ج32: معتقدات موروثة - هل النوم بعد العصر يسبب مشكلة روحانية من الشيطان في العقل - هل نحن مأمورون بالراحة وقت فترة الظهر لأن الشياطين لا تنام وقت القيلولة - هل المبيت وحدك في المنزل يسبب لك مس من الشيطان فيتحرش بك جنسيا ولذلك نهى النبي عن المبيت لوحدك.

     بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وطعام الشيطان غير ذلك

(الفصل الثاني والثلاثون)

- فهرس:

:: الفصل الثاني والثلاثون :: ج2/ معتقدات دينية - عن النوم بعد العصر وعلاقته بالشيطان – عن نوم القيلولة وعلاقته بعدم نوم الشياطين في ذلك الوقت – عن النوم لوحدك منفردا والسفر لوحدك منفردا وعلاقته بتحرش الشيطان بك جنسيا ::

1- س127: هل النوم بعد العصر يسبب مشكلة روحانية من الشيطان في العقل ؟

2- س128: هل نحن مأمورون بالراحة وقت فترة الظهر لأن الشياطين لا تنام وقت القيلولة ؟

#- هل كان من سنة النبي القيلولة ؟

3- س129: هل المبيت وحدك في المنزل يسبب لك مس من الشيطان فيتحرش بك جنسيا ولذلك نهى النبي عن المبيت لوحدك ؟

****************************

:: الفصل الثاني والثلاثون ::

:: ج2/ معتقدات دينية - عن النوم بعد العصر وعلاقته بالشيطان – عن نوم القيلولة وعلاقته بعدم نوم الشياطين في ذلك الوقت – عن النوم لوحدك منفردا والسفر لوحدك منفردا وعلاقته بتحرش الشيطان بك جنسيا ::

**********************

..:: س127: هل النوم بعد العصر يسبب مشكلة روحانية من الشيطان في العقل ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من خرافات الإنترنت .. أن تجد البعض يخترع لك وهما جديدا في عالم الشياطين .. ويخبرك أن النوم بعد العصر أي بعد صلاة العصر أو في فترة العصر .. فهذا يسبب لك مشكلة روحانية في عقلك .. ثم يستدل بحديث مكذوب على النبي ويجعل منه حجة شرعية .. دون أن يتعب نفسه ويعرف هل هذا الحديث صحيح أم ضعيف أم مكذوب على النبي .. لكن المهم عنده هو إثبات أي شيء يتعلق بالشيطان وتأثيره على الإنسان ..!!

 

#- وهذا هو الحديث الذي يتم الإستدلال به ..

 

1- (حديث موضوع) .. عن عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَن احتجمَ يومَ الاربعاءِ والسبتِ فأصابَه داءٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ومَن اغتسلَ بماءِ الشمسِ فأصابَه وَضَحٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ومَن بالَ في مُستنقعٍ موضعَ وضوئِهِ فأصابَه وسواسٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ومَن تَعرَّى في غيرِ كِنٍّ فخُسفَ به فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ومَن نامَ وفي يدِهِ غَمَرُ الطعامِ فأصابَه لَمَمٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ومَن نامَ بعدَ العصرِ فاختُلِسَ عقلُه فلا يلومَنَّ إلا نفسَه، ومَن تَشبكَ في صلاتِه فأصابَه زَحيرٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسه) رواه أبو بكر الكعبي المعروف بقاضي المارِسْتان في مشيخته .. وقال بن حجر في التلخيص الحبير (ج1 ص143) : "عمر بن صبح" كذاب .. "والضَّحَّاكُ" لم يلق "ابن عباس". (انتهى النقل).

 

2- (حديث موضوع) .. عن خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ فَلا يَلُوَمَّنَ إِلا نَفْسَهُ) ذكره بن الجوزي في الموضوعات ج3 ص69 وقال: هَذَا حَدِيث لَا يَصح..، قَالَ ابْن رَاهَوَيْه والسعدني: خَالِد بْن الْقَاسِم كَذَّاب..، وَقَالَ الْبُخَارِي وَالنَّسَائِيّ: مَتْرُوك..، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثه..، قَالَ المُصَنّف قُلْت: إِنَّمَا هَذَا حَدِيث ابْن لَهِيعَة فَأَخذه خَالِد فنسبه إِلَى اللَّيْث. (انتهى النقل).

 

3- (حديث موضوع) .. عن حدثنا عمرو بن الحصين، حدثنا ابن علاثة ، حدثني الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: (مَنْ نَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ) رواه أبو يعلى وأبو نعيم في الطب النبوي .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عَمْرِو بْنِ الْحُصَيْنِ) .. وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب .. (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم 4348)..، وفي السند (محمد بن عُلاثة) وهو متروك الحديث .. قال الدارقطنى : عمرو بن الحصين، وابن علاثة جميعا متروكان ..، قال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به .. وقال البخاري: فيه نظر، واتهمه الأزدي بالكذب .. وقال ابن حبان : محمد بن علاثة ، كان يروى الموضوعات عن الثقات، لا يحل ذكره إلا على جهة القدح فيه ..، و قال الحاكم : يروى عن الأوزاعى و خصيف و النضر بن عربى أحاديث موضوعة ، ومدار حديثه على عمرو بن الحصين.. (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم 5366 - وتهذيب التهذيب ج9 ص270) .

 

4- (حديث ضعيف) .. عن ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ نَامَ بَعْدَ الْعَصْرِ فَاخْتُلِسَ عَقْلُهُ فَلا يَلُوَمَّنَ إِلا نَفْسَهُ) ذكره بن الجوزي في الموضوعات ج3 ص70 وقال: وابن لهيعة ذاهب الحديث .. (انتهى النقل).. (قلت خالد صاحب الرسالة): وكذلك أخرجه الإسماعيلي في معجمه عن (بن لهيعه) بنفس لفظ الحديث عن أنس بن مالك .. وعبد الله بن لهيعه ضعيف الحديث كما سبق بيانه في كلام بن الجوزي.

 

#- وخلاصة القول أخي الحبيب:

- أن النوم بعد العصر لا علاقة له بالشيطان ولا علاقة له بشيء .. وإنما هو من كلام المخرفين .. ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم بأن النوم فيه مكروه .. وما قاله بعض العلماء في كتبهم من كراهة النوم وقت العصر فهذه مسألة شخصية بهم ولا علاقة لها بالدين.. ولعل البعض لم ينتبه لفساد وبطلان الروايات التي تكلمت في ذلك .

 

****************************

 

..:: س128: هل نحن مأمورون بالراحة وقت فترة الظهر لأن الشياطين لا تنام وقت القيلولة ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- مما تجده منتشر على الإنترنت من كلام غير صحيح في الدين .. هو أن أننا مأمورون بالراحة وقت القيلولة .. لأن الشياطين لا ينامون وقت القيلولة ..!!

- والقيلولة يقصد بها: فترة إراحة الجسم في فترة الظهر ..

 

#- أولا: الروايات التي أشارت لما نشروه:

1- (حديث ضعيف) .. عن أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ الزُّهْرِيُّ، ثنا أَبِي، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قِيلُوا، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ) رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان حديث رقم 991 وبرقم 371 وبرقم788 ولكن بلفظ (قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ) .. وكذلك رواه أبو نعيم في الطب النبوي برقم151.. والجميع بنفس السند من طريق "عبد الله بن عمر بن يزيد الزهري".. وهذه الرواية حسن الشيخ الألباني بها الرواية مع بعض الآثار ..!! وفي تحسينه نظر .. ونناقشه في الآتي ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- في السند (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ الزُّهْرِيُّ) أحسبه ضعيف الحديث لقول أبو الشيخ عنه .. حيث قال عنه أبو الشيخ الأصبهاني: وقد حدث بغير حديث يتفرد به (راجع طبقات المحدثين ج2 ص389 ترجمة رقم 222) .. ، وقد ذكره أبو حاتم ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل (راجع الجرح والتعديل ج5 ص111 ترجمة رقم 506)..، وذكره أبو نعيم في تاريخ أصبهان ولم يذكر فيه جرح ولا تعديل فقال: عبد الله بن محمد بن عمر بن يزيد ابن أخي رستة، روى عن أبيه وعمه. (راجع تاريخ أصبهان ج2 ص30 ترجمة رقم 991).

 

ب- وفيه (عمر) أبو (عبد الله) .. مجهول الحال .. بحثت عنه كثيرا في كتب الرجال في حدود ما أعرف فلم أجد له أثر .. إلا ما ذكره أبو نعيم عنه في تاريخ أصبهان بدون جرح أو تعديل فقال: عمر بن يزيد الزهري سمع أبا داود، والنعمان بن عبد السلام. (راجع تاريخ أصبهان ج1 ص416 برقم 788)

 

ج- وفي السند (عمران القطان) .. يغلب عليه أنه ضعيف عند علماء الحديث .. وقد ذكر فيه الشيخ أبو اسحاق الحويني تحقيق ماتع لا نظير له .. وإليك خلاصة ما ذكره الشيخ الحويني في كتابه نثل النبال:

- [حديث: عمران بن داود، عن قتادة، عن أنس، مرفوعًا (قيلوا فإنَّ الشياطين لا تقيلُ)] قال الشيخ الحويني: عمران بن داود القطان: أكثرُ النقاد على تضعيفه مثل يحيى القطان، وابنُ معين، وأبو داود، والنسائيُّ، والدارقطنيُّ وغيرهم ..، ومشّاه أحمد وابنُ عديّ، وإنما يكونُ ذلك في المتابعات، ولم أر أحدًا تابعه على هذا الإسناد ..!!

