..:: س276: هل كثرة البكاء على الميت تمنع رؤيته في منام ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من خرافات كلام الناس .. أن البكاء على الميت أو ما يسمى بالحزن
عليه مع سيلان ونزول الدموع بكثرة عليه .. فهذا شيء يكون يسببا في عدم رؤية الميت
الذي توفى لهم ..!!
- أقول تعقيبا على
ما سبق:
1- وهل من المفروض أن نرى في المنام الذي يموت ويكون قريبا
لنا ؟!!
- أكيد ..لا
2- وهل من المفترض أن الذي لا يبكى على الميت يراه في المنام وأن
الذي يبكي هو الذي لا يراه ؟
- أكيد .. لا ..
- يبقى ليه البعض يكذب بكلام لا وجود له ويفترض افتراضات
هو اخترعها من دماغه الخاص .. بأن الأصل هو رؤية الاموات الأقارب حينما يموتون ..
وأن الذي يرى الميت هو الذي لا يبكي عليه.. ؟!! فمن أين أتى بهذه الخرافات ؟!!
- وإنما أظن أن أصل ذلك هو أن أحد الكذابين .. أراد أن يمنع البكاء من بعض من مات لهم
قريب .. فكذب عليهم بتلك المعتقدات .. فاخترع أحكاما غيبية في عالم الأرواح بالكذب
على الناس .. ويقولون للناس لو عاوز ترى من مات لك فتوقف عن البكاء ..!!
#- خلاصة القول:
1- لا تتبع أقوال الكذابين .. ولكن انظر لفعل هل هو مخالف لكلام الله أو
لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
2- ورؤية الأموات في المنام تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ
.. أي تحتمل تكون رؤية حق وأن تكون رؤية باطل .. ولا
علاقة للبكاء أو عدم البكاء برؤية الاموات أو عدم رؤيتهم وإنما هذا من أقوال المخرفين
والذين لديهم هواية الكذب .
3- واعلم أخي الحبيب
.. أن من أفضل ما تفعله بعد موت عزيز عليك .. هو أن
تتذكره ليس بالبكاء .. وإنما أن تتوجه إليه لفعل أعمالا صالحة له .. بالتصدق عليه
والدعاء له وقراءة القرآن وإهداء ثوابه له عسى الله أن يقبلها كرامة منه وفضلا .. واسأل
الله لمن مات لك ببركة آيات الله أن يغفر له ويعفو عنه ويرحمه .. يقول النبي صلى
الله عليه وسلم: (اقرَؤوا
القُرآنَ، وسَلُوا اللهَ به مِن قبل أنْ يَجيءَ قَومٌ يَسأَلونَ النَّاسَ به) رواه أحمد واللفظ له ورواه الترمذي .. وقال
محققو المسند: حسن لغيره .. وقال الشيخ الألباني في صحيح الترمذي بأنه حديث حسن.
- قوله (سلوا الله به): أي اطلبوا من الله ببركة قراءة القرآن
ما تريدون .. مثل أن تقول بعد أن تختم قراءة أي سورة أو بعض آيات فتقول: اللهم بحق
ما قرأت من كلام .. أو بحق سورة كذا التي قراتها .. أو بحق كلماتك التامات التي
قرأتها ..
**************************
..:: س277: هل كثرة البكاء على
الميت حين موته وعند دفنه يسبب العذاب للميت ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
من المعتقدات عند بعض المسلمين .. أن
الميت يعذب ببكاء أهله عليه حينما يبكون عند وفاته .. وهذا معتقد خطأ تماما .. ولا
وجود له في الدين أصلا .. وإنما الخطأ ظهر من تفسير خاطيء لبعض الأحاديث نتيجة جهل
بالعلم الديني .. ونظهر تفصيل ما سبق في الآتي ..
#-
أولا: بيان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهمر في
الدموع حين وفاة قريبا له أو حتى لو زرته بعد فترة طويلة وانهمرت الدموع ..
1-
لما مات إبراهيم ابن النبي وكان طفلا .. قال عليه الصلاة
والسلام وكان يمسكه النبي في حضنه وقت خروج روحه فقال أنس بن مالك راوي الحديث: (فَجَعَلَتْ
عَيْنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَذْرِفَانِ (أي تنهمران بالدموع)،
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَأَنْتَ يَا
رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا رَحْمَةٌ»، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بِأُخْرَى،
فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ
يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا
إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ) صحيح البخاري.
-
وفي رواية بلفظ: (فَدَمَعَتْ عَيْنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَقَالَ: "تَدْمَعُ الْعَيْنُ وَيَحْزَنُ الْقَلْبُ، وَلَا نَقُولُ
إِلَّا مَا يَرْضَى رَبَّنَا، وَاللهِ يَا إِبْرَاهِيمُ إِنَّا بِكَ
لَمَحْزُونُونَ) صحيح مسلم.
2-
وقد توفت ابنة للنبي صلى الله عليه وسلم وكانت كبيرة .. وهي أم كلثوم "زوج عثمان بن عفان" .. وبكى عليها
النبي صلى الله عليه وسلم .. يقول أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (شَهِدْنَا بِنْتًا
لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: وَرَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ عَلَى القَبْرِ، قَالَ: فَرَأَيْتُ
عَيْنَيْهِ تَدْمَعَانِ) صحيح
البخاري.
3-
وقد توفى حفيد النبي صلى الله عليه وسلم .. وهو ابن ابنته السيدة زينب وقد استدعته ابنته زينب رضي الله عنها ليحضر
إليها لأن لها ابنا في حالة الموت .. فاتاها النبي وأمسكه بيده وكان الطفل في
النزع الأخير وفاضت روحه بين بيد النبي وهو حاضنه .. فيقول أسامة بن زيد راوي
الحديث: (فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ (أي خرجت الدموع تسيل
من عينيه بقوة) ،
فَقَالَ سَعْدٌ (أي سعد بن عُبادة وكان حاضرا مع النبي) : يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي
قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ
الرُّحَمَاءَ) صحيح
البخاري.
-
وقول الصحابي سعد بت عبادة (ما هذا) ؟ ظنا من
الصحابي أن كل أنواع البكاء منهي عنها عند الموت .. ولم ينتبه إلى البكاء المنهي
عنه هو فقط المصحوب بصراخ ونواح وولولة من أفعال الجاهلية والتي يصحبها احيانا رمي
التراب على الرأس وما شابه ذلك .. وكأنه اعتراض وسخط على قدر ربنا في نزول مصيبة
الموت ..
4-
وقد تزور من تحب وتنهمر دموعك أمام قبره بشده .. لأنك تتذكره مما كان بينكما من مودة ومحبة .. حتى قد يبكي من حولك لبكائك
.. كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم .. إذ يقول أبي هريرة: (زار النَّبيُّ صلَّى
اللهُ عليه وسلَّم قبرَ أمِّه فبكى وأبكى مَن حولَه ثمَّ قال: (استأذَنْتُ ربِّي
أنْ أزورَ قبرَها فأذِن لي فاستأذَنْتُه أنْ أستغفِرَ لها فلم يأذَنْ لي فزوروا
القبورَ فإنَّها تُذكِّرُكم الموتَ) رواه بن
حبان .. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم ..، ورواح الحاكم وقال: صحيح على
شرط مسلم.
-
وفي رواية الإمام مسلم جاءت بلفظ: (زَارَ النبيُّ صَلَّى
اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ قَبْرَ أُمِّهِ، فَبَكَى وَأَبْكَى مَن حَوْلَهُ، فَقالَ:
اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي في أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهَا، فَلَمْ يُؤْذَنْ لِي،
وَاسْتَأْذَنْتُهُ في أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا، فَأُذِنَ لِي، فَزُورُوا القُبُورَ؛
فإنَّهَا تُذَكِّرُ المَوْتَ) صحيح
مسلم.
- ملحوظة: النبي صلى
الله عليه وسلم زار أمه وهي في منطقة الأبواء تبعد عن مكة تقريبا سبعة وستون كيلو
متر .. وقيل أن هذا حدث وقت ذهابه لفتح مكة .. ولم أجد دليل على ذلك .. والله أعلم
.
-
وقال بعض العلماء أن المنع من استغفار النبي لأمه لأنها ماتت في الجاهلية .. وبعض
العلماء قال أن المنع كان أولا .. ثم يوجد أحاديث أخرى تشير إلى أن الله أحيا له
والديه وأسلما به .. والمسألة محل خلاف بين العلماء بين كون أبواي النبي محكوم
عليهما بانهما من أهل الفترة الذي لم يلحقوا وقت النبوية وأمرهم إلى الله أم من
أهل الكفر أم من أهل الإيمان ..، .. ولكني أعجب من الذين يتبجحون بأعلى أصواتهم
ويتهمون أبواي النبي بالكفر استمتاعا وفرحا بذلك وكأنه يشمت في النبي ..!! بل
وتحسه في شماتته معتقدا في نفسه بالكمال الإيماني .. !!
- فما
أقبح نفوسهم المؤذية للنبي وللمؤمنين الأسوياء ..!!
#- عموما .. ما سبق من فعل النبي وقوله
.. هو أبلغ دليل على التعبير عن مشاعر الحزن بداخلك بالبكاء وأنها رحمة من الله
.. وليس في ذلك أي عيب .. سواء البكاء حزنا كان عند الموت أو عند المرض أو لمجرد
الألم النفسي ..
#-
ثانيا: مفهوم أن الميت ليعذب ببكاء أهله ..
#- قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ لاَ
يُعَذِّبُ بِدَمْعِ العَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ القَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ
بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ، وَإِنَّ المَيِّتَ
يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْه) صحيح البخاري.
- وهذا الحديث يحتاج إلى تأمل قليلا .. ففي بداية الحديث أن الله لا يعذب بدمع العين من يفعل
ذلك أي من يبكي حزنا على فراق أحد نتيجة ما يجده من ألم نفسي في داخله إشفاقا أو
رحمة عليه أو حزنا لفراقه له ..
- ثم ذكر الحديث أن الذي يكون سببا في حدوث العذاب هو
اللسان وقد يكون أيضا سببا للرحمة .. ثم أشار في آخر الحديث إلى أن الميت يعذب
ببكاء اهله عليه .. وهنا لماذا أشار للسان في منتصف الكلام ؟!!
- أقول لك أخي الحبيب .. أن الإشارة للسان بأنه سبب لعذاب الإنسان
أو رحمته في هذا الحديث لأن الإنسان قد يطلب من أهله أن ينيحوا عليه أي يصوتوا
ويصرخوا عليه لطما وشقا للجيوب ورمي التراب على رؤوسهن إنكار لقدر الله في فعله ..
- وقد يطلب الإنسان ممن حوله ويوصيهم بتقوى الله وحسن العمل مع الله وإن مات أن يتذكروه
بالخير والدعاء له بالرحمة والمغفرة والصدقة عليه ..
- إذن اللسان قد يكون وسيلة لجلب معصية وبالتالي استحقاق
العذاب .. وقد يكون وسيلة لجلب طاعة وبالتالي استحقاق لرحمة ..
- ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم ذكر بعد ذلك جزئية (الميت يعذب ببكاء أهله) وكأنه يربطها بجزئية أن هذا الميت بلسانه
في حال حياته أوصاهم بفعل فيه مخالفة ومعصية لله .. ولذلك كان أسلوب هذا البكاء
المطلوب من الميت هو الذي سبب له اكتساب معصية وترتب عليها تذوق شيء من العذاب
بسبب هذه المعصية .. قد يكون في القبر أو في القيامة .. الله أعلم .
- يعني ببساطة .. العذاب مرتبط باللسان .. أي بما يطلبه الإنسان بلسانه ممن حوله
ليفعلوه عند موته فيطلب منهم أن يصرخوا ويصوتوا عليه وما شابه ذلك .. ولذلك قال
العلماء أن عذاب الميت ببكاء أهله عليه إذا هو طلب ذلك منهم ان ينوحوا عليه
بالصراخ عند موته .. وليس العذاب لمجرد البكاء عليه كحالة نفسية وحزنا عليه ..
فافهم..
#- ثالثا: هل أشار النبي صلى الله عليه وسلم للبكاء المذموم الذي
يترتب عليه معصية ووصفه بوصف خاص ؟
- النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(المَيِّتُ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ) صحيح البخاري.
- أي بما نيح عليه بالصويت والصراخ كما هو طلب ذلك منهم قبل موته .. إظهارا
لمدى فجعتهم بفراقه .
- والنياحة هي: أي البكاء بصوت يصحبه صراخا وعويلا ..
وأحيانا يصاحبه بعض أفعال الجاهلية باللطم وشق الملابس وكون البعض يلقي التراب على
رأسه كناية عن نزول الفقر والخراب بهم .. وهذه كلها من أمور الجاهلية التي فيها مخالفة
صريحة وعصيان لله تستوجب العقاب من رب العالمين .
#- رابعا: البكاء والتوجع
بذكر ما يجيش في قلبك تجاه من فقدته من كلام بصوت مسموع بأن تقول مثلا مع السلامة
يا بابا أو يا ماما أو يا أخويا ..
وهتوحشني قوي .. أو وجعني فراقك وأنا كنت بحبك .. وما شابه هذا الكلام .. هل يعتبر
من النياحة ؟
- لا .. هذا لا يسمى نياحة بذكر كلام أن تحب قوله
لمن فقدته وتراه قد نزل في باطن الأرض فتنفعل بصوت قائلا كلمات فيها محبة لمن هو
فقدته .. فهذا لا شيء فيه ..
- ودليل ذلك: عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (لَمَّا ثَقُلَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَعَلَ
يَتَغَشَّاهُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَاكَرْبَ أَبَاهْ. فَقَالَ لَهَا:
"لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ اليَوْمِ". فَلَمَّا مَاتَ
قَالَتْ: يَا أَبَتَاهْ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهْ، يَا أَبَتَاهْ، مَنْ جَنَّةُ
الفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهْ، إِلى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا
دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ، أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا
عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - التُّرَابَ؟!) صحيح البخاري.
-
المعنى – والله أعلم: أنه لما
ثقل المرض على النبي وجعل
يزيد عليه فتغشاه أي حتى تمكن منه وغلب على جسمه الشريف .. فقالت السيدة فاطمة: يا
لهذا الكرب الذي أنت فيه يا أبي .. فقال لها النبي اطمني يا ابنتي فلا كرب على
أبيك بعد هذا الذي ألاقيه الآن .. بل سأكون في كرامة من الله وفضلا .. ولما انتقل
النبي إلى جوار مولاه .. قالت السيدة فاطمة رضي الله عنها متوجعة : يا أبتاه
"وكأنها تقول يا من هو أعظم أب في الدنيا" وهي تتوجع بذلك اللفظ وتندبه
بذكر ما فيه من جمال وحنان أبوي افتقدته .. ثم تقول: يا أبتاه " وكأنها تقول
يا من هو صاحب المكانة ومقامك في الفردوس الأعلى" وهي بذلك تندبه بما فيه من
كمال المقام في عالم الآخرة .. ثم تقول متوجعة: "يا أبتاه الجميل القلب
والكامل المقام نرفع خبر وفاتك إلى رئيس ملائكة السماء وأمين الوحي ونقول له لقد
مات رسول الله " وكأنها تقول له أرأيت يا جبريل لقد فارقنا حبيبك .. وأنت
ستفارقنا بفراقه ..
- ثم
حينما حمل الصحابة جسده الشريف إلى القبر ودفنوه في المكان المخصص له ونثروا عليه التراب .. قالت لهم السيدة فاطمة متألمة ومستغربة وكأنها لا زالت مستشعرة
به بجوارها: كيف طابت أنفسكم أن تنشروا التراب على رسول الله وتدفنوه .. ؟!!
-
وفي رواية أخرى أتت القصة بلفظ: عَنْ أَنَسٍ: (أَنَّ
فَاطِمَةَ بَكَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ
مَاتَ فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ مِنْ رَبِّهِ مَا أَدْنَاهُ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى
جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ، يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ) رواه النسائي في سننه .. وذكره
الألباني في صحيح النسائي.
#- قال الشيخ محمد بن علي الأتيوبي الوَلَّوِي
رحمه الله (المتوفى: 1365هـ) عن فوائد هذا الحديث:
1- منها جواز البكاء على الميت، إذ لو
كان ممنوعًا لحذّرها النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - حين توجّعت بقولها:
"واكرب أباه"، ولأنها - رضي اللَّه عنها - بكت عليه - صلى اللَّه عليه
وسلم - بعد موته، ولم ينكر الصحابة - رضي اللَّه عنهم - ذلك عليها.
2- ومنها: جواز التوجّع للميت عند احتضاره
بمثل قول فاطمة - رضي اللَّه عنها - "واكرب أباه"، وأنه ليس من النياحة
المحرّمة، لأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أقرّها على ذلك.
3- ومنها: أن قولها بعد أن قُبض: "وا
أبتاه الخ" يؤخذ منه -كما قال الحافظ- أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متّصفًا
بها لا يُمنع ذكره لها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرًا، وهو في الباطن
بخلافه، أو لا يتحقّق اتصافه بها, فيدخل في المنع. واللَّه تعالى أعلم بالصواب. (راجع ذخيرة العقبى في شرح المجتبى ج18 ص274 حديث رقم 1845).
#- خلاصة
القول أخي الحبيب ..
1- أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه .. يكون ذلك في حالة واحدة وهي أن يطلب من أهله أن يفعلوا ما فيه
عصيان من صراخ وعويل وإظهار الكذب عن الميت بمدحه بما ليس فيه .. كما ذكر ذلك بعض
العلماء ..
2- ويوجد خرافة تقول أن الصراخ عند الميت يتسبب في جعل الملائكة
تضربه وتقول هذا بسببك .. ولعل المقصود هو أن الميت يتعذب بنواح أي بصراخ أهله عليه لو
طلب منهم ذلك .. ولكن البعض ظن أن العذاب يكون بواسطة الملائكة .. فقال أن
الملائكة تعذبه لأنه طلب ذلك ممن يبكي عليه أن يكون نواحا ..
- لكن لم أجد شيء في
الدين يقول بمثل هذه الجملة (الملائكة تضربه وتقول له هذا بسببك) ..!!
3- أما البكاء ورفع الصوت بمحاسن أحد والتوجع
لفراقه بالقول حبا فيه .. فهذا لا شيء فيه ما لم يكن فيه اعتراض وسخط على قضاء الله ..
وما لم يكن مصحوبا بصراخ وعويل ولطم وشق للملابس وحثو التراب على الرأس ..
-
والله أعلم .
*************************
..:: س278: هل تقبيل الميت قبل
تكفينه أو بعد تكفينه وكشف وجهه هو حرام
ولا يجوز طالما تم تكفينه ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- هذا معتقد خاطيء وتحريم باطل .. وإنما يصح ذلك للمقربين أن يفعلوا ذلك
إن لم يتم حمله إلى القبور .. وإنما طالما في بيته ولم يتم نقله وأتى أحد أقاربه
ليراه فلا مانع شرعا أن يكشف عن وجهه .. وليس لكل أحد أن يفعل ذلك إلا لمن كان
قريبا له جدا .. !!
- والغالب أنه بعد الغسل يتم الذهاب به مباشرة للصلاة عليه
ثم للمدافن .. فلا يكون هناك وقت متسع لكشف الوجه ..
- ودليل إمكانية تقبيل وجه الميت ..
1- عن
السيدة عائشة قالت: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى
اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قبَّلَ عثمانَ بنَ مظعونٍ وَهوَ ميِّتٌ وَهوَ يبْكي أو
قالَ عيناهُ تذرفانِ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح .. وذكره الألباني في صحيح
الترمذي بأنه صحيح.
- قوله (وَهوَ
يبْكي): أي كان النبي في حالة بكاء عليه فراق صاحبه عثمان بن مظعون.
2-
عن السيدة
عائشة قالت: (فَجَاءَ أبو بَكْرٍ فَكَشَفَ عن رَسولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَبَّلَهُ، قَالَ: بأَبِي أنْتَ وأُمِّي،
طِبْتَ حَيًّا ومَيِّتًا) صحيح البخاري.
- وفي الحديثين قد حدث تقبيل للميت .. والذي وجدته في كلام العلماء أن تقبيل
الميت سواء قبل تكفينه أو بعد تكفينه على حد سواء هو مشروع ومباح .. ولم أجد من
حرم ذلك .. بل ولا يوجد دليل تحريم في ذلك .. ومن يقول بالتحريم فليأت بدليل
التحريم .. وليتقي الله ربه .. إذ يقول تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ
هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ
الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) النحل:116.
- وتقبيل الميت من السنة النبوية .. لأنه من فعل النبي صلى الله عليه وسلم
.. فهي قبلة رحمة ومحبة ..
#- وفي سؤال لدار
الإفتاء المصرية على موقعها .. فتوى بتاريخ 30 يوليه 2018 .. رقم الفتوى : 4448 .. تحت عنوان: ما حكم كشف وجه الميت لتقبيله وتوديعه، وهل يصح ذلك بعد التكفين؟
#- فكان ملخص الإجابة
هو:
- لا مانع شرعًا من الدخول على الميّت وكشف وجهه
لتقبيله وتوديعه .. سواء في
ذلك الأقارب والأحباب، بل هو من هدي السنة النبوية المشرفة، وفعل السلف الصالح
رضوان الله عليهم.
- ويستوي
في ذلك وقوع التقبيل قبل التكفين وبعده .. ما لم يترتب عليه مفسدة؛ كحدوث جزعٍ أو فزعٍ
ممن يدخل عليه، أو تغير جسد الميت أو وجهه لمرضٍ أو غلبة دمٍ أو نحوه .. سدًّا للذريعة وخوفًا من سوء الظن به ممن يجهل حاله. (انتهى النقل لملخص الفتوى).
- قلت (خالد صاحب الرسالة): قد ذكر المفتي تفاصيل ما سبق في فتواه من كلام أئمة المذاهب الأربعة .. ولكني لم أجد داعي لذكر تفاصيل إجابة
الفتوى لطولها .. ومن يريد التفاصيل فليبحث عن عنوان الفتوى السابق ذكره على
الإنترنت وسيجدها كاملة.
#- خلاصة
القول:
- أن مسألة تقبيل الميت بعد موته وقبل تكفينه أو بعد
تكفينه لا حرج فيها .. شرط أن لا يصاحب ذلك ما فيه مخالفة كالنواح ولطم
الخدود وغير ذلك .. والله أعلم .
- ملحوظة: تم الكلام على مسألة تقبيل الميت في سؤال
آخر من هذه الرسالة خاص بتقبيل الرجل والرأس واليد .. يمكنك الرجوع إلى (س17: هل تقبيل
الميت في وجهه ويده ورجله هو فعل حرام ويتسبب هذا التقبيل بمنع رؤيته في المنام ؟)
.
*************************
..:: س279: هل المرأة الحائض لا
يصح لها زيارة الميت ودخول المقابر والبكاء عند قبر الميت والدعاء له ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
#- أولا: عن منع المرأة الحائض عن
الذهاب للمقابر لأنها نجسة ..
- الذي يقول بهذا القول هو على خطأ واخترع دينا له وحسابه
عند ربه .. ثم يقال ما علاقة المرأة الحائض بغير الحائض في
المسألة .. فهل هذه إنسانة وتلك إنسانة أخرى ؟!! أكيد .. لا ..
- وإنما دائما يظهر عندنا أن الذي يحكم على المرأة
الحائض بأحكام شاذة لا وجود لها في الدين أصلا .. إنما هو شخص ينظر للمرأة الحائض بأنها
مخلوق نجس .. وهو في ذلك يكون إنسان كذب في دين الله بجهل منه ... ليه ؟
- لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ المُسْلِمَ لاَ
يَنْجُسُ) صحيح مسلم.
- والذي يدل أيضا على أن المرأة الحائض ليس منها أي أذى
وليست نجسة .. ما جاء عن السيدة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهَا: (أنَّهَا كَانَتْ تُرَجِّلُ (أي تسرح شعره) النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهي حَائِضٌ وهو مُعْتَكِفٌ في
المَسْجِدِ وهي في حُجْرَتِهَا يُنَاوِلُهَا رَأْسَهُ) صحيح البخاري.
#- ثانيا: أما عن زيارة المرأة للمقابر
والبكاء على قريب لها:
1- يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (كُنتُ
نَهيتُكم عن زيارةِ القُبورِ فزُورُوها، ولا تقولوا هُجْرًا) رواه مسلم وأحمد واللفظ له .. وقال محققو المسند: حديث صحيح.
- وفي رواية بلفظ: (إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ
فَزُورُوهَا؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْآخِرَةَ) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث
صحيح ..
- وفي رواية ظهرت الحكمة من الزيارة فأتت بلفظ: (فَإِنَّ فِي زِيَارَتِهَا
عِظَةً وَعِبْرَةً) رواه أحمد .. وقال محققو المسند: حديث صحيح.
- قوله (هُجرا): أي لا تقولوا فحشا من القول أو أي كلام بذيء .. والمقصد هو الإلتزام بالأدب في زيارة
الموتى لأن الموقف موقف هيبة وليس موقف استخفاف وإلقاء النكت والقاء التهم على فلان
وفلان بأنهم في النار ..!!
- والحديث لم يحدد رجل أو امرأة .. فالكلام على عمومه يشمل الرجل والمرأة في
زيارة المقابر بشرط التزام الأدب ..
#- أما عن حديث (لعنَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ
زوَّاراتِ القبورِ) رواه بن ماجه وذكره الألباني في صحيح بن ماجه بأنه
حسن ....، فالمقصود بالزوارات هنا من حالهن كحال النائحات اللاتي يذهبن للمدافن يبحثن
عن أي ميت يأتي للدفن ويتصنعوا النواح عليه ليتكسبن من وراء ذلك .. ولفظ (زوارات) فيه دلالة على استمرارية حدوث هذا الفعل بصورة
مبالغة جدا كأنه كل يوم .. واللعن لا يكون إلا عما فيه عصيان قبيح ..
- ودليل أن الزوارات هن من يسلكن سلوك منحرف .. فهذا
يظهر في الدليل التالي ..
2- عن أنس بن مالك قال: (مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بامْرَأَةٍ
عِنْدَ قَبْرٍ وهي تَبْكِي، فَقالَ: اتَّقِي اللَّهَ واصْبِرِي) صحيح البخاري.
- فلو كانت زيارة القبر للمرأة منهي عنها لكان نهاها
النبي صلى الله عليه وسلم .. ولو كان البكاء عند الميت لا يصح لكان
ذكر لها النبي صلى الله عليه وسلم .. ونصحها الإلتزام بتقوى الله والصبر على
المصيبة حتى لا ينقلب حالها إلى حالة سخط على قضاء الله واعتراض .. ولكن لم يقل
لها اتقي لها لمجرد أنها تبكي ..!! فافهم .
3- وعن السيدة عائشة سألته عما تقوله إن زارت المقابر: (قُلْتُ:
كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ " قُولِي: السَّلَامُ عَلَى
أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ
الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ
بِكُمْ لَلَاحِقُونَ) صحيح مسلم.
- قوله (المستقدمين منا والمستأخرين):
أي الذين تقدموا علينا بالموت واللاحقين منا بالموت.
- وفي هذا الحديث (أجد عن نفسي ورأي خاص) .. أن فيه دلالة على إمكانية زيارة النساء
للقبور والدعاء للموتى وإلا كان النبي قد نهى السيدة عائشة حينما سألته ما تقول
عند زيارتهم بل ولكان زجرها عن زيارتهم .. ولكنه لم يفعل ذلك بل وعلمها ما تقول لو
زارتهم .. فأبصر يا مؤمن وتعلم من النبي ولا تلتفت لكلام آخر غير تعليم النبي صلى
الله عليه وسلم .. والله أعلم .
#- ثالثا: أما عن الذهاب للمقابر والدعاء للمتوفى
لك أو لجميع الموتى ..
1- فقد جاء في الحديث عن السيدة عائشة قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّمَا كَانَ لَيْلَتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلَى
الْبَقِيعِ، فَيَقُولُ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ،
وَأَتَاكُمْ مَا تُوعَدُونَ، غَدًا مُؤَجَّلُونَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ،
بِكُمْ لَاحِقُونَ، اللهُمَّ، اغْفِرْ لِأَهْلِ بَقِيعِ الْغَرْقَدِ) صحيح مسلم.
- قوله (بقيع الغرقد): البقيع مدفن أهل المدينة .. سمي بقيع الغرقد لوجود نوعا من شجر الغرقد كان
ينبت فيه وهو شجر كثير الشوك ويسمى بالعوسج .. وقد تم إزالته .. والله أعلم .
- قوله (وأتاكم ما توعدون): أي ما وعدكم به ربكم حقا فعلتم أن القبر أول منازل الآخرة ..
-
قوله (غداً مؤجلون): أي وأنتم للغد أي ليوم القيامة مؤجلون للمحاسبة على أعمالكم ..
2- وعن السيدة عائشة سألته عما تقوله إن زارت المقابر: (قُلْتُ:
كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ " قُولِي: السَّلَامُ عَلَى
أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَيَرْحَمُ اللهُ
الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ
بِكُمْ لَلَاحِقُونَ) صحيح مسلم.
3- وعن أبي هريرة قال: (أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أتَى
المَقْبُرَةَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم دارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وإنَّا إنْ
شاءَ اللَّهُ بكُمْ لاحِقُونَ) صحيح مسلم.
4- وعن بريدة بن الحصيب قال: (كَانَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى
الْمَقَابِرِ، فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ -: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ
الدِّيَارِ، - وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ -: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا، إِنْ شَاءَ اللهُ لَلَاحِقُونَ،
أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ) صحيح مسلم.
- قوله (إن شاء الله
للاحقون): أي حين يأذن الله بانتهاء أجلنا فلاحقون بكم في دار
الموت ..
- قوله (العافية): أي السلامة من شدة أهوال الآخرة وعذابها .
#- خلاصة القول
أخي الحبيب:
1- لا مانع من زيارة المرأة للقبور للعظة وتذكر الآخرة .. أو لزيارة قريب لها كأب أو أم أو ابن
متوفى .. بل ولا مانع من البكاء إن غلبتها مشاعرها .. ولكن شرط أن لا ترتكب أي
مخالفة كالتي سبق وذكرناها ..
2- ويجوز الذهاب لزيارة الموتى والدعاء لهم .
*************************
..:: س280: هل زيارة قبر الوالدين
الأموات يوم الجمعة فيها غفران للذنوب وتكتب عند الله بارا ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من المعتقدات المتوارثة هو البعض يظن أن يوم الجمعة إذا
زرت فيه والديك أو أحدهما المتوفيان .. فإنه سيغفر لك وأن هذا يجعلك بارا بوالديك
.. وذلك نتيجة أحاديث قرأها أو سمعها ولم يعرف حكمها .. في حين هي أحاديث غير
صحيحة .
- وكما قلنا في الأسئلة السابقة .. أن زيارة أحبابك المتوفيين لا حرج فيها
سواء ذهبت يوم الجمعة أو أي يوم .. ولكن لم أجد في نص صحيح خصوصية وفضيلة ليوم من
الأيام على آخر عند زيارة الموتى .. وإنما الذي وجدته هو ما جاء في فتوى لدار
الإفتاء المصرية قد استند صاحب الفتوى لحديث مرفوع للنبي ولأثر عن السيدة فاطمة
ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وكلاهما غير صحيح حسب ما حققتهما وسيتبين لك
.. وأوضح لك أولا ما جاء في الفتوى من نصوص .. ثم أترك لك تحقيق هذه الروايات
لتتأكد أن تلك النصوص غير صحيحة ولا يصح الإستدلال بها .. والله أعلم .
#- فكان الجواب:
- جاء في الشرع استحبابُ زيارة المقابر في بعض الأيام
التي اختصها الله تعالى بمزيد من الأفضلية؛ لما في الزيارة فيها من وافر الثواب
وجزيل العطاء، وقبول الدعاء؛ كيوم الجمعة.
- فقد تواردت النصوص أنَّ مَن زار قبر أبويه كلّ جمعة
غُفِرَ له وكُتبَ بارًّا:
- فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: (مَنْ زَارَ قَبْرَ أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ
غُفِرَ لَهُ، وَكُتِبَ بَرًّا) أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
- وعن ابن عيينة عن جعفر بن محمد، عن أبيه قال: (كَانَت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
تَزُورُ قَبْرَ حَمْزَةَ كُلَّ جُمُعَةٍ) أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في
"المصنف". (انتهى
النقل من مختصر الفتوى).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- الحديث والأثر الذي استدل بهما صاحب الفتوى .. لعله لم ينتبه لما في هذه الروايات بما هو
يضعفها ولا يصح الإحتجاج بها .. سواء لفضيلة يوم الجمعة كما جاء في الحديث الأول
الذي استدل به .. أو للإحتجاج بها على مجرد الذهاب لزيارة الموتى يوم الجمعة كما
في الأثر الثاني الذي استدل به ..
- فالحديث هو حديث أراه مكذوب على النبي صلى الله عليه
وسلم .. وعلى أحسن أحوال الحديث سيقال ضعيف جدا وفي
كل الأحوال هو حديث تالف السند وباطل كحجة .. أما الأثر فهو ضعيف ولا يصح كحجة ما
لم يظهر ما يؤيده ويؤكده من صحيح النصوص الشرعية .. وإليك بيان ذلك.
- أولا: سند الحديث وتحقيقه:
- (حديث موضوع – أي
مكذوب على النبي) .. حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ شِبْلٍ قَالَ:
حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، عَمِّ أَبِي، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ الرَّازِيِّ، عَنْ عَبْدِ
الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: (مَنْ زَارَ قَبْرَ
أَبَوَيْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا فِي كُلِّ جُمُعَةٍ غُفِرَ لَهُ، وَكُتِبَ بَرًّا) رواه الطبراني في الأوسط .. وقال: لا يروى هذا الحديث عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى بن العلاء.
أ- وفي السند (مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
النُّعْمَانِ بْنِ شِبْلٍ) .. وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب .. قال الشيخ أبو
الطيب المنصوري: ذكر الدارقطني في "غرائب مالك" حديثاً،
وقال الطعن في هذا الحديث من محمد بن محمد لا النعمان. قال ابن الجوزي: طعن فيه
الدارقطني. وقال الذهبي: قد طعن فيه الدارقطني، واتهمه، وأنا فقد رأيت له من جده
عن مالك فما أعتقده لقي مالكاً. قال برهان الدين الحلبي: الظاهر أنه اتهمه بالكذب،
والله أعلم. وقال الحافظ: أخرج له الدارقطني في غرائب مالك أحاديث استنكرها، وقال
الحافظ: متروك. (راجع
إرشاد القاصي والداني إلى تراجم شيوخ الطبراني ص612 ترجمة رقم 999).
ب- وفي السند (محمد بن النعمان
بن شبل البصري) وهو أبو محمد .. وهو مجهول الحال .. وقد ذكره الخطيب البغدادي في
المفترق والمتفق ترجمة رقم 1277 ج3 ص1964 .. ولم يذكر فيها جرحا ولا تعديلا ..،
وكذلك ذكره بن حجر في تهذيب التهذيب ترجمة رقم 807 ج9 ص493 .. ولم يذكر فيه جرحا
ولا تعديلا .
ج- وفي السند (مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ) .. وهذا لا وجود له في كتب التراجم أصلا .. وكأني أبحث عن كائن فضائي
.. إلا أن الإمام المزي في تهذيب الكمال في ترجمة يحيى بن العلاء الرازي .. قد ذكر
فقط أنه ممن رووا عن "يحيى بن العلاء الرازي" ..!!
د- وفي السند (يَحْيَى بْنِ الْعَلَاءِ الرَّازِيِّ) ..
وهو متهم بالوضع وتركوا حديثه .. قال عنه المزي في تهذيب الكمال ترجمة رقم 1895: قَال
أَحْمَد بْن حَنْبَل: كذاب يضع الحديث..، وَقَال عَباس الدُّورِيُّ عَنْ يحيى بْن
مَعِين: ليس بثقة..، وَقَال أَبُو حاتم عَنْ يحيى بْن مَعِين: ليس بشيءٍ..، وقَال
عَمْرو بْن عَلِيٍّ والنَّسَائي والدارقطني: متروك الحديث..، وَقَال إِبْرَاهِيم
بْن يعقوب الجوزجاني: غير مقنع..، وَقَال فِي موضع آخر: شيخ واهي..، وَقَال أَبُو
زُرْعَة : في حديثه ضعف ..، وَقَال أبو حاتم: سمعت أبا سَلَمَة ضعف يَحْيَى بْن
العلاء وكَانَ قد سمع منه..، وَقَال فِي موضع آخر: ليس بالقوي، تكلم فيه وكيع ..،
وقَال البُخارِيُّ: تكلم فيه وكيع وغيره..، وَقَال أَبُو عُبَيد الآجري عَن أبي
داود: ضعفوه..، وَقَال فِي موضع آخر: ضعيف..، وَقَال إِسْحَاق بْن مَنْصُور عَنْ
عبد الرزاق: سمعت وكيعا وذكر يَحْيَى بْن العلاء، فَقَالَ: كَانَ
يكذب . (انتهى النقل)
.
هـ- وفي السند (عَبْدِ الْكَرِيمِ أَبِي أُمَيَّةَ) ..
وهو ضعيف الحديث والبعض ترك حديث كالنسائي والدارقطني ..، وقال عنه بن حبان: و قال ابن حبان : كان
كثير الوهم ، فاحش الخطأ ، فلما كثر ذلك منه بطل الاحتجاج به .. (راجع ترجمة
"عبد الكريم كاملة في تهذيب التهذيب 6 / 377).
و- هذا بخلاف تفرد (يحيى بن العلاء) برواية الحديث وهو مما لا
يقبل تفرده أصلا ..!!
#- ثانيا: أما عن الأثر الذي تم الإستدلال به في
الفتوى:
- (أثر ضعيف مرسلا) .. و (جعفر بن محمد وهو الإمام جعفر
الصادق) .. وأبيه هو (محمد بن علي بن الحسين وهو الإمام محمد الباقر) .. ويوجد في
السند إرسال لوجود انقطاع بين الإمام محمد الباقر وبين السيدة فاطمة عليهم السلام
جميعا أهل البيت .
- والله أعلم.
#- خلاصة القول:
- إذا أردت الزيارة للمقابر يوم الجمعة أو أي يوم فهذا
باختيارك .. سواء نهارا أو ليلا " ولكن ليلا إن كان المكان آمن من اللصوص والمجرمين
ومفاسد ما يظهر بالليل" ..
- ولكن لا توجد نصوص دينية صحيحة تظهر فضيلة لزيارة الأموات في يوم الجمعة ..
وإلا كان من باب أولى كان النبي قال زوروني يوم الجمعة .. والله أعلم .
*****************
اكرمك الله استاذنا الفاضل
ردحذفواحسن خاتمتنا وخاتمتكم وكل المسلمين
امين يارب العالمين
اللهم اغفر لوالدي وارحمه وارزقه شفاعة سيدنا محمد صل الله عليه وسلم
ردحذفولكل موتى المسلمين والمسلمات في كل زمان ومكان
اللهم آمين يارب العالمين
احسنت استاذنا الفاضل
ردحذفاحسن الله عليك وفتح لك ابواب فضله وزادك علما لتوضيح مثل هذه الأمور
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله وسلم. . اللهم اغفر وارحم لي أمي وأمهات المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات يا رب العالمين جزاك الله خيرا يا أستاذ الحبيب
ردحذفاهداء الى روح محمود خلف
ردحذفالحلقة ١٧: أيها المريد... الحبيب الجفري
☆☆☆☆☆
☆ اذا كان الخاطر شيطاني ينصرف بالذكر واذا لم ينصرف فهو من النفس، والنفس لا يصرفها الذكر لأنها موجودة في الداخل..
☆ اذا وجدت الخاطر ينوع... كلما رفضت خاطر سوء يأتيك بخاطر أسوء اعرف أنه شيطان لأن الشيطان لا يهمه بما تهلك يهمه أن تهلك...
☆ شبها النفس والشيطان.. بالنمر والذئب... النمر اذا ركز على عدو لا يندفع بل يصر الى أن يشعر بالهلاك والا لا يكاد يمل بينما الذئب لا اذا طردته من هنا رجع من الناحية الثانية...
☆ اذا كان الخاطر جاء بعد معصية أو استخفاف= يكون الخاطر من الله عقوبة...
☆ الشيطان قد يطالبك بفعل الخير ولكن يوقعك في شر لا يكافؤه هذا الخير أو يفوت عليك خير أهم من هذا الخير...
☆ اذا رأيت عطايا الحق لأحبابه لا تستعظم العطية بنظرك إلى المعطي لكن أنظر إلى عظمة المعطي...
☆ سيدنا أويس القرني من التابعين يشفع في مثل ربيعة ومضر من أكبر قبائل العرب... فضل الله واسع...
☆ البعض يقول الخوارق لا تدخل العقل... أي عقل تقصد؟... العقل المتعلق بالقواعد العقلية؟... أيستحيل عقلا؟... تقول نعم... قل له أنت ما درست القواعد العقلية لأن الذي خلق هذه القواعد الكونية هو القادر أن يخرقها لمن يشاء...
☆☆☆☆☆
لا حظي يا عطر الجنة الحبيب أضاف حيوانين إلى الحديقة... النمر والذئب... مسكينة النفس...!!!!
جزاك الله كل خير أستاذنا ووالدنا الفاضل
ردحذف--------------
راقت لي:
رأى أحد العشاق في طريقه أحد المجاذيب !؟
فقال له أيها الحبيب : أخبرني عن عاقبة العشاق ؟؟؟
فرد المجذوب : تراها يوم التلاق" فذلك هو الجزاء الوفاق"
قال العاشق : هل العشق داء أم دواء ؟؟؟ فقال :
داؤه دواء - ودواؤه داء"
قال العاشق : هل العشق إبتلاء أم إجتباء ؟؟؟ فقال :
ظاهره إبتلاء وباطنه إجتباء
قال العاشق :
أخبرنى عن حال أهل الجذب ؟؟؟ فقال :
تائهين من سواطع القرب"
قال العاشق :
أخبرنى عن المقربين ؟؟؟ فقال :
مقامهم فى أعلى عليين"
قال العاشق : من له الحظ الأوفى للحضرة الإلهيه ؟؟؟
فقال: من اتصلت روحه بالذات المحمديه" وهو حضرة سيدنا النبي صلي الله عليه وسلم
قال العاشق : كيف يعرف السالك أنه طالب أو مطلوب ؟؟؟
قال : إذا نظر للأكوان فهو طالب" وإذا نظر للمكون فهو مطلوب. ومحبوب"
قال العاشق : كيف تأتي للسالك العاشق الأوامر ؟؟؟
قال : عندما تسبح روحه وتغامر"
قال العاشق : ماذا يفعل العاشق إن أراد الوصال ؟؟؟
قال : يتتبع آثار معشوقه ويترك القيل والقال"
قال العاشق : من أي بحر أنت تغترف وتتدارك ؟؟؟
قال : من بحر أسرار نون وتبارك"
قال العاشق : من هو طيب الأنفاس ؟؟؟
قال : هو الخالي من الأرجاس
المشغول برب الناس عن كل الناس"
قال العاشق للمجذوب : سعدت بلقائك أيها المحبوب"
فحضنه المجذوب :
وقال له لقائي بك مسبق ومحسوب وفي صحائف
أقدار الغيب مكتوب ....
منقول
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفاهداء: إلى روح محمود خلف
ردحذفالحلقة ١٨: أيها المريد... الحبيب الجفري
☆☆☆☆☆
هذه الحلقة إجحدوها على عدوكم... يتكلم فيها الجفري على النفس بصفتها اكبر عائق من عوائق السير في الطريق الى الله...
وأكبر عائق صادفني في هذه الحلقة اني لم أتمكن من تلخيصها بحجم الحلقات السابقة كل ما جاء فيها مهم .. لذلك سأجعل هذه الحلقة على ثلاث اجزاء.
اولا : وردت معلومة هامة..المسجد الذي سجلت فيه الحلقات موجود في قلب الشيشان في عاصمة قروزني... حتى تقدروا المجهود الذي يقوم به الجفري وتحمدوا الله ان جعل لغة القرآن هي لغتكم ولم يجعلها عائق لكم
الجزء ☆ ١ ☆
☆ اختصر بعض العارفين الحديث عن عقبة الدنيا والشيطان في عبارة واحدة فقال نظرت إلى أمر الدنيا فوجدت ما مضى منها حلما وما يأتي منها أماني( ما تدري تدركها أو تموت قبلها)... ونظرت في شأن الشيطان فوجدته لم ينفع من أطاعة ولم يضر من عصاه...
☆ الإنسان مكون من ٥ اجزاء
١_ الجسد: الذي هو المركب أو الغلاف أو القفص الذي يحمل الانسان...
٢_ العقل: هو القوة التي تفكر وتزن الأمور وتميز الخير من الشر تنظر فى الشرع لتأخذ منه الأمر والنهي...
فالعقل ليس مجرد المخ الذي يتحدث عنه الأطباء... الذي يسير الجسد ولكن المقصود به المعنى الأوسع هو الإدراك الذي يحصل للإنسان ليزن به الأمور ومنه وبه تستنبط القواعد العقلية التي فيها الواجب والجائز والمستحيل
٣_ النفس: مهمتها تخاطب القلب بما تريد وبما تهوى ولها صلة مباشرة على الجسد... فالجسد يؤثر على النفس والعكس فتخلط احتياجات الجسم بأهوائها... اذا فسدت النفس يفسد الانسان أو يتأذى
☆ ربط الله السعادة والفلاح بالنفس، كذلك الشقاوة و التدسية ( اي الخيبة) بالنفس ( ٨ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا ٩ وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا ١٠﴾ [الشمس]
٤_ الروح: ليس المقصود به مجرد بث الحياة في الإنسان بل هو سر النغمة الإلهية.. النزعة العلوية في الإنسان الذي تنزع به إلى الإرتفاع... خزانة النور التي في داخل الإنسان... وأن تكون النفس فتحت هذه الخزانة فأشار النور على سائر الإنسان ويسعد
☆ ليس بيننا وبين الله نسب ولكن بيننا وبين الله نسبة فنحن منسوبات إلى الله بالعبودية...
وسر هذه النسبة ( وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِ) ٢٩ الحجر