بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها
عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وغير ذلك
(الفصل العشرون)
#- فهرس:
:: الفصل العشرون :: ج1/ معتقدات عن
أسماء الشيطان – هل اسم (الحارث) من أسماء إبليس – وهل كان إبليس خازن للجنة ::
1- س94: هل الشيطان إبليس قبل أن يتم طرده من السماء كان يسمى
الحارث وكان خازنا من خزنة الجَنَّة ؟
#- أولا: ما جاء في خيرية اسم (الحارث) في الحديث النبوي ..
#- ثانيا: الروايات التي أشارت إلى أن اسم ابليس هو الحارث قبل أن يتم طرده من
السماء ..
#- ثالثا: لا تتعجب من
وجود اسم الحارث في كتب التراث الدينية القديمة على أنه من أسماء إبليس ..!!
#- رابعا: خلاصة بحثي
في مسألة كون اسم (الحارث) أنه من أسماء الشيطان ..
***************************
:: الفصل العشرون ::
:: ج1/ معتقدات عن أسماء الشيطان – هل اسم
(الحارث) من أسماء إبليس – وهل كان إبليس خازن للجنة ::
**************************
..:: س94: هل الشيطان إبليس قبل
أن يتم طرده من السماء كان يسمى الحارث وكان خازنا من خزنة الجَنَّة ؟ ::..
#- قلت (خالد
صاحب الرسالة):
- من الظنون الخاطئة وترتقي إلى الخرافة ويظنها البعض أن
اسم (الحارث) من أسماء إبليس حينما كان يسكن السماء قبل أن يطرده الله .. وهذا الإسم أتى كثيرا ذكره في بعض كتب أهل العلم .. بسبب وجود بعض الروايات الغير
صحيحة على الإطلاق والتي أشارت لذلك .. والتي بعضها منسوب للنبي وبعضها منسوب
للصحابة وبعضها منسوب للتابعين ..!!
- من معاني اسم الحارث هو: العامل الذي يهيأ الأرض لصلاحها وزراعتها .. وكذلك
يطلق على الأسد القوي .. ويطلق على من يتكسب الأموال بعزيمة سعي.
- وحينما بحثت في مسألة اسم (الحارث) .. فلم أجد رواية منسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم
أشار فيها إلى أن اسم (الحارث) كان هو اسم ابليس قبل طرده من السماء .. بل ولا
يوجد حديث منسوب للنبي يقال فيه أنه كان خازنا من خزنة الجنة .. فلم أجد حديث صحيح ولا ضعيف ولا حتى حديث مكذوب
على النبي ..!!
- وهذه أمور مريبة جدا .. لأنه يقال حينئذ .. من أين أتى بعض العلماء بأن اسم
(الحارث) من أسماء ابليس ؟!! فلن تجد إجابة إلا أنهم نقلوها من بعض
الروايات التفسيرية الغير معقولة أصلا لمخالفتها العقل والشرع ..!!
-
وإليك أخي الحبيب .. خلاصة البحث في اسم (الحارث) ..
#- أولا: ما جاء في خيرية اسم (الحارث) في الحديث النبوي ..
- الظن بأن اسم (الحارث) هو من أسماء الشيطان فهذا كلام باطل
ويكذبه الحديث النبوي وأسماء الصحابة رصي الله عنهم ..
1- فعن خَيْثَمَةَ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: (إِنَّ مِنْ خَيْرِ أَسْمَائِكُمْ عَبْدَ
اللهِ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ وَالْحَارِثَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح
وهذا إسناده حسن.
- وبناء على ما سبق أن الشيطان لو كان اسمه حارث .. ما كان النبي صلى الله عليه وسلم قال أنه
من خير الأسماء ..!! وإلا فكيف سيقول ذلك
لو كان الشيطان له اسم من قبل وهو الحارث ؟!!
- وبذلك تكون المسألة قد انتهت .. فليس بعد كلام النبي
كلام ..!!
#- (حديث ضعيف) .. وفي رواية قيلت عن النبي صلى
الله عليه وسلم: (تَسَمُّوا بِأَسْمَاء الأَنْبِيَاء، وَأَحَبُّ الأَسْمَاءِ
إِلَى اللهِ عَبْدُ اللهِ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَصْدَقهُمَا حَارِثٌ
وَهُمَامٌ، وَأَصْبَحُهمَا حَرْبٌ وَمُرَّةُ) رواه أبو داود وأحمد .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث بكل طرقه ضعيف ..
وأشار محققو المسند وكذلك الشيخ الألباني ثم رجع الشيخ الألباني عن تضعيف الحديث
وحسنه بشاهد من حديث مرسل .. دون جملة (تسموا بأسماء
الأنبياء) .. وكذلك فعل شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن أبي داود ..، والحقيقة لم أجد أحد قال بتحسين هذه الرواية لأن كل طرقها
ضعيفة .. إلا الألباني والأرنؤوط من المتأخرين .. أما محققي الأحاديث
المتقدمين فقالوا بضعف الرواية كابن القطان وبن القيسراني وبن حجر والبوصيري وأبو
حاتم الرازي بن عبد الهادي وغيرهم قالوا بضعف هذه الرواية ..!!
-
وعموما الرواية الأولى تغنينا هذه الرواية السابقة ..
2- ومن ناحية أخرى فنجد
من أسماء الصحابة (الحارث بن أوس بن معاذ( و (الحارث بن أنس بن رافع) .. ولو كان اسم الحارث من أسماء الشيطان لكان النبي
غير أسماء هذه الصحابة كما فعل مع آخرين .. بل وكان أوضح لنا أن اسم الحارث من
أسماء الشيطان .
- فمما سبق تبين لك بوضوح أخي الحبيب .. أن من قال بان الشيطان كان اسمه (الحارث)
.. فهي مجرد خرافة ..!!
#- ثانيا: الروايات التي أشارت إلى أن اسم ابليس هو الحارث قبل أن
يخرج يتم طرده من السماء ..
- فإليك تحقيق هذه الروايات التي اعتبرها خرافات ..
وأظنها ملفقة للصحابة والتابعين .. وعموما هي مجرد آراء تفسيرية منسوبة إليهم ولكن
لا نعلم ما هو مصدرها .. ولم أجد اسم (الحارث) عند أهل الكتاب من خلال ما هو متاح
لدي من مراجع حتى أظن أنه ربما نقلوها من هناك ..!!
#- فمن هذه الروايات
التي أشارت لاسم إبليس بأنه (الحارث) ..
1- (خبر تفسيري ضعيف ومنكر جدا – تفسير مروي عن صحابي) .. فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا
حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ
حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ، يُقَالُ لَهُمُ الْحِنُّ (بحرف الحاء وليس حرف الجيم)
خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ مِنْ بَيْنِ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ الْحَارِثَ. قَالَ:
وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ
الْجَنَّةِ. قَالَ: وَخُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ مِنْ نُورٍ غَيْرِ
هَذَا الْحَيِّ. قَالَ: وَخُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ
مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَهُوَ لِسَانُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا
إِذْ أَلْهَبَتْ. قَالَ: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينٍ، فَأَوَّلُ مَنْ سَكَنَ
الْأَرْضَ الْجِنُّ، فَأَفْسَدُوا فِيهَا وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَقَتَلَ
بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
-
قَالَ (أي بن عباس): فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ
إِبْلِيسَ فِي جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَهُمْ هَذَا الْحَيُّ الَّذِينَ
يُقَالُ لَهُمُ الْحِنُّ فَقَتَلَهُمْ إِبْلِيسُ وَمَنْ مَعَهُ حَتَّى
أَلْحَقَهُمْ بِجَزَائِرِ الْبُحُورِ وَأَطْرَافِ الْجِبَالِ. فَلَمَّا فَعَلَ
إِبْلِيسُ ذَلِكَ أَغْتَرَّ فِي نَفْسِهِ، وَقَالَ: قَدْ صَنَعْتُ شَيْئًا لَمْ
يَصْنَعُهْ أَحَدٌ.
-
قَالَ (أي بن عباس): فَاطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى
ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ وَلَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ كَانُوا
مَعَهُ؛ فَقَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي
الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30] فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ مُجِيبِينَ لَهُ:
{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} [البقرة: 30]
كَمَا أَفْسَدَتِ الْجِنُّ وَسَفَكَتِ الدِّمَاءَ؟ وَإِنَّمَا بُعِثْنَا
عَلَيْهِمْ لِذَلِكَ. فَقَالَ: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 30]
يَقُولُ: إِنِّي قَدِ اطَّلَعْتُ مِنْ قَلْبِ إِبْلِيسَ عَلَى مَا لَمْ
تَطَّلِعُوا عَلَيْهِ مِنْ كِبْرِهِ وَاغْتِرَارِهِ ..
-
قَالَ (أي بن عباس): ثُمَّ أَمَرَ (أي الله) بِتُرْبَةِ آدَمَ فَرُفِعَتْ،
فَخَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ .. وَاللَّازِبُ: اللَّزِجُ الصُّلْبُ
مِنْ حَمَأٍ مَسْنُونٍ مُنْتِنٍ.
-
قَالَ (أي بن عباس): وَإِنَّمَا كَانَ حَمَأً
مَسْنُونًا بَعْدَ التُّرَابِ. قَالَ: فَخَلَقَ مِنْهُ آدَمَ بِيَدِهِ. قَالَ
فَمَكَثَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً جَسَدًا مُلْقًى ..
-
فَكَانَ إِبْلِيسُ يَأْتِيهِ فَيَضْرِبُهُ بِرِجْلِهِ
فَيُصَلْصِلُ، أَيْ فَيُصَوِّتُ، قَالَ: فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: {مِنْ صَلْصَالٍ
كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: 14] يَقُولُ: كَالشَّيْءِ الْمَنْفُوخِ الَّذِي لَيْسَ
بِمُصْمَتٍ، قَالَ: ثُمَّ
يَدْخُلُ فِي فِيهِ (أي
فمه) وَيَخْرُجُ
مِنْ دُبُرِهِ (أي
فتحة شرجه)، وَيَدْخُلُ
مِنْ دُبُرِهِ وَيَخْرُجُ مِنْ فِيهِ ..
-
ثُمَّ يَقُولُ (أي إبليس): لَسْتَ شَيْئًا ..
لِلصَّلْصَلَةِ .. وَلِشَيْءٍ مَا خُلِقْتَ ..؟!!
-
لَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْكَ لَأُهْلِكَنَّكَ، وَلَئِنْ سُلِّطْتَ عَلَيَّ
لَأَعْصِيَنَّكَ.
-
قَالَ (أي بن عباس): فَلَمَّا نَفَخَ اللَّهُ فِيهِ
مِنْ رُوحِهِ، أَتَتِ النَّفْخَةُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَجَعَلَ لَا يَجْرِي
شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَسَدِهِ إِلَّا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا. فَلَمَّا انْتَهَتِ
النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّتِهِ نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ، فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ
حُسْنِهِ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: {وَكَانَ
الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11] قَالَ: ضَجَرًا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى
سَرَّاءَ وَلَا ضَرَّاءَ. قَالَ: فَلَمَّا تَمَّتِ النَّفْخَةُ فِي جَسَدِهِ عَطَسَ
فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ
تَعَالَى. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ.
-
قَالَ (أي بن عباس): ثُمَّ قَالَ اللَّهُ
لِلْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ خَاصَّةً دُونَ الْمَلَائِكَةِ
الَّذِينَ فِي السَّمَوَاتِ: اسْجُدُوا لِآدَمَ. فَسَجَدُوا كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ لِمَا كَانَ حَدَّثَ بِهِ نَفْسَهُ مِنْ
كِبْرِهِ وَاغْتِرَارِهِ ..
-
فَقَالَ (أي إبليس): لَا أَسْجُدُ لَهُ وَأَنَا
خَيْرٌ مِنْهُ وَأَكْبَرُ سِنًّا وَأَقْوَى خَلْقًا، خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ
وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ. يَقُولُ: إِنَّ النَّارَ أَقْوَى مِنَ الطِّينِ.
-
قَالَ (أي بن عباس): فَلَمَّا أَبَى (أي رفض) إِبْلِيسُ أَنْ يَسْجُدَ
أَبْلَسَهُ اللَّهُ، وَآيَسَهُ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ، وَجَعَلَهُ شَيْطَانًا
رَجِيمًا عُقُوبَةً لِمَعْصِيَتِهِ، ثُمَّ عَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا،
وَهِيَ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الَّتِي يَتَعَارَفُ بِهَا النَّاسُ: إِنْسَانٌ
وَدَابَّةٌ وَأَرْضٌ وَسَهْلٌ وَبَحْرٌ وَجَبَلٌ وَحِمَارٌ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ
مِنَ الْأُمَمِ وَغَيْرِهَا. ثُمَّ عَرَضَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ عَلَى أُولَئِكَ
الْمَلَائِكَةِ، يَعْنِي الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ إِبْلِيسَ
الَّذِينَ خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ، وَقَالَ لَهُمْ: {أَنْبِئُونِي
بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ} [البقرة: 31] يَقُولُ: أَخْبِرُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ
{إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 23] إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّي لَمْ
أَجْعَلْ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً. قَالَ: فَلَمَّا عَلِمَتِ الْمَلَائِكَةُ
مُؤَاخَذَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَكَلَّمُوا بِهِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ
الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ الَّذِي لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، قَالُوا:
سُبْحَانَكَ. تَنْزِيهًا لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَحَدٌ يَعْلَمُ الْغَيْبَ
غَيْرُهُ، تُبْنَا إِلَيْكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا. تَبَرِّيًا
مِنْهُمْ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ، إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا كَمَا عَلَّمْتَ آدَمَ.
فَقَالَ: {يَا آدَمُ أنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ} [البقرة: 33] يَقُولُ:
أَخْبِرْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ {فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ
أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ} [البقرة: 33] أَيُّهَا الْمَلَائِكَةُ خَاصَّةً {إِنِّي
أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} وَلَا يَعْلَمُهُ غَيْرِي {وَأَعْلَمُ
مَا تُبْدُونَ} [البقرة: 33] يَقُولُ: مَا تُظْهِرُونَ {وَمَا كُنْتُمْ
تَكْتُمُونَ} [البقرة: 33] يَقُولُ: أَعْلَمُ السِّرَّ كَمَا أَعْلَمُ الْعَلَانِيَةَ
.. يَعْنِي مَا كَتَمَ إِبْلِيسُ فِي نَفْسِهِ مِنَ الْكِبْرِ وَالِاغْتِرَارِ) رواه الطبري في تفسيره..
وضعفها الطبري لأنه رواها بصيغة التضعيف فقال: (فرُوي عن بن عباس) ..
- قوله (خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ
الْجَنَّةِ): الخازن هو المسئول أو المتولي حفظ الشيء .. ويكون (خازن
الجنة) هو المسئول عن الجنة وحفظها كأمانة وعهدة تم توكيلها إليه من الله .. والله
أعلم ..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ-
وفي السند (بشر بن عمارة) .. وهو ضعيف الحديث وقال عنه
الدارقطني متروك الحديث ..وضعفه أبو حاتم وأبو داود والنسائي.
ب-
وفي السند انقطاع بين (الضحاك بن مزاحم) وبين (بن عباس) .. لأن الضحاك لم يقابل بن عباس
ولم يأخذ عنه التفسير .. ولذلك روايته عن بن عباس هي رواية مرسلة .. حتى أن
(الضحاك) يقول ذلك بنفسه .. فقد قال أبو قتيبة سلم بن قتيبة عن شعبة: قلت لمشاش:
الضحاك سمع من ابن عباس ؟ قال : ما رآه قط ..، وقال أبو داود الطيالسي عن شعبة :
حدثني عبد الملك بن ميسرة ، قال : الضحاك لم يلق ابن عباس ، إنما لقى سعيد بن جبير
بالري ، فأخذ عنه التفسير ..، وقال أبو أسامة عن المعلى عن شعبة عن عبد الملك بن
ميسرة : قلت للضحاك: سمعت من ابن عباس ؟ قال: لا . قلت: فهذا الذى تحدثه عن من
أخذته ؟ قال : عن ذا ، وعن ذا . (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم 2928).
2- (خبر تفسيري ضعيف ومختلط بعدة أسانيد – تفسير مروي عن صحابي)
.. ثم ذكر أبو جعفر الطبري رواية أخرى وقال: وقد رُوي عن ابن عباس خلاف هذه الرواية .. وهو ما حدثني به موسى بن
هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط (أسباط بن نصر الهمداني)، عن
السُّدّيّ (إِسْمَاعِيل بن عبد الرحمن بن أبي كَرِيمَة) في خبر ذكره، عن أبي مالك (غزوان الغفارى) ، وعن أبي صالح (باذام مولى أم هانىء) ، عن ابن عباس - وعن مُرَّة (مرة بن شراحيل الهمدانى) ، عن ابن مسعود، وعن ناس من
أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ
خَلْقِ مَا أَحَبَّ، اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ فَجَعَلَ إِبْلِيسُ عَلَى مُلْكِ سَمَاءِ الدُّنْيَا،
وَكَانَ مِنْ قَبِيلَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يُقَالُ لَهُمُ الْجِنُّ (بحرف الجيم وليس بحرف الحاء
– ومخالف للرواية السابقة)؛
وَإِنَّمَا سُمُّوا الْجِنَّ لِأَنَّهُمْ
خُزَّانُ الْجَنَّةِ. وَكَانَ إِبْلِيسُ مَعَ مُلْكِهِ خَازِنًا ..
فَوَقَعَ فِي صَدْرِهِ كِبْرٌ وَقَالَ: مَا أَعْطَانِي اللَّهُ هَذَا إِلَّا
لِمَزِيَّةٍ لِي .. "هَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ هَارُونَ" .. وَقَدْ
حَدَّثَنِي بِهِ غَيْرُهُ وَقَالَ: لِمَزِيَّةٍ لِي عَلَى الْمَلَائِكَةَ،
فَلَمَّا وَقَعَ ذَلِكَ الْكِبْرُ فِي نَفْسِهِ، اطَّلَعَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ
مِنْهُ فَقَالَ اللَّهُ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ
خَلِيفَةً} [البقرة: 30] ... إلى آخر الرواية) رواه الطبري في تفسيره .. (قلت خالد صاحب الرسالة): والطبري رواه بصيغة التضعيف فقال (وقد رُوي عن ابن
عباس) أي حكم على الرواية بالضعف.. بل وأنكر هذه الرواية لاضطراب أولها مع
آخرها في تحقيقها عليها وكذلك معارضتها للرواية السابقة المروية عن (الضحاك) في
بعض أجزائها .. !!
- ونفس هذا السند ذكره الطبري في
حديث آخر في تفسيره عند الآية رقم (19) من سورة البقرة ثم قال: ولست أعلمه صحيحًا، إذ كنت بإسناده مُرتابًا. (تفسير الطبري ج1 ص354).
-
وقال محقق تاريخ الطبري الشيخ محمد بن طاهر البرزنجي: هذا إسناد لم يصححه الطبري نفسه وشيخه لم نجد له ترجمة. (راجع صحيح وضعيف تاريخ الطبري
ج6 ص51).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ-
وفي السند (موسى بن هارون الهمداني) .. وهو غير (موسى بن هارون الطوسي نزيل بغداد)
.. وهو مجهول وليس له ترجمة في كتب التراجم ..
-
قال الشيخ أكرم الأثري: موسى بن هارون بن إسحاق، الهمداني، الكوفي،
من الحادية عشرة، لم أعرفه، ولم أجد له ترجمة، ولم يعرفه الشيخ شاكر قبلي، ولم ير
حاجة للبحث فيه من حيث " الجرح والتعديل "، كونه يروي كتابا معروفا عند
أهل الحديث، وإنما تكلم فيمن فوقه من رجال السند. (راجع معجم شيوخ الطبري ص633 –
وقد ذكر الشيخ أيمن الأثري في ترجمة أخرى تمييزا بين "موسى بن هارون
الهمداني" وبين "موسى بن هارون الطوسي") ..
-
وكذلك قال محقق تاريخ الطبري الشيخ محمد بن طاهر البرزنجي: هذا إسناد لم يصححه الطبري نفسه
وشيخه لم نجد له ترجمة. (راجع صحيح وضعيف تاريخ الطبري ج6 ص51).
ب-
وفي السند (أسباط بن نصر الهمداني) .. هو صدوق يخطيء ولكن له غرائب
ولعل هذه الرواية من غرائبه .. وهو مجملا مختلف عليه بين التوثيق والضعف.
ج-
وفي السند (إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة) وهو
(السُّدي) .. هو مختلف عليه بين كونه صدوقا أو ضعيفا
ويغلب على كلامهم أنه مجروح في روايته التفسيرية خاصة .. ونقل بن حجر في تهذيب
التهذيب أن الطبري قال عنه: لا يحتج بحديثه..، وكذلك قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا
يحتج به.
د- والطريق من خلال (أبو صالح وهو
باذان مولى أم هانيء) عن بن عباس .. هو طريق ضعيف لضعف
أبو صالح وضعيف لوجود انقطاع بين أبي صالح وبن عباس لأن أبو صالح لم يسمع بن عباس ..
هـ- وسواء طريق أبو صالح أو
طريق أبو مالك عن بن عباس أو طريق بن مسعود أو طريق جماعة من الصحابة .. فالجميع عن شيخ الطبري
وهو مجهول ..
و- قال محقق تاريخ الطبري دكتور محمد بن طاهر
البرزنجي:
-
لقد ذكر الإمام الطبري رحمه الله روايات كثيرة في خلق إبليس اللعين وطبيعة عمله
قبل طرده من رحمة الله وهل كان من الملائكة أم من الجان وما إلى ذلك، ولم نجد فيها
رواية مرفوعة صحيحة، بل فيها روايات منكرة مخالفة لما في كتاب الله من آيات صريحة
واضحة المعنى ..
- قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى بعد
أن ذكر روايات عدة في أسباب إخراج آدم - عليه السلام - (وهي أسباب محتملة). قال
الطبري:
-
ولا يدرك علم ذلك إلا بخبر تقوم به الحجة، ولا خبر في ذلك كذلك والاختلاف في أمره
على ما حكيناه ورويناه . (تاريخ الطبري 1/ 88).
#-
قلنا: وأما الحافظ ابن كثير وهو مؤرخ ومحدث ومفسر فقد ذكر
روايات عدة (من روايات الطبري وغيره) تذكر أن إبليس كان صاحب عبادة وأنه كان رئيس الملائكة في السماء
الدنيا، أو أنه كان خازنًا من خزنة الجنة وأنه كان يدبر أمر السماء الدنيا ... إلخ.
- ثم عقب الحافظ ابن كثير رحمه الله قائلًا:
-
وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر
فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا
.. وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من
تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم (يعني لأهل الكتاب) من
الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة
من الأئمة العلماء والسادة الأتقياء البررة النجباء. ومن الجهابذة النقاد والحفاظ
الجياد الذين دوَّنوا الحديث وحرّروه وبينوا صحيحه من حسنه ومن ضعيفه، ومن منكره
وموضوعه ومتروكه ومكذوبه.
- وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال، كل
ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشرية عليه أفضل
التحيات والصلوات والتسليمات أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه. فرضي الله
عنهم وأرضاهم .. (تفسير القرآن العظيم 2171). (راجع
صحيح وضعيف تاريخ الطبري ج1 ص138 – مختصرا في بعض كلامه).
1- (خبر تفسيري ضعيف ومنكر جدا – تفسير مروي عن صحابي) .. فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا بِهِ أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (كَانَ إِبْلِيسُ مِنْ حَيٍّ مِنْ أَحْيَاءِ الْمَلَائِكَةِ، يُقَالُ لَهُمُ الْحِنُّ (بحرف الحاء وليس حرف الجيم) خُلِقُوا مِنْ نَارِ السَّمُومِ مِنْ بَيْنِ الْمَلَائِكَةِ، قَالَ: وَكَانَ اسْمُهُ الْحَارِثَ. قَالَ: وَكَانَ خَازِنًا مِنْ خُزَّانِ الْجَنَّةِ. قَالَ: وَخُلِقَتِ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ مِنْ نُورٍ غَيْرِ هَذَا الْحَيِّ. قَالَ: وَخُلِقَتِ الْجِنُّ الَّذِينَ ذُكِرُوا فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ، وَهُوَ لِسَانُ النَّارِ الَّذِي يَكُونُ فِي طَرَفِهَا إِذْ أَلْهَبَتْ. قَالَ: وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ طِينٍ، فَأَوَّلُ مَنْ سَكَنَ الْأَرْضَ الْجِنُّ، فَأَفْسَدُوا فِيهَا وَسَفَكُوا الدِّمَاءَ، وَقَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا.
- قَالَ (أي بن عباس): فَلَمَّا نَفَخَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ، أَتَتِ النَّفْخَةُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَجَعَلَ لَا يَجْرِي شَيْءٌ مِنْهَا فِي جَسَدِهِ إِلَّا صَارَ لَحْمًا وَدَمًا. فَلَمَّا انْتَهَتِ النَّفْخَةُ إِلَى سُرَّتِهِ نَظَرَ إِلَى جَسَدِهِ، فَأَعْجَبَهُ مَا رَأَى مِنْ حُسْنِهِ، فَذَهَبَ لِيَنْهَضَ فَلَمْ يَقْدِرْ، فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: 11] قَالَ: ضَجَرًا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى سَرَّاءَ وَلَا ضَرَّاءَ. قَالَ: فَلَمَّا تَمَّتِ النَّفْخَةُ فِي جَسَدِهِ عَطَسَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، بِإِلْهَامٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى. فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ.
و- قال محقق تاريخ الطبري دكتور محمد بن طاهر البرزنجي:
- لقد ذكر الإمام الطبري رحمه الله روايات كثيرة في خلق إبليس اللعين وطبيعة عمله قبل طرده من رحمة الله وهل كان من الملائكة أم من الجان وما إلى ذلك، ولم نجد فيها رواية مرفوعة صحيحة، بل فيها روايات منكرة مخالفة لما في كتاب الله من آيات صريحة واضحة المعنى ..
- قال الإمام محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى بعد أن ذكر روايات عدة في أسباب إخراج آدم - عليه السلام - (وهي أسباب محتملة). قال الطبري:
- ولا يدرك علم ذلك إلا بخبر تقوم به الحجة، ولا خبر في ذلك كذلك والاختلاف في أمره على ما حكيناه ورويناه . (تاريخ الطبري 1/ 88).
- وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها، والله أعلم بحال كثير منها، ومنها ما يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا .. وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم (يعني لأهل الكتاب) من الحفاظ المتقنين الذي ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، كما لهذه الأمة من الأئمة العلماء والسادة الأتقياء البررة النجباء. ومن الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دوَّنوا الحديث وحرّروه وبينوا صحيحه من حسنه ومن ضعيفه، ومن منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه.
- وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال، كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشرية عليه أفضل التحيات والصلوات والتسليمات أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه. فرضي الله عنهم وأرضاهم .. (تفسير القرآن العظيم 2171). (راجع صحيح وضعيف تاريخ الطبري ج1 ص138 – مختصرا في بعض كلامه).
رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين
ردحذفأعاذنا الله من شره ونفخه ونفثه وهمزه
ردحذفلا خاب من رمت به الاقدار في مدونة الروحانيات في الاسلام...
ردحذفجزاكم الله خيرا أستاذنا .. ربنا يمدكم بمدده .. و يعينكم .. يا رب
ردحذفشكرا لكم
***************
منقول من كتاب:عالم الأسرار .. د. #مصطفى_محمود
--
** اللغة التي تكلم بها آدم **
كانت لي وقفة طويلة منذ زمن أمام أصل اللغات وأنا اتأمل اللفظة العربية "كهف" فأجدها:
في الإنجليزية (cave)
وفي الفرنسية (cave)
وفي الإيطالية (cava)
وفي اللاتينية (cavus)
فأسأل وأنا أراها كلها واحدا.. أي لغة أخذتها عن الأخرى وأيها الأصل؟ وكان الجواب يحتاج للغوص في علم اللغويات والبحث في البحار القديمة التي خرجت منها كل الكلمات التي نتداولها، وكان هذا الأمر يحتاج إلى سنوات وربما إلى عمر آخر.
ودار الزمان دورته ثم وقع في يدي كتاب عنوانه "اللغة العربية أصل اللغات".. والكتاب بالإنجليزية والمؤلفة هي تحية عبد العزيز إسماعيل أستاذة متخصصة في علم اللغويات، تدرس هذه المادة في الجامعة، إذن هي ضالتي..
** يتبع **
وعرفت أنها قضت عشر سنوات تنقّب وتبحث في الوثائق والمخطوطات والمراجع والقواميس؛ لتصل إلى هذا الحكم القاطع.. فازداد فضولي وشوقي والتهمت الكتاب في ليلتين.
حذفوالكتاب في نظري ثروة أكاديمية وفتح جديد في علم اللغويات يستحق أن يلقى عليه الضوء، وأن يقيّم وأن يأخذ مكانه بين المراجع العلمية المهمة.
وألفت نظر القارئ أولا أن يمر بعينيه على الجداول الملحقة بالمقال ويلاحظ الألفاظ المشتركة بين اللغة العربية والإنجليزية، وبين العربية واللاتينية، وبين العربية والأنجلوساكسونية، وبين العربية والفرنسية، وبين العربية والأوروبية القديمة، وبين العربية واليونانية، وبين العربية والإيطالية، وبين العربية والسنسكريتية، ليشهد هذا الشارع العربي المشترك الذي تتقاطع فيه كل شوارع اللغات المختلفة، وهذا الكم الهائل المشترك من الكلمات رغم القارات والمحيطات التي تفصل شعوبها بعضها عن بعض وأعود إلى السؤال:
- لماذا خرجت المؤلفة بالنتيجة القاطعة أن اللغة العربية كانت الأصل والمنبع، وإن جميع اللغات كانت قنوات وروافد منها؛
تقول المؤلفة في كتابها:
أن السبب الأول هو سعة اللغة العربية وغناها وضيق اللغات الأخرى وفقرها النسبي؛ فاللغة اللاتينية بها سبعمائة جذر لغوي فقط، والساكسونية بها ألفا جذر! بينما العربية بها ستة عشر ألف جذر لغوي، يضاف إلى هذه السعة سعة أخرى في التفعيل والاشتقاق والتركيب.. ففي الانجليزية مثلا لفظ Tallبمعنى طويل والتشابه بين الكلمتين في النطق واضح، ولكنا نجد أن اللفظة العربية تخرج منها مشتقات وتراكيب بلا عدد (طال يطول وطائل وطائلة وطويل وطويلة وذو الطول ومستطيل.. إلخ، بينما اللفظ الإنجليزي Tall لا يخرج منه شيء.
ونفس الملاحظة في لفظة أخرى مثل Good بالإنجليزية وجيد بالعربية، وكلاهما متشابه في النطق، ولكنا نجد كلمة جيد يخرج منها الجود والجودة والإجادة ويجيد ويجود وجواد وجياد... إلخ، ولا نجد لفظ Good يخرج منه شيء!
ثم نجد في العربية اللفظة الواحدة تعطي أكثر من معنى بمجرد تلوين الوزن.. فمثلا قاتل وقتيل وفيض وفيضان ورحيم ورحمن ورضى ورضوان وعنف وعنفوان.. اختلافات في المعنى أحيانا تصل إلى العكس كما في قاتل وقتيل، وهذا التلوين في الإيقاع الوزني غير معروف في اللغات الأخرى.. وإذا احتاج الأمر لا يجد الإنجليزى بدا من استخدام كلمتين مثل Good & Very Good للتعبير عن الجيد والأجود.
وميزة أخرى ينفرد بها الحرف العربي.. هي أن الحرف العربي بذاته له رمزية ودلالة ومعنى.. فحرف الحاء مثلا نراه يرمز للحدة والسخونة.. مثل حمى وحرارة وحر وحب وحريق وحقد وحميم وحنظل وحريف وحرام وحرير وحنان وحكة وحاد وحق..
حذفبينما نجد حرفا آخر مثل الخاء يرمز إلى كل ما هو كريه وسيئ ومنفر، ويدخل في كلمات مثل: خوف وخزي وخجل وخيانة وخلاعة وخنوثة وخذلان وخنزير وخنفس وخرقة وخلط وخبط وخرف وخسة وخسيس وخم وخلع وخواء..
ونرى الطفل إذا لمس النار قال.. أخ، ونرى الكبير إذا اكتشف أنه نسي أمرا مهما يقول: "أخ"؛ فالنسيان أمر سيئ، وهذه الرمزية الخاصة بالحرف والتي تجعله بمفرده ذا معنى هي خاصية ينفرد بها الحرف العربي.. ولذا نجد سور القرآن أحيانا تبدأ بحرف واحد مثل: ص، ق، ن، أو، ألم.. وكأنما ذلك الحرف بذاته يعني شيئا.
نستطيع أن نؤلّف بالعربية جملا قصيرة جدا مثل "لن أذهب" ومثل هذه الجملة القصيرة يحتاج الإنجليزي إلى جملة طويلة ليترجمها فيقول I shall not go ليعني بذلك نفس الشيء؛ لأنه لا يجد عنده ما يقابل هذه الرمزية في الحروف التي تسهل عليه الوصول إلى مراده بأقل كلمات.
وإذا ذهبنا نتتبع تاريخ اللغة العربية ونحوها وصرفها وقواعدها وكلماتها وتراكيبها فسوف نكتشف أن نحوها وصرفها وقواعدها وأساليب التراكيب والاشتقاق فيها ثابتة لم تتغير على مدى ما نعلم منذ آلاف السنين، وكل ما حدث أن نهرها كان يتسع من حيث المحصول والكلمات والمفردات كلما اتسعت المناسبات، ولكنها ظلت حافظة لكيانها وهيكلها وقوانينها ولم تجرِ عليها عوامل الفناء والانحلال أو التشويه والتحريف، وهو ما لم يحدث في اللغات الأخرى التي دخلها التحريف والإضافة والحذف والإدماج والاختصار، وتغيرت أجروميتها مرة بعد مرة.
الإسلام لا يمنع الخطأ عن الأنبياء... ولكن يمنع عليهم الخطيئة مثل أن يكفر بالله بعد إيمانه أو يرتكب كبيرة من الكبائر... والا فما الفرق بينه وبين عموم الناس...
ردحذف☆ خالد أبو عوف