- فالصواب ضعف هذا الإسناد، لا كما ذهب إليه شيخنا أبو عبد الرحمن الألباني رحمه الله، ورضي عنه في "الصحيحة" (1647) أنَّه حسنٌ لذاته. تنبيه 7/ رقم 1665.. (راجع نثل النبال بمعجم الرجال ج2 ص600 ترجمة رقم 2784).

 

د- وفي السند تدليس قتادة عن أنس بن مالك .. حيث لم يذكر قتادة عن أنس سماعا منه .

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على ما سبق:

- كيف تصح مثل الرواية السابقة أخي الحبيب عن النبي مع تلف إسنادها ..؟!!

- قال الإمام الخلال في علله: وسألت أبا عبد الله: أتعرف عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، أنه قال: (قيلوا، فإن الشياطين لا تقيل) ؟.

- فقال "أي الإمام أحمد": لا أعرفه؛ إنما هذا: عن منصور، عن مجاهد، عن عمر. (راجع المنتخب من علل الخلال ص84 حديث رقم26) .

- فالإمام أحمد ذكر أن المعروف من هذا المتن أنه من قول عمر وليس من قول النبي .. وحتى الرواية التي قيلت عن عمر فهي رواية ضعيفة وسيأتي بيان ذلك .  

 

2- رواية أخرى (حديث ضعيف جدا) .. عن محمد بن حميد، حَدَّثَنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار، حَدَّثَنا يحيى بن عثمان الحربي، حَدَّثَنا إسماعيل بن عياش، عَن عباد بن كثير، عَن سيار الواسطي، عَن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عَن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عَليْهِ وَسلَّم: (لا تصبحوا وقيلوا فإن الشياطين لا تقيل) رواه أبو نعيم في الطب برقم152.. وقال بن القيسراني في معرفة التذكرة حديث رقم 543: فِيهِ (عباد بن كثير الْكَاهِلِي) هو متروك الحديث..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- في السند (محمد بن حميد المخرمي) .. وهو ضعيف الحديث .. قال الذهبي: محمد بن حميد بن سهل المخرمي: شيخ أبي نعيم، ضعفه ابن الجوزي. (راجع ديوان الضعفاء والمتروكين ترجمة رقم 3683).

ب- وفيه (أسماعيل بن عياش) .. وهو ضعيف الحديث في روايته عن غير أهل الشام كما هو في هذه الرواية .

ج- وفيه (عباد بن كثير) .. هو متروك الحديث .. قال عنه أحمد بن حنبل: روى أحاديث كذب ، لم يسمعها .. ويحيى بن معين : لا يكتب حديثه ومرة قال ضعيف الحديث ليس بشيء .. قال البخاري: تركوه  .. وقال النسائي: متروك الحديث .. وقال الدارقطني: ضعيف (راجع تهذيب الكمال ترجمة رقم 3090).

 

3- في رواية أخرى (حديث ضعيف جدا) .. عن معاوية بن يحيى الأطرابلسي، عن كثير بن مروان، عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ) رواه الطبراني في الأوسط .. وقال الهيثمي في المجمع: وفيه كثير بن مروان وهو كذاب .. وقال الحافظ بن حجر في فتح الباري ج11 ص70: في سنده كثير بن مروان وهو متروك.

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- في السند (كثير بن مروان) .. وهو بين الضعف والتكذيب .. قال عنه الذهبي : ضعَّفُوه .. قال يحيى والدارقطني: ضعيف .. وقال يحيى مرة: كذاب .. وقال الفسوي: ليس حديثه بشيء. (راجع ميزان الاعتدال ترجمة رقم 6950).

 

- ملحوظة: يوجد متابعة أخرى للرواية السابقة ذكرها بن حبان: عن معاوية بن يحيى، عن عباد بن كثير، عن يزيد أبي خالد الدالاني.. (راجع المجروحين لابن حبان ترجمة رقم788) .. وقد سبق معرفة أن (عباد بن كثير) متروك الحديث.

 

4- وفي (أثر موقوف ضعيف) .. عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: (بَلَغَ عُمَرُ أَنَّ عَامِلًا لَهُ لَمْ يَقِلْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: «قِلْ، فَإِنِّي حُدِّثْتُ أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ) رواه بن أبي شيبه في مصنفه برقم 26676.. (قلت خالد صاحب الرسالة): والسند فيه انقطاع بين مجاهد وعمر ..!!

- قوله (قِل): أي خذ لك قيلولة الظهر ونام فيها.

- قوله (فَإِنِّي حُدِّثْتُ): ليس فيه دلالة على أن من حدثه بذلك النبي وإلا كان صرح بذلك .. ويغلب على الظن أنه عن كلام اهل الكتاب .. والله أعلم.

 

5- (أثر ضعيف فيه انقطاع) .. عن مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدُ بْنُ النَّضْرِ؛ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْأَعْرَابِيِّ يَقُولُ: (مَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بِالْفَضْلِ ابْنِهِ وَهُوَ نَائِمٌ نَوْمَةَ الضُّحَى، فَرَكَلَهُ بِرِجْلِهِ وَقَالَ لَهُ: قُمْ؛ إِنَّكَ لَنَائِمُ السَّاعَةِ الَّتِي يُقَسِّمُ اللهُ فِيهَا الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا؟ قَالَ: وَمَا قَالَتِ الْعَرَبُ فِيهَا يَا أَبَتِ؟ قَالَ: زَعَمَتْ أَنَّهَا مُكْسِلَةٌ مُهْرِمَةٌ مُنْسِأَةٌ لِلْحَاجَةِ .. ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ! نَوْمُ النَّهَارِ عَلَى ثَلَاثَةٍ؛ نَوْمُ حُمْقٍ؛ وَهِيَ نَوْمَةُ الضُّحَى، وَنَوْمَةُ الْخُلُقِ؛ وَهِيَ الَّتِي رُوِيَ: قِيلُوا فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَا تَقِيلُ، وَنَوْمَةُ الْخُرْقِ؛ وَهِيَ نَوْمَةٌ بَعْدَ الْعَصْرِ لَا يَنَامُهَا إِلَّا سَكْرَانُ أَوْ مَجْنُونٌ) رواه الدينوري في المجالسة وجواهر العلم. (قلت خالد صاحب الرسالة): والحديث فيه انقطاع بين ابن الأعرابي وعبد الله بن عباس.. أو يظهر من كلام الرواية أن جملة (قيلوا فإن الشياطين لا تقيل) من جملة كلام العرب أو في العموم تم روايتها من غير طريق النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

6- (أثر ضعيف جدا فيه انقطاع) .. عن أبي حفص الأموي عمر بن عبد الله قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى مؤدب ولده: "وكان من جملة ما قاله له": (فَإِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقُولُ: يَا بَنِيَّ قِيلُوا؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقِيلُ) رواه بن عساكر في تاريخ دمشق ورواه ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي حديث رقم 49 .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عمر بن عبد الله – أبو حفص) وهو ضعيف الحديث فضلا عن أن روايته عن عمر بن عبد العزيز مرسلة .. ورواية عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن مسعود مرسلة أيضا ..!! أي في الرواية انقطاعين .. والله أعلم .

 

7- (أثر حسن) .. عن السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: (كَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَمُرُّ بِنَا نِصْفَ النَّهَارِ، أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَيَقُولُ: قُومُوا فَقِيلُوا، فَمَا بَقِيَ فَلِلشَّيْطَانِ) رواه البخاري في الأدب المفرد .. وذكره الألباني في صحيح الأدب المفرد بأنه حسن.

 

- وقوله (فما بقي فللشيطان): بعد استراحتكم في فترة الظهيرة فما بقي من يومكم فهو للشيطان فيه نصيب معكم مرة أخرى مع عودة حركتكم في السعي من خلال وسوسته لكم .. والله أعلم .

 

8- (أثر صحيح) .. عن أنس بن مالك قال: (كَانُوا يُجَمِّعُونَ ثُمَّ يَقِيلُونَ) رواه البخاري في الأدب المفرد .. وذكره الألباني في صحيح الادب المفرد بأنه صحيح..

 - قوله (يُجَمِّعُونَ): أي يصلون الجمعة.

- قوله (ثم يقيلون): أي بعد الصلاة كانوا يريحون أجسامهم قليلا قبل بدأ الإنتشار في الأرض والابتغاء من فضل الله ..

 

#- ثانيا: هل كان من سنة النبي القيلولة ؟

- كان من فعل النبي القيلولة وإراحة جسمه وقت الظهيرة .. عن أم سليم بنت ملحان أم أنس بن مالك قالت: (أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَأْتِيهَا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا فَتَبْسُطُ له نِطْعًا فَيَقِيلُ عليه، وَكانَ كَثِيرَ العَرَقِ، فَكَانَتْ تَجْمَعُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ في الطِّيبِ وَالْقَوَارِيرِ، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: يا أُمَّ سُلَيْمٍ ما هذا؟ قالَتْ: عَرَقُكَ أَدُوفُ به طِيبِي) صحيح مسلم.

 

#- ملحوظة: أم سليم وأختها واخوها كانوا من محارم النبي لأنهم كانوا أخواله من الرضاعة .

- قولها (فيقيل): أي يستريح وقت القيلولة وهي وقت فترة الظهيرة ..

- قولها (نِطْعًا): أي فرشا من الجلد ليمدد جسمه عليه ليرتاح أو لينام ..

- قولها (أَدُوفُ به طيبي): أي أخلطه مع الرائحة التي اتطيب بها لازداد بها مزيد بركة وعطر ..

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- أن القيلولة بعد الظهر هي فعل كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن لم يرد فيه أمر من النبي بفعله ولا حتى ندب إلى ذلك .. والروايات في ذلك لم يصح منها شيئا .. وإنما كان يفعله وفعله بعض الصحابة .. وقد يكون هذا عادة العرب في ذلك الوقت .. بل وعادة عموم الناس هو أخذ وقت للراحة في فترة الظهر حتى في منتصف عملهم ..

 

2- أما عن مقولة (أن الشياطين لا تقيل) .. فلو ظننا أن النبي قد قالها (ولا أعتقد ذلك لضعف الروايات) .. فيكون المعنى المقصود به كما اظن هو أن الشياطين لا تضعف مثلكم في ذلك الوقت فتحتاج لراحة أجسامها .. فلا تكونوا مثلها في دوام الحركة والسعي دون راحة .. لأن لبدنكم عليكم حقا ..

- أو يكون هو تحريض للمؤمنين على مراعاة راحة أبدانهم في هذه الفترة ومنعهم عن التشبه بالشياطين الذين يسعون في حركة دائمة ولا راحة لهم في ذلك الوقت.

- والله أعلم .

 

**********************

 

..:: س129: هل المبيت وحدك في المنزل يسبب لك مس من الشيطان فيتحرش بك جنسيا ولذلك نهى النبي عن المبيت لوحدك ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور المستغربة التي تجدها عند بعض الرقاة والروحانيين .. أن يجعل البعض منهم للشيطان سلطان على الإنسان لو بات الإنسان لوحده في منزله حتى ولو كان مشترى من مال حلال ولم يرتكب فيها منكرات الأعمال لتكون سببا في اقتحام الشيطان لحياته ويكون له سلطان عليه فيمسه لدرجة التحرش الروحاني أي الإحساس بالتحرش الجنسي من حيث لا يرى من الفاعل .. دون أي مبرر سوى أنه بات لوحده .. ويذكرون ذلك خاصة للنساء .. وكأن الرجال معصومين من الشيطان .. !!

- أليس هذا شيء مقرف في حد ذاته ويدل على نفسية من يقول به ..!!

 

- وإذا كان هذا التحرش من الشيطان نادرا ما يحدث مع أصحاب أهل الفجور .. فكيف يتم تصديق حدوث هذا مع أهل الإيمان ؟!!

 

- ولكن إن قيل أنه قد يحدث مزيد مس بالوسوسة لكثرة فراغ الإنسان العقلي أو العاطفي أو لأمور نفسية فيها اضطراب .. فهذا مفهوم ويمكن حدوثه .. ولكن مجرد القول بتسليط الشيطان على إنسان فيمسه متحرشا به جنسيا  .. بلا أسباب بل لمجرد أنه بات وحده .. وهو آمن مطمئن في منزله .. فهذا كلام لا يقول به الإيمان ولا العقلاء .. وإنما بعض من الرقاة جعل المبيت وحدك سببا لتحرش الشيطان بك جنسيا ..!!

 

- ولماذا التحرش الجنسي ينسبونه للنساء فقط دون الرجال ؟!! أم أن الشيطان له طهارة نفسية فيكتفي بشهوة جماع المرأة دون شهوة لواط الرجل حتى لا يكون ملعونا عند الله ؟!!

 

- والغريب في هؤلاء الذي يجعلون للشيطان قدرات خارقة بالتصرف في حياة الإنسان .. إنما يأتون بنصوص دينية ليوهموا ضحاياهم بصحة ما يقولون .. أن الشيطان يتحرش جنسيا بالذي يبيت وحده .. وقاموا بتأول الحديث النبوي حسب ما يتفق وأهواء شيطانهم ..

 

#- وإليك ما يذكرونه للدلالة على حدوث مس روحاني حين المبيت لوحدك:

- (حديث صحيح وفيه زيادة شاذة) .. حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنِ الْوَحْدَةِ، أَنْ "يَبِيتَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ" أَوْ يُسَافِرَ وَحْدَهُ) رواه أحمد وقال محققو المسند: صحيح دون النهي عن أن "يبيت الرجل وحده"، وهي زيادة شاذة، فقد تفرد بها أبو عبيدة الحداد - وهو عبد الواحد بن واصل، ثقة من رجال البخاري -، عن عاصم بن محمد دون أصحابه، فقد رواه تسعة من ثقات أصحاب عاصم بن محمد العمري، ولم يذكروا في حديثه هذه الزيادة .. وأما حديث جابر في الباب الذي أخرجه الطبراني في "الأوسط" (2079) من طريق محمد بن القاسم الأسدي، عن زهير بن معاوية، عن أبي الزبير، عن جابر مرفوعاً. ففيه محمد بن القاسم الأسدي، وهو متهم بالكذب، فلا يفرح به. (راجع تخريج المسند حديث رقم 5650)..، وقال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ..، وحسنه السيوطي في الجامع الصغير ..، وصححه أحمد شاكر في تخريج المسند ..، وقال الشيخ الألباني: هذا إسناد صحيح..

 

@- قلت (خالد صاحب الرسالة):

1- الرواية التي قالها الإمام أحمد .. لم يختلف أحد على صحة السند حتى محققو المسند .. ولكن الإختلاف في متن الرواية نفسها .. بأن فيها زيادة شاذة ليست موجودة في روايات أخرى عن عاصم العمري قد رواها من هو أوثق من أبو عبيد الحداد.

 

2- الروايات التسعة التي أشار إليها محققو المسند جميعا تدور حول النص الآتي: قال النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ، مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَهُ) صحيح البخاري ..

- ولم يذكر المبيت وحيدا .

 

3- وهناك رواية لم يشير إليها محققو المسند وهي:

- (حديث موضوع) .. عَنْ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُمْشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدٍ، أَوْ خُفٍّ وَاحِدٍ، وَيَبِيتَ فِي دَارٍ وَحْدَهُ) رواه الطبراني في الكبير .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عمرو بن خالد الواسطي) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب ووضع الأحاديث ..

 

4- ولي رأي في حل إشكال الرواية .. وهو وإن كان هذه الزيادة شاذة .. إلا أنها ليست منكرة لو تصورنا أن معنى قوله (أن يبيت لوحده) يقصد به المبيت منفردا ليلا في الخلاء أي في مكان في الصحراء أو في الطريق الخالي من الناس كالذي ينام في سيارته أثناء السفر في طريق جانبي نادرا ما يسير فيه أحد .. وبعيدا عن بيته ومدينته .. فهذه حينئذ زيادة مقبولة لأنه كلام فيه إرشاد معقول ومفهوم .. وذلك خوفا على حياتك من لصوص وقطاع الطرق والحيوانات التي قد تظهر لك بليل أو الوسواس الذي قد يأتيك من الشيطان فيسبب لك مشكلة نفسية .. أو غير ذلك .. والله أعلم .

 

5- على افتراض تحسين الرواية على كلام بعض العلماء .. كيف حينئذ نفهم كلام النبي في نهيه عن المبيت وحدك أو السفر منفردا ؟

 

#- أولا: النهي للكراهة وليس للتحريم ..

- وهو لمصلحة الإنسان من أن يتعرض لمخاطر وعليه ان يأخذ حذره .

 

#- ثانيا: عن توضيح جزئية النهي عن المبيت لوحدك إنما هو للآتي:

- أن المبيت يكون في بيتك أو في غيره كفندق مثلا أو شقة مستأجرة أو نوم في خلاء الصحراء كالسفر السفاري .. ولعل النهي بسبب ما يتولد في النفس من الوحشة أي الإحساس بالوحدة ويترتب على ذلك خوف خاصة في فترة ظلام الليل .. وما يترتب على ذلك من أفعال ليلية لا يستطيع الإنسان لوحده على دفعها .. ولتوضيح ما سبق بأمثلة:

 

أ- لو كان الشخص نائما في بيته الخاص أو مكان قد استأجره كشقة أو غرفة في فندق .. فقد يعترضه مرض مفاجيء ويحتاج لمساعدة ولا يجد حينئذ أحد يساعده .. أو قد يتجرأ لص على الدخول عليه لسرقته لو عرف أنه يبيت وحده .. أو مجرد الإحساس بالخوف من المبيت وحدك دون أن يؤنسك أحد وبالتالي تشعر بعدم الأمان مما يسبب لك اضطراب نفسي بسبب هذا الخوف .. خاصة وأن وسوسة الشيطان تكون أسهل للتمكن منك حينما تكون وحيدا وعقلك فارغا من الإنشغال بأشياء تفعلها في الحياة ..

 

ب- لو كنت تنام في خيمة في الصحراء أو الغابات كما يحدث في بعض رحلات السفاري في زماننا .. فأنت لا تأمن حالك .. إذ فقد يظهر لك كلب مسعور أو أفعى أو لص يعترضك .. وبالتالي أنت تكون في حالة ضعف لكونك وحيدا ولكون الظلام حولك ويفقدك النظر بشكل سليم لما يحدث حولك .. بخلاف عما لو كنتم اثنين أو جماعة فيكون دفع الضرر أيسر وأسهل ..

 

#- ثالثا: عن توضيح جزئية النهي عن السفر لوحدك إنما هو للآتي:

أ- أما عن السفر منفردا ليلا فهذا فيه خطورة خاصة في الأماكن الصحراوية .. سواء كمن تسير في الصحراء أو في الطرق الصحراوية التي تسير عليها السيارات والأتوبيسات والبعيدة عن المدن .. فالسفر منفردا قد يعرضك للصوص الطريق أي قطاع الطرق .. أو لو نمت منفردا في سيارتك فقد يعرضك لمخاطر الحوادث أو الهجوم عليك لسرقتك .. أو لو نزلت لقضاء حاجتك فقد يعترضك أفعي أو كلب مسعور أو غير ذلك من حيوانات أكثر ظهورها هو الليل ..

 

ب- أو قد يتلاعب الشيطان بخيالك موسوسا لك أمور لا حقيقة لها .. ويستدرجك لما قد يتسبب في موتك وهذا قد يحدث لمن لديهم تفعيل روحاني وفيهم ضعف عزيمة .. إذ قد يريك مثلا فتاة تستغيث بك وتغرق فتذهب لإنقاذها فيكون في طريقك إليها بئر أو بالوعة لا تنتبه لها فتسقط فيها فتصاب بأذى أو تموت .. وكل ذلك لأنك مشيت وراء خيال ..!!

 

#- ملاحظات على الرواية السابقة:

1- النهي عن المبيت وحيدا أو السفر منفردا .. هذا في حالة كان متاح لك اختيار المبيت أو السفر مع أحد .. ولكن أنت تصر على الإنفراد بنفسك لأنك تركم أن هذا أريح وأحسن لك .. فهنا يقال لك انتبه على حالك والافضل أن يكون معكم أحد يؤنسك من باب الحذر والأمان لك .. ثم في حقيقة المسألة أنت ما تريد فهذا اختيارك ولا حرج عليك سواء نمت وحد أو طلبت من غيرك ينام معك وكذلك في حال السفر.

 

- أما الإضطرار للمبيت وحدك لكونك في غربة بعيدا عن مدينتك أو بلدك .. أو السفر مضطرا لقضاء حاجة ضرورية حالا لحضور حالة مريض حرجة أو لسداد امانة لأصحابها طلبوها أو ما شابه ذلك .. فهذه الأمور خارج توجيه النهي النبوي .. لأنها أمور اضطرارية نادرا ما قد تجد احد يشاركك فيها لضيق الوقت .. أو لخصوصية الفعل الذي تفعله ويتطلب أن تكون وحدك.

 

2- وقد تسأل نفسك سؤالا فتقول: كيف يكون هناك نهي عن المبيت وحيدا وقد أجاز النبي الانعزال عن الناس والإنفراد عنهم في روايات أخرى مما يجعلك تبيت لوحدك ؟

 

- قلت لك: النهي عن المبيت والسفر لوحدك هو إرشاد لما فيه مصلحتك .. والإرشاد للعزلة كذلك هو أيضا لمصلحتك .. وكلاهما ليس أمر نبوي وإنما إرشاد نبوي لما فيه مصلحتك الشخصية .. وخوفا عليك مما قد يحدث من مفاسد إذا لم تلتزم بالنصيحة .. وهذه الإرشادات ليست عن أمر ديني تعبدي واجب فعله والإلتزام به .. لا .. وإنما نصيحة فاقبلها واعمل بها فلك أجر أو اتركها وتحمل عواقبها ولا عذر لك .. فانتبه .

 

- ولعلك تقصد بالإرشاد للعزلة منفردا إلى هذه الأحاديث:

- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يقولُ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ، الغَنِيَّ، الخَفِيَّ) صحيح مسلم.

- وقوله (التقي الغني الخفي): أي الذي يلتزم بأمر الله وينفذه ظاهرا وباطنا قدر استطاعته .. فيؤدي العبادات والمعاملات بحق الله ويعتزل في باطنه الحقد والنفاق والغل وما شباه ذلك .. والغني هو اكتفى بالله عن غيره وله قناعة بما رزقه الله به .. والخفي هو الذي يعمل مع الله في خفاء دون طلب لشهرة وحب للظهور .

 

- وسُئل النبي صلى الله عليه وسلم: (قِيلَ: يا رَسولَ اللَّهِ أيُّ النَّاسِ أفْضَلُ؟ فَقَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مُؤْمِنٌ يُجَاهِدُ في سَبيلِ اللَّهِ بنَفْسِهِ ومَالِهِ، قالوا: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: مُؤْمِنٌ في شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ يَتَّقِي اللَّهَ، ويَدَعُ النَّاسَ مِن شَرِّهِ) صحيح البخاري.

 

- قوله (شِعْبٍ مِنَ الشِّعَابِ): أي سكن بين الجبال منعزلا عن الناس حتى لا يشارك في الفتنة برأي فاسد أو بسلاح قاتل .. فيكون سببا في إراقة الدماء أو الإفساد في الأرض ..

 

#- ولكن ليس هذا معناه ترك مواجهة الفساد .. وإنما معناه أن تترك أنت المشاركة في الفتنة وقت حدوثها .. لغموض الحقيقة فيها وعدم ظهورها لك لتعلم أين جانب الحق بيقين لتشارك فيه .. بل تاهت الحقيقة واختلط الحق بالباطل وكل واحد يزعم أنه على الحق .. فلا تشارك حينئذ برأي ولا بسلاح .. واعتزل الفتنة واكتفي بحالك مع الله وتمسك بعملك مع الله ..

 

- أو كن معتزلا المشاركة في الفتنة برأي أو سلاح .. وشارك بتهدئة النفوس دون الميل لطرف إلى طرف .. ولا تستخدم أساليب التحريض لطرف دون آخر .. واعلم أنك مسئول أمام الله ..!!   

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- رواية النهي عن النوم وحيدا أو السفر منفردا .. إن ظننا بأن كل الرواية صحيحة ولا شذوذ فيها .. فهي ليس فيها ما قال حولها من تجار الرقية والعلاجات الروحانية أن الحديث يشير إلى إمكانية حدوث مس بالتحرش جنسيا من الشيطان فيستحوذ عليك لو نمت وحيدا في بيتك .. فهذا لم يقل به النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشير إليه من قريب أو حتى من بعيد .. وإنما هو كذب في تفسير الرواية بما لا تحتمل لتخويف المؤمنين من خلال تعظيم قدرات الشيطان في نفوسهم ..!!

 

2- وإنما التحرش الروحاني قد يحدث لأسباب أخرى نتيجة تسليطات من روحانيين .. أو نتيجة مجالسة روحانيين أو رقاة منحرفين روحانيا نواياهم قبيحة وتميل للجنسية والمال ولهم صحبة من الشياطين تلازمهم ويسمونهم بالكذب أنهم أهل الله ..!! أو قد يحدث هذا التحرش نتيجة أفعالك أنت بارتكاب أفعال خاطئة لفتح بوابات روحانية .. كالذين يمارسون طقوس الطاقة الروحانية ويستخدمون ما يسمونه بتفعيل طاقة الأسماء الحسنى .. وهذا فيه من اللعنة ما فيه لمن يستخدمون كلام الله وأسماءه من اجل الوصول لاتحاد مع الكون .. فخلطوا الإلحاد بالتوحيد فضلا عن الاستمتاع بالجن .. واتخذوا من كلام الله وأسماءه كلمات سحرية لتحقيق أحلامهم الروحانية .. ولا يلومن أحد سوى نفسه .. لأنه لم يطلب الله من وراء فعله وإنما طلب الاستمتاع بالجن .. فله ما طلب .. والعاقبة للمتقين.

 

*****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .