ج40: معتقدات موروثة - هل جاء في كلام الله أو كلام رسول الله ما يشير إلى أن الجن يمكن أن يتجسد في صورة القطط - أصناف الجن كما قال رسول الله - هل تعرض الشيطان للنبي أثناء الصلاة وهو في صورة قط أو هر.

       بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وطعام الشيطان غير ذلك

(الفصل الأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل الأربعون :: ج2/ المعتقد في القطط - عن إمكانية تحول الجن متجسدا في شكل قطط ::

1- س155: هل جاء في كلام الله أو كلام رسول الله ما يشير إلى أن الجن يمكن أن يتجسد في صورة القطط ؟ 

#- أولا: أصناف الجن كما قال رسول الله .

#- ثانيا: ما الذي جاء ببعض النصوص الشرعية ويظهر تمثيل الجن في صورة القطط ؟

2- س156: هل تعرض الشيطان للنبي أثناء الصلاة وهو في صورة قط ؟

***********************

:: الفصل الأربعون ::

:: ج2/ المعتقد في القطط – عن إمكانية تحول الجن متجسدا في شكل قطط ::

**********************

..:: س155: هل جاء في كلام الله أو كلام رسول الله ما يشير إلى أن الجن يمكن أن يتجسد في صورة القطط ؟ ::..

 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- جاء في الشريعة ما يدل على أن الجن له أصناف وقد أوضح لنا النبي أن هذه الأصناف ثلاثة ..
 
#- أولا: أصناف الجن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
1- (حديث صحيح) .. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الجِنُّ ثلاثةُ أصنافٍ: صِنفٌ لهم أَجنحةٌ يَطيرونَ في الهواء، وصِنفٌ حيَّاتٌ وكلابٌ، وصِنفٌ يَحِلُّونَ ويَظعَنونَ) رواه الحاكم وقال صحيح الإسناد .. وذكره الألباني في صحيح الجامع.
 
- قوله (يحلون ويظعنون): أي مثل الرحالة المتجولين في الأرض .. لأن معنى (يحلون) أن ينزلون منزلا يقيمون فيه ..، ومعنى (يظعنون): أي يرحلون ويسافرون .. والله أعلم .

#- وهذا هو الحديث الوحيد الذي وجدته صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم .. ويتكلم عن أصناف الجن .. ولكن يوجد حديث ضعيف جدا وتالف السند .. أذكره لك أخي الحبيب في الرواية التالية حتى تكون على علم به.

2- في (حديث ضعيف جدا وتالف) .. عن يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ أَبُو فَرْوَةَ الرُّهَاوِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو مُنِيبٍ الْحِمْصِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ الْجِنَّ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ حَيَّاتٌ وَعَقَارِبُ وَخَشَاشُ الْأَرْضِ، وَصِنْفٌ كَالرِّيحِ فِي الْهَوَاءِ، وَصِنْفٌ عَلَيْهِمُ الْحِسَابُ وَالْعِقَابُ، وَخَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْإِنْسَ ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ صِنْفٌ كَالْبَهَائِمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} "الأعراف: 179" .. وَصِنْفٌ أَجْسَادُهُمْ أَجْسَادُ بَنِي آدَمَ وَأَرْوَاحُهُمْ أَرْوَاحُ الشَّيَاطِينِ، وَصِنْفٌ فِي ظِلِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) رواه أبو الشيخ في العظمة واللفظ له .. ورواه بن أبي الدنيا في مكائد الشيطان ..

 
- قوله (خشاش الأرض): أي حشرات الأرض ..
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ- وفيه (يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الرَّهَاوِيُّ) .. وهو ضعيف الحديث والبعض ترك حديثه كالنسائي .. وقال أحمد بن حنيل: ضعيف، ليس حديثه بشيء، لا ينبغي أن يكتب عنه..
ب- وفيه (أَبُو الْمُنِيبِ الْحِمْصِيُّ) .. مجهول.
ج- وفيه (يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ) .. ثقة يدلس .. وقد دلس في هذه الرواية عن أبي سلمة .
د- والحديث فيه انقطاع بين أبي سلمة وأبو الدرداء .. قال بن حجر في تهذيب التهذيب ج12 ص117 : قلت: و ذكر المزي أنه لم يسمع من طلحة ولا من عبادة بن الصامت ، فأما عدم سماعه من طلحة فرواه ابن أبى خيثمة و الدورى عن ابن معين ، و أما عدم سماعه من عباده فقاله ابن خراش . و لئن كان كذلك فلم يسمع أيضا من عثمان و لا من أبى الدرداء ، فان كلا منهما مات قبل طلحة ، والله تعالى أعلم (انتهى النقل).
 
#- إذن الذي يظهر لنا والثابت عندنا أن الجن متجسدا إنما يكون في ثلاث هيئات معينة .. إما جنس يطير في الهواء أو حيات وكلاب أو من لهم القدرة على السعي في الأرض والإنتقال من مكان لآخر .. وكأن هؤلاء مثل عامري الأماكن الذين قد يتركوها للإنتقال لمكان آخر .. والله أعلم .
 
- وقد يقول قائل: لعل هذا التصنيف على الحال الغالب فيهم .. وليس أن هذا فقط هي أصنافهم ..
 
- قلت لك: هذا جائز ومحتمل .. ولكن يحتاج لدليل ..!! حيث بمنتهى البساطة أقول لك .. إذا كان النبي ذكر الكلاب والحيات .. فما الذي كان يمنع أن يذكر القطط معهم وهو حيوان متواجد معهم في المدينة بل وكان يسقيه النبي بيده ..!!
 
#- ثانيا: ما الذي جاء ببعض النصوص الشرعية ويظهر تمثيل الجن في صورة القطط ؟
- الذي وجدته في نصوص الشريعة حسب معلوماتي هو حديث واحد أشار إلى ذلك .. وهو كان عن قصة للصحابي أبي أيوب الأنصاري .. وإليك هذه القصة ..
 
1- في (حديث ضعيف): عن أَحْمَدُ بْنُ الْجَارُودِ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ شَاذَانُ، ثنا سَعْدُ بْنُ الصَّلْتِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، قَالَ: (كَانَ لِي نَخْلٌ (أي تمر نخل) فِي سَهْوَةٍ لِي (تجويف في الحائط مثل رف يضع عليه سلة أو صندوق تخزين) ، فَجَعَلْتُ أَرَاهُ يَنْقُصُ مِنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنَّكَ سَتَجِدُ فِيهِ غَدًا هِرَّةً فَقُلْ: أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ وَجَدْتُ فِيهِ هِرَّةً، فَقُلْتُ: أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَحَوَّلَتْ عَجُوزًا وَقَالَتْ: أُذَكِّرُكَ اللهَ لَمَا تَرَكْتَنِي، فَإِنِّي غَيْرُ عَائِدَةٍ، فَتَرَكْتُهَا، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ الرَّجُلُ وأَسِيرُهُ؟» فَأَخْبَرْتُهُ خَبَرَهَا، فَقَالَ: " كَذَبَتْ هِي عَائِدَةٌ، فَقُلْ لَهَا: أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، فَتَحَوَّلَتْ عَجُوزًا، فَقَالَتْ: أُذَكِّرُكَ اللهَ يَا أَبَا أَيُّوبَ لَمَا تَرَكْتَنِي هَذِهِ الْمَرَّةَ، فَإِنِّي غَيْرُ عَائِدَةٍ فَتَرَكْتُهَا، ثُمَّ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي كَمَا قَالَ لِي، فَقُلْتُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَقَالَتْ لِي فِي الثَّالِثَةِ: أُذَكِّرُكَ اللهَ يَا أَبَا أَيُّوبَ لَمَا تَرَكْتَنِي حَتَّى أُعَلِّمَكَ شَيْئًا لَا يَسْمَعُهُ شَيْطَانٌ فَيَدْخُلُ ذَلِكَ الْبَيْتَ، فَقُلْتُ: مَا هُوَ؟ فَقَالَتْ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ، لَا يَسْمَعُهَا شَيْطَانٌ إِلَّا ذَهَبَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «صَدَقَتْ وَإِنْ كَانَتْ كَذُوبًا») رواه الطبراني في الكبير وأبو الشيخ في العظمة .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند: تدليس الأعمش حيث قد عنعن في الرواية ..
 
2- ومن طريق آخر (حديث ضعيف): عن أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الْمُؤَذِّنُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُوسَى الْلَاحُونِيُّ، ثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَازِلًا عَلَى أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ فِي غَرْفَةٍ، وَكَانَ طَعَامُهُ فِي سَلَةٍ مِنَ الْمَخْدَعِ (أي من غرفة نومه) ، فَكَانَتْ تَجِيءُ مِنَ الْكُوَّةِ (فتحة أو نافذة صغيرة في الغرفة) السِّنَّوْرُ (أي القطة) حَتَّى تَأْخُذَ الطَّعَامَ مِنَ السَّلَّةِ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تِلْكَ الْغُولُ (نوع من الجن) ، فَإِذَا جَاءَتْ فَقُلْ لَهَا عَزَمَ عَلَيْكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَرْجِعِي» . قَالَ: فَجَاءَتْ، فَقَالَ لَهَا أَبُو أَيُّوبَ: عَزَمَ عَلَيْكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا تَرْجِعِي فَقَالَتْ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، دَعْنِي هَذِهِ الْمَرَّةَ، فَوَاللَّهِ لَا أَعُودُ فَتَرَكَهَا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ قَالَتْ: ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ قَالَتْ: هَلْ لَكَ أَنْ أُعَلِّمَكَ كَلِمَاتٍ إِذَا قُلْتَهُنَّ لَا يَقْرَبُ بَيْتَكَ شَيْطَانٌ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَذَلِكَ الْيَوْمَ وَمِنْ غَدٍ، قَالَ: نَعَمْ. قَالَتِ: اقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] ، قَالَ: فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «صَدَقَتْ وَهِيَ كَذُوبٌ») رواه الحاكم .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (إِبْرَاهِيمُ بْنُ بَكْرٍ الْمُؤَذِّنُ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ) مجهول الحال ..، وفيه (يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدٍ - وهو بن صيفي) قال البخاري فيه نظر (راجع الكامل في ضعفاء الرجال ترجمة رقم 2067) ..، وفيه (إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُسْلِمٍ العبدي) وهو ضعيف الحديث ..
 
3- (حديث ضعيف) .. عن الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ، ثنا يُوسُفُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، ثنا أَبُو فَرْوَةَ "وهو مسلم بن سالم النَّهْدي" ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: (كُنْتُ مُؤْذًى بِسَامِرِ الْبَيْتِ (أي بمن يسرقني ليلا) .. فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَكَانَتْ رَوْزَنَةٌ فِي بَيْتٍ لَنَا، فَقَالَ: ارْصُدْهُ (أي راقبه) .. فَإِذَا أَنْتَ عَايَنْتَ شَيْئًا (أي لاحظت شيئا) فَقُلْ: "اخْسَ" .. يَدْعُوكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ: فَرَصَدْتُ (أي جلست أراقب الغرفة) فَإِذَا شَيْءٌ قَدْ تَدَلَّى مِنْ رَوْزَنَةٍ (فتحة بالغرفة كالنافذة) ، فَوَثَبْتُ إِلَيْهِ .. وَقُلْتُ: "اخْسَ" يَدْعُوكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَتْهُ .. فَتَضَرَّعَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي لَا أَعُودُ، قَالَ: فَأَرْسَلْتُهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ غَدَوْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي كَانَ فَقَالَ: «أَمَا إِنَّهُ سَيَعُودُ» قَالَ: فَفَعَلْتُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ آخُذُهُ وَأُخْبِرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالَّذِي كَانَ، فَلَمَّا كَانَتِ الثَّالِثَةُ أَخَذْتُهُ، ثُمَّ قُلْتُ: مَا أَنْتَ بِمُفَارِقِي حَتَّى آتِيَ بِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَاشَدَنِي وَتَضَرَّعَ إِلَيَّ وَقَالَ: أُعَلِّمُكَ شَيْئًا إِذَا قُلْتُهُ مِنْ لَيْلَتِكَ لَمْ يَقْرَبْكَ جَانٌّ وَلَا لِصٌّ، قَالَ: تَقْرَأُ آيَةَ الْكُرْسِيِّ، قَالَ: فَأَرْسَلْتُهُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ؟» ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ نَاشَدَنِي وَتَضَرَّعَ إِلَيَّ حَتَّى رَحِمْتُهُ وَعَلَّمَنِي شَيْئًا أَقُولُهُ إِذَا قُلْتُهُ لَمْ يَقْرَبْنِي جِنٌّ وَلَا لِصٌّ قَالَ: «صَدَقَ وَإِنْ كَانَ كَذُوبًا) رواه الطبراني في الكبير .. (قلت خالد صاحب الرسالة) وما يضعف الحديث هو أن (يوسف بن محمد بن سابق) ليس له ترجمه ومجهول الحال ..، وقيل هو المشار إليه عند بن حبان وقد وثقه وقال أنه يروي عن وكيع .. وقال بن حبان: حدثنا عنه شيوخنا. (راجع الثقات لابن حبان ترجمة رقم 16444)..، ولكن هذا القول السابق فيه نظر .. لأن (يوسف بن محمد) هنا في الرواية لا يروي عن وكيع .. ولم أجد رواية واحدة عند الطبراني أو غيره لشخص اسمه (يوسف بن محمد بن سابق) يروي عن وكيع ..، بل ولم أجد في تلامذة وكيع بن الجراح شخص اسمه (يوسف بن محمد بن سابق) ..، ولذلك أظن أن (يوسف بن محمد بن سابق) في روايتنا هنا هو شيخ مجهول .. والله أعلم.
 
#- ويوجد احتمال آخر أظنه وهو أن (يوسف بن محمد بن سابق) قد حدث تحريف في الإسم من كلمة (صيفي) إلى كلمة (سابق) .. لأن الذي روى هذا الحديث عند الحاكم هو (يوسف بن محمد بن صيفي) كما في الرواية السابقة .. والله أعلم
 
- قوله (اخس): أي يا فاعل الفعل الخسيس – أو عار عليك .. وقد يكون الكلمة "اخسأ" وفيها تحريف كتابي قد حدث - والله أعلم.
 
- قوله (فَإِذَا شَيْءٌ قَدْ تَدَلَّى): قد يكون هذا الشيء المتدلي مثل قطعة ملابس أو مثل ذيل قطة .. ولذلك وضعت هذه الرواية هنا مع الرواية التي أظهرت أنها كانت قطة لاحتمالية ذلك ولكن ليس مؤكد ..
 
#- الروايات التالية لنفس القصة ولكن بدون ذكر (الهرة أو السنور) ..
4- (حديث ضعيف- وحسنه البعض) - والحديث الوحيد الذي وجدته أتى فيه أن الجن يتصور بصورة قطة .. كان في رواية تحكي قصة حدثت مع أبي أيوب الأنصاري: (أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَهْوَةٌ (تجويف في الحائط لتخزين الأشياء) فِيهَا تَمْرٌ، فَكَانَتْ تَجِيءُ الغُولُ (نوع من الجن) فَتَأْخُذُ مِنْهُ قَالَ: فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " فَاذْهَبْ فَإِذَا رَأَيْتَهَا فَقُلْ: بِسْمِ اللَّهِ أَجِيبِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ: فَأَخَذَهَا فَحَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ فَأَرْسَلَهَا، فَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ»؟ قَالَ: حَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ: فَقَالَ: «كَذَبَتْ، وَهِيَ مُعَاوِدَةٌ لِلْكَذِبِ»، قَالَ: فَأَخَذَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَحَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ فَأَرْسَلَهَا، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ»؟ قَالَ: حَلَفَتْ أَنْ لَا تَعُودَ. فَقَالَ: «كَذَبَتْ وَهِيَ مُعَاوِدَةٌ لِلْكَذِبِ»، فَأَخَذَهَا. فَقَالَ: مَا أَنَا بِتَارِكِكِ حَتَّى أَذْهَبَ بِكِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَقَالَتْ: إِنِّي ذَاكِرَةٌ لَكَ شَيْئًا (آيَةَ الكُرْسِيِّ) اقْرَأْهَا فِي بَيْتِكَ فَلَا يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ وَلَا غَيْرُهُ، قَالَ: فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ»؟ قَالَ: فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَتْ، قَالَ: «صَدَقَتْ وَهِيَ كَذُوبٌ») رواه أحمد والطبراني وأبو نعيم في دلائل النبوة والترمذي .. وقال الترمذي: حسن غريب .. وذكره الألباني في صحيح الترمذي وصحيح الترغيب بأنه صحيح لغيره .. وقال محققو المسند: إسناده ضعيف لسوء حفظ "محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ليلى"..، وحسنه بمجموع طرقه الشيخ أبو حذيفة نبيل بن منصور في كتاب أنيس الساري ج1 ص354 حديث رقم 241 ..، قلت (خالد صاحب الرسالة) : أظن أن تصحيح الشيخ الألباني للرواية لغيرها .. أي لما جاء في قصة أبو هريرة في صحيح البخاري .. ويقصد بذلك مساواة هذه القصة بقصة أبي هريرة .. وظهور فضيلة آية الكرسي في كونها  وسيلة للحفظ من الشيطان . ولكن هذه الرواية التي معنا هنا هي نفسها ضعيفة السند ... فانتبه.
 
5- وبطريق آخر (حديث ضعيف) .. عن أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ: (أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيَّ، كَانَ لَهُ مِرْبَدٌ لِلتَّمْرِ فِي حَدِيقَةٍ فِي بَيْتِهِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْهُ) رواه الحاكم .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (عبد الله بن لهيعه) وهو ضعيف الحديث.
 
6- وبطريق آخر (حديث ضعيف) .. أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ، أَنَا عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، ثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: (أَنَّهُ كَانَتْ لَهُ سَهْوَةٌ، فَكَانَتِ الْغُولُ تَجِيءُ، فَتَأْخُذُ مِنْهُ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِنَحْوٍ مِنْهُ) رواه الحاكم وقال: هذه الأسانيد إذا جمع بينهما صارت حديثا مشهورا، والله أعلم .. (يقصد الحاكم: أن الأحاديث الثلاثة التي هو ذكرها لو اجتمعت مع بعض صارت حديثا حسنا مقبولا) ، وقال الذهبي: هذا أجود طرق الحديث. (يقصد الذهبي: هذه الرواية الأخيرة – وهي نفس رواية الترمذي والطبراني السابق ذكرها)..، (قلت خالد صاحب الرسالة بخصوص الرواية الأخيرة): في السند (محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى) وهو صدوق ولكن سيء الحفظ جدا ..، وفيه أن رواية (أبو أحمد الزبيري) كان كثير الخطأ في روايته عن سفيان الثوري .. قال أحمد بن حنبل : كان كثير الخطأ في حديث سفيان.. والله أعلم .
 
7- وبطريق آخر (حديث ضعيف) .. إِسْحَاقُ بْنُ دَاوُدَ الصَّوَّافُ التُّسْتَرِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَسْفَاطِيُّ، ثنا فُضَيْلُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: (أَصَبْتُ جِنِّيَّةً، فَقَالَتْ لِي: دَعْنِي وَلَكَ عَلَيَّ أَنْ أُعَلِّمَكَ شَيْئًا إِذَا قُلْتَهُ لَمْ يَضُرَّكَ مِنَّا أَحَدٌ، قَالَ: قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَتْ: آيَةُ الْكُرْسِيِّ {اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «صَدَقَتْ وَهِي كَذُوبٌ») رواه الطبراني في الكبير .. (قلت خالد صاحب الرسالة): وفي السند (إِسْحَاقُ بْنُ دَاوُدَ الصَّوَّافُ التُّسْتَرِيُّ) وهو مجهول الحال.. وفيه (شريك بن عبد الله القاضي) مختلف عليه بين الضعف والتوثيق ..
 
#- وخلاصة القول:
1- أن الصحيح الذي بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم .. أن الجن ثلاثة أصناف منهم الكلاب والحيات ولم يذكر أنواع أخرى من الحيوانات .. حتى نعتقد أنه خلاف ذلك .
 
2- قصة أبي أيوب الأنصاري مع الغولة التي أتت بيته لتسرقه .. كل الطرق لم يصح منها شيء ولا تخلو من ضعف مثل أحاديث الطبراني التي ذكرتها ورواية أبو الشيخ .. حتى قال محققو المسند: ولا يخلو إسناد منها من ضعف عند تحقيق الحديث رقم 23592 .. ثم ذكروا روايات أخرى للإمام الحاكم وضعفوها .. وقد ذكرتها من قبل من ضمن الروايات السابقة.
 
- ولكن البعض يظن من مجموع طرق هذه القصة أنها ترتقي لدرجة الحديث الحسن ..
 
- علما بأن هذا التحسين لا يرتقي بالرواية لتكون حجة .. لكونها في أصلها ضعيفة .. وإنما هي تصلح كشواهد لفضيلة آية الكرسي لما جاء في روايات أخرى صحيحة في قصص حدثت مع الصحابة كأبي هريرة ..
 
3- من الأسباب التي تجعلني لا أقبل الروايات بخلاف ضعف أسانيدها .. أو على وجه التحديد عدم قبول جزئية تحول الغول لهيئة قطة .. حتى ولو كان لفترة للحظات .. وليس لفترة مستمرة .. هو الآتي:
أ- أن الجني لو كان له إمكانية أن يتحول لهيئة القطط لكان أخبرنا النبي عن ذلك .. سواء حينما تكم عن أصناف الجن .. أو حينما تكلم عنها بأنها من الطوافين علينا .. بل لكان أخبرنا أن منهم من قد يكون جنا من الجان .. ولكن هذا لم يحدث .. هذا الإضافة إلى أن جماعة القطط كانت تعيش معهم في المدينة ولم يذكر النبي ولا أحد من صحابته أن الجن يتحول لقطط ..!!
 
ب- مرة الروايات تقول أنها غول أنثى أتى ليسرق وهو غالب الروايات .. ورواية عند الطبراني تقول هو ذكر وليس أنثى .. وروايات تقول أن النبي قال لأبي أيوب قال لإظهار هذا الجن: (اخس) ورواية تقول (أجيبي رسول الله) ورواية تقول (بسم الله أجيبي رسول الله) .. ورواية تقول: (عزم عليك رسول الله) ..!!
 
ج- لو كان للجن إمكانية على التحول لشكل القطط لكان النبي أخبرنا عن ذلك .. لأن الشيطان حينئذ يتحول إلى قطط وكما ظهر في الرواية السابقة .. ولو عاش معنا في البيت ولمس لعابه الماء والطعام لكان الشيطان يعيش معنا بل ولأصبح كل شيء في طعامنا وشرابنا بل وكل شيء يلمسه القط حينئذ هو نجس لأنه في الحقيقة هو شيطان وليس قط أو سنُّور .. وما كان يخفى على الوحي أن يخبره بذلك حتى يخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فهذا شيء مهم .. كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن حيات البيوت ..!!
 
د- ثم كيف للشيطان أن يتحول لما هو طاهر في كليته ظاهرا وباطنا وليس من مواصفاته الغدر والأذى وهو القط .. في حين الشيطان نجس ظاهرا وباطنا ونيته هو الغدر والأذى ولذلك يمكن له أن يتحول لثعبان مميت ..؟!!
 
هـ- ولو كانت هذا ممكنا أن يتحول الشيطان لقط .. لكان هذا وسيلة لكل الناس في طرد كل قط وقتله احترازا من ان يكون هو شيطان متجسد حينئذ .. في حين النبي اوصانا بالعطف عليهم من خلال أفعاله وكلامه .
 
و- هذا بخلاف ظهور السنور أو الهرة في روايتين واختفائها من باقي الروايات .. وكأن بعض الرواة أنكر مسألة القطة فحذفها من القصة .. والله أعلم .
#- فما سبق كافي لرفض متن تلك الروايات .. حيث أنه يجعلك في شك واحتمال كبير في فساد هذه الروايات خاصة في جزئية السنور أو الهرة أو القطة وجزئية طريقة إظهار الجن في صورة يستطيع أن يمسكها الصحابي .. فما بالك مع ضعف الأسانيد لتلك الرواية أصلا ..!!
 
5- وأخيرا قد يخطر ببالك فتقول: كيف نعقل أن تأخذ القطة التمر وتجري به ؟!!
- قلت لك: لم يتبين من الروايات أنها كانت تأخذ التمر وتهرب به .. وإنما لعل المقصد هو أنها تكون في حالة تمثيل مؤقت لثواني من أجل الدخول إلى الغرفة ثم تكون في شكل آخر بعد ذلك وتكون في شكل معين له يدين يستطيع أن يأخذ بها التمر وتأكله .. ثم بعد ذلك تتحول بعد ذلك لهيئة قطة وترحل من فتحة الغرفة التي دخلت منها ..
 
6- لم أجد في الشريعة الإسلامية نص حقيقي صريح وصحيح يدل على أن الجن يتحول لقطة .. بل الصحيح على أن القطط جنس لطيف ولا ينجس شيئا .. ولا يتحول الجن ولا الشيطان إلى قطة متجسدة .. وإنما قد يظهر في صورة متخيلة للناظر كأنه قطه .. فممكن .. لأن هذا مجرد خيال وليس حقيقة .. ويظهر كأنك تراه حقيقة .. ولكنك لا يمكن أن تمسكه ..
 
- والله أعلم .

 *****************

..:: س156: هل تعرض الشيطان للنبي أثناء الصلاة وهو في صورة قط ؟ ::..

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من الأمور التي تجدها في كتب العلماء من شارحي الأحاديث .. حديثا يدل على أن الشيطان قد تشكل في هيئة قط وظهر للنبي وهو يصلي .. وهذا قد تفهم منه أنه دليل على إمكانية تجسد الشيطان وظهوره في صورة قط أو سنور أو هر ..  
 
- وحتى نتبين الأمر .. فيجب أن نذكر الرواية الأصلية .. ثم نذكر الرواية التي أشار إليها بعض العلماء في شرحهم للرواية الأصلية ..
 
#- أولا: الرواية الأصلية في تعرض الشيطان للنبي وهو يصلي بالليل وحده..
1- (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أنه صلَّى صلاةً: قال: إنَّ الشيطانَ عرَض لي: فشَدَّ عليَّ ليَقطَعَ الصلاةَ عليَّ، فأمكنَني اللهُ منه فَذَعَتُّهُ "أي دفعته"، ولقد همَمتُ أن أوثِقَه إلى سارِيةٍ حتى تُصبِحوا فتَنظُروا إليه، فذكَرتُ قولَ سُلَيمانَ عليه السلامُ: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي}. فردَّه اللهُ خاسِيًا "أي مطرودا ومبعودا") رواه البخاري
 
2- (حديث صحيح) .. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (إنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ جَعَلَ يَفْتِكُ عَلَيَّ البارِحَةَ، لِيَقْطَعَ عَلَيَّ الصَّلاةَ، وإنَّ اللَّهَ أمْكَنَنِي منه فَذَعَتُّهُ، فَلقَدْ هَمَمْتُ أنْ أرْبِطَهُ إلى جَنْبِ سارِيَةٍ مِن سَوارِي المَسْجِدِ، حتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إلَيْهِ أجْمَعُونَ، أوْ كُلُّكُمْ، ثُمَّ ذَكَرْتُ قَوْلَ أخِي سُلَيْمانَ: {رَبِّ اغْفِرْ لي وهَبْ لي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِن بَعْدِي} [ص:35]، فَرَدَّهُ اللَّهُ خاسِئًا) صحيح مسلم.
 
- ومعنى قوله (يفتك علي البارحة): أي يعترضني ليفسد عليَّ صلاتي ..
- وفي رواية البخاري بلفظ (إنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ البارِحَةَ ..).
 
3- (حديث حسن) .. عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:
(اعْتَرَضَ لِي الشَّيْطَانُ فِي مُصَلاَّي، فَأَخَذْتُ بِحَلْقِهِ فَخَنَقْتُهُ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ لِسَانِهِ عَلَى كَفِّي، وَلَوْلاَ مَا كَانَ مِنْ دَعْوَةِ أَخِي سُلَيْمَانَ لأَصْبَحَ مَرْبُوطًا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ) رواه النسائي في الكبرى وبن حبان في صحيحه .. وقال الأرنؤوط: إسناده حسن.
 
- وفي رواية بلفظ: (فَخَنَقْتُهُ حَتَّى إِنِّي لأَجِدُ بَرْدَ لِسَانِهِ عَلَى إِبْهَامِي، فَرَحِمَ اللَّهُ سُلَيْمَانَ، لَوْلاَ دَعْوَتُهُ أَصْبَحَ مَرْبُوطًا تَنْظُرُونَ إِلَيْهِ) رواه النسائي في الكبرى بسند صحيح .. ولكن فيه مخالفة للرواية السابقة بين قوله (إبهامي) - (كفي) ..!!
 
#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على رواية النسائي: في نفسي شيء من رواية (حتى وجدت برد لسانه على كفي) (إبهامي) .. وأشعر أنها زيادة منكرة في الرواية .. حتى أن رواتها ليسوا بقدر الثقات في البخاري ومسلم .. حتى وإن كان بعض رواتها استدل بهم البخاري ومسلم ولكن ليس في الأصول وإنما كمتابعات ..!! والله أعلم.
 
4- (حديث ضعيف) .. إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (دَخَلْتُ الْبَيْتَ فَإِذَا شَيْطَانٌ خَلْفَ الْبَابِ، فَخَنَقْتُهُ حَتَّى وَجَدْتُ بَرَدَ لِسَانِهِ عَلَى يَدَيَّ، فَلَوْلَا دَعْوَةُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ، لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا يَرَاهُ النَّاسُ) رواه الطبراني في الكبير .. وقال الهيثمي: رواه الطبراني وإسناده حسن .. (قلت خالد صاحب الرسالة): إسناده ليس حسن وإنما ضعيف .. لوجود (مجالد بن سعيد بن عمير) وهو ضعيف الحديث .. وقال يحيى بن معين والدارقطني وأبو حاتم وبن حبان: لا يحتج بحديثه .. وضعفه أحمد بن حنبل وغيره .. ومرة وثقة النسائي ومرة قال ليس بالقوي .
 
#- والآن أخي الجبيب:
- لقد ذكرت لك ما هو متفرقا من ألفاظ الرواية المختلفة في واقعة تعرض الشيطان للنبي وهو يصلي منفردا لوحده .. وكذلك عرضت رواية غريبة ذكرها الطبراني من باب الإشارة لضعفها .. وما ذكرته لك من تعرض الشيطان للنبي بخلاف واقعة أخرى حدثت بتعرض الشيطان له أثناء صلاته مع بعض الصحابة .. ولكن يهمنا هنا ما حدث له حينما كان يصلي منفردا بالليل لأنها محل السؤال الذي نتكلم عنه .. وسبب قولي أنه يظهر من الرواية أنه كان يصلي منفردا بالليل هو قوله في الرواية (حتَّى تُصْبِحُوا تَنْظُرُونَ إلَيْهِ أجْمَعُونَ) فهذا معناه أنه لم يكن أحد معه وأن هذه الواقعة حدثت بالليل .. والله أعلم .
 
- وهذه الرواية التي قالت بتعرض الشيطان للنبي منفردا .. قد ذكرها البخاري ومسلم والنسائي في الكبرى وأحمد في مسنده والبيهقي في الشعب وبن حبان في صحيحه وابن أبي شيبه في مصنفه واسحاق بن راهويه في مسنده وأبو عوانه في مستخرجه وغيرهم ..
 
- وكل هؤلاء ولم يذكر واحد فيهم في روايته التي أخذها عن مشايخه .. كيف كان شكل هذا الشيطان الذي تعرض للنبي في وهو يصلي ..!!
 
#- ثانيا: الرواية المجهولة التي ذكرها بعض العلماء في كتبهم وقالوا عنها أن الشيطان ظهر في صورة هر أو قط ..
- في شرح الروايات الأصلية السابقة عند البخاري ومسلم .. تجد بعض شراح الأحاديث يذكر رواية مجهولة لم أجدها حتى اطمأننت أن ليس لها وجود ..!!
 
- وأقدم مصدر ذكر هذه الرواية حسب ما وجدت .. هو الإمام بن بطال رحمه الله في تفسيره وشرحه للبخاري .. وإليك ما قاله ..
 
#- قال الإمام بن بطال رحمه الله (المتوفى: 449هـ):
- وأما حديث الشيطان الذى عرض للنبي (صلى الله عليه وسلم) في الصلاة، فقد رواه عبد الرزاق مفسرًا، فقال: (عرض لي في صورة هرّ)، فهذا معنى قوله: (فأمكنني الله منه) أي صوره لي في صورة الهرِّ مشخصًا يمكنه أخذه، فأراد ربطه .. (شرح البخاري لابن بطال ج 3 ص 200).
 
- ثم من بعد ما ذكره الإمام بن بطال .. قد ظهر بعده الآتي من كتب التراث التي نقلت نفس كلامه أو بعضا منه خاصة جزئية أن عبد الرزاق قد ذكر كذا وكذا .. ومن العلماء التي نقلوها في كتبهم بعد بن بطال كان .. القاضي عياض في الشفا ، وبن الملقن في التوضيح ، وبن حجر في فتح الباري ، والمقريزي في إمتاع الأسماع، ، والدميري في كتاب الحيوان، وبدر الدين العيني في عمدة القاري ، والمناوي في التيسير، والشوكاني في فتح القدير..، وغيرهم من العلماء في كتبهم العلمية عند تحقيق رواية البخاري ومسلم .. ولم يذكر أحد فيهم سندا لرواية عبد الرزاق .. ولم أجد هذه الجزئية (عرض لي في صورة هر) في مصنف عبد الرزاق ولا تفسيره ولا في جامع معمر بن راشد .. ولا في أي مرجع من مراجع الأحاديث ولا كتب السيرة ولا كتب التفسير المتاحة عندي .. !!
 
#- خلاصة القول:
1- أن الذي يقول أن الشيطان الذي اعترض النبي وهو يصلي كان في صورة هر أو قط .. فليأت بدليل من الحديث الصحيح .. وليس بكلام منقول من شروح علماء لم يتحققوا من مصدر المعلومة التي نقلوها في كتبهم .. وإنما هو باعتبار حسن الظن بمن كتبها أول مرة ثم نقلوا المعلومة منه دون تحقيق ..!!
 
- وإذا لم يتبين وجود لهذه الرواية .. فيكون هذا الجزء (عرض لي في صورة هر) هو رواية غير صحيحة ومجهولة .. ولعل أول من ذكرها من العلماء في كتابه قد وهم وأخطأ في النقل .. والله أعلم .
 
- وبالتالي فالرواية ليست محل دليل لإثبات أن الشيطان يتصور متجسدا في صورة هر أو قط ..!!
 
2- من ناحية أخرى .. الرواية التي ذكرها البخاري ومسلم .. قد نفهم منها أن الشيطان قد اعترض النبي .. ولكن ماهية هذا الإعتراض غير واضحة .. فقد يكون اعتراض بالوسوسة .. ثم كان سيطلب من الله أن يظهره له فيربطه بالمسجد ..، وقد يكون هو اعتراض بصورة تخيلية تظهر أمامه حتى لو ظننا بصحة رواية (وجود برودة على كف يده حينما خنقه) فهذا قد يستشعره من لديهم تعامل مع العامل الروحاني كحال الرائي تماما في الأحلام الذي يقول لك رأيت كذا واستشعرته وكأنه حقيقي فعلا ..، وقد يكون اعتراض بصورة مادية ملموسة ..
 
- إذن ألفاظ الرواية تحتمل التأويل الظاهري وتحتمل التأويل المعنوي .. وعن نفسي كنت اخترت أن الإعتراض كان بصورة مادية تماشيا مع كلام العلماء وذلك في رسالة (التمثيل الروحاني) .. ولكن الأمر محتمل .. والله أعلم .

************************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .