ج38: معتقدات موروثة - هل صهيل وصوت الفرس أو الحصان يطرد الجن ووجوده بدار المنزل يمنع من حدوث مس شيطاني - هل الفرس يدعو كل فجر أن يكون من أحب الخلق إلى صاحبه لدرجة أن يكون أحب أهله وماله إليه - هل قال النبي أكرموا البقر لأنها سيدة البهائم - هل الفراخ أو طيور الحمام المقاصيص تُلهي الجن والشياطين فتبعدهم عن أذية الأطفال الصغار - هل البراغيث كانت وسيلة إيقاظ وتنبيه للأنبياء حتى ينهضون للصلاة وكذلك هي سبب لذكر الله حتى دعا لها النبي.

       بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وطعام الشيطان غير ذلك

(الفصل الثامن والثلاثون)

#- فهرس:

:: الفصل الثامن والثلاثون :: معتقدات عن الفرس أو الحصان وكونه يطرد الشيطان بصوته ووجوده يمنع مس الشيطان – وعن دعاء الحصان في الفجر إلى الله – وحكاية البقر الذي استحى من الله – وحكاية الفراخ أو طيور الحمام المقاصيص التي تلهي الجن وتبعد أذاهم عن الصبيان – وحكاية البراغيث التي توقظ الأنبياء للصلاة وسبب لذكر الله وقيل عنها أن النبي دعا لها ::

1- س144: هل صهيل وصوت الفرس أو الحصان يطرد الجن ووجوده بدار المنزل يمنع من حدوث مس شيطاني ؟

2- س145: هل الفرس يدعو كل فجر أن يكون من أحب الخلق إلى صاحبه لدرجة أن يكون أحب أهله وماله إليه ؟

3- س146: هل قال النبي أكرموا البقر لأنها سيدة البهائم ؟

4- س147: هل الفراخ أو طيور الحمام المقاصيص تُلهي الجن والشياطين فتبعدهم عن أذية الأطفال الصغار ؟

5- س148: هل البراغيث كانت وسيلة إيقاظ وتنبيه للأنبياء حتى ينهضون للصلاة وكذلك هي سبب لذكر الله حتى دعا لها النبي ؟

***********************

:: الفصل الثامن والثلاثون ::

:: معتقدات عن الفرس أو الحطان وكونه يطرد الشيطان بصوته ووجوده يمنع مس الشيطان – وعن دعاء الحصان في الفجر إلى الله – وحكاية البقر الذي استحى من الله – وحكاية الفراخ أو طيور الحمام المقاصيص التي تلهي الجن وتبعد أذاهم عن الصبيان – وحكاية البراغيث التي توقظ الأنبياء للصلاة وسبب لذكر الله وقيل عنها أن النبي دعا لها ::

**********************

 ..:: س144: هل صهيل وصوت الفرس أو الحصان يطرد الجن ووجوده بدار المنزل يمنع من حدوث مس شيطاني ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- في خرافة تتعلق بالكذب على القرآن .. وتتعلق بالجن والشيطان والمس الروحاني .. ولها ارتباط بالفرس أو الحصان .. في تركيبة غريبة جدا .. فنجد حديث خرافي تذكره بعض كتب التفاسير كالواحدي والزمخشري وكذلك بعض كتب الأحاديث حول قوله تعالى في سورة الأنفال: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) الأنفال:60.

 

- ثم سرح الخيال بالبعض في تعريف مفهوم: (وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) .. فقالوا: طالما عدو لا نعلمه فيكونوا هم الجن ..!!

 

- مع أن سياق الآية لا علاقة له بالجن لا من قريب ولا من بعيد .. والمعنى هو إظهار القوة العسكرية لإرهاب من تعلموه عدوا لكم ومن خفي عنكم أمرهم ويريدون كيدكم وأنتم لا تعلمون فتكون إظهار القوة رادع لهم ما قد تسوله له أنفسهم ..

 

- فضلا عن أن إرهاب الجن كيف يمكن حصوله من الإنس ونحن لا نراهم حتى نعرف ما نرهبهم به من الأسلحة المادية ؟!! ولذلك اخترعوا البعض روايات وذكروا أن العدو الخفي هو الجن .. وطالما جن خفي يبقى لازم يخترعوا له وسيلة تخيفه وترعبه فاخترعوا اختراع آخر فقالوا أن الحصان يطرد الجن والشيطان ولا يستطيع الجن والشيطان أن يؤذي أحد بالخبل العقلي أي بالمس الشيطاني في عقله فيضره .. طالما في داره فرس ..!!

 

- وإليك نماذج من الأحاديث التي افتراها المفترون الكذابون على النبي صلى الله عليه وسلم .. وأخذها بعض علماء التفسير بحسن ظن منهم أنها قد تكون صحيحة .. حيث ليس هم من صنعوا هذه الأحاديث وإنما أخذوها من بعض كتب ذكرت هذه الأحاديث ..

 

1- (حديث ضعيف جدا أو موضوع) .. عَنْ سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَرِيبٍ الْمُلَيْكِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فِي قَوْلِهِ: {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60] أَنَّهُمْ الْجِنُّ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَخْبِلُ بَيْتًا فِيهِ عَتِيقٌ مِنَ الْخَيْلِ») رواه الطبراني في الكبير.. قال الهيثمي في المجمع: رواه الطبراني وفيه مجاهيل.. وقال بن كثير في تفسيره عند الآية رقم (60) من سورة الانفال: وهذا الحديث منكر لا يصح إسناده ولا متنه.

 

- قوله (لَا تَخْبِلُ بَيْتًا): أي الجن لا تصيب أهل هذا البيت بالخبل وهو فساد العقل والمقصد هو حدوث مس روحاني يؤثر على قواهم العقلية.

 

- قوله (عتيق): أي فرس أصيل له قدرة على السباق بقوة .

 

#- وفي رواية بنفس السند بلفظ: (عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمْ} [الأنفال: 60] قَالَ: هُمُ الْجِنُّ .. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَخْبُلُ أَحَدًا فِي دَارٍ فِيهَا فَرَسٌ عَتِيقٌ) رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده بغية الباحث ..

 

#- وفي رواية بنفس السند بلفظ: (فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60] قَالَ: هُمُ الْجِنُّ .. وَلَنْ يَخْبِلَ الشَّيْطَانُ إِنْسَانًا فِي دَارِهِ فَرَسٌ عَتِيقٌ) رواه أبو الشيخ في العظمة ..

 

- قوله (يخبل الشيطان): أي يسبب الشيطان خبلا لإنسان في عقله فيفسده

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

أ- وفي السند (سعيد بن سنان الحمصي) .. وهو متروك الحديث .. قال الذهبي: ضعفه أحمد  ..، وقال يحيى: ليس بثقة - وقال مرة: ليس بشئ ..، وقال الجورجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة ..، وقال البخاري: منكر الحديث وقال النسائي: متروك. (ميزان الإعتدال ترجمة رقم3208).

ب- وفيه (يزيد بن عبد الله بن عريب المليكي) .. مجهول.

ج- وفيه (عبد الله بن عريب المليكي) .. مجهول.

د- ولكن يزيد فقط عما سبق في إسناد أبو الشيخ وهي الرواية الأخيرة .. أن الراوي عن (سعيد) هو (بقية بن الوليد) وقد دلس في الرواية .

 

2- (حديث موضوع) .. عن الْحسن بن عَطِيَّة عَن طَلْحَة بن زيد عَن الْوَضِين بن عَطاء عَن سُلَيْمَان بن مُوسَى رَفعه إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (فِي هَذِه الْآيَة وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم الله يعلمهُمْ قَالَ (نعم الْجِنّ لَا يدْخل الْجِنّ دَارا فِيهَا فرس عَتيق) رواه القاضي أَبُو الْقَاسِم عَلّي بن مُحَمَّد النَّخعِيّ فِي كتاب السَّبق بِالْخَيْلِ .. وعنه الضياء المقدسي في تخريج أحاديث الكشاف .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (طلحة بن زيد) وهو منكر الحديث ومتهم بالوضع..، والحديث مرسل منقطع.

 

3- (حديث ضعيف جدا) .. من حَدِيث جُوَيْبِر عَن الضَّحَّاك عَن ابْن عَبَّاس: (فِي قَوْله تَعَالَى وَآخَرين من دونهم لَا تَعْلَمُونَهُم قَالَ هُوَ الشَّيْطَان لَا يقرب نَاصِيَة فرس لِأَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قَالَ (الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر فَلَا يقربهُ شَيْطَان أبدا) رواه بن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره  .. وعنه ذكره الضياء المقدسي في تخريج أحاديث الكشاف وقال: هذا سند واه .. (جُوبَيْر) ضعيف .. و(الضَّحَّاك) لم يلق بن عباس.

 

4- (حديث مجهول وغالبا موضوع) .. وَرُوِيَ أَن (صَهِيل الْخَيل تطرد الْجِنّ) ذكره الضياء المقدسي في تخريج أحاديث تفسير الكشاف وقال: غريب..، (قلت خالد صاحب الرسالة): لا وجود لرواية بهذه الصيغة في كتب الأحاديث .. وأظنه حديث موضوع.

 

5- (حديث مجهول السند وغالبا موضوع) .. جاء فِي الحَدِيث (إِن الشَّيْطَان لَا يقرب صَاحب فرس وَلَا دَارا فِيهَا فرس عَتيق) ذكره الضياء المقدسي في تخريج أحاديث الكشاف وقال: غريب..، (قلت خالد صاحب الرسالة): لا وجود لرواية بهذه الصيغة في كتب الأحاديث .. وأظنه حديث موضوع.

 

#- خلاصة القول:

1- الفرس أو الحصان .. ليس مانع للمس الشيطاني .. ولا صوته يطرد الجن .. وإنما من الخرافات المودعة في بعض كتب التفاسير وبعض كتب الحديث.

 

2- لا علاقة للآية القرآنية .. بما جاء في روايات الأحاديث الضعيفة جدا أو الموضوعة أو المجهولة .. بالجن ومس الشيطان ..!!

 

*************************

 

..:: س145: هل الفرس يدعو الله كل فجر أن يكون من أحب الخلق إلى صاحبه لدرجة أن يكون أحب أهله وماله إليه ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأحاديث الغريبة المتداولة التي تجدها في كتب أهل العلم .. والبعض ينسبها للنبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا خطأ بالرغم من أن السند موصول للنبي صلى الله عليه وسلم .. ولكن هذا السند الموصول هو سند معلول .. والصحيح هو أن الحديث موقوف على كلام الصحابي أبو ذر الغفاري.. وإليك بيان ذلك :

 

1- (أثر صحيح موقوف) .. لَيْثٌ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ: أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ: (مَرَّ عَلَى أَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ قَائِمٌ عِنْدَ فَرَسٍ لَهُ فَسَأَلَهُ: مَا تُعَالِجُ مِنْ فَرَسِكَ هَذَا؟ فَقَالَ: "إِنِّي أَظُنُّ أَنَّ هَذَا الْفَرَسَ قَدْ اسْتُجِيبَ لَهُ دَعْوَتُهُ ". قَالَ: وَمَا دُعَاءُ الْبَهِيمَةِ مِنَ الْبَهَائِمِ؟ قَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا مِنْ فَرَسٍ إِلَّا وَهُوَ يَدْعُو كُلَّ سَحَرٍ فَيَقُولُ: اللهُمَّ أَنْتَ خَوَّلْتَنِي عَبْدًا مِنْ عِبَادِكَ، وَجَعَلْتَ رِزْقِي بِيَدِهِ، فَاجْعَلْنِي أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ) قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ أَبِي: "وَوَافَقَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ ابْنِ شِمَاسَة .. (انتهى النقل من مسند أحمد) .. وهذا الحديث رواه أحمد برقم 21442 .. وقال محققو المسند: إسناد هذا الأَثر صحيح..، وقالوا: وسيأتي برقم (21497) من طريق عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن سويد بن قيس، عن معاوية بن حُديج، عن أبي ذر مرفوعاً...، والليث بن سعد وعمرو بن الحارث المصري أوثق من عبد الحميد بن جعفر، والمحفوظ روايتهما كما في "العلل" للدارقطني 6/267. (انتهى النقل).

 

2- (حديث مضطرب في إسناده – صحيح موقوفا على كلام الصحابي ولا يصح مرفوعا للنبي) .. عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حُدَيْجٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ فَرَسٍ عَرَبِيٍّ إِلَّا يُؤْذَنُ لَهُ مَعَ كُلِّ فَجْرٍ يَدْعُو بِدَعْوَتَيْنِ يَقُولُ: اللهُمَّ إِنَّكَ خَوَّلْتَنِي مَنْ خَوَّلْتَنِي مِنْ بَنِي آدَمَ، فَاجْعَلْنِي مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ، أَوْ أَحَبَّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ) .. قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: قَالَ أَبِي: خَالَفَهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، فَقَالَ: عَنْ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ، وقَالَ لَيْثٌ: عَنْ ابْنِ شِمَاسَةَ، أَيْضًا. (انتهى النقل من مسند أحمد حديث رقم 21497) - (هذا الحديث رواه أحمد والبزار والنسائي بهذا السند الموصول للنبي) .. وقال محققو المسند: صحيح موقوفاً .. فقد رواه ليث بن سعد وعمرو بن الحارث - كما سلف عند الحديث رقم (21442) - عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن ابن شماسة، عن معاوية بن حُديج، عن أبي ذر موقوفاً .. وهو المحفوظ كما قال الدارقطني في "العلل" 6/267، فإن الليث وعمرو بن الحارث أوثق وأتقن من عبد الحميد بن جعفر، وقد خالفهما أيضاً في جعله من حديث يزيد عن سويد بن قيس، وهما جعلاه من حديث يزيد عن عبد الرحمن بن شماسة.. (انتهى النقل) ..، وقد أشار لصحة هذا الحديث الشيخ الألباني في صحيح الجامع وصحيح الترغيب.

- قوله (خولتني): أي جعلتني مملوكا ..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعليقا على الرواية السابقة:

1- من الواضح وجود علة في الحديث الموصول كما قال الإمام الدارقطني .. بل والإمام أحمد أيضا راوي الحديث .. فكلاهما أثبت أن المحفوظ هو الحديث الموقوف على كلام الصحابي .. وكأن الرفع للنبي هو وهم وخطأ من (عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ) .. والله أعلم .

 

2- وقد يقول قائل: لو كان الحديث موقوف على كلام الصحابي فهو له حكم المرفوع لكلام النبي لأن هذه المعلومة لا يمكن أن يكون عرفها الصحابي من نفسه .. !!

 

- وأقول ردا على ذلك: ولماذا لا يكون الصحابي أخذها من أحد من اهل الكتاب الذين أسلموا .. مثل كعب الأحبار ..!!

 

3- بل عن نفسي أجد أن هذه الرواية أشبه بالإسرائيليات وفيها نكارة .. إذ أن الرواية لو نظرنا فيها لشك الراوي فنجد الرواية تقول (فَاجْعَلْنِي مِنْ أَحَبِّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ، أَوْ أَحَبَّ أَهْلِهِ وَمَالِهِ إِلَيْهِ) ولا يخفى على أحد أن الفارق بين الجملتين كبير جدا .. فلو كان بمعنى (من أحب أهله وماله إليه) فالمعنى يكون أن يكون من جملة من يحبهم ويحسن إليهم ويرعاهم من أهله ويكون من أحب أنواع المال إليه لأن الحصان هو مخلوق له ثمن يباع به ويشترى .. أما لو كان الجملة الأخرى على الإفتراض الثاني بلفظ: (أحب أهله وماله إليه) بدون لفظ (من) فيكون المعنى أن الحصان يطلب من الله أن يكون أحب من الاهل أنفسهم ومن كل أنواع ماله التي يحبها سواء زراعة أو تجارة أو صناعة .. وهنا نقول على الإفتراض الثاني: هل هذا يعقل أن يلهم الله الحصان بشيء من النادر حدوثه وتكون الدعوة في حكم المستحيل تحقيقه ..!!

 

4- أما عن تخصيص الحصان العربي دون غيره في الرواية .. فهذا فيه غرابه .. إذ لماذا لا يكون في سائر جنس الحصان مهما كان منشأه ..!! إذ أن الحيوانات كلها تدعو ربها وتسبحه ..!!

 

- ونحن هنا لا نتكلم عن خصوصية طبيعية حتى نقول أنها خاصية في الحصان العربي بسبب قوته وصلابته مثلا .. وإنما نتكلم عن خضوع وتذلل لله وتوجه إليه .. وهذا يكون من خلقه الذين خضعوا له جميعهم وتركوا التكليف ..

 

- ثم ما ذنب الحصان الأجنبي .. حتى يحرمه الله من نعمة الدعاء والفضل الذي للحصان العربي .. فكيف يحدث ذلك وكلاهما (العربي والأجنبي) خضع لله ..!! ففي ذلك اتهام صريح لعدل الله وحاشاه سبحانه.

- أليس في ذلك شبهة واضحة .. بأن هذه الرواية ليست من كلام النبي وإنما مجرد اسرائيليات ذكرها الصحابة عن سماع لبعض أهل الكتاب ..

 

- بل والذي يدل على بطلان هذه الرواية للنبي الخاصة بالفرس العربي .. هو قوله صلى الله عليه وسلم: (الخَيْلُ مَعْقُودٌ في نَوَاصِيهَا الخَيْرُ الأجْرُ، والمَغْنَمُ إلى يَومِ القِيَامَةِ) صحيح البخاري.

- ولم يميز النبي هنا الخيل العربي عن الأجنبي .. لأن الخيرية ملازمة للخيل لمن يرعاها ويهتم بها إذ تكسب صاحبها الأجر في رعايتها وفي حال جاهد بها فينال أجر المجاهدة .. وفيها المغنم إذ تكون سببا في الربح من خلال استخدامها سواء في التجارة كوسيلة انتقال أو استخدامها في الحرب فينال من غنيمة الحرب عند الإنتصار .. !!

 

5- وختاما نسأل سؤالا: لو تزوج حصان عربي بأجنبي .. فحينئذ ماذا تكون جنسية الأولاد (عربية أم أجنبية) حتى نعرف لمن ستكون له خاصية الفوز بالدعاء إلى الله كل ليلة لنفسه .. ليكون من أحب الأشياء في حياة صاحبه ..!!

- فليجيبنا من يصحح هذه الروايات ..!!

 

#- خلاصة القول:

- الرواية التي قيلت عن أن الحصان يدعو لله كل ليلة دعوتين ليكون من أحب الأشياء إلى صاحبه .. فإنما هي رواية غير صحيحة عن النبي .. ولكنها رواية تصح على الصحابي .. ولعل هذا الصحابي أخذها عن أحد اهل الكتاب الذين أسلموا في ذلك الوقت .

والله أعلم .

 

******************************

 

..:: س146: هل قال النبي أكرموا البقر لأنها سيدة البهائم ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من غرائب ما تقرأه في كتب أهل العلم عن الحيوانات .. هو ما تقرأه عن البقر ..!!

 

#- جاء في (حديث موضوع) .. أَنْبَأَنَا عَبْدُ الأَوَّلُ بْنُ عِيسَى أَنبأَنَا عبد الله بن مُحَمَّد الانصاري أَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَنْصُور المزكى حَدثنَا عبد الله بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ الْحَسَنِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بن شُرَيْح الكندى حَدثنَا عبد الله بن وهب عَن يحيى ابْن أَيُّوبَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَكْرِمُوا الْبَقَرَ فَإِنَّهَا سَيِّدَةُ الْبَهَائِمِ.. مَا رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى السَّمَاءِ حَيَاءً مُنْذُ عُبِدَ الْعِجْلُ) ذكره بن الجوزي في الموضوعات وقال: هذا حديث موضوع والمتهم به عبد الله بن وهب النسوي ..، قال بن حبان: كان دجالا يضع الحديث على الثقات ولا يحل ذكره إلا على سبيل القدح فيه. (انتهى النقل).

#- وخلاصة القول:

- لسنا في حاجة إلى التعليق بعد ما سبق بيانه من أن الحديث مكذوب على النبي صلى الله عليه وسلم .

 

*****************************

 

..:: س147: هل الفراخ أو طيور الحمام المقاصيص تُلهي الجن والشياطين فتبعدهم عن أذية الأطفال الصغار ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- لا تتعجب من تعدد وسائل الحماية من الجن والشياطين .. من الواضح أن الناس في كل زمان ومكان يبتعدون وسائل للحماية من الجن والشياطين .. ويغلب عليهم اتخاذ الحيوانات وسيلة لذلك .. وحتى يصدق الناس فإنهم يخترعون أحاديث مكذوبة على النبي حتى يصدقوهم .. فمن ذلك:

 

@- ذكر الإمام بن الجزي رحمه الله حديثا تحت عنوان:

#- بَاب اتِّخَاذ الْحمام فِي الْبَيْت لدفع الشَّيَاطِين ..

- (حديث موضوع) .. عن عَلِيُّ بْنُ عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو طَلْحَةَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يَحْيَى أَبُو الْخَطَّابَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اتَّخِذُوا الْحَمَامَ الْمَقَاصِيصَ فَإِنَّهُ يُلْهِي الْجِنَّ عَنْ صِبْيَانِكُمْ) رواه بن عدي في الكامل في الضعفاء وغيره .. وقال بن الجوزي: هَذَا حَدِيث مَوْضُوعٌ، وَالْمُتَّهَمُ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَاد، وَقَدْ ذَكَرْنَا آنِفا أَنَّهُ كَانَ يضع الحَدِيث. (انتهى النقل) ..، (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (أَبُو طَلْحَةَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ) قال الدارقطني: تكلموا فيه "أي هو ضعيف الحديث" ..، وفيه (محمد بن زياد الجزري) كما قال بن الجوزي هو يضع الحديث .. بل ونادرا أن تجد العلماء اجمعوا على أحد كذاب ويضع الأحاديث كقولهم في هذا الرجل ..!!

  

#- قوله (الحمام المقاصيص): أي التي لا قدرة لها على الطيران لأن جناحها مقصوص ريشه فلا يستطيع الطيران أو لأنه يوجد نوع من الحمام لا قدرة له على الطيران وكأنه مقصوص الجناحات .. والله أعلم .

@- ولعل المقصود بالحمام المقاصيص هو الفراخ أو الدواجن التي لها أجنحة ولا تطير .. فتكون كالمقصوص جناحها ..
 
- فقد جاء في  مصادر الشيعة (حديث موضوع - بسند فيه مجاهيل ومنقطع) .. عَنِ اَلْمُظَفَّرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ اَلرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نَجْرَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي يَحْيَى اَلْمَدَنِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ: (أَكْثِرُوا مِنَ اَلدَّوَاجِنِ فِي بُيُوتِكُمْ تَتَشَاغَلُ بِهَا اَلشَّيَاطِينُ عَنْ صِبْيَانِكُمْ) ذكره حسن النوري في مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل ج8 ص285 نقلا عن كتاب طب الأئمة للحسين بن بسطام .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي سنده (الحسين بن بسطام) وهو راوي ضعيف .. وفيه (المظفر بن محمد) مجهول .. وفي السند انقطاع كبير بين (إبراهيم بن أبي يحيى) والنبي ..!!
 
#- وخلاصة القول:
1- أنه لا يوجد وسيلة للهو الشياطين عن الإنسان سواء كبير أو صغير .. وسواء كانت الوسيلة هي حمام مقصوص الجناح أو قد يكون المقصود به الفراخ وهو الأقرب للصواب لأني لم أسمع عن حمام مقصوص الجناح ..!!
2- وأعتقد أن الذي وضع هذه الأحاديث على النبي بالكذب هم بعض بائعي الفراخ .. والله أعلم .

3- ويوجد أحاديث كثيرة مكذوبة على النبي في مسألة طائر الحمام على وجه الخصوص .. ولكني اكتفيت بحديث واحد لأن يربط بين الحمام والجن .. وهو ما يحب البعض ترويجه ونشره بين الناس كوسيله من وسائل الحماية من الجن والشيطان .. وكأنها أحاديث صحيحة .. في حين هي أحاديث غرقت في بحر الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم منذ مئات السنوات ..!!

 

 **************************

 ..:: س148: هل البراغيث كانت وسيلة إيقاظ وتنبيه للأنبياء حتى ينهضون للصلاة وكذلك هي سبب لذكر الله حتى دعا لها النبي ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من لطائف ما يمكن أن تقرأه .. هو ما يقال عن البرغوث .. الذي هو أيضا له نصيب من وجوده في الكتب الشرعية على أنه وسيلة تنبيه وإيقاظ للأنبياء من أجل الصلاة ..!!

 

- فمن تلك الأحاديث:

 

1- (حديث ضعيف جدا أو موضوع) .. عَنْ سُوَيْدِ بْنِ "إبراهيم" أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (لَعَنَ رَجُلٌ بَرْغُوثًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَلْعَنْهُ، فَإِنَّهُ أَيْقَظَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لِلصَّلَاةِ) رواه البيهقي في شعب الإيمان .. وقال بن القيسراني في ذخيرة الحفاظ حديث رقم 981: رواه سويد بن إبراهيم، عن قتادة، عن أنس..، و (سويد) هذا يكنى (بأبي حاتم القطان الهذلي) ..، يروي الموضوعات على الثقات، وهو يعرف بهذا الحديث.. (انتهى النقل) ..، وذكره بن الجوزي في العلل المتناهية حديث رقم 1189 وذكر عن (سويد بن إبراهيم) أن بن حبان قال فيه: "روى الموضوعات عن الإثبات".(انتهى النقل)..، (قلت خالد صاحب الرسالة): بعض العلماء على تضعيف "سويد بن إبراهيم" ..، وهذا الحديث ذكره العقيلي في الضعفاء الكبير ج2 ص185 وقال: ولا يصح في البراغيث عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء. (انتهى النقل) ..

 

- وفي (حديث ضعيف جدا أو موضوع) بنفس طريق (سويد بن إبراهيم) .. بلفظ: (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعَ رَجُلًا يَسُبُّ بُرْغُوثًا، فَقَالَ: " لَا تَسُبَّهُ، فَإِنَّهُ نَبَّهَ نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ) رواه البيهقي في شعب الإيمان .. وهو حديث موضوع لأن فيه (سويد بن إبراهيم) .

 

2- (حديث موضوع) .. عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِيفٍ عَنِ الأَصْبَغِ "بْنِ نُباته" عَنْ عَلَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآذَتْنَا براغيث فَسَبَّبْنَاهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تَسُبُّوا الْبَرَاغِيثَ فَنِعْمَ الدَّابَّةُ تُوقِظُكُمْ لِذِكْرِ الله فبتنا تكل الليلة متهجدين) ذكره بن الجوزي في العلل المتناهية حديث رقم 1188 وقال: هَذَا حديث لا يصح فأما حديث علي فالمتهم به سعد بن طريف فإنه كان يضع الحديث قال يَحْيَى لا يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يروى عنه وليس بشيء. (انتهى النقل)..، وذكر ذكره العقيلي في الضعفاء الكبير ج2 ص120 وقال: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في البراغيث شيء. (انتهى النقل).. ، (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند أيضا (الأصبغ بن نباته) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب.

 

#- وفي (حديث موضوع) بنفس السند تقريبا .. جاء بلفظ: عن علي بن أبي طالب قال: (نزَلْنا منزِلًا فآذَتْنا البَراغيثُ فسبَبْناها فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لا تسُبُّوها فنِعْمَتِ الدَّابَّةُ فإنَّها أيقَظَتْكم لذِكْرِ اللهِ) رواه الطبراني في الأوسط.. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (الأصبغ) وفيه (سعد بن طريف) وكلاهما متروك الحديث ومتهم بالكذب .

 

3- (حديث ضعيف) .. أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا سَعْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَاضِي بَيْرُوتَ، ثنا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ، ثنا الْوَلِيدُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: (ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَرَاغِيثَ، فَقَالَ: إِنَّهَا لَتُوقِظُ لِلصَّلَاةِ) رواه البيهقي في شعب الإيمان .. (قلت خالد صاحب الرسالة): في السند (سعيد بن بشير) وهو ضعيف الحديث .. وفي روايته عن قتادة بصفة خاصة هي رواية ضعيفة لأنه يروي عن قتادة المناكير.

 

4- (حديث مجهول السند أي لا سند له) .. (اللهمَّ بَارِكْ لَنَا فِي هذهِ الدَّابَّةِ الَّتِي أَيْقَظَتْنَا للِصَّلاةِ) "يعني: البراغيث" -  ذكره بن المبرد في التخريج الصغير حديث رقم 110 في الجزء الثالث .. وقال: في أحاديث ابن المقرئ. (انتهى النقل).

 

- سأل الإمام أحمد بن حنبل: عن قول الناس في البراغيث: (إن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لها) .. أتعرفه في شيء من الحديث؟.

قال: لا .. وعجب من قولي له !! (المنتخب من علل الخلال ص85 حديث رقم27).

 

6- ومن لطائف ما قيل عن طرق الوقاية عن البراغيث:

- (حديث ضعيف جدا) .. عَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذَا أَذَاكَ البَرَاغيِثُ فَخُذْ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ وَاقْرأ عَلَيْهِ سَبع مَرَات: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ} الآية ..، فِإنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِالله فَكُفُّوا شَرَّكُمْ وأَذَاكُمْ عَنَّا - ثُمَّ تَرُشُّ حَوْلَ فِراشِكَ فَإِنَّكَ تَبِيتُ اللَّيْلَةَ آمِنَّا مِنْ شَرِّهِ) رواه الديلمي في الفردوس .. ومحقق زهر الفردوس الدكتور "حسن علي ورسمه" في الجزء الثامن قال في حكمه على الحديث: ضعيف جدًّا .. (انتهى النقل)..، وقال الشيخ الألباني في حكمه على الحديث أنه حديث منكر كما في السلسلة الضعيفة.

 

- وفي (أثر ضعيف) .. بَقِيَّةُ، عَنْ زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ قَالَ: (كَتَبَ عَامِلُ إِفْرِيقِيَّةَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَشْكُو إِلَيْهِ الْهَوَامَّ وَالْعَقَارِبَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: " وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ إِذَا أَمْسَى وَأَصْبَحَ أَنْ يَقُولَ: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ} [إبراهيم: 12] " قَالَ زُرْعَةُ: «وَهِيَ تَنْفَعُ مِنَ الْبَرَاغِيثِ») رواه بن أبي الدنيا في التوكل .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (بقية بن الوليد) قد دلس في الرواية لعنعنته ..، وفيه (زُرْعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْدِيِّ) ويقال هو مذكور في كتب التراجم باسم (زرعة بن عبد الرحمن) وبعض العلماء كابن حجر العسقلاني قال أن كلاهما واحد ولكن هو تحريف في الإسم .. ولو كان كلاهما واحد فهو متروك الحديث .. وإن كان شخصين مختلفين فحينئذ نأخذ بقول الإمام أبو حاتم في (زرعة بن عبد الله) إذ قال فيه: شيخ مجهول ضعيف الحديث (راجع الجرح والتهديل لأبي حاتم ترجمة رقم2742).   

 

 

7- من الكتب الشرعية التي تخصصت في الكتابة عن البراغيث .. كتاب "البسط المبثوث في خبر البرغوث" للحافظ بن حجر (المتوفى: 852 هـ) .. و جاء بعده كتاب "الطُّرثوث في فوائد البرغوث" للإمام السيوطي (المتوفى: 911  هـ)..!! ومعنى كلمة (الطرثوث) هو نبات يؤكل .. ولا أعلم ما علاقته بالعنوان مع كلمة البرغوث .. إلا لو كان المقصد بالطرثوث كناية عن العلم الذي يحتاجه الإنسان في مسألة البرغوث مثلما يحتاج الإنسان للطعام في جسمه .. والله أعلم .!!

 

- ولكن هل كانت البراغيث .. من المسائل المهمة جدا حتى تستدعي كتابة رسائل شرعية متخصصة فيها .. ؟!! الله أعلم .

 

- ولم أطلع على كلتا الرسالتين .. ولعل في الكتابة عن البراغيث فيها وجه نظر معينة عند كلا من الحافظ بن حجر ثم من بعده الحافظ السيوطي .. مما دفعهما للكتابة عن البراغيث .. والله أعلم .. ولكن عن نفسي أجد هذا شيء مستغرب جدا .

 

8- ومن لطائف الروايات التي وجدتها ذكرت اسم البراغيث .. ولا علاقة بها .. ولكن فيها إشارة جميلة .. إذ ذهب من رجل من أهل العراق وأتى لعبد الله بن عمر يسأله عن دم البراغيث والبعوض والذباب .. !! فتعجب الصحابي عبد الله بن عمر من أنه سعى ليسأل عن حكم دم البرغوث والبعوض والذباب .. ولم يسعى للسؤال عن دم حفيد النبي صلى الله عليه وسلم بل شارك في حربه ..!!

 

- إذا جاء في (الأثر الصحيح) .. عن التابعي عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي نُعْمٍ البَجَليُّ قال: (كنتُ جالسًا عندَ ابنِ عمرَ وجاءَه رجلٌ يسألُه عن دمِ البراغيثِ ، فقال ابنُ عمرَ: انظُروا إلى هذا يسألُني عن دمِ البراغيثِ وقد قتلوا ابنَ بنتِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، وقد سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: هما ريحانتايَ منَ الدُّنيا) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء ..

 

- وقد رواه البخاري بلفظ (البعوض) بدلا من البراغيث .. فجاءت الرواية بلفظ: (عَنِ ابْنِ أَبِي نُعْمٍ، قَالَ: كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ البَعُوضِ، فَقَالَ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ العِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا، يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ البَعُوضِ، وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا») صحيح البخاري.

 

- ويوجد رواية أخرى أتى فيها ذكر الذباب بدلا من البراغيث والبعوض .. ولعل السؤال كان عن الجميع .. ولكن كل راوي تذكر شيئا .. والله أعلم .

 

- ولكن الشاهد من القصة .. هو أن بعض الناس في العراق كان عندها من الأهمية أن تعرف هل يجوز قتل البرغوث والبعوض والذباب أثناء الإحرام أم لا ؟!! .. ولكن حينما علموا أن الإمام الحسين سيتم قتله شر قتله هو وآل بيت رسول الله .. فما تحرك فيهم ساكن ليسألوا عن مشروعية ذلك وتركوهم يذبحون .. وكأن شيئا لم يكن ..!!

 

- كذلك في حياتنا كثير من الناس لديها اهتمامات .. بالتفاهة المطلقة في السؤال عن الجن والشياطين من حيث لا علم لنا به كالسؤال عن ملابسهم وكيف يتناكحون فيما بينهم .. وتركوا أن يهتموا بحالهم مع الله .. فيأتوك ليسألوك كيف ينجون من الجن والشيطان .. ولا يسأل أحدهم عن كيف ينجون من عذاب الله ويرتقون لرحمته وعفوه ..!! فهؤلاء حالهم كحال كالذي سأل عن دم البراغيث ..!!

 

#- وبهذا يكون ختام الكلام عما احببت أن أذكره لكم من بعض الحيوانات والحشرات وفيه غرابة إلى حد ما .. وتبقى أن نذكر الكلام عن آخر حيوان معنا وما فيه من معتقدات الناس .. وهو القطط بصفة عامة  والقطط السوداء بصفة خاصة .. والله ولي التوفيق.

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .