه بلاء لا قدرة لمخلوق عليه أو ما شابه ذلك من أفعال هي لله خالصة .. فهذا نوع من الشرك بالله في العبادة .. لأنه فعل عبادة هي لله ولا تصح لغير الله لأن الذبح هو عبادة مالية بقصد تعظيم المذبوح له بأكرم أنواع المال والصدقة .. ففعله بذلك فيه إثم كبير .. وعليه أن يتوب عن هذا الفعل المنكر المشابه لأفعال أهل الشرك في الجاهلية .. لأنه يكون بذلك قد جعل بينه وبين الله حجاب لأنه تسبب بفعله هذا في نزول لعنة به .. ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله) صحيح مسلم.
 
- وبالتالي فيكون ما يفعله البعض حسب ما جاء في السؤال من أن البعض يقدم خروفا أو عجلا لصاحب الضريح أو لصاحب القبر سواء كان يقال ان صاحب الضريح من الإنس أو من الجن .. من أجل أن يمنحه بركاته وقدراته في دفع أذى العين والسحر والشر .. فهذا شرك أكبر .. لأنه قد وصف صاحب الضريح بأنه يملك إذن الضر والنفع ويتصرف في الوجود بكونه نافعا وضارا .. وهذا هو لله وحده .. 
 
- ومن يفعل ذلك .. فعليه أن يتوب فورا عن أفعاله هذه .. وليتق الله ربه .. وليذبح لله تقربا لله في أن يصرف عنه أي شرور ويتجلى عليه بكل خير .. لأنه سبحانه هو النافع والضار وهو المعطي المانع .. جل شأنه .
 
2- أما عن المقولة المكذوبة بأن الماشية ستتعرض للهلاك إن لم يذبح للولي صاحب الضريح .. لأنه يكون خالف العهد .. .. فهذا لأن بعض هذه الأضرحة ينتشر حولها خدام الضريح وأحيانا بعضهم روحانيين .. ويوهمون الناس من أصحاب الماشية الفلاحين بأن من لا يحب هذا الولي صاحب الضريح فيكون خالف عهد الكرامة والولاية الذي صنعه هذا الولي مع الجن في هذه المنطقة وبالتالي يستحق أن تهلك ماشيته .. وقد يقوم خدام هذا الضريح بتسليط شياطين على هذا الشخص صاحب الماشية فيقتلون أو يؤذون بالسحر بعض الماشية .. لوهم هذا الشخص أن الولي قد غضب عليه لمخالفته للعهد .. !!
 
#- ولكن انتبه أخي الحبيب..
- من يذبح لله وباسم الله .. ولكنه يفعل ذلك فيما يسمى بمولد سيدي فلان أو علان .. أي يذبح لله ويرضي الفقراء ويجبر بخاطرهم .. ولكن يفعل ذلك في ذلك اليوم لأنه يحب هذا الولي .. أو يقدم حلويات أو أطباق طعام .. وليس في نيته أنه يتقرب بها إلى الولي ليمنحه من كراماته أو قدراته أو ليرضى عنه أو ليقضي حاجته أو ما شابه ذلك مما هو من أفعال الله .. فهذا حينئذ لا شيء فيه ولا حرج ولا إثم فيه لأنه نوعا من الصدقة .. لأن الذي حركه هو محبة الولي ولكن القصد من وراء الفعل بالذبح إنما هو لله .. ومحبة الأولياء ممدوحة عند الله .. فإذا كان الله يقول في الحديث القدسي (مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ) صحيح البخاري .. فنعلم من ذلك أن من أحب وليا لله في الله فقد نال من محبة الله الكثير ومنها السلام من الله عليه .. والله أعلم .
 
 #- وكذلك الذبح لإكرام الضيوف .. هو في الأصل ذبح لله لأنك تفعل ما هو فيه إذن من الله بهذا الفعل .. وهو إكرام الناس بأفضل ما لديك قدر استطاعتك .. وقد فعل سيدنا إبراهيم ذلك وذبح إكراما للضيوف الذين ظنهم ضيوفا ولم يكن يعلم أنهم ملائكة .. وهذا الذبح نوعا من صدقة الخير والإحسان للغير ..
- فالفعل من باب المحبة .. لا شيء فيه .. طالما من باب الإحسان بفعل يحبه الله ..
 
- وكذلك الذبح لله من أجل أنه شفى لك مريض أو أكرمك في تجارتك أو ما شابه ذلك .. وذبحت تقربا وحمدا لله على إحسانه إليك .. فكل ذلك هو ذبح لله لأنك ذبحت وفعلت ذلك فيما هو القصد من وراءه المباح والحلال الذي يحبه الله ..
 
#- حتى مع الجن .. لو ذبحت باسم الله أي قلت: بسم الله وأنت تذبح .. وطبخت هذا الطعام وأكلت منه وقدمته صدقة لبعض الجن الذي أنت تعلم يقينا حضورهم لسابق صحبة بينك وبينهم .. وقد طلبوا ذلك منك ضيافة وكرامة .. فلا مانع من ذلك .. لأنك لم تذبح باسمهم فلم تقول باسم الجني فلان أو باسم ملك الجن الفلاني .. وكذلك لم تفعل ذلك مقابل استمتاع بهم في شيء .. وإنما فعلته صدقة وكرامة وإحسانا لا غير .. فلا حرج عليك حينئذ .. قال تعالى: (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) الأنعام 118.
 
#- وهنا بعض الكيفيات الأخرى التي طلب البعض الإشارة إليها وهي :
1- أحيانا بعض الناس يأتون بذبيحة عند شراء سيارة جديدة أو منزل أو حتى مكونات منزلية جديدة مثل غرفة النوم والاجهزة الكهربائية وغير ذلك .. ولهم من وراء ذلك مقاصد:
 
أ- فقد يكون القصد .. هو كسر عين الحاسد من خلال اطعامه .. (وهذا معتقد غير صحيح لأن الحاسد ممكن يكون من الاغنياء وليس من المحتاجين) .. ولكن الذبح لله يعتبر صحيح لأن الأصل هو الذبح لله واطعام الفقراء ..
 
ب- وقد يكون القصد .. هو أن الذبح لله يكون من اجل التقرب إلى الله حمدا له على نعمته الجديدة التي انعم الله به عليه وهي الشقة أو السيارة أو ما شابه ذلك .. يوزع اللحم على الفقراء محبة لله .. وهذا فعل طيب جدا .. لأنه شكر لله وصدقة لله ..
 
ج- وقد يكون القصد .. لمن يذبح لله هو فرحا بنعمة الله عليه فيعزم ويضيف الناس عنده ليشاركهم فرحته .. فهذه ضيافة وكرم .. وشيء طيب جدا .. لأنه إحسانا في المعاملة مع الله ..
 
د- ومنهم من يجمع كل النوايا السابقة .. فيذبح ليكرم الفقراء والضيوف والأقارب  ..ويرجو من الله أن يصرف عنه شر العيون (وليس يفعل ذلك لدفع عيون الحسود .. فانتبه للفرق) .
 
2- ويوجد ثلاث حالات مهمة يختلط فهمهم على البعض:
أ- الحالة الأولى:  ومنها أن يكون المقصد هو لدفع شر العوارض .. فهذا ذبح لاسترضاء الجن .. وهذا لغير الله أي القصد لغير الله ولا ثواب لهم فيما فعل وكرامة له .. حتى ولو تم التسمية على الذبيحة باسم الله .. فيجوز أكل لحمها .. ولكن لو عرفنا أن المقصد من وراء الذبح هو لدفع شر العوارض استرضاء لهم فالأفضل ترك الاكل من هذا اللحم .. ولا أنصح بأكل لحم هذه الذبيحة لوجود شبهة فيها "وهي استرضاء الجن" .. ولكن يظل لحمها حلال لأن الذبح عليها كان باسم الله ..
 
ب- الحالة الثانية: ولو تم الذبح لاسترضاء الجن خوفا منهم .. وتم الذبح باسم الجن أيضا .. فالذبح حرام واللحم حرام أكله ..
 
ج- الحالة الثالثة: ولكن لو تم الذبح باسم الله وكرامة لله وطلبا من الله من وراء هذه العبادة (الذبح) هو صرف المكروه والشر بكل أنواعه .. أي نقول أن هذه الذبيحة اتقرب بها إلى الله ليصرف عني شر كذا أو ليكرمني في نفسي أو لقريب لي بالشفاء مثلا .. فهذا شيء طيب وحلال ولا مانع فيه .. لأنه من باب سؤال الله من فضله في دفع المكروه أو رفع البلاء أو طلبا للشفاء .. مع فعل وسيلة تقرب إليه وهي الذبح له .. كالذي يسأل الله من فضلة ويتقرب أثناء سؤاله لله بالصلاة او قراءة القرآن إلى الله أو يتصدق أو ما شابه من العبادات التي يحبها الله ..
 
#- وما سبق فقط للتوضيح في مسألة الذبح بعرض بعض المسائل والأمثلة .. لأنها تختلط على عقول الكثيرين .. !!
- والله أعلم.
 

*******************

..:: س45: هل زيارة الأولياء والتمسح بالضريح يجلب الرزق والبركة ويستجاب عنده الدعاء ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من الأقوال التي يقولها بعض الطيبين وهي لونا من الخرافة العقائدية .. أن الذهاب لأضرحة الأولياء والتمسح بالضريح يجلب الرزق والبركة ..!!
 
1- وهنا سؤال مهم يا مؤمن يا عاقل:
- ما علاقة جلب البركة والرزق بالضريح ؟!!
- فهل كان هذا الولي الصالح مصدر للبركة وجلب الرزق للناس في حال حياته حتى يكون مصدر للبركة وجلب الرزق للناس في حال مماته ؟!!
 
2- لا أقول بأنه لا يصح  زيارة أي قبر مسلم وإلقاء السلام عليه .. سواء تم وصفه بكونه ولي أو غير ولي .. بل إن زرت الموتى فبشرط الإلتزام بضواط الشريعة من الدعاء للمتوفى ولا مانع من البكاء دون أن يتطور الإنفعال إلى اللطم وضع التراب على الرأس وما شابه ذلك من أمور محرمة ..
 
3- ولو زرت ما يتم وصفه بكونه وليا لله متوفى .. والله أعلم بأحوال العباد وبمن اتقى .. لكن حسن الظن واجب ومطلوب .. ولكن مع وضعه في حجمه الطبيعي من الإحترام والتقدير دون تقديس وكأنه نبيا رسولا .. فلا قداسة للأحياء ولا للأموات إلا للنبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان مطهر ظاهرا وباطنا .. وإنما باقي الصالحين فلهم كل احترام وتقدير وحسن ظن بأنهم أهل خير وأهل محبة لله ونحسبهم على خير .. ونرجو لهم من الله كل الخير ولكل المسلمين ..
 
4- ولكن أن يأتي البعض ويقول لك اذهب لضريح سيدي فلان ليستجاب لك وتقضى حاجتك .. فهذا كلام غير مقبول .. ولنا هنا سؤالين:
 
- الأول: ولماذا لا تذهب لبيت الله وتطلب من الله وهو الصمد المقصود في قضاء حوائج الخلق ؟!!
- فهل الحي القدير الذي لا يموت أولى بالطلب منه أم بالميت الذي لا حول له ولا قوة في حال حياته أو مماته ؟!!
 
- الثاني: قبل أن يكون سيدي فلان موجود الذي تطلب من الناس الذهاب إليه .. ماذا كان يفعل الناس ؟!! ألم يكونوا يقولوا يا رب ؟!! فلماذا لم تتركهم مع ربهم وأرشدتهم إلى غيره ؟!!
 
#- انتبه ثم انتبه ثم انتبه لهذه الفروق جيدا حتى لا تحكم بالباطل على الناس في أفعالهم وتتبع غير سبيل المؤمنين:
1- انتبه: هناك من يذهب لزيارة الأموات ليأنس بمن فقدهم .. وكذلك من يذهب لمجالسة مكان فيه ضريح ولي لله لأنه يشعر بأنه يأنس بهذا المكان .. وهذا الأنس بالمكان لا شيء فيه .. فهذه راحة الإنسان النفسية وهو حر يذهب لأي مكان طالما لا منع من الذهاب إليه وطالما لا يفعل أفعالا منكرة ..  
 
2- انتبه: هناك فرق بين أن تكون في زيارة من تحسبه على خير سواء كان حيا أو ميتا .. وتلتمس عنده بركة إجابة دعاءك .. حيث أنه يغلب على ظنك أن الشخص يحبه الله .. ومن يحب من أحبه الله فله عناية وكرامة من الله ..
- فإذا كان تعالى قال في الحديث القدسي: (مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ (أي أعلنت عليه) بالحَرْبِ) صحيح البخاري ..، فما بالك بالذي يحب أولياء الله ؟ فهو سيكون محاط بشيء من فضل الله تكريما لهذه الصفة فيه .. بخلاف من عادى ولي الله ..
 
3- انتبه: هناك أيضا فرق بين أن تطلب الدعاء في حال حضور قلب مع من تزوره .. وبين أن تدعوه هو ليمنحك ما لا قدرة لإنسان على منحه إلا الله مثل فتح أبواب الرزق وطلب الشفاء منه ..
 
#- مثال للتوضيح: فرق أن تقول في حال الحضور القلبي وأنت تقف أمام أي شخص ميت انت تحبه وتحسبه على خير: يا فلان ادعو لي الله أن يشفي ابني أو يفك كربي أو ما شابه ذلك ... وبين أن تقول: يا فلان اشفي لي ابني أو فك كربي ..!!
 
أ- ففي الحال الأول: أنت جعلته عبدا لله وتوسمت فيه صلاحا فطلبت دعاءه لعل الله يجعل له فيك دعوة مستجابة ..
- وهذه الحالة لا يشعر بها إلا من له قلب وإحساس وتذوق .. أما من حرمه الله ذلك فلن يرى أبدا إلا هيكل المقبرة أو التراب الذي يقف عليه .. فهذا حدود إحساسه .. ولعل ذلك رحمة به ..!!
 
- ومثال أهل الإحساس والتذوق في تلك الحالة .. فقد تجدهم يشعرون أنهم يتكلمون مع من فقدوهم ولديهم إحساس قوي أنهم يسمعونهم .. أو كالذي يتكلم مع صورة من يحب وقد فقده .. ويظن الناس أنه مجنون لأنه يتكلم مع صورة .. وهذا تصور أحمق أصلا لمن يظن ذلك لأنها ظاهرها صورة ولكن من يتحدث فهو يتحدث بروحه لعالم الروح وكانه يرجو أن تذهب روحه بإحساسه هذا لمن فقده .. وهيهات لمن حرمه الله من نعمة الإحساس والمشاعر أن يتذوق شيئا من ذلك .. ولأن هذا لا يمكن أن يحدث مع جلف الطبع أو متعفن العقل أو أعمى الإدراك .. ربنا يحفظنا وإياكم .  
 
ب- وفي الحالة الثانية: أنت جعلته ربا يرزق ويشفي .. فدعوته قائلا يا ولي الله اشفي ابني أو ارزقني .. وفي هذه الحالة الثانية يقال لك انتبه لأنك تفعل فعل المشركين .. وانتبه لقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) الأعراف:194.. فأنت لو قلت يا فلان اشفي ابني .. سواء قلتها لميت أو حي .. فلا فرق .. لأنك دعوت وطلبت من لا يملك لك شيئا في فعله لأنه مما اختص القدير جل شأنه به نفسه فقط .. 
 
#- خلاصة القول:
1- ليست زيارة الضريح فيها حلا لمشاكلك .. وإنما زيارة بيت الله والأنس بالدعاء إليه مخلصا له .. فيها خلاص لك ..
 
2- الأنس بتواجدك في مكان وكان فيه ضريح .. فهذا أمر يخص نفسيتك وأنت حر بالبقاء أو الذهاب .. وإن بقيت فالتزم الأدب.
 
3- وإن صادف ذلك تواجدك في مكان فيه ضريح أو حتى وسط المقابر .. وانتابتك حالة بالدعاء .. فادعو ولا تمنع قلبك من الدعاء إلى الله طالما شعرت بذلك ..
 
4- بل وإن شعرت بحضور قلب عجيب يحدث لك مع أحد ممن يسكن القبر .. فلا عجب أن يحدث ذلك .. وإنما العجب كل العجب فيمن هو جلف الطبع وأعمى الإدراك وينكر حدوث ذلك .. وهذا لا سبيل للكلام معه من أساسه .. إذ كيف تتكلم مع من فقد نعمة الإحساس والإدراك ثم ينكر حدوث ذلك .. في حين يثبت أن الجن (وهو غيب) يمكن أن يركب أمه أو أخته أو ابنته أو زوجته وهو لا يرى الجن ولا يحس بوجودهم وإنما يأخذ خبرهم ممن يظن مسهم من حوله فيصدقهم .. أهؤلاء قوما يعقلون حينئذ يا ناس ؟!! فما الفرق بين من يقول لك أن صاحب القبر يكلمه وبين من يقول لك أن الجن يركبه ؟!!
 
#- واعلم أخي الحبيب:
- أنه لولا الحب ما كان رابطة روحية .. وقد تكلمنا عن الرابطة الروحية كثيرا في رسالة (خواطر إيمانية أو مصطلحات العارفين) .. فارجع إليها لتفهم حقيقة الروابط الروحانية حتى لا تكون جلف الطبع وأعمى الإدراك ما تبقى من عمرك .. بل ولعلك تفهم أن في الحياة أمور أخرى قد تسعد بها حينما تسمح لقلبك بأن يحب ويسامح ..!!
- والله أعلم .
 

*****************************

 

..:: س46: هل صناديق النذور في أضرحة الأولياء لجلب المدد من الولي وتيسير الأمور ؟ ::..

 (كيف تم تحريف مسألة مناجاة النبي لتصبح صناديق النذور للولي ؟)

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هناك من يعتقد خرافة ان صناديق النذور هي وسيلة لطلب المدد من الولي .. ويساعدهم على ذلك وجود خفافيش الناس حول هذا الضريح الذين يروجون لهذه الأفكار خاصة وأنهم يصطادون البسطاء ويخبرونهم أنه لو أراد أن تقضى حاجته فليقدم هدية للولي من باب الأدب والذوق .. وسيأتيه المدد الذي لا يتخيله ..!!
 
- وهنا نقول ببساطة لمن يفعل ذلك:
1- هل هذه رشوة للولي ليتفاعل معك ؟ أم أن هذه تعتبرها عطية وهدية للولي وكأنك تقول اللهم اجعل هذا المال في ميزان حسناته ؟!!
 
- فلو تظن أنك تعطي الولي هدية لينظر إليك نظرة كرامة ليقضي حاجتك وكأنك ترشوه .. فلا خلاف على أنك إما جاهل أو ضال .. فالفعل نفسه حرام ..
 
- ولو كنت تظن أن المال تنفقه لله وتهدي ثواب المال للولي .. فهنا أسألك: لماذا فعلتها داخل الضريح ؟!! وبمعنى أوضح لماذا ذهبت خصيصا للضريح لتضع فيه المال فيما يسمى بصناديق النذور ؟!! وبمعنى آخر فلماذا لم تخرج هذه العطية لله في أي مكان وتمنح ثوابها لهذا الولي .. وانتظرت أن تعطيها داخل الضريح ؟!!
 
- يا أخي المؤمن العاقل .. كن صادقا مع نفسك .. وستدرك أنك تقدم عبادة مالية للولي لينظر إليك نظرة رضا ويتصرف لك في مشكلتك .. وهذا نوعا من الشرك ..!!
 
- أفق يا أخي وانتبه لأفعالك .. لأن ما تفعله هذا يسمى شرك .. وأنت تخدع نفسك .. لأن إعطاء المال للغير للتصرف فيما لا قدرة لك عليه كإنسان كنزول الشفاء أو طلب الرزق فهذا شرك .. فما بالك وأنت تدعو ما لا يملك لك شيئا ..!!
 
2- وبطريق آخر .. لا يخدعك أحد فيقول لك .. لا مانع من التصدق على الغير .. ولنعتبرها صدقة للولي .. !! فلا تنخدع بذلك الكلام .. ليه ؟
- هل الصدقة للغير تحتاج لصندوق مخصوص داخل الضريح .. وتذهب مخصوص لتضع فيه الصدقة .. !!
 
- فهذا كلام فيه مخادعة ودليل ذلك .. هو لماذا لم يضعوا صناديق النذور خارج الضريح .. !! أو في أي مكان آخر بالمسجد .. ويكتبون عليه صدقة لله أو نذرا لله ؟!!
 
- لأنهم يعلمون أن هذا لن يدر عليهم دخلا وفيرا وربحا كانوا يرجوه .. وإلا فلماذا يجعلوه في داخل الضريح ؟!!
 
- فكل هذا لوهم البسطاء ... أن دفع المال هنا في هذا الضريح يعود عليك بالنفع من الولي .. !! وكأنك تعطيه هديه وبالتالي هو سيهاديك بإجابة طلبك .. !!
- فهل هذا دين الله .. لا .. بل دين الأهواء لنفوس ارتضت أن تخدع البسطاء باسم الدين .. ومحبة الصالحين .. وهذا المال هو مال حرام وسحت.
 
3- أما لو كنت نذرت للولي نذرا وذهبت لتضعه في صندوق النذور .. وكان قولك في النذر هكذا:" نذرت لسيدي فلان كذا لو قضيت حاجتي" .. فأنت أرتكبت محرما وأشركت مخلوق في العبادة من دون الله .. لأن النذر هو عبادة لله ولا تحق لمخلوق .. !! وقد جاء في كتاب الفتاوى الإسلامية من دار الإفتاء المصرية ص 770 وما بعدها .. فتوى برقم 387 تحت عنوان حكم النذر على الأضرحة والأولياء .. جاء فيها: "أن النذر لأصحاب الأضرحة والأولياء والصالحين باطل بالإجماع .. ".
 
#- انتبه:  أما لو نذرت وقلت: "نذرت لله لو قضى لي حاجتي سأطعم بعض الفقراء الموجودين عند ضريح سيدي فلان أو عند مسجد كذا" .. فهذا لا شيء فيه .. لأن النذر كان لله .. فانتبه للفارق .. !!

4- كيف تم تحريف مسألة مناجاة النبي لتصبح صناديق النذور للولي ؟
#- والأصل في  الشريعة هو كان تقديم الصدقات لمناجاة رسول الله أي لمحادثته سرا في خلوة منفردا بالنبي لتحدثه في مسألة خاصة بك وتم نسخ هذا الحكم ورفعه رحمة بالمؤمنين ..  فكان الحكم كما قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) المجادلة:13..
 
- ثم انحرف الأمر  .. إلى صرف المال لمناجاة الولي ليسمعك .. وذلك في هيئة "صناديق النذور" وكأنها وسيلة حتى يستجيب له الولي وينصت إليه وليقضي حاجته .. وكأنهم شابهوا حال النبي بحال الولي .. بل أن الولي فاق النبي مقاما وعلوا حتى جعلوا للولي المال بعد موته .. !!
- فما هذا الإنحراف في الدين .. وهذا التضليل لعباد الله ..!!

 

#- خلاصة القول:

- ابتعد عن صناديق الأضرحة تماما مهما كان المسمى الخاص بها .. وهذا المال عبادة لغير الله .. وهي لنا من الشرك .. ولو كانوا صادقين فليخرجوا هذه الصناديق خارج الضريح ويضعوها في أي مكان بالمسجد .. مثل صناديق التبرع للأيتام والفقراء .. ولكن هيهات يفعلوا ذلك .. لأن ما يتم وضعه في صناديق الضريح له ناس مخصوصة يتم توزيع المال عليهم .. ويا له من مال غير طيب بل ملوث بتضليل الناس وأكل أموالهم بالباطل وهم يعلمون .. فكيف يأكلونه ..!!
 

#- ملحوظة: قد ذكرنا سابقا معتقدات قد تكلمنا عنها سابقا بالتفصيل وتتعلق بما يقال عن الأولياء والأضرحة .. وهي خاصة برجال الغيب وأهل التصريف وأصحاب السر وأبواب الله والرابطة الروحية .. في (رسالة الإحسان بشرح معاني العرفان) .. ، وكذلك معتقد الحكومة الباطنية ودولة الأولياء وأهل الديوان والأقطاب والأبدال والنجباء والأوتاد والنقباء ... وغير ذلك وقد ناقشنا هذه الأمور بتوسع كبير .. فارجع لرسالة (حقيقة الاولياء وأخبار القطب والأوتاد والنقباء والأبدال والنجباء) .. فستجد فيهما ما يشبع عقلك وقلبك .. وستبصر الفرق بين الحق والباطل .. والله ولي التوفيق.

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .