ج25: معتقدات موروثة - هل الشيطان يتقيأ ويستفرغ ما أكله منا حينما نقول - بسم الله أوله وآخره - هل الشيطان يأكل ويشرب معنا إذا أكلنا وشربنا بالشمال أم الشيطان يأكل ويشرب بالشمال - حديث نبوي خاص بالأكل (كُلْ بيَمِينِكَ، قالَ: لا أَسْتَطِيعُ) - هل الشيطان يأكل بإصبع وأصبعين ومن يأكل بإصبع أو أصبعين يكون متشبها بالشيطان.

بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وأكل الشيطان غير ذلك

(الفصل الخامس والعشرون)

#- فهرس:

:: الفصل الخامس والعشرون :: ج2/ معتقدات عن أكل الشيطان – هل صح أن الشيطان يتقيأ ويستفرغ الطعام مع (بسم الله أوله وآخره) – خرافة أن الشيطان يأكل ويشرب معك لو أكلت وشربت بيدك الشمال ::

1- س104: هل الشيطان يتقيأ ويستفرغ ما أكله منا حينما نقول (بسمِ اللَّهِ أوَّلَهُ وآخرَهُ) ؟

2- س105: هل الشيطان يأكل ويشرب معنا إذا أكلنا وشربنا بالشمال أم الشيطان يأكل ويشرب بالشمال ؟

#- هل قال أحد العلماء بأن الشيطان يأكل مع الذي يأكل بشماله ؟

#- هنا مشكلة في حديث نبوي خاص بالأكل (كُلْ بيَمِينِكَ، قالَ: لا أَسْتَطِيعُ) ؟

3- س106: هل الشيطان يأكل بإصبع وأصبعين ومن يأكل بإصبع أو أصبعين يكون متشبها بالشيطان ؟

***************************

:: الفصل الخامس والعشرون ::

:: ج2/ معتقدات عن أكل الشيطان – هل صح أن الشيطان يتقيأ ويستفرغ الطعام مع (بسم الله أوله وآخره) – خرافة أن الشيطان يأكل ويشرب معك لو أكلت وشربت بيدك الشمال ::

**************************

 ..:: س104: هل الشيطان يتقيأ ويستفرغ ما أكله منا حينما نقول (بسمِ اللَّهِ أوَّلَهُ وآخرَهُ) ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- وجدت من يستبيح القول أن الشيطان يأكل طعام الإنسان مشاركة له في لقيماته المادية .. وبالرغم من الروايات لا تقول بهذا .. وإنما الذين لديهم هواية تعظيم قدرات الشيطان وكيده في نفوس المؤمنين .. لا يتركون نصا فيه كلمة (شيطان) إلا ويفرحوا بها .. وينشروه بين الناس كيفما يتفق وأهوائهم ..!!
 
- وجعلوا من الشيطان مستوليا على طعام الإنسان لأنه لم يسم الله .. وجعلوه مشاركا فيما كسبه من مال حلال طيب وطعامه حلال طيب (لا تنسى هذه الجزئية أخي الحبيب) .. ومع ذلك استدلوا بالآتي:

#- أولا: الحديث الأول الذي استدلوا به في أن الشيطان يأكل فعلا من طعام الإنسان ..
أ- (حديث ضعيف) .. عن أمية بن مخشي الخزاعي قال: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ جالسًا ورجلٌ يأْكلُ فلم يُسمِّ حتَّى لم يبقَ من طعامِهِ إلَّا لقمةٌ فلمَّا رفعَها إلى فيهِ قالَ بسمِ اللَّهِ أوَّلَهُ وآخرَهُ فضحِكَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ ثمَّ قالَ ما زالَ الشَّيطانُ يأْكلُ معَهُ فلمَّا ذَكرَ اسمَ اللَّهِ عزَّ وجلَّ استقاءَ ما في بطنِه) رواه أبو داود.. وقد ضعفه الشيخ الألباني في ضعيف أبي داود وضعيف الترغيب لوجود جهالة في (المثنى بن عبد الرحمن) وهو أحد رواة الحديث.
 
ب- (حديث ضعيف) .. في رواية بلفظ في آخره: (ما زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ حَتَّى سَمَّى، فَلَمْ يَبْقَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ، إِلَّا قَاءَهُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لجهالة المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي، فقد تفرد بالرواية عنه جابر بن صُبح، ولم يؤثر توثيقه عن غير ابن حبان، وقد جهله ابن المديني والذهبي.
 
ج- (حديث ضعيف) .. في رواية بلفظ في آخره: (مَا زَالَ الشَّيْطَانُ يَأْكُلُ مَعَهُ حَتَّى سَمَّى فَمَا بَقِيَ فِي بَطْنِهِ شَيْءٌ إِلَّا قَاءَهُ) رواه الحاكم وقال حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي ..!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على ما سبق:
- قد تبين لك أخي الحبيب أن الرواية السابقة ضعيفة من كلام بعض علماء الحديث ..
1- لا تغتر بتصحيح الإمام الحاكم .. لأنه متساهل كما هو معلوم عنه عند علماء الحديث .. فضلا عن وجود علة في الحديث هو لم ينتبه إليها .
 
2- أما عن موافقة الذهبي للحاكم على أن الحديث صحيح .. فهذا من أغرب ما يكون .. لأن الإمام الذهبي بنفسه قال عن (المثنى بن عبد الرحمن) أنه مجهول (راجع الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ترجمة رقم 5281) ..!!
 
3- وكذلك لا تغتر بتوثيق بن حبان (للمثنى بن عبد الرحمن) .. لأن هذا التوثيق لا قيمة له عند العلماء لأن المثنى هذا تفرد بالرواية عنه جابر بن صبح فقط .. فلا قيمة لتوثيق بن حبان كما هو معلوم لأهل العلم .
 
4- وكذلك الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج سنن أبي داود .. قد أشار لضعف الرواية وإنما قال ان الرواية حسنة لشواهدها .. أي هي نفسها ضعيفة ولكن بعض اجزاء منها جاء في روايات حسنة وليس في الروايات الأخرى جزئية (استقاءَ ما في بطنِه) .. فانتبه .
 
5- وخلاصة القول هو أن الصحيح من الأقوال أن الرواية ضعيفة ولم تصح .. ولا يمكن أن تصح وإلا كانت جملة (استقاءَ ما في بطنِه) هي زيادة منكرة لمخالفتها الواقع .. لأنه لو صدقناها لكان النبي متهما في كلامه لأننا لا نجد طعامنا ينقص منه شيئا ..!! وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون متهما في كلامه بكذب يظهر منه .. ولكن واضعوا الأحاديث هم الذين يكذبون ..
 
6- والذي يرشدك أخي الحبيب إلى أن هذه الجملة (استقاءَ ما في بطنِه) أنها جملة منكرة وموضوعة بكل تأكيد على كلام النبي .. لأن هناك روايات أخرى وبالرغم مما فيها من علل ولا ترتقي لتكون حجة من وجهة نظري وإنما هي أحسن من غيرها ومقبولة إلى حد ما .. وقد جاءت بالآتي:
 
أ- (حديث اسناده منقطع ضعيف – ومحتمل للتحسين لشواهده) عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ) رواه الترمذي وأحمد .. وقال محققو المسند: حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن عبيد بن عُمير لم يسمع من عائشة ..وذكره الألباني في صحيح الترمذي.
 
ب- (حديث إسناده ضعيف فيه مجهولة – ومحتمل للتحسين لشواهده) ..عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا أُمُّ كُلْثُومٍ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا، فَلْيَقُلْ بِسْمِ اللهِ، فَإِنْ نَسِيَ فِي أَوَّلِهِ، فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند عن (أم كلثوم) بعد كتابة تحقيق عنها ثم كتبوا خلاصة تحقيقهم: قلنا: فهي مجهولة الحال، والله أعلم. وبقية رجاله ثقات رجال الصحيح..، (قلت خالد صاحب الرسالة): وقد سبق أن محققو المسند في الرواية السابقة أنهم يصفون هذه الرواية بأنها حديث حسن بشواهده.
 
ج- (حديث اسناده ضعيف لانقطاعه – ومحتمل للتحسين لشواهده) في رواية بلفظ .. عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَائِشَةَ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْكُلُ طَعَامًا فِي سِتَّةِ نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَكَلَهُ بِلُقْمَتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ لَكَفَاكُمْ، فَإِذَا أَكَلَ أَحَدُكُمْ طَعَامًا فَلْيَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ، فَإِنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اسْمَ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ فَلْيَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) رواه أحمد وبن ماجه وأبي داود .. وقال محققو المسند: حديث حسن بشواهده، وهذا إسناد ضعيف لانقطاعه، عبد الله بن عبيد بن عُمير لم يسمع من عائشة .. وذكره الألباني في صحيح الترمذي وبن ماجه ..!! (قلت خالد صاحب الرسالة): لم أعلم على أي أساس كان تصحيح الشيخ الألباني للحديث ..!! إذا كان عبد الله بن عبيد لم يسمع من السيدة عائشة .. فكيف يصح الحديث .. ؟!!
 
د- (حديث قال بعض العلماء عنه صحيحا – وأراه عن نفسي حديثا ضعيفا) .. عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ امْرَأَةٍ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِوَطْبَةٍ (وجبة طعام فيها تمر بلبن أو جبنة ماعز وسمن) فَأَخَذَهَا أَعْرَابِيٌّ بِثَلَاثِ لُقَمٍ .. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَمَا إِنَّهُ لَوْ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ لَوَسِعَكُمْ) ..، وَقَالَ: إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمُ اسْمَ اللَّهِ عَلَى طَعَامِهِ فَلْيَقُلْ إِذَا ذَكَرَ: بِسْمِ اللَّهِ أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ) رواه أبو يعلى .. وقال محققه حسين أسد: إسناده صحيح .. وأشار الألباني لصحته في أرواء الغليل وقال: أخرجه أبو يعلى في "مسنده" (ص 1706) بسند صحيح رجاله ثقات رجال مسلم غير إبراهيم بن الحجاج وهو ثقة .. وقال الهيثمي في "المجمع" (5/22): "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات". (راجع إرواء الغليل حديث رقم 1956)..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- يوجد في سند أبو يعلى هذه المرأة المجهولة ولا نعرف من هي إذ قد تكون تابعية وليست صحابية ..!! فكيف يتم تصحيح الرواية ؟!! بل واظن أنه يوجد تصحيف في السند عند أبو يعلى .. (فعبد الله بن عتبه) احسبه هو (عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ) كما في رواية أحمد والترمذي وغيرهما .. والله أعلم .
 
- ثم بعد بحث وجدت تحقيقا لمحققو المطالب العليا إذ قالوا: الحديث بهذا الإسناد رجاله ثقات - كما قال الهيثمي - إلَّا أنه ضعيف للجهالة بالمرأة التي روته واحتمال أنها ليست صحابية. (راجع المطالب العليا ج10 ص750 حديث برقم 2409). 
 
- بل ووجدت في كلام الشيخ أبو عبد الله فهد السنيد أنه تكلم على السند كما ظننت .. فقال: تنبيه .. قوله في السند (عبد الله بن عتبة) كذا وقع في مسند أبي يعلى .. وكذا في "المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي" (1505) .. وهو تحريف صوابه (عبد الله بن عبيد بن عمير) كما وقع في رواية الجماعة .. وقد يقال: إن هذا من أوهام حماد -وهو ابن سلمة- حيث وهم في شيخ بديل، وفي جعله الحديث في مسند المرأة المبهمة .. ويقوي هذا أن أبا يعلى رحمه الله جعل الحديث من مسند هذه المرأة فروى الحديث كما سمع .. والله أعلم. (الإعلام في إيضاح ما خفي على الإمام، تعقبات حديثية على الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ص51 حديث رقم 18).
 
#- والشاهد من الاستدلال بكل الروايات السابقة بغض النظر عن تحقيقها وبيان كونها صحيحة أو ضعيفة .. ولكنك ستلاحظ شيء مهم أن التوجيه في الأحاديث على الإستحباب لذكر الله عند الطعام .. ليس لأن الشيطان يأكل أو لا يأكل ..!! لا .. وإنما فقط أن اسم الله فيه بركة وكرامة لمن يذكر الله به على أي شيء ..
 
#- ولذلك جاء في الأحاديث الصحيحة:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم لغلام جالسه على مائدة طعام: (يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ) صحيح البخاري.
- فلا يوجد شيطان سيأكل معه ولا غيره ..!!
   
#- ثانيا: الحديث الثاني الذي استدلوا به في أن الشيطان يأكل فعلا من طعام الإنسان ..
2- (حديث محتمل للصحة ومحتمل للضعف – ورأيي فيه أنه ضعيف) .. الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ نَسِيَ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ فِي أَوَّلِ طَعَامِهِ فَلْيَقُلْ حِينَ يَذْكُرُ: بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ، فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ طَعَامَهُ جَدِيدًا، وَيَمْنَعُ الْخَبِيثَ مَا كَانَ يُصِيبُ مِنْهُ) رواه الطبراني في الكبير وبن حبان في صحيحه .. قال محققو المسند: وإسناده صحيح إن صح سماع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه ..، وذكره الألباني في الصحيحة..!! (قلت خالد صاحب الرسالة): وحكم هذه الرواية عند الإمام بن حجر العسقلاني أنها ضعيفة لوجود تدليس فيها لأنها ليست من الروايات التي قيل فيها أن عبد الرحمن سمعها من أبيه ولم يصرح بالتحديث .. وسأذكر لك قول بن حجر بعد قليل ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- مذهب الشيخ الألباني أن عبد الرحمن سمع من أبيه .. وهذا رأيه وهو حر فيه ويقر في كتبه أنه يوجد خلاف في هذه المسألة ولكنه يميل إلى سماع عبد الرحمن من أبيه .. ولكن على المسلم أن يعلم أن مسألة سماع عبد الرحمن من أبيه بن مسعود الصحابي .. عليها خلاف كبير بين العلماء .. فمنهم من قال لم يسمع ومنهم من قال أنه سمع والذي قال أنه سمع فهذا معناه أنه يقول أن سماع عبد الرحمن من أبيه لم يتجاوز الست سنوات يوم وفاة أبيه ..!!!
 
ب- ومن أقوال العلماء في سماع عبد الرحمن من أبيه بن مسعود:
- قال يعقوب بْن شَيْبَة: كان ثقة قليل الحديث، وقد تكلموا في روايته عَن أبيه، وكان صغيرا .. فأما علي بْن المديني، فإنه قال: قد لقي أباه عَبد اللَّه..، وقال معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين: سمع من أبيه ومن علي..، وَقَال يحيى بْن مَعِين: عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبد اللَّهِ، وأَبُو عُبَيدة بْن عَبد اللَّهِ لم يسمعا من أبيهما ..، وَقَال أحْمَد بْن حنبل، عن يَحْيَى بْن سَعِيد: مات ابن مسعود، وعبد الرَّحْمَن ابن ست سنين، أو نحو ذلك..، وَقَال مُحَمَّد بْن علي بْن شعيب: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن حنبل وقيل له: هل سمع عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عَبد اللَّهِ من أبيه؟ فقال: أما سفيان الثوري وشَرِيك، فإنهما لا يقولان: سمع .. وأما إسرائيل، فإنه يقول فِي حديث الضب: سَمِعْتُ..، وَقَال أَحْمَد بْن عَبد اللَّهِ العجلي: يقال: إنه لم يسمع من أبيه إلا حرفا واحدا (محرم الحلال كمستحل الحرام). (راجع تهذيب الكمال مختصرا ترجمة رقم3877)..
 
- وذكر البخاري في الأوسط: قال شعبة: لم يسمع عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود من أبيه. (راجع التاريخ الأوسط حديث برقم 286)..
 
- بل والرواية السابقة تعتبر في حكم الإمام بن حجر فيها تدليس من عبد الرحمن عن أبيه بن مسعود .. فبعد أن ذكر بن حجر بعض مما ذكرناه سابقا وذكر أربعة أحاديث هي مجموع ما ذكره أهل العلم في سماع عبد الرحمن عن أبيه (في حالة سماعه) .. ثم قال بن حجر: "قلت فعلى هذا يكون الذي صرح فيه بالسماع من أبيه أربعة .. أحدها موقوف .. وحديثه عنه كثير ففي السنن خمسة عشر وفي المسند زيادة على ذلك سبعة أحاديث معظمها بالعنعنة وهذا هو التدليس. والله أعلم". (راجع طبقات المدلسين ترجمة رقم 79).. مع ملاحظة أن الإمام بن حجر ذكر أن الثوري وشريك قالا أن عبد الرحمن سمع من أبيه .. وهذا خطأ من بن حجر لأن المثبت في تهذيب الكمال أنه قال بأنهما لم يسمعا منه وراجع ما نقلناه قبل سطور ..!!
 
ج- يعني يا مؤمن على افتراض حدوث مقابلة بين عبد الرحمن وأبيه بن مسعود .. وكان عمر عبد الرحمن ستة سنوات ليلة وفاة بن مسعود .. كيف نقبل رواية عن صبي عمره ستة سنوات في شريعة دينية يؤخذ منها أحكام وعقيدة إلهية .. هذا على افتراض أنه سمع من أبيه أصلا ..!!
 
د- سأترك لك الحكم يا مؤمن لقلبك وعقلك .. ولكني عرضت لك الموضوع حتى تعلم ما يقال في العلم الديني .. وكيف يقوم البعض يسرد لنا حديثا نبويا ويقول صحيح .. وكأنه يقينا ان النبي قد قاله .. بدليل قولهم حديث صحيح ..!! في حين هو كلام محتمل أن يكون قاله النبي ..!! والفارق كبير .. !! فانتبه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله .
 
#- ومن ناحية أخرى في مفهوم الحديث لو ظننا صحته:
1- قد يكون المقصود بقوله "ما كان يصيب منه": أي ما كان يستمتع به منه من دوام تركه اسم الله على ما كان يأكله .. فأصاب منه الغفلة والنسيان فترك اسم الله .. وفقد بركة اسم الله عل الطعام .. فلما تذكر اسم الله على الطعام .. فقد منع الخبيث ما كان يصيب به الإنسان من غفلة ونسيان عن ذكر اسم الله عند بداية الطعام .. فإذا تذكر وقال (بِسْمِ اللَّهِ فِي أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ) فتظهر بركة في الطعام من جديد لم تكن موجوده عند نسيان تسمية الله على الطعام .. ويدل على ما سبق دلالة قوله في الحديث (فإنَّهُ يستقبلُ طعامًا جديدًا) .. أي جديدا بسبب كونه مصحوبا ببركة اسم الله ومحجوبا عنه الشيطان .. لأنه بذلك قد أوقف ما كان الشيطان الخبيث يصيب منه من غفلته ونسيانه اسم الله .. والله أعلم .
 
2- ولا أظن أن الشيطان كان يصيب منه الطعام فيأكله معه أكلا حقيقيا .. لأن الطعام لا ينقص منه شيئا للآكل .. والإصابة تكون مادية أو معنوية ولو كانت مادية لكان ظهر لها اثر في نقص الطعام .. وهذا لا يظهر لإنسان .. أما لو كانت الإصابة بالمعنى المعنوي فهو ما سبق وذكرته بأنه كان يصيب منه بوسوسته الغفلة والنسيان لتسمية الله على طعامه ..!!
- والله أعلم.
 
#- خلاصة القول اخي الحبيب:
1- مسألة أن الشيطان يتقيأ حينما تقول (بسم الله أوله وآخره) .. فإنما هو لم يصح .. ولا دليل عليه من حديث صحيح حتى يزعم أحد ذلك المعتقد ..
 
2- ومسألة أن تقول إذا نسيت (بسم الله أوله وآخره) إذا نسيت ذكر الله في بداية الطعام .. فهذا قد يكون محتمل أن يكون قاله النبي وليس مؤكدا .. لأنه لا يوجد حديث صحيح يؤكد ذلك وإنما يغلب على الظن من شواهد الروايات ..!!
 
3- ومسألة أن تسمية الله تمنع الخبيث ما كان يصيب منك .. فلو صح الحديث فمقصده هو أن تم منع الشيطان مما كان يصيب الإنسان به من غفلة ونسيان تسمية الله على الطعام وعودة البركة إلى الطعام ببركة اسم الله .. ودلالة ذلك ما جاء في الرواية (فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ طَعَامَهُ جَدِيدًا) واستقبال الطعام الجديد إنما يكون بما كان فيه من بركة اسم الله .. فانتبه وأبصر .
 
4- انتبه وافهم .. واعرف أنك كلما قابلت رواية لا تتفق مع العقل والواقع والعلم .. فاعلم أنه تم تحريف في هذه الرواية أو أن بها خلل أو أن لها مفهوم آخر خلاف ما يظهر لك .. فاجتهد في أن تسأل اهل العلم ..!!
 

******************************

 

..:: س105: هل الشيطان يأكل ويشرب معنا إذا أكلنا وشربنا بالشمال أم الشيطان يأكل ويشرب بالشمال ؟ ::..

 
- من معتقدات بعض الناس التي يذكروها في الدين .. هو أن الشيطان يأكل مع الشخص الذي يأكل بشماله ويشرب بشماله .. وبالرغم من أن هذا رأي مكتوب في بعض الكتب الدينية ولا يذكره أكثر العلماء أصلا في كتبهم .. وذلك لأنه من وجهة نظري لأنه رأي مخالف ومعارض للعقل والشرع .. وسيأتيك بيان ذلك ..!!
 
#- أولا: بعض الأحاديث التي ظن البعض منها ذلك ..
1- (حديث صحيح) .. عن ابن عمر .. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِذَا أَكَلَ أَحَدُكُم فَليَأكُل بِيَمِينِهِ، وَإِذَا شَرِبَ فَليَشرَب بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيطَانَ يَأكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشرَبُ بِشِمَالِهِ) صحيح مسلم.
 
2- (حديث صحيح) .. عن أبي هريرة .. أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِهِ، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ، وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ، وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ) رواه بن ماجه .. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة: هَذَا إِسْنَاد صَحِيح رِجَاله ثِقَات وَأَصله فِي الصَّحِيحَيْنِ من حَدِيث عمر بن أبي سَلمَة، وَفِي مُسلم وَغَيره من حَدِيث جَابر وَابْن عمر ..، وقال الأرنؤوط في تخريج سنن بن ماجه: صحيح لغيره، وهذا إسناد حسن.
 
#- قال الإمام الصنعاني (المتوفى: 1182هـ):
- قوله (وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) والمؤمن مأمور بأن لا يتصف بصفة الشيطان في شيء وإذا حرم التشبه باليهود بل تشبه الرجال بالنساء وعكسه فالتشبيه بالشيطان أشد تحريمًا. (راجع التنوير في شرح الجامع الصغير ج10 ص156).
 
3- (حديث ضعيف) .. عن عائشة .. عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ أَكَلَ بِشِمَالِهِ أَكَلَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ، وَمَنْ شَرِبَ بِشِمَالِهِ شَرِبَ مَعَهُ الشَّيْطَانُ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف .. لجهالة حال موسى بن سرجس، إذ لم يذكروا في الرواة عنه سوى اثنين، ولم يؤثر توثيقه عن أحد. (مسند أحمد ج41 ص29 حديث رقم 24479)..، وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري في كتاب الأطعمه ج11 ص452: وعند أحمد بسند حسن عن عائشة ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): ولا وجه لهذا التحسين لأن الحديث ليس حسن .. وقد تبين لك ضعفه من خلال محققو مسند الإمام أحمد ..، وقال الشيخ أبو حذيفه الكويتي في أنيس الساري حديث رقم3525: وقال الهيثمي: رواه أحمد والطبراني في "الأوسط" وفي إسناد أحمد رشدين بن سعد وهو ضعيف وقد وثق، وفي الآخر ابن لهيعة وحديثه حسن" المجمع 5/ 25 .. قلت (أي الشيخ أبو حذيفة): بل ضعيف كما قال ابن معين وجماعة.(انتهى النقل).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لو تأملت أخي الحبيب .. الأحاديث السابقة .. ستجد أنه لا علاقة بأن الشيطان يأكل مع الشخص الذي يأكل .. لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوضح بكلام تام الوضوح في رواية أبي هريرة بأن هذه أفعال الشيطان يفعلها .. فلا يصح للمؤمن أن يتشبه به .  
 
@- قال الإمام أبو العباس القرطبي (المتوفى:656 هـ):
- قوله: (إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بها) هذا الأمر على جهة الندب؛ لأنَّه من باب تشريف اليمين على الشمال، وذلك لأنها أقوى في الغالب، وأسبق للأعمال، وأمكن في الأشغال. ثم هي مشتقة من اليمن، والبركة.
- وقد شرف الله تعالى أهل الجنة بأن نسبهم إليها، كما ذمَّ أهل النار حين نسبهم إلى الشمال، فقال: (فَأَصحَابُ المَيمَنَةِ مَا أَصحَابُ المَيمَنَةِ) ، وقال: (وَأَمَّا إِن كَانَ مِن أَصحَابِ اليَمِينِ . فَسَلامٌ لَكَ مِن أَصحَابِ اليَمِينِ) .. وقال عكس هذا في أصحاب الشمال.
 
- وعلى الجملة: فاليمين وما نسب إليها، وما اشتق عنها محمود لسانًا، وشرعًا، ودنيا، وآخرة. والشمال على النقيض من ذلك .
 
- وإذا كان هذا، فمن الآداب المناسبة لمكارم الأخلاق .. والسيرة الحسنة عند الفضلاء اختصاص اليمين بالأعمال الشريفة، والأحوال النظيفة، وإن احتيج في شيء منها إلى الاستعانة بالشمال فبحكم التبعية. وأما إزالة الأقذار، والأمور الخسيسة فبالشمال لما يناسبها من الحقارة، والاسترذال.
 
- وقوله: (فإنَّ الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله) ظاهره أن من أكل بشماله تشبَّه بالشيطان في ذلك الفعل؛ إذ الشيطان بشماله يأكل وبها يشرب. ولقد أبعد وتعسَّف من أعاد الضمير في (شماله) على الآكل. (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم ج5 ص294-295).
 
#- ثانيا: هل قال أحد العلماء بأن الشيطان يأكل مع الذي يأكل بشماله ؟
- قال القاضي عياض (المتوفى: 544هـ):
- وقوله: (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله) .. كمثل أكله هو على الحقيقة، أو أنه على ما تقدم على المجاز. فإن قيل: إنه حقيقة فنهى عن التشبه في مخالفته ومضادته الاستقامة في أموره..
- وقد تكون الهاء هنا في "شماله" عائدة على الشارب والطاعم، أي يأكل بها الشيطان معه. أو يكون على المجاز، أي ذلك من محبة الشيطان ونزغه حتى خالف سنة نبيه. (راجع إكمال المعلم بفوائد مسلم ج6 ص486).
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- لا يمكن أن يكون لفظ (شماله) في الحديث يعود إلى أن الشيطان يأكل بيد الإنسان الذي يأكل بالشمال .. وذلك لأسباب شرعية وعقلية:
1- لأن كلام النبي صلى الله عليه وسلم واضح جدا .. في أن أفعال الشيطان كلها بالشمال .. وهذا يظهر بوضوح في رواية أبو هريرة ..
 
2- لو كان الشيطان يأكل مع الإنسان الذي يأكل بشماله .. لكان النبي أخبر بذلك الرجل الذي وجده يأكل بشماله .. كما في الحديث: (أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بشِمَالِهِ، فَقالَ: كُلْ بيَمِينِكَ) صحيح مسلم .. ولو كان في المسألة أي شيطان لكان أخبره النبي بذلك وإلا يكون قد كتم عنه حكم دينيا .. وهذا محال على النبي أن يفعله ..
 
3- التسمية بالله تمنع الشيطان .. فلماذا يأتي ليأكل بيدي إذا كان الأكل عليه اسم الله ؟!!
 
4- وإذا كان الأكل حلال وبمال حلال وعليه اسم الله .. فكيف نفهم أن يتسلط عليه شيطان مستحوذا على يده الشمال ليأكل بها أثناء أكل الإنسان ؟!!
- أفلا تعقلون ؟!!
 
#- ثالثا: هنا مشكلة في حديث نبوي خاص بالأكل:
- جاء في الحديث النبوي عن سلمة بن الأكوع: (أنَّ رَجُلًا أَكَلَ عِنْدَ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بشِمَالِهِ، فَقالَ: كُلْ بيَمِينِكَ، قالَ: لا أَسْتَطِيعُ، قالَ: لا اسْتَطَعْتَ .. "ما مَنَعَهُ إلَّا الكِبْرُ، قالَ: فَما رَفَعَهَا إلى فِيهِ") صحيح مسلم.
 
- قوله (لا استطعت): أي ما جعلك الله قادرا على الاستطاعة باستخدام يمينك بعد الآن إن كنت كاذبا ..
 
- فأنت هنا تتصور أن النبي صلى الله عليه وسلم قد ظلم الرجل بدعاءه عليه .. أو أنه فرض عليه ما لا يستطيع فعله لطبيعة تكوين مخه بأن يغلب عليه استخدام الجزء الشمال من جسمه بصورة أفضل ؟!
 
- وهذا تصور خاطيء ومضلل تماما .. لأن هذا الرجل لو كانت هذه طبيعته وقدرته ما كان قال له النبي هذا الكلام وما كان دعا عليه .. ولذلك قال الصحابي أن سبب منع هذا الرجل من اتباع كلام النبي هو الكبر في نفسه لنفاق فيه وتحديا له صلى الله عليه وسلم وكأنه يقول له وماذا ستفعل لو أكلت بشمالي ..؟!!
 
@- وإليك شرح من قول العلماء ..
#- قال الإمام أبو العباس القرطبي المتوفى: 656 هـ):
- و(قوله - صلى الله عليه وسلم - للذي قال له: كل بيمينك، فقال: لا أستطيع، فقال: لا استطعت) دعاء منه عليه؛ لأنَّه لم يكن له في ترك الأكل باليمين عذر .. وإنما قصد المخالفة .. وكأنه كان منافقًا. والله تعالى أعلم. ولذلك قال الراوي: وما منعه إلا الكبر. وقد أجاب الله تعالى دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الرجل، حتى شُلَّت يمينه، فلم يرفعها لفيه بعد ذلك اليوم. (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم ج5 ص294-295).
 
#- خلاصة القول أخي الحبيب:
1- إذا أكلت بيدك الشمال فالشيطان لا يأكل معك .. لأنك لو سميت الله فلا يقربك شيطان .. فما علاقة الأكل بالشمال بأن يأكل معك شيطان ..؟!!
 
2- ولكن هناك بعض الناس ارتبط مخهم بالتعامل باليد اليسرى دون إرادة منهم في ذلك .. ولا حرج عليهم .. وإنما الحرج على من يستطيع الاكل باليد اليمنى ويتعمد الأكل بالشمال استخفافا وتكبرا على كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..
 - والله أعلم .

 *****************

..:: س106: هل الشيطان يأكل بإصبع وأصبعين ومن يأكل بإصبع أو أصبعين يكون متشبها بالشيطان ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من معتقدات بعض الناس التي ترتقي لمستوى الخرافة .. قولهم لا تأكل بأصبع أو أصبعين – كالذي يمسح بأصبعه مثلا شيء حلو يتذوقه .. أو كالذي يأكل مثلا بطاطس محمرة بأصبعيه أو قطعة شيكولاته .. لأن ذلك فيه تشبيه بالشيطان لأن الشيطان يأكل بأصبع أو أصبعين ..!!
 
- ومصدر هذه المعلومة هي الروايات التالية:
- (حديث ضعيف) .. عن يُونُسُ بْنُ أَيُّوبَ الْعَسْقَلانِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا رشدين قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمَكِّيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَأْكُلْ بِأُصْبُعٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ أَكْلُ الْمُلُوكِ وَلا تَأْكُلْ بِأُصْبُعَيْنِ فَإِنَّهُ أَكْلُ الشَّيْطَانِ وَكُلْ بِثَلاثِ أَصَابِعَ فَإِنَّهُ السُّنَّةُ) رواه بن الجوزي في العلل المتناهية برقم 1081 وقال: تفرد به (رشدين بْن سعد) .. قال يحيى: ليس بشيء .. وقال أبو حاتم الرازي: منكر الحديث وفيه غفلة يحدث بالمناكير عن الثقات. (انتهى النقل) .. ، وقال الذهبي في ميزان الإعتدال ج4 ص546: باطل .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (يُونُسُ بْنُ أَيُّوبَ الْعَسْقَلانِيُّ) وهو ضعيف الحديث ..، وفيه (رشدين بن سعد) ضعيف الحديث ..، وفيه أن (ابن جريج) قد دلس في الرواية عن عطاء .. و (أبو عبد الله المكي) ولم يعرفه الذهبي وكذلك الشيخ الألباني .. ولذلك حكموا على الحديث بالبطلان .. وأبو عبد الله المكي هو "محمد بن يزيد بن خنيس" وهو ثقة.
 
 - (حديث ضعيف) .. عن ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَائِطًا لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ فَجَعَلَ يَتَنَاوَلُ مِنَ الرُّطَبِ فَيَأْكُلُ، وَهُوَ يَمْشِي وَأَنَا مَعَهُ فَالْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، لَا تَأْكُلْ بإِصبعينِ، فَإِنَّهَا أَكْلَةُ الشَّيْطَانِ .. وَكُلْ بِثَلَاثَةِ أَصَابِعَ) رواه الطبراني .. قال الهيثمي في المجمع ج5 ص25: فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في الحديث (بن لهيعة) وليس حديثه حسن بل هو ضعيف الحديث وقد دلس في الرواية عن عطاء ولم يصرح بالسماع منه.
 
- (بسند مجهول لا أعلم له صحة - من مصادر الشيعة) – قيل فيه (وكان صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم إذا أكل سمى ويأكل بثلاث أصابع ومما يليه ولا يتناول من بين يدي غيره ويؤتى بالطعام فيشرع قبل القوم ثم يشرعون ، وكان يأكل بأصابعه الثلاث الابهام والتي تليها والوسطى وربما استعان بالرابعة ، وكان صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله يأكل بكفه كلها .. ولم يأكل بإصبعين ويقول: إن الأكل بإصبعين هو أكلة الشيطان) رواه الطبرسي في مكارم الاخلاق ص28.. (قلت خالد صاحب الرسالة): السند مجهول وبحثت عنه ولم أجد له سند موصول بالنبي .. فهي رواية مجهولة ضعيفة مثل الروايات السابقة .. حتى نتبين لها إسناد نقف عليه .
 
#- ثانيا: ما جاء في الصحيح عن كيفية أكل النبي ..
- عن كعب بن مالك قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ يَأْكُلُ بثَلَاثِ أَصَابِعَ، فَإِذَا فَرَغَ لَعِقَهَا) صحيح مسلم.
 
- وفي رواية بلفظ: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَيَلْعَقُ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَهَا) صحيح مسلم.
 
#- قال الإمام أبو العباس القرطبي (المتوفى: 656 هـ):
- وكونه - صلى الله عليه وسلم - كان يأكل بثلاث أصابع: أدب حسن، وسنة جميلة؛ لأنَّها تشعر بعدم الشَّرَه في الطعام، وبالاقتصار على ما يحتاج إليه من غير زيادة عليه .. وذلك أن الثلاث الأصابع يستقل بها الظريف الخبير. وهذا فيما يتأتى فيه ذلك من الأطعمة .. وأما ما لا يتأتى ذلك فيه استعان عليه بما يحتاج إليه من أصابعه. (المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم ج5 ص298).
 
- والثلاث أصبع كما جاء في رواية أخرى هم الإبهام والسبابة والوسطى .. وهذا يكون فيما يمكن إمساكه بهذه الأصبع مثل قطع اللحم .. وما عدا ذلك فيمكن استخدامه بالإصبع كلها مثل الأرز والمكرونة وغيره مما يتعذر ويصعب أكله إلا بجمع الأصابع (لمن يأكلون بأصابعهم) ..
 
- ولا يمكن أن نظن أو نتصور أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسك كتف اللحم بثلاث أصابع ويأكل منه .. فهذا يكون شيء سخيف جدا لو اعتقدنا ذلك ..!! مش كده ولا إيه ؟!! بل كان يمسكه بكل يده ويأكل منه .. كما جاء في رواية أبو هريرة إذ قال: (كُنَّا مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في دَعْوَةٍ، فَرُفِعَ إلَيْهِ الذِّرَاعُ -وكَانَتْ تُعْجِبُهُ- فَنَهَسَ منها نَهْسَةً) صحيح البخاري .. وفي رواية للبخاري بلفظ (فَنَهَشَ منها نَهْشَةً) .. والنهس والنهش هي أخذ قضمة من اللحم بمقدمة الأسنان .. والمقصد هي قضم قطعة صغيرة يسهل مضغها وبلعها ..
 
- وروي في الأثر - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، قَالَ: (أَخْبَرَتْنِي أُخْتِي، أَنَّهَا رَأَتِ الزُّهْرِيَّ يَأْكُلُ بِخَمْسٍ فَسَأَلَتْهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ بِالْخَمْسِ) رواه بن أبي شيبه في مصنفه برقم24465.
 
- ملحوظة هامة جدا: علما بأن الأكل بثلاث أصابع هذا ليس عن أمر وتوجيه نبوي وإنما رؤية صحابي لمشهد كيفية رؤية النبي في طريقة أكل الطعام .. وهذا وإن كان بعض العلماء يعتبره سنة ولكن لا أرى كذلك .. وإنما قد يكون فعل شخصي من النبي في طريقة أكل الطعام بأن تكون بأدب في الأكل مراعاة لغيره ممن يأكلون معه في نفس الوعاء .. وإنما نحب اتباع النبي في كل شيء محبة له في فعله سواء كونه نبيا أو إنسانا .. لأن المحبة لا تتجزأ .. وإنما قلت ما سبق تحقيقا للعلم .. وليس أكثر ..
 
- ولكن الذي فيه أمر وتوجيه نبوي هو في الأكل باليمين ولعق الأصابع بعد الطعام لمن يأكل بأصابعه أو الأداة التي يأكل بها بدلا من الأصابع .. كما سبق وأوضحنا ذلك في أسئلة سابقة .. وكذلك مسح الطبق الطعام او الوعاء الذي تكون تأكل فيه .. وكل ذلك حتى لا تترك شيئا من نعمة الله فيتم رميها في القمامة فتكون أسأت التعامل مع نعمة الله فيفرح بذلك الشيطان ..   
 
#- خلاصة القول:
- لا يوجد دليل يقول بأن الشيطان يأكل بإصبع أو إصبعين .. فهذا كلام باطل ولا يصح قوله .. وليس فيه اتباع للشيطان لو أنت فعلت ذلك .. فلا تتبع أقوال باطلة لتمنع نفسك من الطعام بما منحه الله من أصابع لتستخدمها .. سواء للطعام أو للأعمال .. فافهم .  
- والله أعلم .

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .