ج41: معتقدات موروثة - هل القطط السوداء شياطين والجن يتجسد بصورة القطط السوداء - احذر وانتبه يا مؤمن وخد بالك من حديث الجان الأبيض.

        بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها

عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وطعام الشيطان غير ذلك

(الفصل الحادي والأربعون)

#- فهرس:

:: الفصل الحادي والأربعون :: ج3/ المعتقد في القطط السوداء – القطط السوداء ليست شياطين ولا الجن يتجسد بصورة قطط سوداء ::

1- س157: هل القطط السوداء شياطين والجن يتجسد بصورة القطط السوداء ؟

#- أولا: كلام بعض أهل الفتوى في نقلهم لكلام ابن تيميه فيه خطأ ومخالفة لظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..

#- ثانيا: ما قاله الشيخ بن تيميه تصور الشياطين في شكل قطط سوداء .. كلام يحتاج لمراجعة عقلية وشرعية .. لمخالفته العقل والشرع إن كان يقصد بالتصوير هو التجسيد.

#- ثالثا: كلام الشيخ بن تيميه مستدلا بأن السواد أجمع للقوى الشيطانية.. فهذا كلام غير مقبول أيضا على إطلاقه.

#- رابعا: احذر وانتبه يا مؤمن وخد بالك من حديث الجان الأبيض.

***********************

:: الفصل الحادي والأربعون ::

:: ج3/ المعتقد في القطط السوداء - القطط السوداء ليست شياطين ولا الجن يتجسد بصورة قطط سوداء ::

**********************

..:: س157: هل القطط السوداء شياطين والجن يتجسد بصورة القطط السوداء ؟ ::..

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- من المعتقدات السائدة في كثير من النفوس بل والبلدان .. هي أن القطط السوداء .. هي نوع من الشياطين متجسدا ويعيش بيننا .. !!

- وهذا كلام خطأ ويحتاج إلى وقفة وتبيان للأمر .. خاصة وأن هذا الكلام مخالف لظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم.

 

1- (حديث حسن صحيح) .. جاء عَنْ كَبْشَةَ بِنْتِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَتْ تَحْتَ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ: (أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ، دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَكَبَتْ لَهُ وَضُوءًا، فَجَاءَتْ هِرَّةٌ لِتَشْرَبَ مِنْهُ فَأَصْغَى لَهَا أَبُو قَتَادَةَ الْإِنَاءَ حَتَّى شَرِبَتْهُ، قَالَتْ كَبْشَةُ: فَرَآنِي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَتَعْجَبِينَ يَا بِنْتَ أَخِي؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجَسٍ، إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ، وَالطَّوَّافَاتِ») رواه الترمذي وقال: حسن صحيح .. ورواه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح ..

 

- فالقطة مخلوق ضعيف وموصوف بذلك .. بدلالة لفظ (الطوافين) أي الساعين على البيوت طلبا للطعام والشراب لهم .. ولو كان فيها مشكلة ظاهرة أو تحذير لكان ظهرت هذه الإشارة في كلام النبي .. كما سبق وناقشنا ذلك في الفصل السابق ..

 

2- إذا كان النبي قال (إنها ليست بنجس) وغير مؤذية بدلالة لفظ (الطوافين) .. فلا يمكن للشيطان أن يتجسد بهيئة القط لأن الشيطان نجس ومؤذي .. ولو كان يمكن للشيطان ذلك .. لكان أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .. وما كان فتح لنا الباب للتعامل مع القطط بمنتهى البساطة والأريحية هكذا دون أن ينبهنا لخطر مثل ذلك .. فهذا غير معقول ..!!

 

3- أما كون القطط السوداء هي شيطان .. فهذه كلام غير صحيح والواقع يشهد ببطلان ذلك .. فلازالت القطط السوداء تعيش بين الناس ولا نرى منها مكروها .. بل لازالت من الطوافين طلبا للطعام والشراب ..!!

- ولا دليل من الدين على ذلك ..!!

 

4- ويزعم بعض أهل الفتوى على الإنترنت بأن القطط السوداء شيطان .. وهذا قول بدعي غريب .. ولعلهم أتوا بهذه البدعة في فهمهم عن القطط من كلام الشيخ بن تيميه رحمه الله إذا دائما يستدلون بقوله ولا قول غيره .. إذ يقول بن تيميه: "فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود .. لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة". (راجع مجموع الفتاوى ج19 ص52).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة):

- أولا: كلام بعض أهل الفتوى في نقلهم لكلام ابن تيميه فيه خطأ ومخالفة لظاهر كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..

- فهم ينقلون كلام الشيخ بن تيميه السابق ذكره .. ولا يكتبون للقاريء أنه مجرد رأي يحتمل الصواب والخطأ .. وإنما يتركون كلامه فيظن المؤمن من كلامهم أن كلام الشيخ بن تيميه إنما هو عن عقيدة دينية ومثبته في كلام الله ورسوله .. وهذا كلام باطل .. حيث لا يذكرون أن هذا الكلام هو مجرد رأي فقيه .. وليس عقيدة دينية .. فضلا عن أن هذا ليس في كلام الله ولا يشير إليه كلام رسول الله .. بل هو كلام مخالف لكلام رسول الله إن كان مقصد الشيخ بن تيمية بالتصور هو التجسيد في صورة قطط .. وليس مجرد الظهور كخيال في عين الرائي .. (لأن كلامه ليس واضحا بالمقصد من قوله "صورة") .. !!

 

- والغريب أصلا أن الشيخ بن تيمية قال كلامه ليس عن دين أصلا .. وإنما عن رأي هو تفكر فيه وظنه .. !! ثم أتى من قرأ كلامه وينشرونه بين الناس على أنه معتقد ديني .. وهذا من أعجب ما يمكن أن تقرأه للناس ..!!

 

- وفي العموم يكون الاستناد في المسائل العقدية على كلام الله ورسوله .. إذ أن الصواب أن يقال القطط بكل ألوانها وأنواعها من قطط البيوت الأهليه إنما هي من الطوافين على الناس في البيوت طلبا للطعام والشراب ولهم حق الضيافة بالطعام والشراب عند الإستطاعة فعل ذلك لهم .. وعند هذا الحد تتوقف عقيدة المؤمن عند كلام النبي صلى الله عليه وسلم ..

 

- ولكن بدلا من الإلتزام بكلام الله ورسوله "خاصة وأن للنبي كلام في جزئية القطط واضح وصريح" .. فهم يكتفون بإثبات كلام الشيخ بن تيميه رحمه الله وكأنه عقيدة دينية وليس كأنه رأي شخصي له ..!! وهذا كلام خطأ جدا .. ويترتب عليه خلافات شديدة بين المؤمنين إذ أن البعض يظن كلام الشيخ بن تيميه هو كلام قاله عن الله أو رسوله .. في حين مجرد رأي خاص به ولا هو كلام عن الله ولا عن رسوله ..!!

 

#- ثانيا: ما قاله الشيخ بن تيميه تصور الشياطن في شكل قطط سوداء .. كلام يحتاج لمراجعة عقلية وشرعية .. لمخالفته العقل والشرع ..

- في كلام بن تيميه السابق ذكره قال: "فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود .. لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية .. من غيره وفيه قوة الحرارة".

#- لو كان مقصد بن تيميه أن التصوير يقصد به التجسيد في هيئة كلاب وقطط سوداء "وأحسبه يقصد ذلك بدلالة ذكر الكلاب في سياق الكلام" .. فهذا حينئذ كلام فيه نظر .. ليه:
1- أما الكلاب فلا خلاف عليها .. من حيث أن النبي أخبرنا بذلك أن صنف من الجن يكون كلبا وهو الذي لونه أسود بهيم أي لا يوجد في جسمه شعرة بيضاء ..
 
2- أما عن قول الشيخ بن تيميه (فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً - وكذلك بصورة القط الأسود) .. فهنا يجب أن نسأل:
 
- من أين هو يعلم أن الجن تتصور بصورة الكلاب كثيرا وكذلك بصورة القطط السوداء ؟!! أهذا عن كشف روحاني منه أم عن معرفة وحقيقة دينية ؟!!
 
أ- فلو كان عن كشف .. فهل هو معصوم يوحى إليه لنصدقه وننشره بين الناس للدلالة على إمكانية تحول الجن للقط الأسود ونترك كلام النبي صلى الله عليه وسلم فيما قاله في حق القطط الأهلية "المنزلية" بصفة عامة دون تخصيص للون أو فصيلة ؟!!
 
ب- ولو كان عن معرفة دينية فأين هي هذه المعرفة الدينية ؟!!
- بمعنى أبسط أين في الدين قيل أن القطط السوداء هي شياطين ؟!! فين هذا الكلام ؟!!
 
- بل لو كان عن كشف .. فما الضامن لصحة كشفه هذا .. وطالما المسألة كشفا .. فلماذا نقبل هذا الكشف .. ونترك غيره من الكشوفات .. أم أن الذين يزعمون كلام الشيخ بن تيميه وينشرونه كأنه عقيدة دينية في الجن .. يزعمون أنه معصوم ؟
 
- الله أعلم ما هو معتقدهم فيه .. ولكن الذين ينشرون كلام الشيخ بن تيميه وكأنه عقيدة دينية وكلام معتمد وحجة شرعية .. فمن يفعل ذلك فهو إنسان ضال ومضلل بكل تأكيد .. وحسابه عند ربه جزاء ما فعل .. ويكفي أنه نشر بدعة مخالفة لكلام النبي صلى الله عليه وسلم .. وهذا شيء عجيب جدا ..!!

- والذي أظنه من كلام الشيخ بن تيميه عن القطط السوداء .. أنه يقصد أن الجن يتصور فعلا بمعنى يتجسد في هيئة قطط وليس مجرد صورة تخيلية في عين الرائي .. بدليل ذكره للكلاب .. بل وأنه قال في مكان آخر في فتاويه (مجموع الفتاوى ج 19 - 44 - 45): "والجن يتصورون في صور الإنس والبهائم .. فيتصورون في صور الحيات والعقارب وغيرها .. وفي صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير .. وفي صور الطير .. وفي صور بني آدم ...." (انتهى النقل)..، ثم أتى بعد ذلك بقصتين تدلان على أنه يقصد بالتصوير هو التجسيد في عالم الواقع بهذه الأشكال التي ذكرها .. منهما قصة سراقة بن مالك وقصة الشيطان الشيخ النجدي الذي ظهر للكفار في دار الندوة .. !!.. وهذا يعني أنه يقصد بالتصوير هو التجسيد الحقيقي الملموس وليس التخيلي ..!!

-  وقد سبق الرد على مقولته هذه في (رسالة الملاك والجن والشيطان وإمكانية تمثيله وتجسيده في صورة إنسان - س 33: هل كان الشيخ بن تيميه على صواب في استدلاله على تجسيد الشيطان في صورة إنسان بالآيات القرآنية وأحاديثها المرتبطة بها؟) .. فارجع إلى الرسالة المشار إليها لو أردت.

 

#- ثالثا: كلام الشيخ بن تيميه مستدلا بأن السواد أجمع للقوى الشيطانية .. فهذا كلام غير مقبول أيضا على إطلاقه ..

- فحينما قال: "فإن الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود .. لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره .. وفيه قوة الحرارة".

 

- فقول الشيخ بن تيمية (لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره) .. فهذا كلام فيه نظر أيضا .. ليه ؟!!

 

1- لأن ما علاقة السواد كونه أجمع للقوى الشيطانية بكونه يتحول للون أسود ..!! إذا قد يقال أن ظلمة الليل أجمع لانتشار الجن فيه عموما ومنهم الشياطين لأنهم يكتسبون من ظلمة الليل مزيد قوة وعزيمة للسعي .. ولكن ما علاقة هذا بكونه يتحول للون أسود أو أخضر أو أبيض إذا كان يستمد قوته من سواد الليل نفسه ..؟!!

 

2- فعلى منطق الشيخ بن تيميه فيكون كل ما هو أسود إنما قد يكون عن تحول للجن إلى صور الحيوانات .. وإلا فلماذا قال ذلك عن القطط ومن أين أتى به وخصهم بذلك ؟!! .. فعل هذا المنطق يكون القرد الأسود كالغوريلا .. والقنفد الأسود والحيات السوداء والفهود السوداء والعناكب السوداء والدببة السوداء والأرانب السوداء وغير ذلك .. مما يستحيل العقل أن يقبل أو يصدق منطق أن كل ما هو أسود من الحيوان يمكن أن يكون شيطان أو جن ..!!

 

@- ويتبقى السؤال: هل قال النبي أن القطط السوداء شياطين كما قال في الكلاب ؟!! يبقى لماذا نعتدي على كلام النبي ونخالف كلامه ونجعل من كلام بعض المشايخ في القطط عقيدة دينية ونصدقها ونؤمن بها لدرجة أن نحرم القطط السوداء من نعمة الشفقة والرحمة بها ونتهمها بأنها شيطان ؟!! ..

 

- سبحان الله .. حرم بعض الشيوخ القطط السوداء شفقة الإنسان عليها ومساعدتها والرفق بها بمجرد كلام الشيخ بن تيميه .. وأخافوا الناس منها بكلام شيخ وكأنه كلام الوحي .. فامتنع الناس عن الرفق بها والعطف عليها .. وكأنهم لم يصدقوا كلام النبي صلى الله عليه وسلم في أنهم من الطوافين علينا بالبيوت ..!! وحسبهم ما فعلوا ..!!

 

2- ومن ناحية أخرى فيما يتعلق بكلام الشيخ بن تيميه .. فالليل أيضا ليس بالضرورة أن يكون أجمع للقوى الشيطانية .. أو الجن عموما .. ودليل ذلك:

#- عَنِ أَبِي السَّائِبِ، مَوْلَى هِشَامِ بْنِ زُهْرَةَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي بَيْتِهِ قَالَ: (فَوَجَدْتُهُ يُصَلِّي، فَجَلَسْتُ أَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَقْضِيَ صَلَاتَهُ، فَسَمِعْتُ تَحْرِيكًا تَحْتَ سَرِيرِهِ فِي بَيْتِهِ، فَإِذَا حَيَّةٌ، فَقُمْتُ لِأَقْتُلَهَا فَأَشَارَ إِلَيَّ أَبُو سَعِيدٍ اجْلِسْ، فَجَلَسْتُ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَشَارَ إِلَى بَيْتٍ فِي الدَّارِ» فَقَالَ: «تَرَى هَذَا الْبَيْتَ» فَقُلْتُ: نَعَمْ فَقَالَ: " إِنَّهُ كَانَ فِيهِ فَتًى مِنَّا حَدِيثُ عَهْدٍ بِعُرْسٍ، فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْخَنْدَقِ، فَكَانَ ذَلِكَ الْفَتَى يَسْتَأْذِنُهُ بِأَنْصَافِ النَّهَارِ يُطَالِعُ أَهْلَهُ، فَاسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُذْ سِلَاحَكَ، فَإِنِّي أَخْشَى عَلَيْكَ قُرَيْظَةَ، فَأَخَذَ الرَّجُلُ سِلَاحَهُ ثُمَّ ذَهَبَ، فَإِذَا هُوَ بِامْرَأَتِهِ قَائِمَةً بَيْنَ الْبَابَيْنِ، فَهَيَّأَ لَهَا الرُّمْحَ لِيَطْعَنَهَا بِهَا، وَأَصَابَتْهُ الْغَيْرَةُ» فَقَالَتْ: " اكْفُفْ رُمْحَكَ (أي أنزل رمحك) حَتَّى تَرَى مَا فِي بَيْتِكَ، فَدَخَلَ، فَإِذَا هُوَ بِحَيَّةٍ مُنْطَوِيَةٍ عَلَى فِرَاشِهِ، فَرَكَزَ فِيهَا الرُّمْحَ (أي رشق فيها الرمح وغرز فيه)، فَانْتَظَمَهَا فِيهِ (فأصابها في جسمها)، ثُمَّ خَرَجَ فَنَصَبَهُ فِي الدَّارِ، فَاضْطَرَبَتِ الْحَيَّةُ (أي تحركت فجأة لبقايا روح فيها) فِي رَأْسِ الرُّمْحِ، (أي ولدغت الفتى) وَخَرَّ الْفَتَى مَيِّتًا فَمَا يُدْرَى أَيُّهُمَا كَانَ أَسْرَعَ مَوْتًا الْفَتَى أَمِ الْحَيَّةُ؟ فَجِئْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ وَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ اللهَ لَهُ أَنْ يُحْيِيَهُ " فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِصَاحِبِكُمْ» ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ بِالْمَدِينَةِ جِنًّا قَدْ أَسْلَمُوا فَمَنْ بَدَا لَكُمْ مِنْهُمْ فَآذِنُوهُ ثَلَاثًا، فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَانٌ) رواه النسائي في السنن الكبرى برقم 8820 واللفظ له ..، ورواه بن حبان برقم 5637 .. وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط في تخريج صحيح بن حبان: إسناده صحيح على شرط مسلم.

 

- وفي لفظ: (فَدَخَلَ فَإِذَا حَيَّةٌ عَظِيمَةٌ مُنْطَوِيَةٌ عَلَى فِرَاشِهِ) عند بن حبان .

 

#- إذن يمكن للجن المتشكل في صورة حيات أن يظهر في النهار متجسدا .. ولا يعوقه ضوء النهار وإن كان هذا ليس حاله الدائم .. ولا علاقة له لا بسواد شعر الجسم ولا بسواد الليل ..!!

 

#- رابعا: احذر وانتبه يا مؤمن وخد بالك من حديث الجان الأبيض:

- كنت سأستدل برواية على أن الجن قد يتحول للون أبيض .. ولكني وجدت الرواية أنها ليست بحديث نبوي كما يذكر البعض ذلك في بعض كتب التراث بالخطأ .. والبعض يذكره عن قول الصحابي بن مسعود وهذه هي الرواية فعلا أنها من قول بين مسعود .. وقد ظننت أن الرواية صحيحة كما قال الشيخ الألباني .. ولكن تبين لي أنها رواية ضعيفة عند محققي الأحاديث .. وإليك بيان ذلك:

 

- (أثر موقوف ضعيف وليس صحيح) .. عَنْ مُغِيرَةَ "بن مُقسم"، عَنْ إِبْرَاهِيمَ "النَّخْعِي"، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ كُلَّهَا، إِلَّا الْجَانَّ الْأَبْيَضَ، الَّذِي كَأَنَّهُ قَضِيبُ فِضَّةٍ) رواه أبو داود .. وقال الأرنؤوط: رجاله ثقات .. ثم تكلم عن سند الرواية ومال إلى الرأي القائل بأن رواية النخعي عن بن مسعود هي رواية مرسلة (أي ضعيفة) لأنها منقطعة بين إبراهيم وبين بن مسعود..، والغريب أنه قد أشار لصحته الشيخ الألباني في صحيح أبي داود وهذا التصحيح مأخوذ من تحقيقه الثاني لمشكاة المصابيح...!!

 

@- والإمام أبي داود راوي الحديث السابق .. قد ذكر تعقيبا بعد روايته لكلام الصحابي بن مسعود قال: فقال لي إنسان: الجان لا ينعرج في مشيته .. فإذا كان هذا صحيحا كانت علامة فيه إن شاء الله. (نقلا من سنن أبي داود حديث برقم 5261).

 

#- قلت (خالد صاحب الرسالة) تعقيبا على ما سبق:

- أن معنى كلام الصحابي بن مسعود .. أن هناك نوعا من الجن يسكن البيوت وقد يظهر بصورة جان أبيض أن حية صغيرة يكون لونها أبيض أو كانه قضيب أو عصا لونها فضي ..، ثم قال الإمام أبو داود أن شخص قال له أن علامة هذه الحية أن تعلم أنها جان أم لا .. هو أن تسير في خط شبه مستقيم وليس في صورة انحناءات ..

 

-  ولكن ما قيل للإمام أبي داود فيه نظر .. لأن الحية تجمع قوة دفعها من انحناءات جسمها لتعرف كيف تسير .. والذي يسير في خط مستقيم هو الديدان .. والله أعلم .

 

#- ولكن هذا الأثر المروي عن بن مسعود الصحابي .. هو أثر ضعيف وليس صحيح كما قال الشيخ الألباني .. وإذا كان السند رجاله ثقات كما قال الشيخ الأرنؤوط في تخريج سنن أبي داود .. إلا أن السند منقطع وهذا ما مال إليه الشيخ الأرنؤوط في تحقيقه لهذه الرواية .. ولكن ليه السند ضعيف ؟

 

أ- لأن رواية الإمام إبراهيم النخعي عن بن مسعود هي رواية مرسلة .. لأن إبراهيم النخعي لم يقابل بن مسعود أصلا ولم يراه ..!! فكيف تصح الرواية حينئذ ؟!!

 

ب- بل والسند فيه علة أخرى قد ذكرها أحد المشايخ الأفاضل المعاصرين .. وهي أن المغيرة بن مقسم كان يدلس وبخاصة عن إبراهيم النخعي  .. فيكون لم يسمع من إبراهيم النخعي أصلا هذه الرواية .. وإنما نقلها عمن سمعها من إبراهيم ..!!

 

#- قال الإمام بن رسلان رحمه الله (المتوفى: 844 هـ) عند شرح سنن أبي داود الحديث رقم 5261:

- وهذا الحديث منقطع؛ لأن النخعي لم يرو (عن) عبد اللَّه (ابن مسعود) ولم يسمع منه. (انتهى النقل).

 

#- وقال الشيخ عبد المحسن العباد (من المعاصرين) في شرحه لسنن أبي داود الحديث رقم 5261:

- وهذا أثر عن ابن مسعود ولكنه غير ثابت من جهة الانقطاع بين إبراهيم النخعي وابن مسعود .. ومن جهة أن المغيرة بن مقسم يدلس ولاسِيَّما عن إبراهيم .. وهذا الحديث من روايته عن إبراهيم.

- وإبراهيم النخعي .. لم يدرك عبد الله بن مسعود .. وذلك أن ابن مسعود توفي سنة (32هـ)، وإبراهيم توفي سنة (97) وعمره خمسون سنة تقريباً، ومعنى ذلك أنه ولد بعد وفاة ابن مسعود بمدة فلم يدركه، ففيه انقطاع. (انتهى النقل).

 

#- خلاصة القول أخي الحبيب:

1- مسألة أن القطة السوداء هي شيطان .. فهو قول خرافة .. ولا وجود له في دين المسلمين ولا يوجد ولو دليل واحد يدل عليه .. لا من قول نبي ولا صحابي ولا تابعي .. فيما وجدت خلال بحثي ..

 

2- بل الدليل اليقيني والمؤكد والمعلوم لعلماء المسلمين هو الإحسان للقطط بصفة عامة دون تخصيص .. وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم وفعله .. دون تخصيص لقط أحمر أو أبيض أو أسود أو أصفر .. طالما هو قطط أهلية أي أليفه من قطط المنازل التي تطوف طلبا للطعام والشراب ..!!

 

3- إذن فلنقف عند كلام النبي صلى الله عليه وسلم .. بالإحسان للقطط بصفة عامة .. سواء بيضاء أو سوداء .. وسواء كانت نوعها شيرازي أو بلدي أو مصري أو روسي أو هندي أو أيا ما كانت طالما قطط مستضعفه ممن يطوف حول بيوت الإنس طلبا للطعام أو الشرب ..

- والله أعلم .

 

#- انتبه وخد بالك:

- حينما تكلمت في كل ما سبق .. فهذا باعتبار من يقول بإمكانية تجسد الجن في هيئة قطط سوداء .. ولكن لم أتكلم في إمكانية ظهور الجن في صورة قطط سوداء متخيلة أمامك .. تخيل وليس تجسد .. أي تتمثل خيالا وليس جسدا .. فانتبه .. فالخيال مجرد صورة وقد تظنها أنت شيء حقيقي لأن عينك ترى ذلك .. والتجسيد شيء ملموس وتستطيع إمساكه وقتله بيدك .

- وهذا قد نتكلم فيه في سياق الأسئلة القادمة إن شاء الله تعالى .. والله ولي التوفيق.

 *****************

يتبع إن شاء الله تعالى

*****************

والله أعلم

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم

هذه الرسالة مصدرها - مدونة الروحانيات فى الاسلام -  ولا يحق لأحد نقل أي موضوع من مواضيع أو كتب أو رسائل المدونة .. إلا بإذن كتابي من صاحب المدونة - أ/ خالد أبوعوف .. ومن ينقل موضوع من المدونة أو جزء منه (من باب مشاركة الخير مع الآخرين) فعليه بالإشارة إلى مصدر الموضوع وكاتبه الحقيقي .. ولا يحق لأحد بالنسخ أو الطباعة إلا بإذن كتابي من الأستاذ / خالد أبوعوف .. صاحب الموضوعات والرسائل العلمية .