بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة المعتقدات الموروثة وبيان حقيقتها
عن المس الشيطاني ودخول الحمامات وتسريح الشعر والزواج والخياطة والمرايات وطعام الشيطان والقطط السوداء وغير ذلك
(الفصل السادس والستون)
#- فهرس:
:: الفصل السادس والستون :: معتقدات موروثة عن قدرات الشيطان - التصور بأن الشيطان عند أصنام العُزَّى ومناة وإساف ونائلة كان يتحول لشكل امرأة سوداء عارية منكوشة الرأس وتلطم على خدها وصدرها - وحقيقة قصة خالد بن الوليد مع صنم العُزَّى - حكاية الشيطان مسعر المتحدث من داخل الأصنام وقصة انتقام الجني المؤمن سمحج منه ::
1- س288: هل تحول الشيطان إلى شكل امرأة سوداء عند صنم مناة وصنم إساف ونائلة و صنم العُزَّى وقتلها خالد بن الوليد ؟
- قصة هدم الصنم (العزى) على يد خالد بن الوليد.
- قصة
المرأة العريانة عند تحطيم صنم نائلة وإساف.
- قصة هدم الصنم
(مناة) الذي حطمه الصحابي "سعد بن زيد الأشهلي".
2- س289: ما هي حكاية الشيطان مسعر المتحدث من داخل الأصنام وقصة انتقام الجني المؤمن سمحج من هذا الشيطان ؟
***********************
:: الفصل السادس والستون ::
:: معتقدات موروثة عن قدرات الشيطان - التصور بأن الشيطان عند أصنام العُزَّى ومناة وإساف ونائلة كان يتحول لشكل امرأة سوداء عارية منكوشة الرأس وتلطم على خدها وصدرها - وحقيقة قصة خالد بن الوليد مع صنم العُزَّى - حكاية الشيطان مسعر المتحدث من داخل الأصنام وقصة انتقام الجني المؤمن سمحج منه ::
**********************
..:: س288: هل تحول الشيطان إلى شكل امرأة سوداء عند صنم مناة وصنم إساف
ونائلة و صنم العُزَّى وقتلها خالد بن الوليد ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- من الخرافات التي تجدها في بعض كتب السيرة
.. قصة ظهور الشيطان في صورة امرأة سوداء عارية منكوشة الشعر .. وذلك حينما
ذهب بعض الصحابة لهدم الأصنام في فتح مكة ..
- ومن هذه القصص التي تم تلفيق الخرافة
السابقة لها .. قصة هدم صنم العُزَّى وصنم مناة وصنم إساف ونائلة .. والذي كان قادة هذه
القصص بعض الصحابة الذين أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم لهدمها ..
-
وتقول الأسطورة التي تكررت ثلاث مرات بنفس الشكل: أن كل صحابي ذهب ليهدم الصنم .. فكان يظهر له
شيطان في صورة امرأة حبشية أي سوداء الجسد وعارية .. منكوشة الرأس تلقي التراب على
رأسها .. ثم لما ظهرت هذه الشيطانة فالصحابي يقتلها.
- ولكن القصة المقبولة والظاهر منها صحتها
هي: أن الصحابة كانوا يذهبون لهدم مقامات الأصنام وطمسها بأمر من النبي صلى
الله عليه وسلم .. وقد يكون بعض خدامين بيت الصنم قد أتى بامرأة ودفع لها مالا لتظهر
في صورة الإله المنتقم .. ولعلها امرأة لم تكن تعقل أن مصيرها الموت .. وإلا ما
كانت فعلت ذلك ..
- وهذه هي دائما كانت الحيلة التي يستخدمها
خدام بيت الصنم .. فيأتون بشخص مختفي خلف مقام الصنم ويصدر أصواتا مثلا
بقبول القرابين التي يقدمها الشخص .. ليوهموا الناس أن العزى تكلمهم من وراء هذا
الصنم ..
-
وستلاحظ شيء في القصص التي سأذكرها لك .. وهو أن توصيف المرأة الشيطانية هو نفس توصيف أي
امرأة مجنونة هاربة من مستشفى الأمراض العقلية ولا تعقل شيئا في الحياة .. وكانت
تخرج للصحابة وكأنها تقول لهم: العَوْ العَوْ ..!! وتلطم صدرها ووجهها ويجب أن
تكون في القصة عارية الجسد ..!!
#-
وإليك تحقيق هذه القصص ..
#- أولا: قصة هدم الصنم (العزى) على يد
خالد بن الوليد ..
-
(حديث ضعيف وفيه
نكارة شديدة .. سند مختلف عليه ومتن منكر جدا) .. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
أَبِي بَكْرٍ الْفَقِيهُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ،
قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْمُثَنَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا محمد ابن فُضَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، قَالَ: (لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى نَخْلَةَ
(أي منطقة نخلةَ) وكَانَتْ بِهَا الْعُزَّى (أي اسم صنم من أصنام قريش) فأتاها خالد ابن الْوَلِيدِ
وَكَانَتْ عَلَى ثَلَاثِ سَمُرَاتٍ (أي شجرات) .. فَقَطَعَ السَّمُرَاتِ .. وَهَدَمَ
الْبَيْتَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهَا ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ تَصْنَعْ شَيْئًا ..
فَرَجَعَ خَالِدٌ .. فَلَمَّا نَظَرَتْ إِلَيْهِ السَّدَنَةُ (أي خدام الصنم) وَهُمْ حُجَّابُهَا (أي الذين ينظمون ويديرون خدمة
المقام) .. أَمْعَنُوا فِي الْجَبَلِ (أي لما رأوا خالد بن الوليد
قادم رحلوا للجبل يختبئون) وَهُمْ يَقُولُونَ: يَا عُزَّى خَبِّلِيهِ (أي أصيبيه بخبل في عقله أو
بهلاك في نفسه) ، يَا عُزَّى عَوِّرِيهِ (أي أصيبيه بجراح تؤلمه) .. وَإِلَّا فَمُوتِي بَرَغْمٍ (أي وإلا فحق موتك بمنتهى الذل) .. قَالَ: فَأَتَاهَا خَالِدٌ (أي رجع إلى مكان مقام الصنم
الذي هدمه) .. فَإِذَا امْرَأَةٌ عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةٌ شَعَرَهَا
تَحْثُو التُّرَابَ (أي تلقي التراب) عَلَى رَأْسِهَا فَعَمَّمَهَا
بِالسَّيْفِ (أي ضربها بالسيف) حَتَّى قَتَلَهَا ثُمَّ رَجَعَ
إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ:
"تِلْكَ الْعُزَّى") رواه النسائي في الكبرى وأبو يعلى في
مسنده والبيهقي في الدلائل وأبو نعيم في الدلائل .. بنفس السند من طريق
(الْوَلِيدُ بْنُ جُمَيْعٍ) ونفس المتن .. وقال الشيخ حسين أسد محقق مسند أبو
يعلى: إسناده صحيح .. وحسنه الشيخ مقبل الوادعي في الجامع الصحيح وقال: هذا حديث
حسن ..، وقال الشيخ عبد الرزاق المهدي في تحقيقه على تفسير البغوي (ج3 ص308): أصل
الحديث محفوظ، لكن كون المرأة هي العزى منكر جدا..، وهو معلول (الوليد بن جميع) وإن روى له
مسلم، ووثقه غير واحد .. فقد قال الحاكم: لو لم يذكره مسلم في صحيحه لكان أولى ..
وقال ابن حبان: فحش تفرده، فبطل الاحتجاج به..، وقال العقيلي: في حديثه اضطراب ..،
فالرجل غير حجة،
وكون المرأة هي العزى منكر جدا، وأما أصل الحديث فهو محفوظ. (انتهى النقل باختصار)..،
وقال أبو عبد الرحمن محمود الملاح في كتابه التعليق على
الرحيق المختوم ص176: وإسناده لين لأجل (الوليد
بن جميع) ..، قال بعض أهل العلم: الحديث بذكر خروج المرأة غريب جداً إذا كان
المراد أنها عاشت بعد الموت، أو أنها من الجن، وإما أنها كانت مما جعلها السدنة
لتظهر أشياء تدل على حياة العزى فغير بعيد .. والله تعالى أعلم. (انتهى النقل).
#- قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيبا على هذه الرواية السابقة:
-
أولا: أبو الطفيل حين فتح مكة كان عمره خمسة سنوات .. وحينما مات النبي صلى الله عليه
وسلم كان عمره ثماني سنوات .. ولم يظهر من الرواية أن أبو الطفيل سمع هذا الخبر عن
النبي ولا عن خالد بن الوليد .. وإنما يرويها وكأنه خبر قد بلغه .. ولا نعلم أبلغه
عن صحابي أم من تابعي .. فلو من صحابي فالرواية محتملة التحسين ولو من تابعي
فالرواية تكون ضعيفة .. !! (هذا مجرد رأي خطر ببالي) .
- ملحوظة: أبو الطفيل وهو عامر بن واثلة
هو من قال بنفسه أنه ادرك مع النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنوات .. فقد قَالَ
أَحْمَد: حدَّثنا ثابت بْن الوليد بْن عَبد اللهِ بْن جُميع، قَالَ: حدَّثني
أَبِي، قَالَ: قال لي أَبو الطُّفَيل: أدركتُ ثمان سنين من حياة رَسُول اللهِ صَلى
اللَّهُ عَلَيه وسَلم، وولدتُ عام أُحُد. (راجع تاريخ البخاري الكبير: 6ج ترجمة رقم 2947).
-
ثانيا: (الوليد بن جميع) .. أحد رواة الحديث قد جرحه بن حبان والحاكم .. وبالرغم من تساهل (بن حبان والحاكم) في تجريح
الرواة بخلاف باقي العلماء .. ولذلك فمن المستغرب أن يكون حكمهما (بن حبان
والحاكم) على هذا الراوي هو التجريح فيه بعدم الإحتجاج به وإن هذا لا يكون إلا
لعلة واضحة ظهرت لهما .. ووافقهما الذهبي وذكره في كتاب المغني في الضعفاء ترجمة
رقم(6848) وقال: "الْوَلِيد بن جَمِيع هُوَ ابْن عبد الله" قَالَ ابْن
حبَان فحش تفرده فَبَطل الإحتجاج بِهِ وَقَالَ الْحَاكِم لَو لم يذكرهُ مُسلم
لَكَانَ أولى قَالَ أَبُو حَاتِم صَالح الحَدِيث وَوَثَّقَهُ ابْن معِين وَغَيره.
(انتهى النقل)
.
-
أما كون بعض الناس تقول أن الإمام مسلم ذكر له حديثا في صحيحه .. فهو ذكر له حديثا كمتابعة وليس أصلا ..
فالإمام مسلم يستشهد به في المتابعات لعلمه بوجود ضعف فيه ..!!
-
فعلى أحسن تقدير في هذا الراوي (الوليد بن جميع) يقال عنه مقبول في المتابعات .. ولا متابعة له في هذه الرواية .. فيظل حديثه
على الضعف .. والله أعلم .
-
ثالثا: وعلى افتراض تحسين الرواية (كسند) في تحقيق البعض .. وإن كان هذا غير صحيح .. إلا أنه لا يمكن قبولها متنا في قصة المرأة
العارية .. ولا يمكن للعقل أن يسمح بقبولها .. ليه ؟
1-
لأن الذي يؤيد نكارة الجزء الخاص بالمرأة العريانة كما
قال بعض الأفاضل .. هو أن يقال: لماذا لم تظهر هذه المرأة أول
مرة أتى فيها خالد ليقطع الثلاث شجرات ويهدم البيت المحيط بهذه الشجرات ؟!!
2-
ولماذا ظهرت هذه المرأة حينما عرف خدام بيت الثلاث شجرات ان خالد بن الوليد عائد
مرة أخرى .. وأخذوا ينادون على تلك المرأة أن تخرج لخالد
وتواجهه ؟ فلماذا لما ينادوا عليها أول مرة أتى فيها خالد ؟!!
-
إلا لو افترضنا أنها امرأة من الإنس (وليست امرأة من الجن كما زعم البعض) .. وقد أتى بها خدام المعبد لتصنع هذا المشهد
أمام خالد بن الوليد ولتظهر أمام الناس أنها لازالت حية ولم تموت وتدافع عن المعبد
.. وذلك من أجل حدوث فتنة في نفوس الناس بأن العزي لم يقدر
عليها خالد بن الوليد من أول مرة ..!! فأتوا بامرأة ودفعوا لها مالا لتفعل ذلك ..
وأوهموها أن خالد لا يقتل النساء لو كشف أمرك ..!!
3-
ثم يقال لمن يظن صحة هذه الرواية .. لماذا ظهرت هذه المرأة أمام خالد
بن الوليد ولم تظهر بعد رحيله من باب أولى لتظهر أمام الناس بأنها لازالت موجودة ..
ولم يؤثر فيها شيئا ..!!
-
وأكيد لا يقول عاقل أنها ظهرت لتخيف خالد بن الوليد كأنها تقول له: العَوْ العَوْ البِخِّ البِخِّ .. !!
- وهذا حينئذ أقل ما يقال أن هذا
تصور سخيف ..
4-
ثم يقال كيف تكون العزى هي امرأة حية في حين في أصل حقيقتها هي صنم وكانوا يلطخونه
بالدماء ؟!!
- قال الدكتور جواد علي (المتوفى: 1408هـ) بعد أن شرح كل ما قيل حول صنم
العزى:
#-
والرأي المعقول المقبول .. هو أن العزى صنم، له بيت وأمامه غبغب، أي
خزانة يضع فيها العباد المؤمنون بالعزى هداياهم ونذورهم لها.
-
كما كانوا ينحرون لها .. إذ لا يعقل أن يقال إن خالد كسر الصنم وهدم
بيته..!
-
ثم لا يكون العزى صنمًا بل يكون شجرة أو شجرات. وأما الشجيرات، فإنها شجيرات
مقدسة أيضًا؛ لأنها في حرم العزى، وشجر الحرم هو شجر مقدس لا يجوز قطعه، ولذلك كان
أهل مكة يتجنبون مس شجر الحرم بسوء، فلما أراد "قصي" اعتضاده، هابت قريش
عمله وخافت سوء العاقبة، ونهته عن مسه بسوء، ولكنه أقدم على قطعه، لم يبال برأيهم،
ولم يحفل بنصائحهم، فقطعه. وكان بيت العزى يسمع فيه الصوت.
-
وقد ذكر الأخباريون .. أنه كان في كل من اللات والعزى ومناة
شيطانة، تكلمهم، وتظهر للسدنة وقد نسبوا ذلك إلى صنع إبليس.
-
والظاهر أن الحبشية المذكورة التي قتلها خالد .. وزعم أنها شيطانة إن صح ما ذكره
الرواة عن وجودها، كانت امرأة كان السادن (أي الخادم) يخفيها في موضع سري، وهي
التي تجيب عن أسئلة السائلين فينسب السادن كلامها إلى العزى.
- ومما يؤيد رأيي في أن
"العزى" صنم .. ما ورد في تفسير
"الطبري" من قوله: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم" خالد
بن الوليد إلى شعب بسقام ليكسر العزى، فقال سادنها، وهو قيمها (أي الخادم القائم على المكان): يا خالد أنا أحذركها إن لها
شدة لا يقوم إليها شيء. فمشى إليها خالد بالفأس فهشم أنفها. مما يدل على أنها كانت
صنمًا أنثى .. أي تمثالًا لامرأة؛ لأنها أنثى.
-
ويظهر من هذا البيت:
-
أما ودماء مائرات تخالها ... على قنة العزى وبالنسر، عندما
-
إن عبَّاد العزى كانوا قد لطخوا قنة الصنم، أي أعلاه ورأسه بدم الأضاحي. وكذلك فعل
عبَّاد الصنم نسر بقنة صنمهم. (راجع المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج11 ص245)
5-
بل والذي يؤكد نكارة هذه الجزئية (أي جزئية قصة المرأة العريانة).. وبخلاف ما
ذكرته سابقا .. هو
أن يقال أن مشهد المرأة العريانة السوداء ذات الشعر المنكوش .. قد تكررت بنفس الأسلوب في قصتين أخرتين
بتكسير الأصنام .. بنفس المشهد ونفس التمثيلية .. فهل هذه مصادفة أم كذب تم تلفيقه
في الروايات يا مؤمن .. ؟!! وإليك بيان نفس المشهد في روايات أخرى ..
#- الرواية
الأولى: قصة المرأة العريانة وتحطيم صنم نائلة وإساف:
#- (حديث مكذوب) .. عن أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرق الغساني قال:
حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ، عَنْ
أَشْيَاخِهِ، قَالُوا: (كَانَ إِسَافٌ
وَنَائِلَةُ رَجُلًا وَامْرَأَةً، الرَّجُلُ إِسَافُ بْنُ عَمْرٍو، وَالْمَرْأَةُ
نَائِلَةُ بِنْتُ سُهَيْلٍ مِنْ جُرْهُمٍ، فَزَنَيَا فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ،
فَمُسِخَا حَجَرَيْنِ، فَاتَّخَذُوهُمَا يَعْبُدُونَهُمَا، وَكَانُوا يَذْبَحُونَ
عِنْدَهُمَا، وَيَحْلِقُونَ رُءُوسَهُمْ عِنْدَهُمَا إِذَا نُكِّسُوا، فَلَمَّا كُسِرَتِ الْأَصْنَامُ
كَسْرًا، فَخَرَجَتْ مِنْ أَحَدِهِمَا امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ شَمْطَاءُ، تَخْمِشُ (أي تخدش) وَجْهَهَا،
عُرْيَانَةٌ نَاشِرَةُ الشَّعْرِ، تَدْعُو
بِالْوَيْلِ، فَقِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
ذَلِكَ، فَقَالَ: «تِلْكَ نَائِلَةُ، قَدْ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبِلَادِكُمْ
أَبَدًا» وَيُقَالُ: رَنَّ إِبْلِيسُ ثَلَاثَ رَنَّاتٍ (أي صرخات): رَنَّةً حِينَ
لُعِنَ فَتَغَيَّرَتْ صُورَتُهُ عَنْ صُورَةِ الْمَلَائِكَةِ، وَرَنَّةً حِينَ
رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا بِمَكَّةَ
يُصَلِّي، وَرَنَّةً حِينَ افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مَكَّةَ، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ ذُرِّيَّتُهُ، فَقَالَ إِبْلِيسُ:
أَيْئِسُوا أَنْ تَرُدُّوا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ عَلَى الشِّرْكِ بَعْدَ يَوْمِهِمْ
هَذَا أَبَدًا، وَلَكِنْ أَفْشُوا فِيهِمُ النَّوْحَ وَالشِّعْرَ) رواه أبو الوليد الأزرقي في أخبار مكة.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ-
وفي السند (أبو الوليد محمد بن عبد الله
بن أحمد الأزرق الغساني) راوي الحديث ... هو مجهول الحال .. وليس له ترجمة
فيه بجرح ولا تعديل .
ب-
وفيه (محمد بن عمر الواقدي) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب في
روايته لأحاديث النبي .. كما في الرواية السابقة التي فيها كلام للنبي وليس مجرد
خبر عادي في السيرة .. وعلى أحسن تقدير فهو ضعيف جدا لو أحسنت به الظن ..!!
- قال الحافظ في تهذيب التهذيب ج9
ص366: قال الشافعي فيما أسنده البيهقي: كتب الواقدي كلها كذب
..، و قال النسائي في " الضعفاء " : الكذابون المعروفون بالكذب على رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة : الواقدي بالمدينة ، و مقاتل بخراسان ، و
محمد ابن سعيد المصلوب بالشام . و ذكر الرابع ..، و قال ابن عدى : أحاديثه غير
محفوظة و البلاء منه ..، و قال في موضع آخر : ليس هو بموضع للرواية ، و إبراهيم بن
أبى يحيى كذاب وهو عندي أحسن حالا من الواقدي ..، وقال أبو داود: لا أكتب حديثه
ولا أحدث عنه ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ..، وقال بندار : ما رأيت أكذب منه ..،
وقال إسحاق بن راهويه: هو عندي ممن يضع ..، وحكى أبو العرب عن الشافعي قال : كان
بالمدينة ( سبعة ) رجال يضعون الأسانيد: أحدهم الواقدي ..، وقال أبو زرعة الرازي
وأبو بشر الدولابي والعقيلي: متروك الحديث . (انتهى النقل باختصار) ..
ج-
وفيه (أشياخ الواقدي) .. وهم مجهولون لا نعرف حالهم ..!!
د-
وفيه انقطاع بين أشياخ الواقدي وزمن النبي صلى الله عليه وسلم ..
ولا نعرف عمن أخذوا كلام النبي ..!!
#- الرواية الثانية: قصة الصنم (مناة) الذي حطمه الصحابي "سعد بن زيد
الأشهلي) .. قصة بدون سند:
-
(سرية سعد بن زيد الأشهلي) إلى (مناة) صنم للأوس والخزرج
بالمشلل في شهر رمضان حين فتح مكة ..
- بعث
رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة سعد بن زيد الأشهلي إلى مناة، وكانت
بالمشلّل (وهو جبل يهبط منه الى قديد من ناحية البحر الأحمر) للأوس والخزرج وغسّان .. فلما كان
يوم الفتح بعث رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم سعد بن زيد الأشهلي لهدمها فخرج
في عشرين فارساً حتى انتهى إليها وعليها سادن (خادم)، فقال السّادن: ما تريد؟ قال:
هدم مناة، قال: أنت وذاك (أي هو لك افعل ما تشاء)، فأقبل سعد يمشي إليها (أي للصنم وكان في صورة امرأة من الحجر).. وتخرج إليه (أي من وراء الصنم) امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس،
تدعو بالويل، وتضرب صدرها، فقال السادن: مناة دونك بعض غضباتك (أي يقول الخادم لهذه المرأة الموصوفة
بأنها مناة: انزلي على سعد بغضبك عليه ليعلم حقيقة شأنك) .. ويضربها سعد بن زيد الأشهلي
فيقتلها .. ويقبل إلى الصنم معه أصحابه فهدموه .. ولم يجد في خزانتها شيئاً (أي مثل صناديق النذور) ، وانصرف راجعاً إلى رسول اللَّه
صلى اللَّه عليه وآله وسلم. (ذكر القصة بن سعد في الطبقات الكبرى ج2 ص112).
#-
قلت (خالد صاحب الرسالة):
- مما سبق أخي الحبيب يتبين لك بوضوح سبب
حكمي على تلك الرواية المحكية في قصة خالد بن الوليد لهدم صنم العزي .. بأنها رواية منكرة جدا ..
ولا يمكن قبولها عقلا لمخالفتها العقل أصلا .. فضلا عما ما في السند من كلام يضعف
الرواية .. بل ولا يمكن تصديق أن الشيطان تحول لصورة امرأة خرجت لخالد بن الوليد كأنها
تقول له: العو العو يا خالد ..!! ثم يصفها
النبي بأن هذه هي العزى .. لا .. بل هذا تخريف من الرواة لزيادة الحبكة الفنية
والتشويق للقصة .. وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يكون هذا وصفه لصنم العزى .. لأنه
مجرد صنم وليس امرأة سوداء تلطم على وجهها وتلقي التراب على رأسها ..!!
ولا يخفى عليك أخي الحبيب انك تجد كذب كثير
في بعض روايات السيرة على النبي .. وقد ذكرنا سابقا مثال على ذلك لروايات مروية
بسند قيل عنه صحيح .. ولكنها مفجعة في متنها إذ جعلوا من النبي أنه كان يقدم
قرابين للأصنام عند صنم إساف ونائلة .. ويذبح عندها ويأكل مما يذبحه هناك ..!!
وهذا كلام كذب بلا شك .. وارجع لما ذكرنا في رسالة معتقدات موروثة في الفصل التاسع
والعشرون تحت عنوان معتقدات دينية غير صحيحة عند السؤال: (س118: هل كان النبي يذبح على
النصب لإرضاء الأصنام ويأكل من هذه الذبيحة التي ذبحها للصنم ؟) .
-
والذي يؤكد لك كذب روايات المرأة السوداء العارية في الروايات السابقة .. أنه تم روايتها من خلال ممن هو
متهم بالكذب أصلا .. وإليك تحقيق هذه الروايات لتكون على علم بذلك .
#- ثانيا: تحقيق الروايات التي قيلت أن
المرأة السوداء هي كانت شيطانة متجسدة مع ذكر بعض الروايات الأخرى في قصة خالد بن
الوليد التي قد يظن يتوهم أحد أن المراة السوداء هي شيطانه ..
1- (حديث موضوع - أي مكذوب) .. عن عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (حَدَّثَنَا الْعَنَزِيُّ أَبُو عَلِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا
عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبُو الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِي
أَبِي عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (كَانَتِ الْعُزَّى شَيْطَانَةً تَأْتِي
ثَلاثَ سمراتٍ (أي شجرات) بِبَطْنِ نَخْلَةٍ (اسم مكان) فَلَمَّا
افْتَتَحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ بَعَث خَالِدَ
بْنَ الْوَلِيد فَقَالَ لَهُ إيت بَطْنَ نَخْلَةٍ فَإِنَّكَ تَجِدُ ثَلاثَ سمراتٍ
فَاعْضُدِ الأولى فَأَتَاهَا فعضدها .. فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ عَلَيْهِ
السَّلامُ قَالَ هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا قَالَ لَا .. قَالَ فَاعْضُدِ الثَّانِيَةَ
فَأَتَاهَا فَعَضَدَهَا .. ثُمَّ أَتَى النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقَالَ
هَلْ رَأَيْتَ شَيْئًا قَالَ لَا .. قَالَ فَاعْضُدِ الثَّالِثَةَ فَأَتَاهَا .. فَإِذَا
هُوَ بِحَبَشِيَّةٍ نافشةٍ شعرهَا واضعةٍ يَديهَا على عاتقها تصرف بأنيابها
وَخَلفهَا دبية بن حرمى الشَّيْبَانِيّ ثمَّ السُّلَمِيُّ وَكَانَ سَادِنَهَا (أي خادم الصنم) .. فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خالدٍ
قَالَ:
أعزاء
شُدِّي شَدَّةً لَا تَكْذِبِي ... عَلَى خالدٍ أَلْقِي الْخِمَارَ وَشَمِّرِي
فَإِنَّكِ
إِلا تَقْتُلِي الْيَوْمَ خَالِدًا ... تبوئى بذل عَاجلا وَتُنْصَرِي ...
فَقَالَ
خَالِدٌ ... يَا عِزُّ كُفْرَانَكِ لَا سُبْحَانَكِ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ
قَدْ أَهَانَكِ ...
ثُمَّ
ضَرَبَهَا فَفَلَقَ رَأْسَهَا فَإِذَا هِيَ حُمَمَةٌ ثُمَّ عَضَدَ الشَّجَرَةَ
وَقَتَلَ دُبَيَّةَ السَّادِنَ
ثُمَّ
أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ .. فَقَالَ
تِلْكَ الْعُزَّى وَلا عُزَّى بَعْدَهَا لِلْعَرَبِ أَمَا إِنَّهَا لَنْ تُعْبَدَ
بَعْدَ الْيَوْمِ) مروي في كتاب الأصنام المنسوب لهشام ابن السائب ابن
بشر الكلبي.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
وفي السند (علي بْن الصباح بْن الفرات) .. وهو مجهول الحال ..
-
وفيه (هشام بن بشر الكلبي – أبو المنذر) راوي الحديث وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب.
-
وفيه أبو هشام (محمد بن السائب بن بشر الكلبي) وهو متهم بالكذب .. وروايته عن أبي صالح كلها كذب .
-
وفيه (أبو صالح- وهو باذام مولى أم هانيء) .. وهو ضعيف الحديث ..
-
وفيه أن (أبو صالح) قد دلس في الرواية لأنه لم يقابل بن عباس ولم يسمع منه
.. كما قال بن حبان: يحدث عن ابن عباس، ولم يسمع منه .. !! ..
2- وفي (حديث موضوع - أي مكذوب) .. حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنِ
الْوَاقِدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرٍو
الْهُذَلِيِّ، قَالَ: (قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِعَشْرِ لَيَالٍ
بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَبَثَّ السَّرَايَا فِي كُلِّ جِهَةٍ
وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُغِيرُوا عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَخَرَجَ
هِشَامُ بْنُ الْعَاصِي فِي مِائَتَيْنِ قِبَلَ يَلَمْلَمَ، وَخَرَجَ خَالِدُ بْنُ
سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي فِي ثَلَاثِمِائَةٍ قِبَلَ عُرَنَةَ، وَبَعَثَ خَالِدَ
بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى الْعُزَّى يَهْدِمُهَا، فَخَرَجَ خَالِدٌ فِي ثَلَاثِينَ
فَارِسًا مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَى الْعُزَّى، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهَا
فَهَدَمَهَا، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ: «أَهَدَمْتَ» ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: «هَلْ
رَأَيْتَ شَيْئًا؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «فَإِنَّكَ لَمْ تَهْدِمْهَا، فَارْجِعْ
إِلَيْهَا فَاهْدِمْهَا» . فَخَرَجَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَهُوَ مُتَغَيِّظٌ،
فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهَا جَرَّدَ سَيْفَهُ، فَخَرَجَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ عُرْيَانَةٌ
نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا، فَجَعَلَ السَّادِنُ يَصِيحُ بِهَا. قَالَ خَالِدٌ:
وَأَخَذَنِي اقْشِعْرَارٌ فِي ظَهْرِي، فَجَعَلَ يَصِيحُ بِهَا وَيَقُولُ:
أَعُزَّى
شُدِّي شَدَّةً لَا تُكَذِّبِي ... أَعُزَّى أَلْقِي الْقِنَاعَ وَشَمِّرِي
أَعُزَّى
إِنْ لَمْ تَقْتُلِي الْمَرْءَ خَالِدًا ... فَبُوئِي بِإِثْمٍ عَاجِلٍ أَوْ
تَنَصَّرِي
-
فَأَقْبَلَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِالسَّيْفِ إِلَيْهَا وَهُوَ يَقُولُ:
يَا
عُزَّ كُفْرَانَكِ لَا سُبْحَانَكِ ... إِنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكِ
قَالَ:
فَضَرَبَهَا بِالسَّيْفِ، فَجَزَلَهَا بِاثْنَتَيْنِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: «نَعَمْ، تِلْكَ
الْعُزَّى، قَدْ أَيِسَتْ أَنْ تُعْبَدَ بِبِلَادِكُمْ أَبَدًا» ثُمَّ قَالَ
خَالِدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَكْرَمَنَا بِكَ،
وَأَنْقَذَنَا بِكَ مِنَ الْهَلَكَةِ، لَقَدْ كُنْتُ أَرَى أَبِي يَأْتِي
الْعُزَّى بِخَيْرِ مَالِهِ مِنَ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، فَيَذْبَحُهَا
لِلْعُزَّى، وَيُقِيمُ عِنْدَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَنْصَرِفُ إِلَيْنَا
مَسْرُورًا، وَنَظَرْتُ إِلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ أَبِي، وَإِلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ
الَّذِي كَانَ يُعَاشُ فِي فَضْلِهِ، وَكَيْفَ خُدِعَ حَتَّى صَارَ يَذْبَحُ لِمَا
لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ إِلَى اللَّهِ، فَمَنْ
يَسَّرَهُ لِلْهُدَى تَيَسَّرَ لَهُ، وَمَنْ يَسَّرَهُ لِلضَّلَالَةِ كَانَ فِيهَا) رواه الأزرقي في أخبار مكة.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ-
وفي السند (أبو الوليد محمد بن عبد الله
بن أحمد الأزرق الغساني) راوي الحديث ... هو مجهول الحال .. وليس له ترجمة
فيه بجرح ولا تعديل .. و (جده) ثقة .
ب-
وفيه (محمد بن عمر الواقدي) وهو متروك الحديث ومتهم بالكذب في
روايته لأحاديث النبي .. كما في الرواية السابقة التي فيها كلام للنبي وليس مجرد
خبر عادي في السيرة .. وعلى أحسن تقدير فهو ضعيف جدا لو أحسنت به الظن ..!!
- قال الحافظ في تهذيب التهذيب ج9
ص366: قال الشافعي فيما أسنده البيهقي: كتب الواقدي كلها كذب
..، و قال النسائي في " الضعفاء " : الكذابون المعروفون بالكذب على رسول
الله صلى الله عليه وآله وسلم أربعة : الواقدي بالمدينة ، و مقاتل بخراسان ، و
محمد ابن سعيد المصلوب بالشام . و ذكر الرابع ..، و قال ابن عدى : أحاديثه غير
محفوظة و البلاء منه ..، و قال في موضع آخر : ليس هو بموضع للرواية ، و إبراهيم بن
أبى يحيى كذاب وهو عندي أحسن حالا من الواقدي ..، وقال أبو داود: لا أكتب حديثه
ولا أحدث عنه ما أشك أنه كان يفتعل الحديث ..، وقال بندار : ما رأيت أكذب منه ..،
وقال إسحاق بن راهويه: هو عندي ممن يضع ..، وحكى أبو العرب عن الشافعي قال : كان
بالمدينة ( سبعة ) رجال يضعون الأسانيد: أحدهم الواقدي ..، وقال أبو زرعة الرازي
وأبو بشر الدولابي والعقيلي: متروك الحديث . (انتهى النقل باختصار) ..
ج-
وفيه (عبد الله بن يزيد الهذلي) .. مختلف عليه بين التضعيف
والتوثيق .. قال البخاري: يقال يتهم بالزندقة.. وقال مرة: يتهم بأمر عظيم..، وقال
النسائي: ليس بثقة..، وأما أحمد ويحيى فوثقاه. (راجع ميزان
الإعتدال ترجمة رقم 4694).
د-
وفيه (سعيد بن عمرو الهذلي) .. مجهول الحال .
هـ-
يوجد انقطاع في السند لأن (سعيد بن عمرو الهذلي) لا يروي إلا عن أبيه
(عمرو بن سعيد الهذلي) .. ويظهر ذلك في رواية عند أبو نعيم في معرفة الصحابة كما
في الحديث رقم (5130) وجاء في سنده: (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ الْهُذَلِيِّ
عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ الْهَذَلِيِّ،
عَن أَبِيهِ عَمْرِو بْنِ
سَعِيدٍ الْهَذْلِيِّ كَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أَدْرَكَ
الْجَاهِلِيَّةَ الْأُولَى وَالْإِسْلَامَ، قَالَ: (حَضَرْتُ مَعَ رِجَالِ قَوْمِي صَنَمًا بِسُوَاعَ، وَقَدْ
سُقْنَا إِلَيْهِ الذَّبَائِحَ) رواه أبو
نعيم في معرفة الصحابة .. بسند ضعيف جدا.
3- (حديث موضوع) .. حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: (بَعَثَ رَسُولُ الله ص خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى
الْعُزَّى- وَكَانَتْ بِنَخْلَةَ، وَكَانَتْ بَيْتًا يُعَظِّمُهُ هَذَا الْحَيُّ
مِنْ قُرَيْشٍ وَكِنَانَةَ وَمُضَرَ كُلِّهَا، وَكَانَتْ سَدَنَتُهَا مِنْ بَنِي
شَيْبَانَ، مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ حُلَفَاءَ بَنِي هَاشِمٍ- فَلَمَّا سَمِعَ
صَاحِبُهَا بِمَسِيرِ خَالِدٍ إِلَيْهَا، عَلَّقَ عَلَيْهَا سَيْفَهُ، وَأَسْنَدَ
فِي الْجَبَلِ الَّذِي هِيَ إِلَيْهِ فَأُصْعِدَ فِيهِ، وَهُوَ يَقُولُ:
أَيَا
عُزُّ شُدِّي شَدَّةً لا شَوًى لَهَا ... عَلَى خَالِدٍ أَلْقِي الْقِنَاعَ
وَشَمِّرِي
وَيَا
عُزُّ إِنْ لَمْ تَقْتُلِي الْيَوْمَ خَالِدًا ... فَبُوئِي بِإِثْمٍ عَاجِلٍ أَوْ
تنصرى
فَلَمَّا
انْتَهَى إِلَيْهَا خَالِدٌ هَدَمَهَا، ثُمَّ رَجَعَ الى رسول الله صلى الله عليه
وسلم) رواه بن جرير الطبري في التاريخ (ج3 ص65 – تحت عنوان
"هدم خالد بْن الوليد العزى ببطن نخلة").
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
وفي السند (محمد بن حميد الرازي) .. وهو متروك الحديث والبعض كذبه .
-
وفيه (سلمة بن الفضل) .. وهو صدوق كثير الخطأ .. وضعفه
النسائي .
-
وفيه (محمد بن اسحاق) .. روايته مرسلة ومنقطعة لأنه لم
يدرك خالد بن الوليد ..
#-
ثالثا: قلت (خالد صاحب الرسالة)
تعقيبا على أن المرأة السوداء وصفها البعض بأنها كانت شيطانة متجسدة :
1-
من يزعم ويقول أن هذه المرأة كانت من الجن أو شيطان متجسد .. فهذا لا دليل عليه إلا في رواية
مكذوبة وقد سبق الإشارة إليها وما هو يلحق بها من روايات وكانت مكذوبة أيضا .. حتى
الرواية التي قال البعض عنها أنها حسنة فهي ليست حسنة بل سيئة وقبيحة وغير معقولة
أصلا لنكارة متنها .. وقد سبق بيان ذلك .
2-
لو كانت المرأة السوداء هي جنية شيطانة متجسدة في صورة امرأة حبشية سوداء .. لماذا ظهرت لخالد بن الوليد
ليقتلها ؟ أكانت شيطانة حمقاء لا تعرف من هو خالد بن الوليد ؟!! أم كانت تظن أنها
لو قالت له: العو يا شاطر .. فسيرحل عنها ويخاف ؟!! أم أن هذه جنية أو شيطانة
عبيطة كانت تريد الموت ؟!!
3-
بل ويقال: أليس من باب أولى أنها لو كانت
شيطانة حقا لكانت هربت لمكان آخر وجمعت خدامها الأوفياء من الإنسيين وطلبت منهم أن
يبنوا لها مكان آخر وتسكن فيه وتضل آخرين ..؟!
4-
ويقال لهم: لو كانت شيطانه فلماذا لم يقل
النبي صلى الله عليه وسلم لخالد أن هذه جنية أو شيطانة ؟!! (على افتراض صحة
الرواية أصلا) ..!!
5-
ويقال له: لماذا لم تظهر الجنية بقدراتها الروحانية
لتؤثر في خالد والجنود من باب أولى بقدراتها الخارقة ؟!! بدلا من أن تظهر بشكل
منكوش وتضع التراب عليه .. وتظن أن هذا سيخيف خالد بن الوليد .. ؟!!
-
فما هذا التصور الساذج من هذا الجن الأحمق حينئذ ؟!!
-
وكيف نعقل نحن مثل هذا الأمر ؟!!
6-
أما عن مسألة تجسيد الشيطان في صورة إنسانا سويا فهذا من الكلام الباطل في الدين
أصلا .. ولم يقل بذلك الله ورسوله وإنما هي بدعة ابتدعها
البعض وصدقها آخرون .. (راجع
رسالة التمثيل الروحاني في إمكانية تجسيد الجن والشيطان في صورة إنسان – بين
الحقيقة والخرافة) .
#-
خلاصة القول:
1- أن قصة ظهور الشيطان متجسدا في
قصة هدم صنم العزى ومناة واساف ونائلة .. ما هي إلا قصص مفبركة أي
مزورة ولا يمكن أن يقبلها العقل .. فضلا عن فساد أسانيد هذه الروايات وبطلان
ونكارة متنها .. وقد سبق بيان ذلك .
2-
ولا أنكر أن
يكون للقصة أصل وهو أن النبي أرسل الصحابة لهدم الأصنام .. وهذا معقول وطبيعي أن يحدث ..
ولكن قصة المرأة العارية وتجسد الشيطان في شكلها فهذا هو الخرافة .
- والله أعلم .
************************* ..:: س289: ما هي حكاية الشيطان مسعر
المتحدث من داخل الأصنام وقصة انتقام الجني المؤمن سمحج من هذا الشيطان ؟ ::..
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
- أحببت في ختام قصص شيطان الأصنام .. أن أذكر لك أخي الحبيب .. قصة أيضا كانت سببا
في تثبيت معتقد الشيطان الذي يتكلم من خلال الأصنام ..!!
- ولكنها قصة طريفة (ولكنها مكذوبة) .. وهذه القصة تجمع بين الجن الكافر وهو الشيطان
(مسعر) .. وبين الجن المؤمن وهو الجني (سمحج) الذي قتل الشيطان مسعر ..!!
1-
(حديث
موضوع – أي مكذوب) .. روي أبو نعيم في الدلائل - حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ
بْنُ حَيَّانَ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى، وَأَبُو
عُمَرَ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ: ثنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: ثنا
مِنْجَابٌ، قَالَ: ثنا أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، عَنِ ابْنِ خَرَّبُوذٍ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
قَالَ: (هَتَفَ هَاتِفٌ مِنَ الْجِنِّ عَلَى أَبِي
قُبَيْسٍ بِمَكَّةَ، فَقَالَ:
قَبَّحَ
اللَّهُ رَأْيَ كَعْبِ بْنِ فِهْرٍ ... مَا أَرَقَّ الْعُقُولَ وَالْأَحْلَامْ
دِينُهَا
أَنَّهَا يُعَنَّفُ فِيهَا ... دِينُ آبَائِهَا الْحَمَاةُ الْكِرَامْ
حَالَفَ
الْجِنَّ حِينَ يُقْضَى عَلَيْكُمْ ... وَرِجَالَ النَّخِيلِ وَالْآطَامْ
هَلْ
كَرِيمٌ مِنْكُمْ لَهُ نَفْسُ حُرٍّ ... مَاجِدُ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَعْمَامْ
يُوشِكُ
الْخَيْلُ إِنْ تَرَاهَا تَهَادَى ... تَقْتُلُ الْقَوْمَ فِي بِلَادِ التِّهَامْ
ضَارِبٌ
ضَرْبَةً تَكُونُ نَكَالًا ... وَرَوَاحًا مِنْ كُرْبَةٍ وَاغْتِمَامْ
قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَصْبَحَ هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ شَاعَ بِمَكَّةَ، فَأَصْبَحَ
الْمُشْرِكُونَ يَتَنَاشَدُونَهُ بَيْنَهُمْ، وَهَمُّوا بِالْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذَا شَيْطَانٌ يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْأَوْثَانِ
يُقَالُ لَهُ مِسْعَرٌ،
وَاللَّهُ يُخْزِيهِ» قَالَ: فَمَكَثُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِذَا هَاتِفٌ عَلَى
الْجَبَلِ يَقُولُ:
نَحْنُ
قَتَلْنَا مِسْعَرَا
لَمَّا
طَغَى وَاسْتَكْبَرَا
وَسَفَّهَ الْحَقَّ وَسَنَّ
الْمُنْكَرَا
قَنَّعْتُهُ سَيْفًا جَرُوفًا
مُبْتِرَا
بِشَتْمِهِ نَبِيَّنَا
الْمُطَهَّرَا
فَقَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ذَلِكَ عِفْرِيتٌ مِنَ
الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ سَمْحَجٌ .. سَمَّيْتُهُ عَبْدَ اللَّهِ، آمَنَ بِي
فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ فِي طَلَبِهِ مُنْذُ أَيَّامٍ» فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي
طَالِبٍ: جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ) رواه أبو نعيم في الدلائل برقم
(60)..،
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
-
وفي السند خمسة علل ..
أ-
العلة الأولى: (أبو عامر القاسم بْن مُحَمَّد
الأسدي) فهو مجهول ولم أجد له ترجمة .. وليس هو (أبو نهيك)..
ب-
والعلة الثانية: (ابن خرَّبوذ) وهو مجهول ولم أعرف من هو .. وليس هو معروف بْن خربوذ ولا سالم بْن سرح
ابن خربوذ .. بل أن أسانيد أبو نعيم في معرفة الصحابة
وجدتها تأتي (عن أَبُو عَامِرٍ الْأَسَدِيُّ، ثنا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ)
ولا يوجد واسطة بينهما .. مما يؤكد أن (ابن خرَّبوذ) هذا هو من وضع الحديث .. ولعله
هو (إبراهيم بن خربوذ المكي) قد ذكره بن حجر في لسان الميزان ج2 ترجمة رقم 119
وقال: ذَكَره الطوسِي في رجال الباقر من الشيعة.(انتهى
النقل) .. (قلت خالد): لو هو إبراهيم هذا فلازال مجهول ولا وجود له ولا معرفة عنه
بل ويزيد الشك فيه أنه من وضع الحديث ..!!
ج-
والعلة الثالثة: (موسى بن عبد الملك بن عمير) ضعفه أبو حاتم في الجرح
والتعديل ، وذكره البخاري في كتاب الضعفاء..
د-
والعلة الرابعة: (عَبد المَلِك بن عُمَير بن سويد) أبو موسى .. وهو ضعيف
الحديث وقد اختلط في آخر عمره في رواية الحديث واضطرب حديثه (وقد روى له البخاري
ومسلم قبل اختلاطه) ..
هـ-
والعلة الخامسة: في السند انقطاع بين (عبد الملك) وبين (بن عباس) لأن عبد
الملك لم يقابل بن عباس وإنما دلس عنه في الرواية .
2- (حديث موضوع) .. عن ابْنُ أَبِي يُوسُفَ الْمَكِّيُّ قَالَ: ثنا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ زِيَادٍ الْمَكِّيُّ، أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ، كَانَ يُحَدِّثُ
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ
عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: وَكَانَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ
أَنَّهُ قَالَ: (بَيْنَا نَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَهُوَ يُسِرُّ الْإِسْلَامَ،
وَمَعَهُ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِذْ هَتَفَ هَاتِفٌ عَلَى بَعْضِ جِبَالِ
مَكَّةَ مِنَ اللَّيْلِ وَفِتْيَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَسْمَعُونَ صَوْتَهُ
وَيَعْرِفُونَ قَوْلَهُ وَهُوَ يَقُولُ:
قَبَّحَ
اللهُ رَأْيَ كَعْبِ بْنِ فِهْرٍ ... مَا أَدَقَّ الْعُقُولَ وَالْأَحْلَامِ
بَيْنَهَا
بَاهٍ يَعِيبُ عَلَيْهَا ... دِينَ آبَائِهَا الْحُمَاةِ الْكِرَامِ
حَالَفَ
الْحَيَّ حِلْفَ نَصْرٍ عَلَيْهِمْ ... وَرِجَالَ النَّخِيلِ وَالْآكَامِ
تُوشِكُ
الْخَيْلُ أَنْ تَرَوْهَا جِهَارًا ... تَقْتُلُ الْقَوْمَ فِي الْبِلَادِ
التُّهَامِي
هَلْ
كَرِيمٌ مِنْكُمْ لَهُ نَفْسُ حُرٍّ ... مَاجِدُ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَعْمَامِ
ضَارِبًا
ضَرْبَةً تَكُونُ نَكَالًا ... وَرَوَاحًا مِنْ كُرْبَةٍ وَاغْتِمَامِ
-
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ:
فَوَثَبَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْنَا وَهَمُّوا بِنَا. قَالَ: فَلَمَّا بَلَغَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَاحَ الصَّائِحِ قَالَ عَامِرُ
بْنُ رَبِيعَةَ: هَذَا شَيْطَانٌ فِيمَنْ يَدْخُلُ فِي الْأَوْثَانِ
وَيُكَلِّمُهُمْ فِيهَا، وَلَمْ يُعْلِنْ شَيْطَانٌ بِتَحْرِيضٍ عَلَى نَبِيٍّ قَطُّ
إِلَّا قَتَلَهُ اللهُ تَعَالَى.
-
قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: فَمَكَثْنَا ثَلَاثَ لَيَالٍ
..
-
ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتٍ
عِنْدَ الصَّفَا كُنَّا نَجْتَمِعُ فِيهِ مَسْرُورًا فَقَالَ: (أَشَعَرْتُمْ أَنَّ
اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَتَلَ الشَّيْطَانَ الْمُحَرِّضَ عَلَيْكُمْ، قَتَلَهُ
رَجُلٌ مِنْ عَفَارِيتِ الجن يُدْعَى: سَمْحَجِيٌّ فَأَسْمَيْتُهُ: عَبْدَ اللهِ لَمْ يَزَلْ فِي
طَلَبِهِ مُنْذُ ثَلَاثٍ حَتَّى ظَفِرَ بِهِ الْبَارِحَةَ فَقَتَلَهُ) ..
-
قَالَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ: فَلَمَّا أَمْسَيْنَا مِنْ لَيْلَةَ أَخْبَرَنَا
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقًا مُصَدَّقًا , هَتَفَ هَاتِفٌ بِالْمَكَانِ
الَّذِي هَتَفَ فِيهِ الشَّيْطَانُ فَقَالَ:
[البحر
الرجز]
نَحْنُ
قَتَلْنَا مِسْعَرَا لَمَّا طَغَى وَاسْتَكْبَرَا ... وَصَغَّرَ الْحَقَّ وَسَنَّ
الْمُنْكَرا
أَتْبَعْتُهُ
سَيْفًا هُذَامًا مُبْتِرَا ... بِشَتْمِهِ نَبِيَّنَا الْمُظَفَّرَا
أَنَا
نَذِيرُ مَنْ أَرَادَ الْبَطَرَا ... مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَفْجُرَا
أَتْبَعْتُهُ
حَتَّى رُئِي مُعَفَّرَا) رواه الفاكهي في أخبار مكه.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
أ-
فيه (إبراهيم بن أبي يوسف المكي) شيخ الفاكهي .. وهو مجهول الحال .
ب-
فيه (إسماعيل بن زياد المكي) .. وهو متروك ومتهم بالكذب.
ج-
فيه أن (إسماعيل بن زياد) .. أرسل عن ابن جريج لأنه لم يقابله
ولم يسمع منه .. (علما بأن اسماعيل بن زياد في الرواية هو المكي وليس السكوني
الموصلي) ..
د-
وفيه (ابن جريج وهو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج) .. لم يسمع من بن عباس .. فكيف
يحدث عنه ؟!!
هـ- وفيه (عبد الله بن عباس) لم يسمع من (عامر بن ربيعه)
..!!
- فماذا تبقى في السند لنتكلم عنه
؟!!
3-
(حديث
سنده ضعيف جدا ومنكر المتن) .. حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ
قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
حَدَّثَنِي ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ،
عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: (لَمَّا ظَهْرَ أَمْرُ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ عَلَى أَبِي
قُبَيْسٍ يُقَالُ لَهُ مِسْعَرٌ فَقَالَ:
[البحر
الخفيف]
قَبَّحَ
اللهُ رَأْيَ كَعْبِ بْنِ فِهْرٍ ... مَا أَقَلَّ الْعُقُولَ وَالْأَحْلَامَ
حَالَفَ
الْحَيَّ حَيَّ نَصْرٍ عَلَيْهِمْ ... وَرِجَالَ النَّخِيلِ وَالْآكَامِ
هَلْ
عَلَى امْرِئٍ مِنْكُمْ لَهُ نَفْسُ صِدْقٍ ... وَاحِدُ الْوَالِدَيْنِ
وَالْأَعْمَامِ
[ص:16]
قَالَ: فَأَصْبَحَتْ قُرَيْشٌ تَقُولُ: تَوَانَيْتُمْ حَتَّى خَرَجَ مِنْكُمُ
الْجِنُّ قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْقَابِلَةُ قَامَ فِي مَقَامِهِ رَجُلٌ مِنَ
الْجِنِّ يُقَالُ لَهُ سَمْحَجٌ فَقَالَ:
نَحْنُ
قَتَلْنَا مِسْعَرَا
لَمَّا
طَغَى وَاسْتَكْبَرَا
بِشَتْمِهِ
نَبِيَّنَا الْمُظَفَّرَا
أَوْرَدْتُهُ
سَيْفَ جَزُورٍ مُفْتِرَا
أَنَا
نَذِيرُ مَنْ أَرَادَ الْبَطَرَا
فَسَمَّاهُ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَبْدَ اللهِ) رواه الفاكهي في أخبار مكه.
#- قلت (خالد صاحب الرسالة):
1-
فيه (عبد الله بن أبي سلمة بن زهر) وهو شيخ الفاكهي وقد أظهر اسمه
كاملا في الحديث رقم 198 في كتابه أخبار مكة وحدده بأنه (بن زهر) .. وهو
مجهول ولا وجود له في كتب التراجم التي عندي أحد بهذا الاسم آخره (بن زهر) فلم أعلم
من هو .. وليس هو (عبد الله
بن أبى سلمة الماجشون) لأن الفاكهي حدده بأنه (بن زهر) وليس في اسماء
الماجشون أنه (بن زهر) ..!! والله أعلم .
2- وفيه (أحمد بن محمد بن عبد العزيز)
.. وهو مجهول الحال
3-
يوجد انقطاع في السند بين (احمد بن محمد) وبين (أبيه) ..
لأن (أحمد بن محمد) لم يروي عن والده أصلا ..!! وإنما الذي يروي عن والده هو أخوه إبراهيم
.. وأحمد يروي عن إبراهيم أخيه عن والدهما .. ولذلك السند منقطع في أوله ..!!
4-
وفيه (محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري) وهو منكر الحديث .. قال عنه البخاري: منكر الحديث ،
وقال النسائي: متروك الحديث ومرة قال منكر الحديث، وقال الدارقطني: ضعيف، وضعفه
أبو حاتم وقال حديثه ليس بمستقيم .. (راجع لسان الميزان ترجمة رقم 7092).
#- خلاصة القول:
- لا يوجد الجني الشيطان (مسعر) ولا الجني المؤمن (سمحج) .. لأن
الرواية أصلا مكذوبة وباطلة ولا تصح ..!!
- وقصص الجن المؤمن سمحج أو السمحجي (ويقال
سمهج) (ويقال سمج) .. منتشرة في كتب بعض أهل العلم .. وقد ذكرها مثلا
الإمام بن كثير حيث قد روى قصة الجني سمحج ..
وذكر روايتين مما سبق ذكرهما في كتابه البداية والنهاية (2/425) تحت عنوان: (هَذَا
عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ اسْمُهُ سَمْجٌ آمَنَ بِي سَمَّيْتُهُ عَبْدَ اللَّهِ) ..
!!
-
ويوجد قصة أخرى يتم روايتها عن الجني سمحج .. ولكن نذكرها في مناسبة أخرى ..
حيث كان يتم ذكر الجني سمحج على أنه راوي حديث للنبي .. وهو حديث موضوع ..!!
**************************
جزاك الله كل خير استاذنا الفاضل
ردحذفونفع بتحقيقك وابطل تلك الخرافات
امين يارب العالمين
بارك الله فيك يا ستاذ على حسن التوضيح
ردحذفمعظم التفهات و الاعتقادات من بثر المنافقين الذي لا يريدون للمسلمين الخير للتشكيك في اسلامهم و دينهم - فالله حجبهم و منعهم عن تحريف القرآن فجاؤا من الابواب الاخرى فزرعوا من الإنسان ما ينشر نفاقهم و تحؤيفهم للدين لافساد المؤمنين بالله.
ربنا يبارك لينا فى عمرك يا رب .
ردحذف﴿وربطنا على قلوبهم..﴾
ردحذفإذا سألت الله ..
فاسأله أن يربط على قلبك ما دُمت حيًّا..
فالأيام التي لا يثبّتك الله بها مؤلمة بحقّ..
أن تأتيك الضغوط فتكسرك وتجعلك تتهاون عن العبادات..
وأن تصيبك سهام الفتن فتبعدك عن فعل الخير..
وأن تهبّ عليك رياح الوهن فتطفئ شمعة قلبك..
فاللهمّ سندك لقلوبنا .🥀.